السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

رداً علي مقال الكاتب ابوالقاسم ابراهيم الحاج ( فالتذهب اللغة العربية الى الجحيم وغير ماسوف عليها) بقلم بريمة محمد أدم-واشنطن دى سى، الولايات المتحدة.

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/7/2005 2:44 م

رداً علي مقال الكاتب ابوالقاسم ابراهيم الحاج ( فالتذهب اللغة العربية الى الجحيم وغير ماسوف عليها)


بريمة محمد أدم/ واشنطن
[email protected]

هذه بعض ألفاظ الكاتب أبوالقاسم: الجقرافية ... يعنى الجغرافية، يتحدسون العربية ... يعنى يتحدثون العربية، صغار المؤلفاتية .. يعنى صغار المؤلفين، لا يقرؤاون لكتابنا .. يعنى لا يقرؤون لكتابنا، أفخم المدارس ... يعنى أميز المدارس، أصبح حتى الدول التى تدعى أنها عربية ... يعنى أصبحت حتى الدول التى تدعى أنها عربية. وهكذا من الأخطاء الأملائية، اللغوية والنحوية التى تشير أن الكاتب غير ملم بأساسيات اللغة العربية، فكيف يستقيم أن ينتقد المرء شئ وهو لا يعرفه ولا يقدر قيمته؟

الأخ الكاتب أبوالقاسم، في موضوعك عن اللغة العربية لقد بنيت مقالك علي أفتراضات مغلوطة، أولها أن الذين يتمسكون باللغة العربية هم الذين يوجدون في داخل السودان، أو الذين يودون العمل في أسواق الخليج، أو السودان ليس بعربى وعروبته عروبة لسان وليس عروبة لون (كلمة حق أريد بها باطل)، أو قد فقدت اللغة العربية ريادتها العلمية ... تلك هى مآخذك علي اللغة العربية مما دعاك إلي المناداة بألقاءها وذهابها إلي الجحيم غير مأسوف عليها وإرجاء اللغة الأنجليزية بدلاً عنها.

دعنى أقول لك الأتى، لقد خرج شخصى الضعيف من السودان منذ النصف الأخير من عام 1990م ولم أذهب إلي الخليج الذى تتحدث عنه ولم أتطلع حتى في المستقبل بالذهاب إليه للعمل، فلماذا لم أنسى اللغة العربية؟ ولماذا نسيت الفرنسية التى تعلمت مبادئها في الثانوى ولم أذكر منها شيئاً؟ ولماذا في المقابل حافظت علي اللغة العربية؟ حيوية اللغة تعتمد علي عدة أسباب تضمن بقاءها ومنها قيمتها الأجتماعية والفكرية والأقتصادية والمادية (والروحية) في حياة الشعوب، فوددت لو أنك كتبت ما كتبت بلغة المساليت مثلاً (وهذا ليس أستهزاء بلغة أهلنا المساليت) ولكن لترى محدودية حوارك حتى مع الأفارقة الذين تقول عنهم الغالبية العظمى لأهل السودان. هذا المنطق الذى أشرت إليه يدهض أثنين من مبرراتك لذهاب العربية إلي الجحيم (الذين يتمسكون باللغة العربية هم الذين يوجدون في داخل السودان أو الذين يودون العمل في أسواق الخليج)، ذلك يعنى أنك لم تأمل بصيرتك وعقلك حينما أستنتجت تلك الأسباب، بل إندفعت إندفاع غير مبرر مرتكزاً علي واقعنا الأليم في المنطقة لتتحامل على اللغة العربية وذلك ليس من شيمة الباحثين أو المنظرين الذين يدعون إلي تغيير حياة الشعوب.
نأتى إلي النقطة التى تعتبر لب بحثك وهى أن السودان ليس بعربى وعروبته عروبة لسان وليس عروبة لون. تلك كلمة حق أريد بها باطل. كلمة حق لأن السواد الأعظم ليس بعربى خالص أو بأفريقى خالص (الشعب السودانى هجين بين العربى والأفريقى)، وباطل لأن السواد الأعظم ثقافته عربية. فشخصك الكريم وأغلب أهل دارفور ليس بعرب ولكن يتواصلون بالعربية كوسيلة للتخاطب والتبادل التجارى اليومى (قيمة إقتصادية) والتواصل الفكرى (منها مقالك)، إذن كلمة ثقافته عربية لا تعنى بأى حال هم عرب ولا تعنى بأى حال أنهم يتمسكون بسلوك البحترى أو أبوفراس الحمدانى أو تراث عنترة وتأبط شرا، فالثقافة كاللغة جسم حى متجدد يواكب حياة الشعوب أينما وجدت، فلأهل دارفور ثقافتهم العربية في أطار مصطلحاتهم العربية وفهمهم الأفريقى لطبيعية الأشياء، ولن أكن مبالغاً إن قلت أن لكل واحدة من الشعوب العربية لها ثقافتها العربية الخاصة بها، وثقافتنا العربية الآمية في السودان (راجع قاموس اللغة الأمية السودانية أو اللهجة الأمية السودانية لبروفسر عون الشريف قاسم) أروع مثال علي تعقلم اللغة علي البيئة والمحيط التى تعيش وسطة ويؤكد تجزر ثقافتنا العربية مع أننا سود اللون. دعنى نأخذ مثالاً أخر علي اللغة في الأطار الأوسع، أمريكا الشمالية لغتها الأنجليزية وذلك لا شك فيه وإن كانت اللغة الأنجليزية فازت علي اللغة اليونانية بصوت واحد حينما صوت الكونجرس الأمريكى علي أختيار لغة الدولة، لكن هل هذا يعنى أن الشعب الأمريكى شعب أنجليزى؟ الأجابة حتماً بالنفى (وذلك يطابق إننا سودانيون وليس بعرب وجميعنا نتحدث العربية). لكن السؤال الأهم هل ثقافة أمريكا الشمالية هى بريطانية؟ أو قل أنجليزية؟ الأجابة أيضاً بالنفى، والدليل علي ذلك أن الثقافة الأمريكية القاهرة عالمياً بدأت تغذوا حتى الشعوب البريطانية في عقر ديارها، وذلك عكس ما يحدث في السودان، فنحن نتمسك باللغة وثقافتها العربية. وذلك يعنى عدة أشياء أولها أن اللغة كوسيط أو وعاء تحمل في طياتها جسم ثقافى، فالشعوب المتلقية للغة المعينة يمكنها الحفاظ علي اللغة دون جسمها الثقافى (الحالة الأمريكية) أو الأبقاء علي الجسم الثقافى (الحالة السودانية). إذن اللغة الأنجليزية المهاجرة مع الشعوب الأوربية (أو اللغة العربية المهاجرة مع القبائل العربية في السودان) أستطاعت بحكم عواملها الذاتية أن تنمو وتتطور (مثلاً اللغة الأمية السودانية) وتستيطيع كسب معركة البقاء أمام اللغات المحلية للهنود الحمر أو المجموعات الأروبية الأخرى كاليونانيين (أواللغات الأفريقية في السودان). إذن من هذا السرد نخلص إلي سؤالين لم تجب عليهم في مقالك: الأول لماذا أستطاعت اللغة العربية كسب معركة البقاء أمام اللغات المحلية؟ ولماذا أيضاً أستطاعت الثقافة العربية علي البقاء مقابل الثقافة الأفريكانية، إن وجدت ثقافة أفريكانية أصلاً؟ ذلك يؤكد أن شخصك (وأهلك وأهل دارفور والسودان) في حوجة للغة العربية. إذن ماهى حوجتك لها؟ هل تستطيع الصلاة دون قراءة الفاتحة؟ فإن إجبت بنعم إذن إنك تحتاج إلي اللغة العربية. هل هذا يعنى إذا لم تدرس اللغة العربية في مدارس تعليمية إنك حتماً تتعلمها؟ الأجابة أيضاً بنعم، ودليلى القاطع على ذلك أن دارفور تعلمت اللغة العربية ليس من القبائل العربية المهاجرة وحدها بل أيضاً هاجر أهل دارفور إلي الكعبة المشرفة وتعلموا اللغة العربية وأصول الدين وثقافته العربية من أرض الحرمين الشريفين. والدليل الدينى والقيمى اللغة العربية ليس هو السبب الأول والأخير في حوجتنا إلي العربية، فلتصمت أنت يا أخى يوماً كاملاً عن تحدثها وأنت بأرض الكنانة، فكيف تستطيع أن تعيش. دعنى نأخذ مثال أخر، عربى جوبا، والذى يتصل باللغة العربية بحل ضعيف ولا يحمل أى مضمون ثقافى عربى، هل ذلك يعبر عن حوجة الجنوبين إلي اللغة العربية؟ أترك الأجابة لفطنتك.
نأتى إلي حجتك الأخيرة التى تقول فيها فقدت اللغة العربية الريادة العلمية؟ هذا أيضاً كلمة حق أريد بها باطل. كلمة حق نعم لم تكن اللغة العربية هى لغة العلوم اليوم كما في الأنجليزية، وكلمة باطل لأن اللغة العربية كجسم لغوى غنى بالمفردات والتعابير التى تستوعب أى من العلوم العصرية المتجددة، واللغة العربية في غناها اللغوى التعبيرى لا تدانيها في لغات الأرض غير اللغة اليونانية والتى أعتبرت لغة الفلسفة لقرون (أنظر كلمة فلسفة التى أصلها يونانى كيف أستوعبتها اللغة العربية)، فإين اللغة اليونانية مع غناها اللغوى من اللغة الأنجليزية، وقد أشرت سالفاً أن اللغة اليونانية سقطت في صراعها مع الأنجليزية بفارق صوت واحد فقط، فإين تكن اليونانية إذا قدر الله لها بالفوز، إذن جوهر الأمر هو مقدرة الشعوب التى تقف خلف اللغات علي الأستمساك بأسباب الريادة التى تدعيها أو تراجعها حضاريا هو الذى يحدد تطور اللغة أو تراجعها. ومع كل ذلك التراجع، فإن مصير اللغة العربية لم يكن كمصير اللغة الهيروغلوفية التى أستنفدت أسباب بقاءها ومضمونها القيمى، فاللغة العربية تحمل بين طياتها رسالة قيمية لا تفنى ولا تعتمد علي الشعوب بعكس اللغات الأخرى. وأكبر أفتراء يدعية الذين يحملون لواء مواجهة اللغة العربية هو أن هناك شعوب أسلامية لا تتحدث العربية وهى من أكثر الشعوب الأسلامية، مما يعنى جدلاً الفصل بين الأسلام كدين ولغته العربية التى جاء بها، وذلك إفتراء لماذا؟ لأن تلك الشعوب تقرأ بالعربية ليل نهار وحتى لو كانت مترجمة بلغاتهم الخاصة بهم، وحينما تكتب الأيات مثلاً أية الكرسى فهى لا تكتب معانيها بلغات تلك الشعوب بل تكتب ألفاظها ويحاولون نطقها كما بلفظها العربى، هذا يعنى أن هناك 1.7 بليون من سكان الأرض مسلمون يلفظون بالعربية وبالأضافة إلي المجموعات السكانية العربية من غير المسلمين والمستشرقين، أين ذلك من لغة الهوسا، الفولانى، الكاوجاروا، البداويت، الددنقا، المساليت، المورو، التبوسا، الزاندى، الفور، الزغاوة، الكواليب وهلم جرا من لهجاتنا المحلية التى يتحدثها في أحسن الأحوال في حدود بضعة ملايين أو أقل من المليون.
إذن يا أخى أبو القاسم، والحق يجب أن يكن حق، قبل أن تقدم علي نقض القائم يجب عليك أن تبحث عن البديل الأمثل. أفريقيا هى القارة الوحيدة التى تخلو من ثقافة جامعة، فليس هناك شئ يسمى بالأفريكانية كثقافة تتدارس أو حتى تعيش في أفئدة الناس في الأسواق يمكنها أن تكون بديل أمثل لما هو قائم (اللغة والثقافة العربية)، فقد درج كثير من الكتاب إلي تقسيم أفريقيا حسب تبعيتها للأستعمار، فهناك الفرانكوفونية والأنجلوفونية وغيرها، وقد أعجبنى بحث بروفسر علي المزروعى، الذى يبحث فيه عن أصول الأفريكانية حيث خلص إلي الأرث الثلاثى: الأفريقى والحامى والسامى كمكونات للثقافة الأفريقية، أى التراث الأفريقى، التراث العربى والتراث الأروبى، وتلك التراثات تحمل في طياتها ديناتها المختلفة: الأسلامية، المسيحية واليهودية والمعتقدات الأفريقية. بدعوتك إلي تبنى الأنجليزية أنك تدعو إلي إلغاء كل بقية التراث الأفريقى وإختزال الأرث السودانى اللغوى والعودة إلي حظيرة المستعمر، فإن كنا مستعمرة فرنسية فحتماً تدعو إلي تبنى الفرنسية، وأنا أبداً لا أستغرب حمية الجاهلية التى تنتابك ضد العربية إذ يعتبر شعب المساليت، وهذه حقيقة تأريخية، أخر الشعوب السودانية التى ضمت أراضيها إلي حظيرة الوحدة الوطنية السودانية، مما يؤكد ضعف الرباط الثقافى لقبائل المساليت بلغات السودان الأساسية وينذر في نفس الوقت إلي أنتباه الدولة إلي بحث عواصر وحدتنا الوطنية. ذلك يجعلنى نخلص أنك تتحامل علي العربية بسبب ضعف صلتك الوطنية أو الثقافية بمكونات الواقع الثقافى السودانى أو بسبب ما يدور من صراع في المنطقة وبالتالى عقلك وتفكيرك تقيده وتحده مبررات عدم إلمامك بعمق الثقافة العربية في الوجدان السودانى أو بسبب الواقع الأليم الذى تريد الهروب من حظيرته وبأى السبل، كأن في أسلوبك أن الغاية (التخلص من الوجود العربى واللغة العربية وثقافتها) تبرر الوسيلة ( الأتيان باللغة الأنجليزية)، وهذا خطأ في تحديد مصير شعب ومستقبله علي أساس أنفعالى عاطفى وهذا يقودنى إلي تكرار الجملة السابقة التى تقول أنك لم تأمل بصيرتك وعقلك حينما أستنتجت تلك الأسباب، بل إندفعت إندفاع غير مبرر مرتكزاً علي واقعك الشخصى التأريخى أو الأنى الظرفى لتتحامل على اللغة العربية وذلك ليس من شيمة الباحثين أو المنظرين الذين يدعون إلي تغيير حياة الشعوب. وتجدنى أوافقك أن قلت يجب علينا أن نقيد علاقتنا بالعرب أو توازنها مع علاقاتنا الأفريقية الأخرى، أو أتخاذ اللغة العربية كما أتخذ الأمريكان اللغة الأنجليزية جسم تخاطبى دون ثقافته (وذلك لا يجدى في حالة السودان لأن أغلب السودان يدين بالأسلام) أو محاولة بعث اللهجات الأفريقية أو أهاججك في صحة تدريس أبناء القبائل بلهجات قبائلهم ولكن أن تدعو إلي إجتثاث اللغة العربية والتطاول لألغاءها في الجحيم هذا أكبر من قامتك وفكرك وطرحك وتجدنى أقول لك بكل إحترام إنك ليس بمقدورك أن تقود مثل هذا الحوار الفكرى.

بريمة محمد أدم
واشنطن دى سى، الولايات المتحدة.
07 أبريل 2005



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved