السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حرب د. مصطفي اسماعيل علي الجارة ارتريا بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/3/2005 10:21 ص

في معرض حديثه عن الدور الارتري في أحداث شرق السودان زعم وزير خارجيتنا الهمام أنه قادر علي حشد عشرة الاف من النازحين الاريتريين الذين لجأوا الي السودان بسبب ظروف الحرب الاخيرة وتحويلهم الي محاربين ضد بلادهم ، وواصل لغة الوعيد والتهديد وأكد أن صبر السودان قد بدأ ينفذ وان للصبر حدود وأن الدولة لن تقف مكتوفة الايدي حيال ما يجري في شرق السودان ، وأتهم ارتريا بأنها تسعي الي تقويض عملية السلام في السودان ووصفها بأنها القطر الذي تحول الي سجن كبير لابنائه ، واللغة الغير دبلوماسية التي يتحدث بها الان مصطفي عثمان ليست غريبة علي مسامعنا فلقد ألفنا هذا الحديث منذ مجئ الانقاذ والتي تعلق كل اخفاقاتها المتكررة في حل أزمات السودان علي عاتق جيرانها من الدول الملاصقة لها في الحدود ، ولكن هذه اللغة المهترئة ثبت عدم جدواها علي المستوي المحلي والعالمي وأصبحت أشبه بقصة الراعي الكذاب والنمر التي درسناها في المرحلة الابتدائية ، والانقاذ غيرت جلدها عشرات المرات ولكنها لم تغير لغة خطابها السياسي الحاد وهي تواجه تحديات السلام والذي يتطلب ضبطا للنفس وحيطة في ابراز المشاعر العدائية تجاه الاخرين ، ولا زال الخطاب السياسي للانقاذ عتيقا و متقوقعا في أدبيات بداية عهدهم في تسعينات القرن الماضي ، وتسبب ذلك الخطاب الهائج في فرض العزلة علي السودان والسخط عليه من قبل أطياف المجتمع الدولي ، ومصطفي عثمان قادر علي توجيه عشرة الاف لاجئ ارتيري في كسلا وتحويلهم الي جيش عرمرم يحارب ارتريا نيابة عن نظام الانقاذ ولكن مصطفي عثمان لم يسأل نفسه لماذا أخفق جيشنا السوداني في حماية نسائنا من الاغتصاب أو حياة شيوخنا وأطفالنا من مذابح الجنجويد في دارفور ، اذا أراد مصطفي عثمان أن يستولي علي دولة ارتيريا فانه يحتاج الي أكثر من عشرة الاف نازح يعيش جلهم علي عون المنظمات الانسانية انه في الحقيقة يحتاج الي جيش امبراطوري كامل مجهز بكل أنواع الاسلحة و العتاد الحربي والحرب كما قال (نورمن شوارتزكوف ) ليست نزهه الي شاطئ النهر ، فالحرب لمن عرفها هي فقد الرفاق والفقر الشديد والمرض والقهر ،والنظام السوداني من المفترض أن يكون أفضل الانظمة الحاكمة دراية بالحروب وعواقبها السيئة وفي يوم من الايام كان أنصاره يجوبون شوارع الخرطوم ويهتفون بشعار ( مليون شهيد من أجل التوحيد ) ولكن هذه الدعوة لم تكسر شوكة جون قرنق أو تفت في عضده كما تخيل النظام ، و في الحرب الاثيوبية الارتيرية الاخيرة أحتاجت اثيوبيا الي أكثر من مليون جندي ومئات الطياريين الروس والبلقان من أجل اجتياح دولة ارتيريا ومنيت هذه الحملة بالفشل الذريع لأن لأهل ارتريا لهم سجل حافل بالبطولات والتصدي للغزاه القادمين من الخارج، والنظام السوداني لم يكن متفرجا علي هذه الحرب بل علي العكس كان شامتا وأعتقد أن اثيوبيا سوف تحقق حلمه الكبير بضم هذا الجزء المتمرد الي كيان الامبراطورية الاثيوبية التي أنهكتها الحروب والمجاعة ، والنظام السوداني كان يتخذ دور المناصر الخفي والمساند للنظام الاثيوبي في حملته العسكرية علي دولة ارتريا كما أنه كان يوفر الدعم اللوجستي والاعلامي لنظام الرئيس زناوي ، فقد سهلت عملية تدفق امدادات السلاح علي النظام الاثيوبي من ميناء بورتسودان علي الرئيس زناوي اللجوء الي خيار الحرب وحسم الجدل حول ترسيم الحدود عن طريق استخدام القوة ، وهذه ليست المرة الاولي التي يتعرض فيها أهل ارتريا لحملات الغزو والترويع التي تأتيهم في عقر دارهم وتعكر عليهم صفا أمنهم واستقرارهم فلاخوة في ارتريا تجربة مع الامبراطور هيلاسي والدكتاتور مانغستو هايلي ماريام ، ولكن ارتريا تحولت الي صخرة تتحطم فيها رماح الغزاة و رحل عن أرضها الغزاه وهم يلعقون جراحهم البالغة ويجرون وراءهم أذيال الهزيمة والفشل ، ولم ينجح مانقستو هيلا ماريام وهو مدعوما من دول المنظومة الاشتراكية في تركيع هذا الشعب وتسببت المقاومة الشعبية في ارتريا ضد نظامه في انهيار امبراطورية البطش التي بناها في قلب قارتنا السمراء ، واذا رجعنا الي التاريخ القديم نجد أن الامبراطور هيلاسلاسي وهو محاطا بالحظوة التي وجدها من الغرب الاستعماري حاول أيضا اهتضام هذا الشعب الذي أصبح غصة مرة في عنق الغزاة ، وأزمة ارتريا أنها دولة فتية وناشئة في بيئة معادية من الطامعين ولذلك كثرت نزاعاتها مع دول الجوار ، و يحاول الاعلام العربي أن يصور ارتريا بأنها ربيبة الدولة الصهيونية وبأن نظامها يعادي العروبة والاسلام ويطلبون من ارتريا أن تقوم بأشياء عجزت عنها أكثر الدول عروبة واسلاما ، فمصر بلد المعز هي التي تمد الان المستوطنات الاسرائيلية بالغاز الطبيعي ، وصادرات النسيج المصرية الي الولايات المتحدة يذهب 10% من ريعها لصالح الدولة اليهودية كجزية تدفعها الحكومة المصرية برضا كامل الي شريك السلام الاستراتيجي ، وأبو الغيط وزير الخارجية المصري يدعو في كل مجمع ومناسبة الي تطوير العلاقة مع اسرائيل وتقديمها علي كل العلاقات الموجودة مع دول العالم ، وأردن الهاشميين أغرق العراق بأطنانمن البضائع الاسرائيلية ، كل هولاء العرب الاقحاح قبضوا الثمن وتعاملوا مع الدولة العبرية من غير استحياء وفي الجهر وفي العلن وفي الخير وفي الشر ولكن اعلامهم يتجاهل كل ذلك لأنه اعلام رخيص يدفع له ثمن السكوت فيسكت ، وقبل ايام دعت قطر الي مؤتمر جامع للأديان وكان من بين الحضور بعض الحاخامات اليهود ، ولو كانت أرض المؤتمر مصر أو المغرب أو تونس أو ليبيا علي سبيل المثال لكن هذا الامر عاديا ولا يثير الاستغراب لأن هناك جاليات يهودية عاشت في هذه البلاد في وقت معين من التاريخ البشري ولكن قطر لا تواجه أزمة في تعدد الاديان لأن سكانها كلهم مسلمون ، والنظام القطري هدف بهذا المؤتمر الي تملق جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة وتلميع نفسه أمام العالم بأنه أحد دعاة التسامح والحرية الدينية فيسبب الحرج لجارته العربية السعودية والتي أصبحت هدفا للمحافظين الجدد في البيت الابيض والذين يتهمونها بالتشدد ودعم الارهاب ، وأنا لست ضد انعقاد دعوات الحوار بين الاديان من أجل ترسيخ ثقافة الانسانية والسلام ولكنني ضد الانتهازية والمتاجرة بهذه القيم النبيلة ، فقبل أيام أستجاب بعض البريطانيين المنحدرين من اصل يهودي لدعوة بعض أبناء دارفور المقيمين بالمهجر من أجل بحث سبل احتواء الكارثة الانسانية التي وقعت في اقليم دارفور ، وفجأة استيقظت الاقلام وصحي الضمير العربي الذي كان نائما علي أريكة أنظمة القهر والاستبداد وهو لم يكن موجودا ساعة وقوع الكارثة ، هرعت الاقلام الي أعمدة الصحف الرطبة وأسهبت في سرد قصص التدخل الاسرائيلي المزعوم في اقليم دارفور ، لم ينظر هولاء الي حجم الماساة الماثلة للعيان ولم ينظروا الي ضخامة عدد الضحايا ، ولم ترعهم نساءنا وهن يتعرضن للاغتصاب ولم تكفهم دماء الولدان والشيوخ التي أراقها نظام الجنجويد في الشوارع ، ولا تهمهم الثمار والزروع التي أحرقت أو البيوت التي هدمت وذلك غير الامان المفقود في هذا الاقليم والذي تضاهي مساحته مساحة كل من فرنسا والبرتغال ، ينكرون كل ذلك اليقين ويهيمون بحثا في خيال نظرية المؤامرة التي لم تجد الرواج والجمهور الكبير الا في شعوب الشرق الاوسط التي كسرها الاستبداد وجعلها تعيش علي هواجس الهلوسة والخوف من المجهول ، ان انكسار الناس وذلهم في دارفور لن يعيد القدس الي حمي العروبة والاسلام وان الحضارة التي تدعي الرفعة وتمتهن قدر الناس لن يرغب احد في الانتماء اليها ، رفع الاسلام من مكانة عبد الله بن مكتوم وبلال الحبشي وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي وحط من قدر أبو جهل وابو لهب ووائل بن العاص السهمي وهم أكثر عروبة من عبدالباري عطوان ومصطفي البكري ويوسف القرضاوي ، والاسلام كان نفوذه علي الاعاجم أكثر من نفوذه علي العرب حيث كانت الدولة الاسلامية تمتد داخل مجاهل القارة الاسيوية ، ولكن دولة المؤتمر الوطني في السودان نجحت في تمزيق السودان وحولته الي دويلات جهوية تتصارع من أجل نيل حصتها في السلطة والثروة ، ويجهل مصطفي عثمان أن السودان أيضا مثل السجن الكبير وان خيوط الامساك بالمواطن السوداني في بكل بقاع الدنيا أمر برعت فيه خارجية مصطفي عثمان ، ومن هذه الشراك والفخاخ قصر مدة الجواز السوداني والتي تبلغ أقصاها عامين من تاريخ الصدور ، وقد سهل هذا الاجراء صيد السودانيين المغتربين في الخارج وتحصيل الاتاوات منهم ، كما أن نظامنا يضع العراقيل في وجه المتقدمين للسفر وعليك في كل سفرية أن تحضر خلو طرف من الزكاة والضريبة واللجنة الشعبية والخدمة الوطنية ، ماذا يسمي مصطفي عثمان هذه العقبات التي ابتكرتها وزارته ؟؟ والسودان هو جنة الذين الذين يقصدون كعبة المؤتمر الوطني وجحيما وبؤسا لكل من رفض هذا النظام ، وسفارات السودان في الخليج في عهد مصطفي عثمان أكتظت بالمحاسيب الذين يعرفهم وقد أصبحت هذه السفارات شبيه بظاهرة ( الجمعيات ) التي يكونها أبناء الشمال من أجل رعاية أهل منطقتهم في الخارج ، ولا يحق لمصطفي عثمان أو وزير انقاذي آخر المتاجرة بقضية اللاجئين من دول الجوار وتحويلهم الي محاربين ضد دولهم ، ولماذا يرحب السودان باستضافة 10 ألاف لاجئ ارتيري بينما يهيم أكثر من ثلاثة ملايين من اللاجئين السودانيين بين تشاد وافريقيا الوسطي وكينيا ويوغندا ولكن هذا هو حال الانقاذ تجيد لعبة النيل من الاخرين ولكنها تحتاج الي منظار مكبر لتعرف حجم الماساة السودانية .ان مسؤولية القادمين الجدد الي مزاد الانقاذ ان يدركوا أن الخطاب السياسي المنفلت سوف يفقدهم أصدق حليف لهم في زمن الحرب والسلام وهو دولة ارتريا ، وهذه الرسالة للحركة الشعبية بالذات بقيادة الاخ / جون قرنق ، ومن المهم أن يحتفظ السودان بصداقات متوازنة مع دول الجوار وأن لا يترك أمر الاعلام السياسي لمصطفي عثمان وعبد الباسط سبدرات ، فهولاء لا تهمهم مصالح السودان بقدر ما تهمهم مراكز النفوذ والسلطة التي كونوها وهم في غفلة عن أعين المحاسبة ، ويجب أن لا يملك وزير واحد حق اعلان الحرب علي دول الجوار فيكفي ما ذاقه بني السودان من حروبهم طوال السنين الماضية .

سارة عيسي

[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved