السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بدايات مران الحكم وعجلة التفكير الرغبوى لدى الساسة بقلم آدم خاطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/22/2005 9:40 م

بدايات مران الحكم وعجلة التفكير الرغبوى لدى الساسة
السبت 23/7/2005م آدم خاطر
ثمة مفارقة عجيبة هذه التي نعيشها عن أجواء الحرب والسلام في بلادنا تحتاج منا جميعا للوقوف و التأمل والنظر في ثناياها ودلالاتها لنقف أين المشكل في أن يصل السلام إلى نهاياته ، ومن المتسبب في تعطيله وإعاقته وما المخرج من هذه الدائرة التي تحيط بالعملية السلمية برمتها ؟ فبالأمس كان الحديث ( أعنى حديث الساسة والأحزاب ) عن كيفية وضع حد للحرب التي ظلت رحاها تدور في جنوب البلاد وحجم الدمار الذي خلفته والدماء والأشلاء والمعاناة التي كانت شكلا على الرقعة المسماة جنوب السودان ، ولكن امتداداتها كانت على كل أطراف القطر بأقاليمه وإنسانه لأكثر من عقدين من الزمان . كان الجدل يومها عن إعمال الفكر والراى والتجارب الإنسانية وإعلاء الإرادة الوطنية للاحاطة بهذه الكارثة التي عمت البلاد والإقليم يوم أن كانت الحرب واحدة بجبهة محدودة وعدو معروف بعلاقاته وارتباطاته ولكن المعاناة من جرائها كانت شاملة لكل تراب الوطن ، وكان الأمل والرجاء معقودا أن تتسع أحزاب الوطن فكرا وصدرا للتباري في تحقيق تلكم الأمنية بإسكات نيران البنادق ونزيف الدم بين أبنائه بالمبادرات الجادة والإرادة الأكيدة في ترجيح مصالح البلاد على الرهان الخارجي ولكن هيهات . فالمحزن حقا أن التفكير المرحلي لدى كثير من قياداتنا أن أجندة الحزب ونزوات السادة والساسة من أرباب البيوتات والطوائف تتقدم أجندة الوطن واولوياته ، أو هكذا ما يعكسه الواقع الذي نقف عليه يوم أن تقدمت الإنقاذ بصفها ومنهجها حوارا وجهادا ومنازلة وتفاوضا واتفاقا كان نصيب هذه الأحزاب المناورة والمزايدة السياسية بل المواجهة والتحريض تمسى على طرح وتصبح على غيره ، تبرم الاتفاق وتنقضه قبل أن يجف مداده ، ترسل الإشارة وتربكها بأخرى نقيضة بين التفاتت عين وانتباهها ، تشكك في كل ما تقوم به الحكومة وأطرافها ولا احد يشك فيها أو ينتقد فعالها وحركتها . وعلى ما فشلت فيه هذه الأحزاب وقياداتها فرادى ومتحدين تريد أن تنقله على فشله إلى هذه المرحلة التي نعيشها من عمر السودان وهو يطوى صفحة حرب الجنوب إلى غير رجعة ولكن أشواق قيادات بعض الأحزاب تتمنى لها أن تعود ، ودعمها لجبهات الغرب والشرق يمتد سرا وعلانية يؤازر خطاها ويبارك حرائقها وفتنتها التي تتدثر ثوب العرق والجهة والقبيلة والنعرات لتأكل ما تبقى من جسد السودان . وعندما تأتى بشريات السلام باتفاق نيفاشا تنال منها الأحزاب وقياداتها وترميها بشكوك ومظآن لا توجد إلا في مخيلتها ، وعندما يلحق بقطار السلام اتفاق القاهرة تسارع الأحزاب وذات القيادات لكي تحبس أطرافه من التقدم صوب الخرطوم تخويفا وتشكيكا ، بل عندما يتحرك منبر ابوجا ويتم التوقيع على اتفاق المبادىء الذي هو أس التفاوض والتسوية السلمية تتنادى أحزاب أرذل العمر لإيجاد منبر خاص بالشرق ، وما أن يستجاب لهم وينعقد ذلك المنبر ويتقدم إلا هرولت لمنطق أعرج آخر توارى به سوءتها ، هذه هي حلقة الأحزاب عندنا تريد لنا أن لا نخرج منها ، وان ما تقول به من سلام وتسوية ليس له في واقعها وأدبياتها نصيب و سوف لن يكون بمقدورها ذلك قريبا وهى على هذا الضعف في بنائها الحزبي و الموات والانقسام والمصالح الشخصية الضيقة واصطناع الأزمات وادعاء الأمجاد والبطولات دونما كسب يذكر .
بمثلما فرحت هذه الأحزاب للحرب وعدم الاستقرار وامتطت صهوتها بمثل ما هي فرحة الآن بالبؤر التي أشعلت في الغرب ويراد لها أن تتقد في الشرق طالما جحافلها تعسكر بإريتريا تنتظر انهيار الشراكة ، وبمثل ما طربت لهول الدمار الذي لحق ويلحق لم يفرحها أن يوقع اتفاق سلام الجنوب ويعود قرنق بحركته من الغابة وأدبها ولغتها إلى الخرطوم ومفردات التحول الديمقراطي تعلو خطابه السياسي ليمارس اطر ومستحقات الشراكة التي تعاقد عليها مع المؤتمر الوطني . هواجس هذه القيادات لا تقف عند سقوف أحزابها التي أصبحت تنشطر و تتوالد كتوالد البعوض ، وشكوكها كانت بالأمس عن حقيقة السلام وما إن كان سينجز أصلا ، وما أن تحقق ذلك قالت ولكن هل سيأتي قرنق إلى الخرطوم ؟ وما أن أتى وبدأ في ممارسة واجباته الدستورية كنائب أول لرئيس الجمهورية ولم يمض بعد أسبوعين ولم تشكل حكومة الوحدة الوطنية بعد قالت الأحزاب عن ملف ابيى ما قالت وكأنها تريد للاتفاق أن ينسف في مهده ، وما أن قطع قرنق بجديته في التعاطي مع شريكه وأكد قدرتهم على تجاوز اى معضلة سوية وفق محددات الاتفاق و الأطر السلمية إلا وقالت ولكن كيف بالبترول والاتفاقيات التي أبرمتها الحركة ؟ من جهة تتهافت الأحزاب على زعيم الحركة تبارك مقدمه وما تنتظره منه وهو لا يملك عصا سحرية ، ومن ناحية أخرى تلهب ظهره سياطا ومطالب لا قبل له بها ولا هي مما وقع من اتفاق بمكان ، هكذا متاريس وعقابيل تضعها هذه القيادات أمام شريك الحكم حتى تجعله دائم الشك والظنون بطرف الاتفاق الحاكم . بهذه العقلية المشربة بالانا وشح النفس قابلت هذه الأحزاب تيار السلام وائتلافه الجديد لم تترك له ولا نفسها فسحة حتى يتنزل الاتفاق إلى ارض الواقع لتقول عنه وتعلق عليه من واقع تطبيقه لا من فرضيات يرومونها ، وبهذه النفسية المشوشة كانت قيادات الأحزاب التقليدية أول من هاجم قرنق وصوب المدفعية الصديقة ونيرانها عليه ، وبذات الدوافع أرادت قبائل اليسار أن تترك التجمع الوطني نهبا للأهواء والحيرة يدور في حلقة مفرقة لا يعرف زعيمه كيف يتقدم واى الخيارات يتخذ واى السبل يسلك ، واتفاق الأمة والشعبي به من المتناقضات ما يجعله لا يساوى الحبر الذي كتب به أسوة بقول الإمام الحبيب في الشريعة سابقا ، كل هذه التحالفات والتوافقات المرحلية لا تريد تأييد قرنق بقدر ما تهدف للنيل والمكايدة لنظام الإنقاذ وتصويره بشتى صور الضعف وإمكانية استنزافه وبأنه يستقوى بشريكه الحركة الشعبية ولابد من ضرب إسفين بينهما حتى لا ترتاح مسيرة السلام وتصل إلى بر آمن .
الذي يتابع ما يصدر عن هذه الأحزاب من أقوال وأفعال لا يجد لها تبرير سوى إفشال هذه الشراكة في مهدها وهدم بنا صرح السلام في بداياته من وحى الهجوم الكاسح الذي يتصدر الصحف والفضائيات ،هذا التحالف الشيوعي العلماني من كل قبائل اليسار والأحزاب الطائفية والطائفية الحديثة التي تولد الآن بقيادات إسلامية و كل أساطين العلمانية الذين امتهنوا التنقل بين الأحزاب دون مبدأ أو أخلاق يريدون إن ينقلوا معاركهم السابقة وخصوماتهم التاريخية مع الحركة الإسلامية إلى ساحة اليوم ليضعوها في سلة الدكتور قرنق وهو من يقوم بمهمة المنازلة والانتصار لهم فيما لحق بهم من فشل وإخفاق . زعيم الحركة الشعبية مطلوب إليه حتى يجد دعم هؤلاء وأولئك وهو قد كان في صفهم بالأمس وخبر دواخلهم وما يحملون من بضاعة عليه أن يحمل سمومهم وبضاعتهم الكاسدة وكل أحقادهم وأمراضهم لينازل بها شريكه في الحكم الإنقاذ برجالها ورموزها وما تحمل من رمزيات حتى توقف عنه نيران العدو الصديق . زعيم الحركة الشعبية بحركته ورجاله وتاريخه في مساجلة الإنقاذ سلما ومنازلتها حربا وما تحمل من شارات الحركة الإسلامية عليه أن يختار بين حلف الإنقاذ أو يركن إلى تيارهم ومشاكلهم التي أقعدت أحزابهم وحكوماتهم لتقعده هو الأخر فلا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى . قائد الحركة الشعبية وهو يدرك نوايا هؤلاء ويجيد اللعب في ساحاتهم وقد وقف على أحجامهم وأوزانهم يراد له أن يخوض معركة ليست بمعركته وهى في غير معترك وفى غير زمانها ومكانها ، يراد له وقد ودع الحرب عن قناعة أن يعود إليها بقناعتهم لتهزم الإنقاذ وتدحر الحركة الإسلامية ومشروعها وبرنامجها ويطمس على قياداتها وتاريخهم وهى التي تزود عن الوطن بأجندة الوطن وتقدم التضحيات الجسام وهى قد أرست و أسست لبنات العمل السياسي الوطني بالفكرة والمنهاج المستبصر يوم أن فشلوا في إيجاد اى فكرة أو مبادرة لمشاكل الوطن وقضاياه ، وحركت برك الاقتصاد الآسن بالبنوك والمؤسسات الإسلامية لتضع خطا احمر يصعب تجاوزه وأخرجت ما في باطن الأرض من خيرات جلبت الحسد والتكالب وفجرت الطاقات البشرية وأشاعت روح الجهاد بمشروعها الذي له قادح ومادح ، يريد هذا التحالف الذي يتشكل من قرنق أن يخوض عنه معركته المؤجلة ضد الإنقاذ والحركة الإسلامية عندها ستفرح هذه القوى بالسودان الجديد الذي يبشر به بمفهومهم .
لست هنا في مقام الناصح والمرشد لقائد الحركة الشعبية حتى اقترح عليه اى الخيارات يصيب فله من يسد هذا الباب داخل حركته ويقدر مصالحهم وما ابرموا من اتفاق ، بقدر ما أنا احد دعاة السلام والمهتمين ممن يدعمون توجهات السلام القائمة ويساندونها ويعملون لأجل أن تنجح في إنجاز ما اتفق عليه و يراقبون في ذات الوقت معروض الساسة ويحصون المواقف للأجيال والتاريخ وشواهد ما أقول على مدار اليوم ترد وهو يدرك مقصدي من وراء هذا المقال ، وما يزال الوقت باكرا للقطع باليقينيات على نحو ما تسارع أحاديث الأحزاب ومجالس ائتلاف العلمانية في ثوبه الجديد وهى تبدى هذا التفكير الرغبوى لمآلات الأمور يريدون لها أن تسير على عكس رياح السلام وتياره العارم ويرسمون أحلامهم وأمانيهم عليها . وان قائد الحركة الشعبية مهما أوتى من رجاحة الفكر وحشدت له من البطانة والمستشارين والخبراء ليس بمقدوره الآن وهو قادم لتوه الآن من ميدان مختلف وهو يبدأ مران الحكم ويتلمس خطاه ويكتشف مطباته وعقباته عليه أن يتواضع و يضع نصب عينيه صدقية نواياه صوب ما وقع وان يلتزم ما ابرم ويحترمه نصا وروحا وظني به كذلك من وحى ما يقول ، مهما جملت له سمات هذا التحالف ومستقبله المظلم ، بل عليه أن يدرك أن الإنقاذ والحركة الإسلامية صادقة في وعدها وعهدها وقد خبرها عن قرب في ميدان القتال والتفاوض دائما متوكلة على الله وحده بيقين وثقة موصولة به لا يخالجها شك ، تسندها إرادة شعب وأشواق امة ، فان بادلها هذه المعاني استقام عود السلام وكبرت البلاد وتوحدت رغم تكالب صغار الأحزاب كسبا ، وان راودته النفس بإمرتها ونوازعها وأرخى أذنه لليسار وفتنه بتاريخه فيه فان الإنقاذ والحركة الإسلامية قد أوفت ما وعدت ولن تعوذها الخيارات ولكنها لا تستبقها ولن تبدأ بالردة والنقض على تحرشهم وكيدهم الذي تراه ,,,,

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved