تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

شتان بين الجنرالات الذين سلموا السلطة في أكتوبر 64 وبين الجنرالات الذين تسللوا للسلطة في ابريل 85 بقلم: عقيد حقوقي-م-عبد المنعم حسين عبد الله -حلفاية الملوك

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/18/2005 12:44 ص


بسم الله الرحمن الرحيم
من وحى أكتوبر وابريل

شتان بين الجنرالات الذين سلموا السلطة في أكتوبر 64 وبين الجنرالات الذين تسللوا للسلطة في ابريل 85 :-

هذا الفصل والذي نتطلع الى نشره في هذا الوقت تنشيطا للذاكرة ألوطنيه وسعيا الى تمليك الوقائع المجردة للذين نبذوا أنفسهم للشأن العام.
هذا الفصل يمثل جزءا من دراسة جرى اعدادها قبل حوالي ثمان سنوات بالمهجر الطوعي والذي لم يغصبنا عليه استبداد حاكم او عسف رئيس قلم مخابرات بل هي الارادة الحرة الطليقة دائما وابدا.
وكانت تلك الدراسه ضمن دراسات قام بها نفر من ابناء الوطن من المستنيرين الوطنيين ذوي القامات السامقه ضمهم ما اصطلح على تسميته ( المنتدى السياسي الاجتماعي الثقافي) وكانت تلك الثلة المباركة من الاخيار تضم بروفسور\مهدي أمين التوم بروفسور \ منصور فارس – د. علي عبد الحفيظ – الأستاذ \يس حسن بشير
د. \ حسن ابراهيم سعيد د.\ يوسف مختار بروفسور\ عبد المحمود عبد الرحمن
د. \ محمد عثمان الجعلي – عقيد م . تاج السر عطا – بروفسور \ مختار عجوبة
د. عثمان الشيخ – الأستاذ\ عبد الفتاح عبد السلام – م . الهادي حسن عثمان د.حامد التلب – الأستاذ \ مزاحم الضوي ....الخ
لقد اضطلع هؤلاء النابهين بمهام الاستقصاء والتنقيب والتشخيص في حياتنا السياسية نشأتها الأولى – ألأسس التي قامت عليها الديمقراطيه – دور الطائفيه- تدخل المؤسسات الحزبيه في المؤسسة العسكرية وتدخل العسكريين في الحياة العامة – أزمات الحكم المستعصية وطرق الخروج منها – الحلول المقترحة وافاق المستقبل – ثم الاقتصاد وكلما تعلق به من موارد واستخدامات وتطبيقات واخفاقات وتوزيع الثروات وخطط الخروج من الازمات الانية وبعيدة المدى ... الخ
أما البحث في الحياة الاجتماعية والثقافية فقد تطرق للنشأة الاولى ومراحل التطور واشكالات الهويه والتنوع والتباين ومعالجةالنعرات ووسائل الانصهار في البوتقة الواحدة .
نستميح ألقارىْ الكريم في هذه المقدمة والتي نعتقد بحق بأنه كان لابد منها الان الى الفصل موضوع العنوان لهذه المقالة وننقل ما ورد فيه على النحو التالي:-
في اعقاب حل المجلس الاعلى للقوات المسلحة في 26 اكتوبر 1964م اصطلحت القوى السياسية والاجتماعية المتمثلة في ( جبهة الهيئات والجبهة القومية للأحزاب) مع كبار قادة القوات المسلحة على الجلوس والتفاوض لحل أزمة الحكم وكيفية ازالة السلطة العسكرية وتسليم الحكم للقوى المدنية وهكذا جلس ممثلي القوات المسلحة وعلى راسهم اللواء الطاهر عبد الرحمن المقبول واللواء عوض عبد الرحمن صغير والاميرالاي محمد ادريس عبد الله ( طيب الله ثراهم) والقائمقام يوسف الجاك طه والقائمقام مزمل سليمان غندور (اطال الله عمريهما) جلسة الند للند مع ممثلي جبهة الهيئات والجبهة القومية وكانت ازالة سلطة نوفمبر العسكرية واقامة سلطة أكتوبر المدنية الشعبية في حد ذاتها دلالة عظيمة على التحضر والتجرد وتغليب مصلحة الوطن العليا على كافة المصالح الاخرى وقد حدث هذا في ذلك الزمن البعيد نسبيا ونال ممثلي القوات المسلحة ما ذهبوا اليه من المحافظة على وحدة وكرامة الجيش والابقاء على الرئيس عبود ( عليه رحمة الله ) كرأس للدولة خلال الفترة الانتقالية وتأمين اختيار رئيس الوزراء والمساهمة في صياغة الميثاق الوطني ليأخذ موضعة في صلب دستور 1956م .
بيد ان هذه الانجازات لم تكن كافية بالدرجة التي تطفىْ تلك الجذوة وذلك الغليان والشعور بالاحباط الذي كان يعتمل داخل نفوس ضباط الطبقة الوسطى فقد وجدوا في سلوك القوى السياسية والاجتماعية المدنية تعنتا بل مكابرة وظلما بعدم ابراز دورهم في احداث التغير وكانما الامر كان قاصرا على الهبة الشعبية وبالمقابل كان ضباط القيادة الكبار يسعون من اجل احتواء الموقف برمته والعودة بالجميع الى حظيرة الانضباط التقليدي وعدم السماح لذيول الاحداث بالتفاعل ولكن هذا لم يجدي فقد وصلت الاصوات الى مسامع رئيس الوزراء والذي كان ايضا وزيرا للدفاع وسرعان ما طلب الاجتماع بضباط العاصمة في مقر نادي الضباط وبحضور الضباط مبكرين قبل وصول الوزراء وجدوا انفسهم امامذكرة معدة سلفا للتوقيع عليها والحق يقال لم يبادر احدا بالسؤال عن تلك المذكرة او عن صياغتها او الجهة التي قامت بأعدادها بل سارع الجميع بالتوقيع لما وجدوه فيها من تلبية لتطلعاتهم ومن ابراز لدور الجيش الوطني – اعادة الضباط المفصولين – تطهير القوات المسلحة الخ وبانتهاء رئيس الوزراء من حديثه والذي قصد به بث الطمأنينه في النفوس والاشادة بدور القوات المسلحة وتهدأت الخواطر اندفع الى المنصة البكباشي مبارك عثمان رحمة وخلفه البكباشي علاء الدين محمد عثمان ( عليهما رحمة الله الواسعة ) وقام البكباشي مبارك بتلاوة المذكرة وسط تصفيق الحضور من الضباط ودهشة رئيس الوزراء وكبار الضباط .
كان هذا في المساء وفي نفس الليلة اجتمع مجلس وزراء اكتوبر والذي كان يتمتع بالسلطتين الدستوريه والتنفيذية واحال الى التقاعد عددا من الضباط من بينهم بعض الذين اضطلعوا بالدور الفاعل في تسليم السلطة كما أقر المجلس عودة الضباط المسرحين الى الخدمة بالقوات المسلحة.
هذا ما حدث في تلك المرحلة وقد تعاقبت حقبات من الزمان ولم تخرج شهادات التاريخ الى حيز الوجود وتصبح ملكا مشاعا لابناء الوطن وها أنا في هذا المقام اسجل شهادة للتاريخ في حق اولئك الرجال الافذاذ الشوامخ والذين سعينا من حيث ندري او لا ندري نحن شباب القوات المسلحة الى اقصائهم من الخدمة ولم يمضي زمنا طويلا الا وقد نال منا الندم والخذلان نيلا عظيما وتحسرنا على فقدان رجال في قامات اللواءات محمد احمد التيجاني – الطاهر عبد الرحمن المقبول- عوض عبد الرحمن صغير والاميرالايات محمد المهدي حامد – الزين حسن الطيب – حسين على كرار – احمد مختار محمود – احمد حسن سالم والقائمقام صديق محمد طه( طيب الله ثراهم جميعا) كان متاحا ان يناط بهم اثراء العسكرية السودانية وتربية الاجيال على فهم واستيعاب اصول ومقتضيات الشجاعة بشقيها المادي والمعنوي وقواعد ومفاهيم الزمالة والتكافل والرجولة الحقة
واذا كان الشىْ بالشىْ يذكر فشتان بين الجنرالات الذين سلموا السلطة في اكتوبر 64 واولئك الذين تسللوا الى السلطة عن طريق الانقلاب الوقائي في ابريل 85 والفرق جد شاسع بين المجموعتين في كل شىْ في السلوك والممارسة وفي الانجاز والتخلق بالوطنية والايثار فقد قطع ذلك الانقلاب الطريق امام القوى الوطنية داخل المؤسسة العسكرية ومنعها من الالتحام مع السواد الاعظم من ابناء شعبنا والانتصار الحقيقي لهم بتحقيق مطامحهم وتطلعاتهم المشروعة في الانعتاق وازالة مخلفات السلطة المايوية وتخليص القوات المسلحة من التشوهات التي لحقت بها بارجاعها الى حظيرة المهنية والانضباط والبيئة الصالحة الخالية من الدس والوقيعة وممارسات الاستخبارات المعيبة والمساهمة في ارساء قواعد سليمة لقيام الديمقراطية الثالثة وبدلا عن ذلك فقد تمكنت تلك الزمرة من استيعاب بعض الدروس من الاحداث السابقة فنجد انهم من ناحية لم يزعموا بانهم حملوا رؤوسهم فوق اكفهم ومن ناحية أخرى تجنبوا أن يحدث لهم ماحدث لجنرالات أكتوبر لذا فقد أثروا البقاء في السلطة لفترة ريثما يتمكنوا من تامين اوضاعهم وفي سبيل هذا عقدت قيادتهم حلفا غير مقدس مع فلول مراكز القوى المايوية وعلى راسها جبهة الافك وبعلم البعض وغفلة البعض الاخرى او تغيبها تم التنكر لدستور 56 وحل محلة دستور مصطنع ومفصل ومتهافت وقانون انتخابات مفصل ايضا ومجحف وظالم هذا الى جانب الهزيمة أمام قوانين سبتمبر سيئة السمعة وتركها سيفا مسلطا تستخدمه جبهة الافك في المزايدات الوضيعة .
لذا كان نتاجا طبيعيا ان تؤلد الديمقراطية الثالثة في ذلك المناخ المشبع باليأس والحنق والاحباط وأن تحمل في احشائها اسباب هزيمتها وسقوطها الحتمي وقد اتيح لاعداء الديمقراطية عضوية مؤسستها التشريعية وهكذا جلست انماطا متباينة منهم المتطفلين على العمل الوطني مع حفنة من أكلة السحت وبعض الجهلة المتقاعسين وقليل من الشرفاء الوطنيين بينما تعج الساحة خارج القاعدة بالشيوخ والشباب من أهل الديمقراطية الذين بذلوا كل الجهد والمكابدة واسترخصوا كل غال في سبيل استعادتها . اذن فيما ذهبنا اليه من الفرق الشاسع بين جنرالات اكتوبر 64 وجنرالات ابريل 85 لم نلقي بالقول جزافا ونستغفر الله ان كنا نتجنى على أحد ولكنها الحقائق المجردة واذا استثنينا اثنين او ثلاثة من تلك الزمرة لا مراء أن أحدهم هو الاخ الزميل والصديق الفريق محمد توفيق خليل – طيب الله ثراه نجد بأن هناك من ضرب بعرض الحائط مقدرات الوطن وارتضى تأمين حطام الدنيا فمنهم من قفز الى الصدارة في المظمات الاقليمية ومنهم من تربع فوق قيادة الجيش لفترة ومنهم الذي استوعب في مؤسسات السحت المسماه اقتصاديا تجاوزا ومنهم من ضمن عضوية المجلس المسمى وطنيا تجاوزا .
حقا أين هؤلاء من اولئك الرجال ولنضرب مثلا بسلوك اللواء عوض عبد الرحمن صغير ( ذلك الفذ الاصيل) ( طيب الله ثراه) والذي قام في اليوم التالي لاحالته على التقاعد باستئجار لواري من السوق العربي لحمل اثاثه وموجوداته المتواضعة من منزله الحكومي بشارع علي عبد اللطيف الى منزل استاجره له اهله بحي الملازمين لانه لم يكن يملك سكنا بخلاف بيت الاسرة
اما فيما يتعلق بالضباط المبعدين وعودتهم الى الخدمة فلا يوجد من أساس للمقارنة بين ما حدث في أعقاب أكتوبر 64 وماجرى بعد أبريل 85 . تميز الحال في أكتوبر بذلك القدر من التشبع بروح الزمالة والتكافل والايثار ونكران الذات لذا نجد بأن مطلب ارجاع الضباط المبعدين قد عض عليه الضباط العاملين بالنواجذ ولم يحيدوا عنه ابدا وتم فرضه على سلطة أكتوبر المدنية وبالمقابل نجد بان ما حدث في أبريل يمكن تلخيصه في توافق سلوك مجلس الانتقال مع اجندة حزب الجبهة بعدم ارجاع المبعدين وقد ارتكز المجلس في موقفه على مزاعم ودعاوي ظاهرها عدم الاخلال بنظام ولوائح الاقدمية والصعوبات التي تكتنف تاقلم واندماج الضباط المبعدين في بوتقة الجيش ويسري هذا حتى على الذين تم ابعادهم في العام 84 الميلادي أما باطن تلك الدعاوي فيتمثل في الغيرة والتوجس والانانية واخيرا الخوف من التحام المبعدين بعد عودتهم مع زملائهم القدامى من الوطنيين وشباب القوات المسلحة . وتسقط دعاوي المجلس الانتقالي عندما نجد مبعدين سابقين عادوا الى الخدمة بعد أكتوبر 64 ومنهم من تولى مواقع قيادية مل الفريق بشير محمد علي( عليه رحمة الله) والذي كان قائدا عاما للجيش ووزيرا للدفاع ومنهم من أعيد للخدمة بعد مايو 69 وجلس على قمة القيادة مثل اللواء عوض احمد خليفة واللواء محمد خير عمر أزرق واللواء احمد عبد الحليم وغيرهم .
وبدلا من ارجاع الضباط وتنفيذا لخطط حلفائه وبتحريضهم أراد المجلس ولو مرة واحدة ان يستأسد فشمر عن ساعده وقام باقصاء أحد عشر ضابطا من الخدمة هم الاكثر تجردا وحبا واخلاصا للوطن والاشد حرصا على وحدة وتماسك وكرامة جيشه والافضل علما ودراية ومعرفة بأصول العسكريه وهكذا التحق برهط المبعدين اللواء عثمان بلول- طيب الله ثراه- ويسر وعجل أمر القصاص العادل والناجز له ولرفاقه والعميد يسين شرف الدين والعميد صلاح حسين اّدم والعقيد محمد أحمد قاسم – رحمة الله عليه – ولقد لحق بزميله بلول .
في الختام نعيد القول بأن القصد من هذا المقال هو تنشيط الذاكرة الوطنية والتصدي للتوثيق والتسجيل فقد ظلت القوى المعادية للديمقراطية ومجتمع الشفافية المفتوح وتمتهن فرض الهيمنة تعتقد وتراهن دائما في ممارستها وافعالها وجرائمها على تلك الخصائص المتوارثة التي يتحلى بها سواد شعبنا الاعظم من فطرة سليمة وحياء وقدر كبير من التسامح وبالتالي ضعف الذاكرة الوطنية .
لقد ازف الوقت لاعادة النظر في مثل هذه الامور والتحلي بالشجاعة المعنوية وبأن ادارة الخد الايسر لتلقي الصفعة الثانية لا ينطوي على ثمة تزلف أو طلب ثواب بل هو الخنوع والمهانة .
نغادر هذا المقام ونهيب ونناشد الاخوة الشرفاء من الوطنيين والذين نعلم علم اليقين بانهم يحبسون في صدورهم ذلك الكم من الوقائع والحقائق المتعلقة بمرحلة الانتقال وسلطتها ( العسكرية والمدنية) ان يطلقوا ما تحتويه صدورهم الى حيز الوجود ولا يحتمل هذا تجنيا ولا تشهيرا بل واجبا وطنيا لا سيما والجميع يؤمن ايمانا صادقا بأن التأمر والانقضاض على الديمقراطية الثالثة تشكلت عناصره الاساسية أثناء هذة الفترة المشـــــؤمة .


عقيـــــــد حقوقي (م)
عبــــــد المنعــــــــم حســـــيــن عبـــد الله
حلفايـــــــــــة المــــــلوك



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved