تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الجنوب (الآن) ليس بجاذبٍ لأهله .. والكارثة الكبرى قادمة إن لم ..!! بقلم: توفيق عبد الرحيم منصور-الرباط : المملكة المغربية

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/12/2005 8:52 ص

بسم الله الرحمن الرحيم

الجنوب (الآن) ليس بجاذبٍ لأهله .. والكارثة الكبرى قادمة إن لم ..!!
توفيق منصور (أبو مي)
مشاكل الجنوب كثيرة وخطيرة ومريرة ونُسأل عنها جميعنا (أبناء الشمال والجنوب والجيران والعرب والمنتدى الأممي) إن لم نعمل على تدارك خطورتها وبسرعة ، وخطورة الموقف أكبر مما يتخيله الكثيرون ، وستمتد آثاره الغير مرغوبة لعشرات السنين من الزمن القادم .. ويقع على عاتق الجميع الآن العمل على درء القادم المخيف ، ولنتناسى بعض خلافاتنا (لا أقول كلها فالحراك السياسي مهم) ، و لكن أقول علينا أن نتحرك على مستوى جميع الأصعدة من أجل هدف واحد يتمثل في انتشال إنسان الجنوب من الخطر المحدق به والذي كالطوفان سوف لن يستثني أحداً ..
مشكلتنا الأساسية الآن فيما يخص مشكلة الجنوب ليست قضية (هل سينفصل الجنوب أم لا؟ ) أو (كيف نجعل الوحدة جاذبة ؟ ) و لمن جاذبة ؟ .. فإذا انفصل الجنوب (لا قدر الله) سيكون دولة جارة يربطنا بها الكثير مما يجمعنا على طريق الوحدة الأفريقية و التعاون الاقتصادي و الإخاء .. وإذا لم ينفصل فهو في الأصل جزء منا .. ولكن مأساة إنسان الجنوب والأخطار المحدقة به ستجلب الشقاء والمشاكل للجميع سواء انفصل الجنوب أم لم ينفصل ! .. و أرجو دون تسرع أن يقرأ معي البعض الأسطر التالية والإحصاءات المصاحبة بتمعن وتصور وتفكر ..
تَعقِد بعض التقارير الدولية مقارنة ما بين الجنوب ودارفور فيما يخص الإغاثة واستقرار الإنسان ، و تشير باستغرابٍ شديدٍ إلى أن الأوضاع الأمنية المحبطة في دارفور تؤثر في الأنشطة المرتبطة بآليات المعونات واستقرار الإنسان هناك ، أما بالنسبة للجنوب فاتفاق السلام كما تشير التقارير قد أوجد مناخاً أمنياً نسبياً يُعد الآن الأفضل مقارنة بالكثير من مناطق المشاكل والنزاعات العالم ، ومع هذا فإن المجاعة تهدد الجنوب الذي وعده العالم بالكثير والمثير !.
وفي حقيقة الأمر فإن العالم يقف كالمتفرج على أبناء الجنوب ، وينظر إلى حالة عدم الاستقرار و إلى المجاعة وهي تقترب شيئاً فشيئاً لتعم معظم أرجاء الجنوب ، وبالطبع شبح المجاعة يصحبه سؤ التغذية وموت الأطفال أو إعاقتهم ويهدد السلام ومكاسبه .. هذا وقبل أن أسرد بعض الحقائق المذهلة والمريرة ، أقول بأن الكل كان ينتظر من الجهات التي التزمت بالمساعدة والإعانات بأن تكون الآن قد فرغت من قضايا الجوع وسؤ التغذية و أقبلت على برامجها (الطويلة الأمد) فيما يخص إنتاج الغذاء والعمل في مجالات البنيات التحتية والأمور الأساسية من ماء صالح للشرب والصحة ورعاية للطفولة وما إلى ذلك ..
ولتوضيح مأساة أهلنا في الجنوب نقول أن هناك عدة مشاكل رئيسية تواجههم .. فهناك مأساة اللاجئين في دول الجوار ، زائداً ل(الشتات) هنا وهناك عبر بلاد العالم من كندا مرورا بنيوزيلندا وليس انتهاءً بالقاهرة ، (أقصد هنا اللاجئين وليس المغتربين الجنوبيين) .. كذلك هناك النازحون من أرضهم في الجنوب إلى بقاع متفرقة داخل وطنهم الكبير السودان ، وأقصد هنا من نزح نسبة للمشاكل التي واجهته في أرضه وليس طلبا للرزق في مكان آخر وهو يتلهف ويتوق للرجوع لأرضه .. كذلك هناك من هم بداخل أرض الجنوب وقد عانوا الأمرين خلال سني الحرب وينتظرون الآن أن تأخذ الدولة والمجتمع الأممي بيدهم وتنتشلهم من المأساة التي يعيشونها .. وهنا أرجو أن لا يظن البعض بأن القضية هي قضية مشاكل اللجوء والاستقرار والإدماج فقط ، فالأمر يحمل بين طياته الكثير من العذاب والألم والجوع والمرض والمعاناة والعيش بلا هدف والطفولة المعذبة والمشردة ، وهذا بالطبع يشكل مأساة إنسانية كبرى ..
فالإنسان الجنوبي اللاجئ في دول الجوار يتلهف للعودة ولكنه يتخوف مما ينتظره في الجنوب ، فإنه بالطبع يأمل أن يكون هناك على الأقل الحد الأدنى من الخدمات الأساسية والبنيات التحتية ولكنه يتشكك في هذا الأمر ، وعليه فهو يرى بأن التواجد في معسكرات اللاجئين أرحم . والبعض يتخوف من أن لا يجد مسكناً أو دعماً لبناء المسكن ، أو أن يجد أرضه قد استولى عليها الغير بوضع اليد (الأرض بالنسبة للجنوبي هي كل شيء .. المأوى وأكل العيش) . هذا ويتخوف البعض ممن سينظمون رحلة العودة الطوعية من وعورة وطبيعة الطرق التي يجب سلكها في رحلة العودة وكذلك أمن تلك الطرق . وكذلك هناك مشكلة الألغام التي إن لم نحسن التعاطي معها ستملأ الجنوب بالمآسي والمقعدين والمعوقين . وقلة من أخوتنا اللاجئين من أبناء الجنوب يربطون عودتهم بالسلام الشامل لكل أرجاء الوطن ، ويشعرون بأن صيانة اتفاقية السلام تكمن في السلام الشامل ، ويؤمنون بأن السلام سيظل هشاً ما دام هناك من يرفع السلاح في أية بقعة في البلاد وفي وجه أية الحكومة كانت . على العموم نقول بأن المشاريع الخاصة والمقترحة لإعادة الإدماج تهم في المقام الأول اللاجئ بالخارج ، ومن ثم النازح داخلياً ثم المتمسك بالأرض في الجنوب ، وينعكس خيرها على الجنوب و الدولة ككل اجتماعيا واقتصادياً وسياسياً ..
اللاجئون الجنوبيون يعيشون في رعب بدول الجوار ، ولنا أن نتخيل هول هذه المأساة الإنسانية ، فلا عيشة كريمة يعيشون ولا مستقبل لهم ولا طموحات ولا أحلام ، ويكتنف حياتهم البؤس والشقاء .. وهم في تلكم الديار غرباء ، ومع ذلك يهددهم أيضاً أمر أن تقوم الدول المستضيفة معتمدة على اتفاقية السلام من رفع الحماية عنهم ، مما سيزيد لمأساتهم التي لا يوجد شبيه لها في كل العالم أو على مر التأريخ . والحياة التي يعيشونها أسوأ من ويلات الحرب . فجميع اللاجئين في كينيا ويوغندا والكونغو وأثيوبيا وتشاد وإريتريا وأفريقيا الوسطى يعانون من مشاكل الدول المضيفة نفسها ، حيث مشاكل النزاعات والحروب الأهلية تؤثر بطريقة مباشرة عليهم ، وحتى تلك الدول هي نفسها ونسبة لمشاكلها المستعصية تشكل مصدراً للاجئين منها لدول أخرى !! ..وكذلك جميع تلك الدول يعاني أيضاً أهلها من البؤس والمشاكل المعقدة التي يصل تأثيرها لمعسكرات اللاجئين فتزيد لمأساتهم . وهناك على سبيل المثال بعض اللاجئين من أهلنا الجنوبيين في الكونغو مثلاً لم تشملهم أو تصل إليهم خدمات المفوضيات الأممية حتى كتابة هذه الأسطر حسب متابعاتنا .. والمؤلم في الأمر هو أن بعض اللاجئين يقعون من وقتٍ لآخر فريسة للمشاكل السياسية والاقتصادية السائدة ببعض تلك الدول ، ويترتب على ذلك مهاجمتهم من قِبَل الفصائل المتناحرة إما بسبب شح الموارد أو سؤ الظن أو لاستقطابهم أو نهبهم أو لأن البعض يشعر بأن اللاجئين ليس من حقهم التواجد في أرضهم .. ولا ننسى هنا بأن الجفاف في كينيا كان قد تسبب قبل بضع سنين في هجومات قبلية على معسكر (كاكوما) مما أدى لكارثة إنسانية لم يعطها حقها العالم إعلامياً ، و تمثلت المأساة في فقد الكثير من الأرواح المتعبة و المنهكة من أهلنا ، إضافة لحالات اغتصاب وزواج قسري وتمييز وخطف واستغلال للأطفال . هذا وتجدر الإشارة إلى أن المصيبة الكبرى هو أن معظم تلك الدول التي لجأ إليها أهلنا لا تحكمها قوانين خاصة باللاجئين واحترام أوضاعهم . هذا ولنا أن نتخيل أيضاً الكوارث الطبيعية التي عانى ويعاني منها اللاجئ بتلك المناطق الشرسة في طبيعتها التي لا ترحم ، والتي كم ضربت بقوتها وعنفوانها معسكرات اللاجئين الهشة في بنائها . هذا والجدير بالذكر أيضاً هو أن يوغندا تقوم بتنفيذ ما أطلق عليه (استراتيجية الاعتماد على النفس) والتي على ضوئها تقوم بإعطاء قطع من الأراضي للاجئين لبناء بيوتٍ لهم ومدارس ومرافق ضرورية أخرى حتى تخلق لهم بعض الاستقرار ، وقد كان ذاك الأمر بدعمٍ وتوجيهٍ من (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) ، ولكن حتى هذا المشروع لم يتم على الوجه الذي كان مخططاً له .
أما هنا فنشير بالأرقام لمأساة اللاجئين ومعاناتهم قبل السلام وبعده ، وذلك للدلالة على الأسباب الرئيسية القاهرة والمأساوية التي أفقدت الثقة لدى اللاجئ في أمر العودة الطوعية والاندماج ، وهذا الأمر يجب أن يدرس جيداً . ومعظم هذه الأرقام معروفة لدينا ولكن أسردها هنا لنتمعن فيها بتفكر وتأمل تامين ولنتخيل ولو لبرهة من خلالها حالة اللاجئ النفسية والصحية والمعنوية . الحرب كانت مريرة وأرعبت أهل الجنوب و سرقت منا حوالي (2) مليون نسمة كما يشار إلى ذلك عالميا ! و (4) مليون جنوبي يقال أنهم من النازحين داخلياً . وحوالي نصف مليون (560) ألف في بلدان اللجوء المجاورة ، هذا بالطبع إضافة للآلاف هنا وهناك في (الشتات) عبر العالم . هذا ومن معسكرات اللاجئين الكبرى لأهل الجنوب نجد مخيم (كاكوما) بشمال غرب كينيا وبه حوالي (66) ألف شخص ، كذلك مخيم (راينو) بشمال يوغندا وبه حوالي (26) ألف شخص من مجموع (187) ألف لاجئ بيوغندا . هذا ولا يرغب معظم من في المعسكرات بالعودة الطوعية لأسباب كثيرة ، ذكرنا بعضها والبعض الآخر يتمثل في ما تعكسه التقارير الأممية ، والتي تشير بأن المجاعة وسؤ التغذية يهددان (أرض العودة) ، وأن آلاف الأطفال في جنوب السودان يواجَهون بمأساة ستتفاقم إن لم يتخذ المجتمع الدولي خطوة حاسمة في توفير المال اللازم لمواجهة الكارثة التي لا قدر الله لو تفاقمت ستشكل أكبر مأساة إنسانية في تأريخ البشرية . هذا وتقديرات الأروقة الأممية والتي تخيف اللاجئ والنازح بل تخيف الجميع ، تشير إلى أن حوالي (300) ألف طفل في الجنوب يعانون من نقصٍ و سوءٍ في التغذية . هذا وتشير الإحصاءات المرعبة إلى أن خُمس سكان الجنوب الذين قُدر تعدادهم ب (7) مليون يعانون من نقصٍ في الغذاء ويواجهون خطر المجاعة الطاحنة . ومن المؤسف للغاية وأكرر (للغاية) هو أن معدلات سوء التغذية في ارتفاع مستمرٍ حتى بعد توقيع اتفاق السلام ، حيث كانت في عام (2004) (19%) وكانت تشكل في وقتها أربع نقاط فوق معدلات الخطورة والطوارئ وتُعد الأسوأ في العالم ، ومن ثم قفزت إلى (20.7%) ، وهذا النوع من سوء التغذية يصنفه الخبراء من النوع الذي يقتل إن لم يعالج (kill if not treated) .. هذا ونشير هنا إلى أمرٍ مرعبٍ لا يفكر فيه الكثير من أولي أمرنا ألا وهو أن معدلات الإنجاب عالية بالجنوب ، والأطفال معظمهم قد تركهم الآباء لمآرب عدة وأهمها البحث عن الرزق ، فالأطفال يواجهون بالجوع والأمراض من جهةٍ ومن ينجو منهم بحياته لا حظ له في الرعاية و التعليم والمعرفة ، فقد أشارت إحصائية ل (اليونيسيف) صادرة في عام (2004) بأن حوالي (2500) طفل فقط يكملون (مرحلة الأساس) في الجنوب سنوياً مما يُعد من أقل وأكرر (أقل) المعدلات في العالم ! . لكل ما تقدم يخشى البعض العودة الطوعية للجنوب ، ولكن أين نحن جميعاً من تلك المأساة ، فالقضية الماثلة أمامنا الآن أكبر من (هل ينفصل الجنوب أم يبقى السودان موحداً ؟ ) .. فحتى دولتان جارتان قويتان مستقبلاً لا شك خير من دولتين جارتين ضعيفتين يلجأ أهل كل منهما للأخرى لخلق المزيد من المشاكل لكليهما ولأفريقيا ككل !!.. فالمأساة أكبر الآن من أي شيء . فلا أحد يتمنى أن يرى مستقبلاً آلاف العجزة والمعوقين من جراء الألغام أو الذين يعانون من سوء التغذية يستجدون مستقبلاً في شوارع جوبا أو الخرطوم ، ولا أحد يتمنى أن يتكلم العالم عن مأساة إنسانية ببلادنا ، والطامة ستقع على رأس الجميع ويحاسب عليها الجميع دنيا وآخرة !! وكفانا مأساة (المتشردين) الماثلة أمامنا اليوم والتي يُستعصى حلها ..
عموماً هناك الآن الكثير من التقارير التي تقرع الأجراس لهول المصيبة القادمة . والأمر يتطلب تحركاً سريعاً بالتنسيق داخلياً وخارجياً ومع جميع وكالات الأمم المتحدة وبالتعاون الجاد مع المنظمات الغير حكومية . ولكن حتى الآن لا توجد في الأفق أية اجتهادات ترتقي ومستوى الكارثة القادمة . وعلينا كشعب أن نتخيل هول المصيبة ، خاصة لو تأثر اتفاق السلام سلباً بالواقع الحياتي المرير . هذا ونشير أيضاً إلى خطورة المشاكل المالية والإدارية التي تواجهها (مفوضية اللاجئين) ، وعلى سبيل المثال نقول بأن المفوضية احتاجت لبعض الأمور الأساسية لفتح وتمهيد بعض الطرق وخلافه خلال عام (2005) وقُدر المبلغ ب (62) مليون دولار ، ولكن لم تستلم المفوضية منها حتى كتابة هذه الأسطر إلا النذر اليسير !!. كذلك نشير إلى نقل وتوزيع الغذاء الذي توقف من قَبَل وكالة الأمم المتحدة للغذاء (UN Food Agency) لفترةٍ من الوقت نسبة للنقص الذي وقع في وقود الطائرات !!!. والواقع في حقيقة الأمر يشكل مصيبة ومأساة كبرى والعالم يجب أن يكون جاداً و واضحاً في هذا الأمر ولتتحمل كل جهة معنية مسؤولياتها داخل أم خارج الديار .
أما الاحتياجات الإسعافية السريعة كما تتصورها (المفوضية السامية الأممية للاجئين) ، والتي تحتم علينا في السودان أن نتابع أمرها وندعمها (إعلاماً وحِراكا وإلحاحا) وبكل أجهزتنا الرسمية والشعبية ، فتتمثل في تقديم مساعدات بسيطة ولكنها مهمة للاجئين ، وللسكان المتواجدين على ارض الجنوب ، إضافة إلى تشييد مرافق البنيات الأساسية ، مثل المنشآت الصحية وبناء المدارس ومدها باحتياجاتها الأساسية ، وتوفير (مركبات) للاتصال والحركة لبعض الموظفين وتدريب المعلمين لمواجهة الواقع التعليمي ، وتشييد مرافق للصرف الصحي وتأهيل الطرق ورعاية الشباب والتوعية بسبل الوقاية من (الإيدز) ، والتدريب على كيفية التعامل مع (الألغام) ، وإقامة مشروعات كسب عيش صغيرة . هذا ونشير هنا إلى أن الألغام والطرق المغلقة والغير آمنة والقرى المدمرة كل ذلك يعيق حتى عمال وموظفي الأمم المتحدة من أداء دورهم على الوجه المطلوب . كذلك نذكر بأن (العودة) بغير دعم مؤثر لا شك سيكون من نتاجاتها الكثير من الآثار السالبة ومنها تفشي الجريمة والأمراض وانعدام الأمن ..
أخيراً أشير إلى أن السلام أتى للجنوب ، والفرقاء التزموا بأبجدياته ، و (العالم) وعد وحدد الفئات والحصص ، والكارثة ظاهرة كالشمس ، فلم التلكوء في التنفيذ (على الأقل للجنوب) الذي كان العالم كله يبكي (حربه المنسية) ؟ ! وهنا أقول علينا كدولة وبكل تشكيلاتها يقع العبء الأكبر في الحركة والتذكير والمتابعة وقرع الأجراس . وعلينا أن نتناسى خلافاتنا ونعمل سوياً لدرء المصيبة . فهذه الكارثة الإنسانية الأكبر من نوعها والأشرس في شكلها إن حلت ستعم الكل وستشمل الشعب بكل قطاعاته وستؤذي مسارات الإصلاح السياسي و الوحدة أو الدولة الواحدة أو الدولتين .. والعمل لدرء الخطر الأعظم هذا هو في المقام الأول إنساني ، وعليه يقع على عاتق الجميع ، فمنظماتنا المدنية يجب أن تتحرك بجدية أكبر وكل من يهمه أمر حقوق الإنسان والطفولة وحتى الحيوان عليه أن يجتهد ويخطط لكيفية التحرك في هذا الأمر ، وعلى أحزابنا حاكمة أم مؤتلفة أم معارضة أن تقوم بالدور المطلوب في مثل هذه الحالات ، ولمن يريد الشهادة والجنة نقول أن درء الخطر على أطفالنا في الجنوب وإحياء الأنفس ، خاصة الصغيرة ، والعمل من أجل الاستقرار والإدماج والسلم لا شك أجره عظيماً عند الله . وعلى كتابنا وصحافتنا وطلابنا وشيوخنا وقساوستنا ومغتربينا يقع أمر التعريف والتنوير بأبعاد الكارثة وهذا أضعف الإيمان .. حتى فرقنا الرياضية عليها أن تذهب للعب مع فرق الخليج لأجل أطفال السودان والسلام . وأين هلال – مريخ من كل ذلك وأطفالنا يواجَهون بالموت أو المرض أو الإعاقة الدائمة ؟ . كذلك على الجهات المختصة أن تبتعث شخصيات مؤثرة ومميزة مثل السيد الصادق المهدي لبعض البلاد لشرح هول المصيبة الإنسانية القادمة ، ويقيني بأن السيد الصادق المهدي سيتناسى (الجراح السياسية) من أجل هذا العمل الإنساني الهام ، فالسيد الصادق يفوق (بيل كلينتون) الذي اختاره (بوش) لبعض المهام الإنسانية في الكثير من المزايا ، ومنها أنه لديه مكانة لدي جميع الدول وقادتها في العالم .. كذلك السيد محمد عثمان الميرغني يمكنه أن يلعب دوراً هاماً في هذا الأمر . وأين الأستاذ غازي سليمان وأمثاله من النشطين ؟ .. وعلى وزارة خارجيتنا خلق منصب للسلام في بعض السفارات الهامة والمؤثرة عبر العالم ، وليملأ هذا المنصب بعض الشخصيات الشرفية المعتبرة والهامة (حتى لو كانت مكانتها أعلى من منصب سفير) مع التركيز على الأخوة الجنوبيين ، وذلك لشرح ومتابعة أبعاد قضية السلام و أهمية درء المخاطر المحدقة بالجنوب وإنسان الجنوب .. وعلى خارجيتنا أيضاً تسمية بعض السفراء الغير دبلوماسيين وبدون أعباء من شيوخ الدين والقساوسة (على الأقل أربعة) ليجوبوا بعض عواصم العالم المهمة من وقتٍ لآخر شارحين أبعاد المأساة التي تواجه أخوتنا وفلذات أكبادنا في جنوب بلادنا من خلال بعض المحاضرات والندوات ، وليذهب المسيحيون لبلاد المسيحيين والمسلمون لبلاد المسلمين .. وعلينا تذكير الغرب بملياراتهم التي وعدونا إياها وتحريك أخوتنا العرب وتنويرهم بخطورة الوضع الإنساني في جنوبنا الحبيب ، وعلينا قبل هذا وذاك الاعتماد على أنفسنا ..
توفيق عبد الرحيم منصور
الرباط : المملكة المغربية
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved