مراحل السلام الثلاث علي الصعيد القومي:-
لن أتحدث عنها كثيراً لان الأخ القائد الدكتور جون قد شرحها بإسهاب في حوار السلام التلفزيوني وأكد علي أنه عبارة عن عملية مستمرة تمر بمراحل ثلاث. فقط أود ان اذكر الأحزاب السودانية علي رأسها التجمع الوطني الديمقراطي ان نصوص الاتفاقية تحتوي جزاء كبير من مقررات اسمرا المصيرية وان الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي الأخ القائد بقان اموم قد شارك في مفاوضات نيفاشا بصفته الاعتبارية وان السيد الصادق ومولانا محمد عثمان الميرغني والدكتور جون قرنق القاهرة اجمعوا علي صيغة وضع العاصمة القومية في اتفاقية السلام. لذلك أناشد الأحزاب التي قاطعت المرحلة الأولي من السلام ان تنضم بأسرع وقت الي المرحلة الثانية حتى يتحقق الإجماع والوطني للسلام ويطمئن الغبش ان السودان مقبل الي مرحلة خير.
مراحل السلام علي صعيد الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان:-
المرحلة الأولي/ شرح ونشر نصوص الاتفاقية وتعميمها علي عامة الشعب.
وهي أهم مرحلة في رؤية القيادة العليا للحركة الشعبية لذلك كان تعاملها مع المرحلة في غاية الجدية.
1/ في يوم 10/1/2005 استدعت الحركة الشعبية لتحرير السودان معظم ممثليها وكوادرها في أنحاء العالم الي رمبيك من اجل المصادقة عليها من قبل أعضاء مجلس التحرير فيما يتعلق بجانب الحركة الشعبية. بالإضافة إلي شرح ونشر اتفاقية السلام وكنت واحد منهم، وصلت كينيا ووجدت الترتيبات تجري علي قدم وساق لنشر نصوص الاتفاقية علي مستوي الجنوب اولاً وثانياً علي عموم السودان.
كذلك بعد توقيع الاتفاقية مباشرة أقامت الحركة الشعبية ورشة عمل في نيروبي تهدف إلي شرح ونشر نصوص الاتفاقية وكيفية تطبيقها ودعت إليها شباب الحركة الشعبية لحمل تلك الرسالة الي الأهل في كل ركن من أقاصي الجنوب رغم شح الموارد المالية. عندما وصلت الي رمبيك وجدت الأهالي يحملون وثيقة البرتوكولات الستة بالغة العربية والإنجليزية ويناقشون نصوصها في الأسواق والتجمعات الخاصة والعامة والفضل يرجع لشباب الحركة الشعبية لتحرير السودان. وفي أثناء عبور وفد المقدمة للحركة الشعبية لتحرير السودان الجماهيرية العظمي في طريقها الي الخرطوم انقطعت أنفاس الأعضاء التنفيذيين لشعبة شمال أفريقا بطرابلس من حمل (الكراتين) التي تحوي الآلاف من وثيقة البرتوكولات وعلمنا إنها سوف توزع للمواطنين في الشمال.
2/ تجمعنا من أقاصي الدنيا في رمبيك مع أعضاء مجلس التحرير و القيادات العليا للحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بهدف فهم الاتفاقية وكيفية تطبيقها والمصادقة عليها وقهر كل المعوقات التي تعترض تنفيذها علي ارض الواقع. خاطب جمعنا الكبير الأخ القائد الدكتور جون شارحاً نصوص إتفاقية ومعني السلام ثم أولويات الحركة الشعبية وطلب من الجميع بذل النفس والنفيس لإنجاح هذه الاتفاقية والوصول من خلالها الي السودان الجديد، وقال خاتماً حديثه ان السلام الحقيقي ببساطة يعني العفو عند المقدرة.
بعدها توزعنا الي لجان وكنت ضمن لجنة حكومة الوحدة الوطنية (Government Of National Unity) برئاسة القائد الدكتور لام اكول والاخ القائد الدكتور بيتر نيوت وعندما غادر الحضور ورشة عمل القادة في
( New Side) ترأس اللجنة أسير الحرب محافظ رمبيك قبل تحريرها العم رمزي مونق بنج.
المرحلة الثانية / هي بناء إنسان السودان فكرياً ومعرفياً وتمليكه المعلومة علماً بأن الإنسان القوي اليوم هو من يمتلك المعلومة، ولديه القدرة علي تحليلها وان التنمية الحقيقية هي تنمية الإنسان أينما كان، والسودان الجديد مبني علي العطاء.. العطاء المستمر الغير محدود، تقدم فيه الواجبات قبل الحقوق.
1/ إنسان السودان الجديد في رأي الحركة الشعبية يتحلى بأربعة صفات أساسية
1- الصدق 2- الأمانة 3- الشفافية 4- العفو عند المقدرة، وهي صفات آبائنا الأوائل، بدأنا نحن الأبناء نفرط فيها رويداً.. رويدا!! ونفقد معها كل السودان لذلك يجب ان نأخذ بمحمل الجد قول الشاعر حافظ إبراهيم ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا).
الصدق:- يقول المسيح علية السلام ( الصدق يحرركم) لذلك يجب ان يعترف حكام الشمال بأخطائهم نحو الهامش ويعتذروا لهم ويتوبوا عن تكرارها تماشياً مع قول رسول (ص) "كل أبناء أدم خطاء وخير الخطاؤون التوابين".
الأمانة:- ان نعطي ما لله..لله، وما لقيصر .. لقيصر وحان الوقت لنقول لأهلنا في المركز ( الكان بيأكل حق نفرين يأكل حقه وبس).
الشفافية:- لا خير فينا ان لم نقلها أن ( بنت الفكي عزبة) وان السودان القديم انتهي وقته وآن الأوآن لنبني سودان جديد علي أسس جديدة.
العفو عند المقدرة :- نحن الذين تأذينا من سموم قلم الكاتب الصحفي الإسلامي الإنقاذي محمد طه محمد احمد الذي إنقلب عليه سحره وأتهم بالهرطقة والآن يواجه عقوبة الإعدام نطالب بالإفراج الفوري عنه.
المرحلة الثالثة / ليس بالديمقراطية الطائفية أو الجهوية وحدها يحي الإنسان.
في اعتقادي ان الديمقراطية نظام مجرب في أماكن كثيرة في العالم وأثبتت نجاحها، ولكنها تحتاج أيضا الي إنسان واعي متعلم يختار الأشياء بعقله وليس بقبيلته أو منطقته ويعرف أيضاً ان حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين ببساطة شديدة الديمقراطية تعني اختيار (الأحسن.. الأكفأ) ولا يمكن ان نتحدث عن الديمقراطية وأحزابنا غير ديمقراطية وبصراحة شديدة عندما يترأس حزب الأمة مسيحي جنوبي، ويترأس الاتحادي الديمقراطي واحد من غرب السودان، ويترأس الحركة الشعبية لتحرير السودان مسلم من المتمة، عندها فقط سوف أقاتل مع مقاتلي الديمقراطية، ما نريده ألان ويريده أغلبية الغبش كيف يتوفر الأكل والشراب والتعليم والصحة للناس وبعدها تأتي مرحلة الديمقراطية.
المرحلة الأخيرة / الاستفتاء... الحق المشروع لشعب جنوب السودان
الكل منشغل بالديمقراطية وحق التعبير الشعبي وحق المعارضة في إبداء الرأي ناسين ان هنالك بشر دفعوا ثمناً باهظاً لجلب هذه الحريات والآن ينتظرون كلمة شكر لا أكثر ولا اقل علي ما بذلوه من جهد وان يلتف الناس حول هذا الاتفاق ويتم تصحيحه من خلال الممارسة وليس بكثرة الأحاديث التي لا تثمن ولا تغني من جوع، والمؤتمرات الصحفية التي توصف فيها الاتفاقية بأنها جبنة هولندية مخرمة. فترة الستة سنوات قليلة جداً مقارنة بالمتوقع إنجازه فيها، نأمل ان تكثروا من العمل الجاد وليست (النقة الكتيرة) التي تجعل الجنوب يؤثر ان يذهب الي حال سبيله ويترككم في (نقتكم وشماراتكم) التي لا تنتهي.
عاش كفاح شعبنا البطل