تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الحدودية الإريترية ـ الأثيوبية الأزمة مفوضية ترسيم الحدود تتهم أثيوبيا بعدم الالتزام باتفاقية الجزائر إعداد: د.احمد حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
11/5/2005 7:33 ص


الحدودية الإريترية ـ الأثيوبية الأزمة
مفوضية ترسيم الحدود تتهم أثيوبيا بعدم الالتزام باتفاقية الجزائر
كوفي عنان يفشل في الوفاء بالتزاماته
مجلس الأمن يواصل مناشداته العقيمة لأثيوبيا

إعداد: د.احمد حسن دحلي
مضت خمس سنوات على نهاية الحرب الاريترية ـ الاثيوبية [ 2000 ـ 2005 ]، وثلاثة اعوام على صدور قرار مفوضية ترسيم الحدود [ 2002 ـ 2005 ]، وسنتان على رفض اثيوبيا رسميا لقرار التحكيم [ 2003 ـ 2005 ] . علما انه وبالاساس لم يكن ثمة مبرر موضوعي وعقلاني في تحول خلاف حدودي عادي وكلاسيكي، الى حرب مفتوحة دموية ومدمرة بين اريتريا واثيوبيا ، لولا جنون القيادة الويانوية الحاكمة في اديس ابابا، واجندتها التوسعية، وإستراتيجيتها القاضية بصياغة أوضاع منطقة القرن الافريقي على مقاس أحلامها الكابوسية. فالحكومة الاريترية بذلت ومنذ البداية جهودا دبلوماسية وسياسية لاطفاء الازمة الحدودية التي افتعلتها اثيوبيا. وقامت وفود اريترية عديدة بزيارة اثيوبيا لاحتواء الازمة قبل تفاقمها، ولكن من دون طائل. وبادر الرئيس الاريتري اسياس افورقي بحث رئيس وزراء اثيوبيا ملس زيناوي لاتخاذ الإجراءات الضرورية للحيلولة دون اندلاع حرب غير مبررة ، ولكن لا حياة لمن تنادي. وعندما تهافتت اثيوبيا وأعلنت في 13 مايو 1998 الحرب على اريتريا، عقد مجلس الوزراء الاريتري اجتماعا طارئا في 14 مايو 1998 ، وسعى لمعالجة الموقف بمسؤولية وحكمة وعقلانية، فطرح مشروع يحتوي على البنود الخمسة الاتية:

1 ـ " ان الخلافات وسؤ التفاهم حول المسائل الحدودية، تحل عبر الوسائل السلمية والقانونية ، وليس بالقوة، وان الحكومة الاريترية تدين منطق استخدام القوة " .

2 ـ " وتأسيسا على النقطة الأولى، يتوجب على أي طرف يدعي بأحقيته في الأراضي الواقعة في حدود البلد الآخر ان يعلن رسميا للشعبين الاريتري والاثيوبي وللعالم، وذلك عبر الخرائط والبيانات، وان يؤمن ويقر بحل هذه المسالة بالطرق السلمية، وليس بالقوة العسكرية ".

3 ـ " أن تكون المباحثات والمفاوضات التي تجري بين الجانبين بعد الان مضمونة وعبر شهادات المراقبين، وطرف ثالث ".

4 ـ " أن تصبح المناطق المتنازع عليها منزوعة السلاح وخالية من أي تواجد عسكري للبلدين في الوقت الحاضر، وان يتم هذا التفاهم عبر ضمانات الوسيط ".

5 ـ " وإذا تعذر الوصول إلى حل مرض عبر الوسيط أو الطرف الثالث، تعرض المسالة للتحكيم ".
ولكن القيادة السياسية الاثيوبية المراهقة لم تستطع كبح جماح رغبتها الرعناء في اشعال الحرب. وبعد تحطم مخططاتها فوق صخرة قوات الدفاع الاريترية، أجبرت على الجلوس الى طاولة المفاوضات، أكرهت على توقيع اتفاقيتي السلام في الجزائر العاصمة وذلك على التوالي في 18 يونيو 2000 " اتفاقية وقف الاعمال العدائية " و 12 ديسمبر عام 2000 " اتفاقية السلام الشامل ". ووقع مرسوم " اتفاق السلام الشامل " بين البلدين المجتمع الدولي ممثلا في الآمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، ورئيس منظمة الوحد الافريقية حينذاك الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وسكرتير منظمة الوحدة الافريقة وقتذاك د.سالم احمد سالم، و ممثل رئيس الاتحاد الاوروبي السيناتور الايطالى سيري رينو، وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية آنذاك مادلين اولبرايت.

ونص ااتفاق الجزائر على:

1ـ وقف إطلاق النار بين البلدين.
2ـ إقامة مفوضية ترسيم الحدود الدولية.
3ـ تتولى مفوضية ترسم الحدود مهمة تعيين وترسيم الحدود بين البلدين على أساس المعاهدات الاستعمارية، أي معاهدة 1900 و 1902 و 1908، والقانون الدولي ذات الصلة، وليس على أساس التراضي بين الطرفين.
4ـ يعتبر قرار مفوضية ترسيم الحدود قرارا نهائيا وملزما، وغير مفتوح للنقاش، وغير قابل للاستئناف.
5ـ إذا لم يلتزم الطرفان أو أحدهما بقرار مفوضية ترسيم، يتخذ مجلس الآمن الدولي كل الاجراءات الضرورية ـ من دبلوماسية وسياسية واقتصادية وعسكرية ـ ضد الطرف المعني وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة.

ومباشرة بعد صدور قرار مفوضية ترسيم الحدود في 13 أبريل 2002، اصدر مجلس الوزراء اثيوبي بيانا في نفس اليوم جاء فيه:

1ـ " حصلت اثيوبيا على كل مطالبها في المنطقة المحددة بموجب معاهدة 1900 " أي القطاع الاوسط.

2ـ " وفي القطاع الغربي، أكدت المحكمة سيادة اثيوبيا على كل منطقة بادما "
والى ذلك، قالت السلطات الاثيوبية بأنها وبحكم براعة قضاتها نالت أراضى اريترية لم تكن مدرجة ضمن مطالبها.

تراجعات أثيوبيا
ولكن سرعان ما غدت اثيوبيا تتراجع عن موقفها بدليل:
1ـ أثارتها في بادئ قضية شكلية محضة بطلبها الشروع في بدء عملية تعيين الحدود من المنطقة الشرقية وليس الغربية كما كانت تنوي الوحدة الخرائطية لمفوضية ترسيم الحدود، ولم يكن ثمة اعتراض من اريتريا بحكم ما دامت كل الطرق تؤدي إلى تعيين الحدود بين البلدين بصورة كاملة طبقا لقرار مفوضية ترسيم الحدود.

2ـ كان من المفترض انسحاب الوحدات الاثيوبية من الأراضي التي حكمت لصالح اريتريا، بعد صدور الحكم بهذا الخصوص، وذلك بموجب اتفاقيتي الجزائر، وهذا ما لم تنفذه اثيوبيا.

3ـ وبعد مرور زهاء ثلاثة اشهر فقط على قرارمفوضية ترسيم الحدود، أي في يوليو 2002 شرعت اثيوبيا على بناء مستوطنات في المناطق التي اقرت اريتريتها على ضوء المعاهدات الاستعمارية والقانون الدولي ذات الصلة. وهدف اثيوبيا من وراء بناء المستوطنات هو خلق واقع جديد على الأرض، ثم الادعاء بعد ذلك بان تلك الاراضي يقطنها اثيوبيون، وانها خالية تماما من أي تواجد سكاني اريتري. ولكن هيهات، فان هذه الحيلة الطفولية الاثيوبية لا يمكنها الانطلاء علي أي انسان عادي، فما بالك بخبراء مفوضية ترسيم الحدود.

4ـ في السابع من نوفمبر 2002 أبلغت اثيوبيا رسميا مجلس الامن الدولي بانها لن تمتثل لالتزامها فيما يخص بناء المستوطنات واخلاء وحداتها من الاراضي الاريترية، وفقا لطلب مفوضية ترسيم الحدود المرتكز على المادة 4ـ الفقرة 16 من " اتفاق السلام الشامل " المبرم بين البلدين في 12 ديسمبر 2000 بالجزائر.

5ـ بعث رئيس وزراء اثيوبيا ملس زيناوي في 19 سبتمبر2003 رسالة الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان يعلن فيها رفض اثيوبيا الرسمي لقرار مفوضية ترسيم الحدود ورد فيها:
5ـ1ـ " تعتبر اثيوبيا قرار مقوضية ترسيم الحدود غير قانوني وغير عادل وغير مسؤول ".
5ـ2ـ " قرار مفوضية ترسيم الحدود الصادر في 13 ابريل 2002، هو ابعد من أن يخلق مناخ استقرار بين البلدين، واقرب ما يكون من تفجير صراع جديد ".
5ـ3ـ " لقد ولجت مهمة مفوضية ترسيم الحدود الاريتريةـ الاثيوبية منعطف أزمتها الأخيرة ".
5ـ4ـ " وبناء على ما تقدم، ينبغي على مجلس الامن إقامة آلية بديلة لمفوضية ترسيم الحدود ".

6ـ قال وزير خارجية اثيوبيا سيوم مسفن في خطاب القاه في بتاريخ 28 سيبتمبر2004 في الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العمومية للأمم المتحدة .
6ـ1ـ إن قرار مفوضية ترسيم الحدود لا يعدو ان يكون " ملاحظة " .
6ـ 2 ـ " تقبل اثيوبيا 85 في المائة من " ملاحظة " المفوضية ".
6ـ3ـ " و ما تبقى من " ملاحظة " مفوضية ترسيم الحدود، الـ 15 في المائة يكمن حلها عبر حوار مفتوح ".
6ـ4ـ " إن إنجاز عملية السلام وتعيين الحدود على الارض يقعان على عاتق اثيوبيا واريتريا "، مستبعدا دور المجتمع الدولي مع انه شريك اساسي في مجمل عملية السلام وتعيين وترسيم الحدود بين البلدين.

7ـ بغية الالتفاف على قرار مفوضية ترسيم الحدود، طرحت اثيوبيا في 24 نوفمبر 2004 " خطة سلام " للازمة الحدودية مع اريتريا تتالف من خمس نقاط وهي:
7ـ1ـ " حل النزاع بين اريتريا واثيوبيا عبر السبل السلمية، ومن خلال المفاوضات على اساس مبادئ الآخذ والعطاء "
7ـ2ـ " حل جذور واسباب الصراع بالحوار، وصولا إلى تطبيع العلاقات بين البلدين" .
7ـ3ـ " قبول اثيوبيا من حيث المبدأ لقرار مفوضية ترسيم الحدود الاثيوبيةـ الاريترية ".
7ـ4ـ وافقت اثيوبيا على دفع مستحقاتها المالية، وستعين ضباط الاتصال الميدانيين".
7ـ5ـ " بما ان تنفيذ قرار مفوضية ترسيم الحدود كما هو سيقود الى مزيد من تصعيد التوتر بين البلدين، وعليه فان الموقف الاثيوبي يرتكز على محورين وهما : القبول المبدئي لقرار المفوضية من ناحية، والتزام بمدأ الاخذ والعطاء من ناحية اخرى".

8 ـ نشرت اثيوبيا في 16 ديسيمبر 2004 ما بين ست أو سبع فرق عسكرية في مواقع تبعد بين 25 و 45 كيلومترا وفق ما افادت تقارير بعثة الأمم المتحدة في اريتريا واثيوبيا ، وهذا ما أكده الامين العام للامم المتحدة في التقرير الذي رفعه الى مجلس الأمن الدولي في السابع من مارس 2005. وهذا التصعيد العسكري الاثيوبي يتنافى جملة وتفصيلا مع اتفاقيتي السلام الموقعة بين اسمرا واديس ابابا في الجزائر بحضور وشهود المجتمع الدولي.

9 ـ رفضت اثيوبيا دعوة مفوضية ترسيم الحدود للحوار الذي كان من المزمع ان يجري في لندن في 22 فبراير 2005 حول الشروع في تعيين الحدود على الارض طبقا لقرار المفوضية. وبررت اثيوبيا رفضها للحوار بقولها:
1ـ الحوار سابق لأوانه.
2ـ غير مجد في الوقت الراهن.
3ـ سيؤثر سلبا على عملية ترسيم الحدود.
4ـ لا يأخذ في الاعتبار مشروع السلام الاثيوبي المكون من خمس نقاط.


رد مفوضية ترسيم الحدود على اثيوبيا
رفع رئيس مفوضية الحدود الاريتريةـ الاثيوبية السير لوتر باخت في 24 فبراير2005 تقريرا مفصلا الى الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان حول العراقيل التي ما برحت تضعها اثيوبيا أمام مفوضية الحدود للحيلولة دون أداء مهامها وذلك منذ صدور قرار التحكيم في 13 ابريل 2002، والتي أجبرتها في خاتمة المطاف على إغلاق مكاتبها الميدانية في 24 فبراير 2005.

وفيما يلي نورد ابرز نقاط ومحاور رد المفوضية على ادعاءات ومزاعم اثيوبية

1 ـ " لقد أحجمت المفوضية حتى الآن عن إبداء أي تقييم قانوني للظروف التي أ فضت الى حالة الجمود الراهنة، غير انها ترى الآن من الضروري التذكير بالتطورات الرئيسية التي آدت الى الحالة الراهنة، وتحديد السلوك الذي حال دون إتمام المفوضية لولايتها ".

2 ـ " بموجب اتفاق الجزائر المبرم في ديسمبر 2000، طلب الى اللجنة أن تقوم في نفس الوقت بتعيين وترسيم الحدود.

3 ـ " تمثلت ولاية المفوضية المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من المادة 4 من اتفاق الجزائر في تعيين ورسم الحدود المنصوص عليها في المعاهدات المبرمة في عهد الاستعمار على أساس المعاهدات ذات الصلة المبرمة في عهد الاستعمار " 1900 و 1902 و 1908 " والقانون الدولي الساري. ولا تكون سلطة اتخاذ قرارات حسب مقتضى الإنصاف والحسنى". وخلال الإجراءات التي أدت الى قرار التعيين، لم يعترض أي من الطرفين على ان تنطلق اللجنة من الحدود التي يتبين لها بموضوعية إنها محددة في المعاهدات المذكورة ".

4 ـ عندما صدر قرار التعيين، قبله الطرفان معا وقبلا تعيينه للحدود، نظرا الى انهما ملزمين بذلك بموجب اتفاق الجزائر. وكان قبول كل طرف تاما وعلنا على الملأ". ـ

5 ـ " في 17 يوليو 2002، وبناء على شكوى تفيد فيها اريتريا بان مواطنين اثيوبيين يستوطنون قرية ديمبي منغول على الجانب الاريتري من الحدود التي أقرتها المفوضية، اصدرت المفوضية امرا يقضي بقيام اثيوبيا بسحب مواطنيها من تلك القرية. وفي 14 اغسطس 2002، طلب مجلس الامن الى الطرفين، في قراره رقم [ 1430 ]، الامتناع عن القيام من جانب واحد بنقل القوات او السكان، بما في ذلك إنشاء أي مستوطنات جديدة في المناطق المتاخمة للحدود، الى أن يتم انجاز ترسيم الحدود والنقل المنظم للسيطرة على الاراضي، عملا بالمادة 4ـ16 من اتفاق السلام الشامل. ولم تمتثل اثيوبيا لأمر اللجنة. وفي 7 نوفمبر 2002، قررت رسميا بان اثيوبيا لم تمتثل لالتزامها وابلغت مجلس الامن بذلك. ولم تمتثل اثيوبيا حتى الان لآمر اللجنة ".

6 ـ " وجهت اثيوبيا الى الامين العام رسالة مؤرخة 19 سبتمبر 2003، أبرزت فيها ما وصفته بـ " القرارات المفتقرة تماما الى الشرعية والعدل وروح المسؤولية التي اتخذتها المفوضية بشان بادمي واجزاء من القطاع الاوسط "، فأوضحت بذلك، حسب اعتقاد اللجنة، إن شكوى اثيوبيا تتعلق بقرار تعيين الحدود لا بعملية ترسيم الحدود. واقترحت اثيوبيا ان ينشئ مجلس الامن آلية بديلة لترسيم الحدود الأجزاء المتنازع عليها من الحدود " على نحو عادل وقانوني " . وردت المفوضية على هذه الرسالة، التي اعتبرت انها " تتضمن بيانات تنطوي على سؤ فهم وتضليل " ... وردت المفوضية بتفصيل على كل اعتراض من اعتراضات اثيوبيا ".

7 ـ لم تسمح اثيوبيا بعملية ترسيم الحدود، وتعقب الفوضية على ذلك قائلة: " وسعت اثيوبيا الى تبرير موقفها بادعائها ان عملية ترسيم الحدود معيبة نظرا لعدم اتساقها مع اتفاق الجزائر نصا وروحا... وفي تقريرها الحادي عشر الى الامين العام ، شعرت المفوضية بانها مضطرة " بان تستنتج ان اثيوبيا كلامها ـ الذي تريد به التشديد على ان عملية ترسيم الحدود هى التي تهمها حصرا ـ تعبر عن عدم رضاها عن الحدود في شكلها الذي ينص عليه موضوعيا قرار تعيين الحدود في شكل عراقيل اجرائية تعيق عملية الترسيم، وهو آمر لا يحق لها ان تقوم به ".

8 ـ دعت المفوضية في 4 فبراير 2005 الطرفين للاجتماع معها في لندن في 22 فبراير 2005. وقبلت اريتريا الدعوة. اما اثيوبيا رفضتها قائلة ان الاجتماع سيكون " سابقا لاوانه... وسيكون غير مجد وقد يوثر سلبا على عملية ترسيم الحدود... وواوضحت اثيوبيا ان على الطرفين ان يعالجا عن طريق الحوار ما وصفته بانه " مواطن خلل وعراقيل التنفيذ " في قرار تعيين الحدود. " وبهذه الطريقة لا غير ستتاح الظروف الضرورية لكي تنجز المفوضية مهامها ".

9 ـ " واثيوبيا غير مستعدة للسماح بمواصلة عملية الترسيم على النحو المبين في توجيهات ترسيم الحدو د ووفقا للجدول الزمني الذي حددته المفوضية. وهى تصر حاليا على ان يسبق ذلك " حوار "، بيد انها رفضت فرصة اجراء مثل هذا " الحوار " في اطار عملية الترسيم التي يتيحها اقتراح المفوضية بان تجتمع مع الطرفين في 22 فبراير. وهذا اخر إجراء من سلسلة إجراءات العرقلة المتخذة منذ صيف 2002، وهو يناقض ما تردده اثيوبيا من قبول قرار التعيين ".

10 ـ " وفي ضوء هذا الوضع، تتخذ المفوضية خطوات فورية لإغلاق مكاتبها الميدانية. ويمكن إعادة فتحها [ وان يكون ذلك في مهلة شهور ] أن تخلت اثيوبيا عن التشديد على شروطها المسبقة لتنفيذ عملية ترسيم الحدود. وتظل اللجنة من جانبها على استعداد لمواصلة عملية ترسيم الحدود واتمامها كلما سمحت الظروف بذلك ".

11 ـ " ولا بد للمفوضية ان تختتم بالإشارة الى ان الخط الحدودي قد حدد بصورة قانونية ونهائية في قرارها المتعلق بتعيين الحدود المؤرخ 13 ابريل 2002. ورغم عدم ترسيمه، فهو، رهنا فقط بتحفظات طفيفة أبديت في قرار تعيين الحدود، ملزم للطرفين، الا اذا اتفقا على خلاف ذلك. وأي تصرف لا يتفق مع خط الحدود هذا، تصرف غير قانوني ".

فشل كوفي عنان في الوفاء بالتزاماته

بناء على تقارير مفوضية ترسيم الحدود التي تؤكد كلها على ان اثيوبيا:

1ـ رفضت قرار مفوضية ترسيم الحدود الصادر في 13 ابريل 2002.
2 ـ تحيل دون ترسيم الحدود.
3 ـ ترفض الانسحا ب من الاراضي الاريترية التي تحتلها.
4 ـ قامت ببناء مستوطنات في الاراضي الاريترية لخلق واقع جديد.
5 ـ نشرت بين ست وسبع وحدات عسكرية في المنطقة الحدودية الجنوبية.
6 ـ رفضت دعوة مفوضية ترسيم الحدود ومجلس الأمن الدولي لإزالة المستوطنات وسحب وحداتها من المنطقة الحدودية التي رابطت فيها في 16 ديسمبر 2004.

ولقد كان واجب الأمين العام للأمم المتحدة يقتضي اتخاذ الإجراءات اللازمة بموجب اتفاقية الجزائر التي وقعها كوفي عنان ذاته والتي تنص الفقرة {أ} من المادة 14 على ان مجلس الامن يحق له ان يتخذ الإجراءات الضرورية ضد الطرف الذي لا يمتثل لقرار مفوضية ترسيم الحدود، وذلك بمقتضى الفصل السابع من ميثاق منظمة الأمم المتحدة. ولكن وعوضا عن ذلك، فان كوفي عنان حاول الالتفاف على مفوضية ترسيم الحدود ذاتها وعلى قرارها النهائي والملزم بموجب المادة 4 البند 15 من " اتفاق السلام الشامل " بين البلدين والبرم في الجزائر في 12 ديسمبر 2000 ، بدليل:

1 ـ تعيين كوفي عنان في 30 يناير 2004 لـ " مبعوث خاص " لاريتريا واثيوبيا لوزير خارجية كندا السابق للويد اكسورثي، وذلك تلبية لطلب اثيوبيا المقدم في 19 سبتمبر 2003 والقاضي بإنشاء الية بديلة لمفوضية ترسيم الحدود. وتجدر الاشارة الى ان الامين العام للامم المتحدة رفض تحديد مهام " مبعوثه الخاص " برغم من إلحاح اريتريا على ذلك. وعليه فلا غرابة اذا ما أجهضت فكرة أو حيلة أو تحايل " المبعوث الخاص " في مهدها ودخلت طي التاريخ في يوم ميلادها.

2 ـ مطالبة كوفي عنان على غرار حكام اديس ابابا بـ " حوار " بين اريتريا واثيوبيا مع رفضه التام في تحديد موضوع أو مادة الحوار وذلك مع علمه حق العلم بان:
2ـ1ـ اثيوبيا تريد فتح الحوار من جديد حول ترسيم الحدود لكونها غير راضية عن قرار مفوضية ترسيم الحدود، بل رافضة قبوله رسميا منذ عامين.
2ـ2ـ مفوضية ترسيم الحدود دعت لحوار في لندن في 22 فبراير 2005، في إطار قرارها الملزم والنهائي، وان اريتريا قبلت الدعوة، بينما اثيوبيا رفضتها.
2ـ3ـ قرار مفوضية ترسيم الحدود ملزم ونهائي بموجب اتفاقية الجزائر التي وقعت من قبل اثيوبيا واريتريا وكوفي عنان...الخ.
وبناء على ما تقدم، فان مطالبة كوفي عنان بـ " حوار " اريتري ـ اثيوبي، لا تعدو أن تكون دعوة خير يراد بها الالتفاف على قرار مفوضية ترسيم الحدود. وان حديث الآمين العام للأمم المتحدة عن ضرورة تطبيع العلاقات بين البلدين، فانه في غير محله لكونه يتعارض ويتناقض مع ابسط الشروط أو إن شئت فقل القواعد المنطقية، باعتباره يريد في احسن الأحوال وضع العربة أمام الحصان.

3ـ على خلاف تقاريره السابقة الى مجلس الامن الدولي التي كانت تنوه وبخجل محرج الى ان نشر قوات اثيوبية بالقرب من الحدود الجنوبية الاريترية " يشكل خطرا على الامن والاستقرار بين البلدين " وليس خرق فدحا وفاضحا لاتفاقيتي الجزائر، فان كوفي عنان في تقريره الذي رفعه الى مجلس الامن في 30 اغسطس 2005 ، لم يشعر حتى بضرورة " مناشدة " اثيوبيا بعودة وحداتها العسكرية الى مواقعها ما قبل 16 ديسمبر 2004، أي بعيدا عن الحدود الجنوبية الاريترية.

4ـ يعلم كوفي عنان جيدا، بان اثيوبيا تحاول اقامة واقع ديموغرافي جديد في الاراضي التي التي تسيطر عليها، بغية الادعاء غدا بان تلك الاراضي اثيوبية بدليل ان سكانها اثيوبيون، ولقد قدمت له مفوضية ترسيم الحدود وبعثة الامم المتحد في اريتريا واثيوبيا تقارير موثقة بهذا الشان، ولكنه لم يحرك ساكنا لأسباب غدت موضع تساؤلات محيرة ومربكة في نفس الوقت لغير مراقب.

5ـ عدم انسحاب الوحدات العسكرية الاثيوبية من الاراضي الاريترية أحال دون عودة نحو 63 آلف لاجئ اريتري إلى ديارهم، وهذه المأساة الإنسانية مستمرة تحت مرأى ومسمع الآمين العام للأمم المتحدة، ولم يتطرق اليها سواء من بعيد أو قريب، وكأنها لا تشكل وسمة عار على جبين الأمم المتحدة وامينها العام.

مجلس الآمن يواصل مناشداته العقيمة لأثيوبيا

لقد اضحى منذ ثلاث سنوات من مسؤولية مجلس الامن الدولي انهاء عملية السلام الاريترية ـ الاثيوبية وذلك لعاملين محوريين وهما:

1 ـ ان اولى مهام مجلس الامن هى " المحافظة على السلام والامن الدوليين وفقا لمباديء الامم المتحدة ومقاصدها " بناء على ما تنص وتحدد المادة الاولى من ميثاق منظمة الامم المتحدة فيما يخص سلطات وصلاحيات مجلس الامن.

2 ـ بموجب المادة 14 الفقرة [أ] من اتفاقية " وقف الاعمال العدائية " بين اريتريا واثيوبيا الموقعة في الجزائر في 18 يونيو 2000، فان مجلس الامن الدولي يملك صلاحية اتخاذ كل الاجراءات الضرورية [ من دبلوماسية وسياسية واقتصادية وعسكرية ] حيال الطرف الذي لا يلتزم باتفاقية الجزائر الناصة في المادة 4 البند 15 بان قرار مفوضية الترسيم " نهائي وملزم ".

ويذكر لدى رفض اثيوبيا رسميا قرار مفوضية ترسيم الحدود في 19 سبتمبر 2003 ، بعث رئيس مجلس الامن انذاك رسالة الى رئيس Emyr Jones Parry اميير جونس بيري
وزراء اثيوبيا ملس زيناوي بتاريخ 1 اكتوبر 2003، اعرب فيها عن:

1 ـ أسف اعضاء مجلس الامن الشديد لعدم قبول اثيوبيا لمجمل قرار مفوضية ترسيم الحدود الخاص بتعيين وترسيم الحدود بين البلدين.

2 ـ تأكيد مجلس الامن بان قرار مفوضية ترسيم الحدود اتخذ طبقا للإطار القانوني الذي حددته اتفاقيتي الجزائر.

3 ـ تذكير اثيوبيا بان قرار مفوضية ترسيم الحدود نهائي وملزم.

4 ـ اعتبار استمرارية تأجيل تنفيذ عملية ترسيم الحدود موقفا مناقضا لنص وروح اتفاقيتي الجزائر.
والآمر المدهش حقا هو ان مجلس الامن الدولي ومنذ عامين يكرر مناشداته للحكومة الاثيوبية لقبول قرار مفوضية ترسيم الحدود النهائي والملزم من دون شروط مسبقة. وان قرار مجلس الامن رقم 1622 بشان اريتريا واثيوبيا والصادر في 13 سبتمبر 2005 لا يشذ عن تلك القاعدة العقيمة، برغم من إن الهدوء أو إن شئت فقل الجمود السائد الآن بين البلدين ينذر بانفجار عاصفة كاسحة دموية ومدمرة لم تشهد المنطقة نظيرا لها.
بايجاز شديد المطلوب من مجلس الامن الدولي هو الكف عن سياسة مناشدة حكام اثيوبيا للامتثال لقرار مفوضية ترسيم الحدود و فرض قرار مفوضية ترسيم الحدود كاملا على اثيوبيا بمقتضي الصلاحيات التي اعطته اياها اتفاقيتي الجزائر عبر كل السبل المنصوص عليها في الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وان العزف على الاسطوانة المشروخة لا يؤدي الا الى تصعيد عملية تأزيم الموقف بين البلدين بلوغا نقطة اللاعودة ووقوع الواقعة.
علما ان دولة اريتريا تحتفظ بحق الدفاع عن النفس وبحق تحرير اراضيها المحتلة، وذلك بموجب المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: هل سيعيد تاريخ اريتريا مع الامم المتحدة واثيوبيا ذاته ام ان الاحداث التاريخية ستاخذ منحى اخرا، هذا ما ستكشف عنه النقاب الايام المقبلة.


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved