تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

دراسة في الخلل و التنظيم حركة تحرير السودان دارفور نموذج الجزء الثالث بقلم: عبد الماجد عباس محمد نور عالم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/28/2005 7:03 م


عبد الماجد عباس محمد نور عالم


دائما ً ما تتصف ردود الأفعال بالسرعة , والقوة و الاندفاع المتحرك على مسار ٍ معاكس لاتجاه حركة الفعل , و تظل تدور في فلكها و مناخاتها , لتبقى محكومة بتقاطعات خطوط الطول و العرض فيها , مع نزوع مداراتها العامة للتصادم و التحاكك ... إن هذا الوصفة الفيزيائية لعلاقة الأثر بالمؤثر و اتجاهات سيرها و مقلوبات حركاتها , و هيمنة على الطقس من حيث الارتفاع و الانخفاض قد يكون السبب الفصل و المكون الأساسي الذي يضع الإطار و يحدد المزاج و يشكل الملامح و يصوغ البصمات ... لذلك نراه يصلح لأن نتخذ منه مفسراً و دليلا نؤشر و ننقب من خلاله عن الجذور المؤدية إلى نشأة الحركات الاجتماعية و السياسية و من ثم محاولة فهمها في إطارها و أبعادها الأساسية .
فلقد نعتنا نظرة الحكومة القائمة على أعمدة طرح جماعة الإسلام السياسي و التي فيها اختزل الإسلام إلى لونيات ٍ و عرقيات ٍ و وصمناها بالنظرة الضيقة بل أكاد اجزم بأنها النظرة المستعلية , و التي عجزت عن الإحاطة بمكونات الواقع السودان الهجين من حيث التركيبة و الثقافة , فأفرزت لنا تكتلات عرقية , و أشعلت فيها صراعات عرقية عنصرية بغيضة و قطعت أوشاج هذا الوطن و فصمت صلاته و علائقه , كل ذلك قد تم بغرض تكريس السلطة و تفريخ الفساد و شغل الناس و صرفهم عن محاربة الظلم و منع اتحادهم ضد الظالم , فأدارت الحرب بينها بدعاوى العروبة ضد الأفريقية من اجل صالح الإسلام و المسلمين , لم يكن حديثي هذا بالحديث المفترى و لا هو بالقول المرجم و هل الإسلام إلا كافة للناس سراطاً سويا , و طريقاً مستقيما , و أن لا فضل فيه لعربي ٍ على عجمي ٍ أو أفريقي إلا بالتقوى فالرب رب ٌ واحد ذلكم الله فاعبدوه .
جاء رد الفعل محكوماً بشكل الإناء , شكلاً و مضموناً مع التقابل و التصادم , تشابه و تماثل في كيفية الصراع و انتقاء الأدوات و كما يقول المثل العامي ( من يباري الجداد بتوديه الكوشة ) و بما يشبه ذلك قول أهل دارفور , ( عيال أم قنبرة دكتم واحدة ) فعاست حركة تحرير السودان عواسة الحكومة و دارت مثل دورتها وخاضت من حيث لا تدري في وحل العنصرية و العنصرية بغيضة ٌ سوى إن كانت عربية بيضاء أو أفريقية سوداء , و هكذا سبحت و دارت حركة تحرير السودان في مدارات العنصرية مسحوبة و مدفوعة ً بقوة تيار رد الفعل و العمل المضاد و تعقب التنظيمات و التكتلات ببناء تنظيمات و تكتلات مضادة , بنتها على ذات القوائم و الأرجل و حملت معها الأمراض بعينها و تنفست تلك الأسقام , فتأخرت عن حكومة الإنقاذ بخطوة في لعبة شطرنج صناعة الأحداث و تشكيل الميدان , فظلت مرتهنه بردود الأفعال و غلت يدها بيدها ومنعتها من توظيف طاقات كامنة هائلة في أهل دارفور جميعاً إذا ما اجتمعوا , فالغبن الناجم عن الظلم غبن طال الجميع و الفقر المخيم أناخ رواحله على رؤوسهم دون حصر و لا تميز , ثم إن هذه المقالدة و المشابهة قد أعاقت و حجبت الحركة من أن تتمكن و تتأمل في قراءة الواقع الاجتماعي لأهل دارفور و تحليل تاريخهم السياسي , و منعت عنها التبصر و الاقتداء بتكوين ممالك دارفور على اختلاف حقبها و عصورها و استنطاق مكنوناتها , للتعرف على أركان سؤددها و مفاتيح استقرارها واستعارة نولها و منسجتها والتعرف على طريقة غزلها التي بها نسجت و ضفرت المتنافر و المتباعد , و المتنوع اثنياً و عرقياً و نسجته خيطاً بخيط و طرزته فتلة ً فتلة حتى تشابكت و تداخلت منسجمة ً متناغمة ً فأزهرت و أثمرت و أنتجت ثقافة تقطرت عسلاً من كل هذه الجذور... ولكن ويح قلبي و يا حر أسفي إنها اليوم تناحرت بفعل سياسات ٍ تمركزت و تمترست في التجاذب والشد و الشد المضاد , تتجاذب هذا الطرز المنمنم الموشى و الجميل فيكاد أن ينفض هذا التلاحم وينقطع هذا التالف و ينصرم المتناغم و ينخرم هذا الانسجام , إذا تبصرت الحركة و تريثت, فإنها سترى و تبصر كيف أن دارفور قد كانت و لازالت قدحاً تمازجت فيه كل القبائل , و الأصول , الأفارقة و العرب فأنجبت مزجاً لا هو بالعربي و لا هو بالإفريقي , بل هو الخلاصة لكل ذلك و زهرته الزاهرة فكان ذلك هو إنسان دارفور و جوهرة سره المكنون , قد كان ذلك في سليمان سولنج( الأحمر) وكانت الكيرا و امتزاج الزغاوة و الفلاتة و التعايشة و الرزيقات و البني هلبة و المساليت و الدناقلة و الداجو و البرتي الخ , و إن تمعنت النظر في بلاط علي دينار آخر ملوك سلطنة الفور لرايتهم شخوصاً مثلت قبائل , و هي أعمدة ً و ركائز قامت عليها مجد سلطنة الفور و ملكها , و تحت ظلال نفس هذه القبائل ترعرعت المهدية فكراً و بها تفجرت ثورة ً ملأت الآماد و الأصداء ... إذن لماذا غاب عن ناظري حركة تحرير السودان كل هذه الحقائق و غامت, لاشيء فعل ذلك عدا الانفعال و الركض وراء ردود الأفعال , فلقد أذهبت بكل هذه الخصائص و الميزات , و فرضت المحاكاة و المجاراة و التجديف خلف تيار الإنقاذ و السير خلفه و اقتفاء آثار أقدامه خطوة من بعد خطوة و التحرك على عكس اتجاه سيره مع تغيير طفيف ٍ فقط في لون مركبة العرق ولتتصادم هذه السيارات في وادي العنصرية وأوحالها فقد خلقت الحكومة كيانات و تمرغت في وحل العنصرية و طلاء اللونية و ادعاء نقاء العرقية فكون ( التيار العربي) و مثله قامت الحركة بخلق تكتل ارتكزت فيه على نفس الشروط فأنشأت (التيار الأفريقي ) .. و كلتا التكوينيين جانبهما الصواب لعدم فهمهما للمكونات الأساسية التي شكلت إنسان دارفور المتعدد و المتنوع و المتمازج و مثل ذلك في كل السودان , فإن الأصل هو الهجنة و تعدد الأصول و تنوع الأعراق , فبانصهارها كونت ثقافة ً و أنشأت حضارة ً , و لما طال على أهلها الأمد و نسوا ما قد بناه آباءهم و أسلافهم و ما قد غزلوه من خيط التالف و التناغم و حيوية التداخل فيما بينهم ... تكالبت على القوم المصائب و المحن و كثرت بهم المظالم و النقم و تناسل بأرضهم الوهن و تربع الفقر و الاستغلال و سادت المطامع في الناس , و استشرى التكسب باسم العشيرة و القبيلة ٌ , فنشأت طبقات من سماسرة القبائل , و برعوا في تقطيعها و تقسيمها اكوماً من حطام ثم قاموا برهنها بل بيعها و دفعها إرضاءً لولاءات الساسة و إشباعاً لنزوات الحكام فكانوا هم اليد الفاعلة و الأدوات ٍ الخبيثة التي تحرك و تحيك الفتن و تزرع التفرق و تشيع و تشايع الخصومة و تسوق من اجل الفجور فيه فانك لتكاد تعرفهم بسيماهم و لتعرفنهم بلحن القول ألا ترى انهم من كل حدب ٍ ينِسلون و في كل صوب ينسلون جيوباً بكل القبائل فقاتلهم الله أنّا يأفكون ... هكذا و بذا عاشت دارفور تحت ليل المظالم دهراً طويلا , و مع تعاقب كل الحكومات . .
ذكرت أن مثلث الدفاع قد تكون من قبائل الفور و المساليت و الزغاوة كردة فعل , لاستهداف الإنقاذ لها وهكذا تشكلت ملامح تنظيم حركة تحرير السودان بهذه الأضلاع الثلاثة , و لكي تتماسك كان لابد من صيغة ترضي هذه الجذور القبلية المكونة لهذا التنظيم , و تراعي نقاط الاتزان و التوازن الموزعة ما بين مطالب هذه القبائل و مصالحها و التي قد تتقاطع بين هذه التركيبة الثلاثية هذه من جهة , ومن الجهة الأخرى مطالب الحركة التي تبنت قضية دار فور و نصبت نفسها كقائد مطالباً و معني بحقوق أهل دار فور جميعاً , ذلكم ( الهجين المتكون من الدم العربي و الأفريقي ) و الذي أطلقت عليها الحركة اسم ( شعب دار فور) .
و بمعني آخر اكثر دقة ً فأن حركة تحرير السودان محتاجة لتوسيع رقعتها التنظيمية لتمثل مجمل أهل دارفور و بكامل أعراقهم المتنوعة, إن كانوا أفارقة أو عرب , ليستقيم لها عقلاً و تنظيماً التحدث باسم ( شعب دارفور) والاهم من ذلك هو أن تنسجم الحركة مع جذورها و تتناغم مع فرضيات واقعها و خصائصها الاثنية و التاريخية , فالجذور العربية هناك في هذه القبائل ضاربة من حيث العرق و لا يمكن بأي حال ٍ إغفالها و إنكارها ذلك بالنسبة للزغاوة و المساليت و الفور إذاً يجب إعادة القراءة من جديد و تطوير الطرح الفكري للحركة لتلمس القضايا الجوهرية لإنسان دارفور بعد تفهم الروافد التي أطرت و شكلت ملامحه , ومن ثم إنتاج خطاب فكري يلامس جوهره و طرح خطاب سياسي ٍ يخاطب همومه و يدعم تصاهره و تمازجه و يجب أن لا يكون اقصائياً لأي مكوناً من مكوناته ولا يسعى لاستعداء الأفريقي من اجل العربي و لا من اجل تكريس العربي ضد الأفريقي , فليس كل عربي متعاون ٍ مع حكومة الإنقاذ و لا كل عربي أداة تنفذ سياسات الحكومة الاقصائية و اللاإنسانية و آللا إسلامية و لعل من العجيب حقاً أن نجد حجم العرب الُمستَغلين و المُجندين لخدمة هذه الخطة الشيطانية خطة الإسلام السياسي المتمثل في طرح ( العمق العربي الإسلامي) هم قلة , بل إن الأكثرية تقف ضد هذا التوجه , و يمكن أن نقول و بكامل الثقة بأن ليس كل عربي ٍ (جنجويداً) و لا كل جنجويدٍ (عربي) فكم هم الذين صاروا أياد ٍ تمزق أهلنا و تناصر الإنقاذ و تكيل لهم العداء و لديارهم من أجل تغليب مصالحهم و أهدافهم المريضة , فان المسألة ليست مسألة عرق ٍ أو لون ٍ و عنصر, بل هي مسألة تتلخص في دارفور و أهلها , وعن من هم الذين يعمل لاجلها و لمصلحتها و من هم الذين يعملون ضدها ملتحفين و متحالفين مع الإنقاذ بغرض هتك نسيجها , و تبديد طاقتها , و لعل هذه هي لحمة القضية و شحمتها و عظمتها .
و نواصل



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved