السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين الضفة والساحل الفصل الرابع – الحرمين والهجرة- بقلم بقادى الحاج أحمد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/23/2005 9:24 م

الأخ/بكرى
ســـــــــــلامات،،،

بين الضفة والساحل الفصل الرابع – الحرمين والهجرة- بقلم: بقادى الحاج أحمد
ملخص لما نشر:
الفصل الأول: بالروح بالدم نفديك يا سودانا
قدم الراوي مشهد من موكب انتفاضة ابريل1985م،صمود المنتفضون أمام فوهات البنادق:
" لماذا اعتقل يا ترى؟
سأل الناس لا سبب
حان الوقت ليعرف الناس يعتقلون
من دون سبب"
ثم ما تبع ذلك من تغيير في الحياة ، لم يستغل في تنمية حقيقية، بل خفت صوت الانتفاضة سريعا وتلاشى، وكأن شيئا لم يحدث.
الفصل الثاني: الله يسلمك..
نزل الراوي من قمة جبل الانتفاضة، يبحث عن آثارها.. واسباب لقمة العيش. ظل نشاطه موزع بين العمل والدارسة الجامعية، تراوده أشواق العثور علي شريكة الحياة، في طيف ندى .. أميرة وسمرة.
الفصل الثالث
الضفة الخضراء
وجد الراوي في تتطبيق أحد توصيات المؤتمر الاقتصاد الذي تلي الانتفاضة- اخذ إجازة بدون مرتب لمدة عامين قابلة لتجديد، وجد فيها ضالة المنشودة، أزمع علي الرحيل للعمل مؤقتا في الخليج،وجد فرصة عمل في شركة خليجية، اخذ إجازة بدون مرتب، حمل حقيبة صغير، بعد أن ودع الأهل والأحباب والبلد ورحل رغم اغراءات الابنوسية المكتنزة في الطائرة، ألا انه صمم علي ما هو مقدم علية .
الفصل الرابع
الحرمين..والهجرة

وصلنا ارض - مطار الملك عبد العزيز بجدة- في ذلك الصباح،وبعد إجراءات الدخول،وختم الجوازات قصدنا صالة السفريات المحلية لنواصل السفر إلى مدينة الرياض، وقبل أن نفعل، تجمعنا لتفقد أنفسنا..
هل هناك واحد ناقص.. انتهت عملية العد وما صحبها من تهريج - الرجال البلهاء ، بنتيجة ناقصين واحد، وبعد إعادة العد اكثر من مرة، وهذا ينادى بعمل، شريط بالآلة الحاسبة. وآخر يطلب عمل مناداة علي الشريط ، وثالث ينادى بإعادة المناداة علي الشريط .
" مفردات من العمل المحاسبي في حالت حدوث فرق وعدم الضبط والتوازن في المجاميع ، استخدمها المعلقين لتضخيم الموقف من قبيل السخرية ".
وبعد انتهاء مراجعة العد وما صاحبها من هزل، تأكد إننا ركبنا الطائرة أحد عشر ونزلنا منها عشرة، علينا الآن معرفة من هو الناقص، علي كل واحد منا أن يتذكر من كان يركب بجواره في الطائرة ، وهل هو موجود الآن أم لا؟ بهذه الطريقة عرفنا الناقص وغير الموجود هو "يحي" ، لان جاره في الرحلة لم يجده ضمننا في الصالة.. تذكرنا كلنا "يحي" بالإضافة إلى انه غير موجود، كان الوحيد بيننا الذى تعاقد مع الشركة للمرة الثانية، أي انه علي دراية تامة بعالم الغربة، ووعساء السفر؛ وهذا ما كان يشكل لنا جـميعا- العشرة الباقين- هاجسا كبيرا. وصينا " يحيى" فرادا ومجتمعين أن يقودنا في تلك الدهاليز، عبر المطارات إلى أن نصل إلى مقر الشركة، لمعرفة السابقة بها. طمئننا "يحي" بان نترك الأمر له، ولا نشيل همه ابدا، صدقناه وتركنا له الأمر.. لكن كل ما فعله "يحي" انه حـمل حقيبته واستغل الطائرة الداخلية في الوقت المحدد، وتركنا هناك نبحث عنه!
كان موقف "يحي" هو الدرس الأول ونحن في تمهيدي غربة..
تتبعنا اللافتات وإرشادات من سألنا حتى وصلنا لصالة مغادرة الطائرة الداخلية، أقلعت الطائرة في مواعيدها تحمل "يحي" ومن معه من الركاب. لم تنتظرنا حتى نكمل عملية العد.. اصبح علينا انتظار طائرة منتصف النهار.
المطار كان واسعا، كثير الصالات والدهاليز، معد إعدادا جيدا. علينا أن نقضى حوالي أربعة ساعات من الانتظار في هذا المكان الفسيح المريح. كنا نرى الزي العسكري لموظفي المطار، والزي المحلى؛ الثوب والقطرة والعقال للرجال والعباءة الحريمى السوداء، وحركة المسافرين وفخامة المكان، كل شيء غريبا وغير مألوفا.
بدأنا نكيف أنفسنا علي الوضع الجديد، انقسمنا إلى مجموعتين: مجموعة تتصل هاتفيا بالإدارة في الرياض وتخبرهم بوصولنا إلى جدة، وفقدنا لطائرة الساعة الثامنة، وسوف نحضر بطائرة الساعة الثانية عشر ظهرا.
والمجموعة الثانية تحضر الشاي والقهوة والسجائر والصحف والمجلات من البوفيه.
*
عند وصولنا إلى - مطار الملك خالد بالرياض رغم أنني رأيت كثيرا من المطارات العالمية، بالقدر الذي سمحت به كاميرات تصوير الأفلام التي شهدتها. إلا ما رأيته كان مبهرا وفوق التصور، إذا استثنيا الأبواب الاوتماتكية الفتح والقفل والسلالم المتحركة صعودا وهبوطا، فان فخامة الصالات والممرات المكيفة الهواء التي تربط بين الصالات وكبائن الطائرات مباشرة، كانت جديدة علي تماما.
في المطار هناك وجدنا"يحي" منتظرنا انتظارا إجباريا، رفض السائق الذي حضر ليأخذنا جميعا إلى مقر الشركة إن يذهب بدوننا، فشلت معه كل محاولات " يحي" في إقناعه بتوصيله إلى مقر الاداره لوحده،لان التعليمات عنده ان يحضر أحد عشر نفرا، بالإضافة إلى أن المسافة بين المطار ووسط البلد حيث موقع إدارة الشركة تبعد حوالي نصف ساعة بالعربة.
في السكن، في العمارة التابعة للشركة توزعنا علي الشقق،تركنا السائق بعد أن أعلمنا بأي دور تقع مكاتب الإدارة- شئون الموظفين، علينا أن نسجل حضور هناك برفقة جوازاتنا عند بداية الدوام الثاني بعد صلاة العصر.
استلمت منا الجوازات وأعطينا خطابات تفيد بان حامله علي كفالة الشركة، جارى استخراج أقامه له، مع إرفاق صورة من الجواز. تسلم كل منا 25% من مرتب الشهر مقدما لمقابلة المصروفات الشخصية. عند نهاية الدوام عدنا إلى السكن، لنعود صباح السبت إلى الإدارة لمعرفة وجهة كل منا، بعد ليلة الخميس ويوم الجمعة.
كان "سعد" أصغرنا سنا وأكثرنا ثرثرة . كان يرد علي مسمع من الجميع وبالصوت العالي:
"يخوانا انتم في غربة؛ أتعاصروا علي بعض، أتعاصروا علي بعض يا جـماعة".
كنا نؤمن علي وجوب التضامن بين الناس في ظروف كهذه. ونعلق علي بلاغة العبارة:
بانه تربيه" حبوبات".
أو الغربة طلعت له في رأسه مثلما تفعل الملاريا.
بدأت اشعر بتعب سهر العشرون ساعة الماضية, الطيران لاول مرة، عبر عنه الجسم بصداع حاد جدا.. لم اعرف مثله في حياتي . بحثت له عن دواء مسكن فلم أجد معي أو مع المجموعة، رغم أني كنت احرص دوما علي وجود حبوب الصداع معي قبل السفر، خاصة الطويل منه. أخيرا عرفت الشيء الذي نسيت حزمه في حقائب السفر؛ هو حبوب الصداع. كنت طول الوقت اشعر أنى نسيت شيء، لكن بإعادة ترتيب ألا متعه في الشنطة وفي ذهني وحزمها من جديد، يبدو كل شيء موجود في مكانه .
في هذه الأثناء فكر الجميع في الذهاب إلى العشاء، البحث عن الفول المصلح. لم استطع أنا التفكير في العشاء أو الفول. طلبت فقط إحضار ما يزيل هذا الصداع لاتمكن من النوم.
عادوا ومعهم دواء الصداع وشيء في كيس لاكله، لكنني تناولت الحبوب وبلعتها بدون ماء، وأنا اسمع - طشاش – حديثهم عن مطعم الفول – الخطير – الذي اكـشفوه. رويدا رويدا هدأت عاصفة الصداع، وأخذت في التلاشي، ودخلت في نفق النوم.
صحوت عند منتصف الليل، وكأني لم اكن أشكو الصداع منذ سويعات. ذهب الصداع وهو يعرج.. ولم يترك إلا ذكراه غير المحببة وبقايا الدواء علي الطاولة.
استيقظ في الجوع ، وحتى لا اذهب بعيدا ابحث عن أكل في أول ليلة اقضيها في هذه المدينة الكبيرة ذات العمارات الشاهقة والتي تلمع واجهاتها من الخارج كما المرايات. ذات الشوارع الوثيرة وطرق السير السريع المعلقة علي الكباري، وجدت علي الطاولة نصيبي من التفاح الذي أحضروه معهم. حرص "سعد" علي تذكيري به عندما كنت أنا والصداع في عراك .
في صباح الجمعة تأخرنا في النوم، وبين الاستيقاظ والحمام أدركنا آذان صلاة الجمعة، قبل تناول الإفطار. بعد أداء صلاة الجمعة، قررت المجموعة أن تضع حدا لاكل المطاعم، البديل "الميز" الجماعي. اشتركنا جـميعا في "الميز" المؤقت خـمسة ريالات لكل واحد. اشترينا من السوق- سوبر ماركت – تونة وجبنة وطحينية وفواكه وما إلى ذلك، لم اكن مقتنعا بهذه الوجبه، خاصة أنني لم أتزوق طعاما منذ أن حللت بهذه الديار سوى "سندوتشات" في الإفطار وفى الغداء عندما حضرنا إلى السكن. حال بيني والمطعم في العشاء ذاك الصداع ، ألان لا يوجد إلا "الميز" الذي اشتركت فيه مجاملتا للجميع،حاولت إن اقنع من يذهب معى إلى المطعم، لكننى لم افلح. كان هناك بالإضافة للجوع، إحساس داخلي لاكتشاف؛ أسواق ومطاعم ومقاهي هذه المدينة والتجول فيها.
ذهبت لوحدى إلى المطعم، وأنا خالي الذهن تماما من تكلفة الوجبة في المطعم. لو كلفت الوجبة مائتا ريالا فلتكلف ، فانا معي ضعف هذا المبلغ واكثر.
المطعم كان أنيقا جدا،التربيزات محلاه بباقات الورود، الجرسونات يطوفون علي الزبانن ويلبون طلباتهم. جاء الجرسون وذكر قائمه من الوجبات، اخترت منها " كستليته " ثم أضاف الجرسون أيدام، لم اعرف معني أيدام .. ومثل الذي لا يعرف غير كلمة حليب بالإنجليزية، عندما طلبه من الجرسون الخواجه- في لندن - استفسره الأخير ساخن أم بارد، ولم يستطع صاحبنا أن يفرق بين الساخن من البارد أو الاثنين معا بالإنجليزية.
قلت يا ولد أتصرف لعلك تخرج من هذه الورطة، فسألته:
- أي أيدام موجود؟
" نجحت التجربة".
- أجاب الجرسون بقائمة طويلة تبينت منها مشكل، اخترت المشكل علي أساس انه في النهاية خلطة لمجموعة من الأطعمة. والخلطة دائما في الأكل تعطى نتاج ممتازة..
مثل: الفته- فته العدس؛ قطع الخبز الصغيرة،عليها شو ربة العدس، وعليها ما تبقي من الملحات (أن وجدت)،إضافة إلى السلطات والشطة..و..
اوالبوش ؛ الفول وماؤه وقطع الخبز الصغيرة والزيت والجبنة والسلطات والشطة وأشياء آخري..
أما الكمونية؛ مرق أمعاء الذبيحة وجهازها التـنفسي أضافة إلى (القلب والكلاوى والكبدة) فلها شأن آخر..
هذا كوم والأكلات الشعبية و أطيب لحوم أفريقيا كوم ثاني.
نرجع لموضوعنا احضر الجرسون طبق فيه كمية من الخبز، وصحن فيه سلطة طماطم، وكورية شواربه، ثم صحن المشكل – معادل لطلب الخـضارات في السودان، مع السلطة توجد نصف برتقاله، قلت هذا أكيد التحليه، طالما الوجبة عامرة بهذا الشكل، نحيتها عن طريقي، وأنا ابحث عن الليمون، لابدأ به مع الشوربه، لم أجده، هممت أن اطلبه من الجرسون، لكنني نسيت كما نسيت ما طلبت أساسا، وتوهت في زحـمة الصحون والكورية، حتى شبعت، فكرت في أن أقوم،اغسل يداي، واواجه بقلب قوى الحساب، تذكرت " الكستليته" ناديت الجرسون، وسألته اين الكستلته؟ أجاب أنها علي النار، وسوف يحضرها ساخنة، فعلا أحضرها ساخنة جدا، ومستوية جدا، لا اعلم أن كانت هي الوجبة الاساسيه أم التحلية.. لم يك نصف البرتقالة ، سوى نصف الليمونه التي تهت عنها! الحساب لم يتعدى العشرة ريالات..
*
أصبحنا نعرف بعض اكثر، والتآلف بيننا يؤطر اللحظات الجميلة التي نقضيها سويا، تمنينا أن نعمل كلنا في نفس المكان، ولا نفترق أبدا. كنا نحس بالفراق يقف هناك يحدق بنا، وانه سوف ينهى هذه اللحظات المطمئنة، ليحملنا إلى عالم المجهول مرة أخرى، لذلك كنا نحس بالحزن والخوف، لا نظهر منهما إلا ما يطفوا علي السطح- الوجهة والعيون بين الفينه والأخرى.
في صباح السبت تسلم كل منا خطاب لمدير الفرع أو الإدارة التي يعمل بها. كان خمسه منا نصيبهم الإدارة وفروع الرياض، أما الستة الباقين وأنا منهم نتوجه إلى فروع مدن أخري، سوف نكون الستة في المطار الساعة العاشرة صباحا، لتحمل كل واحد منا طائرة إلى مدينه مختلفة. ودعنا بعض في مقر الإدارة بعد أن عرفنا وجهة كل منا، تواعدنا علي الاتصال ببعض. تلقيت التهاني من الجميع بأنني المحظوظ بينهم، لأنني سوف اذهب للمدينة المنورة، ازور وأجاور المصطفي عليه الصلاة والسلام.
*
عصرا حطت بي الطائرة في مطار المدينة المنورة،مدينة الرسول صلي الله عليه وسلم.
التي تشرفت به مرتين، مرة عندما حل بها واستقبلته ب:
طلع البدر علينا من سنيات الوداع
وجب الشكر علينا مادعى لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع
و تشرفت به مرة أخرى عندما ضم ثراها جسده الطاهر مع صاحبيه، عند المسجد ذو القبة الخضراء، نشد إليه الرحال لنزوره ونحن متسربلين بالانشراح:
السلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، السلام عليك أيها النبي ورحـمة الله وبركاته، الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله، الصلاة والسلام عليك يا من أرسله الله رحمـة للعامين، الصلاة والسلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين وأمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، السلام عليك يا من وصفه الله بقوله وانك لعلي خلق عظيم، وبالمؤمنين رؤف رحيم.
السلام عليك يا خليفة رسول الله أبا بكر الصديق..
السلام عليك امير المؤمنين عمر بن الخطاب..

والرحال أيضا نشدها إلى المسجد الحرام، في الساحة الكبيرة ذات الحمائم،و التي ترقد عند الروابي و تحفها العمارات الشواهق والجبال. وفي وادي ليس بذي زرع ، يقوم هناك البيت العتيق بقبابه ومآذنه البواسق، استوى المسجد بأبوابه الكثيرة وممراته ودهاليزه ومصلياته، ذلك العالي المهيب- هو البيت العتيق - الذي بني للناس ببكة، ليحجوا ويطوفوا إليه، بني علي يد سيدنا إبراهيم ،وابنه إسماعيل عليهم السلام. بغية التوحيد واخلاص العبادة إلى الله الواحد الأحد.
عند الوقوف أمام البيت لاول مرة يحس المرء بإحساس يستعصى علي الوصف ، لكنة يعايش حقيقة ولا ينسى أبدا.
وأنت أمام البيت..البيت الكبير، تشعر انك العبد الضعيف تقف محملا بالذنوب والخطايا، أمام رب العرش، متعلقا باساتر الكعبة، تجهش بالبكاء، طالبا للعفو والغفران، كالطفل الذي رفع السار عن خطؤه الصغير يبكي خوفا من العقاب، أو " كالدرويش المتعلق بقدمي مولاه (..)" .
وأنت أمام ذلك المهيب تجد نفسك وجها لوجه مع نفسك.. وجهه لوجه مع ما اقترفت يداك، ترجو المغفرة من الله الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار.
البيت العتيق يتكون من غرفة بنيت بحجارة سوداء،عند الركن في مقدمة البيت يقوم الحجر الأسود، يليه باب البيت، وعلي مسافة أمامه مقام إبراهيم عليه السلام وعلي الركنين التاليين لركن الحجر الاسود يقوم حجر إسماعيل. بئر زمزم علي مقربه من البيت عند ناحية حجر اسماعيل.
عندما نبدا بأسم الله ، الله أكبر، عند ركن الحجر الأسود، ندعو ونطوف حول البيت، مرورا بحجر إسماعيل ، ثم نعود إلى ركن الحجر الأسود،نكون قد أكملنا شوط من الطواف ، تتواصل الأشواط إلى أن تتم سبعة عندها يكتمل الطواف.الطواف يكون تحيه للبيت العتيق أو شعيرة من شعائر الحج أو العمرة.
*
في الإدارة الإقليمية بالمدينة المنورة استفسرت الزملاء إلى أي فرع سوف اذهب، أكد الجميع علي أني سوف اذهب إلى فرع قريب جدا. شعرت بأنه – وراء الأكمة ما ورائها- هذا التهوين والتبسيط يعني أنني سوف اذهب إلى فرع خارج المدينة، وانه ليس قريب أبدا. عند لقائي بمدير شئون الموظفين. سألني كم احتاج من الوقت لاستلام مهام محاسب فرع؟ أجبته باني احتاج إلى أسبوع إذا كان المحاسب الذي استلم منه ملم بعمله جيدا.
قال: أسبوع هو الوقت الذي معنا بالضبط ، لان المحاسب الذي سوف تستلم منه سينتهي عقده بعد أسبوع ولا ينوى تجديده، فإننا مطرين إلى ارسال محاسب ليستلم منه، وأنت هو هذا المحاسب، لعدم وجود محاسب قديم. شكرته علي ثقته مؤكدا أنني ساكون عند حسن ظنه.
لمعرفة الفرع القريب جدا من المدينة المنورة، أكدت للزملاء في شئون الموظفين بأنني خرجت في غربة، ولن تفرق كثيرا إذا كان مكان العمل قريبا أو بعيدا طالما داخل هذه الغربة المهولة. وان كنت افضل المدينة المنورة فذلك من اجل المصطفي عليه الصلاة والسلام، لكنى سوف اعمل في أي مكان، عندها عرفت أن الفرع في مدينة صغيرة علي ساحل البحر الأحمر تبعد اكثر من ألف كيلو من المدينة المنورة.
قالوا لي بصراحة كنا خايفين ترفض الذهاب، مثل من سبقك رفض زميلكم(..) الذهاب ورفض العمل أيضا وقدم استقالته. فشلت كل المحاولات في أثنائه عن الاستقالة.
مثل الجنود الإنجليز الذين أتوا للنزهة والقضاء علي الثورة المهدية في السودان، ولم يدروا انهم أمام الأنصار؛ كان الواحد فيهم كالصقر – امهر صائد - يحلق في السماء ذات الشمس الساطعة الوهاجة، يلمح بعيونه المتوقدة السمكة علي سطح ماء النهر، فينزل" مخوى" من اعلي مندفعا، ينشب مخالبه فيها و يطير بها بعيدا في لمح البصر، كما حدث في مناوشات كردفان التي سبقت معركة شيكان وفي غيرها.
للغربة والسفر حلاوة مقرونة بالمعاناة التي ترابط هناك عند الأكمة تبرق عيناها.
الاستقالة عن العمل كانت تعني عمليا، فسخ العقد الذي يتضمن شرط جزائي، من يفسخ العقد يدفع للطرف الآخر مرتب شهرين، زائدا تحمل نفقات السفر من والي بلد المتعاقد معه، بعمليه حسابيه بسيطة، علي المستقيل تسديد قرابة الثمانية آلاف ريال، إذا أراد أن يترك العمل ويعود من حيث أتى، أو تنفيذ العقد بالكامل. قبل الزميل علي مضض العمل، أرسل بديل إجازات - ما اصطلحنا علي تسميته " قشاش كما في كرة القدم؛ ينظف الكرات الساقطة خلف الدفاع " كل شهر في فرع جديد وبلد جديد.. وتجديد حالة السفر والغربة باستمرار..
[email protected]


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved