السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الترشح إلي جانب ابن /ابنة الزعيم السياسي (أزمة مرشح أم أزمة ناخب أم كلاهما معاً) بقلم بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/27/2005 11:01 م

الترشح إلي جانب ابن /ابنة الزعيم السياسي
(أزمة مرشح أم أزمة ناخب أم كلاهما معاً)
بقلم /بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد

شعارنا:- " هيا لنعمل معاً من أجل حياة سياسية نظيفة".

أعتقد أن مسألة الترشح إلي جانب ابن أو ابنة الزعيم أو القيادي السياسي ، تحتاج إلي توضيح وشرح يستخدم أدوات علمية ، تساعد في التعرف علي مثل هكذا قضايا وأثرها في سير العملية السياسية في السودان.

بداية أعترف أنها مسألة متداخلة وذات أنماط وأبعاد مختلفة منها ما هو سياسي ، اجتماعي ، إقتصادي ، تربوي ،ثقافي وتاريخي. كل هذه الأنساق تعلب دور ما وبدرجات متفاوتة في خلق شخصية ابن /ابنة الزعيم السياسي. وتصبح بالتالي شيء له تميزه وحضوره الدائم مما يقضي بترجيح كفة علي أخرى أثناء ممارسة العملية التنافسية. خاصة عندما يتحصن ابن أو ابنة الزعيم السياسي ضمن بنية نسق مفادها أنه متفوق علي أقرانه ، بحكم تواجده منذ نعومة أظفاره داخل بيت سياسي ، فيتعزز في داخله شعور وراثي ، لصفات الأب والأسلاف العاملون في هذا الحقل منذ قديم الزمان ويصبح بالتالي التفوق حق مشروع بالنسبة له أو لها. فلو ترشح إي مواطن سوداني إلي جانب الصديق الصادق المهدي أو الصديق الترابي مثلاً ، وترشحت مواطنة إلي جانب مريم أو رباح ابنتي الصادق المهدي في دائرة جغرافية ما ، فكل المؤشرات ترجح فوزهم علي منافسيهم ، ليس لأنهم جديرون بذلك وهو أمر فيه نظر ، ولكنهم يستظلون بظلال الإرث السياسي ويتوارون خلفه ، فتحجب الذات الحقيقية محل الاختبار والمنافسة. وفي نفس الوقت ربما يدفعون ثمن أخطاء الآباء والأسلاف ، بالتالي يحاكمون في أشخاصهم بدلا عن المقصود ، وهو حكم لا شك جائر ، مما يحرم البلاد من كفاءات هي في أشد الحوجة لها. وإنني علي ثقة أنهم سوف يضعون قول الشاعر نصب أعينهم أو يجب أن يكونوا كذلك " ليس الفتي من يقول كان أبي إن الفتي من يقول هاأنذا". وهذا يتطلب منهم الابتعاد عن التقليد الأعمى للزعيم وتمثلّ وتلبس شخصيته تماماً في كل شيء طريقة اللبس ، الكلام ، منظومة الأفكار، والتحدي أنه يقع في خانة الأب.

الخلاصة عند هذه النقطة بالتحديد أننا لا نقف موقفا تقليديا ولا عدائياً من ترشح ابن أو ابنة الزعيم أو القائد السياسي ، غض النظر عن الحزب السياسي الذي ينتمي أو تنتمي إليه. وبناءا علي ذلك نقرر أنه حق مشروع بحكم الدستور والقانون لكل مواطن ( أو مواطنة) سوداني يأنس في نفسه كفاءة الترشح خدمة لأبناء شعبه. أما جوهر ما نحن بصدده يتعلق بالإجابة علي السؤال التالي : وهو إذا ما ترشح أي أحد ما إلي جانب ابن أو ابنة الزعيم السياسي في دائرة جغرافية معينة ، هل يتمتع بنفس الحظوظ التي تؤهله للفوز والتفوق عليهما ، رغم ما توصل إليه من درجة علمية أو كسب مادي؟ أم أن النتيجة ستكون سلفاً محسومة مما يجعل العرض المسرحي هزيل تنداح الصورة فيه من طرف واحد ، ويفتح الباب أمام التكهنات من أن صفقة ما قد حدثت ، وأن العملية برمتها هي استجابة لشروط العملية الإنتخابية في الظاهر ، ولشروط نفوذ ابن أو ابنة الزعيم السياسي في الخفاء ، استجابة للطرف الأقوي معنويا وماديا. وتكون المحصلة عملية ديكورية ، وممارسة صورية من نخب ، اهتمت بالشكل الديمقراطي دون الجوهر وغيبت الإرادة وزيفت الوعي ، في أمر مصيري حاسم يتعلق بتطور أو تخلف التجربة السياسية. كان مؤملاً فيها تصحيح أخطاء الآباء والأمهات والأجداد ، ولكن أن يكرر الأحفاد ذات المسالب السابقة أمر يدلل علي وجود أزمة مستفحلة داخل المجتمع. ويستدعي علي الفور النظر في منظومة القيم والعادات وأنماط السلوك وطرق التعليم التي ينشأ عليها هؤلاء الأبناء.

نصل الآن بعد كل ما ذكر آنفاً إلي أننا أمام إشكالية وهي أيضاً متداخلة .. ذات علاقة بوعي المواطنين ( الناخبين) الذين يختارون من يفضلون أنه يخدم قضاياهم الملحة من خلال برنامج انتخابي واضح يتعين علي المرشح إنجازه وفق برنامج الحزب العام الذي ينتمي إليه .. يضع الحلول الناجعة لتلك القضايا. ولن تكتمل الحلقة وتوتي الثمار المرجوة منها ، إلا بعد الإيفاء بشروط السوق السياسي ( العرض والطلب)، عن طريق إقامة الندوات والليالي السياسية المفتوحة واللقاءات الجانبية ، استجابة لكافة الأسئلة والاستفسارات من قبل الناخبين والرد عليها بحرية وموضوعية. ففي السابق كنا نركز أكثر علي العملية الدعائية واستهلاك الشعارات البراقة والجاذبة فقط والمضللة أحياناً. أما اليوم وفي ظل تغيرات جوهرية تحملها تباشير العملية السلمية .. يتطلب الأمر العمل الجاد والهادف منذ الآن تفادياً للظواهر السلبية والتحضير لانتخابات حرة ونزيهة بحق وحقيقة.

وهنا يعترض سبيلنا سؤال نجد صعوبة كبيرة في تخطيه، فقد يقول قائل أليست لدينا في الأساس أزمة ناخب؟ سؤال يلامس أهداب ما نحن بصدده.. وأقر تماماً بأن لدينا أزمة ناخب متسربل باللامبالاة حتى الثمالة ،لا يكلف نفسه عناء البحث عن البرنامج الذي يلبي جل طموحاته أو قدر منها. ويتحول بالتالي إلي عامل سلبي وأداة طيعة تتماهى وتتشكل وفق رغبة المرشح أيا كان ذلك المرشح ابن للزعيم أو غيره مقابل الآتي:-
1- وعود هلامية.
2- الاستعداد لقبض ثمن الصوت الانتخابي مقابل حفنة من الدراهم ، في استهتار واضح من الطرفين ، فضلاً عن انتهاك صريح للقانون يستهدف تدمير العملية الديمقراطية برمتها.
3- اللجوء إلي استثارة العواطف الدينية ، في أمر لا علاقة له بالدين لا من قريب ولا من بعيد. فمثلا لو ترشح مسلم ومسيحي في دائرة جغرافية ما ألا يلجأ المسلم إلي استثارة عواطف المواطنين بالتصويت له كونه منهم ، والعكس صحيح لو ترشحا في دائرة جغرافية أغلبها مسيحيون ألا يحدث ذات الشيء.
4- التحصن والتمترس خلف أسوار الانتماء القبلي أو الجهوي ، لحشد أصوات الناخبين.
إذن هي أزمة مركبة وأن تقديم تجربة انتخابية مبرأة من كافة التشوهات التي ذكرت آنفاً ليس بالأمر الهين أو السهل ولا يتحقق بأن نتمنى علي الناس الأماني.
وأن الحل والمخرج يكمن في العمل بصورة تكاملية بأن تتضافر الجهود الرسمية عبر مفوضية الانتخابات وغير الرسمية عبر منظمات المجتمع المدني خاصة نقابة المحامين واتحاديات الطلاب والمرأة. ويحتاج الأمر إلي الاستعانة بذوي الاختصاص في هذا المجال من الأساتذة وخريجي كليات القانون والعلوم السياسية ، وأود الإشارة إلي توجيه الطلاب بإجراء البحوث العملية التي تساعد في تأطير وتأمين الوعي اللازم والضروري في هذه المرحلة الحساسة والحرجة من تطور العملية السياسية في بلادنا.

الخلاصة:-
أن مسألة/ إشكالية أو أزمة الترشح إلي جانب ابن أو ابنة الزعيم السياسي لا توجد في المجتمع السوداني دون غيره علي الرغم من وضوحها وانتشارها الواسع . وبحكم التواجد الطبقي لدي أبناء الأعيان وزعماء القبائل والعشائر والسلاطين وكبار التجار ، فهؤلاء جميعا يكادون يتمتعون بذات الصفات والمميزات لابن الزعيم السياسي. هذه الظاهرة موجودة في كافة المجتمعات حتى تلك المتقدمة منها ولكنها بدرجات متفاوتة. يلعب وعي المجتمع دورا أساسيا وحاسما في تقليل آثارها السلبية التي تؤدي في المجتمعات المتخلفة أو النامية إلي فوضى عارمة تنخر جسد الحياة السياسية وتعرضه للانهيار وكل ذلك للأسف باسم الانتخابات والديمقراطية والعكس صحيح.
معاً من اجل سودان جديد


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved