تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

جدارية العار..!! بقلم توفيق الحاج

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
26/11/2005 5:34 ص

توفيق الحاج

شاهدت مؤخرا في قناة فضائيةجادة فيلما وثائقيا يتحدث فيه شاعر وممثل وروائية عن
جراح انسانية متقيحة في نفوس سحقت عمدا ومع سبق الاصرار والترصد داخل سجن عربي
..في بلد عربي ..في زمن عربي..!!

لم أشعر من قبل بمثل هذا الحزن والرغبة الشديدة في البكاء..دمعتان تحجرتا
وتوقف الاحساس بكل شىء..بأي شىء وأنا أتابع تجربة الشاعر عدنان مقداد من خلال
صوته المتهدج..حركات عينيه..تلاحق انفاسه..بقايا الانسحاق المتيبس على قسمات
وجهه..حبيبات العرق المنزلقة فوق كلماته الخافتة..
كان يخبئ تحت رأسه ورقة وربع قلم أو عود كبريت محترق ليظل حيا متشبثا ببرق
القصيدة و تفاحة الكتابة.
ووصل بي الى قمة الاختناق وهو يروي أخر لقاء مع ابيه وهو يوصيه بالا يوقع
لسجانيه وبعد عمر تبخر ببطء في عتمة الزنازين الرطبة يكتشف الشاعر مع صراخ
عمته أمام قبر والده "عدنان طلع يامحمد"كم كان الاب ينتظر هذه اللحظة ..ولكن
بعد فوات الاوان

ولم أكد أفيق من غيبوبة الصورة حتى عاجلني الممثل عبد الحكيم قطيفان بتكامل
الانسحاق البشري أمام الجبروت حين تمنى ان يكون "ذبابة " لكي يستطيع الخروج من
الزنزانة لدقائق لاهربا وانما ليحط على صينية بقلاوة ويرشف منها ولو قطرة واحدة
فقد تملكه اشتهاء طعم الحلوى وكم كان احتفاله مؤثرا بقطعتين منها وكأنه يتأمل
الزغب الابيض في وجه حبيبته التى تماهى طيفها مع النور خارج الزنزانة .

أما الروائية حسيبة عبد الرحمن فقد كانت من وراء سحب دخان سيجارتهاأكثر نتوء و
قهرا حين اكتشفت أن السجن أغتصب عمرها واحلامها وحول ما بداخلها الى تجاعيد
جافة قاسية وكانت صراحتها كافية لتعرية وجوه سجانيها
والتأكيد على اننا لم نبتعد كثيرا عن شهوات الحجاج وخوازيق قراقوش وتنور الموت
المتوارث عن الخلفاء والامراء بل صار حكامنا أكثر منهجية وحداثة..!!

التعذيب الذي نعيش ليس غريبا من الامريكان أو الاسرائيليين ولكنه أشد وقعا
وسحقا حين يكون عريبا خالصا في الاقبية والسراديب التي تحمل تاريخا وتحفظ قصصا
وصرخات يشيب لها الولدان من أبرياء حملوا فكرة مختلفة أوحلما طازجا لايروق
لحاكم .
واستطيع القول بنفس مطمئنة ان أول من جاء من البشر بفكرة السجن جاء قبلها
بفكرة القتل لانهما من معين واحد والفرق بينهما في سرعة التنفيذ
والقاتل والسجان كلاهما لم ولن بستطيعا قتل الفكرة وانما يستطيعان ربما تدمير
جسد ..!!

أستطيع القول أيضا أنه يجب ألا نستغرب مانعانيه من قهر الآخرين ونحن نستمرئه
ونتلذذ به بين ظهرانينا
فمن أعمالكم سلط عليكم "


أحبائي عدنان..عبد الحكيم..حسيبة
أعتذر لكم ولكل سجناء الحرية العرب باسم أمة مقهورة عن معاناة لا تنتهي..وعن
عار لايمحى وحسبنا الله ونعم الوكيل

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved