بقلم ذيو بول شبيت.

وصفت في مقالات سابقة بأن حزب الجبهة الإسلامية تعتبر واحدة من أقرب و أحسن أحزاب السودان القديم إلينا!!! و لم أقصد (طبعاً) إننا تلاقينا و إتفقنا معها في المبادئ و الرؤى و البرامج! فمن هذه الناحية الفرق بيننا و بينهم كالمسافة بين الأرض و السماء. فهم يعتقدون إنهم عرب من بني أُمية، ونحن مولودون سودانيين في إفريقيا؛ و هم (يرجون) الله أن يصلي على محمد و آله (وحتى صحبه)، ونحن نؤمن بأن الصلاة يجب أن يوجه إلى الله وحده و يسأل منه الغفران بإسم إبنه البار يسوع المسيح؛ و فيما هم يخجلون بسواد لونهم، فنحن نفخر بإنتماءنا إلى السود و نشك في أي جنوبي يشبه د. غازي العتباني بإحتمال أن تكون والدته قد درست الجامعة في مصر أو تركيا؛ و بينما أبناءهم هم الذين إخترعوا قبل (الخواجة) علاقات (نفس النوع)، يرى أهلي في الجنوب أن هذا النوع من العلاقة مخالفة صارخة لناموس الرب الذي خلق حواء لآدم؛ و كما ترى الجبهة الإسلامية الطالبان و القاعدة و حزب الله شقيقات تربطها بها علاقات الرحم و الأُخوة، نرى أن الشقيقة الأكبر لنا هي يوغندا و بعدها إرتريا و أثيوبيا، و دولة إسرائيل (حفظها الله) هي عمتنا و راعية ناموس الرب الذي نؤمن به.

و مع كل ذلك أقول أن الجبهة الإسلامية (في صورتها الجديدة و الجميلة – المؤتمر الوطني الإسلامي) هي خيارنا الأولى بين كل جلابة السودان القديم!!! فالجبهة الإسلامية هي كيان الجلابة الوحيدة التي زودتنا بالسلاح عبر تسليحها لبعض رجالات القبائل الجنوبية ووقفت حَكمّاً و حاكِماً في مبارياتهم المصيرية بينهم، و لكن قبل إنتهاء الزمن الرسمي للمباراة (حسب توقيت الجبهة الإسلامية)، إنضم الفريق المنافس على الكأس إلى الفريق الخصم بكل عتادها، فشكل الفريقان منتخباً حيّر جمهور الجبهة الإسلامية و على رأسهم الطيب سيخة و أمين خزينة الجبهة عبد– الرحيم- حمدي والذي فاجاء الحضور بخطط جديدة لمنتخب الجبهة الإسلامية الشمالية في الفترة الإنتقالية القادمة!!! ولكن لأ بأس بالخطة الجديدة، لإنها لم تخرج من إطار ما إتفقت عليها الفريقان عندما حولت المباراة إلى ملعب نيفاشا (الغراء)، فقد إتفقنا بأن يقوم كل طرف في تجهيز أرضيته و ملاعبه خلال (الحاف تايم) المحددة بستة سنوات!!!

و الجبهة الإسلامية أيضاً هي التي أجبرت الجلابة (الأصليين) من تذوق نيران قوات النجم الساطع في توريت و أشوا و يرول، ثم عملية إستعادة الككر في الكرمك و قيسان و الكيلي؛ عكس جلابة حزب الأمة التي إستخدمت أبناء دارفور و كردفان دروعاً بشرية و أعلنت مناطقها بإنها مناطق تماس!!! و فور إستلامها مقاليد القيادة، أعلنت الجبهة الإسلامية الجهاد على الجنوبيين ونجهت بذلك في أجبار أولاد جعل و مدني و حوش بانقا على الإشتراك لأول مرة في المعارك و مات (فطيساً) عدداً كبير منهم و كان ذلك بمثابة بداية نهاية إحتلال الجلابة لجنوبنا (المستقلة).

و بعد إنهزامها وتقبلها الهزيمة (بروح غير رياضي طبعاً)، إعترفت الجبهة الإسلامية الشمالية بحق الجنوب و النيل الأزرق و جبال النوبة في الإستقلال في 9 يناير من عام 2011، و وقعت على وثيقة حددت (الحاف تايم) بستة سنوات (بدون زيادة و لا نقصان)، وهذا قرار شجاع من الجبهة الإسلامية التي أكدت (نية بنفسجية) في أن تكون علاقات الجيرة بيننا مع السودان القديم كتلك القائمة بينها مع إرتريا و أسرائيل، و هذا ما فشلت فيها جلابة حزب الأمة و الجناح المدني للجبهة الإسلامية بقيادة حسن التراب – أقصد الترابي!!!

وتنازلنا (بروح طيبة) للجبهة الإسلامية بنصف عائدات البترول خلال فترة (الحاف تايم) لتقوم بها بصيانة ملاعبها في دنقلا و مروي و الدويم، و في مقابل ذلك و افقت الجبهة بأن نرفع علم السودان الجديد في برلمان جوبا خلال الحاف تايم و نوقع بعض عقود التنقيب عن البترول في آبار أبيي (التي رجعت للسيادة الوطنية) و بانتيو و بانثو في الفترة زاتها.

ولكننا نسيتا شيئاً واحداً مهماً و هو سبب كتابتي لهذا المقال اليوم، و هو ماذا سيكون مصير د. رياك قاي و أنجلو بيدا و العقد الفريد من أبناء الجنوب في المؤتمر الإسلامي الوطني الشمالي؟ هل سيكونون نواةً لحزب الجبهة في الجنوب؟ علماً بأن لدينا كماً هائلة من (الجبهات) في الجنوب أصلاً مثل جبهة الجنوب (العريقة) و جبهة الإنقاذ و الجبهجية الملونين من أمثال علي فرتاك و توم دلدوم و بقية (المصّدرين)؟ أم إنهم سيقومون بتقليد (الفريق الأول) و يقومون بتكوين المؤتمر الوطني – جناح الجنوب؟ و الشئ المؤكد هو أن أبناء الدامر و الدويم لن يقبلون إنضمام أنجلو بيدا ضمن قوات الشرطة الشعبية أو أميراً للمجاهدين و الدفاع الشعبي في مناطقهم، ناهيك من أن يكون مستشاراً (لود عرب) مثل عمر البشير!!! أفما الأجدر بأن يقوم أبناء الجنوب في المؤتمر الوطني في التفكير في مصيرهم من الآن؟ بل، فما الأحسن أن يعلن أبناءنا في الؤتمر الوطني إنضمامهم للحركة الشعبية لتحرير السودان التي هي حزبهم و بيتهم الأصلي؟

المتتبع لتصريحات الجبهة الإسلامية في الفترة الأخيرة و تصرفات الشماليين بصفة عامة يجد إنهم قد قرروا مصيرهم من غير رجعة، و بدأوا بالفعل بتجهيز و إعادة ترتيب بيتهم الشمالي، و ما الخطة الإقتصادية الطموحة التي تقدم بها عبد الرحيم حمدي و القاضي بتنمية الشمالية بدون دارفور و شرق السودان إلا دليلٌ قاطع لقرار أبناء الشمال في الإنفصال من السودان الجديد!!! و هذا دليلٌ أيضاً على غض النظر عن الكوادر الجنوبية في حزب المؤتمر الوطني الإسلامي! و هذه رسالة واضحة بأن فترة أبناء الجنوب في الحزب قد إنتهت بإنتهاء حرب التحرير!!! و كانوا فقط يستخدمونهم دروعاً بشرياً (على غرار إستخدام الصادق و النميري لأبناء الغرب في الحرب مع الجنوبيين)، و لأ أظن أنني في حاجة إلى شرح معنى أن د. رياك قاي نائباً لرئيس الحزب لشئون الجنوب!!! فالشمال قد قررت مصيرها بالإنفصال (المبكر) وما تسألوني (زي الساعة كم كدة؟).

و أنتهز هذه السانحة لأدعو الجنوبيين في المؤتر الوطني بالإنضمام للحركة الشعبية لتحرير السودان، وإذا خجل (بعضهم) بأن الجنوبيين سيطلقون عليهم إسم (العائدين)، فلأ بأس لهم في أن ينضموا إلى سانو أو الحزب القومي في الجبال أو الكتلة الإفريقية. و أذكرهم بأن أماكنكم موجودة و محفوظة في الحركة الشعبية لتحرير السودان كما أن مكان دارفور و شرق السودان محفوظة فيها!!!

عاشت السودان الجديد وحدة موحدة و قوية، و عاشت الحركة الشعبية لتحرير السودان مرحبةً بأبناء الجنوب الضالين، و الله أكبر على الجلابة و الخراب للجبهة الإسلامية و السودان القديم... جيش شعبي ويييي!