مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

إذا كان لا بد من الملامة : فلوموا أنفسكم ألف مرة قبل لوم الحركة الشعبية لتحرير السودان بقلم بدر الدين أبو القاسم محمد-ليبيا/ طرابلس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/9/2005 6:39 ص

الشعبية لتحرير السودان
بقلم/ بدر الدين أبو القاسم محمد

هناك من يحاول صراحة أو تلميحاً لوم الحركة الشعبية لتحرير السودان متصورا أنها ارتكبت جرما لا يغتفر في حقه بصورة خاصة ، ومبديا عجزا في تفهم الأسباب الحقيقية التي قادت الحركة الشعبية لتوقيع اتفاقية السلام الشامل ووضع يدها في يد الحكومة السودانية الحالية كطرف ثان وشريك فيما تم التوصل إليه عبر آلية تفاوضية. ويتعزز هذا الشعور لدي هؤلاء بأن الحركة الشعبية تركتهم في منتصف البحر يصارعون أمواجه العاتية من شدة العواصف. متجاهلين تصريحات قيادتها بأنها ملتزمة سياسياً وأدبيا بالتوصل إلي سلام في دارفور والشرق ، ليس نيابة عن أهلها فهم قادرون علي حلها أو يجب أن يكونوا كذلك. أما كيف ذلك ؟ فعن طريق تهيئة المناخ السياسي ، وقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان لديها الثقة الكاملة في إحداث تغيير جوهري في مؤسسة الرئاسة وتوظيفها لصالح خدمة الشعب السوداني وقضاياه الملحة والعاجلة.

يحاول هؤلاء ، اعتماد لغة جديدة في خطابهم السياسي تجاه الحركة الشعبية لتحرير السودان ، تنطلق من الوجدان والعاطفة ، تقوم علي ما يسمى الغزل السياسي كأن عقداً بذات الخصوص نشأ بينهم والحركة الشعبية في مرحلة ما ، وقد أقدمت علي فعل أساء للشروط الواردة في العقد المزعوم . وهو أمر حسب اعتقادي غير وارد وليس صائب في لغة السياسة والتعاطي معها. والصائب في رأي هو اعتماد لغة الخطاب السياسي الجاد القائم علي الندية والنقد البناء الذي ينطلق من تحليل مفردات الخطاب السياسي لدي الحركة الشعبية لتحرير السودان ، الذي جاء أصلا ليؤثر في الحياة السياسية السودانية ويتأثر بها. وهو كتاب مفتوح ، من حق أي مواطن سوداني التفاعل معه كل حسب استطاعته وما تؤهله له قدراته الذهنية وله كامل الأحقية في القبول أو الرفض أو التحفظ علي كلياته أو أحد أجزائه. وألا يفوت عليهم أنها حركة سياسية مستقلة لها شخصيتها المتميزة فضلا عن قراءتها للأحداث الجارية والتعامل معها وفق ما يحقق المصلحة والأهداف التي تتطلع إليها. وهذا في رأي يجب ألا يثير حفيظة أحد ، لأن لغة الإملاءات في رأي وحسب ما يقتضيه العرف السياسي يجب أن تكون مرفوضة لدى أي تنظيم سياسي يحترم نفسه من الصديق قبل العدو. ويخالجني الظن أن جملة هذه المواقف رغم سلبيتها ولكنها شيء لابد منه ، حتى يفيق الجميع من سباتهم ، وألا يشك أحد قط في مصداقية الحركة الشعبية لتحرير السودان بتنفيذ كافة الالتزامات والتعهدات الملقاة علي عاتقها كشريك أصيل في اتفاقية السلام الشامل ، فكما أنها حاربت بقوة ، تسالم بقوة. وليكن معلوما لدي الكل أن الحرب واللجوء إلي لغة السلاح كانت مجرد وسيلة لتحقيق هدف سياسي وهو الأصل ، للوصول إلي الحرية ،الديمقراطية ، المساواة ،العدالة الاجتماعية وحفظ ماء الوجه والكرامة لدي كافة المهمشين في السودان عبر جنوبنا الحبيب ، بعد فشل كل الخيارات الأخرى الرامية إلي تحقيق ذلك من قبل أنظمة الحكم المتعاقبة علي السلطة في السودان.

إن هذا الهدف الاستراتيجي هو المحدد لعلاقات الحركة الشعبية لتحرير السودان مع كافة ألوان الطيف السياسي في السودان. فمن أجله حاربت وفاوضت وتحالفت، إلي أن توجت المسيرة أخيراُ بتوقيع اتفاقية السلام الشامل(CPA). لقد أوفت الحركة الشعبية لتحرير السودان بكافة التزاماتها مع من تفاوضت أو تحالفت، وتشهد لها أروقة التجمع الوطني الديمقراطي من انضباط في التنظيم وفاعلية في المشاركة لدفع مسيرة العمل الوطني والنضالي إلي الأمام. وأصدق مثال علي ذلك عندما قرر التجمع الوطني الديمقراطي اعتماد النضال المسلح ضد حكومة الإنقاذ دفعت الحركة الشعبية بأربعة عشر ألف جندي من قواتها لتنشيط الجبهة الشرقية. والكل يعلم فشل أغلب التنظيمات السياسية في الوفاء بتعهداتها متجاهلين أن السياسة لا تعرف اثنتين قول بلا فعل أو مسك العصا من النصف وصاحبها مكره علي ذلك. ولو صدقوا القول بالعمل لتغيرت أمور كثيرة ولما وصلنا إلي ما وصلنا إليه الآن من لوم وندم. كم كثيرة هي الفرص الضائعة ، تتسرب من بين أيدينا كأن عجلة الزمن تتوقف ، وتقول لنا" خذوا راحتكم ووقتكم في التفكير وبعد فراغكم اضغطوا علي الزر".

وما نود أن نفتح عليه أعين الذين يلومون أو أولئك الذين يقولون خاب ظننا في الحركة الشعبية لتحرير السودان، هو أن يعلموا بأنها محكومة بقواعد وأعراف السياسية. فليس من العدل والمنطق أن تخوض حرب مفتوحة( إلي ما لا نهاية ) إلي أن تحقق للكل ما يحلم به دون اعتبار لتكلفة الحرب من أرواح وممتلكات وما يردده الإعلام المضلل " هؤلاء ليسوا سوى لوردات حرب يقتاتون عليها بلا هدف ولا يعيرون أرواح شعبهم أي اهتمام ". كذلك بان نتجاهل تماما المقولة بأن السياسة " فن الممكن" وان مطالبة الحركة الشعبية بما هو فوق طاقتها يتنافى كلياً مع قواعد العدل والإنصاف. وأصحاب هذه النظرة ينسون أو يتناسون بأنهم بالأمس القريب كانوا في المربع الآخر يقاتلونها "كخوارج أو طابور خامس أو كفار" أو يتعاطفون مع من يقاتلها ( سبحان مغير الأحوال).
أما القاعدة الأخرى التي لا تجد من أمثال هؤلاء أذنا صاغية " ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم"، هذه القاعدة متداولة ونشطة في العلاقات الدولية كعلم وممارسة بين أفراد المجتمع الدولي وتصلح كذلك في العلاقات الداخلية بين منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها الأحزاب السياسية. وخير مثال علي ذلك " أمريكا / اليابان" ، "أمريكا/ ألمانيا" ، "ألمانيا/بريطانيا"، "فرنسا/ بريطانيا" وفي قارتنا السمراء السود والبيض في جنوب إفريقيا.

لقد أدى ضيق الأفق بهؤلاء وأمثالهم الى صعوبة إدراك التفاهم والتعايش بين طرفي نقيض ، مشروع أسلمة الدولة ومشروع علمنة الدولة. هذه ليست الإشكالية الحقيقية, فكل حر فيما يعتقد ويراه صوابا، ولكن المشكلة تكمن في المنهج الذي نحتكم إليه والقاضي بإدارة الاختلاف والصراع ويضع أسس التعايش السلمي وعدم اللجوء إلي العنف ولغة الإكراه لجبر الآخر وتخييره بين طريقين " أنا أو الجحيم" ودعونا نفعل كما تفعل كل الشعوب المتحضرة ونضع بضاعتنا السياسية بين أفراد الشعب ومن يؤيده ندين له جميعا بالحكم وممارسة السلطة ويعيدها إلينا بعد قضاء المدة المقررة حسب الدستور.

وبدلا من لغة اللوم والملامة دعونا نسأل أنفسنا ، هل الحركة الشعبية لتحرير السودان ضمَّنت هذه الاتفاقية كل ما تطمح إليه في برنامجها السياسي؟ أقولها صراحة لا ! لم تستطع ذلك ولكن ما تحقق حتى الآن شيء يستحق الاحترام والتقدير. ولو تهيأ المناخ لتطبيقه علي الأرض فهو بكل تواضع المدخل لوضع السودان في المسار الصحيح نحو التقدم والازدهار وتحقيق طموحات الشعب السوداني بعيش أفضل ، وحال ميسور مما هو عليه الآن.

إذن لوم الحركة الشعبية في نظرنا لا مبرر له ولا يخدم مصلحة أحد. ويتطلب الأمر برمته تعقل الأمور وتبصرها قبل إصدار الحكم علي الآخرين. وإذا كان لابد من الملامة ، أقولها صراحة لوموا أنفسكم ألف مرة قبل لوم الحركة الشعبية لتحرير السودان لأنها في اعتقادي لم تتأخر عن طلب أو تتردد فيما يدعم القضية النضالية ويعجل بوضع حد للمأساة التي يمر بها الوطن ، وحينما يحين الوقت لذكر كل التفاصيل التي تعزز ذلك سوف نضع كل شيء بين يدي الشعب السوداني ، وسوف نكون راضون تمام الرضا سواء حكم لنا أو علينا. وأنوه كذلك إلي أننا مع الدراسة العلمية المتأنية والموضوعية التي ترصد وتحلل المواقف السياسية وتقدم النقد البناء والنصح تقويما للمسار وتصحيحه من قبل متخصصين في مجال العلوم السياسية. فهذه تجربة بشرية كاذب من يقول أنها تخلو من أخطاء وهنات أو أنها ترفض الحكم لها أو عليها.

معاً من أجل سودان جديد
[email protected]



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved