تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الفاشر التي غدر بها التمرد تحتضن اجتماع توحيد فصائله ! بقلم آدم خاطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
20/11/2005 7:07 ص

الأحد 20/11/2005 م آدم خاطر
ليس مستغربا على الفاشر أبو زكريا التي عهد عنها بموقعها الجغرافي ودورها الطليعي كقلعة للنضال والتحرر الوطني ، وهى منارة السلاطين والملوك ومدرسة الإدارة الأهلية وحكمائها ، وهى الرائدة بسجلها في إرساء قيم التسامح والتعايش الديني و السلم المجتمعي بين طوائف مجتمعها على اختلاف سحناتهم وقبائلهم أن تحتضن اجتماع المصالحة بين فصيلى حركة تحرير دارفور جناحي مناوى وعبد الواحد في هذا الوقت وبعد هذه التبعات الجسام التي خلفها التمرد . هذه المدينة التي ظلت تعيش الأمن بنيران القرآن المتقدة فيها و الهدوء والطمأنينة بسمات أهلها وقاطنيها ، والاستقرار الدائم على قلة ما حظيت به من موارد وامكانات و على ما أصاب المنطقة من جفاف وتصحر وفتن دخيلة قوامها النهب المسلح وعصاباته وتجارة السلاح زمنا طويلا ، ذات المدينة الهادئة التي انقض عليها التمرد في رابعة النهار في مايو 2003 م وبدأ بها حريقه على دارفور الكبرى ، يوم أن عاثوا فيها الفساد فقتلوا إنسانها ، و روعوا مواطنيها ودمروا مطارها بطائراته وخربوا سوقها ومستشفاها وجامعتها ومعظم بنياتها التحتية التي فشلت الحكومات المتعاقبة في أن تجود عليها بمثلها أو ترسى لبنات بعضها ، ويومها كان واليها من أبناء دارفور وكان قبلها على رأس وزارة الدفاع الوطني ورغم اختيار القيادة السياسية وقتها لوال بهذه الخلفية لم يعصم ذلك هذه المدينة من شرور التمرد وأذنابه الذين آثروا أن يدشن الحريق على كامل ولايات دارفور من عاصمة شمال دارفور( الفاشر ) لما له من دلالات ومغازى سياسية على ثورتهم المزعومة وما سيكسبها من بريق وهالة إعلامية ودعم ومؤازرة دولية وإقليمية لمزيد من المتاجرة بإنسان دارفور وحقوقه وقضاياه المطلبية العادلة والمشروعة . وتمضى الأيام والسنوات ودارفور تعيش هذا الواقع المرير بفعال التمرد والمرارات التي أوجدها والأحزان التي غرسها ، والكآبة التي رسمها على شفاه الأطفال والنساء والشيوخ ، والتشويه الذي وصمها به من وحى الممارسات الشنيعة واللاانسانية التي لم تكن من طباع أهلها وسكانها ، وعلى ما أصاب أهلها من ظلم التمرد تبقى هي المدينة الراعية والمحتضنة لاجتماعات بعض فصائله يوم أن كسدت مقررات مؤتمر حسكنيتة ولم تصمد أياما ولم يجف مدادها بعد، فأهل الفتنة يطلبون التوحد وينشدونه من مدينة غرروا بها يوم استباحتها! .
كان مفهوما لكل مراقب أن مؤشرات مؤتمر حسكنيتة الذي ظلت تعد له وتدفع باتجاهه مجموعة مناوى مطلع هذا الشهر انه كان يهدف لإحداث انقلاب داخلي يأتي بمناوى على رئاسة الحركة دون حساب للنتائج الأخرى التي ستترتب عليه كانت ميدانيا أو على صعيد الاتفاقات التي أبرمت أو مسيرة التفاوض الماضية ومستقبلها وهى قد بلغت هذه الأشواط ، وعلى هذا النهج مضى دعاة المؤتمر لتكريس إرادتهم وإعادة إنتاج الأزمة في إقصاء عبد الواحد ومجموعته من سدة القيادة لاعتبارات وتقديرات خاصة بهم ، ولم يكن هنالك من مردود ذي بال أتى به مؤتمرهم لمعالجة مجمل الأوضاع بدارفور والمعاناة التي يعيشها إنسانها اثر تمردهم وما تبعه من اختلالات غير هذا الهدف القاصر . لذلك كانت واحدة من اكبر إنجازات هذا المؤتمر غير محسوب المآلات انه قد أسس عمليا لانقسام رئيسي في حركة تحرير دارفور وترك الباب مفتوحا للفصيلين كل يدعى الشرعية والرئاسة فهذا مؤتمر والذي أتى بعبد الواحد من سنوات كان هو الآخر مؤتمر ، ولم تفلح اى من الجهود التي بذلت لردم الهوة بينهما بعد أن اتضح عمق الأزمة التي يعيشونها فيما بينهم والخلافات التي تعصف بهم واستحالة إجراء اى مصالحة بين الفرقاء اللهم إلا إن كانت من اجل من التسوية الشكلية طالما بات كل طرف يدرك نوايا الآخر باتجاهه ولا يأمن جانبه منذ الخلاف الأول الذي نشب في مارس 2003م بين المجموعتين عقب لقائهما للراحل قرنق برمبيك وما لقياه من دعم وأسلحة وتدريب تبين في النهاية أن ذلك الدعم كان من أكثر المسائل إثارة للانقسام وسط الحركة، التي غيرت اسمها عقب ذلكم اللقاء من جبهة تحرير دارفور إلى جيش/حركة تحرير السودان بميثاق مستلهم من منفستو الحركة الشعبية وأيدلوجيتها. حيث توالت اللقاءات والمساعي الدولية والإقليمية لأجل جمع صفهم وإعادة لحمة هذه الحركة في اسمرا / فبراير 2005 وفى ابوجا يونيو/يوليو2005 وفى تشاد وليبيا ونيروبي مؤخرا وجميعها لم تستطع أن توحد الفصيلين ، رغم القناعة الدولية بان توحيد متمردي دارفور شرط اساسى لإنجاح مفاوضات السلام في دارفور وهذا ما خلص إليه التقرير المطول من 15 صفحة للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات الذي صدر في أكتوبر 2005 م .
قناعة توحيد فصائل التمرد أيضا هي قناعة أهل السودان جميعا ورغبة حكومية بالدرجة الأولى من واقع تجربتها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان وهى تجلس إليها بشأن اتفاق سلام الجنوب الشامل ، وهى كذلك محل اعتقاد كل مواطني دارفور الذين يتوقون لنعمة الآمن دعك عن التنمية والاعمار وإعادة ترميم ما دمرته الحرب ، بل هذه قناعة جوارها الاقليمى بدوله وامتداداته لما وقع من تهديد مباشر للأمن القومي لهذه الدول والحكومات والشعوب في الإقليم . وقد بذلت الحكومة جهودا مقدرة لكي تتوحد هذه الفصائل وتتحد رؤيتها إزاء الحل ويسهل إنجاز الملفات ولكن الارتباطات الداخلية لفصائل التمرد بأحزاب ومجموعات سودانية معارضة وكذا المصالح والتقاطعات الإقليمية والمطامع الدولية كانت كثيرا ما تجهز على اى مبادرة في هذا الخصوص . وعندما أيقنت الدولة أن لا سبيل لتوحيدهم من واقع انشطاراتهم والخلافات العميقة داخل هذه الحركات أفردت منبرا آخرا لمن ينقسم عن مجموعته ليس نكاية في ذلكم الفصيل بقدر حرصها على إيجاد تسوية ومعادلة مستدامة على اى نسق وكيف ، وقد عضت الحكومة دعوتها لتوحيدهم بمخاطبة الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة وكل الأشقاء ممن يستضيفون التمرد وقياداته بالعمل على حثهم للتوحد كسبا للوقت و تعميقا للحوار وصولا به لغاياته التي يستعصى تحقيقها في ظل هذا التشرزم والانقسام . والدولة تفعل ذلك لاعتقادها في قيمة السلام الذي قدمت لأجله التضحيات العظام من واقع مسئولياتها الوطنية والدستورية والأخلاقية ، لأنها قد حققت إنجازا وطنيا غير مسبوق بالتوقيع على اتفاقية السلام الشامل ليعم السلام كل ربوع الجنوب ، ولن يستكمل هذا الاستقرار وطرف عزيز آخر من أطراف الوطن تحصده الحرب وتأكله الفتن والنعرات . لذلك تسعى الدولة إلى جانب كافة الأطراف المهتمة بشان السلام في البلاد كانوا أولئك الذين يحرصون على حسن انفاذ تطبيق الاتفاقية وتقدمها بالنسبة للجنوب أو أولئك الذين يعملون لأجل أن يستقر السلام ويستدام بان يستكمل تحقيق الاتفاق مع الحركات المسلحة في دارفور والشرق ، ومن هنا جاء الترحيب بعقد اجتماع فصائل حركة تحرير دارفور بالفاشر وهو اكبر شهادة بان المجازر البشرية والابادة الجماعية إنما في صفوف التمرد ومن يقفون خلفه والا فكيف يقدم هؤلاء القادة رقابهم طواعية لدولة تفعل ذلك فيجتمعوا تحت حماية جيشها وقوات أمنها وشرطتها من تقوم بتامين اجتماعهم وتعمل لأجل وحدتهم دون يأس أو قنوط! !
الحكومة القائمة الآن في السودان بعد الضحايا والمكلومين بدارفور وأسرهم هي أكثر من تأذى بآلة وحملات التمرد وشوهت صورتها بما لم تشوهها حرب الجنوب ، واسبقت عليها العقوبات الدولية والتهم الجزاف ، وعطل اتفاق السلام الشامل وحبست أنفاسه وتعمل دوائر كثيرة لوأده بإرادة الدول والحكومات والمنظمات والكنائس نصرة لتمرد دارفور الذي خيب فأل الممولين الكثر من واقع خلافاتهم وانقساماتهم ، ومع ذلك تقبل القيادة السياسية للبلاد ورئاسة الولاية بالفاشر وحكومتها أن تحتضن مدينتهم التي غدر بها التمرد اجتماعات توحيد هذا الفصيل بعد أن فشلت مساعي المدن والعواصم الأجنبية بإغراءاتها التي يسيل لها اللعاب ، فاجتماعات الفاشر أقامت الدليل والحجة على دعاوى العزل والإقصاء والتهميش في اى جانب هي ؟ ، كما أكدت أنها لن تكون مقبرة جماعية لهؤلاء القتلة في حركات التمرد ولن تعمل حاضرة شمال دارفورعلى تطهيرهم عرقيا ، وأنها العاصمة الآمنة وستظل لعقد اى جولة وحوار إن كان يسعى لتضميد جراح أهل دارفور الغائرة ويحل ما نزل بهم من بلاء ، وقد أثبتت الدولة بهذه المبادرة بحكمة قيادتها السياسية وحكوماتها الولائية صدقيتها إزاء مطلوبات السلام في الرعاية وتهيئة أجوائه وقادة التمرد هم من جابوا الدول والعواصم ينادون بعزل الحكومة وخنقها والاحاطة بها دوليا . وان اى نتائج يأتي بها اى تفاوض خارجي محل تطبيقها هي ارض دارفور بمدنها وأريافها ووديانها وسهولها ومرتفعاتها ، ولن يجد التمرد إنسانا يسوسه ويحكمه غير إنسان هذه المناطق الذين هددت حياتهم وأقلقت مضاجعهم وتركهم التمرد نهبا للنزوات والمطامع يتسولون الدول والحكومات والمنظمات بعد أن كان اليقين والعفاف ديدنهم . فلتمضى قيادة الدولة وولاة دارفور في تلقين التمرد ومن يقفون إلى صفه الدرس بعد الآخر بمواصلة تعزيز هذا النهج التصالحى المتسامح والمتسامي على الذات طالما الغاية الكبرى هي السلام فتفوت الفرصة على أعداء الوطن ويتحقق السلام وتعم إرادته ويستوطن نهجه ويستدام مهما كابر الأعداء وراهن سماسرة الحرب ة و تجارها.

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved