بعد ان استعرت طريقة العقل البارد في التفكير وتخليت عن رموستات الغضب والتخوين
وجدت ان الامر طبيعي جدا في زمن غير طبيعي تحكمه الضغوط والمصالح وقوانين
العولمة . وتونس ليست أول من خرج ومن ساوم ومن باع فكل القبائل العربية في
الهوا سوا وقد فرطت السبحة منذ عهد الخليفة الكامل انور السادات رحمه الله.

ان الدول العربية ومعظم الاسلامية ترزح تحت احتلال اقتصادي أمريكي ضاغط وشفاف
يحس بشدة كتيار من هواء الصقيع أو كحرارة تصل الى درجة الانصهار تذيب كل إرادة
وبالتالى فان هذا الاحتلال أخطر وابشع من غيره فلا مجال فيه حتى للمقاومة وان
حدث فالدولة االتي تجروء..يحكم عليها فورا بتهمة رعاية الارهاب ومن ثم الحصار
والعقوبات وحزمة صارمة وجاهزة من قرارات مجلس الامن..!!

ومع ذلك تصرخ عفوا بقية من الاطلال العروبية بداخلى

يا لتونس الخضراء.. المنفى اللذيذ الذي احتضن منظمة التحرير بعد خلع انيابها
-بإرادة امريكية وعربية –فتحولت الى قط وديع يهر على البساط الاحمر في كل
مناسبة .

لقد أحسنت تونس الضيافة وكانت في قمة الكرم مع رموز الثورة الغائبة الى درجة ان
بعضهم نسي المقاومة في عز الصبايا والتكايا واستبدلها علنا وخفية بالمساومة..!!
ورغم ذلك لم تستطع تونس حماية رموز لم تعد تصلح للسيناريوهات المعدة فراح أبو
جهاد مهندس الانتفاضة وراح صلاح خلف و.. و..

لقد كانت تونس والمغرب دائما مجس الغرب لاستطلاع الحال في الشرق العربي وتليين
القناة نحو الاعتدال والعقلانية أتذكر بالمناسبة نظرية "نصف الرغيف " للرئيس
الراحل بورقيبة التى طرحها على عبد الناصر في الستينات أتذكر أيضا الملك الحسن
الثاني عراب الحل السلمي ودليل السادات الى بيغن وللمفارقة انه كان الامين
المستأمن على لجنة القدس..!!

ليس غمزا أو تخوينا لا سمح الله و إنما بحثا عن إجابة
لتساؤلات بسيطة ولكنها غاية في الأهمية
لماذا هاتان الدولتان بالذات لهما نصيب الاسد في كل مشاريع التسوية الناجحة
منها والفاشلة..؟!!
هل لتأثرهما بالعقلية الباردة للاحتلال والثقافة الفرنسية..؟!!
أم لبعدهما عن احتقانات الصراع وصهد الرماد في الشرق..؟!!

اني لا ألوم تونس أو غيرها ولن أقول لها ما قال القيصر فكل دولة تحرص على
وجودها ومصالحها في عالم يحترم القوة ويحتقر الضعيف ويقدم سياسة المصالح علىكل
شىء..وفي زمن تنتحر فيه المبادىء