السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

د.مصطفي عثمان والعودة بخفي ( حنين ) من واشنطن بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/26/2005 11:14 م


عنوان المقال : د.مصطفي عثمان والعودة بخفي ( حنين ) من واشنطن


لم أعرف بأن وزير الخارجية السوداني د.مصطفي عثمان قد زار الولايات المتحدة الا بعد عودته من منها خلال هذا الاسبوع ، وفي العادة أنا أتابع الشأن الامريكي من خلال القنوات الاخبارية المعروفة مثل شبكة ABC أو CNN ولقد لاحظت من خلال متابعتي أن جدول عمل الرئيس الامريكي كان مزدحما للغاية خلال هذه الفترة والتي شهدت العديد من الزيارات وكان من أهمها زيارة الرئيس العراقي ابراهيم الجعفري ومقابلته للمسؤولين الامريكيين في البيت الابيض ، ولم يتطرق الاعلام الامريكي من قريب أو بعيد لمباحثات الوزير اسماعيل مع السيدة رايز وانحصر الاهتمام الاعلامي علي أزمة العراق ، وعلي الاقل د أستطاع مصطفي عثمان أن يقفز فوق الاسلاك الشائكة المحيطة بالبيت الابيض ويقابل السيدة رايز ويتنزع منها (وعدا ) باهتا وهو النظر في رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ، و هذا جل ما يريده مصطفي عثمان اسماعيل من الادارة الامريكية ، ولكن هل يستحق هذا الوعد الغير المكتوب سفر وزير خارجيتنا الي بلاد العم السام أم أن سفره كان بغرض التنزه مع العائلة هروبا من الجو الساخن في السودان ومفارقة الروتين المكتبي الممل وكان من الاجدي أن تستعمل الخارجية السودانية دبلوماسية الهاتف لتوفر لبلادنا العملة الصعبة وتوفر لدكتور اسماعيل مشقة السفر ، وهناك مثل شائع في السودان يقول ( من أراد اللبن عليه أن يعطي البليلة ) ، فالسودان لا زال دولة مشكوك في نواياها بالنسبة للولايات المتحدة ، ومن الصعب اذا لم نقل من المستحيلات أن يستدر نظام الخرطوم عطف الولايات المتحدة من خلال هذه الزيارات المكوكية ، ويعرف عن د.مصطفي عثمان صبره علي الوقوف في طابور الانتظار الطويل من اجل مقابلة المسؤولين الامريكيين في البيت الابيض وأحيانا يطول انتظاره الي مدة اسبوع كامل ولذلك أصبح يصطحب معه في كل الرحلات عائلته الكريمة ويقتل ساعات الفراغ الطويلة في تحقيق مقاصد السفر الاخري مثل التبضع من الاسواق وزيارة الاهل والاصدقاء ، و النظام كما قال السيد الصادق المهدي يري أن حل أزمات السودان موجود في البيت الابيض ، فأمريكا كما وضعت الحد من أجل وقف حرب الجنوب فهي تساعد الان في حل أزمة دارفور وشرق السودان ، وفوق كل ذلك يريد منها وزير خارجيتنا صاحب الصوت الطفولي أن تتدخل و تحل مشاكل السودان مع الجارة أرتريا ؟؟ وهذا شئ مثير للعجب والسخرية ؟؟ وما الفائدة من وجود الخارجية السودانية اذا كانت الولايات المتحدة هي التي تحل مشاكل السودان الدخلية والخارجية، والولايات المتحدة تري أن حل الازمة لا يغادر الاراضي السودانية ، فهي تريد سلاما حقيقيا في الجنوب وأمنا واستقرارا لأهل دارفور وتحولا ديمقراطيا حقيقيا علي أرض الواقع ، جلب لنا د. مصطفي عثمان ( وعدا ) باهتا بعد طويه لكل هذه المسافة الطويلة وتجشم خزينة بلادنا لتكاليف الرحلة والاقامة الاسبوعية في بلاد العام سام ، وهذا الوعد الذي قطعته رايس للسيد اسماعيل لا يمكن أن نبني علي أسسه قصور أحلامنا وتطلعاتنا فهو اشبه بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء وما هو بماء ، فصاحب المنصب العام في الولايات المتحدة ليس مثل نظيره في السودان ، في امريكا يعرض الوزير القرارات علي مجلس النواب والشيوخ واللجان المتخصصة من أجل التصويت عليها ولا يملك وزير أمريكي حق التصرف بمفرده مرجحا ميله الشخصي وان أراد بذلك تحقيق المصلحة العامة ، وفي سودان الانقاذ صاحب المنصب الحكومي أشبه بلاعب القمار علي طريقة ( البوكر ) الامريكية فيمكن للوزير التصرف علي ضوء الاوراق التي بحوزته ويحقق الفوز من غير أن ينظر لخسارة اللاعبين الاخرين ، وأزمة علاقة السودان مع الولايات المتحدة لا تعود في جذورها الي سبب التنافر والتجاذب بين الادارات الامريكية المتعاقبة علي البيت الابيض وهذا النظام المتربع في حكم السودان طوال السنوات الماضية ، فهذه الازمة أعمق من ذلك بكثير ، والسودان تحت نظام حكم المؤتمر الوطني له الكثير من الاعداء داخل مظلة الكونغرس وله أعداء ايضا بين جماعات الضغط الافريقية داخل الولايات المتحدة والتي أستفزها قيام نظام الخرطوم بمارسة سياسة ( الابارهيد ) علي أهل دارفور ، والنظام في علاقاته مع الولايات المتحدة يراهن علي الملف الامني والذي حقق فيه نجاحات كبيرة لصالح الولايات المتحدة ، فالسودان كما نشرت الصحف الامريكية مؤخرا كان أهم حليف لبوش في حربه علي الارهاب ، ولذلك كان يتوقع من الولايات المتحدة سيلا من المكافأت بسبب هذا التعاون والتي كان من أقلها حذف اسمه من قائمة الارهاب ، وهذا لم يحدث وخابت توقعات كل الذين راهنوا علي هذا الملف الحساس ، والانتصار الوحيد الذي حققوه أنهم ابقوا النظام خارج غضبة المحافظين الجدد في البيت الابيض ، وبعد انهيار نظام طالبان وغزو العراق أعتبر الكثير من المحللين أن السودان هو الهدف القادم ، وكل القرائن كانت تشير الي ذلك لأن النظام جمع كل الموبقات التي تضعه تحت غضب الولايات المتحدة ، وعملية اسقاط نظام الحكم في السودان عن طريق القوة أسهل بكثير من مثيلتها التي أسقطت نظام الرئيس صدام حسين في العراق ، فكل الدول المجاورة للسودان سوف ترحب طوعا وكرها بهذه الخطوة ولن تتأخر في تقديم المساعدة للغزاه ، وذلك غير الجيوش المعادية للنظام في الغرب والجنوب والشرق والتي سوف تنقض علي هذا النظام المعزول كانقضاض النمر علي الفريسة ، وهناك من يعادي النظام في الداخل من تجمع الاحزاب السياسية والتي لن تفوت هذه الفرصة الثمينة وترث عرش حزب المؤتمر الوطني والذي احتكر السلطة منفردا طوال الاعوام الماضية ، وربما يقول قائل أين دعاة الحركة الاسلامية والذين سوف يحولون أرض السودان الي جحيم ورمال متحركة تغرز فيها أمريكا كما حدث في العراق ، وللجميع حق التساؤل كيف يكون المآل ولكن واقع الحال ينفي ان يتحول سوداننا الي عراق آخر يمرح فيه الزرقاوي بسكينته ويقطع الرؤوس بالليل والنهار ، فالتيار الجهادي في الحركة الاسلامية في السودان أصبح ناقما علي النظام وأنتقل العديد منهم الي حزب المؤتمر الشعبي المعارض ، وهذه الشريحة من الاسلاميين تكن احتراما شديدا لدكتور الترابي ولا ترضي ان يبقي هذا الشيخ المسن حبيس الجدران في نفس الوقت الذي يلعلع فيه لسان ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني في الندوات السياسية بالديوم الشرقية ، فالترابي سوف يكون أكثر الناس سعادة وهو يري الصنم الذي صنعه بيده يتهاوي متكسرا كتمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ، وقد دعا د الترابي الجماهير أكثر من مرة بالثورة علي طغاة حزب المؤتمر الوطني ، ويتهم نظام الخرطوم من قبل الولايات المتحدة بالاصولية الاسلامية والديكتاتورية وتصدير الارهاب وممارسة التمييز العرقي والثقافي ولكن ذلك لم يجعل الولايات المتحدة تفكر في اسقاط هذا النظام بل أنها عملت علي الاستثمار فيه والاستفادة منه في التجسس علي الدول المجاورة ، هذا أمر يثير الدهشة والاستغراب للشخص الذي لا يعرف شيئا عن تاريخ الولايات المتحدة وطريقة تعاملها مع الحركات الاسلامية ، فأمريكا هي التي صنعت اسطورة الجهاد الافغاني في نهايات القرن الماضي من أجل مد الزحف الشيوعي في القارة الاسيوية ، كما أنها باركت نشؤ حركة طالبان من أجل خنق أيران من ناحية الجنوب ، وأيمن الظواهري رجل القاعدة زار الولايات المتحدة عام 96 وجمع تبرعات تصل الي مبلغ مليون دولار لصالح الجمعيات الخيرية تحت مرأي وسمع المباحث الفدرالية الامريكية ، ولا ننسي أن عمر عبد الرحمن الشيخ الضرير ومنظر تنظيم الجهاد قد هاجر الي أمريكا عن طريق السودان في وقت كانت الولايات المتحدة تضع العقبات والعراقيل أما كل سوداني يتقدم اليها بطلب الدخول الي أراضيها ، ويعتبر مفكري الانقاذ أن المعجزة الالهية وحدها التي أنقذت دولتهم من السقوط ولا يعترفون بنظرية د.منصور خالد عندما قال ان السودان أختار أن يكون في مربع دول ( المع ) والتي ساعدت بوش في حربه علي تنظيم القاعدة ، و التحالف مع الولايات المتحدة هو الذي أبقي رأس النظام سليما ومعافيا من القطع ، بقيت الانقاذ في السلطة ولكنها باعت رفاق الامس بثمن بخس في سوق المخابرات الدولية و تعرت الانقاذ من كل ثياب مبادئها الزاهية ونست أنه في يوم من الايام كانت تطلب من نشأنا الصغار في المدارس أن ينشدوا أهزوجة ( أمريكا روسيا قد دنا عذابها ) ، ومصطفي عثمان بعد عودته بخفي حنين من واشنطن أشتاق الي معارك الداخل والتي يسقط في أتونها المشتعل العديد من الضحايا من ابناء دارفور وشرق السودان وفي حديثه للفضائية السودانية بعث مصطفي عثمان ببرقية حرب وتهديد لأهل الشرق وذكر أن للصبر حدود وان السودان لم يعد يتحمل ما يحدث وأنه بعد الان لن يقف مكتوف الايدي ، وهذه الرسالة ليست لدولة اريتريا كما يتصور الناس فنظام الخرطوم أجبن من يخوض حربا اقليمية من أجل تحرير الارض الواقعة تحت الاحتلال ، فخلال ستة عشر عاما كانت كل حروب الانقاذ مكرسة لقمع الناس في الداخل ولم يتحرش السودان عسكريا بأكثر الدول التي ناصبته العداء مثل مصر التي تخلي لها طواعية عن منطقة حلائب ودولة اثيوبيا والتي منحها هضبتي الكرمك وقيسان ، فطائرات الانقاذ أخطأت هدفها المنشود وصبت جام حممها علي أهل السودان العزل في دارفور وشرق السودان وجبال النوبة ولكنها لم تهاجم قيادة اللواء الاول المصري المتركز في حلايب ولم تشق الاجواء الصافية لتضرب مصوع وعصب وأسمرا ، والان يتعرض أهلنا في الشرق لقصف الطائرات والمدافع كما حدث في دارفور ، والنظام الان يمارس استراتيجية جديدة اشبه بعلمية ( الصدمة والترويع ) التي أسقطت نظام صدام حسين في العراق وهي أن يهاجم تجمعات المدنيين مستخدما القصف الجوي والبري ويشتت الناس علي الجبال والوديان وبعد ذلك يقوم بعقد المؤتمرات الصحفية ليؤكد فيها قيامه ببعض عمليات التمشيط البسيطة ، ومصطفي عثمان أعلن الحرب وعبد الباسط سبدرات نفي وقوعها ولكن مصطفي عثمان أصدق وأبر ألينا من الانتهازي سبدرات شاعر ( الخمارات ) ، وفي شرق السودان فشل النظام في اجتذاب قادة القبائل الي هذه الحرب فقد رفض الشيخ عوض الكريم أبو سن زعيم قبائل الشكرية فكرة الحرب ودعا الي الحوار مع ابناء المنطقة الذين حملوا السلاح ، ولكن صبر الانقاذ بدأ في النفاذ فهي أشبه بمصاص الدماء الذي لم يرتوي من الدم البشري وهو يري انبلاج الفجر الذي سوف يقضي عليه بنوره الساطع ، انهم في حاجة الي حرب جديدة يثبتون فيها رجولتهم بالاغتصاب والنهب كما عودونا في دارفور ، ورسائل مصطفي عثمان العنيفة لدولة ارتريا هي نفس الرسائل التي أرسلها لها في السابق وهو ينفخ في بوق الحرب في غرب السودان ، ولم يستفيدوا أيضا من حجم الكارثة الانسانية التي خلقوها وراءهم في هذا الاقليم البائس حتي ينقلوا نموذجها الي بقعة جديدة من أراضي هذا الوطن المترامي الاطراف ، يا تري متي يرتوي نظام الانقاذ من دماء أهل السودان ؟؟ قد ترك الناس لهم الذهب الاسود والاصفر والماشية وكل الخيرات ولكنهم لا يكتفون بذلك وانما يريدون نزع حتي حياتنا الغالية منا ليبقوا في قصر الفرعون ، يا تري هل سينعمون بالخلود في الحياة أم سيأخذون ثروات أهل السودان معهم الي المقابر عندما يدركهم الموت طريقة الفراعنة القدماء .
سارة عيسي

[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved