تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين إستشهاد البطل عمر المختار وإغتيال المخرج مصطفى العقاد مرت مياه كثيرة تحت الجسر بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
21/11/2005 7:43 ص

محمد يوسف حسن
[email protected]


كانت نهاية المجاهد عمر المختار مشحونة بالبطولة والرجولة والرمزية.. بطولة ظل يقاتل فيها الجيش الإيطالى، الذى غزا بلاده ليبيا فاستباح أرضها ونسائها، لعشرين عاما دون هوادة وينقض على الجيوش المدججة بأحدث السلاح من بين شعاب الجبال وفى الصحراء العارية، وبرجولة ما عرفت تبديل القول والهدف حتى وهو مقيد بالسلاسل ويواجه فى محكمة صورية عقوبة الشنق، وبرمزية الزغاريد التى ودعته بها نساء ليبيا الحراير وكأنهن يردن أن يقلن للمستعمر البغيض أن عمر المختار لن يموت بحبل مشنقة لأنه ثورة والثورة لا تموت بموت أحد رموزها لأنها مثل النار تبدأ بثقاب من الكبريت ولكنها لا تموت بإحتراقه بل يزيدها إحتراقه إشتعالا وتأججا كما أن نفوس الأفراد تهون فى سبيل الدفاع عن الوطن. والمجاهد المختار سلم مصحفه لطفل إستشهد والده فى حروب المقاومة ضد الغزو الإيطالى وهو ما يمكن تسميته بتحصين أو تثوير الأجيال. هكذا صعدت روح المجاهد عمر المختار إلى بارئها فى العام 1931 بعد أن أمضت عشرين عاما فى الجهاد ومقاومة الإستعمار حتى لف الغازى الغشيم حبل المشنقة حول عنقه كما إغتالت جيوش الغزوالإنجليزى الخليفة عبدالله التعايشى قائد دولة المهدية وهو فى فروة صلاته لم يغادر جنوده ومجاهديه. ومنذ ذاك الموت المقدس للبطل عمر المختار إلى إستشهاد المخرج السينمائى العالمى الشهرة والسورى الأصل مصطفى العقاد، فى التفجيرات التى هزت الأردن الشقيق خلال الأيام الماضية ، الذى إرتقى بالفيلم التاريخى العربى الإسلامى إلى مصاف العالمية حيث قدم فيه صفحات من تاريخنا الناصع إلى الشعوب الغربية التى لم نكن فى ذاكرتها غير شعب همجى متخلف ومتعطش للدماء. هكذا راح المجاهد عمر المختار بفعل الغطرسة والهيمنة الاستعمارية التى إستهدفت بلاد العرب والمسلمين كما راح مخرج فيلم المختار ومن قبله فيلم الرسالة ومن بعدهما فيلم صلاح الدين الأيوبى، راح ضحية الأعمال العمياء التى إستهدفت ضمن من إستهدفت أرواحا برئية بل ومبدعة فى مقام المنتج والمخرج العالمى مصطفى العقاد. وهذه الأحداث المتكررة التى تستهدف من وقت لآخر مدنيين وأبرياء هى وليدة السياسات الأجنبية فى ثوبها الإستعمارى الجديد التى ترزئ بها البلاد العربية والإسلامية مما ولد حالة من الإحباط وسط بعض الشباب ودفع بعضهم للتعبير عن رفضهم للواقع المرير بصور غير متعقلة تمثلت فى التفجيرات العشوائية التى تلحق الضرر بالعدو والصليح أو تبلغ حد تفجير النفس وهى أغلى ما يملك الإنسان. وما بين شنق المختار وإغتيال العقاد ترقد سياسات الإستهداف الأجنبية لعالمنا العربى والإسلامى لتمزق أرضه وتطارد إنسانه وتسفه قيمه. إستهدف الإستعمار الغربى وحلفائه البلاد العربية ضمن بلاد أخرى منذ نهايات القرن قبل الماضى وقد خرج من بلاد كثيرة إلا أنه بقى فى بعض بلادنا العربية كما هو حال الاستعمار الاسبانى الذى ظل جاثما حتى الآن على مدن فى شمال المغرب هى سبتة ومليلة والإحتلال الإسرائيلى لأرض فلسطين ولهضبة الجولان فى سوريا ولأجزاء من جنوب لبنان أو إستعمار الألفية الجديد الذى إحتل عبره الحلفاء بلاد العراق.

بين الحدثين شهد عالمنا العربى الكثير من حالات التمزيق والتشويه والتخويف. فالفارس عمر المختار لم يتمكن العدو من القبض عليه إلا بعد أن نصب الإيطاليون حينها سياجا من السلك الشائك إمتد من البحر فى شمال ليبيا إلى أقصاها جنوبا لكى يوقف حركة عمر المختار ورفاقه المجاهدين ويقطع عليه خط الإمداد والمؤن التى كان يتلقاها من مصر. واستخدم الغزاة الإيطاليون كذلك سياسة الأرض المحروقة وقاموا بسبى النساء وإعتقال الشباب وقتل الناس عشوائيا لترهيبهم وترويعهم وها هى إسرائيل تستنسخ من جينات الإستعمار القديم ممارساته لتقوم بأعمال التقتيل والترهيب والحرق والتدمير ثم تشيد السور العنصرى لتشق به أرض فلسطين تضم بموجبه أراض جديدة وتحاول أن تصد به حركات المقاومة والتحرير. وقد شهدنا منذ بداية التسعينات ومع تقدم التقنية سورا جويا قسمت به أمريكا وإنجلترا، فى عمل منفرد، العراق إلى مناطق حظر جوى إمتد شمال بغداد وجنوبها. لقد إغتال الإستعمار القديم عمر المختار الكهل إبن الثالثة والسبعين عاما واغتال الإستعمار الجديد الشيخ الكهل المقعد المجاهد أحمد يسين وهو يخرج من المسجد بعد صلاة الفجر. لقد إغتال شارون الرئيس الراحل ياسر عرفات حينما حبسه لأكثر من عامين فى مبنى واحد لم يسمح له بمغادرته حتى للعلاج وظل المبنى الرئاسى يتعرض لشبح الغزو والإقتحام من وقت لآخر تحت مزاعم وجود عناصر فلسطينية شاركت فى أعمال مقاومة ضد إسرائيل والعالم المتحضر يتفرج ولا يحرك ساكنا. الرئيس الفلسطينى تعتل صحته وإسرائيل تهدد بإغتياله والعالم المتحضر لا يمل المشهد. يرجح بعض رجال عرفات أن زعميهم قد تعرض لتسمم دسته له إسرائيل فتتدهور صحته سريعا وينقل إلى فرنسا وما هى حتى أيام قلائل حتى يفقد وعيه ثم يفارق الحياة فى ظروف غامضة نعرف بداياتها بسبب سجنه داخل مكتبه بواسطة المحتل ولم يطلعنا أحد بحقيقة نهاياتها، كأن من كانوا يتفرجون كانوا يرجون يوم رحيله لأن أحد من هؤلاء لم يدين إسرائيل أو يطالب بلجنة تحقيق دولية تحقق مع شارون وجنرالاته، كما هى تفعل اليوم مع الأسد، لمعرفة أسباب موت رئيس دولة وزعيم شعب تاريخى ظل يقاتل ويفاوض ويبرم الإتفاق لتحرير شعبه وإعادة أرضه ولكن الوعود والعهود التى أبرمها مع إسرائيل فى أوسلو رمت بها إسرائيل فى مذبلة التاريخ دون أن يقرعها أحد الشهود بما يحصل فراحت إتفاقية أوسلو دون ذكر ولحقتها إتفاقية شرم الشيخ كما هو الحال لموت القيادة التاريخية الفلسطينية التى لم يكلف راعو السلام أنفسهم عن السؤال عن أسباب رحيل الرئيس ياسر عرفات. لقد فقدت الجزائر مليون شهيدا وهى تدحر الإستعمار الفرنسى كما فقد السودان مئات الآلاف من جنود المهدية الذين حصدتهم الأسلحة الفتاكة الشريرة للجيوش الغازية الإنجليزية فى كررى وأم دبيكرات.. ما قدمنا لنا العالم المتحضر إعتذارا عن فعلته ولم يقدم تعويضا رمزيا معنويا أوماديا كما قدمها لشعوب أخرى، ولم ينصب لقتلانا نصبا تذكاريا فى بلاده ولم ينظم ذكرى سنوية لإدانة هذه الأفعال الشنيعة المنافية للإنسانية كما ظل يفعل اليوم فى ذكرى محرقة اليهود أو حروب الإبادة الجماعية التى نسبها لآخرين ولكنه ظل فى المقابل يطالب بالتعويضات الطائلة لبعض رعاياه الذين يدعى أن بعض رعايا الدول العربيةقاموا بالتسبب فى قتلهم .. كم يظنون هى قيمة أرواحهم وكم يقدرون قيمة أرواحنا؟!! ظلت عقيدة الاسلام كذلك تتعرض لهجوم وتسفيه من كثير من السياسيين والقياديين والصحفيين ورجال الدين فى بلاد الغرب ولم نسمع بأن أحدهم قد تم مساءلته أو فقد منصبه لأنه أساء لعقيدة أكثر من مليار مسلم، ينتمى إليها بعض مواطنيهم، بل ظل من يعتدى على عقيدة الاسلام يجد الترحيب وتفتح له أبواب قصور الرؤساء وتشرع له القوانين لحمايته ويدافع عنه كما يدافع عن كبار رجال الإستخبارات النافذين وما صاحب آيات شيطانية ببعيد ورفيقة دربه تسنيم. وبالأمس القريب قامت جماعة دنماركية برسم صور مسيئة لنبيينا محمد، عليه وعلى جميع الرسل والنبيين أفضل الصلاة وأتم التسليم، توصفه فيه هذه المنظمة بأشنع العبارات وتنعته بأوضع النعوت وقامت إحدى الصحف الدنماركية الكبيرة بنشرها. وحينما إحتج المسلمون لدى السلطات الدنماركية رد عليهم المسؤولون أن بلادهم بلاد ديمقراطية وأن هذه الأفعال يسمح بها القانون فى إطار حرية التعبير ولا يمكن التدخل من قبل السلطات فى منعها، أى حوار هذا وأى تبرير ذاك!! ولكننا نتساءل أحقا سيكون هذا الرد صالحا لو تهجم أحد المنسوبين إلى الاسلام ،لا سمح الله، على الديانة المسيحية أو اليهودية أو حتى طائفة أخرى خارجة على الإسلام كالبهائية مثلا؟ إن الذى لا يعيه الغرب، أو ربما يعيه ويقصده، أن يستفز المسلمين ويظل يفعل حتى ولد بينهم حالة يأس فى أدت إلى ظهور حركات إحتجاج تظن أن ردة فعلها يكافئ ما يصدر ضد دينها ومعتقدها ولكن العالم الغربى يظل يطارد بردود الأفعال العالم الاسلامى كله ويطارد بها الجماعات الاسلامية والجمعيات الخيرية الإسلامية والأموال الاسلامية والأحزاب السياسية الإسلامية كما يطارد السبع فريسته من الغزلان دون أن يسأل نفسه: ماذا فعلت لهم حتى يفعلوا الذى فعلوه قبل أن يحدثنا عن ضرورة إحترام التعددية الثقافية والدينية والعرقية وإجراء الإصلاح فى العالم العربى الخ...،،،،

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved