السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

خـلي روحـك رياضيــة. بقلم صلاح شكوكو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/4/2005 8:17 ص

خـلي روحـك رياضيــة

( صلاح شكوكو )

تعودت منذ أن بدأت الكتابة منتظما أن أشرع في تنزيل الفكرة التي يتمحور حولها عمودي الصحفي الإسبوعي منذ يوم الثلاثاء مستصحبا معي الفكرة حتى يوم الجمعة مع سيء من التراخي الذي يتيح لي فرصة إضافة بعض المحطات الحية كنوع من المواكبة حتي موعد نشره في صبيحة السبت من كل أسبوع ..

واليوم هو يوم الثلاثاء وها أنذا أجد نفسي مجردا من أي فكـــرة يمكن أن تكون خمـــيرة لعنواني الجديد .. بل وجدت نفسي دونما موضوع محدد يستحق الكتابة .. أو ربما أكون أنا لست مهيئا للكتابة أصلا .. وهنا خطـــرت لي فكرة .. أو ربما تكون خاطرة لم تصل بعد لأن تكون فكرة .. وهي لماذا لا أترك مساحة عمـــودي بيضاء .. كنوع من التعبير المتمرد ضــــد الروتين .. أو كنوع من الرفض الإحتجاجي على الكتابة الموقوتة .. أو ربما ينبغي أن أمارس ذلك الـــنوع من التعـــــبير السيريالي الذي يشار اليــه بعبـــارة (( بدون تعليق )) .

هذا التداعي الفكري قادني الى قضية هامة وهي مدى المعاناة المهنية التي التي يتكبدها أولئك الصحفيون الذين تحتم عليهم الظروف ضرورة كتابة أعمدتهم يوميا .. وفي أي موضوع يكون .. دون أن تكون أمامهم فرصة الهروب عن ذلك أو الإعتذار إلا عند الضرورة القصوى .. مما يتحتم عليهم ضرورة البحث عن أي موضوع حتى لو كان ( هايفا ) أو إنصرافيا لملء المساحة المخصصة لهم .

وإمعانا في التفكير إنتهيت الى حقيقة واقعية هامة وهي أن بعض الصحفيين قد تحولت أعمدتهم الى نوع من (( النميمة )) تلك التي تتناول سفاسف الإمور وتوافه الأشياء وهـــذا ما يطلق علية أهل شمال الوادي ( أي حاجة في أي حته ) وبذلك يضطر هؤلاء الى تناول بعض القضايا الإنصرافية .. التي سرعان ما تتحول الى قضايا وهمية تقود حتما الى نوع من التراشق الذي يعتمد على إثارة بعض القضايا التي يتم تشكيلها بقوالب معينة لتبدو وكأنها موضوع يستحق التخندق ويستلزم التمترس مستفيدين من حالة الإستقطاب الحاد وحمية المناصرة و التحزب بين القطبين .. والذي زكته ذات الأقلام ومازالت تقتات عليه .

( خلي روحك رياضية ) .. عبارة خالدة مثالية .. تشير بجلاء الى أسمى المعاني الرياضية بل تدلل بجلاء للقيم الرياضية وأهدافها الإنسانية السامية .. إذ مثلما للبدن رياضة جسدتها عبارة ( العقل السليم في الجسم السليم ) فإن للروح رياضة قوامها المحبة والسمو الوحداني الذي يجعل الحياة سعيدة من خلال توطين النفس على تقبل تقلبات الحياة ومغالباتها والتعاطى معها بنوع من المسامحة الكريمة .

إذن ما الذي يجعل بعض الأقلام تمارس هذا الجنوح ؟؟؟ في إعتقادي أن مرد ذلك أن هذه الأقلام ليست رياضية في الأصل .. إذ لم تعايش الرياضة ولم تلامس معانيها في عـــــالم الحقيقـــة .. لأن ( فاقد الشيء لا يعطيه ) الى جانب أن دخولها الى المعترك الرياضي تم من خــلال الباب الخلفي .. الذي نسميه مجـــازا ( باب النسوان ) .

وكلمة النسوان ربما تبدو وكأنها دخيلة على هذا السياق .. لكنها في حقيقة الأمر هي أكثر ملامسة للواقع المر من غيرها .. ذلك أن النسوة عرفن في الحياة بأنهن قد أعتدن على تداول النميمة حيثما تجمعن .. وهو ذات الشيء الذي تمارسة هذه الأقلام وللأسف الشديد .. حتى وصل الأمر الى تحوير الكلمة لتتحول مجازا الى كلمة ( شمار ) ثم صنفت النميمة بهذا المعيار الى شمار عادي وآخر حار وثالث سيوبر ..

قادتني مزالق الأيام في إحدى إجازاتي في السودان الى إحدى دور الصحف الرياضية .. وهناك قابلت زميلا سابقا إرتقى السلالم الصحفية ليصبح مسؤولا بإحدى هذه الصحف .. وبعد أن قام الرجل معي بواجب الضيافة وفاصل المجاملة .. إذا به يرفع سماعة هاتفه المتحرك ودونما مقدمات وجدته يتحدث للطرف الآخر قائلا :- ( والله الليلة عندي ليك شمار حار بشكل ...... ) ثم أمطر صاحبي الطرف الآخر براجمات وقاذفات لا أول لها ولا آخر .. وهو يرمقني بين الفنية والأخرى وكأنه يستشهد بي .. والمهم أنه سكب كل ( علبة الدقة ) والغريب أنه طلب منه أن يشير الى ذلك الحديث في عموده غدا لأنه سيكتب فيه .

وقتها أخذت أفكر في نظرة الطرف الآخر لصاحبي هذا .. وخفت أن يتهمه بالخواء الموضوعي ... لكني سرعان ما إستدركت أن ذلك الطرف لن يكون إلا كصاحبي هذا .. وتزاحمت أمام عيني صور شتى لحكم ( بكسر الحاء ) مختبئة في أرفف الذاكرة البعيدة جاءت تتداعى أمامي رويدا رويدا وهي تقول :- كل إناء بما فيه ينضح .. و لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك .. والعربة الفارغة أكثر جلبة .. وكان آخــــرها البيت الذي يعبر عن واقع الحال و أستشهد به في خاتمة مقالاتي والذي يقول :-

(( ملء السنابل ينحني بتواضع ..... والفارغات رؤوسهن شوامخ ))

والتأمل لمانشيتات هذه الصحف يكتشف بجلاء أن هناك كما هائلا من العبارات الجوفاء التي ليست من الحقيقة في شيء وقد إعتاد كتابها وضعها وحشوها حتى غدت السقف الأعلى للحديث وحينما تقارن تلك العبارات مع الواقع الرياضي المر سرعان ما تكتشف أننا في القاع ولكن الصحافة تصور لنا الأمر وكأننا في القمة ..

لاعبون هلاميون يوصفون بعبارات تفوق حجمهم الحقيقي .. أندية توصف وكأنها أعرق من مثيلاتها في الدوري الإيطالي والإسباني والإنجليزي .. بينما ماتزال الأندية عندنا كسيحة تستجدى طوب الأرض ... أما المباريات التي تستهلك وقتا من الناس وهي تخلو من اللمحات الجمالية فهي جعجعة بلا طحين ... وبهتان يندى له الجبين .

ومعارك التسجيلات وما أدراك ما فيها .. هي الطوفان الإعلامي الذي جعل تسجيل اللاعبين خرافة من الخرافات وآفة من الآفات في غياب اللاعب الحقيقي الذي يمكن أن يكون موهبة حقيقية .. فإذا ما بحثت عن السب تجده في حقيقة الأمر مزايدات إعلامية روجت لها بعض الأقلام وحبكت قصتها كالأفلام ليصدق الجميع تلك الرواية فتصبح الحصيلة في آخر المطاف أحــلام كاذبة .

أما المعارك الكلامية التي تتكدس خلف الأعمدة الملونة فهي الإسفاف بعينه .. بينما الصحافة مهنة الأدب والكلمة والقيم لكن هؤلاء جعلوها منصة للقيل والقال وسفه السؤال .. بل أصبحت دورا للتخدق والتحزب الرياضي حتى إختلط الحابل بالنابل .. وهانحن جميعا نجلس في قارعة الطريق نتباكى على حال الكرة السودانية التي قطع عنقها يوم إمتهن القلم وتلون المـــداد .. وتمترس الناس خلف البريق الكاذب ونسوا المثل القائل (( ليس كل ما يبرق ذهبا )) .

وللحديث بقية إذ ما تزال في فمي بقية من ماء لم يراق .. بل ربما بقية من دم لم يراق .. خاصة أن للكلمة شرف مسته يد الضر و وتناوشته يد الهكسوس الجدد الذين أصبحوا تجارا للكلمة وسادة للحروب وحملة للمباخر .. وهم المتباكون يوم النحر على أسوار الهزائم والإنكسارات .
ولنا عودة إن أمد الله في الآجال .

------------------

ملء السنــــابل تنحني بتواضــــع ..... والفــــارغات رؤوسهن شوامـــــخ

------------------------
صــلاح الـــدين محمــد عبــد الدائم
( شكوكو )
الإمارات العربية المتحدة - أبوظبي
hotmail.com @ shococo

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved