25 أسيرا لدي قوات الجبهة ( 3أعضاء مجلس تشريعي، ملازم أول بالجيش، 19 جندي بالجيش و 2 من الشرطة)

محمد الزين، محامى و باحث في العلاقات الدولية بجامعة لندن

[email protected]

تقسم مناطق شرق السودان الى 3 ولايات (كسلا، القضارف، البحر الأحمر ) وعدد من المحافظات التي تنقص وتزيد علي أهواء قادة الحكم وتوازناتهم السياسية والجهوية ، ومنها علي سبيل المثال في ولاية كسلا ( القاش، همشكوريب، خشم القربة، حلفا) محافظات القضارف (القضارف، الفشقة، الفاو، القلابات، الحواتة) محافظات البحر الأحمر (بوتسودان، حلايب، سنكات، طوكر ). كما يضم شرق السودان بالاضافة الي السكان الاصليين قبائل من اصول عربية وغير عربية وهى علي سبيل المثال : البجا ، الرشايدة ، نظارة الشكرية، النوبيون ، البوادرة ، اللحويين ، الضبانية، المسلمة ، كنانة ،الكواهلة، فروع دار بكر ، أولاد بكر ، الفلاتة، البرنو، الهوسا، والبرقو، و بحكم الروابط والعلاقات الأزلية التى تربط ما بين كل القبائل التى تقطن الاقليم اصبح هنالك تقارب ثقافى ... إجتماعى .... إقتصادى.

الخريطة السياسية لجبهة شرق السودان :
مؤتمر البحا
عند احتدام النضال السياسى خلال الحقبة السياسية الاستعمارية التركية ـ البريطانية شارك سكان شرق السودان مع القوميات والقوى السياسية السودانية الاخري في النضال ضد الاستعمار، ولكنهم تفاجاوا بعد الاستقلال بحكومات وطنية تسيرها نخب سياسية وعسكرية تعمل على فرض واقع التهميش الثقافي والتنموي عليهم وعلي مناطق أخري من السودان ،فحصد أهل شرق السودان الفقر والجهل والمرض، وقال أحد الشعراء مستأءا من تفشي مرض السل في شرق السودان:

من لم يمت بالسل مات بغيره تعددت الاسباب والموت واحد

وإزاء هذا الوضع تبلورت الإرادة الجماعية لشعب شرق السودان في مقاومة الظلم الإجتماعي والإستبداد السياسى بقيام مؤتمرجماهيرى في أكتوبر 1958م وإلتفاف كل القوميات القاطنة الإقليم وبإجماع تام وبكل قواهم الإجتماعية والفئوية وطلائعهم النضالية وتمخض في ذلك المؤتمر الموسع والذى عقد في الفترة ما بين 11-13 اكتوبر 1958م ثم تبلور أسم تنظيم مؤتمر البجا الذى يعبر عن المطالب التالية:

الحكم اللامركزي، تصنيع المنطقة واستغلال معادنها، توفير المستشفيات والدواء، كل انواع المهن مهما كان نوعها حق مكتسب لسكان الإقليم، تنفيذ مشروع خشم القربة الزراعي ومياه الري للاراضى الزراعية، نشر التعليم وعدم نقل أبناء المنطقة من غير الناطقين بالعربية من المدرسين لضرورة اللغة وفهمهم للناس والمنطقة، اشراك نواب شرق السودان في التشكيل الوزارى كحق ثابت ينص عليه الدستور، اقامة مصنع النسيج بسواكن ومصنع زارئر بدرديب، تنفيذ هذه المطالب باسرع فرصة ممكنة.

وبالرغم من عدالة المطالب المرفوعة والتامين عليها من قبل السلطة وكل القوي السياسية السودانية الا أنه تم تجاهلها، وحتى المشروعات التى اقيمت مثل مشروع القربة نفذت لاسباب أخري تختص بإهتمامات أولويات السلطة المركزية وتعرض شعب شرق السودان وطليعته النضالية للتمزيق والإحتواء والإستقطاب ثم الهيمنة مما ادى الي الهاء سكان الإقليم عن قضاياهم الجوهرية لتمرير مخططات اتفقت عليها غالبية النخب المركزية مدنية أو عسكرية. .

الأسود الحرة السودانية

بعد الإنتهاكان الجسيمية لحقوق الإنسان والتى قتل فيها حوالى 570 في مناطق قبلية الرشايدة والناتجة من السياسات الإقتصادية والأمنية الحكومة الجبهة الإسلامية القومية بعد يونيو 1989م وتلك المضايقات في إستقرار الرشايدة في مناطقتهم التى أقاموا فيها منذ عام 1860م والتى تمثلت في مصادر أراضيهم وخاصة السكنية التى نالوا وفقا للقوانين السودانية وكذلك مصادره ممكتطاتهم المادية وخاصة سيارتهم ذات الدفع الرباعى بدون وجه حق أو وفقاَ لقانون أو قرار محكمة ، كذلك والإهمال في تنمية مناطقهم من النواحى الإجتماعية والثقافية والإقتصادية والإدارية مماجعل الرشايدة في تذمر من التخلف الناتج من أهمال الحكومات المركزية لقضاياهم ، وعندما رفعوا شعار المطالبة للمشاركة في السلطة والثروة واجهنهم السلطة بالقتل والتعذيب والمصادرة منذ عام 1990 خاصة بعد حرب الخليج الثانية ، مما جعل الرشايدة يتجهون الى للعمل السياسي فاسسوا تنظيم عسكري لاول مرة في تاريخهم باسم الاسود الحرة في الأول من يناير 1999م ووفقا لميثاقهم السياسي التي يقوم علي الاسس المبادئ التالية

(1) الله (2) الشعب (3) الوطن والارض (4) الحق (5) العدل (6) المساواة (7) الحرية (8) الديمقراطية (9) الثورة .

جبهة شرق السودان توحيد وترقية للعمل السياسي والعسكري

تم تأسيس جبهة شرق السودان في30 مارس 2005م، و تتكون من مؤتمر البجا والاسود الحرة السودانية ،برئاسة القائد موسي محمد أحمد (مؤتمر البجا), القائد مبروك مبارك سليم أمينا عاما (الأسود الحرة).

وكما أسلفت من قبل، فإن تنظيمي مؤتمر البجا المؤسس في 13 أكتوبر1958م والأسود الحرة السودانية المؤسس في اليوم/شهر1999م , وهما أعضاء في التجمع الوطنى الديمقراطى وكان يؤمنا بالحل السياسى الشامل المتفاوض عليه حسب إطروحات التجمع الوطنى الديمقراطى ومقرارات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995م. وما زال مقاتلي شرق السودان يؤمنون بالحل السياسي الشامل الجاد العادل والدائم، ولكن المعطيات وأسلوب النظام الساعى للحلول الجزئية وتمادى النظام في استخدام البطش والقهر وتزييف إرادة الأمة، أدى كل ذلك لترسيخ قناعة اطراف الهامش لمواجهة ذلك الصلف مما حدا بمؤتمر البجا بإنطلاقة الثورة البجاوية المسلحة في العاشر من ابريل في العام 1994م كاول تنظيم سياسى يعلن الكفاح المسلح في شرق السودان والتحق بهم تنظيم الاسود الحرة السودانية في عام 1999م معلناَ العمل العسكرى وهو مكون من أبناء الرشايدة في شرق السودان لتواصل الأهداف وحتمية الواقع السياسى بأفرازاته وتداعياته المتمثلة في تحول الصراع الفكرى الى صراع اقليمى في ظل هيمنة المركز على أقاليم الأطراف.

و بعد إتفاقية نيفاشا ديسمبر 2004م بين الحركة الشعبية لتحرير السودان ونظام الخرطوم، أعتبر فتح باب للحقوق الأقليمية للإشتراك في السلطة والثروة والتنمية المتوازية . لذا رأى التنظيمان تكوين جبهة شرق السودان من أجل أهل الشرق ومن أجل حقوقهم مادام هنالك حركات إقليمية عانت كما شرق السودان من التهميش والحرمان وبما أن التنظيمين كانا من الأوئل في تقديم الشهداء من أجل الديمقراطية والعدالة عندما طلب النظام لمن أراد حقاَ فليحمل السلاح لذلك أقام التنظيمان مؤتمرا لجبهة شرق السودان وتمت دعوة كل أهل الشرق، وقرر المؤتمرين تكوين جبهة شرق السودان على أسس المبادئ التالية :-

(1) توحيد كلمة أهل شرق السودان قاطبة، والعمل على التفافهم حولها بإعتبارها الوعاء الجامع الشامل دون أقصاء أواستبعاد أوتهميش لأحد منهم. شركاء على قدم المساواة في تقرير مصيرهم و رسم مستقبلهم وتحقيق طموحاتهم في الحياه الحره الكريمة .

(2) كل قاطني شرق السودان (هم أهل شرق السودان) وهم البجا والرشايده، والشكرية، واللحويين، والضباينة، كنانه، والنوبيون، والفلاته والهوسا وغيرهم .

(3) شرق السودان الجغرافى ( أرض شرق السودان) وهى بحدودها المعروفه .. الولايات الثلاث كسلا والبحرالأحمر. القضارف، من الخيارى الى شلاتين ومن شلاتين الى قرورة.

(4) جبهة شرق السودان تهدف الى تقوية صف أهل شرق السودان على أسس ومبادئ وقيم ليس فيها أى تكريس لجهوية أو عنصرية، بل التوزيع العادل للسلطة والثروة، والمواطنة الحقيقية، والعدالة الإجتماعية، وتطبيق نظام الحكم الفدرالى الحقيقى المنصوص عليه في الدستور الجديد بحيث يكون الولاء للدستور وسيادة القانون

(5) جبهة شرق السودان تؤكد أن الحق مبدأ لابد من احقاقه، وهى قامت من أجله، لابد من تطبيق العدل في كل شئ في الثروه والسلطة.

(6) المساواه مبدأ أساسي ... جبهة شرق السودان تطالب بالمساواه ولاتريد أن ترجح كفه ميزان علي اخر بل تريد المساواة التي ترفع كل غبن وكل ظلم ظلت تكافح وتناضل وتقاتل من أجله .

(7) جبهة شرق السودان تهدف الى بناء تنظيم جبهوى جديد لأهل الشرق يكرس من أجلهم ويحمل همومهم وأمالهم وتطلعاتهم لا وجود فيه للكسب السياسي الرخيص ولا النعرات العنصرية.

(8) تهدف جبهة شرق السودان الى تنفيذ خطه تنمية شاملة بشرياَ وأقتصادياَ تنقل شعب الأقليم من الواقع البائس الذي يعيش فيه الى واقع جديد تبني عليه استراتيجيات المستقبل الزاهر .

(9) جبهة شرق السودان تهدف الى اعادة بناء الوطن من جديد على أسس الديمقراطية والحكم الفدرالى الحقيقى والتداول السلمى للسلطة والحرية التى لاتتعارض مع حرية الأخرين بل الحرية حسب المواثيق و القوانين الدولية وحقوق الإنسان .

(10) جبهة شرق السودان تقود النضال السياسى والعسكرى لتحقيق أهدافها المعلنه في إطار سودان جديد موحد بارادة أبنائه وهم أصحاب المصلحة الحقيقية فيه .

وعليه يمكن القول أن الواقع السياسي الجديد في شرق السودان والحراك السياسي الذي عم البلاد وتمخض عنه تكوين جبهة شرق السودان التي تطورت قدراتها وامكانياتها وكودارها السياسية والعسكرية بصورة سريعة، وشرع ابوابها للجميع دون عصبية أو عرقية أو مذهبية وبالتالي اصبحت رقما لا يمكن تجاوزه ونحن نتحدث عن السودان الجديد ، أما الموقف السلبي منها أو افتعال المعارك الجانبية سيكون خصما من مشروع السودان الجديد ،خاصة بوصول الدكتور جون قرنق للخرطوم والذي أصبح جزءا من السلطة كنائب أول للفريق عمر البشير.

المعطيات الراهنة واستمرارية الحرب في غرب وشرق البلاد مؤشر لعدم شمولية إتفاقيتي نيقاشا والقاهرة لكل القوي السياسية السودانية وكذلك لعدم شموليتها لكل القضايا المصيرية، مما ساهم في خلق منابر جديدة في أبوجا وأخري تخص شرق السودان. وعليه الامل معقود بمفاوضات شرق السودان و بإشراف دولي تعالج القضايا بصورة جادة دون مراوغات من الحكومة الجديدة (البشير/ قرنق). وحتي لا نقول الانقاذ 2 يجب تحديد جدول الاعمال أولا والاعلان المبكر بمكان التفاوض و زمنه واسماء الوفود المشاركة بوقت كافي بعد أجراء المشاورات الكافية مع قيادة جبهة شرق السودان دون تكرار مهزلة مفاوضات أبوجا. خاصة مع إستمرارية ونجاح العمليات العسكرية النوعية التي فام بها مقاتلي جبهة شرق السودان وتوجت بأسر 3 من أعضاء المجلس التشريعي لولاية لبحر الاحمر و ملازم أول بالجيش و20 من الرتب المختلفة في الجبش بالاضافة الي 2 من جنود الشرطة الموخدة. وفي المقابل تقوم طائرات الانتينوف بالقصف الجوي علي القري وقتل المدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ في تكرار للجرائم ضد الانسانية في دارفور. وبالتالي علي الحكومة ان تتحلي بالوعي والجدية والرغبة الصادقة في إقرار سلام عادل وشامل و دائم في السودان وخاصة شرقه الاكثر تهميشا.وعلي أبناء شرق السودان التوحد ..التوحد.. التوحد ونبذ الفرقة وغلق الباب أمام شيطان الاهواء والمصالح الحزبية والشخصية، فشرق السودان للجميع ، دون تكرار ماحدث في دارفور من صراع قبلي وصراع دامي داخل الحركات المسلحة وفيما بينها والمستفيد من هذه الخلافات نظام الانقاذ المقبور بإذن الله.فتوحيد الكلمة وجمع الصف يحقق أسمي الغايات في سلام عادل وشامل ودائم وتنمية مستدامة ومشاركة في السلطة والثروة لكل أبناء شرق السودان. فيا أهل شرق السودان تعالوا لكلمة سواء.

محمد الزين، محامى و باحث في العلاقات الدولية بجامعة لندن

10 يوليو 2005، لندن