تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

إلغاء الجنسيّة في فكر سيِّد قطب (1) ! بقلم محمد خير عوض الله

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/1/2005 10:56 ص

إلغاء الجنسيّة في فكر سيِّد قطب (1) !
محمد خير عوض الله
[email protected]
لا أعتقد أنّ مُفكِّراً أو مُصلحاَ في القرن المُنصرِم قد شغل النّاس حيّاً وميّتاً بأكثر ممّا فعل المُفكِّر سيّد قطب رحِمَه الله ، حتى أُستاذه حسن البنا لم يُحدِث خصومةً حوله كما فعل قطب ، ذلك أنّ الأُستاذ كان في مُعظم عملِه يقوم بإعادة إنتاج القديم بطرح جديد ، وكان مشغولاً بترتيب مشروع الإحياء لديه ، لذلك جاء معظم إنتاجه في شكل تعاليم لائحيّة أو سلوكيّة الخ ، بعكس سيّد الذي أشاع (روح المُفاصلة) في فكره ، ومشروع الإحياء لديه كان مشغولاً (بالمُفاصلة) بصورة قاطعة ، حتى في البناء التربوي الذي كان يعطيه أولويّة قصوى ، فهو بناء تحوم روح المُفاصلة في كُل جنباتِه .. قد يسعف الوقت لاحقاً فنتطرق إلى الإشكالات التي أثارها سيّد رحمه الله ، والخصومات الفكريّة حول فكره وإنتاجه ، وقد ذهبتُ إلى شقيقِه المكلوم المُفكّر المعروف محمد قطب لاستنطاقِه في المعركة حول إنتاج سيّد ورؤيته بعد ما يُقارِب نصف قرن على رحيلِه المأساوي ، وكانت الفكرة في بالي أن أُرتِّب لمناظرات أعرِضها على الفضائيّة السودانيّة حول إنتاج سيّد يأتي فيها الفرقاء فيطرحوا بضاعتِهم بهدوء ، لكنِّي وجدته مكلوماً وكأنّ جرحهُ في سيّد قد حدث له الآن .. أحاول في عجالة أن أقف على واحدة من إشكالات سيّد ، وهي إلغاء مفهوم الجنسيّة في فكرِه كما عبّر عن ذلك صراحةً ، خاصةً في كتابِه (معالم في الطريق) المثير للجدل ، أو المُثير للغبار والأتربة والزوابع الرعديّة ( كما تقول مذيعة النشرة الجويّة) .. يقول في هذا الكتاب
: ( جاء الإسلام إلى هذه البشرية بتصور جديد لحقيقة الروابط والوشائج ، يوم جاءها بتصور جديد لحقيقة القيم والاعتبارات ، ولحقيقة الجهة التي تتلقى منها هذه القيم وهذه الاعتبارات . جاء الإسلام ليرد الإنسان إلى ربه ، وليجعل هذه السلطة هي السلطة الوحيدة التي يتلقى منها موازينه وقيمه ، كما تلقى منها وجوده وحياته ، والتي يرجع إليها بروابطه ووشائجه ، كما أنه من إرادتها صدر وإليها يعود . جاء ليقرر أن هناك وشيجة واحدة تربط الناس في الله فإذا انبتَّت هذه الوشيجة فلا صلة ولا مودة : { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } ... [ المجادلة : 22 ] وأن هناك حزباً واحداً لله لا يتعدد ، وأحزاباً أخرى كلها للشيطان وللطاغوت : { الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } ... [ النساء : 76 ] وأن هناك طريقاً واحداً يصل إلى الله وكل طريق آخر لا يؤدي إليه : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } ... [ الأنعام : 153 ] وأن هناك نظاماً واحداً هو النظام الإسلامي وما عداه من النظم فهو جاهلية : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] وأن هناك شريعة واحدة هي شريعة الله وما عداها فهو هوى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } ... [ الجاثية : 18 ] وأن هناك حقاً واحداً لا يتعدد ، وما عداه فهو الضلال : { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } .. [ يونس : 32 ] وأن هناك داراً واحدة هي دار الإسلام ، تلك التي تقوم فيها الدولة المسلمة ، فتهيمن عليها شريعة الله ، وتقام فيها حدوده ، ويتولـى المسلمون فيها بعضهم بعضاً ، وما عداها فهو دار حرب ، علاقة المسلم بها إما القتال ، وإما المهادنة على عهد أمان ، ولكنها ليست دار إسلام ، ولا ولاء بين أهلها وبين المسلمين :
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ ... } [ الأنفال : 72 – 75 ] بهذه النصاعة الكاملة ، وبهذا الجزم القاطع جاء الإسلام .. جاء ليرفع الإنسان ويخلصه من وشائج الأرض والطين ، ومن وشائج اللحم والدم - وهي من وشائج الأرض والطين - فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله ، فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الارتباط في الله ، ولا جنسية للمسلم إلا عقيدته التي تجعله عضواً في " الأمة المسلمة " في " دار الإسلام " ، ولا قرابة للمسلم إلا تلك التي تنبثق من العقيدة في الله ، فتصل الوشيجة بينه وبين أهله في الله ... ليست قرابة المسلم أباه وأمه وأخاه وزوجه وعشيرته ، ما لم تنعقد الآصرة الأولى في الخالق ، فتتصل من ثم بالرحم :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ } ... [ النساء : 1 ]

تتجلّى لك ـ الآن ـ روح المُفاصلة (الكثيفة) جداً ، في هذه القطعة الصغيرة جداً !! ومنطوق المفاصلة أعلاه مرتّب على هذا الشكل أدناه :ـ

1/ جاء الإسلام ليرد الإنسان إلى ربه ، وليجعل هذه السلطة هي السلطة الوحيدة التي يتلقى منها موازينه وقيمه ، كما تلقى منها وجوده وحياته
2/ جاء ليقرر أن هناك وشيجة واحدة تربط الناس في الله فإذا انبتَّت هذه الوشيجة فلا صلة ولا مودة
3/ وأن هناك حزباً واحداً لله لا يتعدد ، وأحزاباً أخرى كلها للشيطان وللطاغوت
4/ وأن هناك طريقاً واحداً يصل إلى الله وكل طريق آخر لا يؤدي إليه
5/ وأن هناك نظاماً واحداً هو النظام الإسلامي وما عداه من النظم فهو جاهلية
6/ وأن هناك شريعة واحدة هي شريعة الله وما عداها فهو هوى
7/ وأن هناك حقاً واحداً لا يتعدد ، وما عداه فهو الضلال
8/ وأن هناك داراً واحدة هي دار الإسلام ، وما عداها فهو دار حرب
9/ جاء الإسلام ليرفع الإنسان ويخلصه من وشائج الأرض والطين ، ومن وشائج اللحم والدم - وهي من وشائج الأرض والطين
10/ فلا وطن للمسلم إلا الذي تقام فيه شريعة الله ، فتقوم الروابط بينه وبين سكانه على أساس الارتباط في الله
11/ ولا جنسية للمسلم إلا عقيدته التي تجعله عضواً في " الأمة المسلمة " في " دار الإسلام "
12/ ولا قرابة للمسلم إلا تلك التي تنبثق من العقيدة في الله... ليست قرابة المسلم أباه وأمه وأخاه وزوجه وعشيرته ، ما لم تنعقد الآصرة الأولى في الخالق ، فتتصل من ثم بالرحم

الحقيقة بين يدي معارك ضخمة وخصومات عنيفة أثارها البعض حول فكر سيّد ، وأشهر الحاملين للواء الخصومة الفكريّة الحادة ، هو الدكتور ربيع المدخلي عالم الحديث السعودي المشهور ، ويصعب على المرء إحصاء الكتب التي ألّفها المدخلي فقط في نقد سيّد !! وكثيرون يعزون ذلك لبناء المدخلي لتيار فكري معيّن له المصلحة في إنتاج هذا النقد الغزير ، غير أنّ الرجل يقول كلاماً علميّاً وإن خالفته في نتائجه .. هذا وهناك خلافات حول ما جاء في تفسيره الممتع (في ظلال القرآن) مثل ما جاء في صفات الله ( الاستواء ، العلو ، المعيّة ، الكلام ، اليد ، التجلي للجبل ...الخ) وحول ما جاء في خلق القرآن ، والحلول ، و حجيّة خبر الآحاد ، والمراد بالجنّة التي أُخرِج منها آدم عليه السلام ....الخ) اسأل الله أن أوفق لعرض هذه الآراء ، وآراء مخالفين معتدلين في خلافهُم ، أشهرهُم د. القرضاوي وآخرين . هذا وبالله التوفيق

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved