تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

المرض الهولندي: بوادر داء عضال جديد يصيب الاقتصاد السوداني بقلم عبدالمحمود محمد عبدالرحمن-الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
21/11/2005 7:34 ص

• هنالك ظاهرة اقتصادية تسمى بالمرض الهولندي The Dutch Disease بحكم أنها لوحظت وأثبتت تطبيقياً في حالة هولندا حين اكتشاف الغاز الطبيعي في مناطق بحر الشمال التابعة لها كما تكررت الظاهرة في الدول النفطية الأخرى ومنها الدول الخليجية.
• تتلخص الظاهرة التي تصيب الاقتصاديات الريعية ـ أي التي تعتمد على مورد طبيعي ـ فيما يلي:
o مع اكتشاف مورد طبيعي جديد (النفط، الغاز الطبيعي، الذهب) تتزايد الإيرادات من ذلك المورد وتطغى على هيكل الصادرات
o تتزايد قيمة العملة المحلية ويتحسن سعر صرفها نتيجة لارتفاع العوائد من العملات الأجنبية بسبب زيادة صادرات المورد المكتشف
o في حال التحكم في سعر صرف العملة المحلية تؤدي زيادة العملات الأجنبية إلى توسع القاعدة النقدية في الاقتصاد المحلي عبر تحويل العملات الأجنبية لعملة محلية مما ينجم عنه ارتفاع الأسعار المحلية ـ التضخم ـ ومن ثم ارتفاع سعر الصرف الحقيقي للعملة المحلية.
o يتبع ذلك أن تتراجع الصادرات التقليدية وكذلك عائداتها بسبب فقدانها التنافسية الناجم عن ارتفاع سعر صرف العملة المحلية وتتأثر القطاعات التقليدية في الاقتصاد (الزراعة، الثروة الحيوانية، الصناعة) سلباً بسبب تدني صادراتها بينما تتوسع قطاعات الخدمات والبناء والتشييد وكذلك القطاع النفطي.
o من الناحية الأخرى تصبح الواردات أرخص ويتزايد الطلب عليها
o يحجم الكثير من المستثمرين الأجانب عن القيام باستثماراتهم في البلاد لتراجع العائد منها مقوماً بالعملة الأجنبية كما تنزح العملة الأجنبية الموجودة في البلاد عبر التحويلات للخارج هرباً من المزيد من تدني قيمتها مقابل العملة الوطنية
o يتأثر الاقتصاد ككل سلباً بسبب تراجع الصادرات التقليدية وفقدانها للتنافسية وارتفاع مستوى الواردات وتحجيم الاستثمار ويتراجع معدل النمو فيه كما تتراجع القيمة الحقيقية للأجور والدخول ـ أي قوتها الشرائية ـ بسبب تسارع التضخم.
o تتزايد البطالة الهيكلية الناجمة عن التغير القطاعي في الهيكل الإنتاجي للاقتصاد وتحوله من اقتصاد زراعي ـ صناعي يستوعب أعدادا كبيرة من العاملين لاقتصاد خدمي ـ نفطي قليل الاستيعاب
• هذا ما ظهرت بوادره حالياً في الاقتصاد السوداني مع ارتفاع سعر صرف الدينار السوداني بصورة حادة وسريعة من 265 دينارا مقابل الدولار قبل أربعة أشهر فقط إلى 233 دينارا فقط الآن.
• تراجعت عائدات الصادرات التقليدية نسبياً وبالقيمة المطلقة تبعاً للإحصائيات الرسمية ووفقاً لما أدلى به المسئولين في ظل هيمنة النفط على هيكل الصادرات السودانية الآن.
• من ناحية أخرى تبدو السلطات الاقتصادية سعيدة بذلك الوضع بل أنها أكدت بأن بنك السودان يشرف على سياسة إعادة تقييم العملة السودانية بدعوى أن قيمتها السابقة لم تكن حقيقية. ويبدو أن السلطات تقدم اعتبارات سياسية ونفسية قصيرة النظر على الاعتبارات الاقتصادية الخالصة ومن ذلك الزعم بأن السياسات الاقتصادية الناجحة التي اتبعتها الدولة قد قادت إلى تحسين سعر صرف الدينار السوداني وتعزيز قوته مع العلم أن التحسن قد حدث بسبب العائد الريعي من المورد الطبيعي وليس كنتيجة للسياسات الاقتصادية المتبعة وكذلك للتخلص من الاتهام الموجه دائماً للحكومة بالتسبب في انهيار قوة الجنيه السوداني في فترات سابقة.
• تضررت قطاعات واسعة من هذه السياسة الاعتباطية منها قطاعات المصدرين والمغتربين وكذلك الذين يتلقون دخولهم بالعملات الأجنبية وجأر المصدرون بالشكوى كما بدأت بوادر التململ من قبل قطاعات المغتربين الذين أضيروا بسبب تدني العائد من مدخراتهم المحولة للسودان وبسبب الخسائر الكبيرة التي أصابت البعض ممن يحتفظ بمدخراته في صورة عملة أجنبية داخل وخارج البلاد وكذلك بسبب تراجع قيم تحويلاتهم لذويهم بالعملة المحلية في ظل ارتفاع الأسعار المحلية مما يعني تراجع المستوى المعيشي لأسرهم بالسودان واضطرارهم للتعويض عن ذلك بالمزيد من التحويلات بما يلقي بأعباء إضافية على كاهلهم المثقل أصلا.
• إن المهم اقتصادياً في هذا الإطار هو الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة وليس التسبب في ارتفاع سعر الصرف بالصورة الحادة والسريعة التي حدث بها مؤخراً أو انهياره بالصورة الحادة والسريعة التي حدث بها في منتصف التسعينات. وفي الحالتين كان المستهدف قطاعات معينة في الاقتصاد. الانهيار السابق أدى إلى تسارع التضخم والتضخم ضريبة دفع ثمنها الفادح المواطن المقيم بالسودان والارتفاع الحالي يدفع ضريبته كذلك قطاعات المغتربين أو من لهم صلة بالقطاع الخارجي في الاقتصاد (المصدرين).
• يعزز ذلك من النظرة السائدة للدولة السودانية على أنها تعكس سمات ما اصطلح بتسميته في أدبيات الاقتصاد السياسي بالدولة الضارية Predatory State وهي الدولة التي تعيش على الجباية من قطاعات مختلفة واسعة من مواطنيها لمصلحة قطاعات أضيق تلتصق بهيكل الدولة وتعتاش عليه.
• قد يكون الارتفاع المشاهد في الإيرادات النفطية المسبب بارتفاع سعر النفط طارئاً بما يتسبب مستقبلاً في المزيد من الاختلالات والنتائج السلبية على الاقتصاد السوداني.
• حتى إذا كان الارتفاع في الإيرادات النفطية دائماً ـ أو مستمراً لفترة طويلة ـ فإن إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني وتحويله إلى اقتصاد ريعي فقط بتدهور القطاعات المنتجة التقليدية فيه سيربك التركيبة القطاعية للاقتصاد في اتجاه سالب ويدني من درجة تنوع الاقتصاد قطاعياً؛ هذا في الوقت الذي تتحرك فيه كافة الدول نحو تحقيق المزيد من التنوع القطاعي في الهياكل الإنتاجية لاقتصادياتها الوطنية.


للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved