السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

جيش الرب اليوغندي بقلم مدينق ودا منيل /الدوحة - قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/8/2005 1:04 م

جيش الرب اليوغندي

بقلم مدينق ودا منيل

قد يستغرب المرء عند سماعه هذا الاسم .. إذ كيف يرتبط جيش أجنبي بمجريات الأحداث في السودان .. و خاصة بالحرب الأهلية التي تدور رحاها في جنوب البلاد .. نوضح في هذه المقالة كيف ارتبطت هذه المجموعة المنفلتة عضوياً بالأوضاع المأساوية في الجنوب .. و بالتحديد بمنطقة شرق الاستوائية .


نشأة و تكوين جيش الرب
كيف أصبح جيش الرب يشكل عنصراً في معادلة الصراع .. هذا مسألة جديرة بالاعتبار و تستحق النظر عن كثب .
إبان خضم الصراعات السياسية في الجارة يوغندا .. و ما ترتب عليها من تحولات ديمقراطية .. و دكتاتوريات عسكرية .. و ما تمخض عنها من إرهاصات .. ظهرت فجأة هذا الراهبة من قبيلة الأشولي التي تستوطن شمال يوغندا .. و ذلك نتيجة لشعور أبناء تلك القبيلة بالغبن و التهميش بعد الهزيمة التي تلقتها قوات الجنرال تيتو أوكيلو القائد السابق لقوات الرئيس ميلتون أبوتي و الذي تمكن الجنرال أوكيلو من الإطاحة بحكومته .. و تمكن يوري موسيفيني الذي أصبح فيما بعد رئيساً للدولة اليوغندية من كبح جماح التمرد .
من هي أليش أوما ( أليش لوكونا) التي نالت هذه الاسم و معناه بلغة الأشولي الراهبة ؟ بعد هزيمة الجنرال أوكيلو و فراره من البلاد و استيلاء قوات الدفاع اليوغندية بقيادة يوري موسيفيني ، بقيت فلول القوات المهزومة و كان غالبيتهم من قبائل الشمال . في تلك الظروف المصحوبة بالإحباط ظهرت أليش و ادعت بأنها نبية تتلقى وحياً إلهياً يدعوها إلى تحرير يوغندا من الكفار و حكمها من قبل حكومة منقذة وفقاً لتعاليم الوصايا العشر ، و جدت أليش الراهبة تأييدا شعبياً وسط بني جلدتها من الأشولي و انضم إليها جمع غفير خاصة من أوساط الشباب إضافة إلى بعض فلول القوات الحكومية السابقة.
تمكنت أليش من قيادة المجموعة حتف أنفهم تارة بمنحهم صكوكاً دينية بالغفران .. و تارة أخرى بتوزيع مياه تدعّي أنها مباركة و تحمي المقاتلين من الرصاص و هلم جرا من الخزعبلات و الشعوذة التي لا أساس لها .
ارتفعت إثر تلك المغريات الغيبية معنويات المقاتلين و اندفعوا يقاتلون في جسارة منقطعة النظير مما مكنهم من تحقيق انتصارات ميدانية مذهلة ، حيث استولوا على المدينة تلو الأخرى في شمال يوغندا حتى وصلوا إلى مشارف مدينة ( بوسوقا ) . بعد عهد مجيد من الانتصارات الساحقة تدهورت أوضاع قوات أليش التي ُتعرف بجيش الرب و تعرضت لهزيمة نكراء و فّرت أليش إلى كينيا حيث قبض عليها و حكم عليها بالسجن و استسلم معظم القوات مستفيدة من العفو الرئاسي الذي منحه الرئيس موسيفيني . و بهزيمة أليش انطوت صفحة من تاريخ هذا التنظيم العسكري العجيب . تجدر الإشارة إلى أن الصراع قد اقتصر في هذه المرحلة على اليوغنديين فقط و لم يمكن للسودان آنذاك أي دور في ما كان يحدث .
بدأت الصفحة الدموية بتغيير جيش الرب تكتيكاتها العسكرية في عام 1986 ، حيث تمكن القس جوزيف كوني الذي انضم إلى المقاتلين تحت إمرة أليش و أصبح فيما بعد من كبار القادة الميدانيين من تجميع ما تبقى من القوات و نظمهّا في شكل خلايا مقاتلة متبعاً أسلوب حرب العصابات عوضاً عن المواجهة المباشرة مع القوات الحكومية .


كيف و متى احتضنت الإنقاذ جيش الرب
اتخذت بداية التعاون بين الإنقاذ و جيش الرب صورتها الفعلية بعد أن فقد جيش الرب مصادر دعمه الداخلي و الأجنبي ، و في ذلك الوقت كانت الإنقاذ في أمس الحاجة إلى الدعم المعنوي مع أي جهة و مهما كان الثمن ، فبعد الانشقاقات التي حدثت في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان في بداية التسعينيات من القرن الماضي ، اعتقدت الإنقاذ خاطئة أن الوقت الملائم لتوجيه الضربة القاضية قد حان ، فسارعت إلى تسيير قوات جرارة في ما أطلقت عليه عملية صيف العبور . و لكن لم تجري الرياح بما تشتهي سفينة الإنقاذ و لم تتمكن من تحقيق النصر المنشود . أسهمت الهزيمة النكراء التي تعرضت لها القوات الحكومية على مشارف مدينة نيمولي في تبني نظام الإنقاذ لجيش الرب بصورة مباشرة و دعمه بالمؤن و العتاد الحربي و الدعم اللوجستي ، و ذلك من منطلق رد الصاع صاعين للسلطات اليوغندية التي تعتقد الإنقاذ بأنها تقدم الدعم و الإيواء للحركة الشعبية لتحرير السودان .


كيف تحّول جيش الرب إلى واحد من الميليشيات المقاتلة في السودان
من عجائب القدر التي تحدث بصورة حصرية في العالم الثالث أن تتحول قوة أجنبية متمردة إلى رقم حقيقي في صراع داخلي لبلد آخر ، و لكن هذه السياسة التي غذتها الحكومات السودانية السابقة في عهود حكومة المشير نميري و الجنرال سوار الدهب و حكومة الصادق المهدي قد استمرت في عهد الإنقاذ التي سارعت فور شعورها بالتهديد الداخلي إلى الزج بالميليشيات القبلية في قتال ضارٍ نيابة عن الحكومة ، وجدت الإنقاذ الفرصة سانحة أمامها و استغلتها بميكافيلية معهودة في تطوير المليشيات و توفير كل مستلزمات حياتها القتالية ، إضافة إلى أنها اصطنعت الغطاء الاستراتيجي الذي يجمع بين تلك الميليشيات لكي تحارب بالنيابة عنها ، و على هذا الأساس المسخ قامت الإنقاذ بإبرام تحالف استراتيجي غير حميد في شرق الاستوائية يجمع بين جيش الرب و قوات الدفاع الاستوائية .. و هي إحدى الفصائل الجنوبية المنشقة عن الجيش الشعبي في صدر التسعينيات .. نشأ هذا التحالف استناداً إلى مقولة أن عدو عدوك صديقك .. و شرعت قوات الدفاع الاستوائية بإيعاز من الإنقاذ في التعامل مع جيش الرب .. و لكن تلك القوات ارتكبت خطأ مميتاً عندما فتحت معسكراتها لجيش الرب حيث أتيحت له الفرصة للتعرف عن قرب على مقدراتهم العسكرية .. أصيب جيش الرب بضربة قاسية بعد أن غيّرت قوات الدفاع الاستوائية استراتيجيتها بعد أن انضم أغلبية مقاتليها إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان بناء على الاتفاقيات الأمنية التي وضعت أمام الفصائل الجنوبية المسلحة خيار الانضمام إلى أحد طرفيّ اتفاقية نيفاشا .


لماذا ترغب الإنقاذ في التخلص من عبء جيش الرب
بعد ضغوط دولية و وساطات مضنية قام بها كل من الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر و رجال الدين من أبناء شمال يوغندا بين جيش الرب و الحكومة اليوغندية ، و بعد أحداث سبتمبر قامت الحكومة الأمريكية و المجتمع الأوروبي بإدراج جيش الرب ضمن قوائم المنظمات الإرهابية . و بالطبع سارعت حكومة الإنقاذ بانبطاحيتها المشهودة إلى تقديم وعد قاطع للأمريكان بتزويدهم بكافة المعلومات التي تحصل عليها عن الأعمال الإرهابية و بأن تقطع صلاتها بجميع المجموعات الأصولية إسلامية كانت أم مسيحية . و عليه أعلنت الإنقاذ تخليها عن جيش الرب بل طلبت من الجيش اليوغندي أن يصفي حساباته مع جيش الرب داخل الأراضي السودانية و أباحت سيادة و حرمة البلاد لقوات أجنبية تطارد المتمردين عليها و كل ذلك حتى تتمكن من مغازلة أمريكا و الحصول على وعد بإزالة النظام من لائحة الإرهاب التي ظلت لسنوات عديدة سيفاً مسلطاً على رقاب السلطة .
دخل الجيش اليوغندي جنوب السودان ليرفع الستار عن نوع جديد لم يشهده السودان من قبل في تاريخه الحديث .. حيث أصبح مناطق شرق الاستوائية مسرحاً لأعمال قتل يومية أدتّ إلى سقوط المئات من المواطنين السودانيين الأبرياء جراء العمليات العسكرية . كما دفعت قوات الدفاع الاستوائية ثمناً غالياً عندما قام جيش الرب بشن هجوم مكثف على معسكراتها و قات بتصفية عدد كبير من قواتها علاوة على نهب ممتلكاتها ومؤنها ، و كل ذلك بإيعاز من حكومة الإنقاذ التي خابت آمالها في قوات الدفاع الاستوائية التي فضلت الانضمام إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان فأرادت الانتقام منها .


السجل المخجل لجيش الرب
ارتكب هذا الجيش أسوا انتهاكات لحقوق الإنسان تشهدها هذه المنطقة في التاريخ ، ففي يوغندا مثلاً درج جيش الرب على ممارسة القتل والتنكيل و خطف الأطفال و حتى فتيات المدارس . و بالنسبة للمواطنين السودانيين فتتراوح عملياته بين الهجوم المتواصل على مخيمات اللاجئين في شمال يوغندا مما أدى مقتل عشرات بل مئات من أولئك اللاجئين .. أما داخل الأراضي السودانية فقد اتسمت عمليات جيش الرب بالقسوة البالغة و التنكيل بسكان القرى في هجمات متكررة تمارس فيه تلك القوات ما يحلو لها من تقتيل وتمثيل بالأبرياء و على سبيل المثال قطع ألسنة الناس و أيديهم دونما رقيب أو رادع .. و جدير بالذكر إحدى أبشع عمليات جيش الرب التي حدثت عام 2003 بإجبارهم مجموعة من القرويين كانوا يحملون جنازة على أكل الجثة و من ثم قتل الجميع و عددهم 22 فرداً .. كما دأبوا في ممارساتهم شبه اليومية على القتل و التشريد و سرقة ممتلكات المواطنين من الماشية .. حدث أيضاً في العام الماضي على مشارف مدينة جوبا مجزرة أخرى يندى لها الجبين.. حيث قامت قوات جيش الرب بنهب مواشي المواطنين و بعض منتسبي الميليشيات الجنوبية المتحالفة مع الحكومة السودانية .. مما اضطر الميليشيات لتعقب جيش الرب و لكنهم وقعوا لسوء طالعهم في كمين ُفقد فيه الكثيرون من مقاتلي الميليشيا .. و المؤسف في الأمر أن قيادات تلك المليشيات طلبت من الجيش السوداني غطاء جوياً من القوات المرابطة في جوبا لكن توسلاتهم لم تجد آذاناً صاغية مما جعلهم فريسة سهلة ابتلعتها طاحونة جيش الرب التي كانت تفوقهم عدداَ و عتاداً .. و يتواصل مسلسل الرعب الذي دأب جيش الرب على تقديمه .. حيث قامت قوات جيش الرب مؤخراً بمهاجمة سيارة كانت تقل بعض النساء و الأطفال و المسئولين الحكوميين المسافرين إلى مدينة توريت .. كما ضاعفت قوات جيش الرب من هجماتها على مدينة نيمولي منذ شهر فبراير 2005 .. و الحقيقة المرة أن استمرار هذا الجيش في التواجد بالمنطقة قد أصبح يهدد سلام السودان و استقراره .. حيث نزح ما يتراوح بين 5,000 إلى 000، 20 مواطن من قراهم في شرق الاستوائية إلى مخيمات اللاجئين في يوغندا فراراً من أتون جيش الرب دائم الاشتعال .. و تواجه المنظمات الدولية المعنيّة بإعادة توطين اللاجئين صعوبة بالغة في إقناعهم بالعودة إلى مناطقهم الأصيلة نتيجة ما يشعرون به من رعب خوفاً من استهداف جيش الرب لهم مرة أخرى .

ماذا نريده من الإنقاذ كمواطنين سودانيين
على الحكومة السودانية أن تتخذ مجموعة من الإجراءات على الفور تتلخص فيما يلي :
تقديم المدعو جوزيف كوني و عناصره الإستخباراتية المتواجدين في كل من الخرطوم و جوبا إلى العدالة فوراً.
تجريد قوات جيش الرب من السلاح و منح من يستحق منهم حق اللجوء السياسي شريطة أن لا يكون الشخص المعني قد ارتكب أي جرائم في حق المواطنين السودانيين .
تجريد أسلحتهم بواسطة الجيش السوداني و بمساعدة من المجتمع الدولي ممثلاً في الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة ، و منع الحكومة اليوغندية من القيام بأي عمليات عسكرية ضد جيش الرب داخل الأراضي السودانية ، علامة على الصرامة في منع طرفي الصراع اليوغندي من تصدير صراعاتهم إلى داخل السودان .
إذا تعذر ذلك و إذا تمسك الإنقاذ بقوات جيش الرب جزء أصيلاً في الصراع السوداني - السوداني بدلاً من التعامل معها في حجمها الطبيعي مجموعة يوغندية متمردة ، فإنه بناء على اتفاق السلام و خاصة الجزء الأمني منه الذي ينص على انضمام الميليشيات إلى أي من طرفي النزاع ، فإنه بذلك يحق لجيش الرب الانضمام إلى قوات الحكومية و منحهم جنسيات سودانية مثل ما فعلت الإنقاذ مع الأفغان العرب ، و هذا سيتيح الفرصة للشعب السوداني لمسائلتهم بل محاسبتهم و معاقبتهم إذا تطلب الأمر إذا قاموا بارتكاب أي أعمال تخالف قانون البلاد .
الإنقاذ هي حكومة الأمر الواقع .. و واجبها القانوني كما نصت عليه المواثيق الدولية هو حماية المواطنين من أي قوات أجنبية . لذا أناشد الإنقاذ أن ترتقي إلى حجم مسئولياتها و القسم الذي أعلنه الرئيس البشير بالمحافظة على حمى الوطن .. يجب لمعيار الكيل بمكيالين في الأمور الوطنية أن يذهب إلى غير رجعة .. و أثني في هذا السياق على حديث الرئيس البشير مؤخراً و مفاده بأن الحرب قد وضعت أوزارها في الجنوب إلى الأبد .. نأمل في حل مشكلة أهلنا في شرق الاستوائية في القريب العاجل .. فلا نعقل أن يتشدق البعض و يتحدث الجميع عن الوحدة في حين أن الإنقاذ لا تزال تغذي أتون الحرب في الجنوب عبر صنعيتها جيش الرب .. و قد أعلن أسقف نيمولي منذ فترة وجيزة بأن الجيش السوداني لا يزال ينقل المؤن لجيش الرب داخل الأراضي السودانية .. السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو إذا كان تصريح الرئيس البشير بأن الحرب قد انتهت ، فما هو السبب في استمرار تزويد جيش الرب بالسلاح و العتاد .
إن تحقيق السلام والوحدة لن يتأتى بمخصصات مالية أو بمساهمة الدولة في إعمار الجنوب فحسب .. بل أن الأولوية تكمن في نظري إلى خلق شعور واقعي بأن الأمن و الاستقرار قد تحققا بالفعل لمواطن الجنوب .. و في سعي الحكومة حثيثاً و صدقاً لإقناع المواطن الجنوبي بأنه جزء يكمل الكل .. و أنه ينتمي بالفعل إلى هذا الوطن الكبير المعطاء ..


[email protected]
[email protected]

الدوحة - قطر
تلفون 5802130

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved