السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

موت التجمع الوطني الديمقراطي بين غابات الحركة الشعبية ومشاريع الإنقاذ بقلم موسي محمد إبراهيم -ليبيا - طرابلس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/13/2005 9:44 م

موت التجمع الوطني الديمقراطي

بين غابات الحركة الشعبية ومشاريع الإنقاذ

موسي محمد إبراهيم

ليبيا - طرابلس

الأيام دول والتغير قادم هكذا هي طبيعة الحياة ، بعد مجيء انقلاب 30 يونيوبقيادة الفريق عمر البشير ،حيث عزفت موسيقي العسكر، بإعلان عهد الإ نقاذ ، بمسرحية جديدة ، بفصول متعددة ،وممثلين من حزب الجبهة الإسلامية القومية الذين تدربوا في مدارس مسلسلات هوليود بقيادة الدكتور حسن الترابي .حينما تمت الإطاحة بالحكومة الديمقراطية المنتخبة بقيادة رئيس الوزراء السيد الصادق المهدي ,الذي قال لهم معنا الحق ومعكم القوة .لان قوة الحق اقوي من حق القوة .

لم يكن الشعب السوداني ليصدق الإطاحة بالحكومة التي شاركت فيها غالبية الأحزاب والتنظيمات السودانية بدرجات متفاوتة في التفويض الشعبي والمساهمة في الإصلاح الوطني .ببرامج علمية مدروسة.

حتي لاحظ الشعب التغير المفاجئ سياسيا واقتصاديا واداريا .في مؤسسات الدولة .هذا التغير هو الذي هيأت له صحف الجبهة بأن رسمت فكرة الانقلاب,وأدخلت في ذهنه فشل الديمقراطية وبطلانها .فضلا عن الهوس الديني بالتطبيق المباشر والقوي والثوري للقوانين الإسلامية بمنهجيتهم وطريقتهم وسلوكهم بأنهم هم الإسلام والإسلام هم .

ولكن بعد انقشاع سحابة الزيف وبطلات الادعاءات أدرك الشعب أهمية الديمقراطية ,وأهمية التسامح الديني والإسلامي وشريعة الرحمة والتعايش مع التعددية في ظل الحرية والديمقراطية .

قبيل الانقلابات و إعلان الإنقاذ كان قد تم الاتفاق بين الحكومة والحركة الشعبية سيتم في اجتماع يوم 4/7/1989 وضع ترتيبات لانعقاد المؤتمر الدستوري الذي تم تحديد موعده يوم 18/9/1989م .

الثوار والمزايدين من سدنة مايو وشباب الجبهة أرادوا أن يثأروا للترابي الذي أسقطته التحالفات في انتخابات 1986م .حينهااعادوه عام 995ا ليجلس خلف الكواليس في لافتة جبهوعسكرية .

لقد فوجئ الشعب السوداني بصواعق مدوية الأولى صاعقة الصالح العام حيث قضت علي الشعب بالمصادرات والإعفاءات واصبح الصبيان شيوخ والشيوخ صبيان

وأصبح الفقير غني والغني فقير وزادت فجوة الطبقية وانتهت الطبقة الوسطى ، واديرت الدولة بقلية الشباب والطلاب والصاعقة الثانية : حينما انفجرت قنبلة الاستبداد والدكتاتورية والشمولية داخل الخرطوم . فسلخت تلك القنيلة بحرارتها جلد الشعب بالفقر والجهل والمرض واذاقته الويل وسهر الليل. وجاء الكرب والجرب،وكثر النهب والهرب ففزع من في القفص جميعا . فهاجر الفقهاء والعلماء ، والفنيون والمهنيون الى أركان الدنيا الأربعة حتى قيل ان السودان في كل مكان .

هذا هو الذي احدث التناقض الأول بين الشعب والحكومة ،وحينها آفاق من الصاعقتان الرعدية والكهربية ،وتساءل عن الحرية والديمقراطية وتساءل عن تلكم الفتاتين الجميلتين مما تم التعدي عليهما ؟أهذه الجاهلية القرن السادس ؟ام القرن العشرين ولكنه يعلم انه سياتي يوما يجعل الولدان شيبا .فيعرف لمل كانت :اذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت .

عندما احكمت القبض داخل الخرطوم وكممت الافواح وقفلت أبواب التعاون الجماعي وكثرت السلاسل والزنازين وامتلات السجون بأهل الرأي والبصر والبصيرة .هاجر الناس أفواجا وجماعات ،وهاجرت معهم مبادئهم وعاداتهم وتقاليدهم ، وتياراتهم وتنظيماتهم ، واحزابهم السياسية وعلي رأسها التي كونت التجمع الوطني الديمقراطي .

اذا السؤال الذي يطرح نفسه من الذي كون التجمع الوطني الديمقراطي ؟ ومن الذي دفع التنظيمات لتكوينه ،؟وما دوره ومتي كان حيا ؟ومتي مات ؟ ومتي تم إعلان موته رسميا ؟ وهذا هو بيت القصيد القادم .

التجمع تحالف مواقف ونضالات شعب :

التجمع الوطني الديمقراطي الذي تبلورة فكرته في سجون الإنقاذ وبيوت الأشباح ؛ كنتيجة طبيعية للتحالف الذي كان قائما قبلها ، بين الاحزاب التي ميثاق الدفاع عن الديمقراطية .ولكن لان بعض الاحزاب لم ترق الي قدر من المسؤولية الوطنية وحجم التوقيع، جاءت الفكرة والاتفاق على تجمع عريض يضم كل المناوءين لنظام الانقاذ ، من حزب الامة والاتحادي والشيوعيون ومن أيدهم من أهل الرأي . وبدا التنفيذ من أهل الجمرة والعين الحمرة ، وهم الذين يتصدون دوما للقهر والاستبداد ، ويحملون الهموم الوطنية والمسؤولية الجماعية وهم المطالبون دوما بالحرية والقومية والديمقراطية بهمة وعبقرية . أولئك هم القدوة الوطنية .

تم التوقيع على ميثاق التجمع في 1990بين ممتلين لحزب الامة والاتحادي الديمقراطي والحركة الشعبية والفصائل التي كان يهمها أمر الوطن . حيث نشأت طفولته في القاهرة وباجتماع القوى الرئيسية إضافة الي الوطنيون والنقابات . لم يبلغ التجمع اشده إلا 1994حينما ساءت العلاقات بين الحكومة والجيران وخاصة إرتريا بمحاولة تصدير سياسة أوهام التوسع الاممي وتصدير الأيديولوجية الاسلاموية يدعم حركات وانقلابات ؛ فانقلب السحر على الساحر .

لقد هيأ سوء العلاقات بين حكومة الانقاذ الأولى وجيرانها المناخ للتجمع لتقوية صلاته بها ؛ فضلا عن تقوية الحركة الشعبية التحالف ويعد خروج الميرغني واعتماده لرئاسة التجمع حيث ترى الحركة الشعبية انه غطاء شمالي يمكن تحريكه والتأثير عليه متى شاءت لان هنالك حبل سري موجود هو اتفاقية الميرغني _ قرنق التي كانت نسخا لكوكادام بماكينات مصرية .

من العوامل التي ساهمت في تكوين التجمع الوضع الطارد وكبت الحريات في داخل السودان ولم تكتف الحكومة بملاحقة معارضيها وتضيق الخناق عليهم ، وانما حاولت البطش بتجمع الداخل ومحاصرة السيد الصادق في منابره ومنزله . وزادت على ذلك توظيف جماعات وجواسيس وعملاء من دول خارجية لاسكات الصوت المعارض داخليا وخارجيا . وزاد الطين بله إنها حاولت صب الزيت على النار بالتساهل مع المتامرين لمحاولة اغتيال حسني مبارك في 1995 وتفجير برج التجارة في 1994؛ففرطت الحبل في عنقها وجر عليها ذلك تحالف إقليمي ودولي . فاصيبت بالهوس والجنون ففرضت الضرائب الباهظة و الجهاد علي جنوب الوادي متناسية إنها حرب مظالم ومتجاهلة وجود مسلمين في الجنوب وتنظيم الحركة وان للجاد مفهوما أخرا وضوابط فيه وهوامش اجتهادية يعلمها الراسخون في العلم. ونمت الطفيلية التجارية فاحدث ذلك اضطرابات طلابية وشعبية في مناطق عديدة وبرز الطرف في الجوامع باغتيالات ومتكفات ومهاترات لم يجعل اله بها من سلطان فأرسلت أجهزت الجبهة الخاصة فهود ونمور وقطط سمان ذات المخالب والشوارب لخدش الجلود والخدود . وربما احدث ذلك رعبا ورهبا لحكومات الجيران فسلطت عليها عناصر بوليسية ذات عيون مجهرية وعدسات خفية كاشفة مخططاتها التامرية واجندتها الخفية والأممية .

لقد تهيا للتجمع الجو وبدأ تصعيد النضال العسكري المسلح والسياسي والدبلوماسي والشعبي في الداخل والخارج وظهر النضال اكتر ضراوة في الجبهة الشرقية حيث تركزت مؤسسات التجمع الحديثة في إريتريا؛ حيت كان الدكتور الشهيد عمر نور الدائم المحور الاساسي الذي لعب دورا بارزا في النضال السياسي ابتداء من اتفاقية شقدوم بالتعاون مع السيد مبارك الفاضل المهدي . ان التوازنات التي كانت في التجمع هي مرآة للطبيعة النضالية وتماسك لشرعية الديمقراطية الثالثة ولكن لان التجمع كون في ظروف قاهرة وحرجة وباعتماد 11 فصيلا فقط لم تمثل فيه كثيرا من الفصائل ولم تكن هيكليته لتواكب المرحلة لتبدا مرحلة الجدية والمحاسبة وتثبيت الركائز بعقد موتر اسمرا للقضايا المصيرية في يونيو 1995لتؤكد علي ميلاد التجمع بشهادة تسنين .

التجمع الوطني الديمقراطي شباب وفتوة :

ان مرحلة الشباب والفتوة للتجمع الوطني الديمقراطي برزت في عام 1996 بعد محاصرة الحكومة يا جندتها الشمولية واحتلال الحركة الشعبية لمواقع كثيرة في الجنوب واستيلاء فصائل التجمع للكرمك وقيسان وبض قرى الشرق وصارت كل الجبهات ملتهبة بما فيها الداخل ومحرقة وطاردة . ومع ظهور الفضائيات وثورة الاتصالات انكشفت كل الأقنعة التي كانت يتغطى بها المتنطعون والمتشدقون فانكشف حقوق الإنسان للمنظمات والأمم المتحدة ، فأضحت المبررات متوفرة لإسقاط الحكومة وادعاءاتها وتغيير النظام . زادت حيوية ونشاط التجمع وبروز قوته يعد خروج السيد الصادق المهدي في عملية تهتدون في 11نوفمبر 1996 والتي كانت حدثا مدويا في الأوساط السودانية والأفريقية والعربية والإسلامية . فكانت هجرت سيدته صفعة أمنية للنظام شككته بنفسه . وعلي درجة عالية من التخطيط والتكتيك قل ما تتوفر لدولة من دول العالم الثالث ؛ ليجرد النظام لأي مفهوم للرهينة على تعبير المهدي نفسه .

وبعد ذلك زادت قوة التجمع وتقدمت وتيرة المقاومة العسكري ة والسياسية والدبلوماسية . وكثرت اللقاءات والمحا ضارت والمبادرات بالمراكز الحكومية والدوائر الإقليمية والدولية والأوساط الشعبية السودانية . وذلك لان السيد الصادق المهدي كان رئيسا لحكومة ديمقراطية منتخبة ، وثانيا يتمتع سمعة وعلاقات إقليمية ودولية جيدة في أوساط العربية والإسلامية والأوربية . وساعدة في ذلك نهجه واجتهاده المعروف في الوسطية والاعتدال وفي الإصلاح الفكري والديني والسياسي بتدرج وتجرد ؛ بديمقراطية تحررية وحكمة مروية . بعيدا عن التيعية والانكفائية ومبتعدة عن المزايدات والمهاترات ؛ والموالاة والمغالاة ؛ بأصالة ومعاصرة .

هذا النهج كان يوغر صدر بعض الأجنحة في الدارة الأمريكية ففضلت التعامل مع الاستعداد والشمولية لمصلحتها وهذا هو الذي فرخ لها أعداء من تحت أرجلها بلغ ذروته في أحداث 11/9/2001 والتي بدأت تسدد فواتيره كونداليزا رايس من خلال تصريحاتها وزيارتها الأخيرة لمصر والسعودية .

لقد أصيب التجمع بالغرور والخيلاء والكبر عندما أغدقت عليه المعونات وانهالت عليه المساعدات من كل صوب وحدب ، وكثر الزاد والعتاد ، وامتلات البطون وكبرت العيون ؛ وبدأ التوهم بان نفس التركيبة ستنصب نيابة عن الشعب ونسوا بأن لانياية عن الشعب والتمثيل تدجيل ولاديقراطية بدون مؤتمرات شعبية واللجان في كل مكان .

ان عدم انتباه قيادات التجمع لهيكليته وميثاقه ومدى تمثيله لكل الشرائح المعارضة جعل منه محل سخرية من الشعب والمراقبين السياسيين وأرجوحة في يد الحركة الشعبية وألعوبة في يد الحكومة واضحوكة للصحافة الإلكترونية والفضائيات الإعلامية ، فلم ينتبه للمستجدات والمتغيرات ويدا يبلغ نهاية الكهولة وخاصة عندما بدأ النظام بتطبيق مقررات اسمرا ويقر بمبدأ الحريات ويسمح بهامش من الحرية ويغير من خطابه الخارجي الذي اتجه إلى الاعتدال . ولمم يحافظ على مواقعه الذي احتلها واهتزت قناعة الشعب به وبأت كثيرا من الدول التنظيمات السياسية تتراخى عنه وتتخلى عن طريقته السلحفائية . وبعد التحسن النسبي في علاقات الحكومة مع مصر بدأت الحكومة المصرية في مغازلته مرة بعيون حوراء ومرة بعيون حولاء .

التجمع الوطني الديمقراطي نجاحات واخفاقات : -

لقد نجح التجمع الوطني الديمقراطي في بعض الأشياء واخفق في بعضها لقد نجح في الآتي :

أولا : إصدار مقررات اسمرا للقضايا المصيرية يونيو 1995 والتي وضعت حدا لكثير من النقاط التي كانت عالقة منذ الاستقلال ، حيث استغلت من بعض التيارات للتشويش في آذان واذهان الشعب وزعزعت استقراره . مثل جدلية الدين والدولة ، والدين والسياسة . ونظام الحكم والديمقراطية والحريات الأساسية والدستور ر والتعددية الثقافية والتعايش بين الأديان والثقافات والفترة الانتقالية وحق تقرير المصير للجنوب .

ثانيا : لقد نجح التجمع في تعرية النظام آنذاك وكشف أباطيله وادعاءاته في الحرية ، والوعود الذهبية في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وكذلك مسألة السلام من الداخل والذي قرر اغلب رصفائه وقياداته الفرار والتكرار والطيران واللف والدوران وقالت لي حرية لا تشترى بالذهب .

ثالثا : دحض زيف الأفكار الوصولية والغمامات السياسية التي كانت تمطر في تلال الحركة الاسلاموية ومراكز القرار في حكومة الانقاذ الأولى . كما نجحت جولات السيد الصادق المهدي ومحاضراته ومناظراته في دبي والقاهرة وطرابلس وبريطانيا ولقاءاته ومناظرته في الفضائيات في الكشف علي الافكار الهدامة ، والانكفائية وزيف مقالات التييار الاسلاموي ،فضلا عن ابطال مفعول فكر ه الذي حبس الشعب وقدر جسدهم من النهوض وتخلفه عن مصيرته التنموية اضافة الي مقالات وكتي عمل علي تنظيف واجلاء القشور التي احدثتها الشتهات الصوفية والاخوانية ،والشذاية الجهوية التي كانت تتعلق بديباجة الاسلام الناصعة وتم ابطال حجج المتحججين والمتدثرين بسماحة الاسلام وانسانيته في كل الشئون التي تحتمل التأويل والتفسير وفقا لمقاصد الشريعة في الاقتصاد ونظام الدولة والسلطة والنظام المصرفي والمالي والعلاقات بين الاديان والملل الاخري وفقا لتأصيل القران والحديث بما لا يتعارض وروح العصر .

ولكن التجمع رغم النجاحات التي حققها في فترة صباه وشبا به قد فشل واخفق في الاتي :

اولا:تربية اماني اوطموحات الشعب السوداني ياسقاط النظام بأنتفاضة شعبية في وقت مبكر واعادة الحياة الديمقراطية قبل وصول الامور الي ذروتها وبلوغ الروح الحناجر في عام 1998م في عام الضرية والغرقة .

ثانيا :فشل التجمع في توسيع قاعدة المشاركة بكل معاونيه وتمثيل الفصائل المناوئة للحكومة في الغرب والشرق والجنوب ،وبدلا من ان يحافظ على الائتلاف ويتجنب الخلاف بدا في نبش القبور واخراج الجذور بالعض علي الشموليةوتهميش قاعدة المناطق المهمشة فشدد قبضته علي قمة هرم السلطة متجاهلا الهيكلية الوسطي والقاعدية فآل الي الترهل والتفكك والسقوط ،مما جعل كثيرا من المعارضين والحركات الثورية ان تاخذ خيارات بديلة عنه .

ثالثا : فشله في الاصلاح المؤسسس لهياكل التجمع وضعف تنفيذة لقواعد الديمقراطية والتي من المفترض ان يكون فيها قدوة للشعي الذي يسعى للتحدث باسمه . كما فشل في اصلاح ميثاق التجمع الذي يقر باتخاذ القرارات بأغلبية الفصائل ؛ وهذا يجعل من الصعب تحقيق ذلك في ظل التباين السياسي والثقافي واختلاف المرجعيات الفكرية التي ترجح مصالح مختلفة لاغلي الاجزاب المؤتلفة ، لانها متناقضة في وسائل الاسقاط وهذا ما عطل مسيرة الاصلاح المؤسسي ردحا من الزمن . لقد اشار الي ذلك الا ستاذ السيد عبد الرسول النور في مذكرته التي القاها في القاهرة في اغسطس 1998 اصلاح الحال أو البكاء على الاطلال . يعني ضرورة الاصلاح الديمقراطي للتجمع او سوف يغرق في بحيرة فكتوريا اويتحجر في جبال ارتريا او يتحنط في اهرامات الجيزة .

لقد دخل الشأن السوداني مرحلة جديدة بعد التوقيع على مبادئ الايقاد و حق تقرير المصير للجنوب واقرار قوانين علمانية بحكم الحركة الشعبية واسلامية بحكم المؤتمر الوطني في الشمال ونتيجة لتعقيدات المشكلة السودانية وصراع الاجندات ما بين التيارات الداعمة للشمولية والداعمة للديمقراطية اصبح من الصعب التكهن بمصير السودان ووحينئذ دخل مرحلة قد تؤدي الى تمزفة وتفتته وخافت مصر على امنها القومي والاستراتيجي الذي تمتله دول حوض النيل والسودان جزء لايتجزأ منه لذلك سعت لمبادرة وفاقية ولكنها تشك او تخاف في قدرة التجمع لتحمل المسؤو لية التاريخية .

التجمع والمبادرة المشتركة :

يادرت مصر بوفاق بين المعارضة والحكومة ولكنها فشلت يترددها مابين التعامل مع النظام وايجاد بديلاله وهذا ما كشف عن نواياها عندما اغلق الرئيس البشير البرلمان في اجراءات 4رمضان 1998 وعندما زاروفدا رفيع المستوى يضم كلا من عمرو موسى وفاروق الباز ولكن تضارب المصالح المصرية والقومية ومصلحة الشعب السوداني جعل المبادرة المصرية تتراخى وتتأخر عن التقدم .

بادرة ليبببا باكمال مشوار الوفاق الوطني السوداني /السوداني وخاصة في ظل استراتيجيتها الافريقية الجديدة بعد فشل مشروع الوحدة العربية ونجاحها في حل مشكلة لوكربي ونجاح الزعماء الافارقة في كسر طوق العزلة والحصار زادت الزعيم الليبي والاممي اعجابا بافريقيا السمراء ,، ولا عجب انه كانت تربطه علاقات وطيدة في السبعينيات والثمانينيات حيث كان يدعم حركات التحررالافريقية وعلى رأسها المؤتمر الوطني الافريقي الذي كان يتزعمه المناضل نيلسون مانديلا في جنوب افريقيا ابان فترة الفصل العنصري . وجون قرنغ زعيم الحركة الشعبية والجيش الشعبي اتحرير السودان والانصاروحزب الامة بقيادة السيد الصادق المهدي . ولاغرو ان تقوم ليبيا الجماهيرية بدعوة كافة الاطراف السودانية المتحاربة والمتصارعة لسماع رايها .

فكرت ليبيا بالتعاون مع جزب الامة بقيادة الصادق المهدي حيث تريطه علافات تارخبة وفكرية جيدة مع الزعيم الليبي منذ عام 1972 والتي توجت يالانتفاضة الشعبية المسلحة في 2/يوليو 1976 ضد نظام المخلوع جعفر النميري . وبعد ان حضرة كل الفصائل بجهد وكد مضنيين ، تم التوقيع على اعلان طرابلس في 2/8 / 1998. حيث لعبت اللجان الثورية والسيدة احسان كزام والاخ سليمان الشحومي دورا بارزا وجهدا مقدرا في اخراج هذا الفصل للمشاهدين . حيث تري المبادرة ضرورة توازن عربي افريقي واسلامي واخذ الحق للفصائل والاحزاب ومشاركتها في السلطة والثروة والسلاح وان المشكلة ليست مشكلة جنوب السودان وانما عموم السودان بما في ذلك الغرب ( كردفان ودارفور ) والشرق والوسط . ان اللجنة الخماسية والتي فيها رئيس التجمع محمد عثمان المرغني والصادق المهدي وجون قرنق ودريج وفاروق ابو عيسى لم تفلح في اقناع التجمع ياختيار لجنة فنبة خماسية لتحديد مكان وزمان الحوار وماالذي يتم مناقشتة وذلك لتنصل حون قرتق منها على رغم التوقيع وتراخي رئيس التجمع ومماطلتلة واظهار الجدية في الاقات المناسبة وعدم تحمس بعض الفصائل الشيوعية التي جذبها الصراع الاثني . وفي ذاك الوقت نجحت الحكومة في اختيار اللجنة الفنية على الاقل تسمية ثلاثة اعضاء وهذا ما جعل الشعب السوداني والدوائر الاقليمية تري في التجمع عدم الجدية والمسؤولية والحكومة فيها قدر ا كبيرا من المصداقية في الوقت الذي انفرجت فيه العلاقات الخارجية وبدأ الخطاب السياسي الحكومي معتدلا .

ان تنصل بعض فصائل التجمع عن اعلان طرابلس وتراخي البعض الاخر وعدم تحمس مصر بالدرجة المطلوية والمناسبة مع حجمها السياسي ودورها القومي جعل المبادرة المشتركة تتاخر عن الايقاد .

ليبيا بقيادة القائد معمر الذافي كانت مؤهلة للمساهمة في حل المشكلة السودانية اكثر من مصر وخاصة بعد حل مشكلة لوكربي وظهور فكرة الاتحاد الافريقي وذلك لانها :

اولا : تمثل احدى جارات السودان التسع وتربطها مع السودان الدين و الثقافة ووحدة المصير الافريقي والكفاح المشترك .

ثانيا : تداخل التركيبة الاجتماعية مثل القبائل والاسر المشتركة والطرق الصوفية والحركات السياسية للدول المجاورة ، لها وجود كبير في ليبيا لانها تمثل مثاية تحررية وملجأ للثوار الافارقة .

ثالثا : ترتبط ليبيا مع الحكومة عن طريق علاقات دبلوماسية رفيعة وعن طريق التكامل ، وعن طريق تجمع دول الساحل والصحراء ولها علاقات مع حزب الامة والحركة الشعبية . سعت ليبيا تكرارا ومرارا لتقدم المبادرة ولكن عدم دعم المبادرة ماليا ودبلوماسياورفع كفاءتها دوليا بسكرتاريا ودول الثقل الافريقي جعل الايقاد تتقدم عليها رغم التنسيق لان الصمت العربي الموات والعصا الامريكية الغليظة ؛ جعل المبادرة تدخل الحجر الصحي.

التجمع وصراع القرارات والمرارات

بعداعلان طرابلس بستة اشهر ظهرت بوادر تلوح على الافق بشأن تنفيس المبادرة المشتركة ، وفعلايدأت في الضمور ، والتنصل منها وخاصة الفصائل التي ترى ان أى حل في تلك الظروف سيعرض مصيرها السياسي للزوال من الساحة وبالتالي الافضل لها التمسك بما هو عليه وخاصة شجيرات التجمع ، مع ان الايقاد اكتفت بالتنسيق فقط مع المبادرة المشتركة في الوقت الذي طرح فيه التكامل والدمج . وفي ظل معارضة التجمع للحكومة وتباطئ الحل السياسي حدثت بعض القرارات ووجهت يمرارات من جهات شتى .

اولا قرار لقاء جنيف بين المهدي -والترابي :

جاء هذا القرار في مايو 1999 ليس عن طريق الصدفة وانما كنتيجة لقراءة الاحداث السياسية من القيادتين وبلوغ الشئون الوطنية والانسانية درجة من الخطورة والوعورة واصبح من السهل تدخل اجنيي مباشر ، والشعب يعاني من ماسي الحرب في الجنوب والشرق ، وتدني الخدمات وتدهور صحة والانسان والبيئة وتخلف النظام الاجتماعي . وعندما تم اللقاء بوساطة مسؤول سوداني في الامم المتحدة باعتبار ان السيد الصادق صاحب شرعية ديمقراطية منتخبة والترابي رئيس مجلس وطني لحكومة الانقاذ الثانية . تم الاتفاق على حل سيأسى بدل الحل العسكري ، وفتح الحريات والتعددية للاحزاب و اقرار دستور مستفتى عليه للبلاد ، وان تلتقي الاطراف السودانية المتصارعة في مؤتمر قومي جامع لحل كافة القضايا السياسية العالقة .

واجه هذا اللقاء مرارات عديدة حيث فسر ت فصائل في الحكومة ذات مصالح ضيقة اللقاء ؛دخول حزب الامة في السلطة واخرون القرار ضد الرئيس البشير . وفصائل في التجمع على ا ساس حل لصالح برنامج حزب الامة المتقارب مع الجبهة مع اصلاحات وبدات الفصائل في فتل الحبال والتمسك بعصاة السلطة ، امسك الشيوعيون علي اليد اليسرى لرئيس التجمع وبالطنين على اذنيه والمصريون على اليد اليمنى ويدأ التجمع في ثبات وسبات ، واذا بحبالهم وعصيهم يخيل اليهم انها حية تسعي . ولا يفلح الساحر حيث اتى .

القرار الثاني : نداء الوطن :حدث هذا اللقاء بين الرئيس البشير ورئيس حزب الامة الصادق المهدي دعما للحل السياسي الشامل ورفعا لكفاءة السلام وتقويةليد المبادرة المشتركة وتلافيا للتدخلات الاجنبية فكانت الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والانسانية متردية ،والشعب السوداني يئن من وطئة الاستبداد والفقر والجهل والمرض ، وحومة الصقور الامريكية في الوقت الذي استبل اللقاء بترحيب في الاوساط الافريقية والعربية والاسلامية وفي الداخل حيث تنفس الشعب واشتم نسائم الحرية والديقراطية واجهه التجمع يالرفض والتشنج والمهاترات وكأن صاعقة قد حدثت ونتيجة لهذا التشنج العصبي انهارت احد اكبر اعمدة التجمع وانسحب حزب الامة من التجمع ملتزما يما وفعه في اسمرا وجيبوتي راجعا للوطن بكرامة وعزة وشموخ لا وصاية ولانكاية ولاتيعية لاحد واصبح التجمع في صولات وجولات بين مصحات اسمرة والقاهرة .

القرار الثالث : قرار الحكومة والحركة الشعبية بتوقيع بروتوكول مشاكوس

توقيع بروتوكل مشاكوس في 20/7/2002 بمبادرة أمريكية دعمت الإيقاد بمساعدة من شركاء الإيقاد ، وذلك لأن مبادرة الإيقاد تلكأت ، وتأخرت المبادرة المشتركة فلم تستطع المبادرتان إقناع الشعب السوداني وفي ظل تردى الأوضاع الإنسانية وحصار الأمركان للحكومة بعد أحداث 11/9/ 2001 ، ومحاصرة الحركة الشعبية دبلوماسياً وإعلامياً نزلت الصقور الأمريكية في تلال وسط وشرق أفريقيا لرقابة فريستها وأخذ قسمتها من السلطة والثروة، وبدأت تتوالي البروتوكولات حيث صارت ستة وهي بروتوكول مشاكوس 20/7 فيه المبادئ والعملية الانتقالية وفترتها ، والحق في تقرير المصير للجنوب ، أما البروتوكول الثاني هو إتفاق الترتيبات الأمنية سبتمبر 2003 حيث يحدد وضعية القوتين المسلحتين للحكومة والحركة الشعبية والثالث اتفاق قسمة الثروة ، يناير 2004 حيث يحدد قسمة بعض المواد بما فيها البترول وملكية الأرض والإيرادات غير النفطية والنقد وسياسة المصارف أما البروتوكول الرابع مايو 2004 هو اتفاق قسمة السلطة حيث تكون هنالك سلطات تشريعية وتنفيذية ، التشريعية بمجلسين ، مجلس وطني ومجلس آخر للولايات والاختصاصات المتعلقة بهما والخامس بروتوكول نزاع أبي ياي وبرتوكول جنوب كردفان والنيل الأزرق.

البروتوكولات صار فيها لغط وانتقادات جمة وأهم المرارات التي تمت فيها أنها تمت بين طرفين حكومة المؤتمر الوطني وحلفاءه والحركة الشعبية فقط مما أتاح الفرصة لنقدها من قبل الحركات والأحزاب السياسية مثل حزب الأمة والمؤتمر الشعبي ، إنتقادات موثقة بينت مناطق الضعف الوطني وخطورة تركها هكذا والمرارات الأخرى بعد أن كانت الحركة الشعبية في لب التجمع أدارت له ظهرها بعدم إشراكه أصبحت المتحدث الرسمي بإسمه هذا بدوره أدي إلى تفجير الأوضاع في دار فور بعد أن كانت جزء من الفصائل التي كانت مع الحركة الشعبية وتم تهميشها أثناء المفاوضات الفصيلة التي كان يتزعمها عمر عبد الرحمن وتهيجت الجبهة الشرقية بعد أن تم قفل الباب على وجهها من قبل التجمع والحركة الشعبية حركة موجية من الأسود الحرة والبجة والحلفاويين سكان حلفا الجديدة الذين هجروا قسراً وظلماً دونما حقوق.

وأصبح التجمع مثل دورات الريح بلا اتجاه ومثل راكوبة الخريف لا تحمي من الحر ولا المطر مما أضطره بأن يحمي نفسه بين صقور نيفاشا ونمور الإنقاذ فضاع بين غابات الحركة الشعبية ، ومشاريع المؤتمر الوطني ، خوفا من سخرية الشعب الذي ينظر اليه خربة وفرجة .

القرار الرابع : هو قرار اتفاق القاهرة يوم 18/6/2005 ف بين حكومة الانقاذ والتجمع الوطني الديمقراطي ، بمساعدة الحركة الشعبية ، ولكن بعد ان حان وقت قسمة السلطة والثروة وتشكيل الحكومة في 9/7/2005 مد التجمع يده ليرفع الدستور الذي تمت المصادقة علية من قبل البرلمان فقط وهذا جزء من من العملية الكلية في الوقت الذي قال في السيد الصادق بضرورة بعض الملاحظات والمصادقة من الشعب وقال الترابي الدستور تقره جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب ويستفتي فيه الشعب كله بالإجماع. وهذا التجمع وصل مرحلة الشيخوخة حيث لم يضف هذا الاتفاق جديداً على الرغم من أنهم قالوا جاء برد الممتلكات وعدم مصادرتها مرة أخرى ومنع التعذيب وفصل السلطة القضائية وهذه أشياء بديهية لا جديد فيها وحتى حلفائهم من الشيوعيين بعد خروج نقد من حفرة الخفاء والاختفاء قال إن هذا الاتفاق جاء ضعيفاً لذلك ظهرت المراوغات واحتمالات وعدم الاحتمالات بالمشاركة في السلطة . فإتفاق جدة الإطارى لم يكن سوء الدرب الأخير وملطف جو لبروتوكولات الاتفاق الثنائي ونتيجة لتجاهل البجة والأسود الحرة خرجت في ملحمات لتؤكد ولتصطاد فريستها في غابات الشرق وجبال توتيل والبحر الأحمر وتحمي نصيبها من السلطة والثروة.

فبعض مرارات الفصائل والحركات في التجمع تعمدت وتعودت على وضع الأشواك علي الدروب وتسميم الأجواء وتلغيم الطرقات ووخذ الأجسام بالإبر السامة فأخرت الحل السياسي ردحاً من الزمن إن الذين مازالوا على ذهنيتهم الاقصائية كما حدثت للبجة والأسود الحرة لازالت الديمقراطية تشك في قدرتهم على تحملها، وأن الشعب يشعر بأنه قد أذيق الويل وتعطيل المبادرات بالمناورات والأهداف الشخصية فالتاريخ يسطر ويسجل في اللوح الوطني واللوح المحفوظ ، من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وماربك بظلام للعبيد . وإن اللذين شربوا من حليب الناقة وفضلوا الجاموس أو بقرة المسيسبي يسعلمون عاجلاً أم آجلاً حكمة الناقة وكرامتها وعزتها وأن حليبها قو الأقوى والأنفع وأنها مبروكة من لدون سيدنا صالح على سيدنا محمد ( صلي الله عليه وسلم ) حيث سارت وبركت في بقعة الروضتين ، وسارت على سكتها ناقة العفاف فبركت في البقعة المباركة قرب النيلين.

أدى التهميش المباشر للأحزاب السياسية وفصائل دار فور والشرق إلى أزمة ثقة بين شعوب تلك المناطق والحكومة المركزية ، إضافة إلى خط سير الحركة الشعبية الغير مظمئن ، وخطابها المزدوج الذي تعودت عليه دائماً والمطلوب منهما توحيد الخطاب الوطني وتطويعه لمصلحة الشعب والوحدة الوطنية والتنازل عن شمولية الحزب ودكتاتورية التنظيم ، وذهنية الإقصاء والرضاء بمتطلبات الشعب وفكرة الدولة الحديثة الراشدة والوطنية المدنية ، الديمقراطية العصرية.

هنالك بعض الشرارات الإيثينية والاحتقانات السرطانية قد أصيب بها الشعب السوداني متأثراً بمناطق النزاعات بواسطة تيرات وحركات وأحزاب هدفها تفتيت البنية الاجتماعية وضرب الوحدة الوطنية وشل اللقاح الثقافي في السودان بشتي السبل ومختلف الوسائل فتم تنظيم ميادين لسفك الدماء وزعزعت الأمن والاستقرار وتم ضرب الدفوف وقرع الأجراس من قبل منظمات ودوائر غربية فوجدت وكلاء استطاعوا أن يؤسسوا مراكز تجارية وإعلامية مستخدمين فيها المواطن البسيط كمادة جاهزة للأهداف الأوروبية والاستراتيجيات الغربية وساعد ذلك الفرصة التي أتيحت من قبل ذوي النفوس الضعيفة ، وهم من وطننا وملتنا يعيشون على جبال من الوهم وقيزان من السجم لحصد سراب التلفيق من مزارع العمالة والدكتاتورية بحيث يتم طمث هويته ، وخدش حيائه ، بحقنه بكلمات وثقافات يستحي أن يصغي إليها الشعب السوداني أو ينطق بها بفطرته ، وبطهارة قلبه وعفة لسانه والأخطر من ذلك الشبكات التي تروج للكراهية الأثنية والفرز الاجتماعي إنما هؤلاء سواء أن كانوا أفراداً أو جماعات أو تيارات أو أحزاب ينبغي محاربتهم بعصبة ثقافية وقاعدة اجتماعية صلبة لتفويت الفرصة عليهم فهؤلاء هدفهم ضرب أسوار من النزاعات العصبوية ويروجوا للفكرة الصهيوأمريكية ليبيعوا كرامة الوطن بثمن بخس في أسواق النخاسا الأجنبية متناسين سماحة الإسلام ودعوته لحقوق الإنسان ، وتعايش وتسامح أهل السودان علي مدى الأزمان.

وشعب مؤمن حرٌ على الأهوال صبار *** أخو بأس أخو كرمٍ ففيه الماء والنار

وديع في شمائله عزيز فوق واديه *** يسالم من يسالمه ويرض من يعاديه

جراحة الشعب والأمل في الشفاء :

الشعب السوداني الأبي ، جرح كثيراً في الكرامة والإنسانية ، والحرية ، والحياة وتعرض للخدش من قبل أحزابه الشمولية والبطش من مؤسساته النظامية .

جُرح من قبل الحكم التركي المصري بنهب أمواله ورجاله وفي ابي قير وكورتي وحملات الدفتردار الانتقامية في كردفان . وجرح من قبل الحكم الثنائي المصري الإنجليزي وفي كرري 2/9/ 1898 والشكابة وأم دبيكرات وخدش في عام 1908 و 1924 و1916 وفي ماس 1953 وفي أغسطس 55 وجرح في الدكتاتورية الأولي والثانية وفي أبا وود نوباوي مارس 70 و2 يوليو 76 وجرح عام 1983 بقوانين العدالة الناجزة وجرح في يونيو 1989. فالتحالف الثنائي الماثل الآن والذي نتوقع حدوثه بعد أيام قليلة فيه أطباء وجراحون ماهرون عندما تم الإعلان لتشكيل لجنة وضع مسودة دستور انتقالي لتقاسم السلطة والثروة ودخل أعضاء الحركة الشعبية وجلسوا مع أعضاء الحكومة ثمة خلاف بينهم والقوى الوطنية الأخرى أحزاب في الداخل وأخرى في الخارج التجمع متذبذب بين هؤلاء وهؤلاء . فالحركة الشعبية والحكومة ترى وضع الدستور بنفس تركيبة اتفاقيات نيفاشا وحزب الأمة وأحزاب أخرى ترى ضرورة توسيع المشاركة بحيث تضمن قومية الحلول والمصادقة على الدستور في مؤتمر قومي جامع لتأمين الديمقراطية والسلام لكن زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق الذي دخل البلاد في 8/يوليو 2005 تعتبر خطوة كبيرة ونقلة نوعية في الخطاب الوطني واستراتيجية في التركيبة السياسية وعلى الرغم من ذلك الشعب السوداني ينتظر الجديد من جون قرنق والآن هو في كفة الميزان . لأنه قد دخل في عمليات كبيرة وكثيرة كثير منها كانت ناجحة لصالح حركته والشعب ولكن بعض آثارها باقية. فالعملية الأولي كانت ناجحة منذ 83 في عهد نميرى عندما اشترك مع الشعب في الإطاحة بنميرى وحدوث الانتفاضة في 85 والعملية الثانية كانت في عهد الديقراطية الثالثة عندما وقع على اتفاقية كوكادام كانت ناجحة ولكن آثارها في يونيو ويوليو كانت دامية بسقوط الطائرة المدنية والثالثة حينما كانت العملية للتجمع في القلب والرئتين فلم يكملها فتخلي عنها ليسافر إلى دراسة عملية الزمالة في واشنطن فكان التجمع آنذاك في غرفة الإنعاش وصار جون قرنق متنقلاً بين كينيا ونيروبي واسمرا والقاهرة وجرح التجمع ينزف من آلام الجراحة والرابعة كانت في القاهرة استخدم فيها الليزر ليبث الأمل والحياة في التجمع الجريح في مستشفيات مصرية وفي غرفة عمليات القاهرة بمساعدة أطباء من سلالة رمسيس تفننون في فنون التحنيط وترميم الآثار وتلوينها وتجميلها في مزينات نفرتيتي. أما العملية الأخيرة هي العملية الكبرى والتي بدأت بدخوله إلى الخرطوم واستقباله في دار المؤتمر الوطني والساحة الخضراء والتي بدأت ولم تنتهي حتى الآن والمطلوب إما أن يثبت جون قرنق مهارته باستعمال تقنيات حديثة أنتجتها العقول الأمريكية والبريطانية في الحرية والديمقراطية وبناء الإنسان في دولة الرعاية الاجتماعية والرفاهية الحديثة. أن تكون هذه العملية في مستشفيات السودان برعاية خبراء سودانيون وإما أن يترك الشعب لأطباء قليلي الخبر من جامعات الإنقاذ الثلاثة فتفشل العملية ويموت الشعب بآثار الجراحات والعمليات القديمة وبالتالي لابد من الاستعانة بخبراء درسوا في جامعة أمدرمان وتدربوا في منظمات ومدرسة الشعب.

وفي يوم 18/6/ 2005 أعلن التوقيع بين التجمع والحكومة بحيث يضمن لهم مشاركة ضعيفة في السلطة والثروة والدستور وهذا الإعلان بواسطة الطبيب الشرعي إنما هو الإعلان عن الوفاة وتوقيع شهادة الموت على الرغم من أن رئيس التجمع أعلن ليس بالضرورة المشاركة في السلطة بعد أن سمع انتقادات نقد الذي كان مقبوراً 14 سنة حتى ظننا أنه توفي ولكنه خرج كشبح القرن العشرين ونسي أننا في القرن الحادي والعشرين ولكننا لم نتأكد منه هل هو نقد القديم أم نقد جديد في ظل السودان الجديد والذي بقيت ظلاله وشبحه في التجمع ولذلك فهل هو تخلي عن الكفن القديم وجاء بثوب من نسيج سوداني ؟؟؟؟. وهل رئيس التجمع جاء أيضا بثوب سوداني أم ثوب آخر وخاصة عندما رحب بدخول قوات مصرية ، والكل يعلم حساسية الشعب السوداني تجاه القوات المصرية حتى لو جاءت لحفظ السلام فالكثير يشك بأنها جاءت لترجيح كفة الموازين وذات أجندة استخباراتية خفية .

ونحن نعتقد أن الاتفاق لا يضيف جديداً أكثر من مرجعيات اسمرة ومشاكوس اللهم إلا الوفاق والجنوح للسلام والذي نتمناه أن يكون شاملاً وعادلاً . لأن نائب الرئيس على عثمان طه وهو شريك الطبيب الشرعي قد لاحظ في وقت مبكر أنه قد غمضت العينين واسبل الخدين ، وبذكائه وفطنته ومكره وخداعه اللذين عرف بهما فهو مساعد طبي عندما تدرب وتدرج في مدارس ومعاهد الجبهة الإسلامية وحضر عمليات جراحية كبيرة وناجحة أيام الديمقراطية الثالثة وبرز فيها حيث دخل جامعات الانقاذ وتخرج منها بمرتبة الشرف فكان الطالب الذي غالط أستاذه والحوار الذي فات شيخه ولكن الانقاذ أوفدته بمنحة إلى جامعات واشنطن حيث نال فيها شهادة السلام الثنائي بتذكية من البنتاغون . فلا غروة أن يرشح لمنافسة شهادة القاهرة والتي تكرمت قناة الجزيرة مباشر بالإعلان عنها نحمد الله ونشكر فنييها حيث أنها أحدثت لنا نقلة نوعية في الإعلام العربي والإسلامي وتفننت في كشف الحقيقة مجردة ونقية غير ملوثة بأدران الدكتاتورية والاستبداد.

وتسائل الشعب السوداني عن موت التجمع بجناحية الداخلي والخارجي بعد أن أصبح الاتحادث ( الميرغني ) ولفيف من الشيوعيون أعضاء التجمع هم الذين قبلوا بين غابات الحركة الشعبية ومشاريع المؤتمر الوطني المهددة بالخصخصة واي اسم جديد هو اسم على مسمي . تسائل الشعب السوداني عن الميت متي سيقام مآتمه بصورة رسمية وهل سيقام له نصب تذكاري أم تمثال كتمثال ماركوس ولينين ؟؟ أم يتنحط مع تحتمس ورمسيس ويدفن في مقابر الفرعون ولكن من المؤكد أن المأتم سيشهده ويحضره نفر من السودانيين . ولكن لا نعلم في قصر الشعب أم قصر النيلين ومن سيحضره أهل الحارة 52 أم 28 أم الحارة 14 التي مازالت في التخطيط العشوائي وهذا ما ستكشفه الأيام والأيام دول والساقية مدورة !!!.

وفي الختام نتمني أن تكون دعوة الشعب صائبه بأن لا يكون موت التجمع حقيقياً أو بايلوجياً وإنما تكون غيبوبة طويلة أي نومة طويلة نومة أخت الموت والعترة بتصلح المشية والسايقة واصلة والفات مات والمضي لا يعاد ونتمني أن يأتي اليوم الذي يحشر فيه الناس ضحي ، يوم تشخص فيه الأبصار وينتصر فيه الشعب ، أنصار الحق والفضيلة أنصار الشورى والديمقراطية ، أنصار المدنية والحرية ، أنصار رسالة الهدى . وتعلو فيه رآيات الحق على الضلال ، والخير على الشر يوم تظهر فيه الحقيقة وتنكشف فيه الحقائق وتعلوا فيه الموازين بالقسط. يوم يفر فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه وفصيلته التي تؤويه .

ونتمني اليوم الذي يسود فيه التعايش السلمي بين بني الإنسان ، وبين الأديان ، وتعمر فيه حدائق وجنان السودان ، ويسرح فيه الذئب مع الضأن والأغنام ويلعب فيه القط مع الفئران والثعلب مع الدجاج والنعام وترفرف فيه رآيات الحرية والمحبة والسلام.



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved