السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

المفيد رحلة رموز المؤتمر الوطني الي أرض البطانة تبذير مع سبق الاصرار للمال العام بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/14/2005 4:40 ص

عنوان المقال :المفيد رحلة رموز المؤتمر الوطني الي أرض البطانة تبذير مع سبق الاصرار للمال العام

يعتبر المستشار الالماني السابق هيلموت كول هو المؤسس الحقيقي للدولة الالمانية الحديثة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بهزيمة النازيين القوميين ، عمل هيلموت كول باجتهاد من أجل تغيير صورة المانيا أمام العالم ، وأول تحدي واجهه هو أن يثبت لأوروبا أن المانيا ليست ذلك الخصم القديم الذي كان يتحين الفرص من أجل العودة الي أيام الحرب والغزو ، كانت ألمانيا في أيام هتلر مصدر قلق وتهديد لأوروبا ، والطائرات الحربية الالمانية وصلت بها الجرأة الي قصف البريطانيين وهم في عقر دارهم ، وأجتاح الالمان بلجيكا من أجل الوصول الي فرنسا ، ولم يكن الروس اسعد حالا من غيرهم فقد أجتاح هتلر بلادهم وخسر ( ستالين ) في الدفاع عن مدينة لينغراد خمسمائة ألف جندي روسي ، وسط هذه الدوامة من الغزو والحرب أستطاع المستشار كول أن ينقل الشعب الالماني في ابحار سلس الي شاطئ الامان ، وأول المكتسبات التي حققها أنه جعل الشعب الالماني يحس بقيمة الديمقراطية بأنها صمام الامان الذي يحفظ ألمانيا من العودة الي أيام الفاشية ، وثاني انتصار حققه هو النهضة الاقتصادية الكبيرة حيث أصبحت ألمانيا أحد الاعمدة الاساسية في مجموعة الدول الصناعية السبع في أوروبا ، واكبر العقبات التي قابلت المستشار كول هو قبوله فكرة هدم جدار برلين وتوحيد الالمانيتين من جديد ، وكان هذا أكبر انجاز حققته أمة في التاريخ عن طريق السلام الاجتماعي ، قبل ( كول ) مجتمع ألمانيا الشرقية الفقير وهو يعلم أن ذلك سوف يكلفه الكثير ، وكان عليه اعادة بناء هذا المجتمع و توفير كافة الخدمات الضرورية من كهرباء وغاز ومياه وصحة لهذا الجزء والذي قطعه الحلفاء من مساحة الوطن الام ألمانيا ، تهدم جدار العزل وأقبل الالمان علي بعضهم البعض وأثبتوا للعالم أن الامة الموحدة لا تفرقها الايدلوجيات والاثنيات المختلفة ، وهذا المستشار العظيم علي الرغم ما قام به خسر الانتخابات وفقد منصب المستشارية البراق ، وكان السبب في ذلك بسيطا ولا يمكن أن يرقي الي مستوي الاسباب التي تجعل عسكرنا في السودان يهربون من ميدان المعركة لينحروا الديمقراطية من أجل انقاذ البلاد من الفساد ، قام أحد المتبرعين بايداع مبلغ خمسة الاف دولار في حساب المستشار كول كدعم له في الحملة الانتخابية ، ونسبة لمشاغل الحملة الانتخابية أكتشف المستشار كول وجود هذا المبلغ لاحقا في حسابه ولكنه لم يفصح عنه ايام الانتخابات وقد أعتذر عن ذلك الخطأ الغير المقصود ، قبل الالمان بالاعتذار ولكنهم لم يسامحوا الرجل الذي بني بلادهم من جديد وذلك لأن أمانة الحاكم عندهم يجب أن تكون فوق الشكوك والشبهات .
ونرجع لواقعنا المأساوي في السودان لنزداد حرقة وحسرة ونحن نري كيف تحاكم الشعوب المتقدمة وزرائها وان علا شأنهم في نظر الجميع ، فقد نال شعبنا استقلاله بعد مرور عشرة سنوات من تاريخ سقوط دولة الرايخ الثالث ، ولكن حالنا اليوم يدل علي أننا نرجع الاف المرات الي الوراء ، وما بناه المستعمر تم تدميره ونهبه من قبل النخب الحاكمة ، فلم يعد مشروع الجزيرة يدر الذهب الانجليزي الي خزينة الدولة ولم تعد جامعة الخرطوم هي ذلك الكيان الذي يخرج الافذاذ مثل عبد الله الطيب ومحمد أحمد المحجوب ، نصف قرن تعتبر فترة كافية من أجل بناء السودان من القواعد ولكن هناك من يري أن تاريخ السودان الحقيقي بدأ بعد عام 1989 ، وبدأ معول الهدم في تدمير الاقتصاد والتعليم والصحة ولم يقف حتي وصل الي قاع الجغرافيا ، والسودان الان يواجه خطر التجذر والانقسامات ، وكان هذا أخر ما تبقي من ( زجاجة ) السمن التي خبأها الانجليز في السودان ونجح المشروع الحضاري و الذي بدأت ثورته في يونيو عام 89 في تقسيم أهل السودان الي طوائف متنافرة ، وخلق الاضداد شماليين ضد الجنوبيين ومسلمين ضد المسيحيين وعرب يبيدون الزرقة ، واذا أستمر الحال علي هذا المنوال فسوف تصبح أرض السودان أقل من مساحة دولة القطر التي لا يعرفها الناس من غير وجود قناة الجزيرة ، وحتي تلفزيون الخرطوم لن يكون جاذبا للمشاهدين كما تفعل قناة الجزيرة ليعرف العالم أن هناك وطنا اسمه السودان ، وقد كثرت في الاونة الاخيرة أستضافته للمتشددين الاسلاميين والذين يرتدون الزي الافرنجي وربطات العنق علي طريقة شيخ الجامعة الامريكية ( عمر خالد ) ويفتون في أمور الحسبة وطاعة أولي الامر وغيرها من الامور التي تعود بالسودان من جديد الي عهد ( الدبابين ) والظلام .
فاذا فقد مستشار ألمانيا منصبه بسبب خمسة الاف دولار أودعها في حسابه أحد المتبرعين فلماذا يصرف حزب المؤتمر الوطني ملايين الدولارت من ميزانية الدولة علي مسرحيات اللقاءت الجماهيرية ، وبالأمس القريب شاهدنا رحلة أعضاء المؤتمر الوطني الي أقليم البطانة ، وقد بدأت علي وجوهم امارات الغضب والانفعال كأنهم في ساحة حرب ، وبدأ الكرنفال بالقصائد وغناء ( الحكامات ) ورقص الجميع علي دقات ( الدلاليك ) ، وتحس من تشنج الخطاب السياسي الحاد أن أعضاء المؤتمر الوطني لاول مرة تطأ أقدامهم هذه البقعة من السودان ، وتم سكب الوعود المعسولة وزعم الزبير أحمد وزير المالية وهو يخاطب الحشود ( في العام القادم بدل ركوب الجمل حا تركبوا طيارة ، وأخشي عليكم من فتنة الغني أكثر من الغني نفسه ) ، وأنظروا كيف أوغل ( قارون ) الانقاذ في الكذب فطائرات الانقاذ تسقط في مطار الخرطوم من غير سبب وعلي أهل البطانة عدم مفرقة أسنمة جمالهم اذا أرادوا السلامة في الترحال ، ولا أدري لماذا لجأ المؤتمر الوطني الي سياسة الوعود الانتخابية وهم أعلم الناس بالضرر الذي تجلبه هذه الوعود اذا لم تتحقق ، ولنا في أهل الجنوب عظة وعبر ، وهم بذلك أشبه عادل امام عندما مثل دور الصعيدي (رجب ) عندما أبتعثه أهل ( كفر الغلابة ) من أجل شر اء محراث لهم من المدينة فضاعت نقود المحراث ولم يرجع رجب الي أهله وأنقطع حبل أماني أهل الكفر المساكين ، ولجوء رموز الانقاذ الي الجهوية من اجل تسويق برنامجهم السياسي يؤكد فشل برنامجهم الفكري والسياسي في اجتذاب الناس ، ولعل ما يخيفهم أكثر الكلام الذي قاله د.جون قرنق مؤخرا عن اكتساب حركته لمليون ومائتين من الاعضاء الجدد في الشمال ، ويتنامي رقم مؤيدوا الحركة في الشمال كل يوم علي حساب جماهير المؤتمر الوطني والتي طبع علي جباهها السوداء علامات الانتهازية والفساد ، ولم تكن انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم هي خاتمة المطاف ولكن هذا الطوفان سوف يمتد ويشمل النقابات المهنية اذا تم اجراء الانتخابات فيها بطريقة نزيهة ، أنهم يسابقون الزمن ليحتفظوا بمراكزهم التي وصلوا اليها بالغش والخداع وهم يعلمون جيدا ان معركة اثبات الوجود في الشارع لن تكون في مصلحتهم بأي حال من الاحوال ، والحركة الشعبية علي لسان قادتها أعلنت أنها لا تملك المال والوظائف وهي فقيرة من ناحية الامكانيات والمزايا التي توفرها الاحزاب لأعضائها ولكن علي الرغم ذلك أنضم الناس الي الحركة الشعبية وقبلوا برنامجها السياسي الذي يدعو الي معاملة الانسان السوداني علي أساس المواطنة ، ولم يكن سبب اندفاع الناس لبرنامج الحركة راجعا لغياب الوعي السياسي أو أن الدكتور جون قرنق يملك لسانا عربيا فصيحا يأخذ به الجميع ولكن السبب هو يأس الناس من النخب الحاكمة في الشمال واعتلاء قرنق مكانة خاصة بين أوساط المهمشين من ابناء السودان .
والمؤتمر الوطني الان يخوض معاركه من أجل كسب الجمهور وهو يستخدم مال الدولة ، فهو يستخدم الطائرات في التنقل ويكرس الاعلام المرئ منه والمسموع في نقل حلقات الحشد والتأييد ، ويصرف الاموال من غير حسيب ورقيب ، ولقد زعم أن حملته الجهوية جعلته يفوز بالاجماع ويحصد لصالحه ثلاثين قبيلة من الشكرية وكل قبائل الكواهلة والجمع والحباب ، والمؤتمر الوطني ليس في حاجة الا هذه الحشود من القبائل لأن رموزه كانت تفوز بالاجماع السكوتي عن طريق المراسلة من الخرطوم ، والان ما الذي دعا رموز المؤتمر التي تكبد وعثاء السفر وتبديد أموال الدولة علي حشد هذا التأييد المصطنع ، ولا يوجد منافس لحزب المؤتمر الوطني علي الساحة السياسية لأن اتفاق نيفاشا ضمن لهم %52 من المقاعد في البرلمان ، ولكن هل تعتبر هذه المهازل هي جزءا من اللعبة الديمقراطية التي أقصت المستشار الالماني هيملوت كول عن الحكم بسبب خمسة الاف دولار ، انها ليست الديمقراطية التي نعرفها وان ما يحدث هو اهدار لمال الدولة علي الجهويات التي مزقت جسد دارفور وخضبته بالدماء ، ان النعرة الجهوية والعنصرية قد انتقلت عدواها الان الي بقاع السودان المختلفة بفضل سياسات الانقاذ ، ولقد كان خطاب الجبهة الاسلامية قبل وصولها للحكم موجه لفئات الطلاب والمهنيين والرموز المثقفة ولكنه تحول اليوم الي خطاب يائس يستجدي الصدقات من راكبي الابل والحمير ، ولن يمضي وقت طويل حتي نري بروفيسور أحمد عمر يتوسط الشحاذين بالقرب من المسجد الكبير بالخرطوم ويطلب منهم دعم المؤتمر الوطني نصير الشحاذين في العالم ، حاول د.نافع ود.الزبير أحمد تقليد اهل البطانة في لكنتهم وقد أثبتا جدارة في التمثيل المسرحي ولكن هل وعي أولئك الذين يمتطون أسنمة الجمال والحمير فكر الانقاذ وبرنامجها كما ينبغي أم أن الامر كان كله كان ( لمة دلوكة ) تفرقت أيادي سبأ بعد انتهاء الاحتفال ، أم أن الجمال والحمير بسبب صمتها وعدم قدرتها علي النطق هي وحدها التي استمعت الي دروس المؤتمر الوطني المفيدة ؟؟
سارة عيسي
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved