طه يوسف حسن - جنيف - سويسرا

هل الإرهاب لوثة راديكالية إسلامية كما يصورها الغرب أم هو أيديولوجية ديماغوجية مضللة خلصت إليها بعض الجماعات الراديكالية المتطرفة أم هو أيدلوجية القتل والكراهية؟ في ظل غياب تعريف متفق عليه دوليا لمفهوم الإرهاب خلص المؤتمر الإقليمي لمكافحة الإرهاب الذي انعقد مؤخراً بالخرطوم تحت رعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والذي ضم أكثر من 15 دولة إفريقية بالإضافة للسعودية واليمن بصفة مراقب وبحضور حوالي 35 صحفي من شتى أنحاء العالم إلى أن الإرهاب هو أيدلوجية القتل والكراهية. كان لي شرف المشاركة في هذا المؤتمر تلبية لدعوة وجهت إلى شخصي الضعيف وإلى زميلي توماس صورديل مراسل صحيفة النيوزويك بقصر الأمم المتحدة بجنيف والصحفي السنغالي المشاغب جو رجي الحاج مراسل صحيفة الشمس السنغالية الذائعة الصيت كان لنا شرف المشاركة لاعتبارات كثيرة من أهمها أننا صحفيون معتمدون لدى الأمم المتحدة وهذا المؤتمر انعقد تحت رعاية الأمم المتحدة . وقضية مكافحة الإرهاب من القضايا التي تؤرق مضاجع الأمم المتحدة بل المجتمع الدولي بأثره وانعقاد المؤتمر في الخرطوم لم يكن من سخريات القدر بل جاء انطلاقاً من الدور الإيجابي الذي لعبه السودان في مكافحة الإرهاب على مستوى المنطقة بل وعلى مستوى القارة السمراء رغم اتهام واشنطن التقليدي للخرطوم بأنها الملاذ الضامن والآمن لثلة من المتطرفين وهذا الوصف الواشنطوني للسودان يدخل تحت زمرة الحرب الإستباقية التي شنتها أمريكا على بعض الدول والجماعات الإسلامية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. و السودان طيلة مسيرة حياته السياسية لم يشهد اغتيالات سياسية أو تفجيرات كما حدث في الكثير من بلدان العالم.

الولايات المتحدة الأمريكية شاركت في هذا المؤتمر بفعالية وحيوية ونشاط بوفد رفيع المستوى مما يؤكد تماماُ أن أمريكا تعقد أمالاُ على الدور السوداني في مكافحة الإرهاب و الوجود الأمريكي داخل قاعات المؤتمر الذي انعقد بقاعة الصداقة والحضور الإعلامي الأمريكي في هذا المؤتمر يؤكد ارتفاع درجة حرارة المزاج الأمريكي في التعاون الأمني في مجال مكافحة الإرهاب مع السودان وبناء روابط الثقة بين واشنطن والخرطوم .

القارة السمراء التي لازالت تحتفظ للسودان بمكانته ودوره الريادي رغم مأساة دار فور وحرب داحس والغبراء في الجنوب التي استمرت لأكثر من عشرين سنة مثلت في هذا المؤتمر بأعلى مستويات قادة الأجهزة الأمنية لتؤكد للمجتمع الدولي أن إفريقيا ليس مزرعة للتطرف والإرهاب كما يظن البعض وإنها لم تعد تقبل بمبررات بعض الدول في حربها على الإرهاب و انعقاد المؤتمر في الخرطوم حوى الكثير من المعاني و الدلالات التي أكدت للمشاركين الذين أتوا من كل حدب وصوب سماحة الإنسان السوداني والقيم التي يتجمل بها والأخلاق التي تنوء به بعيدا ًعن دائرة الإرهاب فلذا تعتبر الخرطوم من المدن الآمنة من ضجيج الانفجارات رغم غضب السياسة فيها.

التنظيم الرائع لهذا المؤتمر لا يختلف فيه شاهدا عدل كانت الحفاوة بقدر عظمة المشاركين وكان القائمين على أمر المؤتمر جنود مجندة لخدمة الضيوف وعين ساهرة من أجل راحتهم عكسوا من داخل قاعة الصداقة الخلق السوداني الأصيل وفروا للمؤتمرين عناء البحث عن سمات الإنسان السوداني .

شرع المؤتمر في تأثيرات الحرب ضد الإرهاب على تطبيق القانون الدولي واحترام حقوق الإنسان وأمن المؤتمر على رفضه التام لمبررات الدول في حربها على الإرهاب وخلص المؤتمرون على تعريف واضح وجلي للإرهاب و هو أيدلوجية القتل والكراهية رغم غياب تعريف متفق عليه دوليا لمفهوم الإرهاب مع أن هناك حوالي 12 معاهدة صادقت الدول على بعض منها, ولكن بعض الدول عرقلت التوصل إلى تعريف متفق عليه فمثلاً تعريف الرئيس الأمريكي جورج بوش للإرهاب أقرب ما يكون لأفكار صامويل هانتغن وبرنا رد لويس التي تتحدث بصراحة عن صدام الحضارات و تصف العالم الإسلامي ناقص القدرة على التحول نحو الديمقراطية.