مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

فـــن الإصـــــغاء بقلم صلاح شكوكو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/6/2005 7:56 م

فـــن الإصـــــغاء

( صلاح شكوكو )

الإصغاء هو نصف المحادثة .. فـــــإذا لم تصغ جيدا الى محادثك فإنه سيحث بأثر سلبي للحوار معك .. ولعل الكثيرين يحاولون دائما أن يقولوا أكثر من إستماعهم وهـــذا في تقديري خطأ كبير في منظومة الحوار .. لكني بذات القدر أعترف بأن الإصغاء ليس سهلا كما يعتقد الكثيرين رغم أنه يعطيك الفرصة كاملة لفك طلاسم ورموز محدثك ومن خلال ذلك يمكنك أن تقرأ كل شيء فيه بوضوح ويسر .

الواقع أننا لا نحب الإصغاء ونتحدث أو نرغب في الحديث أكثر من الإصغاء .. لكن المأساة أن يكون الحديث دونما ترتيب ودونما متابعة فكرية أو أن يكون الحديث لمجرد الحديث أو للإستئثار باللحظة أو لإثبات الذات والقدرات للآخرين .

كثيرون منا كذلك يستعجلون الحديث فيقولون ما يعتريهم من أفكار بمجرد أن تتقد في الذهن أثناء الحوار دونما أن يكون لديهم وقت كاف لإستعراض الأفكار والتدقيق فيها بشيء من الروية والعرض المستنير ..

قال أحد الحكماء :- ( لقد إكتشفت أن لدي ميلا جديدا وبأنني أستطيع أن أعود نفسي على الصمت والإصغاء للآخرين عند الحديث محاولا تفسير أفكارهم ليس على حسب وجهة نظري أنا بل بأن أضع نفسي في مكانهم .. ) .

لكن أكثر أنواع الإصغاء دقة وحذاقة هي التي تبنى على معرفة الدوافع الحقيقية للمتحدث خاصة حينما يطرح المتحدث حقائق أولية لم تكن معلومة بالنسبة لك فتكون مجبرا على الإستماع ولكنك تستطيع وضع مفاتيح معينة للحوار معه دون أن يحس بالحرج .. لتصنع من ذلك نطاق إنطلاق يتم من خلالها الحوار بشهية تلطف الجو على الطرف الآخر .. لكن إياك من الإسراف في ذلك حتى لا يحكم عليك بالخواء الموضوعي .

لكن الكثير منا لا يعرفون كيف يصغون أو ينصتون .. لأن الإصغاء فن يحتاج الى ممارسة ليتحول الى عــــادة ذكيــــة يكون العقــــل هــــو الضابط الأول فيها .. والآن أدعوك أخي القاريء الى أن تبدأ في تجربة هذا الفن مع القريبين أو المتحدثين اليك وقتها ستشعر بنوع من السعادة والإرتياح وأنت تمارس ذلك وبعدها ستصبح عادة رائعة .

في هذا العصر حيث تتوفر سبل التواصل المختلفة من هواتف وأجهزة راديو وتلفزيون فإن الإصغاء متاح من شتى الجوانب ولزمن طويل نسبيا .. ولكن هذه الوسائل لا تتيح لك فرصة الحوار المتبادل .. لكنه يتيح لك فرصة الحوار الداخلي غير المتفاعل ..

في دراسة إستغرقت شهرين جرت بأمريكا وتناولت الإتصالات الشخصية لثمانية وستين شخصا في مختلف الأعمار تبين أن 75% من مواضيع النهار تتم بالإتصال الشفهي وبمعدل 30% للحديث و 45% للإصغاء والإستماع ... ومع ذلك فإن معظمنا لا يعرف كيف يصغى .

لكن الملاحظة أن التجار هـــم أكثر الناس إصغاءا بدافع الإنتهازية حيث أنهم يتحينون السوانح والفرص التجارية ثم بعد ذلك يبدأون الحوار التجاري الذي تغلب عليه المصلحة المادية البحتة ولا مجال في ذلك للعواطف أو المنطق طالما أنهم يعلمون سعر تكلفة السلعة ومعدل الربح المطلوب .

ومعلوم أن الشخص العادي لا يحفظ إلا 75% من الحديث الحواري الذي يسمعه ثم يبدأ هذا المعدل بالإنخفاض مع الزمن حتى يتلاشى لكن الفكرة تبقى زمانا بعد ذلك وبعد مدة طويلة تبدأ في التلاشي رويدا رويدا حتى تذوب الفكرة ولكن الموقف كمشهد يبقى معلقا لفترة طويلة قد تستمر لسنوات ولكن عند محاولة تذكر المشهد فإن بعض أجزاء الحوار يمكن أن تتداعى رويدا رويدا من الذاكرة الخلفية .

بنظرة متأملة للنادل ( الجرسون ) في أي مقهى فإنك ستندهش له وهو يتلقى سيلا من الطلبات ( هذا شاي وذاك قهوة وذاك بسكر زيادة وآخر بدون سكر .......... ) رغم ذلك يعود اليهم كل حسب طلبه دون خطأ ثم مرة أخرى يحاسبهم وهو موقن بقيمة الفاتورة لكل فرد فيهم ...

هذه الصورة قد تكون أكثر غرابة حينما ندرك أن غالبية هؤلاء لم ينالوا حظا من التعليم لكن الأمر ببساطة هو أنهم يوجهون طاقاتهم في إتجاه واحد لذا فإن الذاكرة بأكملها مشغولة بالأرقام والطلبات فقط .. بينما بقية الذاكرة غير مستهلكة ومساندة للجزء المستخدم . تماما كالمحصل ( الكمساري ) الذي يدرك أن ذاك لديه باقي كذا وذاك لديه كذا وأن هذه المرأة تريد النزول في المحطة الفلانية وذاك التلميذ يسأل عن المكان الفلاني ........... وهذا أيضا نوع من الحوار المحدود .

لكن هناك نوع من الإصغاء وذلك حينما تحدث شخصا مشغولا بأمر آخر يطبع على آله طابعة وهو يسألك .. أو الكاتب الذي يطبع إفادات الشهود على قاعات المحاكم ونحو ذلك .. هؤلاء تنمو لديهم ملكة الحفظ الطويل فيحفظون مقاطع طويلة من الحديث ثم يفرغونها فيما بعد من مدارج الذاكرة .

وللأسف الشديد أن بعض المذيعين الذين يعدون أسئلتهم جاهزة لا يستمعون للضيف لأنهم يتهيئون للسؤال القادم .. بينما كان من الأجدر بهم محاولة إستخلاص الأسئلة من بطون الإجابات التي تأتي من الضيف .. ولا يعود للأسئلة المكتوبة إلا إستثناءا .

هل يمكن أن نتعلم فن الإصغاء ؟؟ نعم يمكن تعلم ذلك بطريق بسيطة وميسورة من خلال مراقبة مذيعي النشرات وهم يلقون النشرة الإخبارية حيث ستكتشف أن صياغة الأخبار لم تكن دقيقة للحد البعيد وستكتشف أن هناك نسقا مختلا في التنسيق والصياغة .. أما إذا ماكنت لا تعير السياسة إهتماما فراقب من يحدثك فستجد أن هناك خلالا بينا في الحديث مهما كان المتحدث لبقا أو حصيفا أو دقيقا .

وعليك أن لا تتحدث إلا عندما يكون الوقت ملائما للحديث فلا تقاطع ولا تتجاهل فكرة محدثك ولا تحاول التقليل من شأن أفكاره وآراءه .. ( وقد تعجب حينما يقاطعك شخص وهو يقول لك عفوا ما أود أن أقطع حديثك بينما هو بالفعل قد فعل ذلك ) .

والآن دعونا نتعلم فن الإصغاء لنتعلم تلقائيا فن الحوار مع الآخرين .. وإن جاز لي أن أضرب مثلا على ذلك فإنني سأشير الى اللقاء الذي أجريته اليوم مع الكابتن / عوض كوكا والذي تم بتلقائية ودونما إعداد مسبق ولم يكن الأخ عوض يدرك ذلك إلا في حينه وفي إعتقادي أن ذلك يعطي الحوار إحساسا بالصدق والواقعية .. وأعتقد أن الواقعية تكسبك ثقة وإحترام الآخرين .

-----------------------
ملء السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ
-----------------------

كلمات متقاطعة :-

• اللقاء الذي أجرته (( المشاهير )) مع النجم الكبير عوض كوكا يدلل بصدق على أننا نأخذ اللاعبين لحما ونلقيهم في قارعة الطريق عظما .

• برنامج ( مرائي ) الذي يقدم لأصحاب الإعاقات المختلفة .. هو بكل المقاييس برنامج كبير وفكرة نيرة أثبتت أن العقلية السودانية مازالت تختزن الإبداع .

• أغرب ما قرأت أن كابتنا صعد الى منصة التنصيب لإستلام الكأس لكن الهرج والمرج الذي ساد المكان قد جعل الكأس يصيبه في أذنه فيقطعها من مكانها تماما . ( يافرحة ما تمت ) .


صــــلاح محمــــد عبـــــدالدائم
( شكوكو )
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved