السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ماذا ينتظر دارفور من ال دي مابيور حلقات عن وضعية شعب إقليم دارفور الحلقة الأولى : الثقة تموت في النماذج أربعة بقلم منعم سليمان

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/15/2005 1:15 م

من بين آلاف اللوحات الملوحة بها في الساحة العامة غداة دخول ال ديمابير استطاعت إحدى القنوات الأجنبية تسليط الأضواء على لوحة مكتوب عليها إيقاع لحن هتافي ( درار فور دارفور يا دكتور ). لوحة (سوبا الأراضي) لم تكن وحدها المشاركة في تظاهرة يوم الثامن من جوليه2005 م ، أيقنت عندها أن أهل دارفور الذين قدموا الاحتفال كانوا يحملون في جعبتهم أجندة خاصة ليس كباقي أهل السودان المستقبلين ترحيبا بالضيف الجديد.

ليس الصحيح هو الإجابة على السؤال: ترى ما المطلوب تقديمه من الجيش الشعبي للتحرير وجناحه السياسي عامة ومن الدكتور جان ديمابيور خاصة نحو إقليم دارفور ؟

لكن الصحيح هو التفكير في منطقية تلك المطالب والأماني للبعض من أهل دارفور؟

كون بعض الشبان المعاصرين في الإقليم معجبين بشخصية ال دي مابيور ومنبهرين بآرائه المعاصرة في السياسية والاجتماع أمر معجب به في ذاته ، وتساعد أيما مساعدة لدفع عجلة التقدم في مسير الوطن الواحد نحو المجد.

ضمن رسائل تحكي الترحيب استقبلت من نورين وبن إبراهيم ، وكانا الأعمق أثرا ،تلك أمثلة معبرة عن موجة الفرح التي اجتاحت أهالي مدن الصفيح بقدوم المنقذ هذا الذي غزا قلوب الجميع حتى ابتلع الحسد والغيرة نفوس أعداءه.

عودة إلى منطقية مطالب الدارفورين من ال ديمابيور .

لا يجب أن تكون على ال ديمابيور وجبات لأي جزء من أقاليم شبهة القارة السودانية الأربعة المتبقية :

كردفان ودارفور وشرق السودان والأوسط ، ودارفور. وذلك لان منظمته الثائرة جيش التحرير الشعبي وجناحه السياسي أصلا انطلقتا بهدف المطالبة العادلة لحقوق شعب جنوب السودان في الحياة الاجتماعية فحسب. وفي البدء كانت خاصة المكونات والهدف . وان جاء الاسم والأفكار لاحقة في صورة عامة فان جيش تحرير السودان الشعبي في طبيعة كل الأحوال مجاز مرسل علاقته الجزئية.

كما أن نتيجة اتفاقه لتقاسم الثروات والسلطة مع نظام الأقلية البيضاء أوقفت تعاظم الكارثة في الجنوب فقط .وبشرت الجنوب وحده أيضا - من دون سائر الأقاليم - بالاستقلال والسلام ، و أحبلت سماءه مزن تنمية يرتجى . أما أقاليم شبه القارة الأخرى فمع -الحال - عليها واجب مباركة الإقليم الجنوبي تلك النعمة وان لا تحسده عليها. ولها الحق في مواصلة مسيرة التحرير لصالح شعوبها.

الأفكار التحررية كفكر الجيش الشعبي الجنوبي هي كالثقافات والأديان في كل أجزاء الكرة الأرضية بضاعة قابلة للانتقال والتبيئ ، أي جواز حيازتها و نقلها من دون رسم ضريبي .وجوز زرعتها في أي بيئة حسب حوجة الناس إليها في معاشهم ،والظروف والمناخات هي المحددات الأساسية لنمو تلك الجواهر وازدهارها . وليست بالضرورة أن تكون نسخة كمنشئها الأول وذلك لان الاختلاف والتباينات سنن بقاع الأرض وسكانه.

وقبل خمسة عشر عاما بالتضامن مع جيش التحرير الشعبي وصل المهندس الريفي داؤود يحي بولاد إلى مشارف قمة جبال مرة غربي السودان ، بهدف العمل نحو مطالبة صدامية بحقوق شعب إقليمه المظلوم. وتقول الروايات الواردة من تلك الحقب والأنحاء انه كان بصحبة المعلم بولاد رفقين له ، يدعى أحدهما عبد العزيز آدم الحلو ترجع أصوله الاثنية إلى إقليم دارفور، ولكن أهل دارفور ذبحوه مثل الشاة بين قريتي ( فاني كرل) و ( أر ولا) ،وفر الحلو أحد رفقيه إلى حيث لا يزال أحد أقطاب حركة الجيش الشعبي الجنوبية. وقد ساهمت مجاهيل الطبيعة حول الجبال وتعاظم نسب المحن على نسيان ذكر المهندس الشهيد وطمس موضع قبره. ما كان شيوخ دارفور السياسيون يعلمون انه سيسير المثل الأعلى في يوم ما للجيل الجديد من سياسيو المستقبل.

المعلم بن يحي- بصيغة المعلم جاليوس نايريري – وهو يحي في قلوب الشباب المعاصر ، والمعلم لقب يستحقه الشهيد أبو يحي داؤود بولاد باقتدار،ودماءه دين في أعناقنا ، بيد انه يتحمل عشر المسئولية في مصرعه وبمغامرته في موت الثورة أنذراك ، على غرار مسئولية الذبيح الحسين بن البتول فاطمة بنت النبي الكريم عن نفسه في أسباب مصرعه علي يد الأمويين في كربلاء . لا بواكي على بولاد في أرجاء القارة لان قتله تم على يد أهله.

أهل إقليم دارفور بطبعهم الغرابي الساذج هم غثاء كغثاء السيل ،كثرة بلا ثمرة، ضجيج متصل هكذا وصفهم في أدب الجلابة . الهووية ابرز صفة هذا الشعب التائه. (الهووية) هو عكس (الأنانية) في المعنى والدلالة ، مصطلح مجازي من الضمير (هو) –بقراءة قالون- ليساعدنا في وصف ظاهرة النميمة في النفس حين يشعر السودانيون في هذا الجزء من السودان بالندم على شئ مضى.

قبل أن تقوم حركتيهما العدل والمساواة وتحرير السودان اللتين ترافقتا صدفة في سهول وجبال الإقليم ، كان حالة من التيهان تعشه الأمة الدارفورية بلغت أربعين سنة -بحسابات الزمن الحديث – بين ذبح المعلم الذي نهى عن عبادة العجل ونهوض حواريون له. تيه رافقه البؤس والقهر الواقعين عليها من عصابة نظام الجنرال الراقص . ولقد سبقت إعلان الثورة مطلع القرن الميلادي الجديد اتصالات غير مكثفة شملت كوكبة مثقفي الإقليم من خرجي المدارس الأكاديمية الحديثة في الخرطوم من جهة و رجال ممثلي القبائل في الإقليم البالغ عددهم إحدى وسبعون سلطانا وناظرا وملكا و ثلاثمائة عمدة وفرشي وأمير من جهة أخرى. وهي شهادة تثبت للتاريخ. اتفق الجميع على صواب فكرة الثورة المسلحة في وجه مؤسسة الجلابة الفاسدة.

لكن الإهمال الجماعي وفقدان الثقة في النفس هي ابرز الصفات التالية لهذا الشعب نصف الميت اليوم ، والجهل المطبق من الغالبية بطبيعة حركة عناصر الحياة من حولهم صفة أخيرة.

ونظام الجلابة المستعمر عبر مجموعة ما باتت تشبه كتلة اليمنيين الصهاينة في السياسية العبرية لدفاع عن المؤسسة ، التي يقودها على عثمان طه ، نافع على ، عوض أبو الجاز ، صلاح قوش، مطرف صديق ، قطبي المهدي ، تمكنت من الاهتمام بأهدافها الخبيثة وتنفيذها فوق رؤوس هذا شعب الإقليم الطيب . عقب ظهور كتاب يبشر بملامح المرحلة القادمة التي هي الثورة وانطلق العبرانيون الجلابة منذ 1999م بسياسة الخيارات الأربعة القبر والطرد والسجن وبيع الذمة ، الهدف تمزيق بقاء الإقليم وبالتحديد.

تعتبر المجموعة الأصولية اكثر الرجال قسوة وإجراما عرفتهم السلطة في السودان طوال العهد الشمالي ، واليها يرجع القدر الأكبر في صناعة وتنفيذ تراجيدية البؤس النفسي والأخلاقي والعاطفي الذي يعيشه سكان شبه القارة السودانية .

قبل خمسة أعوام سبق مصرع الشهيد المعلم كان الكولونيل دي مابيور قد التقى – و الذمة على الرواة – المهندس احمد إبراهيم دريج شيخ سياسي الإقليم في نيروبي وتباحث الرجلان أهمية الثورة المسلحة في دارفور ،وقد حسن إيمان المهندس دريج بحقيقة الظلم الواقع على شعبه ،غير أن العجوز لا يزال منذ ذاك التاريخ وحتى اليوم مرعوب يتهرول مبتعدا عن فكرة حمل السلاح.

لقد خدم الغرابة الدارفوريين أسيادهم – كما بان اليوم- في مؤسسة الجلابة بصدق في كل العهود مقابل صفر لأقاليمهم ، وخدموا بإخلاص مقاتلين جند وظباط ومتطوعين كانت العائد إليهم من ذلك العمل الجليل مليون شهيد قبروا أو لم يقبروا في الجنوب ومثله معاقين و أسرى ومفقودين.

ومنذ تاريخ إدخال الجنرال الراقص قصر غردون اعتاد منتسبي السياسية الدينية من الغرابة الذهاب إلى الجولات التفاوضية على رأس الوفود، وقد وضعوا كل لمسات التفاوض والحل لمشكلة الجزء الجنوبي للبلاد . ولقب الطبيب الذي طاب له المقام بلندن هذه الأيام (عرُاب) حق تقرير المصير، وتفاصيل علاقة الدين بالدولة بجانب خدمات مجانية في مؤسسات مختلفة في الدولة . وحتى لا يكون الفضل له تم بيعه في سوق النخاسة بجريمة طريق الغرب القاري ولصقت القصة الملفقة في أذن شعبه ،ثم أقفلت صفحة الطريق بالشمع الأحمر . أما هو فقد اختار نسيان شبه وفضل لنفسه التسكع بشوارع مدن أوربا.

وفي كتابه عن السلام التي ظهرت مطلع عام 1998م ذكر الكلونيل المتقاعد محمد الأمين خليفة انه التقى الكلونيل دي مابيور في إحدى جولات التفاوض في ابوجا ، وذكر اكثر من مرة أن الطبيب اللندني التقى بدوره دي مابيور -الذي كان غاليا جدا آنذاك - في عنتبي بيوغندا ، ولكنهما أغفلا ذكر أن جارنج كان يذكرهما متسائلا في كل مرة انه يأتي للتفاوض من اجلهما فمن اجل من تراه يكن مجيء الرجلين الغربيين الدارفوريين؟

مثلما أن حجتهم ظاهرة لأهل دارفور في التبادر للمساعدة والاهتمام ، لكن لا أحد في الجيش الشعبي للتحرير وجناحه السياسي له الحق اليوم في تحميل أهل دارفور معشار مسئولية الحرب ودمار إقليمهم استنادا على انهم كانوا طوال الخمسين صيفا اكثر المقاتلين في الجيش والمليشيات المتطوعة او موظفي دولة محاورين ،و ذلك للحيلولة من أن يقوم جيش التحرير الشعبي الجنوبي بتصنيف الثورة السودانية في الغرب اليوم على إنها ثورة متأخرة الوصول ، و تأتى على حساب حركته وحق شعبه المكتسب حديثا . ليس منطقيا أن يتم العمل بذلك التصور وذلك لان الثورة السودانية في دارفور قوامها جيل وفكر جديدين . ومن البديهي العلم لدي الجيش الشعبي أن فكر الثورة في الغرب لا تأخذ العلاقة معه إلى ذلك المنحى.

صدقوا او لا تصدقوا أن الغرابة اليوم كلهم داخل الثورة المعارضة للنظام السياسي في السودان ، وحتى ما بعد انطلاق قطار الشراكة ، إلا الذي بان عمالته منهم أو قصر فهمه وله الشفقة والعذر.

نسبة مقدرة منهم أميون مستقيمون في تقديس ال المهدوي الحفيد وحزبه ، كانوا ولا يزالون لا يعلمون فن السياسية إلا أماني وان هم إلا يظنون . ونسبة معتبرة كذلك شعبيون كثير السذاجة والمسكنة ، هؤلاء هزمتهم سنوات شراكتهم للمؤسسة الجلابية العشر وكلا الحزبين يأوي أرقاما معتبرة من ساسة ذو الأصول الاثنية من الغرب ، وتتعامل المؤسسة الجلابية معهم من الزاوية هذه، مقرونة بقراءتها التاريخية للعلاقة بين أولاد البحر و أولاد الغرب. أعضاء الحزبين يأخذون النموذج الأول في شرائح التمزيق دخل كتلة الإقليم.

أما اتباع الجنرال المتقاعد إبراهيم سليمان حسن المنبوذ دخل الحزب الوطني ، جميعهم بؤسهم أشبه ما يكون بحالة المهندس دريج و أصحابه في الخارج ومن دار على فلكهما من دون فلك .فمواقفهم انهم بات لا مواقف لهم يذكر وهم النموذج الثاني.

النموذجان من غير دريج يغلبهما المستجلبون أنصاف درفورية الثقافة ، وهم وجه تعاسة الاحتقار الجلابي التي تربى عليها الكثير منهم او تملا عليه من هررة جلابيات تزوجنهم بكرة وأصيلا ولهن القدح المعلى. عجز أصحاب النموذجين كما برهن الزمن أن يقدما اكثر من تلاوات بالصدف كارثة الإقليم او تأييد على استحياء مصالح الثورة ، وهي نقاط تحسب لصالحهما لكن يستعجل كل منهما في مسعاه لربح نتائج تعاطف المأساة لنفسه اليوم وبعد غد إن يكن هناك غد.

التلموديون الجلابة في المؤسسة الاستعمارية أتقنوا تعاطي العنصرية بحنكة ، وبالغوا في إثارة الكراهية العرقية والدينية بين أبناء أي إقليم في شبه القارة ،وأبدعوا في قذف النتائج تهمة في خصومهم ، فلا تخدع لو سمعت صوت بالنهار مؤذنا بالله في لحن موسيقي عذب

( الله الله في الشياه ، الله الله في الخراف، الله الله في الكلاب) .

اختارت الأنانية التلمودية بعناية أعضاء حزبها من الفاقد التربوي ذو المكانة الاجتماعية التي تحظى بها عائلاتهم في مجتمع إقليم دارفور او من لم يحظى بضمير ، وكانت شروط أن يكون الرجل عضوا بالحزب الوطني الملقب حاكما هو أن يكون حائز على درجة (الغفلة الممتازة) او انعدام الرحمة ، والدرجة الأولى عندها اختار العجوز الترابي أعضاء فريقه لانقلاب عام 1989 م إلا من صدف .المنتسبون من هذا النوع يتمكنون من تفهم حركة الأشياء في الحياة الدنيا بعد مرور عقد من الزمن على ثباتها.

ما كان يحلم نائب وزير الشئون الإنسانية -مثلا- أن يحصل على وظيفة عادية في بوابة الوزارة إن كان شريفا مستقيم الحس ،فلم يكد يتخيل حتى وجد نفسه فجأة في مقام نائب الوزير ، فاعتقد –لتعطشه إلى السلطة- إنما أعطيته على علم عندي. وزير الدولة هذا في مقدمة النموذج الثالث لأبناء الإقليم ،وهي أكثر النماذج فوضوية وبلاء ، فهم يؤدون وظيفة حشرة العسس في نهش لب التماسك بين سكان الإقليم. وقد تمكن النموذج الثالث من إلحاق الأذى الجسيم بمواطنيهم من سكان الإقليم بما يكفي لاعتبارهم عملاء .

تقول الحكمة : انه لا يملك عقل من يؤيد الحزب الوطني في السودان فما بال الذي ينضم إليه ؟ تجد الإجابة في عيون الملقب بابي جهل والمقلد حقيبة وزارة للتجارة الخارجية . وأبو جهل يرأس النموذج النفعي الثالث داخل مؤسسات الحزب والذين ساروا ولاة وأمناء حزب وزراء بالولايات والمعتمدين وهم غير مصدقين. أبو جهل كان من الصعب عليه التميز بين حدود التجارة الخارجية والتجارة الداخلية بمراجعة خطاب له فقير المعاني في إحدى دورات معرض الخرطوم التجاري السنوي .

علاقة الجلابة التلمودين بهذا النموذج علاقة الأساتذة بالتلامذة ، يقوم المدرسون بتحفيظهم أصول نظريتي الاستهداف الخارجي و التآمر الداخلي ، ونقد نظرية التهميش. وهكذا من اجل الزعم بالرد على أطروحات الثورة الفاضلة ، وتقديم معلومات حساسة عن الثوار وحركاتهم لحساب مؤسسة الجلابة. وقد شاعت الحكايات التي تقول أن المدرس صلاح قوش كان يقوم بضرب التلميذ الوالي عثمان كبر بالسوط مثل أي والد يؤدب نجله حين يخفق في واجباته، من المؤسف أن اقر بأن الحكاية صحيحه . المكافئة والعقاب من أساليب التعامل بين السيد وخدمه وذلك من اجل إنجاز عمل اكبر .أما المعتمدين وأمناء الحزب في الولايات والمنتسبين فيكافئون على المعلومات السخية التي يقدمونها لأسيادهم بصرة وازدراء كبيرين.

في هذا الأثناء يتمكن جمهرة من الجنرالات من دخول الحزب الوطني ممثلين لقبائلهم في غرب السودان بعد تخليهم عن الجندية !! الجندي والظابط من إقليم دارفور في مؤسسة الجيش بدرجة واحدة. والجنرالات هنا يعيشون حالة مخاض فكري ،كائنات في مرحلة التحول من الطبيعة العسكرية إلى سياسيين ، فأنتجت المرحلة يرقات سياسية هشة الفهوم ،غير انهم ينطلقون في تقرير مستقبل المجتمعات . ستنتابك الشفقة عليه و أنت تصغي الاستماع إلى الحاكم السابق لشطر الجنوبي من إقليم دارفور – مثلا- وهو يعبر بعفوية عن أفكاره لحركة الأحوال الثقافية والاجتماعية في أنحاء المعمورة. او ينتقد نظرية التهميش التي يقول انه مشرك بها.

في هذا الحزب أيضا تجد فئات للذين حملوا مفاهيم في محتواها دمار للأجيال السودانية كاستدرار عاطفة العرق والدين والاستدلال بشواهد تاريخية لحياة الأمة، وهم يعتبرونها محاولات جادة في رسم صور المجتمع المثالي للشعب السوداني ، ليت شعري لو يعرف الناس موضع ذو الكفنين اليوم . والقصة أن رجلا من أهل دارفور أعطاه الله علما وحكمة ظهر في أواخر ثمانينيات القرن الماضي يطوف شوارع مدينة الفاشر (أبو زكريا) كان يحمل على عاتقه كفنا له من ستين ذراعا ، يذيع استعداده للاستشهاد في سبيل المساكين من الشعب . وكان الكفن من الدمور الأبيض قيل انه غير لونه وموضعه بعد أن تغيرت حالته ، وتبدلت معيشته . ثم وطار ليخدم منصب سفيرا لنظامه بطهران ، ولا يزال ذو الكفنين بإحدى مؤسسات الحزب الوطني آمنا.أما حالة شوارع ومواطني أبو زكريا فلم تتغيران، بل ازدادت إلى سوءها السوء.

ذو الكفنين مثال أخير في هذا النموذج النفعي المنهج لكنه من الضعيفة قلوبهم في هذا الإقليم مع الأسف. يصرخ ويكتب مثل أي معارض في مرحلة ما !! ووقت ما حصل على منصبا فضله على أهله إلى الأبد.

بعض أبناء إقليم دارفور من ذوي الوزن الثقيل يبلغ أثمانهم عشرة الآلف دولار أمريكي في أسواق تجارة الذمم مع كتلة اليسار في مؤسسة الجلابة . ويكون في الخارج عادة ، منظّر حسن الحديث . هو ثمن لمثل الطبيب البيطري الذي تم جلبه من جزيرة تسمانيا باستراليا بوهم أن يكون وزيرا ذا قدر. بيد انه وجد نفسه غارقا في القبائلية واليأس والحيرة الفكرية. نموذج الدولارات العشر هو الأنموذج الرابع للمتحيرة فكرهم والذين اصبحوا منقطعين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ،وكان يمكن لهذا النموذج أن يكونوا كبارا بقدر صناع المجد لشعبهم لكنهم فضلوا أن يكون اقذاما في زمن العمالقة ، ويكون ضعافا في زمن يقوى فيه الناس.

حدثنا من نثق فيه أن جده بكى يوم عاد إلى قريته يحمل ورقة كتبت عليها شهادة جامعية. فسأله ما يبكيك يا جداه ؟ قال ابكي لخسارة تعليمكم !! ما الفائدة من جامعاتكم إذ كان أحدكم إما رحل عنا نهائيا او عاد يعيش تعاستنا وبؤسنا ؟ ، والحديث للجد ، ويضيف الباكي ألا يعرف أحدكم حوجة أهله له مقابل اجتهادها في تعليمه ؟؟ انتهى حديث الجد .

سيصاب بالسآمة و الإحباط كل سكان إقليم دارفور في أبناءهم المتعلمين وخريجوا الجامعات او ظباط الجيش المتسايسون. العاجزون جميعا في تغير الأحوال البائسة التي يحيونها إلى الأحسن ، و قد يعلنون ضجرهم وفقد ثقتهم في النماذج السابقة الثلاثة ، ربما بشكل نهائي مع البعض ، لكن دارفور لا تفقد الأمل في الحياة إنها دوما تنتج العزيز الأشم.

نلتقي في الحلقة التالية

منعم سليمان



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved