مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

هل نحن فعلا مؤهلين لتحرير السودان؟!!!أم نحن في حاجة لتحرير أنفسنا قبل تحرير الأخريين؟!!! بقلم مبارك إبراهيم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/20 12:45م

بعيدا عن المجاملات وتضخيم الذات وإطلاق العنان للخطب الرنانة والشعارات الرومانسية هل نحن فعلا مؤهلين لتحرير المواطن السوداني أينما وجد من مخالب الظلم والتهميش والجهل والتخلف ؟ وهل نحن واعين بمضامين الكلمات والشعارات والرسائل التي نتشدق بها ونطلقها هنا وهناك أم نحن مجرد ببغاوات لا اكثر تجيد الإنشاد والتلحين ولكنها لا تفقه وتعي مضامين الرسائل؟ وهل الوحدة والتلاحم التي تنادي بها الحركات الثورية المسلحة لأبناء دار فور ممكنة وقابلة لتحقيق من فوق المنابر وعبر شاشات الفضائيات؟ وهل نحن مستعدين نفسيا لتقديم كل التنازلات (المؤلمة) في سبيل تحقيق وحدة أبناء دار فور؟ أليس الإرث القبلي والقصص والخرافات الشعبية التي تمجد وتعلي من شان قبيلة معينة علي حساب الأخريات هي العائق العنيد في سبيل تحقيق الوحدة وتعزيز جسور الثقة بيننا؟ وهل بإمكاننا نحن كأبناء دار فور مستعدين لإزالة كل( النتوءات الطفيلية الزائدة) وبعض (الأورام السرطانية) التي نمت في مخيلتنا بإيعاز من قصص وأساطير القبيلة ؟ هل يمكن تحقيق الوحدة بمجرد التماسك بالأيادي الظاهرة للعيان وما في القلوب شيء مخالف لمشهد الأيادي الجميلة المتماسكة؟!!!

والله لو تجردنا من الأنانية والغطرسة وروح الاستعلائية أو علي الأقل إلى الحد الأدنى من هذه الأمراض القاتلة وجاوبنا هذه التساؤلات المطروحة بكل صدق وأمانة عندئذ نستطيع ان نقول ونجاهر علنا بان الحديث عن الوحدة والتلاحم حديثا مجديا ومثمرا. أما أي محاولة لحديث عن الوحدة والتلاحم سوف يكون حديثا بيزنطيا لا يقدم ولا يؤخر, بل يعد إهدارا لوقت والجهد وإرهاقا لذهن لذلك يجب علينا جمعيا ان نضع في الاعتبار كل هذه النقاط والتي اعتقد أنها نقاط جوهرية وأي محاولة لتجاوزها أو استهوان واستخفاف بها يعد بمثابة انتحار سياسي وضربا من ضروب المجون وخدعة كبرى للذات قبل ان يكون خدعة وتخدير على الآخرين وبرمة ودوران في مسارات وحلقات وهمية قد لا نجني من وراءها أي فائدة, بالعكس تساهم في تكريس وتثبيت كل الافتراءات والأكاذيب التي تنسب وتلصق للحركات الثورية بأنها حركات جهوية تسيطر عليها نزعات قبلية عنصرية, وسرعان ما تتحول مع مرور الوقت إلى أنظمة استبدادية بمجرد ان تصل إلى سدة الحكم وساعتها تتهاوى تلك الأقنعة والشعارات الرومانسية التي تتشدق بها وتتواري خلفها ويصاب المواطن السوداني مرة أخرى بخيبة الأمل ويقوم بسحب الثقة من الذين بشروه بالتحرير من الظلم والتهميش والتخلف وعدوه بالفردوس في حياة الدنيا.

فليدرك الجميع بان طريق الوحدة لم يكن يوما مفروشا بالورود والسجاد الأحمر ولم يكن يوما نزهة ترفيهية علي ضفاف النيل.وفي هذا السياق أقول بكل شفافية وتجرد ان تحقيق الوحدة بمفهومها الشامل يعتبر اكبر تحدي للحركات الثورية المسلحة وبالتالي أي إنجاز أو إخفاق لا سمح الله في المستقبل لا يمكن استعيابها أو تأويلها بعيدا عن هذه المعضلة التي تبدو من الوهلة الأولي سهلة وقابلة لتحقيق في ليلى وضحاها بالخطب الرنانة والشعارات الرومانسية ولكن هيهات.........هيهات......إذن ماذا نفعل وما هي الخطوة الأولى المهمة التي يجب ان اتخاذها لتحقيق الوحدة والاندماج ؟

أول خطوة لابد نكرات الذات وتحرر من هيمنة ووطأة الأساطير والخرافات المستوحاة من ارث القبيلة والتي كانت ترويها لنا جداتنا في الليالي القمرية من اجل التسلية وقتل الوقت وشحذ خيال الأطفال. إذن التحرر من هذه الأوهام هي الخطوة الأولى والمهمة قبل التفكير بمسالة الوحدة وولوج في مهاترات توحيد الكلمة والصف وشحذ الهمم ...هلم جرا.

إذا كنا نحن فعلا حريصين وجادين علي تحقيق الوحدة وإنزالها علي الأرض قولا وفعلا فينبغي علينا جميعا الترجل أولا من المنصات والأبراج العاجية قبل الخوض في التفاصيل الفنية الدقيقة لهذه المعضلة الصعبة والسهلة في ان واحد.نعم سهلة وممكنة ولكن.......!!!!!!!

إذن نحن في أمس حاجة لنكران ذواتنا المنتفخة بالخرافات والأساطير ولسنا في حاجة لإعادة إنتاجها من جديد تارة بخطب رنانة وعبارات هلامية وتارة أخرى بشعارات رومانسية فضفاضة اكبر حجما من قصص وحكايات جداتنا التي تمجد ثقافة الاستعلاء والغطرسة وحب الاستحواذ علي كل شيء وهنا تكمن الخطورة . هل نحن في هذا المستوى من الاستشعار بالتحديات التي تتربص بنا من كل الاتجاهات ؟!!!

علما بان التحديات التي تواجه كل الحركات الثورية المسلحة في إقليم دار فور وغيرها من باقي الأقاليم السودان المنسية( المنطشة ) هي في اصلها تحديات ذاتية مرتبطة بهذه الحركات بصورة أساسية قبل ان تكون تحديات خارجية لذلك يجب ان تكون العلاج من الداخل بدلا من تكرار الاسطوانات الفارغة ونظرية المؤامرة وسياسة( فرق تسد) التي تأكل وتشرب وتلبس مجانا وتنمو وتكبر من موائدنا المليئة بالأنانية وحب الاستحواذ وإقصاء الأخريين من اجل الاستفراد بنصيب الأسد..إذن لماذا نحن دائما نلقي اللوم والشتيمة علي تلك الحسناء الشقراء التي تدعى( فرق تسد) ما ذنبها ؟ ألم تكن هي بريئة مما تنسب إليها؟!!!

بعض الاقتراحات والاجتهادات الشخصية التي قد تمهد الطريق للوحدة الحقيقية المنشودة وترتقي بنا إلى المربع الذهبي:

أولا: ضرورة الاستعانة بأبناء دار فور المثقفين الواعين والمستنيرين المتحررين من العقد الجهوية والقبلية وإسناد إليهم مهمة إزالة الحواجز القبلية المتشنجة المنغلقة علي نفسها والتي تعيق عملية الاندماج والتوحد بين أبناء الإقليم. ولا باس من إتاحة الفرصة للمفكرين..الكتاب ..السياسيين الشرفاء المنصفين من باقي أقاليم وولايات السودان الأخرى..بشرط ان يتوفر فيهم عامل الحياد والنزاهة والإنصاف

ُثانيا: نؤكد علي أهمية توسيع قاعدة المشاركة لجميع أبناء السودان المثقفين والمستنيرين (الشرفاء) الذين ينتمون لباقي الأقاليم والولايات السودان المختلفة شمالا وشرقا وجنوبا بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية والثقافية وميولهم السياسة طالما انهم شرفاء ومحايدين ويخشون الله في كل كبيرة وصغيرة ووهمهم الأول والأخير هو وحدة تراب هذا البلد العزيز المعذب المبتلي بالشياطين والعفاريت.

ثالثا: ضرورة مشاركة طلبة إقليم دار فور في الجامعات السودان المختلفة وخاصة الذين لم ينسلخوا ويتنكروا لذويهم وجلودهم بسبب تأثير هيمنة الثقافة الأحادية المتعجرفة التي تحتقر ثقافات الأخرى ولهذا السبب وكنتيجة حتمية اصبح بعض الفئات من أبناء دار فور تحتقر ثقافاتها ولغاتها وتحولوا إلى فئات تفترسها الإحساس بالدونية والاكتئاب والإحباط واصبحوا عملاء وبيادق لشطرنج يحركهم تلك العصابة المجرمة التي ارتكبت افظع جرائم في حق الأطفال والنساء والشيوخ

رابعا: ضرورة نوعية ومسؤولية كبيرة جدا تقع علي عاتق أبناء القبائل التي لها ثقل ووزن وحضور مكثف في صفوف حركتي العدل والمساواة والتحرير المستهدفان بالإبادة والانقراض النهائي فهذه الشريحة المذكورة هي المعنية اكثر من غيرها ويجب عليها ان تكون قدوة للأخريين في التواضع وتقديم اكبر قدر ممكن من التنازلات التي قد تبدو( مؤلمة) ولكنها ضرورية لتحقيق الوحدة وطالما أنها تفيد قضيتنا إذن لا داعي للتذمر والاستياء.

خامسا: نؤكد علي أهمية الندوات والملتقيات الشعبية التي بالتأكيد لها دور فعال في إزالة الحواجز والعقد النفسية التي تعيق الوحدة والاندماج بين أبناء الإقليم الذين اهتزت ثقتهم بأنفسهم وبلغاتهم وثقافاتهم وعاداتهم وتراثهم بسبب هيمنة ثقافة أحادية الرؤية( الشوفنية...أنا وبس ) لعقود من الزمن.

سادسا: لابد ان تكون القيادات وكوادر الحركتين في مستوي هذه التحديات وتعي جيدا دورها ومسئوليتها التاريخية في الحاضر والمستقبل إذا كانت لدية رغبة أكيدة في كسب المعركة في فترة زمنية قياسية.ولابد ان تكون هي السباقة في تقديم التنازلات وإفساح المجال لعنصر الكفاءة والإخلاص والاستقامة .

سابعا:نؤكد علي أهمية تنوير وتوعية الشباب المجاهدين في ساحات العزة والكرامة والشموخ وطالما انهم ينتمون لعدة قبائل مختلفة لغوية يجب ان يسود بينهم المودة والاحترام المتبادل ويجب ان يحسوا ويشعروا وجدانيا بأنهم سواسية كأسنان المشط..ولا يحق لمجموعة أو فئة معينة ان يقلل من شان فئة أخرى ويتعالى عليها..هنا تكمن الخطورة والتحدي .

ثامنا : أهمية مشاركة تجمعات الروابط والاتحادات أبناء دار فور في تهيا المناخ النفسي والوجداني لتحقيق الاندماج.

يجب علينا جميعا بدا من القيادات الميدانية مرورا بالكوادر السياسية والمستشارين لحركتي العدل والمساواة والتحرير في الداخل والخارج ان نتعلم فن التواضع وكسب ود واحترام الأخريين واقصد بالأخريين علي وجه الدقة والتشخيص تلك الفئات المترددة المتأرجحة من أبناء دار فور والتي تتوجس من نوايا ومقاصد ومآرب الحركات المسلحة التي ترفع شعار التحرير.هؤلاء المترددين المتوجسين من حقهم ان يطمئنوا من صدق وصفاء نوايانا وشعاراتنا ومن واجبنا نحن ان نطمئنهم ونقدم لهم كل الأدلة والبراهين الدامغة المقرونة بالأفعال وليس بالأقوال فقط.

في ختامي حديثي يسعدني ان الفت انتباه القاري العزيز بان هذه النقاط المذكورة أعلاه مجرد اجتهادات لشخص يراوده مخاوف وهواجس كبيرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمستقبل قضية دار فور وتوحيد الكلمة والصف وما يتطلبها من تنازلات واستحقاقات ضرورية برغم أنها تبدو مؤلمة للذين لم يعتادوا تقديم التنازلات للأخريين من قبل ولم جربوا يوما فن التحرر من أوهام وخرافات وأساطير التي تعلي من شان نفسها وتحتقر الأخريين وتقلل من إسهاماتهم الحضارية والبطولية..وفي هذا السياق لابد ان أكون صادقا مع نفسي أصارحك يا عزيزي القاري بأنني انتمي لإحدى هذه القبائل واصفها بأسيرة( الأوهام والأساطير) التي عفي عليها الزمن ..فينبغي عليها ان تعي تلك الحقيقة الحلوة المرة جيدا وتتحرر من هذه القيود والأوهام التي تشوها قبل فوات الأوان... ويجب عليها ان تقدم كل التنازلات المؤلمة الضرورية في سبيل تحقيق الوحدة وكسب معركة التحرير.

مبارك إبراهيم/

[email protected]



للمزيد من االمقالات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved