تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

السطـــــو في رابعــــة النهار. بقلم أحمد عبدالواحد أحمد- طرابلـــس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
16/11/2005 9:05 م

السطـــــو في رابعــــة النهار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحمد عبدالواحد أحمد

[email protected]


لقد كان معرض طرابلس الدولي للكتاب في يونيو من هذا العام 2005م فرصة طيبة لزيارته واقتناء العديد من الكتب في شتى ضروب المعرفة وقد كنت في إحدى جولاتي به صحبة الزميل الدبلوماسي مرتضى حسن أبوعبيدة استوقفنا كتاب ذو عنوان معبر ولوحة غلاف جذابة واسمه "أنساب العرب".
وكعادتنا تصفحنا الكتاب قبل شرائه ويا لهول ما رأينا ...
الكتاب من الحجم المتوسط من 318 صفحة لمؤلفه سمير عبدالرزاق القطب صادر عن دار مكتبة الحياة سنة 2002م ولكن لم تذكر اسم المدينة أو جنسية المؤلف، وجدنا فصلاً كاملاً دس في وسط الكتاب من الصفحة 82 إلى الصفحة 120 نقل حرفياً من كتاب الأديب السوداني الكبير حسن نجيلة وياليت الكاتب استحى وغير عنوان الفصل او حوره، فبدلاً عن ذلك وضع عنوان أديبنا الراحل حسن نجيله ومؤلفه المشهور : "ذكرياتي في البادية" كما هو...
اشتعل الغضب فيَ اشتعالاً كبيراً وقررت أن أرد الاعتبار لأديبنا الراحل حسن نجيلة ببضاعة مزجاة وجهد متواضع فاتحاً الباب لمن هم اقدر مني علي الرد اللائق والمناسب، واستحضرت ساعتها ذاك المصري الذي سطا علي رائعة شرحبيل أحمد :"الليـل الهـادي" وغناها ووزعها واغتنى بها .. الكلمات نفسها واللحن نفسه ولما وجدت رواجاً واستحساناً وسئل عن كاتب كلماتها أدعى أنها من التراث الشعبي المصري، ولكن حبل الكذب قصير ففناننا الكبير لازال حياً يرزق وهو الكاتب والملحن والمغني.
وقد علمت ان الفنان شرحبيل عندما نقل له ذلك تجاهل الأمر ولم يعره اهتماماً، لكن ليته فعل لان سكوته من شأنه أن يدفع آخرين الي التمادي وسرقة تراثنا والتعدي علي تاريخنا.
ولنعد لـ "المؤلف" سمير عبدالرزاق القطب .. هذا الرجل الذي أعطاني وغيري الحق في الشك في صحة كل الكتاب وأي كتاب أو إصدارة أخرى له، لان من لا يتورع عن سرقة جهد الآخرين [علي عينك يا تاجر] دون وازع من دين أو ضمـير أو خلق لا يشجع أياً كان علي الوثوق في ما يكتب أو ينشر .. ولعمري أنها جرأة ما بعدها جرأة .. وإذا كان لهذا العبث أن يمر أو يسكت عنه في عهد السرقات والمساجلات والمناظرات الأدبية في الماضي، فلن يتم ذلك اليوم في وجود قوانين الملكية الفكرية التي حفظت للناس حقوقهم ووضعت حداً للتغول الفكري والأدبي فهذه مخاطرة يستحق عليها الحسد.
ونقول للكاتب [الهمام] أن قوانين بلده المنظمة لحقوق التأليف والنشر في مجال الملكية الفكرية كفيلة بأن تفقده سمعته وتحط من مكانته في الوسط الأدبي لو ان أحد أبناء العملاق نجيلة رفع دعوى ضده لاسيما أن أركان الجريمة مكتملة تماماً ولا تحتاج إلى كبير عناء.
ولعلك قارئي الكريم أصبحت في شوق للوقوف على الجريمة ومسرحها وفصولها واليك جانباً من ذلك:
من المعروف أن الراحل حسن نجيلة قد بدأ حياته معلماً بمنطقة سنجة في ثلاثينات القرن المنصرم ولم يمكث كثيراً حتى تم ترشيحه لمهمة تعليم أبناء ناظر الكبابيش وأهله وقد تم انتدابه لهذه المهمة لعدة مزايا وصفات توفرت فيه وأدركها بحسه الإداري المفتش الانجليزي مكلارين مفتش مركز سنجة..
ورجل بهذه الصفات والمؤهلات حرىُ به أن يسطر قلمه ويدون ببراعة مظاهر الحياة الجديدة والتجربة الفريدة لشاب في مقتبل عمره لديه كثير من أوقات الفراغ ومبررات الكتابة والتأليف.. لقد جاء وصفه لمظاهر الحياة والفترة الزمنية التي قضاها ببادية الكبابيش دقيقاً وأميناً وأعطى صورة واضحة عكست أنماط السلوك الاجتماعي والثقافي والحضاري لتلك القبيلة العريقة، فكان من المستحيل علي أي مقتبس او سمٌه سارقاً أن يضيف شيئاً علي ما كتبه الراحل نجيلة وتلك كانت أولى ورطات صاحبنا القطب.
جاء في صفحة 82 علي لسان سمير القطب وكمدخل لحديثه عن البادية التي عاش فيها بخياله فقط :"وبالمناسبة شاءت لي الظروف بحقبة هذا الزمن أن أقيم في بلد عربي ـ لم يسمه ـ علي رقعة أرض من وطننا العزيز هناك في الصحراء الممتدة". وأسهب في وصف الصحراء ورمالها ووصف الحياة في البادية مستلهماً ومجملاً ما ورد بكتاب "ذكريات في البادية" في عدة صفحات.
لكنه لم يصمد طويلاً فبدأ بالنقل الحرفي من صفحة 15 حيث نقل ما جاء في مقدمة الأستاذ حسن نجيله ما نصه :ـ
"ويقيني بأن هذه الحياة البدوية الرعوية أخذة في الانقراض، فالاتجاه السائد الآن أن يستقر البدو وأن تقام لهم المصانع التي تمكنهم من الاستفادة من ثروتهم الحيوانية من لحوم وألبان ووبر ولا بد ان يتم هذا علي نحو ما".

وحسن نجيلة بعد هذه الفقرة يقول انه زار بادية الكبابيش عام 1952م وحذف السيد قطب هذه الفقرة واسترسل في نقل نص أديبنا كما هو ليقول : "لان معالم حياتهم التي عرفتها آخذة في التغير وقد أطلت بوادر حياة مدنية جديدة ممثلة في هذه السيارات التي رأيتها أمام خيام ناظر القبيلة وبعض أهله"
وزاد من عنده :ـ
"الذين سبق وزرتهم في أول قدوم لي لأمكنة سكناهم ومضارب خيامهم"
أي كذب هذا وأي تلفيق وتزوير للحقائق !!!
وكما أسلفت فان كتاب سمير قطب من صفحة 82 إلى صفحة 120 عبارة عن صورة كربونية لكتاب حسن نجيلة فقد تقمص شخصيته ولعب دوره ونسب كل شئ لنفسه عدا ما يدل علي جغرافيا ومكان الحدث خشية أن يفتضح أمره، ولكن أقول له إن أي سوداني يقع هذا الكتاب في يده سيعرف للوهلة الأولى ومن السطر الأول ان هذا هو كتاب أديبنا الراحل دون كبير عناء لان النفس السوداني والخصوصية اللغوية والتميز واضح لا لبس فيه.
إذا سقنا نماذج مما أورده الكاتب أو قل نقله حرفياً يمكننا الجزم بأنه لم يفهم ما نقله لان هناك بعض الألفاظ والمسميات وأنماط الأدب الشعبي لا توجد الإ في السودان وكان حرياً به من باب الأمانة الأدبية وحفظ حقوق الآخرين ان يذكر المرجع أسوة بما أورده في نهاية الكتاب. ومن هذه النماذج الأمثال الشعبية، الأغاني، الأشعار،والمسميات والمصطلحات المحلية التي وان كانت ذات أصل عربي لاتوجد او تستخدم إلا في السودان.
ولان المقام لايسمح فاني أسوق شواهد ونماذج قليلة علي ما ذكرت حيث لا يتسع المجال للإحاطة الكاملة بما أورده الكاتب عسى ان يسهم ذلك في تبصيرنا بتراثنا وإنتاجنا والحفاظ عليه من ان يكون نهباً للعاطلين عن الموهبة والمقتاتين علي موائد غيرهم في التأليف والتحريف والنقل غير الأمين.
فمن المصطلحات السودانية البحتة أورد الكاتب مسميات محلية ومصطلحات مثل : الشملة، المريسة، المرارة، القلتة "وهذه فصيحة وتستخدم في السودان وموريتانيا"، عنقريب، الكبروس، الختاتة ـ أي العرافة التي تضرب الودع، الراوية، القرمصيص، اكل الكبدة النيئة، الحريرة والضريرة واليسر، السعن، الحجيل، الشبال، الكتر، حفرة الدخان، الفقيت .... الخ.
وغيرها كثير وهذا علي سبيل المثال لا الحصر ودونكم الكتاب لتقفوا علي حجم (الاستهبال) والاستغفال الذي اغتنى بسببه هذا الرجل، أما الأغاني الشعبية فقد نقلها كما هي بالنقطة والفاصلة والشروح والمصطلحات دون ان يستطيع إضافة او حذف شئ ويمكنكم الرجوع إلى كتابه من صفحة 94 ـ 98 تجد كتاب الأستاذ حسن نجيلة كما هو بدءاً من أول أغنية أوردها والتي مطلعها :ـ
نحن السنين الســود ما لينا فيها عــود

وانتهاءً بـ : يا طبيق الريحة الريدة ليك صحيحة

وقد لا يعلم الكثيرون منا ان ما نسبه هذا الرجل لقيبلة لم يسمها، يتغني به فنانون كثر في الإذاعة السودانية ومسجل منذ أمد بعيد علي انه تراث وكذلك لا زال بعضه يتردد في موطنه الأصلي ببوادي السودان.
والمؤلم حقاً جرأته في نسبة كل ذلك إليه في تباه وتعال، بل جرأة تصل لدرجة الوقاحة خاصة ما أورده في صفحة 98 بقوله :ـ
"لقد استطعت أن انقل إليك أيها القارئ بعض كلمات الأغنية البدوية وحاولت جاهداً أن أقرب معانيها إلى الأذهان وأنا أرويها".
وأنني علي يقين من انه نقل ما نقل دون ان يفهم ولو كلمة واحدة من مقاصد وكلمات هذه الأغاني ولكنه الافتئات والتغول و"البلطجة".
هذه إشارات فقط أردت بها أن الفت نظر القراء ليستزيدوا من الاطلاع علي تراثنا ويتعمقوا فيه ليحفظوه للأجيال القادمة ويحموه من أمثال سمير وغيره الذي خانته الأمانة الأدبية ان يتبع المنهج العلمي في مثل هذه الحالات وتوارى خلف مسميات واشارات عامة وخانته شجاعته في ان يذكر ولو اسم مكان واحد من مضارب تلك القبيلة العريقة التي عاش فيها حسن نجيلة وأنتج هذه الدرة الثمينة كسودري والحمره وغيرهما.




أحمد عبدالواحد أحمد
طرابلـــس

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved