السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

شـــرق الســودان المأساة المنسية بقلم عبد القادر باكاش-بورتسودان

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/30/2005 4:21 ص

بسم الله الرحمن الرحيم

شـــرق الســودان المأساة المنسية

كتب عبد القادر باكاش

تستشرف البلاد عهداً جديداً من التحول الديمقراطي وتداول السلطة مع إحلال السلام في جنوب السودان الذي عاش ويلات الحرب لنصف قرن من الزمان ولا شك هذه المرحلة المقبلة تحاط بكثير من المخاوف والهواجس ذلك لغموض العديد من بنود الاتفاق الموقع بين الحكومة والحركة بنيفاشا والتدخل الأجنبي وإيجاد قوات دولية لحماية السلام دون تحديد سقف زمني لمدة بقاءها ووجود جيشين بصلاحيات وسلطات منفصلة عن بعضها وبالرغم من كل ذلك يعيش الشعب السوداني بين الأمل والرجاء ونشوه الفرح بإيقاف نزيف الحرب ولو مؤقتاً بجنوبنا الحبيب لان الحرب قد أنهكت البلاد اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وأدت إلي توالد العديد من الإفرازات السالبة من التشرد والنزوح وتفكك النسيج الاجتماعي وتنامي الشعور بالغبن والكراهية بين الشمال والجنوب ووداع كل هذه المآلات وتجاوز المرارات بتوقيع اتفاقية السلام بين الجنوب والشمال يعتبر إنجاز من الإنقاذ وتجربة جديدة من تجارب الاتفاقيات الموقعة بين الحركات المسلحة بالجنوب والحكومة السودانية بدءاً من اتفاقية أديس أبابا 1973 وانتهاءً باتفاقية الخرطوم للسلام 1994م غير أن اتفاقية يناير 2005م بنيفاشا تختلف عن سابقاتها بشيطان التفاصيل والحماية الدولية بيد انه لا يزال صراع الأطراف مستمراً بالغرب والشرق وهما الأكثر حدة و ضراوة من حرب الجنوب والأخطر آثارا في الحاضر والمستقبل لان الطلقة في الشرق تساوي دانه في الجنوب وبحساب العقل والمنطق هناك قضية سياسية في الشرق والغرب لا تقل أهمية عن قضية الجنوب وهناك العديد من خيوط التلاقي والتوافق بين هذه الحركات في الشرق والغرب وبين الحكومة من حيث رباط العقيدة واللون بعكس الجنوب ذو الخصوصية الثقافية والعرقية و العقائدية ليس هذا تقليلاً في حق الجنوب في ملكية السودان ولا حسداً علي حصوله لتحقيق السلام ولكن تأكيدا علي عدالة قضية الشرق والغرب وحرصاً علي تحقيق السلام العادل في كل أرجاء السودان في شرقه و غربه حتى ننعم بالأمن والاستقرار ولا سيما بشرق السودان الصابر علي محن الزمان بعد أن حكمت عليه الحكومات الوطنية بعد انجلاء حكم المستعمر البريطاني بالقتل البطيء بالجوع والفقر والمرض تارة وبقوة السلاح باستجلاب القناصة تارة أخري ولا تزال فصول مأساته تتكرر وتتواصل وتتجدد مع تجدد قياداته المستوردة وحكامه من بني جلدته المخلوقون لمواكبة كل الأنظمة السياسية الحاكمة سواء كانت شمولية أو حزبية إذ أن القيادات الحالية لشرق السودان اليوم هي نفس القيادات الموجودة في عهد الإنجليز وفي عهد الحكم الوطني الأول وفي عهد عبود ونميري وفي عهد الأحزاب ثم مع شمولية الإنقاذ ونفس هؤلاء الحكام من أبناء الشرق موعودون بمناصب تشريعية وتنفيذية في عهد السودان الجديد ...... عجيب وغريب ..... لماذا لا تفسح هذه القيادات لغيرهم المجال للعطاء ؟؟؟ هل نضب معين حواء الشرق من إنجاب سواهم ؟ أم هم الأجدر لمواصلة المسيرة ؟؟ أن السودان الجديد والعهد السياسي المقبل يجب أن يأتي بوجوه جديده من أبناء البجة لحكم لولايات الشرقية ويجب أن لا يكون المعيار الثقل القبلي والانتماء الجهوي و إنما المؤهل الأكاديمي والتفكير السياسي الرشيد وتجنب القيادات التقليدية المصابة بضيق الأفق وتبلد الحس السياسي وقصور الإدراك بجانب الحذر من الأصوات الناشزه التي تتهم إنسان الشرق بالعنصرية والعدوانية والأنانية وهو ابعد ما يكون من ذلك ولا اعلم كيف تسمح ضمائر هؤلاء بإطلاق هذه التهم الجزافية لإنسان الشرق وهو حامي البوابة والعرين بالسيف واللسان وهو الصامت علي ظلم المركزية القابضة والقيادات الوافدة ..... هذه مناشدة عاجلة وكلمة لوجه الله نوجهها من اجل ضمد الجراح في الشرق الصابر المحتسب لشهداء الجوع والدرن المكلوم بفجيعة 29 يناير الماضي التي قلبت الساحة السياسية بالشرق رأسا علي عقب و زرعت شتول جديدة من الغبن والشعور بالضيم والهوان وستظل هكذا حتى يتبدل حال الشرق إلي غير ما عليه الآن لذلك لابد من خطوة عملية في ضمد الجراح وتغيير السياسات المتبعة في التعامل مع قضية البجة لأنها لم تعد قضية حزب معين و إنما قضية قومية بأكملها تشكل جزءاً أصيلا من هذا القطر المترامي الأطراف والمتعدد الأعراق 0
علما بان ما يشهده الشرق من تنمية صورية هذه الأيام لا تمثل أولوية لإنسان المنطقة لان كهرباء مروي لبورتسودان لا تخدم جوعي البجة في متون الجبال و إنما الأفيد والأحسن التفكير في ابتكار وسائل تنمية بشرية لغرس قيم العلم والوقت والإنتاج في نفوس فقراء أرضنا وهي مجتمعات مسلوبة الإرادة مقهورة بإذلال ظروف الفقر والجهل والمرض والشدة ولابد من العمل علي خلق فهم عالي وجديد في التعامل الديمقراطي علماً بأنه تضاربت تصريحات المسئولين بشأن موعد ومكان التفاوض مع جبهة شرق السودان حيث أعلن الدكتور مصطفي عثمان إسماعيل وزير الخارجية أن مفاوضات الشرق تبدأ بنيروبي مطلع الشهر القادم وكذلك أعلن يان برونك الوسط الأمريكي فيما نفي الدكتور نافع علي نافع وزير ديوان الحكم الاتحادي علمه بذلك كما أعلنت الحكومة في وقت لاحق أن شرط إطلاق سراح الأسرى الثلاث الذين احتجزتهم جبهة الشرق في عملية عسكرية في نهاية شهر أبريل الماضي وعلي صعيد جبهة الشرق أعلن مبروك مبارك سليم الأمين العام بجبهة الشرق قبولهم لوساطة أمريكية لعقد جولة المفاوضات معهم في التاسع من أغسطس القادم بمقر الأمم المتحدة بنيروبي ، بذلك بات في حكم المؤكد انطلاق التفاوض بالجبهة الشرقية ويعتبر المراقبون هذه خطوة حميدة في التحول السياسي المرتقب ومحاولة من الإنقاذ لتكييف نفسها مع متطلبات الوضع الراهن بعد فشل تجربة الحكم الفردي أو الشمولي إذ أنها حاولت اكثر من مره عدة نظم في حكم البلاد حيث جاءت بانقلاب عسكري عشية الجمعة 30/يونيو 1989م علي حكم حزبي ضعيف ومارست كل وسائل البطش والإرهاب وزجت قيادات البلاد السياسية والاقتصادية بالسجون ولم تكشف هويتها السياسية لمدة سته اشهر متتالية وبعدها أعلنت انتماءها الإسلامي ثم نصبت المعتقل الدكتور / حسن عبد الله الترابي رئيساً للمجلس الوطني وحاولت استمداد شرعيتها من الشعب السوداني حيث أجرت انتخابات واستفتاءات وأعلنت الحكم الفدرالي وقسمت الأقاليم إلي ولايات ووسعت مواعين الحكم باستحداث أجسام مدنية وعسكرية تخدم وترعي بها مصالحها التنظيمية قبل المصالح الوطنية وصورت الحرب بالجنوب بأنه حرب صليبية وان جون قرن صليبي تجب محاربته وبهذه الحجة دفعت خيرة شباب السودان إلي الحرب وتسببت في فناء عدد من طلاب الجامعات ولا اعلم هل تنحي قرنق عن صليبيته أم تخلت الإنقاذ عن اسلاميتها بأي فهم وبأي قناعة زالت مشروعية الجهاد وحلت مشروعية التحالف مع عدو ألامس
أن الرجوع إلي سابق تاريخ الإنقاذ يعيدنا إلي مرارات عديدة وصفحات سوداء سطرتها الإنقاذ بسياستها القمعية لذلك نتجاوز عهودها الماضية ونحلل موقفها السياسي الراهن بعد مضي سته عشر عاماً من عمرها وهي توقف نزيف الحرب بالجنوب وتعيد زعيم الحركة الشعبية من الأحراش إلي القصور وتجعله الرجل الثاني في الدولة عدو الأمس صديق اليوم وتبعد صديق الأمس دكتور الترابي وتعقد مفاوضات مع حركات دارفور وكذلك مع جبهة شرق السودان (تنظيمي البجة والأسود الحرة) ولا شك هذه خطوة في الاتجاه الصحيح وعودة الوعي السياسي واستيعاب حقيقي لخطورة الموقف السوداني وسط الاستهداف العالمي 0
ولكن هناك ثوابت يجب أن تسبق التفاوض مع جبهة الشرق أولها الكشف عن نتائج لجنة التحقيق في انتفاضة 29 يناير التي راح ضحيتها واحد وعشرون مواطن برئ من خيرة شباب البجة بمحاسبة المتورطين حتى تؤكد الحكومة جديتها وعدالة سلطانها في قضية الشرق المكلوم وإلا لا داعي للتفاوض ولا معني للقانون ولا سيما إننا رأينا بل وسمعنا الخطوة غير الموفقة لوزير داخلية السودان عبد الرحيم محمد حسين الذي استقال بحجة مسئوليته السياسية في انهيار بناية المختبرات الطبية بجامعة الرباط الوطني وترك ورائه عدد من الأسئلة الحائرة منها لماذا لم يستقيل وزير الداخلية حينما انفرط الأمن بولايات دارفور وتنامت أعمال الشغب هناك حتى طالت الأبرياء ولماذا لم يستقيل يوم ضربت قواته الأبرياء ببورتسودان ؟ ولماذا لم يستقيل الوزير يوم فجيعة الشرطة في أحداث سوبا ؟ وماذا تعني استقالته في انهيار بناية هل أصبحت البنايات اغلي واهم من الأرواح البشرية أم هل هو المهندس المنفذ تخطيط وتصميم تلك البناية ؟ حقيقة تعتصرني الآلام عند الحديث عن فجيعة التاسع والعشرين التي أظهرت بان البجة شعب يتيم وقومية بلا دليل وجرح ذلك اليوم لن تدمله مفاوضات نيروبي ولا لجان الأجاويد فقط يدمله الثار أو القصاص 0
أما كنه القضية البجاوية يعملها راعي الضان في الخلاء وهي مظالم سياسية وتنموية ظلت قائمة منذ انجلاء الحكم الأجنبي إلا يومنا هذا لم تجدي معها المذكرات ولا النداءات ولا المؤتمرات ولا المناشدات وكل الذي جنوه البجة من المركز الوعود البراقة ومعسول الكلام ولان ادروب ولوف كان يصدق ما يقولون حتى انكشف المستور في فبراير 1994م حين أعلن مسئول في الحكومة الاتحادية بان الحقوق لا تأتى بالرجاءت و إنما بقوة السلاح لوفد من قبائل البجة زار الخرطوم يومها لتقديم مذكرة لرئاسة الجمهورية أوضحوا فيها مظالم منطقتهم في الحكم الفدرالي الذي أعلن في ذلك الزمان إلا أن مسئول كبير فاجأهم بان الحقوق لا تؤخذ بالرجاءت ومن هنا قام أول كيان مسلح لمؤتمر البجة في الجارة إريتريا والنقطة الثانية التي يجب أن تسبق جولة التفاوض مع البجة هي أهمية إزالة العقدة الحكومية تجاه الشقيقة إريتريا والاعتراف بان البجة حقوق مهضومة يجب ردها و انه لا مصلحة لإريتريا في هذه الحرب كذلك إبعاد مرتزقة أبناء البجة في المؤتمر الوطني من تمثيل الدور الحكومي في المفاوضات القادمة والإقرار بالحكم الإقليمي بشكل كامل في شرق السودان مع العلم بان الشرق لم ولن يطالب يوماً بفصل الدين عن الدولة ولا بحق تقرير المصير بالرغم من أنها حقوق مكفولة له بنص القانون وان الحكم الإقليمي في إطار الوحدة العامة هو الحل الأمثل في الخروج من نفق الصراعات القائمة بالبلاد و إقرار وزارات ذات صلاحيات كبيره في الحكومة الاتحادية لابناء شرق السودان أسوة بالآخرين بدلاً من السلطات الديكورية التي كانت تمنحها الحكومة الاتحادية لمسؤولين من أبناء البجة 0
كلمة أخيرة :ـ
الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع أن شرق السودان اصبح اليوم تربة خصبة لاصحاب النفوس الضعيفة في إشعال الفتن وذلك بفعل السياسات الخاطئة ممن يسمون أنفسهم أبناء البجة في المؤتمر الوطني والذين هم وراء خطيئة يناير الماضي وسيكونون وراء العديد من الأزمات في المرحلة المقبلة إذا اعتمدت عليهم الحكومة في عهدها القادم وبدون مبالغة الخيار الوحيد أمام الحكومة في تجاوز محن الشرق هو الاعتراف بمؤتمر البجة وحل القضية معه بالتفاوض والحوار وإلا علي الباغي ستدور الدوائر 0

عبد القادر باكاش
بورتسودان
0918118872



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved