مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

هل يصلح دكتور غازي ما أفسدته الانقاذ خلال 16 عاما ؟ بقلم محمد الزين محمد محامي مقيم في النرويج وباحث في العلاقات الدولية جامعة لندن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
3/13 7:29ص

هل يصلح دكتور غازي ما أفسدته الانقاذ خلال 16 عاما ؟

ثورة دارفور محرقة المشروع الحضاري والايدلوجية السلطانية

هل تجدي دعوة القيادة الملهمة الي بيروسترويكا سودانية ؟

الحلقة الاولي

محمد الزين محمد محامي مقيم في النرويج وباحث في العلاقات الدولية جامعة لندن

[email protected]

يحكي أن شابا صغيرا توفي والده وترك له اسرة مكونة من والدته وأخوته السبعة الصغار، مات والده في حرب الجنوب حيث كان يعمل بالجيش، وكان في مقدور الشاب الالتحاق بافضل الجامعات لكنها مكلفه ماديا بعد سياسات التعليم العالي ومشروع طلاب دعم الصندوق، وخصخصة القطاع العام.

تنتظر الشاب الصغير إلتزامات تجاه أمه المريضه و أخوته ، وعليه قرر الشاب الالتحاق بأحدي الكليات العسكرية، وفي معاينات الكلية كانت الاسئلة تمطر عليه وقبل الاجابة علي السؤال يجد عشرات الاسئلة في اللغة العربية، فالشاب كان يحفظ كل المعلقات والفية أبن مالك، وفي الجغرافيا يعلم الفتي أين توجد مالمو السويدية، وفي التاريخ تحدث لهم عن الرحال عبدالله بن فضلان أول مسلم عربي يزور ويقيم في النرويج مع الفايكينج لبضعة سنين قبل الف عام، ويجيب الشاب ببراعة وبصورة سريعة علي كل الاسئلة، وهنا تتجه لجنة المعاينة بعد الاستياء من هذا الشاب اللهلوبة - عديم الواسطة وعدم وجود إسمه في سجل المقبولين الناجحين لدخول الكلية قبل إجراء المعاينات - الي الاسئلة الاخري التالية :

هل تحفظ سورة التوبة و الانفال؟

أقراء الانفال من الاية رقم 15 وبتجويد وبرواية الدوري، أقراء سورة التوبة من الاية 10 وبرواية حفص.

أذكر أسماء شهداء أحد وأراملهم إن وجد ؟، أذكر أسماء قتلي كفار بدر وعدد أطفال كل واحد منهم إن وجد ؟

أذكر أسماء شهداء الدفاع الشعبي في صيف العبور ومراحلهم الدراسية ؟

ويبداء الشاب الصغير في الاجابات وبالاسم الثلاثي وفي أي متحرك...ولم يجد رئيس لجنة المعاينة أمام هذا الشاب النبيه الا أن يسأله السؤال التالي:

إذا أردنا زراعة جرجير في هذه التربيزة التي أمامك، هل يمكن أن تنمو ؟

فلم يجد الشاب المثقل باسرته الفقيرة وعصافيرها السبعة وامه المسكينة سوي الاجابة التالية:

يا سعادتك لو ربنا أراد أن ينمو الجرجير، في صلعتك دي ممكن ؟

وبعد المعاينة رجع الشاب مكسور الخاطر الي بيته ولكنه وجد النحيب والصراخ والبكاء فقد فارقت أمه الحياة وكان قاتلها الملاريا اللعينة.

هذا هو حكم الانقاذ، لا كفاءات بل الولاء ليس فقط للحزب بل يقتضي الولاء للرموز والاشخاص. هكذا تعاملت الانقاذ مع أهل السودان طوال ال16 عاما، وهكذا تتخذ الانقاذ سياساتها الداخلية والخارجية باسلوب إدارة المعاينة، يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

هذا المقال معني بالرد علي مقال الدكتور غازي صلاح الدين وعنوانه دارفور في مفترق الأفاق بتاريخ 8 مارس 2005م علي الرابطwww.sudanile.com/thagaf4.html

الدكتور غازي يعتبر من القلائل في قيادة الانقاذ الذين يفكرون بأفق أستراتيجي ويحاولون تلمس الاخطاء والمحاولة في إصلاحها، وهو من القلائل الذين يعترفون بالاخطاء، ويتميز بسعة الاطلاع والجراءة والشجاعة في القول، وهو من صناع القرار في السياسة الداخلية والخارجية للانقاذ، وتبوأ العديد من المناصب الرفيعة في التنظيم وفي الحكومة، لذا يأتي مقاله في هذا الوقت بعد مضي 24 شهرا علي مشكلة السودان في دارفور وبعد تفاقم الصراع بين الحكومة وحزب المؤتمر الشعبي وبعد تطورات أقليمية ودولية، أمر في غاية الاهمية، خاصة أن الرجل تردد في الكتابة كما قال: ( لان الموضوع شائك ومحفوف بالألغام والحديث فيه مجلبة لسوء الظنون).

سيكون ردنا علي الدكتور غازي بتشخيص مقاله علي ضوء التقسيمات التي وردت فيه،وذلك علي عدة حلقات إن شاء الله.

أورد الدكتور غازي هناك مشكل في التعاطي مع أزمة دارفور، وحددها بالاتي:

1. مشكلة غياب خطاب حكومي واضح التعاطي مع مشكلة دارفور( المضمون والمحتوي).

2. مشكلة الاعلام الحكومي (فنون الايصال والعرض).

3. مشكلة غياب المبادرة الحكومية أو إستيياقيتها.

4. مشكلة مشروعية (مشروعية دولية وانتقائية للواقع السوداني).

5. مشكلة تحالفات ومناورات دبلوماسية.

6. مشكلة أولويات وتركيز (قرنق – دارفور-المؤتمر الشعبي).

· إن إسترداد المبادرة والمشروعية كليهما مايزال في دائرة الممكن.

· إن أغبي سياسة في هذه الظروف وأشدها ضررا هي سياسة التكميم وقتل المبادرات في المجتمع.

· معلوم ومقبول ومشروع أن تنطلق دعوات المقاومة والتصدي للعدوان المحتملفي مثل هذه الظروف.

· المخرج في القيادة الملهمة.

في البدء نحاول أن نضع مرتكزات فكرية ومنهجية لتناول مشكلة السودان في دارفور، وليس كما ذهب الدكتور وجعلها مشكلة خاصة بدارفور وهذا يعني أن القراءة الاولية لمقال الدكتور تجعل من الضروري والمهم الولوج الي أن أصل المشكلة مرتبط بالهوية السودانية والتعدد الثقافي والديني والعرقي في السودان، ومرتيط أيضا بالعدالة في المشاركة في السلطة وتقسيم الثروة في السودان، وهي أيضا مرتبطة بالدرجة الاولي بأزمة البناء الوطني وحداثة تركيبة الدولة السودانية، والخلل في الهياكل الاجنماعية والاقتصادية في السودان. وكل ذلك يتطلب التعاطي مع قضايا السودان المصيرية بكلياتها وليس تجزئة القضايا وجعلها تدور وجودا وعدما مثل مشكلة دارفور، وهذا هو مربط الفرس .

وهذه الجزئية أيضا تعلاج مقال الدكتور من زاوية إستفهامية:

هل فعلا طبقت الانقاذ الشريعة الاسلامية في السودان منذ عام 1989م وحتي الان ؟و هل فعلا قادة الانقاذ إسلاميين وحرصيين علي الاسلام في السودان ؟ وهل هم فعلا أهل تقوي وصلاح، وقدوة حسنة ؟ولما هذا الصراع الحاد والدموي مع الشيخ الترابي؟.

وأسئلة أخري مثل كيفية الموازنة بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر؟ ومفهوم الشرعية في الفكر الاسلامي، وتيار الوسطية الاسلامية، وكيفية مواجه التحديات الوطنية والدولية؟ و هل العلاقات الدولية حروب وصراعات أم تحالفات وأحلاف؟

المدخل الثاني للجزئية السابقة يقوم أيضا و يتأسس علي حقائق وأحداث و وقائع تكون صالحة لتطبيق المنهج الفكري لطبيعة المشكلة ، فالقراءات و التحليلات الخاطئة تقوم أيضا علي معلومات خاطئة، فالسؤال ما هو موقع أبناء دارفور ضمن تشكيلات الجبهة الاسلامية القومية، وكيف كان قادة الانقاذ من ابناء دارفور يتناولوا قضايا الغبن التنموي والمشاركة في السلطة والتقسيم العادل للثروة؟، خاصة حينما كانوا علي وضع نافذ في الحكومة الولائية والاتحادية؟، وهذا يتطلب من الدكتور غازي الذي أراد أن ينقل الحوار بشجاعة وبشفافية في الانترنيت أن يواصل في سرد الاحداث و الوقائع علي الاسباب الموضوعية التي دفعت بعض قيادات الانقاذ من أبناء دارفور من حمل السلاح منذ التمرد الاول الذي قاده المهندس داؤد يحي بولاد عام 1991م. وكيفية التعامل مع ظاهرة الثورة في دارفور؟ وما هي استراتيجية الانقاذ في التعامل معها؟.

وفي كل الأحوال فأن المنهجية المضللة تقود إلى نتائج بعيدة كل البعد عن المقدمات الأساسية التي تأسست عليها المشكلة، وكما يقول المثل الإنجليزي (Wrong conclusions based on wrong assumptions)، وما أود أن أقوله أن الخلاف داخل الانقاذ يجد تفسيره في عقلية الشخوص التي كانت تدير الصراع، إضافة إلى البيئة الثقافية التي نشأت فيها الجبهة الاسلامية بطبيعة الحال (الثقافة السائدة) ، ومراحل التطور المعرفي التي اجتازتها، فهذه العقلية لم تكن على استعداد بالقدر الكافي لتفهم طبيعة التحولات العميقة التي يمر بها الصراع الثقافي في السودان، والتحولات التي بدأت تظهر حقيقة الصراع، فقد ظلت أسيرة للتصورات التقليدية عن طبيعة الصراع في السودان، والتي إما كانت تقراء هذا الصراع بعقلية معي أو ضدي.

ما سبق الاشارة اليه هو محاولة وضع الاطار النظري للرد علي مقال الدكتور غازي، والتفاصيل ستأتي في الحلقات القادمة.

أوسلو، 9 مارس 2005


الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved