مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

الإنقاذ ..التطرف..العرق المميت !!! بقلم أبوبكر حسن خليفة -رفاعة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/23 9:04ص

الإنقاذ ..التطرف..العرق المميت !!!

في عهد الإنقاذ تكتسب الأشياء عدوانية جديدة ..فالسكر المستجار به من وحشية الواقع الأليم يفقد خصائصه تلك بعد أن غرزت الدرايكولا أنيابها فيه .
فما أن تمزقت عرى النسيج الاجتماعي بدار فور إلا وتفجرت تلك الغيوم الداكنة السواد ومن ثم بدأت في السقوط الكثيف على هذا النحو الهائل المتمثل في الدماء والنزوح واللجوء والتشرد بعد فقدان المسكن والمأوى بسبب الحريق. الحريق الذي طالت ألسنة لهبه عنان السماء فضلا عن بقية البلاد المنكوبة .
وهذه المجازر اللعينة أحدثت في الكيان الضعيف للشخصية السودانية الحديثة والتي لم تتبلور بعد ما لم تحدثه حملات الدفتردار الانتقامية , ولا جيش كتشنر المستفز ! نعم أيدلوجية الإنقاذ المتطرفة أحدثت هذه الزلزلة العنيفة التي أدت إلى تغيؤ كل ما هو مسكوت عنه , ورفض كل ما هو ماثل للعيان بعد العجز التام للوصول لكل ما هو مثالي متصور أو إيجابي ممكن .
والناظر المتفحص لا يرى أي كسب مادي اقتصادي أو حضاري ذو قيمة خلال الستة عشر عاما التي لم تكن كافية فيما يبدو لكي تبلغ الإنقاذ رشدها !
نسبة لخسران عنصر التنمية الأول والأخير }الإنسان{ وذلك إما بدفعه لأتون المحرقة في الجنوب غير مأسوفا عليه , أو تشريده في كل بقاع الأرض , أو تحيده وعزله خلف جدران بيته أو بيوت الأشباح }لا فر ق!{ بعد تسريحه من عمله بتلك الكيفية التي لا تخفى على كل مراقب . وإن كان هذا المغلوب على أمره لا بد من موته فلتكن هذه المرة بتجرع كأس السم المميت كما فعل سقراط . ولتتوقف الحياة المبذولة نافلة لمرح السلطان واليكن موته هذه المرة باختياره هو لا باختيار غيره , وليخرج من هذه الحياة بهذا الموقف الواحد لمقابلة الواحد عسى أن يغفر له فهو إله رحيم .
فإن بدأت الإنقاذ بتسريح الناس وعزلهم من مصادر أرزاقهم فقد انتهت بالتطهير العرقي المشاهد . فالمشروع الحضاري بهذه الحيثية قد أفتقد إلى أهم عنصر بل أفتقد الغاية المنشودة والمبرر الصحيح لتمرير أي أيدلوجية دينية كانت أم غير ذلك . أفتقد الإنسان السوداني الكائن الهادي المتسامح البسيط الذي ترتسم على وجهه لوحة حزن عميق !! فكأنه كان يعلم بما تؤول إليه الأمور من فقدان مملكته تلك التي لم يتبقى منها اليوم غير حزنه القديم .
فهدوه قد تحول إلى نزوح وتشرد وتسامحه كبله الجلاد بمقتل عبد الخالق على قول المحجوب , وداست على كرامته وبساطته خيول الإسلاميين المهووسة التي اعتدت على كل من يتراءى لها في الطريق بغير تفريق بين العدو والصديق كيف لا ؟ وإلا فما الداعي لقتل النفوس البريئة من أمثال مجدي وجرجس وغيرهم اليوم كثير ؟!
فسقوط الإنسان من أولويات الإنقاذ كارثة لم ولن تُعالج بتلك الجراحة التجملية لبرتوكولات نيفاشا الإسعافية التي وعدت بقسمة السلطة والثروة على من هو ليس له حق في الثروة ولا في السلطة وكانت كوعد من لا يملك لمن لا يستحق . وليس هذا (تبخيس) لما قام به الدكتور قرنق من لجم عنف الجبهة بعنفه المضاد . ولكن الاتفاقية جعلت من العقيد ممثلا وحيدا للجنوب والأمر ليس كذلك كما جعلت من المؤتمر الوطني ممثلا شرعيا للشمال في الوقت الذي لا يمثل فيه الأخير تلك الشرذمة التي أتت به إلى السلطة فضلا عمن سواها من أقاليم الشمال المفترى عليه . والأمر برمته لا يعبر عن إرادة شعبية بقدر ما هو ضغوط خارجية وتشبث بشعرة معاوية إن لم تكن القشة التي قصمت ظهر البعير !
والذي أستعجب له كيف يؤتمن الخائن ويخون الأمين } الشعب { بل ويعزل تماما عن تلك القضايا المصيرية ؟!
الخائن الدستوري الذي أقسم على حماية الدستور الديمقراطي ثم قلب له ظهر المجن ؟! كيف يؤتمن من يضيق صدره بمداد أسود ناصح ؟! كما كيف يؤتمن من يقابل حرية الكلمة والتعبير بالرصاص القاتل ؟! أيعقل قتل من يخرج مطالبا ببعض من حقوقه الحياتية الملحة ؟! هذا ما آل إليه الأمر في بلادي !
فمتى يترك هؤلاء العنف ؟!
ومتى يفيق أصحاب الأيدلوجية الدموية المتطرفة , و المآرب السياسية الملتوية لرؤية نتانة أفكارهم وبشاعة أفعالهم ؟!
ومتى يغسلوا أيديهم من الدماء ,ونفوسهم من الطمع , وقلوبهم من الغل والحقد والحسد ؟!
متى ؟!!!!!!!!
قائمة التساؤلات تلك تتضخم والإنسان في وطني }بكل أسف{ يتضاءل حجمه كل يوم .. فإن قال الأستاذ محمود محمد طه (الإنسان غاية شريفة مسخر لها كل شيء حتى الدين وسيلة لها ) . فقد أفرغ الأنبياء الوسع حتى قال أخرهم عليه السلام " إن دماءكم بينكم حرام .. بل أشد حرمة من بيت الله الحرام في يومكم هذا في شهركم الحرام هذا أو كما قال . والعجيب أن الأنبياء جميعهم جاءوا لنصرة حرية الإنسان , وإن وجدوا ما وجدوا من القتل والصلب والتنكيل والعذاب الشديد . وهكذا الأمر دوما لمن أراد السير في هذا الطريق فالشهيد الأستاذ محمود قد عمل في هذا الطريق .. ثم دعا إلى إيجاد الفرد الحر .. الذي يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول حيث لا تكون نتيجة عمله إلا برا وخيرا وبركة بالأحياء والأشياء ..فكان قوله عمل وإمساكه عن القول في تلك المحكمة المهزلة شهادة !ولعل هذا يفسر قوله الذي جاء في كتابه طريق محمد صلى الله عليه وسلم : ( والمقربون هم الذين يكونون عند ربهم غالب أحوالهم فهم علماء,وقد وسع العلم عليهم ما ضيق الجهل على سواهم..فأصبحوا ,بفضل الله ثم بفضل سعة علمهم ,رحماء طيبين متسامحين محبين للأشياء الأحياء في سلام مع ربهم,ومع أنفسهم ومع الناس..يدعون إلى الرضاء بالله والمصالحة مع الناس,وينشرون الحب,والسلام, والمسرة,بين الناس كما ينشر الزهر العطر,وكما تنشر الشمس النور والحرارة والدفء..هؤلاء هم ملح الأرض,عرفوا أو لم يعرفوا..وتقوا هؤلاء هي عمل,أو ترك للعمل,ابتغاء وجه الله..وزمنهم فكر متصل..فجميع أوقاتهم معمورة بالفكر,والعمل..وفكرهم ليس تعملا,وإنما أصبح طبيعة,تنبع فيهم المعاني,والمعارف,كما ينبع الماء النمير من العين الثرة,وقد تطهرت من أوساخها,وأو ضارها..) انتهى
فمتى يلتفت دعاة التدين إلى هذه المعاني السامية التي تمثل جوهر الدين بل في الحقيقة هي الدين وما عداها إلا الحواشي والزوائد والقشور . ومتى يرتقي }رجال الدين{ إلى المستوى الذي يكون فيه قولهم عمل وإمساكهم عن القول شهادة ؟! وإن كان هذا مما لا يطيقون فاليتواروا صمتا و ليستحون !!
كثيرة هي التساؤلات التي نشأت من العنف اللعين المسمى بالإرهاب والتطرف ودولة الدين . والمنطلقات الأساسية للإرهاب ناشئة من ظاهرة الغلو والتطرف في الفكر والدين . ولما كان الدين مطلق الدين هو المؤثر الأساسي في سياق المجتمع كان لا بد لأصحاب الأهواء والغلو من استخدام ذلك العامل الفعّال للوصول إلى أهدافهم المشبوهة , وأعظم فرية يقدمها هؤلاء الظلاميون لأعداء التدين هي: أن الإسلام يدعو إلى العنف ؟! ويرفض الآخر }والآخر في مفهوم هذه الفئة الضالة{ كل من خالفهم الرأي !! ورفض الآخر وعدم الاعتراف به تنشأ منه مغالطة يرفضها العقل السليم , والنقل القويم , والواقع المبين , وهي أن الآخر موجود فعلا شئنا أم أبينا ؟! ولو استخدمت المجتمعات البشرية مفاهيم الاستئصال هذه } أمريكا روسيا قد دنى عذابها ؟! { لما وجد في الغرب اليوم عشرات الملايين من المسلمون . كما أن الإسلام دعوة مطلقة للسلام والمحبة والوئام بين الناس , ( وهو الاستسلام الراضي في غير نزاع ) كما قال الأستاذ محمود بمعنى أن تكون في حالة سلم بينك وبين ربك عز وجل ,وبينك وبين عباد الله الآخرين .. والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يتم لك ذلك إلا إذا كنت في حالة سلم بينك وبين نفسك التي هي بين جنبيك !! وأول مراتب السلم هذه :
1/ أن تكف أذاك عن الناس .
2/ ثم تتحمل أذى الناس .
3/ ثم ترسل الخير إلى الناس .
4/ وإن لم يكن عندك من الخير شيئا .. أن تتمنى لهم الخير , وما أيسر ذلك فتبسمك في وجه أخيك صدقة,وإماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان.
كما أن التطرف والغلو مرفوض من كل النواحي وخصوصا من الناحية الدينية . فالرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قال للرجل الذي كان يمسك بحجارة كبيرة بعض الشي في رمي الجمرات: (هلك المتنطعون .. هلك المتنطعون) وحديث (من رغب عن سنتي فليس مني) ليس ببعيد عن الأذهان,والأحاديث الكثيرة عن الخوارج الذين أشتهر عنهم الزيادة في العبادة والغلو في الفهم وتكفير الناس . فقد وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام بأنهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية .. وقد حذر أصحابه من الغلو في الدين : ( إياكم والغلو في الدين ).. و (لن يشاد الدين أحدا إلا غلبه ) لذلك يتضح أن المتطرف تدينه مرضي ؟! والتدين المرضي هو كل تدين خالف الوسطية التي جاء بها الإسلام والوسطية هي مساحة بين طرفين كلاهما باطل .
ومن أهم صفات أهل التطرف :
1/ أنهم يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة أما غيرهم فهو في ضلال مبين .
2/ عدم المقدرة على روية الأشياء بأحجامها الطبيعية .
3/ العصبية الناشئة من التوهم بأن الدين ملكية خاصة لهم دون سواهم .
4/ التمسك بجزئية كأنها الكل , فحالهم كحال الغريق .
5/ ضعف السلوك والأخلاق والدين المعاملة وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
وهذه المفاهيم أدت إلى العزلة التي يعاني منها أهل التطرف الآن سواء كانوا في مخابئ تورابورا أو داخل الكثبان الرملية للجزيرة العربية أو على حافة سفينة الإنقاذ المتصدعة ..! فهم بفضل الله قد رفضوا من كل أهل المعمورة , وكفى الله البلاد والعباد شرورهم 0


أبوبكر حسن خليفة
رفاعة
[email protected]
غروب شمس 21/3/2005م


للمزيد من االمقالات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved