تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

صمٌ بكمٌ عميٌ بقلم علي يس الكنزي -جنيف سويسرا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
22/11/2005 6:20 ص


إنسان العالم الثالث الذي أتيحت له فرصة العيش والحياة في بلاد الغرب، كثيراً ما يعقد المقارنة الخاسرة بين ما يجري في البلاد التي جاء منها، وتلك التي قدم إليها. فلا يجد قاسم مشترك واحد يجمع بينهما إلا هويته الممزقة بين جذوره وتطلعاته.
في هذا الصدد، هل يجوز لنا أن نقارن بين الأحداث التي وقعت في فرنسا أخيراً، وتلك التي مرت ويمر بها السودان، وكيفية التعاطي معها هنا وهناك، من قبل الدولة والأجهزة السياسية والإعلامية والجمهور. وحديثي سيقف عند الحدث، ولن يتجاوزه للغور في المشكلة وأبعادها.
صاحب بداية الأحداث التي اندلعت في أطراف مدينة باريس حضور مكثف ومتواصل للإعلام الرسمي والخاص، والعالمي، يرصد كل صغيرة وكبيرة، ويتابع كل شاردة وواردة، ويسجل الوقائع ساعة بساعة. ثم يترك مساحات ونوافذ مشرعة، لكل أصحاب الرأي "من تسبب في الحدث، ومن تضرر منه، ومن يسعى لإخماده حتى تعود لباريس سلامتها وأمنها الاجتماعي". والكل يدلي بدلوه، دون عتيد أو رقيب. فلا خوف ولا وجل من الرأي والرأي الآخر.
عندما تطورت الأحداث في الأيام اللاحقة، وانتقلت العدوى لمدن أخرى، تدخل رئيس الوزراء ثم من بعده رئيس الجمهورية وقالا في أسف وحزن: "أن هذه الأحداث كلفت فرنسا أربعة أنفس كان يمكن ادخارها". وأقرا في شجاعة ووضوح لا يشوبه لبس أو غموض: "أن لهؤلاء الشباب قضية، وإن لهؤلاء الشباب مطالب عادلة، فهم لم يحظوا بالتعليم الذي يتطلعون إليه، والسكن الذي يليق بهم، كما أنهم لم يجدوا فرصة العمل الذي يستحقونه مثل كل الفرنسيين، وعلى الدولة أن تسارع بمعالجة هذا الوضع المتردي الذي أغفلته سنين عددا". وتقدمت الحكومة بحلول عاجلة، وأخرى آجلة.
أنظر يا رعاك الله ماذا جرى ويجري عندنا، فسيرتد إليك البصر خاسئاً وهو حسير. فقد عاشت بلادنا ومازالت تعيش حروب وثورات مستضعفين كلفتنا الكثير من الأنفس والثمرات. ورغم ذلك فالحوار غائب ومفقود؟ فمن يتحدث لمن؟ وعن ماذا؟ فإن أراد إنسان بلادي أن يعرف ما يجري في دارفور، فليس له من بد إلا اللجوء للإعلام الخارجي. وإذا هم بنقاش قضية تتعلق بمستقبل بلاده ووحدة ترابه، فعليه أن يذهب خارج المليون ميل مربع، شرقاً أو غرباً، لأن الحوار داخل الوطن مفقود مفقود يا بلدي. وإن أتيح، فمن يتصدى له في تجرد وحيدة ونكران ذات؟
الإعلام بكل روافده، يسجل غياباً تاماً لما يجري في الشرق والغرب، كما سجله من قبل في الجنوب. دع عنك أحداث الاثنين الأسود التي وقعت على مرمى حجر منه، فتغطيته لها لم تكن موازية لتوقعات المواطن ومستحق الحدث. أما الحوار الجاد فهو منسي في الساحة الإعلامية والسياسية والاجتماعية، علماً بأن وحدة تراب الوطن في مهب الريح، ويوم عاصف سيكون الحظ الأوفى والقدح المعلى فيه لدولة الجنوب. فبرغم هذا التهديد الجاد والصريح لوحدة البلاد، تجدنا لا نحرك ساكناً، ولا ندير حواراً يطرح سؤالاً مباشراً وبسيط: لماذا الوحدة ولماذا الانفصال؟ وكيف؟ فنحن إما متغافلون أو غافلون وإن شئت فقل: "مستغفلون"، تأخذنا العزة بالإثم في أن نقر: "بأن المياه الساكنة والراكنة، تجلب البلاء والوباء".
أما حكومتنا الرشيدة، فلا ترينا إلا ما ترى، فهي لا تريد أن تسمع منا بأن لنا مطالب وأن لنا مظلمة وأن لنا قضية، تستحق الحوار والتفاكر والتشاور، إلا إذا نجحنا في تدوينها ضمن أجنده الكونغرس، أو مجلس الأمن، أو حقوق الإنسان؟
يا أنتم ويا نحن ويا هؤلاء ويا اؤلئك، اسمحوا للمياه الراكنة الراكدة أن تنساب وتجري حتى نسمع خريرها، وتعود لمياه بلادي عذوبتها وحلاوتها، وتصبح صالحة لإنسانه وزرعه وضرعه. فبالحرية وحدها تصح وتستقيم بيئة إنسان السودان، الذي ولد على الفطرة، حر أبيز
أليس في تراثنا من قال: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحراراً ؟"
علي يس الكنزي
جنيف سويسرا

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved