مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

التستر على الجرائم بإسم حرية الصحافة العربية بقلم عبد العزيز جمعة سلوف-باحث قانوني-ليبيا / طرابلس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/14/2005 2:36 م

التستر على الجرائم بإسم حرية الصحافة العربية
تعتبر حرية التعبير من أكثر مكونات الحريات الأساسية أهمية لأي مجتمع ديموقراطي ، وقد احتل حق الأفراد في حرية الضمير وحرية المعلومات وحقهم الحر في التعبير عن آرائهم مكاناً مرموقاً في عدد كبير من وثائق حقوق الإنسان . إن انتهاك حرية الرأى وحرية التعبير فى السودان لم يبدأ في 30 يونيو 1989م ، فمثلاً في عام 1952 أُقصى حزب الكتلة السوداء الذي كان يمثله فى مجمله النوبة والفور والمثقفين الجنوبيين من المشاركة فى مفاوضات استقلال السودان في القاهرة ضمن القوى السياسية السودانية آنذاك . فالحكومات السابقة منذ الاستقلال لم تول موضوعات العنصرية والمجاعة والحروب في جنوب السودان والتهميش في جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق الاهتمام الذي تسحقه, من المعروف أن الصحافة الحرة تعتبر الضمير الحي في أي مجتمع متحضر وذات ثقافة عالية جداً وفي العقدين الأخيرين من القرن المنصرم وفي القرن الحالي تعتبر الصحافة السلطة الرابعة وإن أعتى الديكتاتوريات في العالم يخافون من الصحافة وإن هدف الصحافة هو تسليط الضوء على قضايا ساخنة وبتجرد وبدون تحيز. إن معظم الصحفيين في دول العالم الثالث تلقوا تدريبهم تحت ظل تقاليد شمولية ، حيث لم يقوموا بإجراء تحقيقات موضوعية وإنما ينحازون بصورة ودرجة كبيرة لها وبذلك يصبحوا عامل من عوامل عدم الاستقرار .
إن هذه المقدمة البسيطة تعتبر مدخلاً للتعليق على لقاء تلفزيوني إسبوعي على الفضائية السودانية باسم (في الواجهة) تقديم الأستاذ/ أحمد البلال الطيب ، وتحديداً البرنامج الذي استضاف فيه بعض أعضاء نقابة الصحفيين العرب الذين حضروا للمشاركة فى فعاليات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية، والأساتذة هم :
1. عبد الله البقالي ، من المملكة المغربية ، بصفته نائب نقيب الصحفيين العرب
2. د. محي الدين تيتاوي ، نقيب الصحفيين السودانيين
3. سيف الإسلام الشريف ، رئيس لجنة الحريات الصحفية ورئيس لجنة تقصي الحقائق في أحداث دارفور .
4. صابر فلحوظ : نقيب الصحفيين السوريين .
قصدت بهذا المقال إجلاء بعض اللبس والغموض في بعض المفاهيم والتي هي من قبيل الأخطاء الشائعة فمثلاً عندما تذكر مسألة انتهاكات حقوق الإنسان فى السودان وعدم احترامه من قبل الحكام والولاة ، فإن المسئولين السودانيين يقفزون بنا مباشرة إلي مسألة انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية وانتهاكات حقوق الإنسان في العراق ، وهذا قياس مع الفارق لأن المواطنين السودانيين تٌنتهك حقوقهم من قبل حكومتهم التي من واجبها صيانة وحفظ هذه الحقوق بينما العراق وفلسطين فإن الغزاة والمستعمرين الذين يحتلون هذه البلاد هم الذين يقومون بانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاك حرماتهم وشتان ما بين المستعمر والحكام السودانيين اللهم إلا إذا هم أرادوا ذلك.
في اللقاء التلفزيوني عبر الفضائية السودانية في برنامج عبر الواجهة بتاريخ 18/04/2005م وبحضرة الأساتذة من نقابة الصحافيين العرب ، سأل مقدم البرنامج أحمد البلال الطيب الأستاذ سيف الإسلام الشريف باعتباره صحفي ورئيس لجنة الحريات الصحافية وأحد الذين شاركوا في لجنة تقصي الحقائق في دارفور ، فماذا وجدتم انتم فى دارفور ؟, وهنا نريد من القارئ أن يسترعي انتباهه في إجابة هذا الصحفي الفذ حيث قال : " لقد قابلنا العديد من الناس هنالك والتقينا بالولاة وقابلنا النائب العام ولم نجد ما يؤكد أن هناك حالات انتهاك لحقوق الإنسان ولا مجازر جماعية ولا إغتصابات ولا حرق للقرى " والسؤال كيف يتسنى لنا أخذ الحقيقة من هم في قفص الاتهام بانتهاكات حقوق الإنسان ؟
فسأله مقدم البرنامج سؤالاً آخر حيث قال باعتبارك صحفي بغض النظر عن جنسيتك العربية يفترض فيك الحياد ، فإن هناك تقرير من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي والإتحاد الأفريقي وإن مجلس الأمن أصدر قراره رقم 1593 بشأن بعض السودانيين بناءاً على هذه التقارير فما رأيك في هذه التقارير؟ .
تصوروا معي إجابة رئيس لجنة الحريات الصحافية في نقابة الصحافيين العرب قال : "لا أثق بهذه التقارير، فالقرار منحاز وضد السودان فنحن نساند السودان ولذلك نرفض هذه التقارير".
فهنا نقول لسيف الإسلام رئيس لجنة الحريات الصحافية ، إن الصحافة مهنة شريفة تستند على الحقائق فإذا لم تعترف أو تثق بتقارير منظمات دولية وإقليمية لها وزنها وتعتبر محايدة مثل الأمم المتحدة ، والصليب الأحمر ، والإتحاد الأفريقي الذي تتواجد قواته على إقليم دارفور والإتحاد الأوروبي فوالله وجودك على قمة لجنة الحريات للصحافيين العرب هي إهانة لنقابة الصحافيين العرب ، حتى إذا سلمنا بحديث الرسول (ص) الذي يقول : أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً . فمن المفترض أن تكون اسما علي مسمى سيفاً مسلطاً ومشهراً في وجه الطغاة. وليس أداة تستخدم من قبلهم لضرب هذه الحريات والتعدي عليها.
فأين كانت نقابة الصحافيين العرب عندما زج بالأستاذ / عثمان ميرغني ، الصحفي والمحلل السياسي السوداني إلى السجن لمجرد التعبير عن رأيه عام 2002م حول معركة توريت بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير الشعبية لتحرير السودان ، و أين كنت عندما قام مراسل الجزيرة في الخرطوم إسلام صالح بتقديم برنامج حول دارفور باسم دارفور الحريق ، حيث قامت قوات الأمن السودانية بمداهمة مقر الجزيرة ومصادرة المعدات والمادة الإعلامية التي كانت جاهزة للبث ، فإذا كان مسئول سوداني رفيع المستوى يقول لا نريد أسرى في دارفور ولا نريد جرحى ، فماذا يفهم من هذا ؟ أليست هذه دعوة صريحة للإبادة الجماعية ؟!!
أما قولك أن النائب العام أكد لنا الدور الإسرائيلي في هذه المنطقة ، فليس من حقك أن تتحدث عن وجود إسرائيل ودوره في دارفور وذلك لسببين اثنين :-
السبب الأول : أن لدولة إسرائيل والمملكة الأردنية علاقات دبلوماسية ومثل هذا القول مردود عليك.
والسبب الثاني : أن الصحافة العربية درجت على جعل إسرائيل شماعة المشاكل ، فقبل أن نعلق أية مشكلة على هذه الشماعة فيجب علينا أن نبحث عن جذور هذه المسألة والمساهمة في إيجاد حلول لها ، فيا رئيس لجنة الحريات الصحافية ، هل أصبح أهل دارفور يدينون باليهودية حتى تساندهم الدولة العبرية أم هم أصبحوا اللوبي الإسرائيلي لإيقاف الحلم العربي المزعوم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى .
أما قولك بأنه لا يمكن التفاوض مع العناصر المناوئة للحكومات إلا في السودان وأن الدعم الدولي للمتمردين يقوي من موقفهم :
فنحن هنا نستشهد بقول الرسول (ص) : ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما ) ، فالظالم نرده عن ظلمه بالنصح عبر هذه المفاوضات عسى ولعل أن يستعيد رشده ويعترف بظلمه ويتوب توبة نصوحة ، أما المظلوم فنسترد له حقوقه . أما التفاوض فيعتبر أحد أهم الوسائل السلمية لفض النزاعات التي تتمثل في المساعي الحميدة والوساطة والتفاوض وهذا ما يميز الشعب السوداني عن باقي الشعوب في كافة الدول العربية – والتفاوض يؤكد رغبة كل الأطراف في حل المشكلة .
أما بخصوص الدعم الدولي للمتمردين ، فقبل الخوض في الدعم يجب أن نسأل عن سبب تمرد فئة ما على نظام الحكم ، فلو عرف السبب بطل العجب ، فمن إختصاصات المجتمع الدولي المساعدة في إيجاد الحلول وذلك استنادا إلى الشرعية الدولية . والشرعية الدولية يقصد بها في علم القانون ، حكم قانوني أو نص أو قاعدة قانونية أو قاعدة عرفية مجمع عليها ، ولا مطعون في مصدرها ، والمساعدة لأسباب إنسانية ١ ، فنحن نرفض أي تزرع بالخصوصية الحضارية أو العقائدية للإنتقاص من عالمية مبادئ حقوق الإنسان – أو تبرير انتهاكها ٢ د.أسامة عبد الرحمن
نعتقد أن رئيس لجنة حماية الحريات للصحافيين العرب وعضو لجنة الصحافيين العرب الموقر لتقصي الحقائق في دارفور من الذين يستندون أو يتذرعون ببعض الخصوصيات سواء كانت عقائدية أو حضارية أو ثقافية مبرراً لإنتهاك حقوق الإنسان ، هذا ما فهمناه في حديثه لمقدم البرنامج الأستاذ / أحمد البلال الطيب .أما الأستاذ / صابر فلحوظ ، نقيب الصحفيين السوريين يقول : إن القرار 1593 / 2005م الصادر من مجلس الأمن ضد السودان قرار ظالم فيمكن أن نسأله عن القرار 1591 القاضي بانسحاب القوات السورية من لبنان فالرئيس بشار الأسد والقيادة السورية تعاملوا مع هذا القرار بحكمة فكان من الأفضل لك يا الأستاذ فلحوظ أن تنصح الحكومة السودانية ان يقتفى اثر الحكومة السورية وتقتدي بها تجاه القرار 1593.
طبعاً ذكرنا الشرعية الدولية عندما تحدثنا عن دعم دولي للمتمردين لكن بصدد القرار فيمكننا أن نتناول الشرعية أو مصادر الشرعية الدولية :
إن الشرعية القانونية ومصادرها في المجتمع الدولي ، تعني النص القانوني أو الحكم أو القاعدة العرفية ، التي أجمعت غالبية الدول على تبنيها وفقاً للمادة 53 من إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ٣.
وبذات المعني ، يمكن أن ينظر إلى الشرعية الدولية ، باعتبارها مصدر القاعدة الملزمة في العلاقات الدولية فتختلط مع أسس المشروعية في القانون الدولي العام ، وإستناداً إلى هذا التفسير تكون الشرعية والمشروعية أقرب إلى مصادر القاعدة القانونية الدولية التي نصت عليها المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي :-
(ج) مبادئ القانون العامة التي أقرها المجتمع الدولي وارتضتها دول المجموعة الدولية .. وهي متعددة .. منها ما يتعلق بالمبادئ القانونية ، ومنها ما يتعلق بإجراءات التقاضي ..
(ه) قرارات وتوصيات المنظمات الدولية أو الإقليمية ، متي كانت تلك القرارات أو التوصيات غير متعارضة مع القواعد الشمولية العامة الواردة في أحكام ميثاق الأمم المتحدة ، أو في المعاهدات الشارعة التي تنظم شأناً دولياً عاماً لا يتعلق بمجموعة من الدول (( إتفاقية جنيف ، إتفاقية قانون البحار ، إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ، إتفاقية روما للمحكمة الجنائية ..الخ )) .
• يثور الخلاف حول مدى إلزامية قرارات مجلس الأمن ، التي من شأن بعضها التعارض مع إتفاقية شارعة أو مع أحكام الميثاق ذاته ، أو مع حكم لمحكمة العدل الدولية ، فالمشروعية الدولية هي تجسيد لإرادة المجتمع الدولي في غالبيته . وبالتالي ، فلا يجوز أن تخالف منظمة دولية صغيرة العدد ما أجمع عليه المجتمع الدولي في اتفاقيات ، وقواعد ، وأحكام موضوعة ، وأن يتم ذلك بإسم الشرعية الدولية .إذاً على نقابة الصحافيين العرب الإقرار أولاً بإلزامية قرارات مجلس الأمن ويجب تنفيذها .
ثانياً : يجب على نقابة الصحافيين العرب مساعدة السودان لتنفيذ هذا القرار لأن السودانيين الذين أشار إليهم القرار مجرد متهمين فالقاعدة القانونية تقول : ((كل متهم برئ حتى تثبت إدانته )) .
والذين يقولون أن السودان لا يجد حلاً سلمياً إلا في محيطه العربي ، لكن لدي بعض التساؤلات لأنصار هذا الرأي :
أولاً :- متى حُلت القضايا الشائكة مثل قضية السودان في المحيط العربي ؟ أين كان المحيط العربي عندما لم يتمكنوا من منع صدام حسين من غزو الكويت ؟ أين المحيط العربي من مشكلة الصومال إلي يومنا هذا ؟ أين كان المحيط العربي عندما فرض الحصار على الجماهيرية العظمى لمدة 10 سنوات في قضية لوكربي ، الذي تمنحه اتفاقية مونتريال حق محاكمة المتهمين الذين يحملون جنسية الدولة داخل أراضيها .
أين المحيط العربي عندما كان يتم انتهاك حقوق الإنسان في السودان على مدى 21 عاماً خاصة في جبال النوبة ذلك الإقليم الذي منع من الإستفادة حتى من برنامج شريان الحياة بسبب عناد حكومة الإنقاذ وجنوب النيل الأزرق وجنوب السودان ومناطق أخرى باسم الحرب الجهادية ضد الكفرة والمتمردين ، وكم حقوق انتهكت باسم المحيط العربي ضد الشعوب والقوميات في البلاد العربية ، على سبيل المثال حرب الجزائر في التسعينيات وفشل المحيط العربي في حماية العراق من الدمار.
فمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول هو الأصل العام ، أما مبدأ التدخل في الشئون الداخلية للدول استثناء ولأسباب إنسانية ، فإذا قبلت الحكومة السودانية التدخل الدولي في برنامج شريان الحياة والتحقيق في قضايا دارفور من قبل الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوروبي والصليب الأحمر وقبول القوات الدولية لحفظ اتفاق السلام الموقعة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة السودانية بتاريخ 9/1/2005 بكينيا. فالمطالبة بتقديم بعض السودانيين للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية جزء من مهمة اللجان المكلفة بالتحقيق ، فبدلاً من الهروب وحشد الجماهير لرفضها القرار1593 يجب البحث عن الحلول التالية :
1. المطالبة بانتقال المحكمة الجنائية الدولية إلى داخل السودان أو الى دولة ثالثة مثلاً .
2. الإستعانة بالخبرات القانونية والمحلية والإقليمية والدولية ، مثلاً الخبرة الليبية في مجال محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بقضية لوكربى .
3. الاستعانة بالشخصيات الدولية أمثال نيلسون مانديلا وبطرس بطرس غالي .
4. اللجوء إلى الدبلوماسية الهادئة لحل هذه المشكلة .
وأخيراً ، نطلب من المنظمات الإقليمية الحكومية وغير الحكومية ، مثل نقابة الصحافيين العرب ، التحلي بالحياد والموضوعية عندما يتصدون لقضايا مثل قضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي وحق الحياة والحق في الحياة .

عبد العزيز جمعة سلوف
باحث قانوني - ليبيا

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved