تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

اجيال الرعب و النيل الاحمر - بقلم أ. احمد يوسف حمد النيل السعودية -الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/11/2005 2:34 م


اجيال الرعب و النيل الاحمر
بقلم/ أ. احمد يوسف حمد النيل السعودية -الرياض

هذه ليست مقدمة لقصة خيالية او فنتازيا او دراما هذه هزيمة الوجدان و اندفاق
الرعب و تجربة السلاح الناري في القرن الحادي و العشرين . لم تعد الروح و هي
تتشافي من مرضها العضال عندما استيغظت من نومها الهادي في ليلة هي اشبه بالف
ليلة و ليلة السودانية . رجعت الي سريرها مكدودة فرحة بعد عناء التعب من
المزرعة لتنام حتى تستيغظ باكرة مع اصوات الديكة لترجع و تمارس الق الروح مع
ملامسة المعول . و صاحبها يرقب حركة القطارات قبل شروق الشمس محملة بالاقطان و
الاسمدة في محطة القرية المنزوية . لكنها قبل ان تذهب الى المزرعة لم تسمع صوت
القطار الذي يجلجل كل ليلة . حتى اهل القرية الذين هبوا من نومهم بلا صوت قطار
فخاف الناس ان يكون سائق القطار قد مات و ذهبت بهم الاخيلة انى شائت ودهش
الجميع حتى بائعة المدمس التي كانت تبيع المدمس في المحطة لم تستيغظ آنذاك . و
لكن الاذاعة قطعت قول كل خطيب الخبر تسلل الى القرية جهارا نهارا و اجهض حلم
المكدودين .
تحدث العمال عن الحكومة الجديدة ... تحدثوا عن الرواتب ... عن المدارس
... عن المستشفيات ... عن الاسواق هل ستكون مفتوحة . الاطفال فرحين لانهم ربما
لا يذهبون الى المدرسة ... الزراع ترددوا في الذهاب الى مزارعهم . سائق القطار
ذهب الى بيته لينعم بالنوم . و لكنهم نعموا بالنوم الى الابد لم يرجع احد ما
الى مكان عمله او مدرسته لان هنالك قرارات جديدة . هنالك رجل عسكري مدجج
بالنجوم و معه رجال ذوي لحى يجلسون على الكراسي منعوا الناس من مزاولة الاعمال
. و جلست القرية الى نهاية اليوم تستمع الى القرارات المتتالية . فجاء العسكر
يضربون الناس بالسياط فهرع كل الى عمله . فاحمر لون النيل و ما اظنه الا انه
تلوث بدماء المفقودين . خاف البعض الاخر فسكنوا في اماكنهم . و صمت الجميع لم
يطالب احدا براتبه او اجرته . و عندما استقر صاحب العمامة في الكرسي ضحك البعض
و خاف البعض الاخر فتبعه من خاف . و جلس الذي ضحك مغشي عليه من الجوع . فخرج
الكل من المركب المثقوب الى جوف النيل و لكن رائحته منتنة و لونه يدعي للغثيان
. فهجروا بلادهم و ارضهم و هم يبكون . البعض ترك بلاده بالاكراه و السياط على
ظهره . فظهر جيل الرعب و هو يتربع على الاراضي المسروقة و هو يستنشق رائحة
النيل و لونه الاحمر وهو يكذب على نفسه بان النيل عاد فتيا يحمل الالوان من
اشجار الهضبة الاثيوبية . وعاش الناس في عهد الحاكم الجائر يستنشقون النتانة و
الرذيلة . لم تكن هذه اكذوبة بل واقع معاش الذي لا يدفع ضريبة النظام فانه كافر
يحاد الله و رسوله هكذا قال اتباع النظام من الجهلة و الضعفاء . عندما جاءت هذه
الثورة ليلا ارعبت الناس و في النهار قد تبعها الكاذبون فامتلات جيوبهم باموال
الذين كانوا لاينامون حتى ينام جياعهم و يستيغظون مع الفجر . لقد عشت في قريتي
لمدة ستة عشرة عاما منذ ميلادي و حتي تاريخ الليلة المشئومة لم اسمع بمشكلة في
مياه الشرب او اي ضرائب تدفع للحكومة . و لكن بمجي سلطة الرعب دخلت ثقافة جديدة
الى بيوت الناس هي ثقافة النهب و السلب . وقد شهدت بعيني العسكر و الموظفين
يستدرجون شيخا كبيرا ليدفع الربط الشهري و عندما عجز جروه نحو السيارة ليدخلوه
السجن . هل هذا عدل ؟ و هل هذه القيم التى اتى هؤلاء من اجلها ؟ و شيء اخر ان
محطة المياه الجديدة التي دفع ابناء المواطنين في السعودية مبلغ كبير جدا لحفر
البئر و بعد اكتماله حجزت عليه سلطة السطو و السرقة . هؤلاء الابناء سافروا و
تركوا الجمل بما حمل للسارقين حفاظا على انفسهم و لتربية ابنائهم واخوانهم . و
لكن السلطة الجائرة دائما تتخبط لم تجد لها مصدر تدفع منه رواتب الموظفين غير
عرق الاخرين . السلطة النظيفة التي تعرف الله تخافة في كل صغيرة و كبيرة و لكن
هؤلاء لا يخافون الله . منذ ان جاءوا الى قريتنا قد كثرت المداهمات حتى من
الاقارب الذين يعملون في جهاز الامن . و من الفاشلين الذين تشبسوا بالسلطة و
الان هم ملمعين و جوهم جميلة و اجسادهم بيضاء و بضة و لكن عقولهم ضعيفة . درجوا
فيها الفاشلين في كل مدارس البلدة و غيرها . هذه عقلية البلدة الجديدة و سادت
الثقافة و الوصولية السهلة و كثرت المنكرات و ضج الناس . الكثير الكثير هو
داخل معاناة الشعب المغلوب على امره و الذين ماتوا و ذهبت ارواحهم سدى ناهيك عن
الذين قالوا عنهم شهداء و اقاموا لهم الاعراس ثم اتوا من جديد الى اهليهم في
وضح النهار فخاف منهم البعض و ارتعب ربما يكونون من حكاوي زمان عندما كانت
الحبوبة تحكي لنا عن " البعاتي " الذي ينهض من قبره ليلا و هؤلاء عادوا و معهم
يجرون ذيول الخيبة و الخجل و لم يعودوا شهداء لان الذين لم ياتون قد تسلم
اهلهم مقابل موتهم مالا وفير .

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved