مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

من شرعنة " اللاقيم "... إلي " اللاهوت السياسي".. إلى " الإجرام"...فيها سقط المشروعان الوحدوي الوطني الأحادي... و المشروع الحضاري الغازي!!

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/7/2005 11:48 ص

كتب / محجوب حسين:الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان

لعل المتأمل في الكوميديا السوداوية لسيرورة صناعة و إغتصاب التأريخ و التاريخ السودانيين من الجبابرة الأقحاح و كذا محصلاته و بالنتيجة الرياضية في العصر الحديث يسترعي إنتباه المرء إستفهاما مركزيا بل إشكالية محورية وفقا لما يسمى " بالتاريخانية"- أي تحليل المعطيات و النتائج و الفرضيات و تفاسيرها بناءا على تحولات التاريخ نفسه – هذا الإستفهام/ الإشكالية ، يجد مرجعيته و مشروعيته في حالة الوطن الذي أنعته ب " الوطن المخصيًً" و مفاد هذا التساؤل يتحدد في المسؤولية السياسية تاريخيا و راهنا في وفق جدلية التراكم التي تنتج الفعل و تعيد إنتاج الفعل حتى آلت الأمور إلى ما نحن نتلوى فيه الآن من تصدعات و مخاصمات نفسية و عقدية و إنسانية و وطنية تحت مبررات و مسوغات ، أحسب أنها" موضوعية و غير موضوعية" في إطار جدلية الصراع داخل هذه المساحة الجغرافية " و هي مساحة هجرات و هجرات متتالية و مستدامة" .
إبتناءا لما سبق ، تجدر الإشارة على أن هذه المساءلة السياسية التاريخية لهذا الإنبطاح الإنساني الكبير تحدده ركائز و مساحات تاريخية متتالية و متوالية وفق سيرك سياسي يتحمل صانعوه الأوفياء ، الوطنيون ، الديمقراطيون ، العسكريون.... إلخ ، مهندسو اللعبة و مبرمجو التكيف و الإنتاج ، و أقل ما فيه كان " لا إنسانيا على إطلاقه" ... و هم أنفسهم الذين يتناطحون اليوم في منابر عدة و عديدة عبر علاقات بينية و تكيفات و إتفاقات و مساومات رمادية متعددة فيها المعلن و المسكوت عنه و كذا المرزأ!!
و لمقاربة هذه المسؤولية و المساءلة ، بالضرورة يمكن مفصلتها في محددات ثلاثة منذ إنتهاء عصر الكولنيالية البريطانية إلى عهد الكولنيالية السودانية الجديدة- أي سنوات ما بعد الإستقلال- ، و تجسدت هذه الكولنيالية الجديدة , عبر مراحل تاريخية مختلفة و تحت أنماط متباينة أساسها منظومة العسكرتاريا و ديمقراطيات المسطرة المبلقنة و أنتلجنسيا الحزام الطاهر " على الأقل طهارة دنيوية من رجس الشعب الغير نافع" ، و يأتى هذا في سياق الإتفاق الضمني و المتفق عليه بين من تسلموا زمام الأدوار و الأمور و يعيدوا إنتاجها بتماثل و تناسق و إنسجام و في تماهي مع نرجسية بغيضة لمؤسسة " النيل" و الجمهور الذي صنف نفسه بإعتباره وعاءا لجمهور نقي " مرتكزات الدولة القريشية" ليشرعن لنفسه و أجياله اللاحقة و الآتية- على إفتراض ماهو كائن- كل فائض القيمة السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي و الديني ضمن ما أسميه ب [ مملكة الأساطير النيلية ] و التي كرست كل أدبيات اللامعقول في دواليب الحياة السودانية ، فأنتجت طبقتها السياسية – و هي نفسها التي تتلون كالمرأة الحسناء- بالخوذة العسكرية مرة و سرعان ما تتحول إلى شرعنة "ديمقراطية العمامة المسطرية" بسرعة نمطية متفق عليها ضمن المرجعية النيلية ، و هنا تسقط كل البناءات الأيدولوجية ، يسارا ووسطا و يمينا ، لتنتج ثقافة الحرب و الإحتراب و" المضاربة" بدماء السودان الغير نافع " المحيط" عبر شد و جذب إستراتيجي و تكتيكي " تحالفي" قائما على البرغماتية و الدوغمائية و الإلهاء لفائدة الأول، و تجلت هذه المعطيات في هندسة طويلة إستمرت نصف قرن من عمر الزمن السوداني المستباح و المغتصب من طرف ديمقراطيو السودان الجديد اليوم و هم كثر في إطار " زواج المتعة"!! و أيا ترى هل كانت هذه الحقائق غائبة في التفكير السياسوي الجماعي المشترك؟! أم أن الأمر دهاءا زائدا عن لزومه........!! لتعترف اليوم بحقائق الأشياء!! وهنا نرصد حقيقة تاريخية مفادها " ضمن إجتماعات التجمع بالعاصمة الإرتيرية أسمرا و بعد زمن طويل من دور المتفرج و المستشرف لأوراق اللعبة السودانية في الأمد المنظور ، أقر التجمع ، أو قل أحزابه المنضوية تحت لواءه – و على مضض و بإستحياء- موقفا " ترضية سياسية" حول أزمة دارفور، وصف فيها ما يجري بأنها إبادة جماعية ، و طالب بتفيذ قرار مجلس الأمن الدولي..." إلا أن الأدهي طالب التجمع بعدم نشر هذا الموقف مبدئيا في الإعلام إلى أجل لاحق!! وفقا للقاعدة التي تقول " أنا و أخي"... و أنا و إبن عمي........"!! إلى ذلك كان دخول السيد الصادق المهدي بعد عملية " تهتدون" إلى السودان و خروج حزبه من التجمع تحت دواعي " المؤسسية" ليصل ل " نداء الوطن"- و للوطن هنا معاني متعددة و مختلفة وفق تصورات و رؤى البنيات الإجتماعية المختلفة من حيث المتن و المرجعية و المساحة و الثقافة- في حين أن المقصود وقتئذ " تعالوا ياقوم، يا أبناء مملكة الأساطير- التجمع-بالضرورة، لان السودان في خطر محدق !! بمعنى أن الأجسام النائمة تريد أن تتحرر من" الكولنيالية الداخلية" لأن الهامش قادم جنوبا و شرقا و غربا!! ، فكانت قراءة ذكية من الصادق المهدي للتحولات القادمة.
و ضمن هذا المنوال ، كان معنى السودان الأصيل و الغير أصيل شعبا و تاريخا و ثقافة و جغرافيا و إقتصاد و بيداغوجيا و سياسة ... إلخ ، و عبرهذه العلاقات التفاعلية و المنتجة لبعضها البعض ، كان خطاب اللاهوت السياسي للإستحواذ و تكريس معنى الهيمنة و الإستبداد و الإقصاء و التهميش – بمفهومه الأيدولوجي- لتصبح الوطنية و الوحدة و المشروع الوطني السوداني صكوكا للغفران و الهبة و الصدقة الجارية تثاب عليها من مملكة الأساطير النيلية وفق شهادة حسن سير السلوك السياسي النيلي " في أنك لست جهويا و لا عنصريا ولا رجعيا و لا متمردا و لا إنفصاليا و لا إسرائليا أو أمريكيا..... إلخ" ، بمعنى أن الوحدة كانت خطابا سياسيا فجا قائما على مفهوم التبعية النيلية - دون مرتكزات ،غير مرتكزات الجمهور" النقي "و" الدولة القريشية"السودانية، لتموت هذه المفاهيم وفق منظومة "اللاقيم" العسكرية و الديمقراطيات المبلقنة و التي إستشرت في الثقافة الجمعية و الجماعية لدي الشعب السوداني ، فكانت هي المرحلة التاريخية الأولى من عسكرتاريا نيلية إلى ديمقراطيات نيلية أسست في مجموعها لمنظومة "اللاقيم" في كل تضاريس الحقل السياسيوي السوداني. فكانت تلك هي الشرعنة الأولي.
و في إطار تطور هذه السوريالية المبطنة بالفكر اللإنساني – كمفترق طرق مع الإنساني السوي- جاءت الشرعنة الثانية و جسدتها بإمتياز مقولات " ثورة الخلاص الإنساني" ، أعني ما عرفت "بالإنقاذ الوطني"- بمعنى تغيير البنى الفوقية و التحتية-، و دون إطالة ، فيها سقطت مقولات الثورة الأولى" نأكل مما نزرع" ، و" نشرب مما نحفر" ، و" نلبس مما نصنع" ، و "نتنفس ما نمتلكه من هواء".... إلخ ، من مقولات الفكر المتسطح لحد البلاهة ، لتنتج مشروعا "حضاريا"، قيل أنه إسلامويا للخلاص الإجتماعي السوداني و كذا العالمي – إن صح القول- و هو المشروع الغازي الذي آتى من وراء الجدران و الأسوار، فسقط المشروع اللاهوتي نفسه، لأنه كان مشروعا للتقتيل و الإغتصاب و الإستحواذ و الهيمنة و القبلية الجهوية المريضة و الإحتراب و الشوفينية الواسعة و اللصوصية الممنهجة و المعفاة من ضريبة الله في الأرض، و حتما هي واقعة على القاصرين . في مفارقة تاريخية و جدلية عميقة مع كل معاني الحضارات ، كانت دينية أو تراثية مجتمعية أو فكرية أو " طاهوية"، ليكون نشاذا و عاهة في جبين من آتوا به أو من نفذوا فيهم حد السيف الحضاري!!
و في إطار ثبات هذا " النص" و تحريك دلالاته و التي أخذت كليشهات و منحنيات متباينة و متعارضة لغاية إستمرار تحكم مملكة الأساطير السودانية بأغلبية متلقية قابعة تحت دائرة التجهيل و تنمية التخلف فيه مع أقلية مصابة بعقدة المؤامرة و تتغذى من المعايير الماضوية ، و المغطى بغطاء ديماغوجي يخدع الكل ، و المسيج بترسانة من البطش و الإضهطاد ، قل – التاريخي- ، للحيلولة دون زعزعة سلطات " المألوف" أمام سلطات الأغلبية المتلقية الناقمة و النائمة بثبات و وعي و عقلانية منتظرة في حراك و دينامكية عبرت عنها التجليات الماثلة اليوم في السودان لحسم جدلية الصراع بين كل الأطراف ، ليأتي زمن السودان و الأسئلة الصعبة!! في أن يكون أولا يكون، و كلاهما سيان!! للبحث عن مجتمع إنساني و أكثر إنسانية مما سبق.
من هنا جاءت الشرعنة الثالثة و هي شرعنة " الإجرام" هذه المرة ، للإستئثار و لتجديد عقد الملكية في ديمومة المملكة " مملكة الأساطير النيلية" تحت خطاب " الوطن في خطر" و " السيادة مهددة" " و الدين" و " الاجنبي الغازي" إلخ من قدحيات الخطاب الإنهزامي و الذي يعيش اليوم في مفترق طرق كبير!! و بهذه الوتيرة تتداخلت و تلاقحت اليوم كل تلك الشرعنات في هدوء عميق ، لتعلن نهاية العقد الإجتماعي السوداني و فشل المشروع الوطني السوداني الأحادي و صانعوه " مدبروه" و العاملين في حقله و حتما لحق به المشروع الحضاري الغازي بالطبع!! لفائدة مأسسة سودانية جديدة أو حتى اللا مأسسة!! و يتم هذا بعد محاكمة الفكر الذي أنتج هذا الفعل الإجرامي نفسه ، و هو فكرا – إن صح القول- يتعدى ما عرف بالمشروع الحضارى ليشمل أبنية أخرى
بناءا على مرجعية الإقصاء!!



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved