مقالات من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

لأجل سودان واحد ومستقر (5-5)القوى السياسية السودانية ما لها وما عليها بقلم علم المهدى أحمد عثمان/القاهرة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
5/14/2005 1:02 ص

[email protected] علم المهدى أحمد عثمان/القاهرة
لأجل سودان واحد ومستقر (5-5)
القوى السياسية السودانية ما لها وما عليها
بالتحليل لحوار الأمس فى ظل معطيات اليوم
واضعين فى قفص الاتهام تلك النخبة السودانية .. سنركز على "فظائع" هذه النخبة السياسية فحسب دون "الفظائع" الأخرى التى سنفرد لها مساحة أخرى بحسب الظروف والأحوال.
فأعمل معنا متفضلاً نهاك فإلى هناك:
وحتى يتحرك الساكن فى العقل والوجدان :
أخى فى الوطن العزيز السودان الحبيب: نحن الآن فى أزمة حقيقية .. تتطلب المواقف الجسورة فى الجرأة فى قول الحقيقية وألا نخاف قى قولتها لومة لائم والحيدة إلا للولاء للوطن ، أو بكل تجرد ونكران ذات وإبداء دور فاعل فعلياً حيال القضايا الوطنية محل إهتمام كل وطنى .. تجرى الوطنية الحقه فى دمه .
نعم كل أمة من الأمم بل حتى لكل مجموعة من البشر ماضٍ وحاضرٍ وغدٍ أى تأريخ خاصة .. عندما تدور عجلة هذا التاريخ وفق حركة حلزونية .. بقوة دفع تذبذب الأحداث تتحدد ملامح أية مرحلة بحيث تكون المحصلة النهائية لمرحلة محدودة نتيجة معينة ذات أثر إيجابى أو سلبى.. أو كيفما أتفق .. وعليه فإن طغت إيجابيات تلك المرحلة على سلبياتها.. فسرت مالات تجريتها إلى نجاح محقق.. وإلا ترجم نقيض ذلك تماماً إلى فشل مؤكد .. وهذا يحكى تماماً سنى الحكم الوطنى والتى مشاها السودان ، شعبة ، بل وقادته خطاً خلال الحقبة، الزمنية من يناير 1956 إلى يومنا هذا .. وغموض معالم الغد .. على ضوء ومعطيات الوضع الراهن .. لا نكاد نغالى إن قلنا أن تلك السنوات التى تلت الاستقلال خاصة إلى عصرنا هذا كانت و مازالت ملؤها عثرات وكبوات.. وحادى ذلك من شتى ضروب المحن والإحن وفى خضم ذلك وصلنا إلى واقع .. السودان يكون أو لا يكون. ويثار التساؤل فى هذا الشأن .. عمن المسئول بالفعل عن إنتاج الأزمة السياسية فى السودان بل ومحاولات إعادة إنتاجها. أو قد يزيد فى بعض الحالات وبصورة أكثر ضراوة .. نرد على هذا التساؤل بحيدة تامة لطالما الأمر يتعلق بشأن الوطن وتغليب الولاء إلا له على كافة ضروب الولاءات الضيقة الأخرى .. وعليه نجد أن الحركة السياسية السودانية بجميع قواها. دون إستثناء. قد أسهمت.. كل منها .. بقدر فى هذا التردى .. وعدم الإستقرار .. والفقر الماثل و المخيم على السودان كافة .. إلا من إستأثر لنفسه .. ولا حرج وهذه المثابة .. وعلى حساب المجموعة وإفتئاتاً على إرادات المغلوبين على أمرهم من الوطنين.. وذلك هو الطابع الغالب إبان الفترات المشار إليها جميعها .. والأدهى فى الأمر نجد أن هذه القوى السياسية السودانية .. وفيما يخص تقدير المسئولية الملقاة على عاتقها والدور المنوط بها فى الإسهام بفاعلية وإحراز إنفراج أو إحداث تسوية شاملة منشودة بشأن الأوضاع السياسية فى السودان.. لأجل وضع حد نهائى للمعاناة والإحتراب .. على خلاف ذلك نجد أن هذه القوى السياسية السودانية وكل ما تضطلع به إزاء الدور الإيجابى المرتجى منها خاصة حيال إحلال السلام فى السودان تجده من قبلها مجرد بذل عناية وليس قصداً لتحقيق نتيجة طيبة ومرضية للجميع كما ظللنا ننتظرها.. إلى لك نجد أن هذه القوى السياسية السودانية قد أعماها حب الذات كثيراً والذى صار بالنسبة لها بمثابة عشقاً عبقرياً .. وديدنه إباء التجرد .. إلا أن يكون عتياً.. وهل ما هذا إلا عشق التملك على غير حق أو هدى من الصواب .. أم عشق من لا يهوى .. عين الواقع .. يقول أجل .. أى كل ذلك محل تقدير وإعتبار .. والعمل؟‍‍!! يكمن الرد وراء ذلك.. إن هناك خياران.. لا ثالث لهما.. هما.. إما أن تتنحى هذه القوى السياسية السودانية المعنية كافة: (ذات الصبغة الطائفية وتلك العقائدية – أحزاب الأيديولوجيا ).. الحالية وتنفض يدها عن كل ما يخص الشعب السودانى من حقوق أو ممتلكاته بل وموروثاته .. عاداته وتقاليده وقيمة ومثله ونحوها .. وذلك لأجل إفساح المجال أمام قوى سياسية سودانية جديدة مسئولة تقدر المصالح الوطنية السامية وتغلبها على المصالح الضيقة ذات الصبغة الذاتية.. وأن تعمل هذه القوى الحديثة بصورة مقتدرة وفق آليات ذات كفاءة عالية .. تسخرها بتجرد ونكران ذات لأجل العطاء السخى بلاء حدود وفى كافة المجالات.. وتوضيحاً لمقصودنا بالقوى الحديثة.. لا نقصد .. تلك التى ترفع شعار الإصلاح وهى خالية الوفاض .. أى إصلاح الخروقات التى لا سيما شابت عمل أو أداء تلك القوى السياسية السودانية محل النقد هنا والتى تنتمى إليها تلك القوى الإصلاحية المعنية على نسقها هذا.. لكن يذهب مبتغانا هنا إلى بروز قوى سياسية حديثة الطراز لا تقف على أنقاض تلك القوى النخبوية ولا تجتر إخفاقاتها ولكن تكون بحيث تؤسس لوضع لبنة متفردة لذاتية المواطن ليتمتع بقدر كافٍ من حب بلده وكفل الولاء إلا له ويفخر بالإانتماء له ليحظى بحقوقه وتقدير واجباته إلا على أساس المواطنة دون تميز واحترام مداركة، مفاهيمه،أو إنسايته.. وعقله .. وان تقدم له كل التسهيلات والدعم والتشجيع اللازم الذى يجعل منه إنسان معطاء ومبدع .. وتعويضه كل على ما أحاق به من ضرر جراء الممارسات السياسية ونحوها الخاطئة التى تبدر من قبل تلك القوى السياسية السودانية محل النقد.. ومما يزيد الأمور تعقيداً ممارسة هذه القوى السياسية السودانية لنوع من الوصاية المزعومة غير الشرعية على الجماهير.. أفراد الشعب السودانى.. من جانب حفنة من المثقفين .. لازالت هذه هى عين عقدة الحركة السياسية السودانية المعنية المزمنة بل وسبب كبوتها الأساسى .. بيد أن الوعى الجماهيرى ودرجات نضجه قد خطت خطوات.. غير مسبوقة .. رغم قوقعة وتخلف رموزها .. واللافت للإنتباه .. إن هذا الوعى الجماهيرى المتنامى أصبح بمثابة مصدر أو مثار قلق للرموز أو المثقفاتية المشار اليهم .. إلا أن هذه الوضعية أفرزت تداعيات أمست وما زالت تمثل خطر محدق بهذه الحركة السياسية السودانية لا سيما التى وصلت إلى سدة الحكم.. إذ .. أن ذلك التطور فى وعى الجماهير أفضى فى الإتجاه نفسه إلى كثرة المطالب وقلة أداء الواجب فى الإتجاه الآخر.. وفى أحشاء هذا كمن التحدى .. وظهرت مسيس الحاجة إلى إيجاد ..عقد إجتماعى.. بحيث يضطلع بدور مهم هو إسداء الرشد وكفل التطوير للحركة المطلبية على حد ذاتها .. وبما يؤمن جانب الأخذ والعطاء فيها.. وهذا ما لم نلمسه فى الواقع مما جعل الأمور تسير بنسق لا ينبئ بخير.. لا على صعيد الوطن .. ولا حتى على مستوى الأفراد الذين يضطلعون بالحركات المطلبية لأجل الإنصاف.. إذ الأمر يستدعى وقفة بمسئولية عالية .. إلا أنه فى الواقع أن عوامل تحقق ذلك تتضاءل أمام المد و الجذر الماثل على .. يم ..الساحة السياسية السودانية اليوم .. مما يغلب فى الإتجاه الآخر ضرورة وحتمية تجاوز النمطية فى هذه الأمور ذات القدر العالى من الحساسية ولدواعٍ وطنية صرفة تستوجب تنحى كافة القوى السياسية السودانية الحالية سبب الازمة وإحلالها بقوى سياسة سودانية أخرى كما ذكرنا تكون من طراز جديد وأكثر قدرة على العطاء والإبداع فى كل المجالات.. ويجد ذلك الرأى لنفسه حجية حتى من منطلق فلسفى .. ليس عيب الفشل .. ولكن العيب .. كل العيب أن نظل حيث فشلنا إلى ذلك تشئ علة الركون قيد مناط الفشل هى تكرار الأخطاء بإطراد من قبل هذه القوى السياسية السودانية المشار إليها ومسلكها المعيب هذا الذى أقحمنا فى عصر تيه سياسى بغيض .. يكتنفه تحنيط مقيت للفكر السياسى ..إلى ذلك أيضاً هناك حقيقة يشئ ذكرها غاية فى الأهمية .. هى أن النهج الذى مارسته تلك القوى السياسية السودانية نحو أفراد الشعب السودانى وإيثار البقاء رهن ربقة ذلك لهو من صميم عوامل تخلفنا عن ركب الحضارة وتعطيل طاقات الجماهير وتكبيل خطوات تطورهم وإبداعهم وكل ذلك مع سبق الإصرار والترصد من قبل هؤلاء .. ولما فى ذلك أيضاً من إغفال لقدرات الإبداع الذاتى .. وزعزعة عوامل الثقة بالنفس على كافة الأصعدة .. والسبب الأساسى فى الخمول والعزوف وإنتشار العطالة أو البطالة فى ظل التبعية العقيمة على غير هدى من التبصر والدراية من قبل البعض فى إطار التأثير المضروب والمفروض عليهم من قبل هذه القوى السياسية لا سيما التقليدية فى مجال الخداع والتدليس الغير مبرر منطقياً. . ونتقدم هنا بالدعوة الصريحة والمناشدة بأن تكفل لهذه القوة الحديثة .. الحقوق فى تكوين أحزاب سياسية على نسق حديث يؤمن على إيجابيات تجارب الماضى و يتجاوز سلبياتها وأن يضمن ذلك فى صلب الدستور السودانى المؤقت المعتكف على وضعه حالياً وبما يوضح الرؤية بشأن تمثيلها فى الديموقراطية القادمة وعلى نحو أكيد ستجد هذه القوى الحديثة إحترام وإستجابة كبيرين من قبل جماهير الشعب السودانى الذى ترسب لديه إنطباع غير مشرف عن النخبة السياسية السودانية المعنية بشتى ألوان طيفها.. وسبب المأساة هو أن هذه النخبة جاءت يافعة سياسياً للمعترك السياسى وتعلمت فينا .. أى كنا نحن أفراد الشعب السودانى حقل تجارب جراء ذلك .. وبحكم أننا ندعوا لإبراز قوى سياسية حديثة ومبرر ذلك أن علمتنا التجارب التى أجريت فى فناء حقلنا .. ورب ضارة نافعة .. يكاد نفعها مطلوب الإفصاح عنه بخاصة عند هذه الأثناء الدقيقة ذات الظروف الملحة ومقتضيات هذا التغيير المهم المرتقب.. وأهمية ذلك تكمن فى أننا فى غنى عن أن نجعل من الشعب السودانى حقول تجارب أخرى .. لأننا كما أسلفت بأننا أستفدنا من تمرير هذه التجارب فوق رؤسنا من قبل هؤلاء .. تلك النخبة السياسية ولحظنا لممارساتها الخاطئة عن كثب ودراية تامة بالأمور مما أكسبنا زيادة على ذلك مناعة لمقاومة أية محاولات لإثارة أية إخفاقات على نحو ما قد مضى .. وفى ذلك خير كثير للسودان وأهله المغلوبين على أمرهم والذين طال صبرهم حتى درجة النفاد فى إنتظار هذا التغيير الذى يكمن وراءه المخرج الحقيقى من الأزمات المخيمة على السودان ووضع حد للأخطار المحدقة به .. لينعم أهله بالرخاء والخير والرفاه . إن التحديات الأساسية لحكومة سودانية فى المستقبل، تنتهج نهجاً ديموقراطياً، هو كيفية التغلب على الفقر فى السودان، خاصة وأنه يمثل مشكلة كبرى. ويجب أن تعالج هذه المشكلة وعلى كافة المستويات.. بدءاً بتحدى الإقتصاديات الكبرى والشاملة، كالتفاوض بشأن تخفيف عبء الديون ونهاية بتحدى الإقتصاديات الصغرى مثل تصميم برامج تهتم بإحتياجات أفقر الفقراء، خصوصاً النساء فى المناطق الريفية والنازحين فى المدن. فيتطلب الإعتراف من قبل الكافة بأهمية أثر مشكلة الفقر .. وأن ينخرطوا جميعاً فى نقاش مفتوح.
أما بشأن هذه النخبة السياسية السودانية لا يسعنا فى خاتمة المطاف إلا القول: بأن المقادير تجرى فى أفلاكها آخذه فى معيتها الخير والشر ،الحق والباطل ، العدل والظلم ، وعلاوة على ذلك نجد أن إرادات الجماهير جراء ذلك مغيبة وعن قصد.. وجريان الحوادث قد يأتى بالشر ويحكم الباطل ويبرر الظلم .. ندلل على ذلك بتصريحات لبعض هذه النخبة السودانية ..فى آيام قد خلت.. وبعد التقديم المثالى والموضوعى لذلك مع التحليل والمقارنة بما يجرى حالياً فى الساحة السياسية السودانية .. لوجود خيوط رفيعة ذات صلة بما يجرى حالياً هناك بالسودان ولنضع هؤلاء "النخبة السياسية السودانية" جميعاً فى .. قفص الإتهام .. مستلهمين فى ذلك ببعض التحقيقات التى أجريت بصورة فعلية معهم فى فترة الآيام الخوالى فى دنيا الصحافة السودانية أو غيرها وذلك لنضطلع وهذه الوضعية بإجراء مواجهة بينهم جميعاً لإتحاد الوقائع والتحقيقات المثارة بشأنها ومن بينهم من هو متهم على أساس أنه فاعل أصلى فى " الفظائع " المقترفة وآخرين شركاء فى ذلك : (تأخير مسيرة تقدم السودان) أى ساعدوا أو سهلوا أو حرضوا على حدوث ذلك ومنهم من هم شهود عادين أو شاهد ملك وآخرين مؤاذرين على وجه العاطفة وغيرهم مع الزفة وآخرين دونهم لا نعلمهم يعلمون أنفسهم كما أولادهم .
دورنا الذى نضطلع به هنا دور ممثل الإدعاء دون إصدار حكم من قبلنا بالإدانة أو البراءة .. كى نترك الحكم للشعب السودانى فإلى مضابط "المواجهة " :

حزب الأمة القومي
(السيد الصادق المهدى –الخرطوم – التاريخ 13 ديسمبر 1985م )
.. كثيرون (النخبة السودانية) دار حولهم جدل طويل ..تمت بداية التحقيق مع السيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة القومى وبحكم أنه رئيس الوزراء الأسبق .. فى ظل آخر حكومة ديموقراطية آثرنا البدء به .. السيد الصادق المهدى من مواليد 25 ديسمبر 1936 دخل المعترك السياسى بصورة فعلية فى 26 يوليو 1966 بعد الإطاحة بالمحجوب وشغل منصبه فى غياب المحجوب إبان زيارة الأخير لنيروبى لحضور مؤتمر هناك وما إن عاد وإلا أن وجد الحزب منشق على نفسه.. وكان وراء ذلك السيد الصادق المهدى الذى أصبح رئيساً للوزراء إثر ذلك وكان وقتها فتياً لا يتواءم وصغر سنه مع أعباء المسئولية الجسام وهموم المنصب .. حاديه فى ذلك عشق السلطة .. بيد أنه لا أحد يستطيع أن يقلل من مقدراته الفكرية أو الثقافية أو السياسية .. لكنها وللأسف والحق يقال كلها ظلت حبيسة المستوى النظرى .. أى رهن الرفوف وأضابير الكتب فقط لم تتعداه هى إلى طور التطبيق ونقدنا هنا للسيد الصادق الصديق المهدى يأتى فى إطار نقد الذات البناء وليس نقد للآخر.. ولا نقصد من وراء ذلك الإساءة إلى شخص أو التطاول على سيادة أحد فحسب؛ لأن الباعث هنا موضوعى تمليه ضرورات وطنية صرفة ومقتضيات المصلحة العامة؛ ..السؤال هنا موجه (للسيد الصادق المهدى –الخرطوم – التاريخ 13 ديسمبر 1985م ) صيغة السؤال: هناك أطراف تسعى "للبننة" السودان خاصة بعد تبنيها مسألة تسليح الأهالى وإقامة مليشيات فى غرب السودان.. هل توافقون على هذا الرأى .. لا سيما وأن التداخل العرقى والقبلى فى تلك الأقاليم واضح المعالم؟ الإجابة : من قبل فضيلة الإمام السيد الصادق المهدى .. صيغة الإجابة: "لبننة" السودان هى الحالة التى يمكن أن تحدث ليس بسبب هذا الموضوع ولكن باستعمال القوى السياسية للسلاح فى سبيل حسم قضياها السياسية وهى يمكن أن تحدث إذا فرط السودانيون فى أمنهم وانضباطاتهم وسمحوا لجهات معينة أن تستهر بالديموقراطية!!. وفى رد على تساؤل آخر ذا صلة بالتساؤل السابق .. صيغة الإجابة (نعم هناك بعض القوى التى تملك أسلحة ومستهترة بالتوجه الديموقراطى .. ونتوقع أن يكون الموقف حازماً فى هذا الموضوع لأنه مدخل للبننة السودان .. أما مسأله الحدود فقد أقترحنا على الحكومة تكوين قوات دفاع شعبى لحرب العصابات إضافة لقواتها النظامية لأنها أقدر على حرب العصابات وهى أكثر حسماً لصد العدوان!!). ..
التحليل:
ولفحصنا للمعلومات الواردة ضمن التصريحات فى الإجابتين كما تقدم وتفضل سيادته.. نجد أن الرجل يعنى ويعى ما يقول تماماً. أولاً ذكر أنه .. إن "لبننة" السودان أى الإنفلات الأمنى فيه على غرار ما جرى فى لبنان.. جراء الحرب الأهلية ..فى تلك الفترة من الزمان على حد قوله لا يمكن أن يحدث بسبب الأهالى الذين تم تسليحهم بواسطة حكومته وما أقامته من مليشيات فى غرب السودان آنذاك .. وقد أثارت هذا الموضوع كثير من الجهات ونحن إذ نرافع بإسم السودان بحكم وطنيتنا التى تحتم علينا الإضطلاع بذلك.. ونقول إن هذا التصريح من قبل فضيلته بشأن هذه الوضعية فهو رد .. ومما يبرر ذلك وما يتهدد السودان اليوم على غرار تلك "اللبننة "ما هو إلا ما قام على أنقاض ذلك التسليح للأهالى وتلك المليشيات وما يجرى فى غرب السودان حالياً من أزمات .. ثانياً ذكر أيضاً بأن سبب "اللبننة" يمكن أن يأتى عن طريق إستعمال القوة السياسية للسلاح فى سبيل حسم قضاياها السياسية وهى يمكن أن تحدث إذ فرط السودانيون .. (يقصد القوى السياسية) .. فى أمنهم وإنضباطاتهم وسمحوا لجهات معينة أن تستهر بالديموقراطية .. ألم يكن ذلك من قبيل التكهن من ناحية السيد الصادق المهدى هروباً من حقيقة الإعتراف بواقع الأسباب الأساسية التى تدعو إلى تمزيق السودان وتهديد سلامه بل وإنفلات أمنه .. ورمي فى ظل هذا التكهن إلى التمهيد إلى وضعية كأنما كان يتوقع مثوله حيالها ويبرر لنفسه كما ذكر بأن حمل السلاح يكون ما معناه مبرراً لأجل حسم قضاياه السياسية بحكم أنه جزء من هذه القوى السياسية التى أشار اليها وإن كان قد أعاب على هذه القوى السياسية هذا المسلك من قبل ..وجعل منها مشجباً علق عليه تلك السوءات آنذاك كما ذكر أن مبرر حمل السلاح لا يحدث إلا من قبيل تفريط السودانيين فى أمنهم وإنضباطاتهم على لسان حاله وذكر أيضاً أن هذا المسلك أى حمل السلاح ضرب من ضروب الإستهتار بالديمقراطية ..هذا ما يحدد بالفعل أين السيد الصادق المهدى اليوم من تلك التصريحات.. والدعوة لحمل السلاح هذه الأيام فهل هى رغبة أكيدة من قبل فضيلة السيد الإمام لإحداث "لبننة" أو "صوملة" السودان .. وأين ذلك كله من التحلى بالإنضباط وتهديد الأمن وعدم الإستهتار بالديموقراطية التى أضحت وسيلة للوصول إلى السلطة ومجرد شعاراً يرفع لأغراض الحملة الإنتخابية وتظل قيد ذلك فحسب وليست غاية أكيدة .
الجبهة الإسلامية القومية:
(الدكتور حسن الترابى - الخرطوم 15 سبتمبر 1985م)
الشخصية الثانية.. الموضوعة فى قفص الإتهام أيضاً الدكتور حسن الترابى تلك الشخصية المثيرة للجدل.. ولد الترابى سنة 1932 بكسلا ولج المعترك السياسى السودانى بصورة فعلية فى عام 1964 عندما صار أميناً عاماً لجبهة الميثاق الإسلامى .. يجيد الخطابة يجنح فى خطابه أحياناً إلى الحيد عن الحقيقة ويتقن المكر والدهاء والمداهنة ولا يتحرج من النفاق إن لزم وهذا مناط خطورته حتى على بنى جلدته إنتماء كما بدا أخيراً وعامل أساسى حدا بهم إلى تقيد حركته وسلب حريته .. الترابى يجيد المراوغة .. الإنتقائية وإزدواجية المعايير فبينما تجده تتجه خطواته فى مسعى للإحتفاظ بالسلطة وتدجين المعارضين.. تجده فى منحى آخر يعمد إلى قهر معارضيه وفق شتى ضروب الإعتقالات والإضطهاد والتعذيب وآليات تنفيذ ذلك المتنوعة وما هى إلا من صميم إبتكاره الهدام.. تحت مظلة دواعى الزود عن حمى الوطن والدفاع عن شرع الله إعلاء كلمة الله .. ، .. إلى درجة أن أحد النواب الديمقراطيين أدلى برأيه فى هذا الشأن قائلاً: (أعتقد أن هناك مأساة هائلة فى السودان هى إلى حد كبير من صنع هؤلاء الناس الذين يسيطرون على الحكومة التى يمثلها هذا السيد) يقصد د. الترابى وأعوانه .
فإلى مضابط التحقيق (الخرطوم 15 سبتمبر 1985م) صيغة السؤال الموجه إلى الدكتور الترابى: (الظروف التى حدت بكم فى المشاركة فى طرد الحزب الشيوعى عام 1965 فى البرلمان هل مازالت ماثلة إذا ما تسنى لكم الوصول لقبة البرلمان مشاركة مع الأحزاب الأخرى بما فيها الحزب الشيوعى؟ أم مستعدون لإحترام تعددية الأحزاب!!).
نص الإجابة (.. ذلك يتوقف على طبيعة الحزب الشيوعى السودانى وأحسبه أنه مازال يقوم على مناقضة كاملة لكل أصول الدين وذلك خطر على الدين وعلى الديموقراطية لأنه لا يؤمن بالديموقراطية .. والليبرالية .. ولا التعددية الحزبية أصلاً !! ويقدر أن النهج الصحيح لنيل السلطة هو الثورة المسلحة!! والبقاء فيها بقوة ديكتاتورية البروليتاريا.. ولا يؤمن بالوفاء بالعهود السياسية لأنه يعتبرها حيلة يستغفل فيها المغفلون!! وهذه هى ممارسته فى كل أوروبا الشرقية والحزب الشيوعى السودانى كان يتمسك بهذه النظرية الكلاسيكية وهو موصول صلة وثيقة بموسكو ولذلك لا ينطلق من منطلق وطنى.. وقد تتناقض مصالحنا الوطنية مع موسكو ولسوف يكون الأقرب إليها !! برغم أن هناك الأحزاب الشيوعية الأوربية التى تجاوزت أيديولوجيتها الماركسية الإلحادية وأصبحت تحاور الدين المسيحى كما فى فرنسا مثلاً.. ولذلك عندما اتخذ الحزب الشيوعى مثل هذا الموقف قبل الحرب العالمية الثانية .. حلته الجمعية الوطنية الفرنسية فى إطار ديموقراطى ليبرالى مثلما فعلنا تماماً.. ولم يكن بدعة لأننا لا نقبل لأحد لا يؤمن بالديموقراطية ويريد إستغلالها ليقوضها ولا يقبل غيرنا!! وعلى الحزب الشيوعى السودانى أن يحدد موقفه إذا إدعى أن يعمل فى الإطار الوطنى أن يؤمن بالديموقراطية ولابد أن إستوثق من ذلك حتى لا أستغفل!! وإن ظل على نهجه القديم فلسوف يعيد وجه التاريخ الذى كان بالأمس!!) .. نص آخر بشأن تفويض النظام الديموقراطى فى السودان ذكر الدكتور الترابى أيضاً: (.. الديموقراطية فى السودان مقوضة على أية حال إذا سمحت لشخص أن يعمل داخل القوات المسلحة ويجلب السلاح ليرميه فى وجهك!! بإستغلال الحريات الديمقراطية .. ليقبلها عليك أنت المغفل وحسب .. ليست هناك ديموقراطية فى العالم تقبل بهذا.. مثلاً كل الديموقراطيات ترفض اليوم الإرهاب أو أى وسيلة غير ديموقراطية وكلها ترفض الأحزاب التى لا تؤمن بالديموقراطية مهما تكون آراء الحزب.. ما دام يؤمن أنه لن يصل بها إلى الحكم .. إلا من خلال رضا من أغلبية الشعب ، وإذا تغير هذا الرضا سيتراجع. إذا قبل هذا المبدأ وقبل الوفاء بالعهد السياسى يقبل ..).
التحليل:
هذا الرجل وكما ينعت كونه مثير للجدل تجده دوماً آمراً للناس بالبر وناسياً نفسه.. وفى معرض ذكره خلال هذا التصريح الذى أدلى به تجدد حظر على الحزب الشيوعى المشاركة مثله مثل الأحزاب السودانية الأخرى وتمثيلها فى البرلمان وسبب حظره هذا لا يستند إلا لسبب واحد يكاد يكون وجيه إذا التزم نفسه بمراعاته قبل أن يطالب الآخرين بالإلتزام به وهذا السبب كما إتضح هو أن ما يقوم به الحزب الشيوعى السودانى بشأن مناقضة أصول الدين مما يشكل خطراً على الدين والديموقراطية ..على حد قوله: لأن الحزب الشيوعى السودانى لا يؤمن بالديموقراطية والليبرالية ولا التعددية الحزبية من أساسه. ويدلف بأن رؤية الحزب الشيوعى لنيل السلطة هو الثورة المسلحة.. والبقاء رهن ربقتها بقوة دكتاتورية البروليتاريا ولا يؤمن بالوفاء بالعهود السياسية.. لأنه يعتبرها حيلة يستغفل فيها المغفلون والرجل.. الترابى .. يسرد فى كل هذه النعوت وإلصاقها بالحزب الشيوعى كما ترون.. ولكنه وحسبما بدر لاحقاً منه وأرتاله كأنما كان يريد أن يفصح لنا آنذاك عن حقيقة ما يضمره لكنه أراد إبرازه أمام أعين الآخرين معلقاً على مشجب الحزب الشيوعى السودانى .. الذى يزعم حسب ما أدلى به هنا بأن هذا الحزب لا ينطلق منى منطلق وطنى وهذا عين ما بدر منه نفسه إبان تجربته فى الحكم الأخيرة منذ الثلاثين من يونيو إلى أن تمت إقالته فى أحداث الرابع من رمضان الشهيرة.. التى إنقلب فيها السحر على الساحر حتى إستبشر أهل السودان خيراً فى تلك الأثناء من ذاك الشهر الكريم وأيقنوا بأن من نعمة هذا الشهر أن جعل أوله رحمة إتجلت فى هذا التغيير لأن ..لإن إستمر الوضع على حاله لتجلت ملامح اللاوطنية وإنداحت حلقتها حتى تجاوزت حدود المعقول.. إلى آتون اللامعقول الذى لا نجد فى طيه وطن وفى مجمل حديثة أيضاً عن الأسباب التى أدت إلى تفويض النظام الديموقراطى فى السودانى فيقول: أن الديموقراطية مقوضة على أية حال.. إذا سمحت لأى شخص أن يعمل داخل القوات المسلحة ويجلب السلاح ليرميه فى وجهك .. بإستغلال الحريات الديموقراطية .. يقلبها عليك أنت المغفل فحسب.. وهذا ما تم بالفعل وكان واقعاً عشناه بأن قوضت الديموقراطية الأخيرة على نفس النسق الذى ذكره الرجل.. الترابى ..الذى كان العقل المدبر وراء كل ذلك .. وفى حين غفلة من القائمين على أمر النظام الديموقراطى الذين إستغفلوا كما يرى لأنهم مغفلين إذ سمحوا لهؤلاء بإستغلال الحريات الديموقراطية لتقويضها.. وتجدنا لم نعى الدرس بعد والواقع حالياً أصدق شهادة حتى داخل أحزابنا (المهلهلة هذه والتى همها الأول والأخير هو الوصول إلى السلطة تحت شعار من أجل الديموقراطية المستدامة.. ويسألونك عن الديموقراطية آيان مرساها .. قل فيما أنتم من ذكراها إلى القوى الحديثة المرتقبة منتهاها..) وخلاصة الأمر أن الترابى .. يؤيد القول الرامى إلى أن للديموقراطية أنياب.
النظام الإتحادى الإشتراكى:
(الرئيس جعفر محمد نميرى - القاهرة – جريدة السياسية الكويتية – 1991)
هنا نضع الرئيس الأسبق للسودان الرئيس جعفر محمد نميرى فى قفص الإتهام أيضاً.. الرئيس جعفر محمد نميرى تولى السلطة فى السودان فى 25 مايو 1969 بعد الإطاحة بحكومة الصادق المهدى الديموقراطية.. وبدأ نميرى بحل مشاكل السودان المتراكمة وإبداء المزيد من حسن النوايا إزاء سكان الجنوب وإبان فترة حكمه عقدت إتفاقية أديس أبابا 1972 رغم أن البعض من منتقدية كان يرى فى باطنها العذاب وظاهرها الرحمة. التى نصت على المصالحة بين الشمال والجنوب وأعترفت للجنوبيين بحقهم فى الحكم الذاتى وإثر ذلك جاء تعيين زعيم التمرد آنذاك "جوزيف لاقو" فى منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية .. لكن فى نفس العام شهدا أحداثاً دامية جراء فشل إنقلاب هاشم العطا الشهير مما حدا بنميرى لحل الأحزاب السياسية وإعتبر أن السماح لها بالنشاط السياسى مجرد ضرب من العبث وقام إثر ذلك الإنقلاب بإعدام الكثير ممن شاركوا فيه .. وفى عام 1976 واجه نميرى تمرداً مسلحاً آخراً أطلق عليه فيما بعد الغزو الليبى المسلح.. وإستمرت عمليات التمرد ضد حكم نميرى خاصة فى عام 1978 لفترة طويلة .. كما وقعت عملية تمرد مسلحة فى الجنوب. فى عام 1982 مما حمل نميرى إلى نقض العهد عما أتفق عليه فى إتفاقية أديس أبابا وقام بتقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم تحت مبرر تقصير الظل الإدارى وبذلك يكون قد ألغى الحكم الذاتى مما أدى إلى ظهور حركة "قرنق" لتبدأ مرحلة جديدة من التمرد فى العام 1983 وإستمرار الحرب الأهلية إثر ذلك لتضع أوزارها فى العهد الحالى إبان اتفاق إطارى (البشير _قرنق) لوضع حد نهائى للحرب الأهلية فى السودان وإحلال السلام فيه وعرف فيما بعد بإتفاق التاسع من يناير .. إلى ذلك قام نميرى إبان فترة حكمه الأخيرة بالتحالف مع الجبهة الإسلامية وكما يرى البعض أن ذلك هو سبب كبوته بحكم المقلب الذى إرتشفه جراء ذلك وعلى حين غفلة عندما.. قِيمَ.. بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بصورة تعسفية الدين منها براء على رأى الكثيرين .. ثم إنقلب نميرى على حلفائه الجدد الأخوان وقام بإعتقالهم بتهمة الخيانة وتدبير المؤامرات فى مسعى للإنقلاب على نظام حكمه .
بداية التحقيق:
.. ونعود إلى حيثيات التحقيق: فسئل الرئيس نميرى عن إضطهاد الديموقراطية.. صيغة السؤال (الديموقراطية تعرضت للإضطهاد والقصور فى الممارسة إبان حكمك .. هكذا يقولون؟) .. الإجابة على حد قوله (إذا كنت تعنى بالديموقراطية هى: نفوذ الطائفية الحزبية.. فسمى الأمر إضطهاداً.. أو أى شئ .. أما إذا كنت تقصد بالديموقراطية .. أنها حرية الرأى .. فالعكس هو ما حدث .. الديموقراطية موجودة ومتقدمة لسنوات .. لأن الديموقراطية هى مشاركة الشعب فى العمل والشعب السودانى كله شارك فى المؤسسات وبعض السودانيين تجدهم مشاركين فى أكثر من مؤسسة .. فى الحى والعمل فى مؤسسات أعلى .. وأذكر أننى حينما طلبت الإجتماع .. مع قادة محافظة الخرطوم إكتشفت أن عدد الحاضرين بلغ 13 ألفاً من القيادين .. كذلك فإن عدد المجالس المحلية والإقليمية بالسودان بلغ خمسة آلاف – كل مجلس به على الأقل 12 عضو 25% من النساء .. السودان فى عصرى كان لا يوجد حجر على رأى .. وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد أنه فى زمن "نميرى" كان السودان كله ممثلاً فى مجلس الشعب أتى بالإنتخابات وأيضاً رئيس الجمهورية جاء بالإنتخاب .. وكان الشعب ينتخب بواسطة النظام السياسى وهو النظام الوحيد دستورياً .. وبعد أن ينتخب عن طريق النظام السياسى يجرى إستفتاء وإذا نقص عن 75% فإنه لا يصلح لتولى الرئاسة .. وبالنسبة للنواب فكلهم يأتون عن طريق الانتخابات.. هناك نواب مناطق جغرافية ونواب إدارين ونواب عمال وموظفين ومحاسبين وإقتصاديين وأساتذة جامعة كل قطاع من القطاعات ينتخب نوابه .. وكانت هناك نسبة 10% يعينهم رئيس الجمهورية منهم علماء ورجال الدين.. وكانت كل مديرية لديها مجلس شبيه بمجلس الشعب مجلس يأتى عن طريق الإنتخاب.. وكل 3 أو 4 مديريات لديها مجلس إقليمى وحكومة يأتيان بإنتخابات هذه هى الديموقراطية فى زمن "نميرى" .. فهل الديموقراطية هى ضرورة وجود الأحزاب مثل الأمة والوطنى وغيرها؟!! وأيضاً كانت هناك مجالس للقرى حيث إن أهلها لا يقرأون ولا يكتبون فكانت تعقد لهم اجتماعات تحت الشجرة ويتناقشون ويعرضون مطالبهم وكل النقابات والإتحادات كانت تتم بالإنتخابات).
وفى مجمل رده على تساؤل: (العسكريون فى السودان.. لماذا إستمر حكمهم لفترات طويلة؟).. فرد قائلاً: (بداية حكم العسكريون بدأت مع الفريق إبراهيم عبود عام 1958 وكانت البداية أن المدنين أو من يسمون أنفسهم بالديموقراطيين هم الذين طلبوا من عبود تسلم الحكم وكان ذلك نكاية فى الأحزاب الأخرى المعارضة..).. كما أردف قائلاً: (أفضل حكم للسودان هو الذى يكون فى ظل النظام الشمولى .. والعسكريون هم أفضل للقيادة .. بحكم طبيعة عملهم بالإضافة إلى أنهم يمثلون قطاعاً عريضاً من الطبقة المستنيرة .. فالضباط فى القوات المسلحة هو مواطن قبل كل شئ .. فالإنحراف والفساد اللذان تمارسهما الطائفية فى الحكم لا يمكن أن يصمت عليهما العسكريون.. وضماناً لإستقرار السودان لابد من النظام الشمولى بالنسبة للحكم..).
التحليل
وحسب تقديرنا فى ظل هذا الفيض من المعلومات المدلى بها من قبل سيادته (نميرى) نلتمس أولاً: بشأن إضطهاد الديموقراطية والقصور فى ممارستها ويذكر أن ذلك مرده إلى الإنحراف والفساد فى ظل نفوذ الطائفية الحزبية التى تمارس ذلك فى الحكم غير آبهة بمصالح الوطن ولا الشعب المغلوب على أمره.. وهذا ما حمله إلى درجة تفضيل النظام الشمولى لحكم السودان على تلك الأحزاب الطائفية التى تدعى الديموقراطية وتتباهى بها خداعاً وتدليساً ويسوغ لذلك بأن العسكرى يتحلى بالانضباط والدراية بشئون وطبيعة عمله بمنأى عن أى مؤثرات تؤدى إلى ذلك الفساد أو ذاك القصور ويتفق معه الكثيرون فى ذلك على حسب رأيه وأكد على ذلك بلجوء بعض هذه الأحزاب الطائفية إلى المؤسسية العسكرية بشأن أن تتسلم منها هذه المؤسسة زمام الحكم وهذا إعتراف صريح من قبل الأحزاب الطائفية المعنية بأن هذا هو الخيار الأفضل لحكم السودان أى النظام الشمولى.. وهذا حسب مقصوده .. ويسترسل والعجب يغمره قائلاً :بسخرية.. فهل الديموقراطية ضرورة وجود الأحزاب مثل الأمة والوطنى وغيرهما.. ما مؤداه أن الديموقراطية يمكن أن تكون بغير هؤلاء الذين يرى أن أفكارهم ورؤاهم قد أكل الدهر عليها وشرب .. ولم تعد صالحة بعد وهى هدامة أكثر منها بناءة بحكم التحنيط المقيت التى هى قابعة رهن ربقتة ولن يتسنى لها الخروج منه.. ويرى أن أحزابهم هذه وهلاميتها قد عفا عنها أو تقادم عليها الزمن ونامت عند مرساها الأحداث لا سيما تلك المؤلمة حتى طلب الناس منها الخلاص والتحرر من أية تبعية لها.. وذلك حسب تحليلنا والوضعية الماثلة هذه.. لكن نعود فنقول فهل كانت الديموقراطية فى عهد نميرى نفسه ..على نفس هذا القدر والنحو الذى تفضل به من التقدم وتوسيع دائرة المشاركة.. هذا الأمر من بعض الوجوه سليم ويعتوره الخطأ من وجوه أخرى لأننا نعى وندرى ونفهم ما يجرى حولنا تماماً.. ففى عهد نميرى كان نظام الحكم فى يد حزب واحد.. النظام الاتحادى الاشتراكى.. فأكيد أن هناك قوى سياسية أخرى مقصية والرجل لا ينكر ذلك بل يقرره بأن الديمقراطية حسب مقصودة لا تعنى ضرورة وجود مثل هذه القوة السياسية.. فهذا أمر محمود حتى ولو من قبيل: (الإعتراف بالذنب فضيلة) .. لكن لابد من حمله كلامه الجميل هذا محمل الجد عما هو مطلوب من توسيع دائرة المشاركة لكل أفراد الشعب كما أوضح وبالطريقة المثلى المناسبة التى يرى خلالها إستقرار السودان حتى وإن أدى هذا إلى غياب بعض القوى السياسية لأنك فى النهاية .. لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء .. وهذا على ما نعتقد هو عين مقصود إفصاحه.. ونذكر هنا أن هل مبادرته (نميرى) الأخيرة وتأكيدها بصيرورتها واقعا.. لأن يكون مع الرئيس (البشير) فى حزب واحد ما هو إلا تأكيد لقناعته بهذا الخيار الأفضل لنظام الحكم فى السودان. .المهم أن هذا الرجل "نميرى" أسس عقيدته على مجمل فهمه لأنظمة الحكم المختلفة كمعطيات أمامه على ما نعتقد ..وهى تتشكل بظروف الواقع وأحواله فتكون: حكومة الصفوة المثقفة (الإرستقراطية) (Aritocracy) أو المصالح العائلية (الأوليجاركية) (Oligarchy) أو الإرادة الشعبية (ديموقراطية = Democracy) أو تستند إلى الدين بيوقراطية (Theocracy) أو إلى قوة الحاكم وإرادته (ديكتاتورية: Dectatorship) ومن هذا المنطلق على نحو ما تفضلنا..فكانت توليفته من بين هذه النظم من نظاميين هما الديموقراطية والديكتاتورية لتضطلع الأخيرة بدور اليد القابضة من حديد لحماية الأولى.. هو يرى كذلك على حسب تحليلنا هنا.. أما بقية الأنظمة فيجئ دورها إثر تأثيرات مختلفة قد تزيد أحياناً وتضاءل أحياناً أخرى أمام المد والجذر الذى سبق أن أشرنا إليه.. والمستفاد من هذا التحالف بين "نميرى" والبشير" هو إستلهام هذه الأفكار .. وزيادة على ذلك بأن تضمن هذه فى صلب الدستور ليظل الحارس لأية بادرة أمل فى ديموقراطية لاحقاً حتى ولو فى إطار هامشى حسبما يراد لها ذؤى الشأن الفعلين والسلطة وحسب الظروف والتداعيات والمآلات ما أمكن إلى ذلك الطريق الأمثل سبيلاً .
الحزب الشيوعى السودانى:
(السيد محمد إبراهيم نقد - الخرطوم 17 سبتمبر 1985م)
كان مولد هذا الحزب بعد مخاض عسير فى أغسطس 1946 وتدرج فى تحت مسميات عديدة منها الحركة السودانية للتحرر الوطنى وما لبس أن تغير هذا الإسم بعد عقد من الزمان. وكانت لوجهة أفكاره وبرامج عمله ورؤاه أن نشأ فى أوساط الطبقة العمالية الكادحة (البروليتاريا) ومع ذلك وجدت أفكاره إستجابة واسعة فى أوساط المثقفين.. إلى ذلك دخل الحزب فى مشاركات سياسية مع تنظيمات سياسية أخرى منها الجبهة المعادية للإستعمار فى الفترة من 1953 – 1958 وأبدى محاولات فى مسعى لتأسيس الحزب الإشتراكى فى الفترة من منتصف الستينيات حتى أواخرها.. أيضاً كانت هناك محاولات تحالف ديموقراطى أثناء فترة الديموقراطية الثالثة.. تعرض الحزب فى مسيرة عمله إلى خلافات أخذت طابع سياسى فى بدايتها وما تسنت أن تحولت إلى خلافات فكرية متجذرة.. وأديا فى خاتمة المطاف إلى إنقسامين فى صفوف الحزب فكان الأول فى 1953 والثانى فى 1970م ، إلا أن الإنقسام الأخير كان له بالغ الأثر المأساوى بالحزب إذ أدت حركة 19 يوليو 1971 إلى إعدام بعض قادة الحزب الفاعلين من قبل حكومة مايو.. ويجىء هنا السيد محمد إبراهيم زعيم هذا الحزب .. هذا الزعيم الذى إذا أردنا أن نحاكمه ونحقق معه ساسياً إثر وجوده مع آخرين فى قفص الإتهام فأول ما يساءل عنه هو الركون إلى السلبية وإيثار الإختفاء كثيراً ولا يمكن حسبان أن هذا الإختفاء عن الضوء السياسى بأى حال من الأحوال هو وسيلة لغاية بقدر ما هو مما يمكن حسبانه فى عداد الهواية لأن الرجل بمبرر وغيره تجده يختبئ فجأة ويظهر تارة أخرى فقد إختفى فى فترة حكم عبود فى الفترة من 1959 إلى 1961م كذا الحال إختفى فى عهد نميرى 14 عام فى الفترة من 1971 إلى 1985م كذلك فى فترة النظام الحالى فى السودان إختفى لبضعة سنين ولم يخرج إلى الوجود السياسى إلا قبل أيام قلائل قدم إليها ببعض الكتابات من مخبأه الدائم.. وحيال ذلك كانت قراءتنا صائبة حين أصدرنا طرفة فى بعض كتاباتنا قبل خروجه من المخبأ بآيام قلائل .. وقدرنا خلالها إحساس الشيخ الرفيق على نحو: (لو أنساك إنت أكون غدار ووخنت.. أسأل عنى غيرى وأحكم فى مصيرى) فما أن مضى أسبوعان إلا أن وقع الرفيق فى يد أعوان الشيوخ وأقتادوه لأجل دردشة لفترة وجيزة وعلى ما يبدوا قالوا له خلالها.. ماذا ترانا إننا فاعلون بك .. فقال رفقاء كريمون أبناء شيوح كرماء .. فقالوا إذن فأذهب فأنت الطليق أى غير مطلوب لدينا ولا قيد عليك .. إذن ليس هناك ما يبرر إختفائه ويقع على عاتق أجهزة الأمن متابعته حتى لا يجنح إلى الإختفاء مرة أخرى لأننا فى المرحلة القادمة السودان يحتاج لفاعلية جميع أبناءه وأن يعملوا فى العلن فى داخل السودان ودون قيود لأن ذلك أجدى والخيار الأفضل لدفع مسيرة تقدم السودان للأمام.. وأن يضمن فى الدستور الإنتقالى ما من شأنه منع بوادر الإختفاء الطوعى والإختفاء القسرى ما أمكن .. فنعود إلى التحقيق: نص السؤال الموجه الى السيد "نقد": (مظلة اليسار فى ظل ديموقراطية السودان الحالية أصبحت فضفاضة ما هو موقفكم من القوى اليسارية الأخرى؟).. الإجابة على حد قوله: (أولاً من الحقائق الموضوعية أن فى السودان قوى يسارية وقوى تقدمية .. والفترة الممتدة من مايو 1969 إلى إبريل 1985 كانت فترة تحولات سياسية وإجتماعية وإقتصادية عميقة وعاصفة تركت آثارها ونتائجها على القوى السياسية المختلفة.. التى تتقدم الآن وتطرح أمام الشعب بعد انتقاضه إبريل بينما الجماهير نفسها محتاجة لبعض الوقت فى تجميع شتات القوى السياسية التى تبعثرت ثم توحدت فى الإنتفاضة وبدأت تتبلور وتقدم نفسها كأحزاب .. ومن هذه القوى الحزب الشيوعى السودانى الذى يقدم نفسه أيضاً من جديد له ماله وعليه ما عليه ولسنا فى عجلة من أمرنا للحكم علينا لأن الشعب نفسه محكوم بعوامل كثيرة.. فيما يتعلق باليسار فقد سبق أن رفضنا الدخول تحت مظلة فضفاضة .. وتحت أعضاء فى التجمع الوطنى الذى يضم قوى يسارية وغير يسارية ومن الطبيعى أن تكون فى داخلة مواقف متباينة ومتشابهة . ولكن المظلة التى كانت تظل اليسار قبل مايو 1969 دخلت فى أزمة وخلافات بحدوث إنقلاب مايو وهى ليست خلافات شخصية بقدر ما هى خلافات أيديولوجية ناتجة عن التحولات الاجتماعية فهناك شرائح من اليسار فى حركة البرجوازية الصغيرة أصبحت جزءاً من جهات أمن النظام المخلوع وبالتالى هى جزء من الرأسمالية الطفيلية الجديدة.. وعلى هذا الأساس نحن فى مرحلة فرز وعلى القوى اليسارية الأخرى أن تقدم نفسها للشعب السودانى لأننا لسنا الجهة التى تصدر "الصكوك" الرسمية وبموجب ذلك يمكن أن تتبلور وحدة لليسار، ونحن الآن حريصون على وحدة كل القوى الوطنية التى فجرت الإنتفاضة بصرف النظر عن موقفها .. بالأمس أو موقفها غداً من حزبنا..).
التحليل:
وعليه إذا أمعنا النظر فى حديث هذا الرجل "نقد" لوجدناه على المستوى النظرى ذا قيمة لا يخطئها الواقع رقم بعدها عن التطبيق الفعلى وهذا من ناحية يقترب عن حال البعض ممن ذكرنا من الزعامات السودانية ذات الرصيد الفكرى الثر قيد الرفوف وأضابير الكتب.. لكن أن هؤلاء قوى اليسار والحزب الشيوعى هنا نستطيع أن نلتمس لهم عذراً بحكم المناوشات والمناورات بل والخطر المضروب عليهم وأفكارهم هذه وبصورة أشد ضراوة لدرجة الحيلولة دون نزولها إلى حيز التنفيذ بيد أن نفس هذه القوى التى تعرقل مسيرة تقدم قوى اليسار تجدها تستعير أفكار قوى اليسار خاصة "الشيوعية" لوجاهتها وتطور وفاعلية دورها ويستبين بها الآخرين سبل الحياة السياسية المختلفة ويحظرون على الشيوعين أنفسهم آتيان ذلك لا لسبب موضوعى سوى دواعٍ شخصية تمليها المصالح السياسية والمكاسب الذاتية والأنا الأعظم الإقصائى المهيمن من قبل غير قوى اليسار هذه وعلى حساب كافة أفراد الشعب السودانى وقواه الحديثة وليست قوى اليسار فسحب وعلى رأسها الحزب الشيوعى السودانى الذى ذاق الأمرين جراء الممارسات الخاطئة من القوى الأخرى (قوى اليمين) .. والشئ المؤسف أن هذه الأحزاب المعنية الأخيرة تجدها عجزت عن إصلاح ما بها من أعطاب سياسية وإنصافات منشودة حتى حيال الأشخاص المنضوين تحت لوائها والمنتميين إليها والقصور إزاء تسوية أوضاعهم فى إطار تصالح الذات وبهذا تكون فاقدة للشئ من كل الوجوه .. فكيف بالله عليك تريد أن تصدر هذا الإصلاح خارجها ؟؟!!وجزافاً بل وإقتئاتاً على مجهودات الآخرين.. وتتجلى حقيقة ما نقول فى الأحداث المؤسفة الغير مسئولة والتى أحاقت بالحزب الشيوعى إبان العام 1965 وطرد نوابه من البرلمان وعددهم ثلاثة كأول ظاهرة من نوعها فى العالم بأثره تقوم فيها الأغلبية البرلمانية بطرد الأقلية المنتخبة بسيف الكثرة.. يحضرنا هنا أيضاً الإشارة لإخفاقات أحزاب اليمين المعينة التى تتسم ممارساتها بالأنا وهضم الحريات الأساسية وسعة الذمة من حظر الحزب الجمهورى ومصادرة أملاكه وإهدار دم قائده بغير وجه حق ولدواعٍ ملؤها سياسية كما تجاهلت هذه الأحزاب الحاكمة آنذاك (ديموقراطية 1965) قرار المحكمة العليا الرامى إلى عدم مشروعية أو دستورية حل الحزب الشيوعى وطرد نوابه مما أتيح تزايد نيران الفتنة والغموض وقزم القدوة فى العمل الديموقراطى.. وبعدها وبكل عدم مسئولية كما فى كل مرة انشغلت هذه الأحزاب بالكيل للبعض بميكالين أو قد يزيد فى بعض الحالات غير آيهين بمصلحة المجموع والوطن العليا. وإثر ذلك انشغلت هذه الأحزاب بنفسها وكيدها لبعضها أى منشغل. فكانت الفرصة متاحة لمباغتة هذه الأحزاب من الجنوب حيث إنتهز "جوزيف لاقو" قائد التمرد الأول (أنيانا-1-) هذه الفرصة بذكاء خارق ليشعل نار الفتنة المسلحة بصورة أضنت وأثقلت كاهل الجميع وأضحت لاحقاً السبب الأساسى لذهاب كثير من حكومات هذه الأحزاب ومصدر قلق إبان تلك الفترة لهذه الحكومات الوطنية اللاوطنية.. ويصب فى مقصود صاحب هذا الرأى (نقد) .. أن تلك اللحظة فى تاريخ السودان كانت أوضح مرحلة تتضح فيها ملامح عدم الإستقرار السياسى فى السودان والمتسببة فيه أساساً تلك الأحزاب المشار إليها.. ولم تقف الحرب الأهلية على حدود الجنوب.. فحسب وإنما إنداحت حلقتها لتشمل مناطق أخرى من السودان فى الغرب والشرق وبعض المناوارات فى أقصى الشمال.. وظل خلالها السودان برمته فى سرداب مظلم ولم يتسنى له الخروج منه إلا بعد مجئ إنقلاب الحزب الشيوعى السودانى الذى سانحه الحظ فى الإستيلاء على السلطة خلال إنقلاب عسكرى ولا نعيب عليه ذلك المسلك لأن ذلك هو ديدن كافة الأحزاب السودانية التى تدعى الديموقراطية وجربت ذلك المسلك السطوى الغير مشروع ديموقراطياً بطريقة مباشر أو غير مباشرة من قبيل المساعدة أو التسهيل أو التحريض على ذلك.. وكان إنقلاب الشيوعيين هذا فى 25 مايو 1969 إلا أنه إنحسر دور إبراز إمكانياتهم وفقاً لبرامجهم الموضوعة للتصدى للعهد الجديد و إثر ذلك ذهبوا هم أدراج الرياح وظلت أفكارهم فى خبر كان لنفس ضروب الإقصاء الذى مورس ضدهم كما فى كل مرة. وعليه فهل من بارقة أمل لإصلاح ما بنا والمصالحة مع أنفسنا كقوى سياسية. يرجى منها الكثير.. هذه كما يقولون مجرد أمنيات طيبة .. لأن ذلك ميئوس منه كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
وفى سؤال آخر وجه إلي "نقد ": (ما هى رؤيتكم بالنسبة لتمثيل القوى الحديثة فى الإنتخابات القادمة؟) فكانت إجابته على هذا النحو: (أولاً: القوى الحديثة إذا ما طرحت سياسات بناءة تكسب بها قواعد جماهيرية يمكن أن تكون قوى مؤثرة.. فالصغير يمكن أن يصبح كبيراً، وفى مسألة تمثيلها فأنا اعتقد أن التجربة المصرية الخاصة بالتمثيل النسبى هى حتماً غير وإردة. ونحن نميل لإستحداث دوائر خاصة للقوى الحديثة .. وكلما تعددت الأصوات السياسية داخل المجلس النيابى كان ذلك أفيد وأنفع لتجربة الديموقراطية القادمة..)..
التحليل:
هو "نقد " يريد القول بأن إبراز دور قوى حديثة أصبح أمر حتمى تمليه ضرورات موضوعية ؛سياسية ووطنية ونحوها ويردف فيما معناه يقع على عاتق هذه القوى الحديثة تبنى سياسات بناءة تكون ذات كفاءة عالية لتحمل المسئولية التى أنتابها كل قصور من قبل القوى السياسية الأخرى أى غير الحديثة..
وإتساع دائرة المشاركة بإتاحة الفرصة لتكوين تنظيمات حديثة أعتقد أنه سيكون أجدى وأنفع للتجارب الديموقراطية المرتقبة ومدى جدوى ذلك تتجلى فى محو عوامل الكارزمية الماثلة فى أحزابنا المعنية التى دأب وشأن زعمائها.. (فإن أطال الله العمر إذن فأنا الموعود وإن وافت المنية ووصيتى فيكم أن الولد موجود).
هذا هو ديدن تلك الأحزاب .. فبأى منطق وأى حال يتسنى لنا التقدم والتطور فى ظل وضعية معيبة كهذه.. إذن فالحاجة ماسة لظهور قوى / تنظيمات حديثة تضطلع بدور ومهام جسام حيال القضايا الوطنية بمنأى عن الركون لأية سلبية .. وإتاحة الفرصة لها وتمثيلها فى البرلمان لأجل خير ورفاه أهل السودان وسلامه ووحدته.
حركة اللجان الثورية الشعبية
(عبد الله ذكريا – الخرطوم 12 فبراير 1986)
حركة اللجان الثورية هى حركة جماهيرية تستلقِ أفكارها ومبادئها الأساسية من النظرية الثالثة العالمية والكتاب ، الأخضر الذى ألفه العقيد معمر القذافى كانت بداية تكوين اللجان اثر اختلاف المجموعة التى قامت على أمرها لأحقاً مع نميرى إبان إتفاقية أديس أبابا 1972م وكانت تعتقد أن هذه الإتفاقية بداية للسيطرة الكنسية والصهيونية على السودان .. خرج عبد الله زكريا ورفاقه بالحركة إلى ليبيا ونقلوا معهم جبهة المعارضة الوطنية إلى هناك إلا أنها الحركة الثورية الشعبية تحطمت هناك إثر المصالحة الوطنية 1976 لتعود للوجود مرة أخرى فى العام 1981 عندما كونت الجبهة الشعبية الإشتراكية حركة اللجان الثورية وبعدها إنتقلوا إلى السودان عقب الإنتفاضة لتمارس الحركة الثورية نشاطها السياسى من الداخل وعليه نتوجه مباشرة إلى التحقيق الذى جرى مع السيد عبد الله ذكريا آنذاك.
س/ سؤال: ما هو موقفكم من الانتخابات القادمة؟
ج/ جواب: نحن ضد الإنتخابات ولن نخوضها بإعتبار أن (التمثيل تدجيل) حسب ما جاء فى الكتاب الأخضر.
س/ سؤال: إذن ما هدف الصفة الإعتبارية للجان الثورية بعد الإنتخابات؟
ج/ جواب: دورنا دور تحريض حيث أننا نقوم بتحريض الجماهير لتتسلم السلطة!!.
س/ سؤال: ألا يتسنى ذلك للجماهير عن طريق الإنتخابات والوصول إلى البرلمان؟!.
ج: جواب: البرلمان هو تزييف لإرادة الجماهير !! لأن التمثيل لفئة من الشعب وليس لكل الشعب !! ونقبل بذلك فى حالة واحدة فقط هو أنه لو تنسنى لأمين اللجان الوصول لقبة البرلمان ذلك لكى ينقل إرادة وفكر كل الشعب بعد الرجوع إليهم وليس لشرح فكره هو فقط لأن ذلك يكون نوعاً من أنواع الديكتاتورية!!.
التحليل:
نلحظ أن السيد عبد الله ذكريا عن اللجان الثورية الشعبية وسايكولوجيته التى تجنح إلى "المذهب الفوضوى" الذى إطلع عليه وإقتنع به ويحكى بأن ذلك قربه كثير من النظرية الثالثة العالمية وكما نعلم أنه مذهب فلسفى يحاول فى مسعى لتأسيس مجتمع بدون حكومة أو دولة بشكل مباشر وليس عبر مراحل أى وضع دستور انتقالى ثم إجازته ثم وضع قانون للإنتخابات أو ميثاق شرف ثم إجراء الإنتخابات الدستورية والأخرى الرئاسية. حتى يأتى فى خاتمة المطاف تكوين الحكومة فهو ووجهة نظره تلك ومدى مبرره فى ذلك فى أنه وبعد هذا التمرحل تأتى الأحزاب وممارساتها غير المسئولة لتعوث فى الساحة فساداً وإختلاف..
وهذه عين الفوضى .. ومن غير مرجعية ضابطة .. كما فى النظرية العالمية الثالثة التى يستند إليها وينطلق منها بأن عند قيام سلطة الشعب مباشرة تنتهى الحكومة المسيطرة، المهيمنة فوضوياً وتنتهى الدولة. إذ هى البديل للفوضى التى يعيشها الشعب والمجتمعات البشرية، الآن بسبب صراع الأحزاب والطوائف والطبقات على السلطة .. ونفهم من ذلك بأن السلطة هى مناط كل هذه المشاكل بحكم أن الذى يجلس على كرسى السلطة ليس بمستعد التنازل عنه .. بأخوى وأخوك.. والآخر يريد إعمال نظرية الإحلال أو الإبدال أو الإجتثاث من الجذور وهكذا ترى الساحة السياسية السودانية فى خضم ذلك فهى بذلك تمور..
فى المرات القادمة:
سنتناول الآخرين الذين هم رهن الإتهام ونود أن نحاسبهم هنا بالإشارة إلى "الفظائع" التى إقترفوها فى حق الوطن أى تلك السياسية فحسب.. دون التطرق لأية فظائع أخرى إن وجدت.. والوضعية هذه ..لكنها محل إعتبار ويمكن أن تثار لاحقا ..ولكل مقام مقال .. وبحسب الأحوال .. إلا إننا هنا سنتناول بالطرح الموضوعى مع التحليل كما رأيتم وتابعتم وتابعوا معنا فى الحلقات القادمة ما يلى:
(مبارك الفاضل المهدى: أغسطس 1991 .. ولسان حاله : لاءات الصادق المهدى الثلاث .. لا تقاوض .. لا مساومة .. ولا مشاركة .. أنهيت علاقاتى الشخصية بكل قيادات الجبهة الإسلامية لأنهم خونة.. الإنقلاب وآثاره لم تكن كلها شراً فثمة دروس مستفادة.)
(التجانى الطيب – القاهرة 8 سبتمبر 1991 – نرفض النظرية الإنقلابية والعمل الشعبى هو الأساس – الجبهة الإسلامية تتحول من حزب إلى دولة مما يعقد الأمور .. استشعرنا الإنقلاب ولم نعرف تاريخه وهو مسئولية الجميع.. ).
(فاروق أبو عيسى .. القاهرة 13 ديسمبر 1991 .. الميثاق ليس كتاباً منزلاً والأحزاب لا يفيدها الانتقاد .. لهذه الأسباب أنهارت الديموقراطية الثالثة فى السودان .. التغيير يأتى من الداخل وللمعارضة من الخارج دور لا ينفصل فى الخارج ..).
دينق ألور .. عضو القيادة العليا لحركة تحرير شعب السودان .. القاهرة 24 يوليو 1992 .. متناقضات السودان لابد لها من فلسفة سياسية فى إطار دولة موحدة.. قرنق قال للفريق يوسف سأتنازل لك عن الرئاسة لنزيل الحاجز النفسى .. ركبت طائرة حكومية وسألت نفسى ماذا لو عرفوا أنى متمرداً.
وشخصيات أخرى ستأتى فى حينها لا تقل عن تلك من كونها مثيرة للجدل وتشغل مكاناً فى أوساط النخبة السياسية السودانية ولها هى الأخرى فظائعها السياسية .. نحيطكم علماً بأننا سنتناول النخبة الحاكمة حالياً فى السودان فى إطار تحالف "البشير –قرنق" ضمن حلقات هذه المحاكمة.. ولنرى بأن هذا التحالف المشار إليه سيفضى بنهاية المرحلة الإنتقالية المرتقبة إلى تقرير مصير السودان بأثره وليس مصير الجنوب فحسب.. وأيما تقرير؟؟!! وأيما مصير؟!! .


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved