تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

دراسة في الخلل و التنظيم حركة تحرير السودان دارفور نموذج–الجزء الثاني بقلم عبد الماجد عباس محمد نور عالم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/19/2005 5:01 م

دراسة في الخلل و التنظيم
حركة تحرير السودان دارفور نموذج
الجزء الثاني

عبد الماجد عباس محمد نور عالم

قلنا إن التنظيم هو تحديد القنوات و ترتيبها لتؤدي إلى تحقيق الأهداف و الغايات و التي تعتبر في مجملها ثمرة من ثمار التخطيط و التنسيق تنبت على أغصان الانسجام و التوائم الرابط بين أجزاء التنظيم و أطرافه , وهي تبنى و تقام على الاتزانات و التوازنات مما يتطلب سرعة التغير و فعالية التناغم بين الجزيئات التنظيمية التي تتحرك في مدارها المشدود و المربوط بالبيئة و المحدود بحدود سرعتها و مدي حركتها و تسعى في غايتها النهائية إلى التأقلم و التحكم في الموارد و النفوذ ثم تسخيرها وتوظيفها لمصلحة تنظيمها لتتمكن من التأثير و التحوير و التطوير , وتلك هي الصيرورة المستمرة في عملية التغير والتبديل فلا تكاد تستقر نقاط الاتزان و معيار الميزان , ثم تتصدع من بعد ذلك و تتبدد , إن لمعرفة نقاط الاتزان و معرفة كيفية الحفاظ على درجات الوزن و تحديده ما يعين و يساعد بصورة أساسية و فعالية الاحتفاظ و المحافظة على هياكل الكيانات التنظيمية , و توجيها تجاه الترابط التنظيمي و هذا جانب يعين القائمين بأمر الإدارة و القيادة , و لعل هذه المعرفة تعتبر ضرورية من اجل النجاح في قيادة الأجسام التنظيمية وجعلها متحدة و فاعلة و هي في نفس الوقت معرفة قد تشكل خطراً مدمراً إن توصل لمعرفة كنهها تنظيمٌ منافساً أو معادي فمن المعروف بالبديهة إن لكل جسداً منظم منافسين و أعداء يسعون لأضعافه و إزالته فهي أجسام ٌ تدور في تنافس ٍ و حرب ٍ دائمة لا تعرف الراحة و السكون , تتعارك و تتقاتل و تتصالح أحياناً ريثما تلتقط أنفاسها لمواصلة التحاكك و بذلك ينطبق عليها كل مواصفات الصراع بجميع مراحله و كامل تكتيكاته و أساليبه من الأحلاف و الاعداء .
فأن معرفة المنافسين لهذه المعادلات و الأتزانات يسهل من عملية الانقضاض و الإجهاز على التكوينية التنظيمية و اختراقها أو إرباكها م و إضعافها على اقل تقدير تمهيداً لإزالتها , و لأهمية هذه المتوازنات و خطورتها يجب أن توضع تحت الحماية القصوى و السرية العليا.... و قلنا أيضاً إن التنظيم كائن متحرك متطور يتحرك من الفردية إلى الجماعية و فيه من المرونة ما يساعد على الانسجام و الاستمرارية و غالباً ما تكون الأوعية الكبيرة هي اكثر مرونة من سواها , فالقبيلة أوسع من الأسرة و المرونة فيها اكبر و كذلك الشعب و الأمة فتتسع فيهما المرونة لأقصى حد ممكن , و أننا لنجد كلما توجهنا و تدرجنا في ارتقاء سلم التراكمات الكبيرة قد زاد عندنا مقدار التعدد و اتسعت حدود المرونة , و صارت كشرط ٍ لازم ٍ لتماسك هذا التراكم الكبير و صارت ضرورة تنظيمه فيه , فكأنما التعدد يتوافق و ينسجم مع الأكثرية العددية و تتلازم مع المرونة , فلابد من إدارة دفة قيادتها بالسلاسة و الكياسة و فن السياسة .
كل الذي سبق من تقديم طويل امتد عبر الجزء الأول ثم الثاني من المقال رأيت أنها توطئة ضرورية نسعى من خلالها لاستخراج أدوات تساعدنا في تشريح حالات الخلل في مجمل التنظيمات السودانية , فتحليل تنظيم ما يكاد يضئ جوانب عديدة عن التنظيمات المماثلة فأن اغلب التنظيمات داخل السودان تنطلق عبر مدارات القبيلة و العشيرة و الجهة و تتشابه فيها الملامح... فأردنا أن نقتبس من هذه المقدمة ما يعين على التحليل كمعيار ٍ و ميزان و بوصلة ثم نمضي في تطبيقه و متابعة إشاراته داخل نموذجنا المختار لنغوص في البناء التنظيمي لحركة تحرير السودان دارفور ... لنحاول فهم أبعاد أزمتها الناشبة , ما هي أسبابها و دوافعها و كيف سيكون مآلاها .. و من المستفيد منها , و هي في الإجمال محاولة تحليلية تشرحيه ... تفترض أن التوازنات هي المفاصل الأساسية لربط جزيئات التنظيم في بداية تكوينه ثم تدفعه للمرحلة الثانية مرحلة الانصهار و الاندماج و كل هذه المراحل تتم عبر ظروف و شروط مصنوعة بفعل الإدارة و القيادة , و برأيي يكون هذا هو التسلسل المنطقي و المفضي لتحويل التنظيم المتحالف و المتراكب من كتل تنظيمية متعددة و تذويبها في جسم تنظيمي واحد يقوم على فكر من التناغم و الانسجام بفعل الإدارة المتماسكة و المتزنة و المتفاهمة و الواعية بأبعاد خطواتها , و وفق هذا التصور و المنظور نخوض في محاولتنا التحليلية هذه اللامسة و المتلمسة لأوجاع حركة تحرير السودان – دارفور .

تنشأ كل الحركات نتيجة لظروف ٍ و مقدمات سياسية و اجتماعية ٍ و فق شروط ٍ موضوعية , و قد تبدو في ظاهرها على أنها ردة فعل و انفعال لا يلبث إلا يسيراً حتى ينظم نفسه و ثم لا يلبث أن ينتج فكراً مناهضاً يسير في اتجاه المقاومة و المصادمة , ثم مرحلة تشكيل الواقع بما يتفق مع طبيعة هذه الأفكار على مستوى التأثير السياسي و التأثير الحركي منطلقة ً من العمق الثقافي التاريخي و مرتكزة بحافة الخصوصية التراثية ... لم تكن حركة تحرير السودان – دافور استثناءً من كل ذلك فكان ميلادها عند ما تكشفت خطط الإنقاذ المعروفة بالعمق الإسلامي العربي كإطار ٍ للتمدد الإسلامي في أفريقيا و التي تسعى لتصنيف الإسلام على أنه عنصر متأصل في الكيان العربي لذلك يتوجب دعمه و تنميته بغرض توجيهه لمواجهة الأهداف الصليبية الصهيونية و المتمركزة و المستعدة للانطلاق مستفيدة من العناصر الأفريقية الساعية لتحجيم و تفكيك الهواية الإسلامية عبر البوابة الغربية للسودان , كانت هذه هي خلاصة الرؤية السياسية للجبهة الإسلامية القومية و التي عرفت بجماعة الإسلام السياسي .. لاحقاً فبنت صرحها الحضاري المتجسد في حكمها و حكومتها الإنقاذية التي سعت منفذة لهذه التكتيكات و المخططات المرتكزة على الإقصاء و الإلغاء و الإحلال و الإبدال فبنت تحليلاتها و تفسيراتها السطحية للواقع و التي رأت أن الإسلام عنصر و لون وقبيلة فاختارت لأهل الإيمان اللون الأصفر الفاقع الذي يسر الناظرين و أطرته في العرق العربي ثم اختارت لاهل الكفر و النفاق و الشقاق , أهل الجور و الفجور , و اختارت لهم اللون الأسود القاني , القابع في الجنس الأفريقي .. فأي سطحية ٍ , وضحالة أكثر و أكبر من حصر الدين في لون ٍ و عنصر . تحركت خطط الإحلال و الإبدال بأضعاف العناصر الأفريقية (فهم الخطر المتحالف مع الصليبين و اليهود على حد زعمهم ) مستخدمة كل الأدوات و الوسائل و القوى السياسية و الاقتصادية و مارست شتى ضروب الإذلال و الدعاية متنقلة ً من مراحل السرية إلى العلنية ... كل هذه الخطوات المرسومة و السياسات المتبعة و العمليات الحركية و التنظيمية الحاضنة للعنصر العربي والداعمة لها اقتصادياً مع عزل الآخر الأفريقي و إضعافه تمهيداً لتفتيته و محاربته على مستوى الخدمات و الاقتصاد و السياسة , كانت هذه العمليات بمثابة بذرواً على أرضية خصبة صالحة لقيام تحركات تناهض جملة ما فرضه الإنقاذ من واقع جراء تنفيذ نظرتها و خطتها السمجة العرجاء خطة العمق العربي الإسلامي جدار عازل ضد الخطر اليهودي الصليبي المتأفرق بل هي خلاصة نظرتها للتمدد الإسلامي نحو العمق الإفريقي , كان من البديهي أن تتدافع التيارات الأفريقية ممثلة بقبائلها للدفاع عن كيانها و مواجهة هذا الخطر الماثل , و تحديداً تحركت قبائل الفور و المساليت و الزغاوة وشكلت مثلث دفاع ٍ و حرب و كل واحد ٍ من هؤلاء يمثل رأساً للمثلث و في نفس الوقت هي عبارة عن أوعية تنظيمية ٍ لإدارة شؤون قبائلها الاقتصادية و السياسية و محتفظة بكامل هياكلها الشوريه و لجانها التنفيذية و كل ٌ يعمل على مساندة واجهتها و تحريكها من وراء حجاب بغرض إملاء رغباتها بهدف الهيمنة و السيطرة و التزعم فهذا المثلث الذي احدث تأثيراً دولياً و إقليمياً وأصبح رقماً مهماً في مفردات السياسة السودانية و الدولية و عامل مهم من عوامل الاستقرار المحلي و الدولي .

و نواصل

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved