مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

صلاح قوش مثقفي دارفور ازمة ضمير ام صحوة ضمير بقلم د سعيد زكريا سعيد-ماليزيا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/5/2005 10:00 ص

مثقفي دارفور ازمة ضمير ام صحوة ضمير


انها لقصة واقعية حدثت لي شخصيا في مطلع الالفية الثالثة وفي احدي
المواسم حيث كانت الامطار تهوي كالقنابل والرعد يدوي كالمدافع ففي تلك
الظروف الطبيعية حزمت حقائبي لزيارة مسقط رؤوس اجدادي في احدي
قري دارفور
قد كانت المسافة لا تتعدي مائة وخمسون كيلو مترا حيث يمكن ان نمضيها
في ثلاثة ايام او اسبوع او اكثر تحركت بنا اللانكروزر سيارة الدفع الرباعي

حيث لا تضاهيها متانة سوي اللاندروفر في اجتياز تلك الاراضي الوحلة حيث
يمتزج الطين بالماء وتتمحي اثار اطارات السيارات فلربما قد نضل طريقنا
كما يحدث دائما
فحملنا كل ما نحتاجه من طعام وشراب لفترة خمسة ايام علي الاقل
كانت الشمس للتو تعانق خط الافق للصعود فتوقيت الرحلة يختلف تماما
عن التوقيت المعهود ما دون الخريف
فمن خلال تلك المسيرة الطويلة حتي وصولي الي مقصدي واجهتنا اكثر
من اثني عشرة واديا لا يوجد جسرا واحد لنعبر عليه فقد كانت السيارات
تنتظر علي ضفة الوادي المندفع من سفوح جبل مرة حتي يهدئ الوادي
من روعه فلربما نظل يوما او يومين في الترقب والانتظار
ثم تبدا السيارات في الاجتياز كانت اشبه بسباق الرالي فكان التصفيق
والتحميس مصحوبا بالدفع والسحب لتخطي الوادي اللعين فقد كانت سيارة
السيد المحافظ الشهيرة بليلي علوي اول السيارات في التخطي فيتكرر
المشهد من وادي الي اخر حتي وصولي الي قريتي الواقعة غرب واديها
العظيم
حدث انه بعد ان اجتزنا احدي الوديان غمزني وهمس لي سائق السيارة بان
اري واسمع تلك القرية فصعقت عندما اخبرني انها قرية فلان وفلان عددهم
لي فكانوا اكثر من عشرة اعرفهم واسمع عنهم جيدا منهم الوزراء والعلماء
ورجال الاعمال وكثير من المغتربين فمنهم من قضي نحبه ومنهم من في
المعاش ومنهم من سار مع الرياح او عكسها
كانت القرية شبه مهجورة لا تسمع سوي نباح الكلاب ولا تري سوي اضواء
خافتة تنبعث من خلال الحيشان لم يسعي احد من هؤلاء المثقفين
والسياسين لمولد كهربائي او انشاء مدرسة او مستشفي او حتي بئرا صغير
ان منازلهم بارقي احياء الخرطوم وينشئون المدارس باسمائهم بامدرمان
ويتهافتون علي الزواج من بنات البحر انهم كانوا ياتون الي عاصمة الولاية
كوفود سياسين ثم يعودون الي الخرطوم مهللين ومكبرين لم يهمس احدهم
للسيد الرئيس بان يشيد جسرا عبر وادي القرية بل ان احدهم وزير اتحادي
سابق بوزارة الزراعة فلم اري فيها مشروعا زراعيا ولا عيادة بيطرية ولا
مشروع تسمين ابقار او مشروع البان لم اسمع سوي انها قرية فلان الفلاني
وعند دخولي لمدرسة القرية تلك المدرسة التي خرجت المئات من
المثقفين كانت ترقد في العراء تماما لا تري شئ سوي المعلمين والمعلمات
والطلاب يتحركون بكل ادب كالنمل فنظرت من خلال فصولها الي الطلبة
انهم يسندون كتبهم علي الارض ليكتبوا او ليقراوا حقا انهم في عصر
العولمة
وعند زيارتي لمستشفي المحافظة فهي اسوء حالا من مدرسة القرية
وان سردت ابناء تلك المنطقة في الحكومة والمعارضة وما دونهما ومن في
امريكا واروبا ودول الخليج وما جاورهما لضاق صدرك عزيزي فاعددت
تقريرا وسلمته للسيد المحافظ والسيد ناظر الديار والسيد عمدة القبيلة
والسادة اعضاء مجلس المحافظة الاوفياء
انها صورة حية شاهدة لقري دارفور ويتكرر المشهد من قرية الي اخري
فلا تنظر سوي البؤس والكابة والشقاء والخراب فلا دين يرد من يد سلفت
ولا سامع لمن ينادي فهل امسي مثقفي دارفور في ازمة ضمير ام اصبحت
لديهم صحوة ضمير

د سعيد زكريا سعيد
ماليزيا
_________________________________________________

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved