مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

متى يصبح منصب رئيس الحزب السياسي قابلاً للتداول؟ بقلم/ بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/15/2005 3:42 م

متى يصبح منصب رئيس الحزب السياسي قابلاً للتداول؟
بقلم/ بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد
يعتبر التداول علي السلطة مسألة مركزية في ممارسة العمل الديمقراطي الحزبي ، إذ لا يكفي أن يطالب الحزب بالديمقراطية في الدولة ومؤسساتها و يستنكف عن تجسيد المطلب نفسه في أجهزته وهياكله. ففما يلاحظ علي التجارب الحزبية في معظم دول العالم الثالث والسودان جزء منها – ضعف ثقافة ممارسة العمل الديمقراطي داخلها بالمعنى الذي يجعل الترقي في سلم الحزب وتراتبية مؤسساته مبنيا علي مقاييس لا تخضع في صدارتها الكفاءة والاستحقاق وتكافؤ الفرص، وقلما انتبهت الأحزاب السياسية وهي تعترض علي الدولة قيامها بإشاعة قيم " التعذيب" وانتهاك حقوق الإنسان أنها تعيد إنتاج السلوك نفسه ، علما بأن بنودا كثيرة من قوانينها تقضي بحقوق الأفراد في التدرج في هرمية السلطة والتعاقب علي ممارستها. والسؤال الجوهري متي يتم تحويل تلك البنود من ديكور يزين تلك الدساتير إلي واقع ملموس والإيمان بأنها جزء أصيل من العملية الديمقراطية؟.
يجب أن يشكل تعاقب النخب علي السلطة الحزبية واحدة من القضايا التنظيمية المهمة والملحة في جدول أعمال الأحزاب السياسية السودانية. يدخل هذا المطلب في باب ما هو مسكوت عنه في تجربتنا الحزبية ولا يتم تداوله في الهواء الطلق خوفا من انتقال العدوى وان يصبح منصب رئيس الحزب شيء مباح ولكل "من هب ودب"، مما يهدد سلطة الأسياد في الصميم ، فهؤلاء حسب اعتقادهم جاءوا إلي هذه الدنيا ليحُكموا فقط لا ليُحكموا وان جاهروا بغير ذلك ، فأفعالهم تفضحهم..لا يقبلون أن ينافسهم أحد في حق صار مقدس ومكفول عرفيا لهم ولأبنائهم وبناتهم الذين يستعدون الآن لتحمل أعباء المسئولية والمهمة العسيرة. وتزداد المهمة صعوبة عندما يوجد من بين أفراد الشعب العاديين من يؤمن إيمانا قاطعا بحق الأسياد في الحكم ومستعد أن يقدم نفسه فداءا لهم بالإضافة إلي المال والعيال. أما النخب والصفوة فيوجد من بينهم للأسف الشديد مَن هو أكثر تزلفا وتمسحا، طمعا في نيل رضا الأسياد علّه يحظى بفرصة تعيين في منصب ما أو غيره.
ويعتبر هذا المطلب أحد المداخل الأساسية للتفكير في إعادة صياغة وتوجهات الأحزاب التي تكونت قبيل الاستقلال وتطوير أدائها نتيجة التحولات العميقة التي شهدها المجتمع السوداني خلال العقود الخيرة من القرن العشرين. وربما لم تتعرض هذه الأحزاب في مسيرة تاريخها الطويل لما تتعرض له الآن في موضوع دوران النخبة وتجددها وانفتاحها. لقد ولدت الأحزاب السودانية خاصة حزب الأمة ، الحزب الوطني الاتحادي ( الإتحاد الديمقراطي الآن) ، الحزب الجمهوري ، الحزب الشيوعي، الحزب الجمهوري الاشتراكي " إبراهيم بدري" من رحم الحركة الوطنية وانتسبوا إلي تراثها،والحال أن أكثر من نصف سكان السودان تقل أعمارهم عن أربعين سنة فهؤلاء لم يعايشوا مرحلة النضال الوطني ، كما لم يحتكوا برموزها بالقدر الذي يجعل خطاب الوطنية والتضحية والأقدمية في النضال كافيًا لإقناعهم باستمرار الحركة الوطنية أو من عاصرها متصدرا مراكز القيادة ومصادر صنع القرار.
فمثلا قد نجد البند التالي في دستور أي حزب سياسي " يحق لكل عضو الترشح لتحمل المسئولية والترقي في هرمية الحزب" ولكن من الناحية الواقعية ومن دون أي تحفظ نرى بأن الانتساب إلي مواقع المسئولية في القيادة أكثر صعوبة وأقل انفتاحًا. وكما أنني أؤمّن علي مسألة الانتخاب الحر والنزيه لا أقف موقفا سلبياً من التعيين ولكنني أشدد علي أن الانتخاب حين لا يكون مؤ طرا بثقافة سياسية ديمقراطية لا ينجز مقاصده كما أن التعيين – وهو نقيض التصويت – ليس رزيلة مطلقة في السياسة. فقد يحقق المراد إذا كان مستنداً إلي إرادات نزيهة ترجح الكفاءة والاستحقاق، في حين يغدو أكثر سلبية أن هو مورس علي خلفية الولاء للزعامات والرموز. وعلينا تصور النتيجة ونحن نسقط ذلك على واقع التجربة الحزبية في السودان.
وندلف هنا مباشرة للتجربة المغاربية لنستقي منها الدروس المستفادة ، لقد شكل المؤتمر الثالث عشر لحزب الاستقلال المنعقد في شباط/فبراير 1998م لحظة مهمة بالنسبة إلي القضايا التنظيمية. فخلاله تم انتخاب أمين عام جديد بعد الانسحاب الطوعي من نظيره السابق السيد / محمد بوستة مشكلا بهذه المبادرة أول سابقة في تاريخ الأحزاب المغربية، إذ السائد أن يبقى الأمين العام " الرئيس" موجودا علي رأس الحزب مدي الحياة. وان تداركت بعض الأحزاب هذا المطب خلال مؤتمراتها الأخيرة حددت عدد الولايات التي لا يحق للأمناء العامين تجاوزها(علي سبيل المثال حدد حزب الاستقلال ولاية الأمين العام في سنتين قابلة للتجديد مرة واحدة). والسؤال الخطير الذي نتوجه به إلي زعمائنا السياسيين المخضرمين هو من منكم لديه القدرة علي التجرد من الانا والعمل علي فتح الباب أمام تداول منصب الرئيس؟؟؟ ، وإذا كان ذلك مستحيلا دفعة واحدة فليتم تطبق ذلك تدريجيا بتحديد فترة الولاية.وقد يعترض القاريء بسؤال مهم هل منصب الرئيس وحده القابل للتداول؟ نقول له صدقت ولكن في ثقافتنا للأسف دائما الإصلاح يأتي من القمة وليست القاعدة. ويقاس الأمر ببساطة إذا كان الرئيس لا يقبل بالتغيير فلماذا أقبل أنا وماذا أساوي أمامه؟
كذلك في ظل غياب المؤسسية يصبح منصب رئيس الحزب هو الأهم علي الإطلاق حيث ان كل القرارات السياسية للحزب وإدارته تحت إشرافه المباشر أو غير المباشر بواسطة الوكلاء. وفي رأي إذا تم انتخاب رئيس جديد لأي حزب سياسي اليوم حتما سوف يعمل علي اعتماد لغة اليوم في خطابه السياسي وممارسته العملية. لسبب بسيط فهو قد تحرر من عبء التاريخ وليس مسئولا مسئولية مباشرة عن تراكمات الماضي، يصبح جل همه هو الحاضر والمستقبل واستخدام الأدوات والآليات والمباديء التي تؤهله للقيام بذلك. فهو يعلم ان التسلط والترغيب أو الترهيب أسلحة بالية أمام شباب اليوم وتطلعاتهم والأجدى والأنفع اعتماد المؤسسية والتنظيم والإدارة بمعناها الحديث مما يساعد علي إلتفاف الناس حول برنامج الحزب وأهدافه وليس حول زعيمه.
وهذا تحدي يواجه كل التنظيمات السياسية في السودان بدون أي استثناء خاصة أصحاب مشروع السودان الجديد وهم يتحولون من الشرعية الثورية إلي الشرعية الدستورية ومن العمل المسلح إلي الممارسة السياسية السلمية التنبه لذلك منذ البداية والاستفادة منها تفاديا لكل السلبيات التي أحاطت بالتجربة الحزبية واستصحاب ما أفرزته من ايجابيات.علي رأس هؤلاء الآن الحركة الشعبية لتحرير السودان والحركات الإقليمية في دارفور وشرق السودان في حالة توصلها لإتفاق ينتقل بها من المواجهة المسلحة إلي العمل السلمي مستقبلا ، إضافة إلي تنظيمات سياسية أخرى ،وكل الراغبين في أن يصبحوا جزءا منه.

معا من أجل سودان جديد
15/5/2005م

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved