السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

السودان بين التدمير والتعمير بقلم خضرعطاالمنان

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/28/2005 12:47 م

تشكل الشراكة السياسية التي تفاسم بموجبها الحركة الشعبية وما تبقى من (الجبهة القومية الاسلامية ) تحت مسمى ( الحزب الوطني ) الحاكم في السودان منعطفا مفصليا في تاريخ السودان الحديث .. بل أنها ـ دون شك ـ هي سابقة سيكون لها ما بعدها طال الزمن أم قصر خاصة لمن يقرأ ـ بترو وتأن ـ ما خلف السحب التي تلف سماء السودان السياسي والحزبي منها على وجه الخصوص .. فعلى المدى المنظور لا يمكن ـ وبنظر الكثيرين من المحللين والمتابعين للشأن السوداني ـ أن تجلب مثل هكذا شراكة سلاما حقيقيا لبلد اكتوى بنار الحرب الأهلية وعشعشت في ربوعه أحقاد طائفية أذكى نارها انقلاب الاسلاميين في الثلاثين من يونيو /حزيران للعام تسعة وثمانين وألف والذي أطاح بحكومة وطنية منتخبة ديمقراطيا ( حكومة الصادق المهدي ) . وهو الانقلاب الذي أدخل السودان في دوامة من الصراعات الداخلية ليس أقلها ( الحرب الجهادية ) التي أشعلت نار الفتنة الكبرى في كافة أنحاء السودان وانقسم المجتمع حولها وحول ما اذا كانت تكتسب بالفعل صفة الجهاد ..لا لأنها ضد أبناء نفس الوطن ولكن لأنها كانت أبعد ما تكون في حقيقتها عن الصراع العقدي الذي سعى نظام الجبهة الاسلامية الباسها اياه.. الأمر الذي أحدث شرخا حتى بين الاسلاميين أنفسهم خاصة تلك المجموعة منهم التي لم تكن تحبذ الاصطدام بمجتمع يمكن لاي زعيم سياسي او طائفي أو ديني اسغلاله اذا ما شاء له ان يعزف على هكذا نغمة مما سيقود ـ في نهاية المطاف ـ الى تجاذبات وانقسامات في البنية الاجتماعية نفسها .. وكل ذلك يمكن ان ينعكس بدوره على أي مستقبل سياسي قادم للبلاد .. وهو ما تنبه له بعض من هؤلاء الاسلاميين المتشظين وجعل بينه وبين بقيتهم مسافة تمكنه من رؤية الأشياء على حقيقتها دون تشويش يصنعه الادعاء بأن ما يجري من حرب في جنوب الوطن هو حرب مقدسة أو جهادية أو حرب وجود بين الاسلام والكفر والالحاد .. فكان ان برز من بين صفوفهم بعض ممن أطلق عليهم ـ حينها ـ العقلاء ـ وهم مجموعة لم يكن لها أن تسير عكس اتجاه التاريخ والمنطق في بلد متعدد الأعراق والأجناس والديانات والثقافات .. وهؤلاء نصب بعضهم نفسه وصيا لا بل وواعظا للبقية ممن أعمتهم السلطة عن رؤية أي شيئ صحيح سوى ما يقومون هم به او يفعلونه حتى دفع الأمر ببعضهم الذهاب بنفسه للحرب في الجنوب كما هو الحال مع أحد أهم قياداتهم التربوي ( حاج نور ) والذي توفى هناك تحت راية الجهاد على حد زعمهم .

الشاهد أن كل ذلك قاد البلاد ـ في نهاية المطاف ـ الى واقع مترد في كل اتجاه وعلى كل الاصعدة : سياسيا واجتماعيا واخلاقيا واقتصاديا ..الأمر الذي أدى بدوره الى الأحساس لدى الاسلاميين الذين ظلوا قابضين بزمام الحكم ورقاب البلاد والعباد طيلة سنوات لم يذوقوا فيها طعما للراحة وأعياهم البحث عن شرعية يضفونها على نظامهم المتهاك / المشظي .. وهي شرعية أستماتوا فوق دروبها دون ان يحصلوا عليها ..مما حدى بهم ـ أخيرا ـ للرضوخ للعقل والمنطق اللذين سجلا غيابا تاما طيلة سنوات انفرادهم بالحكم .. فكان أن عادوا الى رشدهم والتفتوا أن هناك سودانيين غيرهم يشاركونهم هذا الوطن وأنهم ليسوا باقل منهم وطنية وحرصا على الحفاظ على وحدة السودان وترابه ومجتمعه المتنوع بتشكيلات أطيافه السياسية المختلفة .. وأنه لا يمكنهم ـ وسط كل هذه الأنواء التي تكاد تعصف بالسودان جملة واحدة ـ أن يقودوا السفينة لبر الأمان وحدهم دون أن يشاركهم أهل هذا الوطن المنكوب أو أن يستأنسوا بآرائهم حتى لا يضيع الوطن من بين يدي الجميع ولاباك عليه ..و

أما الآن وقد خلصت النوايا ـ كما يقولون ـ والجميع يسعى لسلام حقيقي وقد وضعت حرب السنين أوزارها ..فلن يبقى أمام هؤلاء الاسلاميين ألا أن يسلموا بالواقع الجديد وأن يقبروا بأنفسهم ( ثوابتهم الانقاذية ) التي أصموا بها آذان العالم طيلة سنوات حكمهم ..قبل أن يقبرها لهم قطار التغيير القادم بقوة متجاوزا كل محطات المماحقات والمتاجرة بالدين والشعارات الجهادية التي ولى زمانها يوم أن وصل الى أرض السودان بعد طول غياب زعيم الحركة الشعبية وشريكهم الجديد الدكتور ( جون قرنق ) الذي لا يخلتف أثنان حول أنه سيخلق واقعا سياسيا جديدا في السودان وسيقلب كل المعادلات وموازين القوى التي لن يكون أمامها من خيار سوى التعايش مع هذا الواقع شاء منهم من شاء وأبا من أبا ..خاصة وأن مرحلة التهريج السياسي أصبح لها كابح الآن رغم أنها تحتاج بعض الوقت حتى تضبط ايقاعها بصورة مرضية وتستيقظ من سباتها كمرحلة عفا عليها الزمن وأن الانقاذ وثوابتها أصبحا من مخلفات الماضي وأنهما يزحفان ـ وبقوة ـ نحو أن يلتقيا وذمة التاريخ غير مأسوف عليهما .. والمؤكد أنهما لن يجدا من يمكن أن يزرف دمعة واحدة من أجلهما أو حتى يترحم عليهما يوما !!ز

واذا كانت تلك مرحلة الحرب المدمرة آخذة الآن في لملمة أطرافها والرحيل فان هناك نيران لا تزال عالقة بثياب هذا الوطن الذي ـ فيما يبدو ـ أنه مكتوب عليه ألا ينعم بالهدوء والاستقرار والسلام دون أن تكون هناك نار مشتعلة في أحد أطرافه .. حيث لا يزال الموت يحصد الأرواح البريئة في دارفور وأكثر من منطقة في الشرق .. وحيث لاتزال طائرات (الأنتينوف ) الحكومية تواصل قصفها للعديد من القرى هناك بحجة ملاحقة من تسميهم الانقاذ ( قطاع الطرق !!!) الأمر الذي يجعل السلام مهددا تماما مهما تستر بالثوابت والعهود ..فلا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي والنار تأكل في جسد الوطن ..و

ومما لا شك فيه أن معركة السلام والتنمية والاستقرار لهي أشد ضراوة من معركة الاقتتال والحر ب والخراب .. لذا فهناك الكثير بانتظار أي حكومة انتقالية قادمة .. تحديات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها خطيرة وستجعل وجود السودان نفسه أمام المحك بجانب الاختبار الأكبر للنوايا وخفايا النفوس .. خاصة وأن التجارب أثبتت أن الاسلاميين لا يمكن أن يؤمن لهم جانب ..وقد رأينا كيف ان شيخهم ( حسن الترابي ) الذي أتى بهم الى سدة الحكم لم يسلم من غدرهم .. ولم يحفظوا له جميلا يوم أن اختلفوا معه على مرآى ومشهد من العالم بأسره ..و

خضرعطاالمنان

سكرتير رابطة الاعلاميين العرب بالدنمارك / كوبنهاغن*

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved