مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

حول السياسة الخارجية السودانية على ضوء اتفاقات السلام بقلم الأستاذ عثمان إدريس أبو راس نائب أمين سر قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/17 10:23ص

فيما يلي الرؤية التي قدمها الأستاذ عثمان إدريس أبو راس نائب أمين سر قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي حول السياسة الخارجية السودانية على ضوء اتفاقات السلام
مدخــل :

المرجو من العلاقات الدبلوماسية هو تنظيم ورعاية وتطوير وتبادل وتقنين وحماية المصالح المشتركة . ووفق مبدأ الاحترام المتبادل والمساواة والندية (بمعنى التكافؤ) . والتواصل والحوار للوصول إلى حلول سلمية للمشاكل التي تنتج عن تلك العلاقات المتبادلة وفق مبدأ احترام حقوق وسيادة واستقلال كل طرف من أطراف العلاقة. وأن العلاقات الدبلوماسية ينبغي أن تساهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين ..

ومن الثابت أن تعزيز الأمن الوطني وجعله عصياً على الاختراق الأجنبي يرتبط عضوياً بالالتفاف الشعبي الواسع حول القرار السياسي ، ما اتسم هذا القرار بالوضوح وتحقيق المصالح العليا للشعب ، في إطار استقلال القرار السياسي الوطني والسيادة الوطنية . ومن نافلة القول أن السياسة الخارجية هي أحد أعمدة القرار السياسي المناط بها الإسهام الفعال في ذلك كله. أي التعبير عن استقلالية القرار السياسي على صعيد العلاقات الخارجية للدولة.

هكذا تقتضي ضرورة الإسهام في تعزيز الأمن الوطني التحديد الدقيق والموضوعي لمهددات الأمن الوطني ، والتي تتضافر في تكاملها عوامل وعناوين داخلية وخارجية تأتي في مقدمتها : الانتقاص من استقلالية القرار الوطني ، والانتهاك للسيادة الوطنية وقدسية التراب الوطني ، وتغريب الوطن وطمس هويته وانتزاعه من محيطه الذي يتنفس فيه ، وتجريده من أقوى عناوين تاريخه وحاضره ومستقبله وهو إنسان الوطن (المواطن) بإقصائه عن دائرة صناعة القرار وولادته وإعطائه مدلولاته كمشارك أصيل في تطبيقه.

ولما كان عالمنا اليوم قد أضحى وفق التعبير الرائج (قرية صغيرة) بفعل التقدم التقني العلمي ، وتشابك العلاقات والمصالح فيه ، فإن هذه الحقيقة تؤكد أن للأمن الوطني (السوداني) عمقه وبعده القومي وبعده الإقليمي والجغرافي (الأفريقي) ، وارتباطه القيمي والحضاري الإسلامي وفضائه الإنساني العالمي.

بالتالي فإن ما يمس الأمن الوطني السوداني ينعكس بدوره على كل الدوائر المشار اليها آنفاً والعكس صحيح ، باعتبارها جميعاً منظومة متكاملة متفاعلة سلباً وإيجاباً ، وأن الإقرار بذلك لا يلغي وعينا بأن الوطن ليس مفرد واحد منسجم متطابق وكذا الإقليمي والقومي والعالمي ، وذلك ما نستدل عليه بالصراعات داخل تلك الأبعاد وما بينها حد الاقتتال الدموي من حروب أهلية أو إقليمية .. الخ .

ولئن كان من الصحيح القول أن نهضة أي شعب من شعوب المعمورة تسهم في تطور البشرية بشكل عام ، فإن الصحيح كذلك أن قدراً كبيراً من عوامل النهوض والتقدم والرخاء التي ترفل في جنانها المادية عدداً من أقطار العالم قد تحققت عبر استعمار أو بتعبير أدق استنزاف موارد شعوب كثر لا سيما في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية .

وكذلك يصح القول أن شعوب وأقطار (المستعمرات) والتي لم يعمل المستعمر أصلاً على تعميرها وإنما استعبادها ، تعيش ما تعيشه من تخلف وفقر وجهل ومرض وتناحر ليس بسبب عوامل داخلية فحسب ، وإنما وبسبب الاستعمار وسياساته التي سعى حثيثاً لتشكيل خرائطها وجغرافيتها السياسية ومستقبلها وفق ما يحقق له أقصى استنزاف لمواردها ، وليس استثناءً من سياسات المستعمر بوجهه القديم والحديث نظم الحكم (الوطنية مجازاً) وسياساتها على كافة الأصعدة . إذ نلاحظ هنا أن أنظمة بلدان العالم الثالث (ونحن منها) بينما ترد على مطالب أبنائها (المشروعة) بالسيف والنار فإنها ترضخ في حاتمية أو مذلة لمطلوبات الأجنبي (غير المشروعة) وعلى حساب حاضر ومستقبل شعبها ، بل وحد التنكر لتاريخها وإرثها وقيمها .

إن تاريخ الإنسانية الذي اتسم منذ الأزل بقانون الصراع بين الخير والشر ، الحق والباطل ، هابيل وقابيل ، المسيح ويهوذا ، المصطفى (صلعم) وكفار قريش واليهود والمنافقين ، يمضي حاضره وهو يشهد إمبراطورية الصهيوامبريالية وهي تنفرد بالهيمنة على العالم ، لرسم لوحة متطورة للصراع والتناقض ، تعبر عن نفسها في تناقض الشمال (العالمي) الغني المتقدم والمتطور مادياً والمتعصب عنصرياً مع الجنوب (العالمي) الفقير المتخلف المستعبد المستنزف ، جنباً إلى جنب مع تناقض وصراع الشمال/ الشمال المتقدم والمهيمن عسكرياً (الولايات المتحدة وتابعتها بريطانيا) مع الشمال الغني المتقدم إقتصادياً (أوربا الغربية واليابان) . ثم هناك تناقض وصراع الجنوب / الجنوب المتخلف بمجمله ، وهذا الأخير ليس له ما يبرره ، بل وليس مأمول منه أي نصر لأي طرف فيه فالكل خاسر بينما للأول والثاني منتصر ومهزوم.

إن هذا التوصيف لطبيعة وخارطة الصراعات والتناقضات ترتب بدورها مسئولية أو تحدي صياغة خارطة المسارات والتحالفات والسياسات الخارجية ، بل ويسبق ذلك كله الوعي بالعوامل المساعدة على تقليص شقة التخلف بيننا في الجنوب المتخلف والشمال الاستعماري الإمبريالي المتقدم .. إن مقولة المركز المهيمن والأطراف المهمشة لا تجد مصداقيتها داخل أقطار الجنوب بقدر ما تتجلى في المقارنة بين الشمال الإمبريالي والجنوب المستعبد المستنزف سواء بالاحتراب الأهلي وتعميق التجزئة ، أو بالاتفاقات والقرارات والقوانين أو حتى ما هو خارج القوانين التي اختطتها وشرعتها إدارات الإمبريالية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والقضائية والاقتصادية ومتفرعاتها .

ولذلك فإن كانت مقولة المركز المتميز والأطراف المهمشة (داخل أقطار الجنوب) هي محض تدجيل مراد به صرف الأنظار عن حقيقة التناقض الذي يمكن تشخيصه في هذه الحالة بتناقض وكلاء أو عملاء الاستعمار (الأنظمة) وسدنتها النفعيين مع عامة الشعب أو الأغلبية الساحقة من الجماهير والتي كما يحصي بعض الاقتصاديين أن أكثر من 95% منهم يعيشون تحت خط الفقر – بمعنى تناقض الوطن والشعب مع الاستعمار وعملائه - . ولهذا لم يولد عبثاً شعار ومقترح تكوين الجبهة المناهضة للإمبريالية ومخططاتها وعدواناتها ، ودعوة شعوب الجنوب الفقيرة بأحزابها وتنظيماتها وشخصياتها الوطنية للانخراط الفاعل فيها ، حين تتولد من معاناتهم المشتركة برنامج الحد الأدنى النضالي المشترك الكفيل بشق طريق شعوب المستعمرات السابقة نحو مستقبل العلم والنماء والعدالة والأمان الاقتصادي الاجتماعي والاستقرار السياسي .

ولأن ما سمي باتفاقيات السلام بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية جاءت – كما استقر في وعي شعبنا – بسبب ضغوط الولايات المتحدة ، والتي لم تكن من مستهدفات إدارتها الحاكمة إيقاف الحرب تفاعلاً مع مآسيها بقدر ما كانت إملاءاتها وضغوطها لاعتبارات الهيمنة الاستراتيجية (العسكرية/الاقتصادية) ، فإن لا أحد يجرؤ على الحديث عن سودانية الاتفاق أو سودانية القرار بالاتفاقات .. أي أن القرار السياسي حول طبيعة وآلية إدارة الصراع السوداني/السوداني في أدواته المباشرة ، لم يعد سودانياً .

ولأن طبيعة الاتفاقات تنحو باتجاه انفصال الجنوب عن الشمال وفق التسليم بإعطاء الجنوب وحده حق تقرير المصير متحداً مع الشمال أو منفصلاً عنه بدلالة :

أ‌. دستور للجنوب وآخر للشمال .

ب‌. جيشان أحدهما للإنقاذ في الشمال والآخر للحركة في الجنوب.

ج. بنك مركزي للجنوب وآخر للشمال.

د. ممثل للشمال في المحافل الدولية وآخر للجنوب:

- دعوة قرنق وطه لاجتماعات مجلس الأمن حول دارفور .

- دعوة قرنق اعتبار الجنوب مراقب في الجامعة العربية .

هـ. لغة رسمية للجنوب وأخرى للشمال .

و. نظام مصرفي ( تقليدي أو ربوي) للجنوب وآخر إسلامي (مجازاً) للشمال.

ز. رئيس للشمال والجنوب من الشمال ونائب أول للرئيس من الجنوب له حق النقض لقرارات الرئيس ، وغير ذلك من التناقضات التي لا يسمح المجال بحصرها . فإن التساؤلات التي تطرح نفسها بمشروعية هي :

§ أية سياسة خارجية ستكون للسودان وفق هذا الحال ، سيما وأن التمثيل الخارجي نفسه مزدوج ؟

§ من الذي يقرر أخطر أنواع القرارات وهو الحرب - لا قدر الله – مع هذا الجار أو ذاك ، مع هذه الدولة أو تلك ، بل ومن الذي يستطيع منعها فيما إذا قرر الرئيس الشمالي اشتعالها أو شريكه الجنوبي ، وما هو موقف الطرف الرافض للحرب ؟ أيكون محايداً أم حليفاً للعدو المحارب؟ .

§ كيف هو حال السياسة الخارجية لنظام حاكم وشريكه الجنوبي عضو أساس في التجمع المعارض ( هذا إن ظل التجمع معارضاً أو حسب على المعارضة) ؟ .

§ أية سياسة خارجية متحدة خلفها الإرادة السودانية ، وللحلفاء الجدد حلفاء خارجيون ، منهم من لا يزال السودان (الرسمي) يرفض منح تأشيرة له ، كما هو مثبت في جوازات السفر السودانية ( دولة الكيان الصهيوني).

§ أية سياسة خارجية واحدة على الأقل إزاء دول الجوار ، ولكل شريك في الحكم حلفاؤه في معاركه الحربية مع الطرف الآخر الشريك الآن ؟

§ أية سياسة خارجية يلتف حولها شعب السودان ، والفتنة التي أفرزتها الاتفاقات تنذر بتقسيم السودان على دويلات ليس الجنوب والشمال فحسب ، بل وأجزاء أخرى مرشحة للحاق بما سيصير إليه نموذج وتجربة الجنوب؟

§ أية سياسة خارجية على الصعيد الاقتصادي نتطلع إليها ، مستقلة عن مؤسسات الإمبريالية الاقتصادية ، وما قادت إليه اقتصاديات الدول التي اتبعتها من خراب ودمار وإفلاس . وقد أمن الشريكان على موجهاتها !.

§ أية سياسة خارجية وحتى لغة الأغلبية (العربية) لم تعد هي لغة السودان الرسمية ، بل وحتى نصوص الاتفاقية لم تكتب بها ، بل اعتبرت الإنجليزية هي المرجع في كل اختلاف في تفسير النص العربي منها ؟.

§ بأي لسان نخاطب العالم . بل وما هو خطابنا للعالم ( أمريكا روسيا قد دنا عذابها) ، أم أمريكا الصديقة ، أم خطاب السودان الجديد ؟.

§ أي خطاب ثقافي يحمله ملحقينا الثقافيين إلي العالم وبأية لغة ؟ وما هي عقيدتنا ورسالتنا (التوحيد / أم السودان الجديد) ؟ هل سنحقق تبادل ثقافي مع ثقافات العالم الآخر أم سنتبدل ثقافياً ؟

§ ما هو موقفنا وموقعنا من التزاماتنا الدولية السابقة على الأقل وفق ميثاق الدفاع العربي المشترك وجامعة الدول العربية والموقف من دولة الكيان الصهيوني والموقف من الاحتلال الأمريكي للعراق والتهديدات الأمريكية لسوريا والدعم الأمريكي لدولة الكيان الصهيوني ؟.

§ أين سنكون من التزاماتنا في منظمة المؤتمر الإسلامي وكيف سنتعامل مع قانون معاداة السامية . هل سنثبت على رفض مبدأ محاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو إبادة جماعية خارج السودان في محكمة الجنايات الدولية ، أم سنقدم اعتذارنا للعالم وما يتطلبه من كبش فداء للرضا علينا ؟.

§ وهل ستتوقف الابتزازات والمطالب الأمريكية بسبب استجابتنا لبعضها أم (ستقول لنا هل من مزيد) !!.

§ هل أغلقت نهائياً أو ستغلق ملفات المطلوبين وعلاقاتهم السابقة بمسئول تنظيم القاعدة ؟.

§ هل بمقدورنا أن نخالف التوصيف الأمريكي المبهم والواضح للإرهاب ، بل هل بمقدور دبلوماسيينا أن يعترضوا على مطلوبات الإدارة الأمريكية وفق منطقها " من ليس معنا فهو ضدنا " – أي هو إرهابي - ؟؟

§ هل بمقدور الدبلوماسية السودانية أن تدافع عن المصالح الحقيقية لشعب السودان ؟! ومن هو شعب السودان ؟ ومن الذي يتحدث باسمه ؟ البشير أم قرنق ؟

§ هل للبعد العقيدي (من عقيدة) والقيمي (من قيم) أي مكانة في علاقاتنا الدبلوماسية ؟ وهل ذلك يفرض علينا قدراً من الالتزام تفرضه الهوية العقائدية للأكثرية من أبناء شعبنا !؟

§ كيف ستنظر الدبلوماسية السودانية للنظام العالمي ذو القطب الواحد والمهيمن الإمبريالي ؟ هل ستكون جزءاً من جبهة للعمل على ميلاد نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على العدل والمساواة والتعاون ؟.

§ هل ستعمل سفاراتنا وسفرائنا على أن يكون من حقنا امتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا ، أم سنكتفي بفتح مكاتب أو وكالات تكنولوجيا لما يسمح به النظام العالمي ( في ظل العولمة الرأسمالية المتوحشة) ؟

§ أيكون بمقدورنا الإقناع عالمياً بحقنا في امتلاك وسائل الدفاع عن أنفسنا أم سنكتفي بطلب المرتزقة ( بأية راية) ليس لحمايتنا أو الدفاع عنا أمام مخاطر خارجية مزعومة ، بل لمنعنا عن أنفسنا ومراقبة عدم انتهاك وقف إطلاق النار بيننا ؟! هل يكون الأجنبي أحرص على حياتنا وأرواحنا وحقوق الإنسان في بلادنا من أنفسنا ؟!

§ هل من حقنا بل وهل نستطيع أن نقيم نظام الحكم الذي يتناسب مع قيمنا التاريخية وإرثنا الحضاري وعقائدنا وتجربتنا وواقعنا بكل مكوناته أم أنه لا إنفكاك لنا ولا تبرئة لذمتنا ما لم نُشيد نظامنا السياسي وفق التصميم الهندسي الأمريكي أولسنا نحن من قرأ سلفاً : ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ؟!.

كيف نحقق التفافاً داخلياً ثابتاً حول سياستنا الخارجية ؟ وأية سياسة خارجية لبلادنا ستكون مؤهلة لتحقيق هذا الالتفاف . وهل السياسة الخارجية الواحدة والمعبرة عن المصالح العليا لأبناء وبنات شعبنا إلا نتيجة نظام داخلي قادر على تحقيق الإجماع حوله وحول سياساته ( السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الأمنية ، التعبوية ، التربوية ..الخ) . هل نظام الشراكة الثنائية يحمل تلك المواصفات ؟.

الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved