السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بناء السودان بين زراعة الأمل وتجويد العمل بقلم مهندس : جيمس هريدي عبدالرحمن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/1/2005 2:33 م

بناء السودان بين زراعة الأمل وتجويد العمل

مقدّمة:-
المُقدّمة هي كُلّ ما يحمله العنوان من معانٍ , غير أنّي كنت مُحتاراً بين أن يكون
العنوان كما هو عليه الآن , أو أن يكون : إعادة بناء السودان بين زراعة الأمل
وتجويد العمل . والأمل عندي أملان : الأمل الأصغر, هو وحدة السودان وتعميره
حتّى يتحقّق أمل الآخرين فيه . أي حتّى يصبح السودان سلّة لغداء العالم. والأمل
الأكبر هو توحيد دول حوض النيل العشر في كتلة أو دولة إقتصاديّة , سياسيّة ,
إجتماعيّة , ليس فيها عُقدٌ وحدودٌ وهمية , صنعتها أممٌ وعقولٌ إستعماريّة....؟؟؟
طريق الوصول إلى تلك الغايات الساميات , بها كثيرٌ من المصاعد والمزالق
والإنحدارات , وبها كثيرٌ من المخارج والمنعطفات والمُفترقات , التي تحتاج
إلى كثير من لوحات الإرشادات . المُفترق الأول هو أن يختار السودان بين إعادة
الهندسة وبين التحسين . والمُفترق الثاني : إمّا أن تكون إعادة هندسة السودان
بعقليّة المُختصّين , أو أن تكون بعقليّة المُتسلّطين . المفترق الثالث: بين أن تكون
مشاريع المُدُن الجديدة الناتجة عن إعادة هندسة السودان , للسودانيّين عموماً
أينما كان موقعها , أو أن تكون للجهويّين . المُفترق الرابع : موارد السودان بين
التوظيف الأمثل لمصلحة السودانيين الطيّبين, وبين أولويّات المُقتسمين الظالمين
الواهمين, الذين لا يدركون أنّ التمكين , بإسم الدين , وعلى حساب الآخرين, هو
ظلمٌ مُبين ودربٌ من دروب الهالكين . المُفترق الخامس: أن يختار السودان بين
الفاشيّة , والإشتراكيّة , والديمقراطيّة , والتمكين . المُفترق السادس : أن يختار
السودان بين ديمقراطيّة البرلمانيّين , وديمقراطيّة الرئاسيّين . المُفترق السابع :
أن يختار السودان بين دكتاتوريّة اليسار , ودكتاتوريّة اليمين . المُفترق الثامن:
أن يختار السودان بين دكتاتوريّة العسكريّين , ودكتاتوريّة المدنيّين . المُفترق
التاسع : أن يختار السودان بين دكتاتوريّة الغرّابة والجنوبيّين , ودكتاتوريّة
الدناقلة والجعليّين . المُفترق العاشر : أن يختار السودان بين الكونفدراليّة
الداخليّة , والكونفدراليّة الإقليميّة . المُفترق الحادي عشر : أن يختار السودان
بين كونفدراليّة وادي النيل , وكونفدراليّة الشرق الأوسط الكبير . المُفترق
رقم صفر : أن يقوم السودان بإستطلاع الطريق وإعادة هندستها بالطريقة التي
تجعلها مُقتصرةً وآمنةً ثمّ يسلكها , أو أن يترك السودان الطريق على حالتها
كما شيّدها الآخرون لظروف تناسبهم ثمّ يسلكها دون إستطلاع ودون تعديل .

دعاء :-
بسم الله الرحمن الرّحيم . ( ربّي اجعَلني مُقيمَ الصّلاة ومن ذُرّيّتي رَبنَا وَتَقَبّل
دُعَاءِ * رَبّنَا اغفر لي وَلوَالدَيّ وَللمُؤمنينَ يَومَ يقُومُ الحسَاب) صدق اللّه العطيم.
اللهمّ هوّن علينا طريقاً للبناء , واطوي عنّا بُعدها ومهّدها لنا .
إهداء:-
أ‌- إلى أرض السودان , وإلى نيل السودان , وإلى إنسان السودان , وإلى أصدقاء
السودانيّين في مشارق الأرض ومغاربها . إلى أهلنا الأ نصار ,أنصار الّله و رسُوله , وإلى زعماء الأ نصار و أصدقاء الأ نصار . إلى مُلُوك الدّولة السّماّنيّة
وإلى مشايخ الختميّة , وإلى إخوانهم من سائر الطرق الدينيّة . إلى كلّ الأحزاب
السّياسيّة و المجموعات العسكريّة , النّظاميّة وغير النّظاميّة .
ب-إلى المجلس القومي للبحوث , و إلى جامعة الخرطوم وكُلّ المُؤسّسات
التعليميّة , وإلى الإتّحادات الطلاّبيّة , وإلى زعماء الأحزاب السودانيّة ,
وإلى المُتفوّقين في المراحل الدراسيّة , وإلى كل من يهمه أمر الوحدة الوطنيّة ,
وأمر الثروة الوطنيّة , وأمر الأحزاب الوطنيّة , وأمر الديمقراطيّة الإستراتيجيّة .
ت-إلى المُنظّمات الدوليّة : مُنظّمة الأمم المُتّحدة وجامعة الدول العربيّة, والإتّحادات
الإفريقيّة والأوروبيّة , وإلى الولايات المُتّحدة الأمريكيّة , وإلى مُؤسسات النقد
الدوليّة , وإلى كُلّ من تعنيهم قضايا الإنسانيّة .
وبعد:-
أ‌- هذه مُساهمة مُتواضعة يُمكن أن تُشكّل جزءاً من الإستقراء أوالإستطلاع الذهنيّ
أو العاصفة الذهنيّة , للعقول السّودانيّة (BRAIN STORMING )
إن جاز هذا التعبير , و إن صحّت هذه الترجمة , و إن جاز للسودانيّين أن
تُسْتقرَأ عُقولُهم وتُسْتطلع آراؤهم فيما يَعنيهم . وقد تيسّر ذلك في هذا الزمان.
وما يعني السودانيّين هو بناء السودان . والبناء يحتاج إلى إرادة قويّة وتخطيط
سليم . والتخطيط السليم يبدأ بإستطلاع آراء السودانيّين . ويشتمل على أمور
كتيرة , مثل الدراسة والتمويل وطريقة التنفيذ , وجدولة التنفيذ , ومن ثمّ تنفيذ
المخطّ على حسب الجدول الزمني المتّفق عليه. ثمّ المتابعة والصيانة والتطوير.
سئل عمّنا إسحاق عندما بنى بيته وكلّفه الكثير : أيهما أكثر تكلفة ياعم إسحاق,
بناء الهيكل الخرساني,أم تشطيب ونقاشة المباني, أم الديكور والتكييف وتوصيل
المعدّات الكهربائيّة, أم العوازل الحراريّة واللمسات الفنيّة والأثاثات المنزليّة ؟؟؟
فقال : هل تريدون أن تبنوا بيتاً ؟؟؟ فقيل : نعم , فقال : يا جماعة إذا لم يكن
بإستطاعتكم تشطيب البيت وتأثيثه وترتيبه قبل بنائه , أنصحكم أن لا تبنوه ؟؟؟
أمّا عن بناء السودان , فهنالك ما يُمكن إصلاحه عن طريق ما يُسمّى بفرَ ق
التحسين المُستمر (TEAMS . (TAHSEANوهنالك ما لا يُمكن إصلاحه
إلاّ بإعادة النظر في هندسته , أي بإعادة بنائه ( RE-ENGINEERING ) .
وهنالك ماهو مُقترح و لم يتمّ بناؤه . وهنالك ما كان مُقترحاً وتمّ بناؤه بطريقة
مُشوّهة. وهنالك ما تمّ إنجازه لغير وجه الذات العليّة , لكي يصبح نُصُباً تذكاريّة,
وتمّ عرضه على الشاشات البلّوريّة , لتجميل عِفريتة الأحقاب الدكتاتوريّة ,
اليساريّة منها واليمينيّة , المبنيّة على أنقاض البرلمانيّات الإنتخابيّة . وهنالك
ما لم يتمّ اقتراحه بعد . وهنالك ما كان مَبنيّا ً و تمّ تدميره وينبغي إعادة بنائه .
هنالك طرق إداريّة وعِلميّة كثيرة يُمكن إتّباعها لتحديد مشاكل السودان , بطريقة
جماعيّة , وتقييمها وتحليلها إلى عوامِلها الأوّليّة ,والإتفاق على الحُلول الجذريّة
المُناسبة لكلّ مُشكلة ثم توضع خطة وجدول زمنيّ لتطبيق الحلول ثمّ مُتابعتها .
كلّ ذلك يُمكن أن يحدث بطريقةٍ ديمقراطيّة الآراء . بمعنى أن تعرض الأمور
التي تعني كل السودانيين , على جميع السودانيين , لإبداء آرائهم ومُقترحاتهم ,
ويُحترم كلّ عَقل سودانيّ ويُعتبر من أهل الذكر في مجال إختصاصه وخبراته
وتجاربه . ثم يستفيد القائمون على أمر البلاد من هذه الآراء والمُقترحات .
فلا يجوز لأيّ قياديّ أو رئيس أن يُنظّّرَ ثمّ يُطبّق نظريّاته دون أن يستفيد من
نظريّات المرؤوسين و المُختصّين . و كذلك لا يجوز لأيّ مجموعة أن تنظّر ثمّ
تطبّق نظريّاتها في المُجتمع الذي تنتمي إليه دون أن تستفيد من نظريّات
المجموعات الأخرى و المُختصّين الآخرين . أقلّ ما يمكن أن يقال عن هذا النوع
من القياديّين أو الإداريّين هو أنّ أساليبهم غير عِلميّة , أو أنّهم يتكبّرون على
البريّة , أو أنّهم يتآمرون على الحُريّة , أو أنّهم طائفة إقصائيّة, أو دكتاتوريّة؟؟؟
أعوذ بالله من أن يُوصف أيّ سودانيّ أو أيّ مجموعة سودانيّة بهذه الصّفات
الغبيّة . اللهمّ إنّا نعوذ بك من التعصّب للقبليّة , ومن نتانة الجاهليّة . اللّهمّ إنّا
نعوذ بك من الخيانات الحِزبيّة , والأحقاد العنصريّة , والمُؤامرات العسكريّة
الآيديولوجيّة , والتصفيات الجسديّة , والإبادة الجماعيّة , والإزاحة التمكينيّة .
اللهمّ إنّا نعوذ بك من كُلّ جاهلٍ , ظالمٍ , مُتسلّطٍ , مُتكبّرٍ لا يُؤمن بيَوْم الحساب .
اللهمّ إنّا نعوذ بك من بَغْى ٍ يُغيّر النّعَمَ , ومن تقتيلٍ يُورِث النّدَمَ , ومن ظُلمٍ يُنْزِلُ
النّقَمَ , ومن شرابٍ يَهْتِكُ السّترَ , ومن إنتهاكاتٍ بمُوبقاتٍ تحبس الرّزقَ ,
ومن قطيعة رحِمٍ تُعَجّلُ بالفناء , ومن عُقوقٍ يَرُدّ الدّعاء ويظلمُ الهواء .
اللّهم إنّا نسألك أن تعفو عنّا , وأن تغفر لنا إذا استغفرنا , وأن لا تأخذنا بذنوبنا
إن أذنبنا , وأن لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا , وأن لا تسلّط علينا بذنوبنا
من لا يخافك ولا يرحمنا . اللهمّ أعنّا على ذكرك وحُسن شكرك وتقبّل منّا .
ب-أرجو أن أساهم بآرائي ومُقترحاتي المُتواضعة و التي أتمنّى أن تكون بنّاءة
ومُفيدة , ومُكمّلة لمقترحات الآخرين , بخصوص التوظيف الأمثل لموارد البناء,
في إعادة البناء . وقد رتّبتُ هذه المُساهمة في ستّة أبواب وخاتمة كما يلي :-
1-البترول/الغازالطبيعى/اليورانيوم/المياه/الطاقة :-
أ- التعريف الحالي للشبكة القومية للكهرباء هو أنّها عبارة عن شبكة تُغطِّي مَنطقة
جغرافيّة مُحدّدة هي : العاصمة القوميّة و النّيل الأزرق و جزءاً يسيراً من النّيل
الأبيض و جزءاً يسيراً جدّاً من النّيل . هذا التعريف قد ضلّل مُتّخِذيّ القرارت في
كلَّ الحُكومات المُنتخَبة و الحُكومات غير المُنتخَبة . كما أنّه ضلّل كلّ المُعارضات
المُنتخَبة و المُعارضات غير المنتخَبة . هذا إذا وفرنا حسن النّيّة و سلّمنا جدلا ً
بأنّ المسألة مسألة قُصُورٍ و جهلٍ بالأمور . إن كان ذلك كذلك فستكون الحُلول
مُمْكِنة . فليَسألوا أهل الذ كر إن كانوا لا يعلمون , و لينفذوا توصياتٍ لا تشُوبها
المُنونٌ ,ولا تخالطها الظُنُون.وليحذروا هوى النفس,والفساد والإفساد والمُجون.
ب-الشبكة الحاليّة هي حقيقةً يمكن أن تسمّي (الشبكة الوسطى) و ينبغي أن تكون
طاقتها (5000) خمسة آلاف ميقاوات على الأقل . عندما نقول شبكة كهربائيّة
نعنى بذلك مجموعة محطات تتولّد فيها الطاقة الكهربائيّة بمواصفاتٍ مُوحّدة , ثمّ
يتمّ نقل هذه الطاقة الكهربائيّة عبر خطوط نقل الكهرباء إلى شبكات توزيع
الكهرباء , حيث يتمّ توزيعها عبر مركز التحكّم في الكهرباء , إلى المناطق
الصناعيّة والزراعيّة والتجاريّة والسّكنيّة وغيرها . والغرض من ذلك ألاّ تعتمد
منطقة استهلاك مُعيّنة على محطة توليد مُعيّنة , إذا تعطّلت ينتظرونها حتّى يتمّ
إصلاحها . لأنّ الإصلاح قد يستغرق شهورا ً عندما يكون العطل حريق مثلاً .
ت-السودان يحتاج بصورةٍ سريعةٍ إلى أربع شبكات أخرى : (5000) ميقاوات
للمنطقة الجنوبيّة و (5000) ميقاوات للمنطقة الغربيّة و(5000) ميقاوات
للمنطقة الشرقيّة و (5000) ميقاوات للمنطقة الشماليّة . هذا يعني أنّ السودان
يحتاج إلى (25000) ميقاوات في خِلال أوّل (20) سنة من بداية هذا البرنامج .
ث-التكلفة الإجماليّة لكلّ هذه الشبكات تقريباً (50) مليار دولار (25 مليار لإنشاء
محطّات توليد الكهرباء و 25 مليار لإنشاء خطوط نقل وتوزيع الكهرباء
و مراكز التحكّم في الكهرباء ) . ونحتاج تقريباً إلى (20) عاماً لإستكمال هذه
الشبكات و من ثَمّ يُمكن ربطها مع بعضها لتشكّل شبكة ً واحدة ً يُمكن أنّ نطلق
عليها , وبكلّ نزاهةٍ وإيثارٍ وعدالةٍ : (الشبكة السّودانيّة القوميّة للكهرباء ) ؟؟؟
ج- و إذا كنّا جادّين في أمرنا , ينبغي أن نعمل معاً , عملاً إستراتيجيّاً , لنرفع هذه
الطاقة تدريجيّاً , إلى (25000) ميقاوات لكل شبكة بعد (100) عام , أي إلى
(150000) ميقاوات للشبكة السودانيّة القوميّة للكهرباء , أي لكلّ السودان .
وبعد ذلك يُمكننا أن نربط هذه الشبكة , بالشبكات العربيّة والإفريقيّة والعالميّة .
وبذلك يكون السودان إن شاء الله من كبار المُصدّرين للطاقة الكهربائيّة والمياه.
ويُمكن أن يتم تصدير البترول عبر الأطلانطي إلى أمريكا الشماليّة والجنوبيّة ,
حتّى يتمكّن السودان من المُساهمة الإيجابيّة , في النهضة الإقتصاديّة العالميّة.
ح-هذه الشبكات يُمكن أن تُموِّلها وتمتلكها شركات البترول في بداية الأمر على
حسب الشروط و الفترة الزمنيّة المُتعاقد عليها كما حدث ذلك في دول الخليج
العربي . ويمكن أن تموّلها الدولة بعائدات البترول والغاز الطبيعي واليورانيوم
والذهب والمعادن الأخرى , وبعائدات القطن والصمغ العربي والثروة الحيوانيّة
وغيرها , وبإستقطاب وإستثمار أموال السودانيّن العاملين والمُستثمرين
بالخارج . التوظيف الأمثل لثروات السودان , يحتاج إلى ديمقراطيّة آرائيّة .
وتطبيق المُقترحات يحتاج إلى حكمة ورويّة , وربّما تفسده الكجَمَات الحماريّة.
خ-ويُمكن أن تصبح صناعة الكهرباء مُجدِية إقتـصادِيّاً كمشاريع إستثماريّة قائمة
بذاتها و جاذِبة كمِهنة , إذا ما سمحنا للشّركات العالميّة المُقتدرة والمُختصّة
في هذا المجال , بأن تدخل إلى السودان , بشروط مُغرية وجَاذبَة . ثُمّ أتَحنَا لها
الفرصة أن تستخرج المحروقات المطلوبة لتشغيل هذه المحطّات , مثل البترول
والغاز الطبيعي واليورانيوم وغيرها . وهذا ما أفضّله وأقترحه لأنّ العالم يسير
في هذا الإتّجاه . ولأنّ الطاقة توجد في عدّة صُور, أكثرها وأقربها فائدة للإنسان
هي الطاقة الكهربائيّة , أمّا الصور الأخرى التي توجد بها الطاقة , مثل الطاقة
الكيميائيّة المُتمثلة في البترول والغاز الطبيعي فلابُدّ من احتراقها في ماكينات
الإحتراق الدّاخلي , أو الخارجي مثل غلاّيات المياه التي تولّد البخار, ثم يحمل
البخار تلك الطاقة الحراريّة لكي تتحوّل إلى طاقة ميكانيكيّة عندما يتمدّد هذا
البخار داخل التوربينات البخاريّة , ومن ثَمّ تتحول إلى طاقة كهربائيّة بواسطة
المُولّدات التي تديرها تلك التوربينات البُخاريّة . ومثل الطاقة النوويّة الموجودة
في نظائر اليورانيوم وغيره من المواد المُشعّة , فلا بُدّ من تخصيبها ثمّ تفاعلها
داخل المُفاعلات النوويّة ويحدث ذلك تحت الماء , فيحمل البُخار الطاقة الحراريّة
النّاتجة عن ذلك التفاعل النووي إلى مياه الغلاّيات المُنفصلة عن هذه المياه ,
والتي بدورها تولّد بخارا ً آخر يحمل تلك الطاقة الحراريّة لكي تتحول إلى طاقة
ميكانيكيّة عندما يتمدّد البخار في التوربينات البُخارّية , ومن ثمّ تتحول إلى طاقة
كهربائيّة بواسطة المُولّدات التي تديرها تلك التوربينات البُخاريّة . طبعاً هذه
ديناميكا حراريّة , يعرفها الذين يدرسون الهندسة الميكانيكيّة . وهذه العمليّات
يتم التحكّم فيها بأجهزة إلكترونيّة , وكهربائيّة , وهايدروليكيّة , وهوائيّة , عبر
أجهزة حاسوبيّة . وهنالك مُعالجاتٍ كيميائيّة , ومنشآت مدنيّة . ولذلك أرجوا من
المسؤولين الإهتمام بكلّ هذة المواد العِلميّة , في الكلّيات والدراسات الهندسيّة .
ومن الناحية العَمَلِيّة يُعتبر البترول ومُشتقاته والغاز الطبيعي واليورانيوم من
المواد الخام أو الموارد التي تُصنع منها الطاقة الكهربائيّة بكِمّيّاتٍ تجاريّة ,
وبطريقة مَأمُونة ومَضمُونة , يُمكن للإنسان أن يتحكّم فيها ويعتمد عليها . ولذلك
ينبغي أن تكون الوزارة أو الشركة الرائدة هي شركة الكهرباء وليس البترول .
إذا كانت شركة الكهرباء هي الشركة الرائدة يمكن أن تصدّر من البترول ما
يكفي لبناء المحطات الجديدة على حسب تطوّر البلد وحوجتها المستقبليّة
للكهرباء , و تنفيذا ً للإستراتيجية بعيدة المدى التي اقترحناها , بدلاً من أن
تعتمد على خزينة الدولة لتمويل تلك الإمتدادات . ولذلك لابُدّ أن يكون لشركة
الكهرباء والبترول , المُقترحة , بنكها الخاص وخزينتها الخاصّة لتمويل الخطة
طويلة المدى , الخاصّة بالكهرباء . يُمكن أن يذهب إلى خزينة الدولة نسبة
محسوبة ومُتفق عليها من الأرباح , بحيث لا يؤثر ذلك على برنامج الكهرباء .
لأن كميّة الطاقة المُولّدة إذا أصبحت أقلّ من كميّة الطاقة المطلوبة , فسيحدث
تراجع في نهضة السودان , وإذا استمرّ التراجع , سيحدث الإنهيار الإقتصادي .
والإنهيار الإقتصادي هو قطار الهم , الذي يجرّ من ورائه مقطورات النقم والغم .
كما حدث ذلك في عهد النميري , عندما لم يوافق على الخطة طويلة المدى ,
الخاصّة بتوليد الكهرباء , بحجّة أنّه يريد أن يُوظّف ميزانيّة الدولة للتنمية .
وقال إنّه قد تعاقد مع شركات يُمكن أن تبني له مصانع مثل سكّر كنانة وعسلاية ,
وأن تقوم بتوليد الكهرباء المطلوبة لتشغيل هذه المصانع , ثمّ تصدّر فائض
الكهرباء إلى الشبكة القوميّة . وهذا ما يحدث في العالم الزاعي والصناعي .
ولكن ليس على حساب الخطّة القوميّة للكهرباء . وهذا هو التشويه والخطأ
الذي إرتكبه الشيخ جعفر نميري (ومن تسلّقه من المُرشدين والدجالين والمُريدين
من الطائفة الدينيّة السبتمبريّة , الذين يمشون على الماء ,ويطيرون على الهواء,
كما تفعل بعض ذلك السمبريّة ) بخصوص هذه الفكرة الجهنّميّة . وهذا الخطأ
الجسيم , والتشويه العظيم , والتخطيط غير السليم , وعسكرة الهندسة والتعليم ,
والحركة التعاونيّة والتموين , ومركزيّة توزيع كُلّ السلع , حتّى البنزين , هو
الذي أدّى إلى التدمير المُبين , لهذا البلد الأمين , السودان السجين , بقوانين
العسكريّين , وقوانين المُتمرّدين ,على العسكريّين , وعلى المدنيّين , وعلى جميع
السودانيّين , الأقوياء الحليمين , الأغنياء المساكين,الأبرياء الأمينين , الصابرين
الذاكرين,الحامدين الشاكرين , البسطاء الساذجين ,المفكّرين العبقريين , الأعراب
المدنيّين , العاصميّين الإقليميّين . حتّى أصبحوا مُشرّدين نازحين , ومغتربين
مهاجرين , ومطرودين لاجئين , على وجوههم هائمين , وتحت رحمة الآخرين .
كُلّ ذلك حدث لأنّ الشبكة القوميّة للكهرباء , والتي تغطي منطقة جغرافيّة مُحدّدة
كما ذكرنا , كان من المُخطّط لها أن تمتدّ تدريجيّاً إلى كلّ أنحاء السودان , حتّى
تتحقق النهضة الزراعيّة المُتوازنة , والنهضة الصناعيّة المُتوازنة , وكلّ التنمية
المُتوازنة, والإقتصاد المُتوازن . ولكن عندما وقف زعيم اليساريين السودانيّين ,
وأمير الإسلاميّن السودانيّين , ومُشير العسكريّين السودانيّين , ومثال الشموليّين
السودانيّين , المُتفوّق الأمين , جعفر الصالحين , المرحوم سياسيّاً إلى يوم الدين,
في طريق برنامج المُختصّين الإستراتيجي للطاقة الكهربائيّة , لم تكن المشاريع
البديلة كافية لتحقيق تنمية متوازنة في كلّ الأقاليم . هذه الأمور يفهمها الذين
يعملون في هذا المجال . ولكن المُواطن السوداني قد شعر بالمُحصّلة النهائيّة .
ومن هنا بدأ سوء التفاهم بين الوسط والأطراف , في جسد السودان. ومن واجبنا
كمُهندسين في هذا المجال , أن نوضّح مثل هذه الحقائق للمُواطن السوداني ,حتّى
لا تختلط عليه الأمُور , في عهد الحمائم والصقور , ويرتكب المعاصي والفجور ,
في بلدٍ هَجَرتهُ الطيور , وارتاح فيه أصحاب القبور , ولم يبق فيه إلاّ المَجْبُور .
وأن نقترح المشاريع المناسبة لزراعة الأمل مرّة أخرى في نفوس السودانيّين
الطيّبين , الذين يستحقون كُلّ خير . ولكن للأسف الشديد نحن , كمُهندسين , لا
نمتاز بالدقة في التعبير, كما نمتاز بها في الأمور الهندسيّة , وكمُغتربين , لا
نتحكّم في مشاعرنا , لأنّ الغربة مُرّة مرارة العلقم . ولذلك نتهرّب من الكتابة
ونصبح سلبيّين , ونترك الحَلبَة للأدبيّين , الذين ينظرون إلى مشاكل السودان من
الزاوية التي تناسبهم . ولكن هذه السلبيّة بالتأكيد محسوبة على الوطن . وقد
وجدت نفسي مُتورّطاً في كتابة هذا المشروع , بأسلوبٍ يجعلني أعتذر لكُلّ من
أصابه رأس هذا السوط , وأرجو أن يعتبره ( بُطان صديقه العريس ) , وليس
بطان ود أبو رول , لأنّ ود أبو رول هذا , كان قد ضرب رجلاً بسوطه, المصنوع
من جلد القِرينتيّة , والمدهون بالقطران حتّى أصبح طائعاً نديّاً , ضربة ً واحدة ً
قويّة , حتّى خرّ الرجل عليه مغشيّاً , وحمله أصحابه للتمرجيّة , ولكنّ الله قد
أحكم أمراً كان مقضيّاً . رحمهم الله رحمة واسعة ً.هكذا كانت رياضتهم وأفراحهم.
د-سيكون هذا العرض أيضا ً ضخماً ومُغريا ً و جَاذبا ً إذا ما كانت مساحة محطّة
توليد الكهرباء الواحدة تتّسع لإنشاء مدينة إستثماريّة : سياحيّة , زراعيّة ,
صناعيّة , تجاريّة , طِبّيّة ,عسكريّة, تعليميّة متكاملة . من المرحلة الإبتدائيّة إلى
المراحل الجامعيّة , وفوق الجامعيّة . هذا النوع من المُدن ينبغي أن يكون مُؤهّلاً
للإنتماء إلى شبكات تجاريّة عالميّة , تعمل في مجال توليد وتسويق الكهرباء .
أمّا على الصعيد الوطني ,فينبغي أن يكون الغرض منها خدمة المُواطن السوداني
بصورةٍ مُباشرة , طالما أنّها باعت بترول المُواطن , وشيّدت شبكات المُواطن
وتحرق بترول المُواطن لتشغيل هذه المحطّات . لأنّ ( ما ينفع النّاس هو الحق ) ,
والحق هنا هو مصلحة المُواطن . وبالتالي فإنّ خِدمة المُواطن هي الوطنيّة ,
وإستعباد المُواطن هوالعنجهيّة , وإقتسام بترول المُواطن هو دكتاتوريّة الحراميّة.
ذ-لكي يكون هذا المشروع الحسّاس أكثرَ إغراءا ً وجاذبيّة للذين يعملون في هذا
المجال , وأكثرَ إقناعا ً للذين يُعيبون , بل يَرفضون كُلّ أشكال التّطوّر الرّأسمالي ,
والذين أحترمهم ( مع أنّهم لم يُقدّموا لنا بديلاً إقتصاديّاً مُقنِعاً وعَمَليّاً ) , لابُدّ أن
تُقدّم هذه الشّركات للمُوظفين المُرتّبات والبدلات وشروط العمل المُغرية جدّا
والجاذبة : مثلاً كلّ المُوظّفين , العساكر والمدنيّين ,التابعين لهذه الشركات, لا بُدّ
أن يكون الحدّ الأدنى لمُرتّباتهم الشّهريّة ما يُعادل ( 1000 ) دولار أمريكي
كراتب أساسي , ويُمنح المُوظّف علاوة بدل سكن تعادل 20 % من الرّاتب
الأساسي , وعلاوة بدل ترحيل تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة
بدل علاج تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي ,ويُمنح ما يُعادل 20% من الراتب
الأساسي لتعليم أبنائه . و يُحفظ له ما يُعادل 20% من الراتب الأساسي كحافز
تشجيعي لما بعد الخدمة,على أن يتم تدوير هذا المبلغ في بنك الإستثمار الخاص
بالشركة وتحفظ معه الأرباح للمُوظّف . بمعني أن يصبح المُوظّف من الشركاء
المُساهمين في الشركة التي يعمل بها. وللمُوظّف الحق في المُساهمة بمزيد من
الأموال التي تتوفّر لديه . هذا هو نصيب المُواطن السوداني, من عائدات البترول
السوداني . إذ فعلنا ذلك , نكون قد وجدنا حَلاّ جذريّا ً لمُشكلة هِجْرة الكفاءات في
هذا المَجال الحيوي. مع إعطاء الشركات الحق في إستقدام أيّ خبرات و كفاءات
أجنبيّة كما تشاء ومتى تشاء . وهذه هي زراعة الأمل في نفوس السودانيّين وفي
نفوس غير السودانيين , التي ذكرتها في مُقدّمة هذا المشروع . لأنّ مثل هذه
الشروط التي ذكرتها , تمكّن الدولة من توزيع عائدات الثروة على المُواطنين
بطريقة غير مُباشرة ومُقنعة . وأيضاً تمكّن المُوظف من الحصول على نصيبه
من عائدات الثروة , مُقابل مجهود مُعتبر ومُقدّر تنص عليه مُواصفات الوظيفة.
وثالثة أخرى هي أنّ المُواطن السوداني لن يبدو خاملاً وناعساً و كسلاناً عندما
يبذل مجهوداً يتناسب مع هذا الكم الهائل من الأجر والبدلات والإمتيازات . يعني
بصراحة سُمعة المُواطن السوداني , غير المُغترب , ستنقلب رأساً على عَقِب .
ورابعة هي أنّ الطالب السوداني , سيجتهد في دراسته , ويُركّز عليها , بدلاً من
أن يقول ( القرو عملو شنو ؟؟؟ , ثمّ يتهرّب من الدراسة في مرحلة مُبكّرة ) ,
وستصبح الدراسة هي الوسيلة المضمونة والسهلة , للحصول على نصيبه من
الثروة , أثناء تعليمه وتوظيفه , وللحصول على نصيبه من السلطة إذا تفوّق .
والتفوّق هو تميّز إيجابي , سهل القياس , وغير قابل للمُغالطات والعُنصريّات .
المُتفوّقون قادمُون, هم اللوردات المُقترحون. هذه هي العدالة المُمْكنة والإنصاف
العميق , والمُساواة القابلة للتطبيق , التي يستحقها أحفاد النوبة والفراعنة
والعماليق , إذا أقنعنا أحلاف المُستجدّين والمُتآمرين والمُستكبرين والزناديق ؟؟؟
وكلمة أقنعنا تختلف عن كلمة أرهبنا. والإقناع يُمكن أن يكون كما كان, من داخل
البرلمان , برلمان أيّام زمان , عندما كان لنا حِزبان , أو فقط كُتلتان وطنيّتان ,
بل فقط كتلتان سياسيّتان إستراتيجيّتان , كما أن لنا فريقان رياضيّان أساسيّان .
لم نطلب منكم أن تحْلِبُوا الطيْرَ , أو تدخلوا النّار يا حِبّان . إنّما أمَلُنا أن يكون
لنا برلمان , فيه فقط كُتلتان , لبعضهما تحترمان , ويحترمهما القاصي والدّان .
ما يحصل عليه المُوظف من هذه الشركات , كما حَسَبْته, يُمَكّنه من بناء المنزل
الحديث الذي يليق به ,والسيّارة الحديثة التي تتناسب مع مقامه السامي , والمال
الذي يمكن أن يعمل به في الزراعة , أو في التجارة , أو في الصناعة , خصماً
على راتبه وما يتعاطاه من بدلات وإمتيازات , أسوة بكلّ المُوظفين في الدول
البتروليّة , التي يفوقها السودان ثراءً , لأنّ أرضه أوسع , ومياهه أوفر , وبه
يورانيوم ومعادن أخرى وذهب.وبذلك لا يحتاج المُواطن إلى أن يرتشي أو يَسرق
أو ينهب , نهباً مسلّحاً ثمّ يهرب, وبالقانون عرض الحائط يضرب , أو في الغابةِ
يتقرّد , وعلى البشر يتمرّد , تمرّداً مُسلّحاً , ومن الرحمة يتجرّد , وفي تقتيل
الأبرياء يتميّز ويتفرّد , يقتل كُلّ من هو أعزل ومن السلاح مُجرّد,وعلى الحكومة
ايّاً كانت أن تقوم بالرّد , وعلى المُواطن أن يتشرّد , أو أن يهاجر أو يغترب ,
وفى عمله ينكرب , ويدفع نصف دخله ضريبة الحرب ,أو على الحكومة ينقلب,
إمّا أن يجعل عاليها سافلها أو بالرصاص ينضرب . أو أن يمُوت همّاً ومن اللحم
ينسلب , أو أن يفقد منطقه و ينبح كما ينبح الكلب,على جملٍ يمشي كأنّه لا يوجد
الكلب , وكأنّه لم يَرَ الكلب , وكأنّه لم يسمع الكلب , وكأنّه لم يفجغ الكلب .... ؟؟؟
أو أن يصبح جزّاراً , فيذبح الجمل ويذبح الحمل , وأخشى أن يذبح الكلب .... ؟؟؟
ر-نسبة الأرباح بين هذه الشركات وبين الحكومة يَنبغى أن تكون مُغرية للشركات
على أن تلتزم الشركات بتقديم الخَدَمَات الصّحيّة لمُوظفيها وأبنائهم وزوجاتهم
وآبائهم وأمّهاتهم . و أن تلتزم كذلك بإسكان مُوظفيها و تعليم أبنائهم حتى
المَرحلة الجَامعيّة و فوق الجَامعيّة.ومن ثمّ تدريبهم وتوظيفهم (بالسيرة الذاتيّة).
أرى أن تكتفي الحكومة بنسبة 45% من صافي الأرباح . و أن لا تفرض أيّ
ضرائب أو جمارك أو أيّ رسوم على هذه الشركات . لأنّ الدولة البتروليّة , لا
حاجة لها في أن تصبح جبائيّة,اللهمّ إلاّ إذا كان الغرض من الثورة الجبائيّة, هو
خلخلة الحركة التجاريّة , لمصلحة الطائفة الإنتحاريّة . كما ينبغي أن يُسمَح لهذه
الشركات أن تُصدّر منتجاتها إلى أيّ مكان في العالم , وأن تستورد ما تشاء
من أيّ مكان في العالم (ما لم يكن المستورد مُحرّما ً دوليّا ً ) . إذا فعلنا ذلك
تكون هذه الشركات قد ساهمت في حلّ مشاكل التعليم والعلاج والدريب
والتوظيف, و بطريقة فيها تمكينٌ وتأصيلٌ للعدالة . لأنّ العمل في هذه الشركات
سيكون بالسيرة الذاتيّة , بعيدا ًعن الإنتماءات الحزبيّة , والمحسوبيّات العِرقيّة,
والعنصريّات اللونيّة , والإنتقائيّات الشكليّة (الجماليّة) , والتفضيلات الدينيّة
و الجهويّة , والرشاوى والإمكانات الماديّة , والتخاطب فيها باللغات العالميّة ,
وتلك هي العدالة الموضوعيّة , أمّا العدالة الرومانسيّة , في توزيع المشاعر
العاطفيّة , فهي مُستحيلة وغير واقعيّة , ولا تأسى عليها إلاّ العناصر النسائيّة ,
وينبغي أن لا تصبح سبباً للعدائيّة , أوذريعة لتحقيق الرغبات الأنانيّة , والنزوات
التفريقيّة , والإستفتاءات الإستفزازيّة , على الخيارات الإنفصاليّة ............ ؟؟؟
ما كلّ الكائنات الحيّة , ينمو لها ذنبٌ عندما تفصل ذنبها ليرجف حيّاً , ولا كُلّ
أذناب الكائنات الحيّة تتحرّك عندما تنفصل عن أجساد أصحابها . وإذا تحرّكت
ستفعل ذلك إلى حين . ولا كُلّ الكائنات الحيّة يُمكنها أن تجدّد قرونها أو جلودها.
وإنفصال جنوب السودان عن السودان,لن يكون مثل إنفصال السودان عن مصر.
لأنّ إنفصال السودان عن مصر , كان على أن ينظر البلدان في أمر الوحدة , بعد
طردهما للمُستعمر . أمّا الآن فالجنوبيّون موعودون بالإستفتاء على الإنفصال ,
بعد إدخال المُستعمر . وربّما يُوعد بذلك الغربيّون , والشرقيّون , والشماليّون.
هل يُعقل أن يستفتي الإنسان رأسه , فيما إذا كان يُريد أن يبقى جزءاً منه أو يُريد
أن ينفصل عنه ؟؟؟ وهل يستطيع أن يفعل ذلك مع ساقيْهِ ؟؟؟ أو هل يستطيع أن
يفعل ذلك مع يديه ؟؟؟ أمّا الرأس فهو مصر . وأمّا السّاقان فهما النيل الأبيض
والنيل الأزرق . واليَدَان هُما دُول غرب وادي النيل , ودُول شرق وادي النيل ؟؟؟
ز- إذا أنشأنا هذه الشّبكات , نكون قد حقّقنا العدالة في توزيع الطّاقة , وفي كُلّ ما
يترتّب على ذلك من نهضة صناعيّة وزراعيّة وتجاريّة وعمرانيّة وسياحيّة
وإجتماعيّة وثقافيّة وسياسيّة وغيرها. لأنّ الطاقة تساعد المُجتمع على توفير
أساسيّات المُستوى الأوّل للحياة (الحريّة,الأمن, الصحّة, الغذاء,الإستقرار,...) ,
وتضمن له نهضة ً سهلة ً إلى المُستوى الثاني للحياة (التعليم , العبادة , الثقافة,
الرفاهيّة , التفكير وليس التكفير , السياسة وليس الدروشة السياسيّة,.. ) , وإذا
تماسك المُجتمع واستقرّ على ذلك , وكان حسن السيرة والسلوك مع العالمين
يُمكن أن يرتقي إلى المُستوى الثالث من الحياة وهو ( الإبداع ,التجويد,التطوير,
التحسين المُستمر , المُساهمات الإيجابيّة في الأمور العالميّة ,....) أو كما قال
أهل الذكر في هذا المجال وهم الفلاسفة (سابقاً ) والعلماء (لاحقاً) وكلاهما
معاً ومعهما كُلّ إنسان(في هذا الزمان) , زمان السرعة والمعلومة والتخطيط
والتقانة والإتقان . يتكتّل فيه الأذكياء , ويتفرق الأغبياء , العُميان الطرشان ؟؟؟
فيه كُلّ إنسان هو من أهل الذكر في مجال عمله , وهو فيلسوف وعالم (نسبيّاً ).
اللّهمَ زدْنا علما ً نافعا ً وارزقنا لسانا ً ذاكرا ً وقلباً ً خاشعا ً تقيّاً. اللهمّ إنّا نسألك
الهُدَىَ والتقىَ والعفاف والغنىَ . اللّهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
س-المعلوم أنّ حوض النّيل من حيث التضاريس عميقٌ في المجرى من الجنوب
إلى الشّمال بشكل عام و تَرتفع الأرض كلّما ابتعدنا غرباً أو شرقاً عن المجرى.
وذلك يعني أنّنا إذا أردنا سوداناً أخضرَ أو سلّة لغذاء العالم أو (مَطمُورَة ً) لقوت
الأجيال القادمة , ينبغي أن نُوفر الطاقة اللازمة لضخّ المياه أفقيّا من المجرى
نحو الغرب حتّى الحدود مع تشاد و ليبيا , ونحو الشرق حتّى الحدود مع إريتريا
و البحر الأحمر . إذا فعلنا ذلك , نكون قد حقّقنا العدالة في توزيع المياه , وما
أدراك ما المياه . المعلوم أنّ اللّه سبحانه وتعالى قد جعل من الماء كُلّ شئ حي .
والمعلوم كذلك أنّ الفيلسوف (سُقراط , على ما أذكر, لأنّني أكتب من الذاكرة)
قد توصّل إلى حقيقة أنّ كلّ الأشياء الحيّة يرجع أصلها إلى الماء , وقيل إنّه قد
صُلِبَ بسبب هذه الشّطحات لأنّها كانت خُرُوجَا ً على مَورُوثاتهم الدينيّة في ذلك
الزمان . ولكن الذي يعنينا و يهمنا هنا,هو تحقيق العدالة الموضوعيّة في التمتّع
بمياه النيل بين أفراد الشعب السوداني , القاصي منهم والداني , الإسلامي منهم
والعلماني , فهم عندنا سِيّانِ , وأملنا أنّهما سيعتدلان ؟؟؟ , أعني أخا المسلم
منهما وأخا الإنسان , حقيقة هما المُتصارعان, في دار أبي الشيطان , نعوذ
منه بالرحيم الرحمن , والشعب الطيّب تحتهما يعاني , إلى متى سينتطحان ؟؟؟
ومتى سينتصران ؟؟؟ بل متى سينهزمان ؟؟؟ لأنّ كلاهما سوداني , ألا يستحيانِ ,
وبحجميهما يقتنعان, أويتحالفان, مع من يهضمان, وله ينهضمان ؟؟؟ أوينزويان
فيُريحان ويستريحان , ويتحرّر من بأسهما سيّد الأوطان .................... ؟؟؟
إلى متى سيُدركان, أنّ إدارة الأوطان , لا يُحسنها سوى الحُسنان, وأنّ العنصر
السوداني , لا يُجمع على الغلوّ والإلحاد والطغيان , ولا يَقبَل بجُكْمِ جبان...؟؟؟
ش-محطات توليد الكهرباء المَقصودة والمُناسبة و المَطلوبة في هذه الشبكات
هي عبارة عن وحدات بُخاريّة . سعة الوحدة ( 625 ) ميغاوات تشغيل إقتصادي
مُستمر . كلّ شبكة تحتاج إلى (10 ) وحدات من هذا النوع . منها (8 ) وُحْدَات
لإنتاج (5000 ) ميغاوات باستمرار على حسب كمّيّة الإستهلاك من الشبكة و
منها وحدتان (2) لإحتياطات التشغيل و الصيانة . كذلك تحتاج كلّ شبكة إلى
(25 ) وحدة توليد غازيّة سعة كلّ وحدة (50 ) ميغاوات . يعني (1250 )
ميغاوات تشكّل الإحتياطي الأوتوماتيكي في الحالات الطارئة لكلّ شبكة .
ص-الوقود الذي يمكن إستعماله لإنتاج الطاقة الحراريّة اللازمة للمحطات البخاريّة
المُقترحة هو الغاز الطبيعي (( NATURAL GAS أو البترول الخام
(CRUDE OIL ) أواليورانيوم المُخصّب في حالة المُفاعلات النّوويّة. كذلك
يُمكننا أن نستخدم الغاز الناتج عن تكرير البترول (( RESIDUAL GAS
أو الزيت الناتج عن تكرير البترول ( RESIDUAL FUEL OIL ).
أفضلها اليورانيوم ثمّ الغاز الطبيعي ثم البترول الخام . وكلّها موارد غير مُتجدّدة
ويُمكن أن يَنضبَ مَعينها ولذلك يجب ترشيد استهلاكها وترشيد تصديرها. يكون
الترشيد مُمْكناً ,إذا كانت الشركة أو الوزارة الرائدة,هي الكهرباء وليس البترول.
ض-الطاقات المُتجدّدة موجودة في السودان مثل الطاقة المائيّة والطاقة الشمسيّة .
وهى رخيصة وتساعد على توفير الطاقة النّاضبة إلى أطول فترة مُمكنة و
لكنّها غير مضمونة و سِعَة الوحدات فيها محدودة . ولذلك لا يمكن الإعتماد
عليها ولكن يمكن إدخالها في شبكات الكهرباء بتحفّظ شديد . وذلك بتوفير
الوحدات الغازيّة الإحتياطيّة التي تشترك أتوماتيكيّاً عندما نفقد الوحدات المائيّة
بسبب قِلّة مياه الأمطار , أو اختلاطها بالأشجار . أوعندما نفقد الطاقة الشمسيّة
التي تختفي باللّيل و تظهر بالنّهار , عكس ما يفعله حراميّة السلْطة والفجّار ؟؟؟
الطاقة المائية التي يُمكن توليدها من مياه النيل عن طريق الخزانات والتوربينات
المائيّة يُمكن أن تبلغ حوالي (5000) ميقاوات , إذا استطعنا بناء (5) خزانات
كبيرة سعة الخزان الواحد منها تنتج (1000) ميقاوات . والطاقة الكهربائيّة
التي يمكن توليدها عن طريق الطاقة الشمسيّة , لا يُمكن أن تتجاوز (5000)
ميقاوات في الظروف التقنيّة الحاليّة . وفي ذلك توفير للبترول , ولكن السودان
يحتاج إلى (150000) ميقاوات , حتى يصبح كما يُريده العالم سلّة لغذائه ؟؟؟
ط-إذا أفلحنا في تحويل السودان إلى واحة خضراء , قبل أن ينضبَ معينُ البترول
السوداني , وقبل أن تنضب دماء السودانيّين, وقبل أن تنضب دموع السودانيّن,
فسوف يتغيّر مناخ السودان ليصبح كلّه أشبه بمناخ السّافنّا الغنيّة . و نكون
بذلك قد حوّلنا البترول من طاقة ناضبة إلى طاقة مُتجدّدة لأنّ الرّي سيكون
بالأمطار و لفترة تتراوح بين ثمانية شهور إلى عشرة شهور من كلّ عام .
و ذلك يوفر جزءاً كبيراً من الطاقة الكهربائيّة المُستعملة لرفع المياه وتوزيعها .
والأمطار التصاعديّة عبارة عن مياه تتبخّر بالطاقة الشمسيّة من المُسطّحات
المائبّة أو الغظاء النباتي ثمّ تتكثف في طبقات الجو العُليا الباردة ثمّ تنرل إلى
الأرض مرّة أخرى فتصيبها بوابل من المطر, و إن لم يُصِبْها وابلٌ فطلّ .
أرجو أن نخطّط ونعمل على ذلك . فالأمَمُ حيث تضع نفسها , و تُغيّر ماهي عليه
من وسائل وأسباب حتّى يُغيّر الله ما بها , فتُحقّق أهدافها و بَرامجها . كما أرجو
أن نحتفظ بكمّيّات محسوبة من البترول و الغاز الطبيعي واليورانيوم تمكّننا من
تشغيل محطّات توليد الكهرباء إلى أطول فترة مُمكنة حتّى نكتشف أويكتشف
العالم بدائل أخرى للطّاقة , ذات جدوى إقتصاديّة . إذا فعَلْنا نحو ذلك نكون قدْ
وزّعْنا الطاقة بيننا وبين الأجيال القادمة إن شاء اللّه بعدالة وعقلانيّة وعبقريّة .
أمّا إذا تقاعس المُخطّطون , وأُهْمِلَ المُتفوّقون , وغُيّبَ المُتميّزون , وأُلْجِمَ
الإعلاميّون,وتصارع المُتصارعون, بل تناطح المُتناطحون,حتّى تدخّل الطّامعون,
الذين هم على نفطِنا يَحْظِرُون , وبه في باطن الأرض يَحْتفِظون , لأجيالهم التي
سيلدون , بعد مائة عامٍ أو يزيدون , هكذا وبمِلئ أفواههم لِرُؤسائِنا يقولون ,
لأنّهم يعلمون أنّ رؤساءنا لأنفسهم يُنصّبون , ثمّ بعدها لأنفسهم يُرشّحون, ولها
يَنتخِبُون, ولها يُفوّزون , تارة ً معهم الغاوون , وتارة ً معهم الغوغائيّون. وكُلّهم
إرهابيّون , ودكتاتوريّون , وعن شعوبهم معزولون , وهُم بذلك يعلمون, ولكنّهم
لايكترثون . ولذلك أعداؤهم مُطمئنّون , وهم على العسل ولو إلى حينٍ نائمون,
وبين مُهملات التارخ لا مَحالة مُستقرّون . لا خير في علماءٍ لايقولون , كلمة
حقٍ أو للعلم يكتمون, ولاخير في زعماءٍ لايسمعون , وإذا نُصِحُوا لاينتصحون؟؟؟
عُذراً , فزعماؤنا في وجداننا مُحترمون , وعلى رؤوسنا مَحمُولون , لأنّهم
سودانيّون , ولكن ينبغي كما تعلمون , ألاّ نخش في الحق لومة الذين يلومون؟؟؟
ظ-توليد الكهرباء بدون شبكات, في كثيرٍ من الولايات, فيه نوع من الظلم والتخدير
لتلك الولايات . وفيه نوع من التضليل لصُنّاع القرارات , بإيهامهم أنّ هنالك
كهرباء في تلك الجهات . وذلك لأسباب كثيرة يعرفها المُختصّون في هذا المجال .
نعم هنالك كهرباء ولكنّها بكمّياتٍ قليلة , لا تساعد على إحداث تنمية صناعيّة ,
زراعيّة , عمرانيّة مُتوازنة . ولا يمكن أن تجعل من السودان سلة لغذاء العالم .
وكذلك تقسيم السودان إلى ولايات كثيرة , وبعضها لا نصيب له من مياه النيل فيه
نوع من الغش والظلم , يعرفه الذين يعملون في مجال توليد الكهرباء . المُواطن
العادي يشعر بالمُحصّلة النهائيّة لنتائج الظلم . وبالتأكيد سيُعبّرعن ذلك الظلم ؟؟؟
يُمكن تقسيم السودان إلى ثلاث ولايات فقط , إذا أردنا تقسيماً موضوعيّاً للثروة
والسلطة . والعدالة المُمْكِنة في توزيع الثروة هي أن يتمتّع المُواطن السوداني
بمياه النيل ,وبالطاقة الكهربائيّة , التي تدخل في صناعتها مياه النيل , ويدخل في
في صناعتها بترول السودان , وغاز السودان , ويورانيوم السودان . أمّا العدالة
الممكنة في توزيع السلطة , فهي أن يتمتّع المُواطن السوداني بالإنتماء إلى
عاصمة السودان المُثلّثة, وإلى الأقاليم في الوقت نفسه . لأنّ والي ولاية الخرطوم
ووالي ولاية صنقع دنقع لا يستويان مثلاً . بلدٌ بخارطة السودان , وهي بالتأكيد
آية من الجمال , أبدعها جميلٌ ذو جمال وجلال , يُمكن تقسيمها إلى ثلاث قطع
من اليابسة , تجري من بينها أنهارٌ , علي شواطئها أشجارٌ وإخضرار . هذه
القطع الثلاث من الأراضي الواسعة , إذا أطلقنا عليها ولايات أو أقاليم , بحيث
تظل (العاصمة ) وليس الإقليم الأوسط , عند مُلتقى الأنهار , وتقع أجزاء منها
في الأقاليم الثلاثة,يستطيع المُواطن السوداني العظيم,أن يستمتع بعظمة العاصمة.
ولأنّ المُواطن السوداني إنسانٌ كريم , يستطيع أيضاً أن ينتمي إلى الأقاليم في
نفس الوقت . وقد أوليت هذا الموضوع مزيداً من الإهتمام وتناولته بمزيد من
التفصيل والتوضيح في البند رقم (5 ) من هذا المشروع .
ع-توزيع الكهرباء داخل المناطق السكنيّة , والصناعيّة , والتجاريّة , والسياحيّة ,
والزراعيّة , بطريقة العمدان الخرسانيّة , والأسلاك الطرزانيّة , تؤدّى إلى
إنقطاع التيّار الكهربائي أثناء الأمطار والعواصف . وتعوق عمليّات العمران
والتشجير وغيرها . ولذلك أرى أن نستعمل نظام الكوابل الأرضيّة , لتوزيع
الكهرباء في مناطق استهلاك الكهرباء المذكورة . وهذا النظام يساعد أيضاً
على تخطيط المناطق أو المدن المذكورة . وذلك بتوزيع شبكة الكوابل الكهربائيّة
وكذلك التلفونيّة ,وشبكات الكمبيوتر , وشبكات مياه الشرب, وشبكات مياه الرّي
المصحوبة بأنظمة الري الأوتوماتيكيّة . وشبكات المجاري الصحيّة المصحوبة
بالأنظمة الأوتوماتيكيّة لمعالجة مياه المجاري الصحيّة , وشبكات التخلص من
مياه الأمطار والسيول , وربّما شبكات توزيع الغاز , وشبكات مكافحة الحرائق .
وسفلتت الشوارع من موقع الحائط إلى موقع الحائط المقابل لمحاربة الرمال
والأتربة , وتوفير أنظمة التخلّص من النفايات . وتوفير الأنظمة الكفيلة بصيانة
وإستمراريّة كُلّ هذه الخدمات بصورة جيّدة وآمنة, ومضمونة . ذلك يمكن أن يتم
قبل إنشاء المباني . تجارة الأراضي ينبغي أن تكون عن طريق شركات المُقاولات
الهندسيّة المُقتدرة والمُختصّة في تجهيز الأراضي بالطريقة المذكورة , ثمّ بيعها
وإعطاء نسبة مُعيّنة من صافي الأرباح إلى الحكومة . وفي ذلك نوعٌ آخر من
الإنصاف الممكن بين الحكومة , وتاجر الأراضي , والمُواطن . وفيه مساواة بين
المُواطنين في إمكانيّة الحصول على الأراضي, وإمكانيّة الحصول على الخدمات.
أرى أن تكون هذه النسبة 45 % , على أن تنطبق على هذه الشركات , شروط
العمالة التي ذكرناها . إذا فعلنا ذلك نكون قد استثمرنا أموال تجارة الأراضي
إستثماراً حقيقيّاً , وعَمّرنا الأرض تعميراً حقيقيّاً . ونكون قد وجدنا عدداً لا
نهائيّاً من فرص العمل في هذا المجال الواسع ,وفى تلك المدن متعدّدة الأغراض.
تلك المُدن أعدادها ستكون لا نهائيّة,إذا كنّا جادّين فى تحويل السودان إلى واحة,
خضراء,وذلك يعنى , تحويل بترول السودان من طاقة ناضبة,إلى طاقة متجدّدة .
التوسّع الأفقي في هذه المُدن مطلوب , وذلك لتوسيع مساحة الغطاء النباتي ,
للأسباب التي ذكرناها . والتوسع الرأسي أيضاً مطلوب لتوسيع مساحة الغطاء
النباتي . بمعنى أن لا تزيد مساحة الأرض المبنيّة عن 50 % من مساحة
القطعة المُعيّنة , سواء كانت سكنيّة , أو تجاريّة , أو صناعيّة , أو سياحيّة ,
والخمسين في المائة الأخرى ينبغي أن تكون مخضرّة , إخضراراً نافعاً . وينبغي
تكون الأرض إمّا مبنيّة , أو مزروعة , أو مُسفلتة , أو في طريقها إلى أيّ نوعِ
من أنواع الإعمار المُفيد . وينغي أن تُزال الأنقاض والأتربة والنفايا أوّلاً بأول .
وأن تكون المباني عشرة طوابق فما فوق , على حسب ما تتحمله ظروف التربة,
وعلى حسب الإمكانات العِلميّة والتقنيّة المُتاحة في هذا المجال المُتطوّر دائماً .
وينبغي أن تكون بها مصاعد ,وسلالم مُتحرّكة كهربائيّاً , مأمونة ومُصانة , وبها
درج عادي , ودرج للطوارئ . وينبغي أن تكون مُكيّفة تكييفاً مركزيّاً مأموناً
ومُصاناً , ومعزولة حراريّاً لتوفير الكهرباء , ومعزولة مائيّاً لأنّ حولها زراعة.
2- الأرض/المناخ/المياه/الزراعة/الثروة الحيوانيّة/الثروة السمكيّة/الغابات:-
أ-الزراعة على ضفاف النيل الأبيض و كذلك النيل في الشماليّة زراعة مُوسميّة
لأنّ النّيل الأبيض وكذلك النّيل في الشماليّة يتّسعان وينحسران مع قفل و فتح
البوّابات في الخزّانات على حسب كمّية الأمطار وحصّة مصر من مياة النّيل .
وذلك يقلّل الإنتاج السنويّ من ناحية , و من ناحية أخرى يجعل المُزارع يأكل
ما أنتجهُ قبل أن يأتي المُوسم الجديد . وبذلك يصبح المُزارع فقيراً باستمرار
ويصبح الحيوان نحيفاً باستمرار و لا مجال لزراعة الفواكه و الأشجار الصغيرة
التي تحتاج إلى الرّي باستمرار . فتصبح الزراعة غير مُجدية إقتصاديّاً , بل
تصبح مهنة طاردة ومهجورة , مُقارنةً بالمهن الأخرى ذات الدخل المُستمر
والمَضمُون والمُريح و إن كانت مِهن هامشِيّة . المطلوب إستمراريّة الزراعة .
ب- مُعضِلة حِصّة مصر من مِياه النيل مع دول حوض النيل الأخرى , هي مُشكلة
حقيقيّة تواجه التوسّع في توليد الكهرباء المائيّة عبر الخزّانات , وتواجه التوسّع
في المشاريع الزراعيّة التي لها علاقة بمياه النّيل . ولكن هذه المُشكلة لها حلٌّ
بَديهيّ واقتصاديّ فرضته أوّلا ً الظروف الإنسانيّة تجاه الإنسان الإفريقي وثانياً
فرضته ظروف العولمة الإقتصاديّة و التكتّلات الإقليميّة والدوليّة . هو أنّ هنالك
دولةٌ يجب أن تقوم , إسمها إتِّحاد دول حوض النيل أو من الأفضل أن نسمّيها
دولة حوض النّيل , أو دولة وادى النّيل , أو ولايات النيل المُتّحدة , إذا سمحت
موازين القوى الدوليّة بتكوين مثل هذه الدولة لظروف إنسانيّة ليس إلاّ . هنالك
مزيد من التوضيح والتفصيل لهذه النّقطة , في البند رقم (5 ) من هذا المشروع.
ت-المضخّات المستخدمة حاليّاً في المشاريع المرويّة بالطلمبات تعمل بوقود الديزل و لمرحلة واحدة فقط و عبر قنواتٍ ترابيّة مفتوحة . و ذلك يؤدّي إلى تعرّض المياة للتسرّب و التبخّر و التلوّث فيصبح المزارع مريضاً وهزيلاً و قليل العطاء باستمرار و يصبح الحيوان كذلك مريضاً و هزيلاً و غير صالح للأكل والتصدير.
كما أنّ المشاريع الموجودة حاليّاً تغطّى شريطاً ضيّقاً جدّاً على ضفاف النّيل
الشرقيّة و الغربيّة فقط .................................................................؟؟؟
مشكلة تلوّث المياة أيضا ً من مشاكل الزراعة فى منطقة المناقل والجزيرة
المرويّة إنسيابيّا عن طريق خزّان سنّار . تشترك مشاريع النيل الأبيض ومشروع
الجزيرة المرويّة في أسلوب الحوّاشات , وهو أسلوب طارد , وغير مُشجّع ,
لأسباب يعرفها الذين مارسوا الزراعة في هذه المشاريع , وأهمها الأمراض
الأميبيّة مثل البلهارسيا والدوسنتاريا والقارديا والتايفويد وغيرها . وكذلك
الأمراض الفايروسيّة مثل الملاريا , عاديّة وخبيثة وغيرها . وإذا قام المزارع
بزراعة الفاكهة والخضروات , لتغذية أطفاله ,وتقوية مناعتهم ضدّ أمراض سوء
التغذية المذكورة , يأتي عُمّال مُكافحة أمراض القطن المزعومة , ويقتلعون
هذه الخضروات وأشجار الفاكهة من جذورها ( بالكمّاشة ) ...................؟؟؟
هذه المُشكلة لم تكن موجودة عندما أُنْشِئَتْ هذه المشاريع , لأنّ الإبادة الحشريّة
والمُعالجة الكيميائيّة ضدّ تلوّث المياه كانت موجودة حتّى بداية السبعينات ,
وكانت هنالك غرف مبنيّة بالطوب الأحمر لهذا الغرض . ولذلك لم تتفشّى تلك
الأمراض في تلك المناطق في ذلك الزمان . وكان المُواطن في تلك المناطق
كأنّه مولود في أرقى أحياء العاصمة حاليّا ً . ولكن هذه المُعالجة الآن غير
موجودة وتلك الغرف قد تكسّرت وأُزيلت آثارها من الوجود .....................؟؟؟
ث-المطلوب أن تُضخ المياه بالمضخّات الكهربائيّة , وعلى المراحل المحسوبة لكي
تصل المياه إلى أقصى شرق السودان وإلى أقصى غرب السودان عبر شبكات
لمياة الرّي ( تحمل مياه مُعالجة كيميائيّاً دون إزالة الطمي ) , وشبكات لمياه
الشّرب (تحمل مياة مُعالجة كيميائيّاً مع إزالة الطمي) . وذلك لكي نستطيع أن
نزرع بطريقة آليّة , للإنسان ما يأكله وأن نزرع كذلك للحيوان ما يأكله. وأن
نتمكّن من سِقاية ما نزرعه بطريقة أوتوماتيكيّة , لا علاقة لها (باللّبَقة) ولا
السّلّوكة ولا الطّوريّة , ولا الأمراض الأميبيّة . و بذلك تُودّع البلاد كلّ النزاعات
المُسلّحة بين الرّعاة والمزارعيّة , إلى فترةٍ أبديّة . وتودّع عُجُول الرّواعيّة
وجمالهم ماء بئر ٍ كانت تجرّهُ مُنذ فترةٍ سرمديّة , في بقاع ٍ نائيةٍ قصِيّة . ونترك
التجوال والترحال والمَحاكير وكُلّ الأساليب البدائيّة , في سِعَايَة الثروة الحيوانيّة.
الإختيار الأنسب لمَضخّات رفع المياه , من النيل إلى الأعالي , في الغرب وفي
الشرق , أن تكون قادرة على ضخ الكميّات المطلوبة , للمُدن المُقترحة المُعيّنة ,
بحيث تكون المسافة بين المدينة والمدينة الأخرى حوالي (50) إلى (60 ) كلم ,
من مركز المدينة إلى مركز المدينة التي تليها . بمعنى أن تكون المسافة بين
محطّات ضخ المياه المُتتالية حوالي (50 ) إلى (60 ) كلم,بين المحطّة والأخرى .
هذه المضخات الضخمة يُمكن أن تحرّكها توربينات غازيّة,أو مُوتورات كهربائيّة
أو ماكينات الديزل . والأفضل وجود الأنواع الثلاثة من المُحرّكات في كُلّ محطّة .
هذا النوع من محطّات رفع المياه , يُمكّننا من إيصال مياه النيل إلى جميع أنحاء
السودان.ويُمكّننا كذلك من تصديرالفائض من مياه النيل,إلىأقصى غرب إفريقيا,
وإلى كُلّ أنحاء الجزيرة العربيّة . هذا يعني تغييراً كبيرً جدّاً في مساحة الغطاء
النباتي في المنطقة من المُحيط إلى الخليج , وبالتالي تغيير المناخ بحيث يصبح
مُوسم الأمطار أطول ممّا هو عليه الآن . وفي ذلك توفير للبترول كما ذكرنا .
ومن ناحية أخرى فإنّ هذا العدد اللانهائي من محطّات ضخ المياه , ومن المدن
التابعة لها , يُوجدُ عدداً لا نهائيّاً من الوظائف , المُغرية وغيرالمُؤقّتة والحيويّة,
ويوجدُ كذلك عدداً لانهائيّاً من الأراضي الإستثماريّة , المُغريّة والجاذبة والمُتعدّدة
الأغراض: سكنيّة, زراعيّة, رعويّة, صناعيّة, تجاريّة , سياحيّة , طبيّة,تعليميّة .
هذه ليست فانتازيا ذِهنيّة , إنّما هي دراسات عِلميّة , وتطبيقات هندسيّة ,
ومشاريع إستثماريّة , بشروطٍ تجاريّة موضوعيّة . وهي بالتأكيد تتفق مع
نبوءة الذي لا ينطق عن الهوى , حين قال بأنّ الجزيرة العربيّة , في آخر الزمان
سيتغيّر مناخها , وستصبح غابة , .... إلى آخر الحديث , أو كما قال صلّى الله
عليه وعلى آله وسلّم تسليماً كثيراً يملأ السماوات والأرض وما بينهما , ويملأ
الزمان والمكان الطاهر . وقد تتوافق مع المشروع الأطلانطي , بخصوص الشرق
الأوسط الكبير, أو الشرق الأوسط المُوسّع الذي يمتدّ من المُحيط إلى الخليج ,
والذي ربّما إستوحاه مُقترحُوهُ , إستناداً على مَوْرُوثاتِهم الرُوحَانيّة ...... ؟؟؟
أقول المشروع الأطلانطي , ولا أقول المشروع الإسرائيلي , لأنّ إسرائيل هي
نبتة أطلانطيّة , زرعها الأطلانطيّون لخدمة أغراضهم الإستراتيجيّة , في مُلتقىَ
القارّات الثلاث ( أوروبا , إفريقيا , آسيا ) . وكُلّما إتسعت مساحة هذه المُقاطعة
أو الولاية الأطلانطيّة , كُلّما تمكّن الأطلانطيّون من تحقيق أغراضهم ,التي يبدو
أنّها دُنْيَويّة ( إستثماريّة , بتروليّة , مائيّة , يورانيوم , غاز طبيعي , تقنيّات ),
ولذلك خُلِقوا , أو كما قال الذي لاينطق عن الهوى , صلّى الله عليه وسلّم .
وليس بغريب أن يتخذ هؤلاء من التدابير ما يُؤمّن مشاريعهم التجاريّة , في
هذه المنطقة, وبالطريقة التجاريّة التي تناسبهم . مثل إزالة الأنظمة التي تتعارض
مع مصالحهم الرأسماليّة , وإستبدالها بأنظمة ديمقراطيّة تخدم مصالحهم ...؟؟؟
ج-المُعالجة المقصودة لمياه الرّي , هي عبارة عن تعقيمها بقتل الأحياء المائيّة
الدقيقة التي تسبّبُ البلهارسيا والقارديا والدوسنتاريا والتايفويد وغيرها من
الأمراض . هذا التعقيم يُمكن أن يتمّ بإضافة مواد كيميائّة سائلة إسمها
هايبوكلورايت الصوديوم( SODIUM HYPOCHLORITE) أو
هايبوكلورايت الكالسيوم ( ( CALCIUM HYPOCHLORITE
إلى شبكة المياه بكميّات محسوبة و بأجهزة تعمل أوتوماتيكيّاً . هذه المواد يُمكن
إستخراجها من المياه المالحة بطريقة كهربائيّة إسمها :
. ((ELECTROCHLORINATION PLANT .
و المياه المالحة , التى يمكن أن تستخرج منها هذه المواد , موجودة بكمّيات
كبيرة في حوض أُمدرمان الجوفيّ الذي يُعرف أيضاً بالحوض النّوبيّ لأنّه يمتدّ
من غرب أُمدرمان إلى منطقة حلفا . وطبعاً توجد المياه المالحة أيضاً في البحر
الأحمر . أمّا في الأماكن التي لا توجد بها مياه مالحة فيُمكن تعقيم المياه بإضافة
غاز الأوزون بكمّيات محسوبة وبأجهزة تعمل أوتوماتيكيّا . غاز الأوزون يُمكن
استخراجه من الماء , ثمّ إضافته إلى الماء بنسبة مُعيّنة, وذلك بطريقة كهربائيّة
وبأجهزة أوتوماتيكيّة إسمها ( ( OZONIZATION PLANT .
فالسّودان غني ّ بالمياه العذبة , الصّالحة للشرب وللزراعة والصّناعة وتوليد
الكهرباء والبناء العمراني , و غني ّ أيضا ً بالمياه المالحة التي يُمكن أن
تستخرج منها مواد لتعقيم المياه العذبة . وذلك فضلٌ مُبين , من ربّ العالمين ,
نحمده ونشكره أن فضّلنا على كثيرٍ من عباده المُؤمنين . ونسأله أن يَصرف عنّا
بأس المُجرمين , وكيد الخائنين , وحِقد الجاهلين المُستجدّين , ومكر الطامعين .
ح-المنطقة التي يُمكن ان تُنافِس عالميّا من حيثُ الإنتاج الزراعي والحيواني
بصورة سريعة و بأقلّ مجهود , هي منطقة الإقليم الإستوائي وأقاليم السافنّا
الغنِيّة و الفقيرة . و لِذلكَ ينبغي أن نبدأ الإعمار من الجنوب إلى الشمال مع عدم
إهمال المناطق الأخرى , بعد تحقيق السلام , وإزالة الألغام , وتطابق الأحلام .
والأحلام هى الإجماع التام , على مصلحة كُلّ الأنام , وكُلّ عوالم الأنعام , وعلى
الأمان والوئام والإنسجام , وعلى ما يجلب الإحترام العام , والتقدّم إلى الأمام .
بالإضافة إلى مُشكلة الألغام هنالك مشاكل أخرى تجعل الزراعة مِهنة مُخيفة
وطاردة في المناطق التي توجد بها الذبابة الرمليّة ومرض الكلزار , والمناطق
التي توجد بها ذبابة التِسيتِسي ومرض النوم , والمناطق التي توجد بها أنثى
الأنوفلس ومرض الملاريا الخبيثة , وهنالك حشرات أخرى وأمراض أخرى
ينبغي تكثيف المجهودات من جميع الجهات للقضاء عليها. هنالك مُشكلة أخرى
تجعل الناس يرفضون العمل في تلك المناطق , ويتقدّمون بإستقالتهم عن العمل
إذا ما أريد نقلهم إلى الجنوب , وغالباً ما يتركون المِهنة إذا لم تقبل إستقالتهم.
هذه الظاهرة لا تقتصر على مِهنة واحدة , بل تشمل كلّ المِهَن , في المجالات
التعليميّة والصحّيّة والشرطيّة والعسكريّة والزراعيّة والصناعيّة والتجاريّة
وغيرها. هذا الخوف من العيش في هذه المناطق لا يقتصرعلى قبيلة دون قبيلة,
أو على لون دون لون , أو على ديانة دون ديانة , أو على الشماليّين دون
الجنوبيّين . والأسباب غير معروفة . ولكن أذكر أنّني عندما تمّ توظيفي بالهيئة
القوميّة للكهرباء في عام 1984 وأخبرت والدي ووالدتي والأسرة لم يفرحوا
بذلك , فقلت لهم لماذا فسكتوا ؟؟؟ وبعد السكوت قالت لي والدتي: عبد الرحمن
ياولدي ناس الكهربة ديل كان بِودّوك الدمازين ولا الجنوب أنحنا ما دايرين
شغل عندهم . فضحكتُ وقلت لهم لماذا ؟؟؟ فقال لي والدي المولود عام 1900م
ياولدي قالوا الصعيد رَبّىَ الفيل , لكن صعيد الزمن دا يختلف عن صعيد زمان
والجنوبيّين الأصليّين كلّهم رحلوا من الجنوب إلى الشمال , ومنهم عمّك فلان
وفلان , وفلان ,.... و 25% من سكّان النيل الأبيض والجزيرة المَرويّة وغيرها
هم من الجنوبيّين السودانيّين الأصليّين . قلت لهم أصليّين كيف ؟؟؟ فقالوا لي
هل سمعت يوماً واحداً أنّ عمّك فلان , أو فلان, أو فلان , ضرب أحداً , أو
قتل أحداً , أو سرق شيئاً , أو نهب شيئاً ؟؟؟ فقلت لا واللّه . فقالوا لي : الجنوبي
الذي يسرق , أو يقتل , أو ينهب ليس سودانيّا أصيلاً ......................... ؟؟؟
لأنّ الجنوبيّين الذين نعرفهم , وعشنا معهم في الجنوب , وعاشوا معنا في كُلّ
أنحاء السودان , ومنذ قديم الزمان , لا يفعلون ذلك . فقلت لهم ما هى علاقتكم
بالجنوب,أي ماتسمّونه الصعيد , أرى أنّكم تعرفون عنه الكثير؟؟؟ فقال لي والدي
إنّ جَدّهم صالح الحِجازي ( وإسمه مذكور في تاريخ السودان الحديث الذي
درسناه في المرحلة المتوسّطة ) كان في العهد التركي أميراً لمنطقة النيل
الأبيض , من الخرطوم إلى فشودة . وهو الذي هزم جيش المهدي في منطقة
القرّاصة , شرق النيل الأبيض . فساومه المهدي على أن يبقى أميراً على
نفس المنطقة شريطة أن يُعلن تأييده للمهديّة , لأنّه لم يكن تركيّاً , وإنّما كان
خلطة ً حجازيّة- نوبيّة- جعليّة , وكان إداريّاً مُتميّزاً , وكذلك كان والده , فاختاره
الأتراك أن يكون أميراً لمنطقة النيل الأبيض . فرفض الرجل العرض الذي قدّمه
له المهدي لأسباب أسريّة بينه وبين الإمام محمّد أحمد المهدي . فأهدر المهدي
دمه . فاختفى بين أهله في قطاطي الخرطوم ,الواقعة شرق ميدان أبي جنزير, من
موقع مستشفى الخرطوم الحالي إلى شارع النيل, حتى سقطت الخرطوم بالحصار
في أيدى الأنصار , وقطع الأنصار رأس غردون باشا . وبعدها أيّد الرجل فكرة
الدولة الوطنيّة , التي فاوضه عليها الخليفة . وعفا عنه الخليفة , و عيّنه أميراً
للحجازيّة في منطقة أمدرمان , وكانت هذه الإمارة تقريباً في المنطقة شمال
المُلازمين الحاليّة , وجنوب بيت المال ,وكّلّ منطقة الشهداء ,إلى سوق أمدرمان.
منطقة مستشفى أمدرمان كانت تقع في وسط الإمارة . وقد جاهد الرجل وقومه
وأبناؤه حتى استشهدوا في كرري . فقلت لهم ما هي مُشكلة صالح الحجازي مع
المَهدي ؟ فقال لي والدي إنّ جدّته,أي جدّة والدي, وإسمها فاطمة عبدالرحمن
الحاج حمد , وكنيتها (بت حسين) , وهي إمرأة صالحة , تحفظ القرآن , كانت
قد رأت في المنام أنّ رجلاً صالحا ً سيتزوّجها . وكانت إبنة عم صالح الحجازي ,
فجاء صالح وإسمه الحقيقى صالح محمّد الحاج حمد , إلى أعمامه , و قال لهم
أنا إسمي صالح , وهي رأت في المنام أنّ صالحاً سيتزوجها , فأريد أن أتقدّم لها
فما رأيكم ؟؟؟ فقالوا وافقنا , فتمّ الزواج . وبعد سنتين ظهر له أنّها فعلاً إمرأة
صالحة , وتستحق أن يتزوجها رجلٌ أصلح منه . فجمع أعمامه , وشرح لهم
الموضوع , وقال لهم أنا أطلّقها أمامكم وأنا راضٍ عنها لوجه اللّه . وبعد حين
جاء الإمام محمّد أحمد المهدي من الشمال وتزوجها. فأغاظ ذلك صالح الحجازي
فلم يِؤيّد المهدي , بل هزم جيش المهدي في القرّاصة كما أسلفنا . ولكن الجدير
بالذكر أنّ فاطمة هذه كانت حجازيّة أنصاريّة , قبل أن يتزوّجها الإمام محمّد أحمد
المهدى ؟؟؟ وأهلها كانوا كذلك حجازيّة وأنصار. يعني أهلها ينتمون إلى الأنصار
الذين كانوا في المدينة المُنوّرة , التي لم يحتلّها الأتراك . وهي التي أطلقت على
أتباع المهدي صِفة الأنصار . وهي تعني أنصار اللّه ورسوله . لأنّ الرجل لم يدّع
النبوّة أو الرسالة , وإنّما إدّعى المهديّة . والمهديّة باختصار هى تجديد الدين ,
وليست رسالة جديدة أو دعوة جديدة . والإمام محمّد أحمد المهدي رحمه الله , قد
أفلح في الإعراب عن مهديّته , وفي التجديد الذي إدّعاه . ولذلك ليس من الأدب
أن نقول أنصار المهدي , أو الهادي , أو الصادق , إذا كنّا نحترم تاريخنا . وكان
يُمكن أن يحدث له ما حدث للمُهندس محمود محمّد طه, الذي لم يُفلح في الإعراب
عن تجديده للدين بطريقة مقبولة لدى المُسلمين , حيث ألّف كتابه (الرسالة
المُحمّديّة الجديدة ) , ففهم النّاس أنّ الرجل قد إدّعى الرسالة , وحكموا عليه
بالردّة . والرجل قد كان صالحاً ومُجدّداً ولكن خانه التعبير , إن جاز هذا التعبير,
أو أساء الآخرون فهمه . كُنّا نسكن بجواره بمنزله الكائن بمدينة الثورة الحارة
الأولى , ولاحظنا أنّ الرجل قد أيّده أهله ومعارفه من رفاعة , وقد هاجروا معه
من رفاعة إلى أمدرمان لمصلحة تجديد الدين , كما أعربوا عن ذلك صراحة ً .
وكذلك لاحظنا أنّ أتباعه مُحترمون ,وكُلّ يوم يزيدون , حتّى تمّ أعدمه المُجرمون.
على كُلّ حال أنا هنا لا أعني أنّ الذين حملوا السلاح في الجنوب وافدون , وأنّ
سلوكهم يختلف عن سلوك الجنوبيّين السودانيّين الأصليّين . ولكن عليهم أن
يُثبتوا أنّ حركتهم ليست بتروليّة بحتة , عندما يُقدّمهم من أرادوا بيع بتروله
للمُساءلة . وعليهم أن يعلموا أنّ صاحب البترول هو المُواطن السوداني , وأن
المَعني بوحدة السودان , وإعادة بناء السودان, هو المواطن السوداني . الجُهلاء
والساذجون , والدّخلاء الذين دمّروا السودان ,هم الذين أقنعهم المُتآمرون بأنّ
صاحب البترول هو المُواطن الذي ينتمي إلى المنطقة التي يوجد بها البترول .
أو هو المُتمرّد الذي يزعم أنّه حرّر منطقة البترول . أو هم الغريبون في أطوارهم
والمُتفرّدون في سذاجتهم , الذين يستغلّون ضعف الحُكومات الآيديلوجيّة , غير
الشرعيّة , المرفوضة دوليّاً , و يرسمون خارطة ً لمناطق في السودان غنيّة ,
ويتخيّلون أنّ هذه هي حُدودُ دولتهم الرومانسيّة , التي سيحكمونها رغم أنف
الأمّة السودانيّة,دون أن يوفوّضهم السودانيّون . ذلك إذا افترضنا أنّهم ساذجون ,
ومُسْتَغلّون , من قِبَل الذين يعتبرون , حضارتنا أنّهم كانوا لنا يُدلّلُون , فى الدِلالةِ
وفي أسواقهم يَبيعُون , وفي مزارعهم ومنازلهم يستعبدون , وبالسياط يجلدون .
أمّا إذا اتضح أنّنا ساذجون , وأنّهم على تقسيم السودان حادبون , عندها سيصبح
الحديث ذا شجون , وسيلعنهم اللاعنون , وسيعلمُون أيّ مُنقلبٍ سينقلبون ....؟؟؟
خ- يُمكن أن تصبح الزراعة مُجدِية إقتـصادِيّاً كمشروع إستثماري وجاذِبة كمِهنة
إذا سمحنا للشّركات العالميّة المُقتدرة والمُختصّة في مجال إنتاج وتطوير وتصنيع
وتسويق المُنتجات الزراعيّة والحيوانيّة , بأن تدخل إلى السودان , بشروط
مُغرية وجَاذبَة . ثُمّ أتحنا لها الفرصة أن تزرع ما تشاء (ما لم يكن مُحرّما دولِيّاً)
و أن ترعى ما تشاء من الحيوانات , وفي أيّ بُقعة ٍ من بِقاع السودان الواسعة .
و أن تستورد و تُصدّر ما تشاء ( غير المُحرّمات دولِيّاً) و بِدون أيّ جمارِك
و ضرائب و رسوم وتعقيدات أخرى مثل التعرّض للمُصادرة والتأميم والتمرّد
المُسلّح والإنقلابات العسكريّة الآيديلوجيّة , وقوانين الطوارئ الدكتاتوريّة .
د-سيكون هذا العرض أيضا ً ضخماً ومُغرياً وجَاذباً إذا كانت مساحة المزرعة
الواحدة تتّسع لإنشاء مدينة إستثماريّة مُتعدّدة الأغراض : سياحيّة , زارعيّة ,
صناعيّة , تجاريّة , طبّيّة , تعليميّة مُتكاملة . من المرحلة الإبتدائيّة إلى المراحل
الجامعيّة , وفوق الجامعيّة . هذا النوع من المُدن غالباً ما ينتمي إلى شبكات
تجاريّة عالميّة , مُتعدّدة الأغراض , بطريقةٍ تجعل العولمة التجاريّة إيجابيّة .
ذ- لكي يكون هذا المشروع الحساس أكثرَ إغراءا ً وجاذبيّة للذين يعملون في هذا
المجال, وأكثرَ إقناعا ً للذين يُعيبون , بل يَرفضون كُلّ أشكال التّطوّر الرّأسمالي ,
والذين أحترمهم , لابُدّ أن تُقدّم هذه الشّركات للعمّال الزراعيّين وعمّال تربية
المواشي والموظفين الآخرين,المدنيّين والعسكريّين,المُرتّبات والبدلات وشروط
العمل المُغرية,الجاذبة,التي تقنعهم بجدوى السلام والإستقرار والوئام والوحدة .
كلّ المُوظّفين , بما فيهم المُزارعين والرعاة , والعساكر , لا بُدّ أن يكون الحدّ
الأدنى لمُرتّباتهم الشّهريّة ما يُعادل ألف دولار كراتب أساسي , ويُمنح المُوظّف
علاوة بدل سكن تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل ترحيل تعادل
20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل علاج تعادل 20 % من الرّاتب
الأساسي , ويُمنح ما يعادل 20% من الراتب الأساسي لتعليم أبنائه . و يُحفظ له
ما يعادل 20% من الراتب الأساسي كحافز تشجيعي لما بعد الخدمة . للشركات
الحق في إستقدام أيّ خبرات و كفاءات أجنبيّة كما تشاء ومتى تشاء . إذ فعلنا
ذلك , نكون أيضا ً قد وجدنا حَلاّ جذريّا ً لمُشكلة هجرة الكفاءات في هذا المَجال .
ر- نسبة الأرباح بين هذه الشركات وبين الحكومة يَنبغي أن تكون مُغرية للشركات
على أن تلتزم الشركات بتقديم الخَدَمَات الصّحيّة لمُوظفيها وأبنائهم وزوجاتهم
وآبائهم وأمّهاتهم . و أن تلتزم كذلك بإسكان مُوظفيها وتعليم أبنائهم حتى
المَرحلة الجَامعيّة والمراحل فوق الجَامعيّة . ومن ثمّ تدريبهم وتوظيفهم .
أرى أن تكتفي الحكومة بنسبة 45 % من صافي الأرباح . إذا فعلنا ذلك تكون
هذه الشركات قد ساهمت في حل مشاكل التعليم والعلاج والدريب والتوظيف,
و بطريقة فيها نوع من العدالة . لأنّ العمل في هذه الشركات سيكون بالسيرة
الذاتيّة , بعيدا ً عن الإنتماءات الحزبيّة , والمحسوبيّات العِرقيّة , والعنصريّات
اللونيّة , والإنتقائيّات الشكليّة (الجماليّة) , والتفضيلات الدينيّة والجهويّة ,
والرشاوى والإمكانات الماديّة . وسيكون التخاطب فيها باللغات العالميّة .
ز-للشركات الحق في إستقدام أيّ خبرات و كفاءات أجنبيّة كما تشاء ومتى تشاء ,
وبالشّروط التي تناسبها , ومن دون أن تتقيّد بأيّ برنامج لسودنة أو توطين
الوظائف . ينبغي أن يرتفع السودنيّون إلى مستوى التّحدّي والمُنافسة الشّريفة
وهم قادرون على ذلك . لكي نتجنّّب ظلم النّاس , كلّ النّاس . فالظلم ظلمات يوم
القيامة . ورحمة اللّة وسعت كُلّ شئ ولكنّه يكتبها للذين يتّقونَهُ . إذا فعلنا ذلك
نكون قد جعلنا من السودان سلّة ً لغذاء العالم بطريقة مباشرة وبطريقة غير
مباشرة . الطريقة المباشرة هي أن نصدّر مواد غذائيّة للعالم . أمّا الطريقة غير
المباشرة فهي أن يُرسلَ المُغتربون العاملون بالسودان أموالا ً لأهلهم خارج
السّودان ليشتروا بها ما يحيتاجون إليه . كما نفعل نحن كمغتربين الآن ........؟؟؟
س-لابُدّ أن تكون الشركات الزراعيّة شركات عالميّة لها مشاريع زراعيّة في أماكن
أخرى من العالم , ولها أساطيل برّيّة و بحريّة و جوّيّة لنقل و تسويق منتجاتها
في كلّ أنحاء السودان , وفي كلّ أنحاء العالم . وذلك لكي تستطيع أن تربط بين
كِمّيّة الإنتاج ونوع المنتج ومكان الحوجة إلى المنتج و زمان الحوجة إلى
المنتج وترحيل المنتج بحالة ممتازة وفي الوقت المطلوب. هذه الأساطيل لا
يمكن أن تذهب مملوءة وتأتي فارغة , لمجرّد أنّ السودان لا يريد أن يصرف
عملات حُرّة على المواد الغذائيّة . الذي أقترحه هنا عبارة عن شبكات غذائيّة
عالميّة , تماماً مثل الشبكات الكهربائيّة . بمعنى أنّها شركات عالميّة تنتج في
السودان ما يحتاجه العالم ولا يمكن إنتاجه بطريقة إقتصاديّة إلاّ في السودان ,
ثمّ تصدّره من السودان إلى العالم . وتجلب إلى السودان من العالم ما لا يوجد أو
ينتج في السودان من المواد الغذائيّة وهكذا . إذا فعلنا ذلك نكون قد وفرنا
للموطن السوداني كلّ المواد الغذائيّة المتاحة في العالم طيلة أيّام السّنة . وبذلك
نكون قد دَحَرْنا أمراض سوء التغذية دحرا ً حقيقيّاً . وكذلك نكون قد جنّبنا
السودان المجاعات التي تحدث فيه بطريقة دوريّة طبيعيّة منذ قديم الزمان .
والشّاهد على ذلك قصّة السبع بقرات السّمان اللاتي يأكلهُنّ السبع العجاف ,
و السّبع سنبلات الخُضر والأ ُخَر اليابسات . وقصّة ناس أبو القنعان المعروفة
في منطقة النيل الأبيض الذين لم يجدوا أن يشتروا كِيلَة العيش بكيلة الذهب
فماتوا جميعهم . وهنالك مجاعة سنة ستّة وقصّة عيش ريغن وغيرها .
الذين مارسوا الزراعة على ضفاف النيل الأبيض يدركون لماذا تحدث المجاعات
في السودان . أحيانا ً يزرعون البذور ثمّ يسقونها من مياه النيل , ولكنّها لا
تنبت , وإذا أنبتت تتيبّس قبل أن تثمر , وإذا أثمرت يكون الإنتاج قليلاً جدّا ً .
حتى الخِيران أو الخلجان الموجودة على ضفاف النيل الأبيض والتي عادة ما
تنبت فيها أعشاب طبيعية تأكلها الأبقار وغيرها , أحيانا ً لا تنبت وأحياناً تتيبّس
وتذروها الرياح . وكذلك الحال مع الأعشاب المطريّة أو الزراعة المطريّة...؟؟؟
وقد سألنا أجدادنا عن أسباب هذه الظّاهرة فلم يجدوا لسؤالنا إجابة أبلغ من قول
اللّه سبحانه وتعالى : ( أَفَرَءَيْتُم مّا تَحْرُثُونَ * ءَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ ,َ أمْ نَحْنُ
اْلزّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامَاً فَظَلْتُمْ تَفَكّهُونَ * إنّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ * ..... ) إلى قوله تعالى (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكْذِبُونَ )
صدق اللّه العظيم , الآيات من سورة الواقعة ( 63 إلى 82 ) .
وتحرثون هنا بمعنى تلقون البذور في الأرض ثمّ تدفنونها . وتزرعونه هنا
بمعنى تنبتونه . وحطاماً بمعنى هشيماً متكسّراً . وتفكّهون بمعنى تعجبون من
سوء حاله ومصيره . وإنّا لمُغرمون بمعنى مُهلكون بهلاك رزقنا . ومَحرومون
بمعنى ممنوعون الرزق . وتجعلون رزقكم بمعنى تجعلون شكركم . وهذا عقاب
من اللّه سبحانه وتعالى لعباده , عندما لا يشكرونه شكراً حقيقياً على أنعمه .
واللّه تعالى أعلم . أمّا نحن فينبغي ألاّ نستخدم الدين للوصول إلى الدكتاتوريّة ,
وما يترتّب عليها من متعة دنيويّة , لأنّها هي الصيغة العصريّة , لممارسة الظلم
والحركات التمكينيّة , والتكبّر والجبروت وكل الأساليب الطغيانيّة , التي أهْلِكَت
بسببها الأمم كما أخبرتنا الرسالات السماويّة . وكذلك ينبغي أن نبتعد عن تطبيق
النظريّات الفكريّة , المبنيّة على التصفية الجسديّة , لأعداء الطائفة الإلحاديّة .
وعلينا أن نسأل أنفسنا : أين الدول التي صُمّمَ بناؤها لإسكان الأنظمة النّازيّة ,
والأنظمة الفاشيّة , والأنظمة الشيوعيّة ............................................. ؟؟؟
ش-لابُدّ أن تُتاح الفرصة للشركات الزراعيّة أن تُقيم السّكك الحديديّة و الطُّرق
المسفلتة ( ومحطّات الخِدمة على جوانب هذه الطُّرق) و الموانئ النّهريّة
و البحريّة و المطارات المدنيّة . كما ينبغي أن تُتاح الفرصة لهذه الشركات
أن تبنى محطّات توليد و نقل وتحكم وتوزيع الطاقة الكهربائيّة داخل هذه
المشاريع . و أن تستخرج البترول والغاز الطبيعي و اليورانيوم و كلّ
المحروقات المطلوبة لِتشغيل هذه المحطّات . و لها أن تصدّر الفائض من
الطاقة الكهربائيّة إلى الشبكات القوميّة أو إلى شبكات الدول المجاورة .
من الأخطاء الجسيمة , أن تتورّط دولة مثل السودان , في إنشاء البنية التحتيّة
مثل الطرق وشبكات الكهرباء , بمعزل ٍ عن المشاريع الإستثماريّة الكبرى , في
البترول والزراعة والصناعة والسياحة والتعدين وغير ذلك من المشاريع . قد
تضطر الحكومات السودانيّة غيرالشرعيّة , المُحاصرة داخليّاً وخارجيّاً , إلى أن
ترتكب مثل هذه الجرائم الخفيّة . وعندما يسأل المُواطن هذه الحكومات الغبيّة ,
عن إنعدام آثارالبترول الإيجابيّة , على أوضاعه المعيشيّة , تخبره تلك الحكومات
العشوائيّة , بأنّها قد استخدمت نصيبها من العائدات البتروليّة , ومن الجبايات
الخرافيّة , في إنشاء مشاريع البنيّة التحتيّة . ولكن المُواطن يُدرك أنّ العائدات
البتروليّة , كانت ومازالت تصرف على تمكين الأحزاب الوهميّة , وعلى صناعة
كوادر غبيّة لتلك الأحزاب الوهميّة , وعلى صناعة شركاء لتك الأحزاب الوهميّة.
ويعلم كذلك أنّ هذه الأموال ما كان لها أن تتبدّد بتلك الأساليب الثنائيّة , إذا ما
بنينا تخطيطنا للمشاريع الإستثماريّة , على فرضيّة أنّها مشاريع وطنيّة , لها
صِلاتٍ بشبكات تجاريّة عالميّة , بشروط موضوعيّة , وبأساليب ذكيّة ومنطقيّة.
3-الذهب/الماس/الحديد/النحاس/الرصاص/التعدين/الصناعة :-
أ-المُجمّعات الصّناعيّة حاليّا ً مُتمركزة في العاصمة القوميّة , و بالتحديد في
مدينة الخرطوم التي امتدّت حتّى شملت منطقة الباقير شرقا , و في مدينة
الخرطوم بحري , وفي مدينة أُمدرمان . و قد وُضعت المناطق الصّناعيّة في
هذه المدن لكي تُشكّل بداية النهضة الصناعيّة في السودان . و كان من
الإستراتيجيّات بعيدة المَدَى , أن تتوسّع الحركة الصّناعيّة لتشمل المُدُن
الكبرى في أنحاء السودان الأخرى . ولكن ذلك لم يحدث كما ينبغي , لأنّ ما
يُسمّى حتّى الآن بالشبكة القوميّة للكهرباء , كما ذكرنا ,لا يَتعدّى العاصمة
القوميّة ومنطقة النّيل الأزرق , وجزءاً من منطقة النّيل , و جزءاً من منطقة
النّيل الأبيض . ولم يتسبّب في ذلك أولاد البحر ولا أولاد حبّوبة المطر ..... ؟؟؟
وإنّما السبب كما ذكرنا هو سوء التفاهم الذي حدث بين طائفة الشيوعيّين
الذين صنعوا إنقلاب مايوا , ومَكّنوا كوادرهم في الوظائف الإداريّة في
الهيئة القوميّة للكهرباء , وبين زعيمهم جعفر نميري , حول الخطّة طويلة
المدى الخاصّة بتوليد الكهرباء . والسبب الثاني هو إندلاع حركة التمرّد
البتروليّة , مُحتجّة ًعلى مصفاة كوستي لتكرير بترول السودان , ومتذرّعة ً
بقوانين سبتمبر الإرهابيّة , ومُعتمدة ً على سوء التفاهم الذي حدث بين
الجنوبيّين اليساريّين وجعفر نميري عندما مزّق قسيمة الزواج العرفي بينه
وبينهم . فتعطّل مشروع تكرير بترول السودان في كوستي . حتّى إذا وفرنا
حسن النيّة , وافترضنا أنّ الجنوبيّين المُتمرّدين يدخلون إلى الغابة من أجل
الشهرة , كما يزعمون , ثمّ يدخلون في مُفاوضات مع رؤساء السودان غير
الشرعيّين , ثمّ المُشاركة في الحُكومات غير الشرعيّة عبر إتفاقاتٍ غير وطنيّة ,
مع علمهم بأنّ مُجرّد التستّر على الجريمة يُعتبر جريمة , ناهيك عن المُشاركة
في حكومات , شرعيتها أنّها مافيا , وأبطالها من الهمباتا , وكوادرها شلليّات .
فهذه الظاهرة قد أدّت إلى تخلّف الجنوب , وقد أدّى ذلك إلى تخلّف السودان .
والمُحصّلة النهائيّة,هي السودان الماثل أمام العالم الآن, والذي يزعم الجنوبيّون
اليساريوّن , وشركاؤهم الشماليّون الإرهابيّون , أنّه جديد , بل هو فريد ..... ؟؟؟
أطفال السودان الذين يظهرون على شاشات القنوات الفضائيّة , بتركيز شديد
على إظهار هياكلهم العظميّة , هم في الحقيقة ليسوا جياعاً , لأنّ الجنوب أخضر
والسمك موجود والطيور موجودة , ولكنّهم يُعانون من إنعدام الخدمات الطبيّة .
لأنّ الأطبّاء يستقيلون عن المهنة إذا تمّ نقلهم إلى الجنوب , خوفاً من الحروب,
وخوفاً من الملاريا الخبيثة , ثمّ يغتربون , وفي أقاليم المهجر يتنعّمُون .... ؟؟؟
الذين نزحوا من الأقاليم إلى الخرطوم , لن يرجعوا إلى تلك الأقاليم , إلاّ إذا
أصبحت مُدن الأقاليم أفضل من الخرطوم , من حيث الصحّة وفرص العمل ؟؟؟
الذي نزح من إقليم, لن يرجع إليه مرّة أخرى,إذا وجد فرصة للعمل في غيره ؟؟؟
هذا النوع من المُفكّرين السودانيّين , الذين يرفضون التعامل مع الحكومات ,
الوطنيّة الإنتقاليّة , والحكومات الوطنيّة المُنتخبة , لأنّها لا تميزهم على غيرهم
من المُفكّرين , ولاتمنحهم غير أوزانهم الطبيعيّة , لن يقبل بالحلول القوميّة ,
ولن يصبر على الديمقراطيّة , لأنّ الديمقراطيّة موازينها حقيقيّة , دقيقة وليست
تقريبيّة,ولا تعرف العنتريّة , ولا علاقة لها بالزنديّة , والدكتاتوريّة التجديديّة؟؟؟
ب-يُمكن أن تنهض الحركة الصناعيّة في جميع أنحاء السودان (إذا منعنا المُجرمين
والمُتآمرين من أن يبيعوا بترول السودان , ويقتسموا العائدات لتمكين طوائفهم
وأحزابهم المزعوم أنّها جديدة , وهي قديمة قدم التاريخ ,ولكنّها من حيث الثراء
الفكري تعتبر مُفلسة , ومن حيث الثراء المادّي تعتبر مُستجدّة , وكانت على
الحديدة , وبدأت من الصفر ) ثمّ أنشأنا أربع شبكات أخرى للطاقة الكهربائيّة ,
بالإضافة للشبكة الموجودة حاليّا ً وعلى النحو الذي اقترحناه في البند رقم (1).
ت-التصنيع الزراعي والحيواني ينبغي أن يكون من صلاحيّات وإمتيازات الشركات
الزراعيّة , و على النّحو الذي ذكرناهُ في البند رقم (2) من هذا المشروع .
ث-يُمكن أن تصبح الصّناعة مُجدية إقتصاديّا ً كمشاريع إستثماريّة , و جاذبة كمهنة
إذا سمحنا للشّركات الصناعيّة العالميّة أن تُنشئ فروعا ً لها للتصنيع في
السودان , بشروط مُيسّرة ونسبة أرباح مُغرية , كما حدث ذلك في دول الخليج .
الصّناعات الثقيلة مثل صناعة (القطارات والبواخر والطائرات والسيّارات ,
والتُوربينات البُخاريّة و الغازيّة , والمُولّدات و المحرّكات الكهربائيّة , والآليّات
الزراعيّة , وآليّات الحفريّات والكرينات المُتحرّكة والثابتة , وآليّات التكييف
المركزي , وآليّات ضخّ المياه , وآليّات ضغض الهواء , وغيرها) ,والصناعات
الخفيفة مثل صناعة (الأجهزة الكهربائيّة والإلكترونيّة و الحاسوب , و مواد
البناء والسّباكة وغيرها ) يُمكن أن تنتقل إلى السودان , لأسباب كثيرة ,أوّلها:
أنّ هذه الصناعات قد أصبحت غير مرغوب فيها بالنسبة للدّول ذات المساحات
الصغيرة والتي بها صناعات كثيفة ,لأنّها تتسبّبُ في التلوّث البيئي الذي لا يُطاق.
وثانياً: لأنّ مُستوى المعيشة في بعض البلدان التي بها هذه الصّناعات مُرتفع جدّاً
ممّا أدّى إلى إرتفاع تكلفة القوى العاملة وبالتّالي إلى إرتفاع تكلفة الإنتاج .
وثالثاً : لأنّ السودان غنيّ بالمعادن والبترول والغاز الطبيعي واليورانيوم
والمياه والمساحات الشّاسعة . ورابعاً: لأنّ السودان في المرحلة القادمة سيحتاج
إلى أن يُصنّع المُعدّات الثقيلة والخفيفة المذكورة, كما أنّه سيحتاج إلى أن يُصنّع
قطع الغيار اللاّزمة لها . وخامساً : لأنّ السودان يُمكن أن يسمِح لهذه الشّركات
بأن تبني محطات الطاقة الكهربائية المطلوبة لتشغيل مصانعها وأن تستخرج
المعادن و البترول والغاز الطبيعي المطلوب لتشغيل هذه المصانع والمحطات
الكهربائيّة . وأن تصدّر الفائض من الكهرباء للشّبكات القوميّة والإقليميّة. كما
يُمكن أن يسمح السودان لهذه الشركات بأن تستثمر في مجالات الذهب والماس
واليورانيوم وغيرها . وسادساً : لأنّ مساحة الشركة الصناعيّة الواحدة يمكن أن
تتسع لبناء مدينة صناعيّة كبيرة بمزارعها ومصانعها ومتاجرها وبنوكها
ومدارسها وجامعاتها ومستشفياتها وغير ذلك ممّا تحتاج إليه تلك المدينة
الصناعيّة , متعدّدة الأغراض . وسابعاً : لأنّ السودان به خمسين دفعة من
الخرّيجين (منذ عام 1956) , الذين تقلّ أعمارهم عن سبعين عاماً , يشكّلون
رصيداً كبيراً للقوى البشريّة . ولهم سمعة مِهنيّة طيّبة , صنعها المُغتربون .
للأسف الشديد سمعة السودان السياسيّة , من حيث عدم الإستقرار سيّئة للغاية .
ولكن يمكن أن تتحسّن , لأنّ كُلّ دورٍ إذا ما تمّ ينقلب , ولأنّ الإنقلابيّن قد طلّقوا
الحكومة السودانيّة طلاق ثلاثة , عبّود والنميري والبشير الذي أفلس ثلاثاً . وقد
آن الأوان لتشكيل المجلس الوطني للإستقرار , والنّماء والإعمار, مجلس صُنّاع
القرار , بعيداً عن التمكينيّين الفُجّار, والإنقلابيّين الأحرار , والمُتمرّدين الأشرار.
وقريباً من المُتفوّقين الشُّطّار ,الذين يدعمهم الوطنيّون الأخيار , صُنّاعٌ وزرّاعٌ
وتجّار, ويُشمّر عن ساعده , ثُمّ يشدّ من أزرهم كُلّ سائق وطيّار , وغوّاصٍ
وسبّاحٍ وبَحّار,وبنّاءٍ وسبّاكٍ ونجّار, ومعلّمٍ وطبيبٍ ومهندسٍ معمار , ومحاسب
ومراجعٍ ومُدققٍ مِغوار , وطائفةٍ أخرى ذات أفكار, فيما يخصّ البناء والإعمار ,
وليس فيما يخصّ التصفية والتمكين والإنشطار, ويهوي بنا في بؤرة الإعصار,
وفي نوسة التيّار , وفي أم بريمة سيول الأمطار , ويسبح بنا عكس التيّار .
ثامناً : إذا كان هنالك مشروع للعولمة الصناعيّة , بمعنى أن تكون هنالك شبكات
صناعيّة عالميّة , فمن مصلحة هذه الشبكات الصناعيّة العالميّة , أن تكون لها
فروعاً صناعيّة في السودان المُوسّع , أي دولة وادي النيل , التي تربط بين
الشرق الأوسط المُوسّع أو الكبير , وبين بقيّة دول القارّة الإفريقيّة . عندما
نقول شبكات صناعيّة عالميّة , أو عابرة للقارّات , فذلك يعني بإختصار شديد ,
أنّ المواطن السوداني مثلاً , يمكن أن يشتري سيّارة هيلوكس مصنوعة في
السودان , وأن يشتري قطع غيار لتلك السيّارة أيضاً مصنوعة في السودان ,
بنفس المُواصفات , ومن نفس الشبكة العالميّة لصناعة ذلك النوع من السيّارات,
وبالتأكيد بأسعار أقلّ من الأسعار الحاليّة . هذه الأوضاع العالميّة المُقترحة,حتّى
لو كان القصد منها هزيمتنا , فبإمكاننا أن نحوّل تلك الهزيمة إلى نصر . وذلك
بالإدارة المنهجيّة الحكيمة لتلك الأوضاع . غير أنّي أعتقد أنّ هذا النوع من
العولمة الصناعيّة , يهدف لخدمة الإنسانيّة , بطريقةٍ تجاريّة , عمليّاً إجباريّة ,
وعدم الدخول فيها يعتبر إنتحاراً تجاريّاً , وسباحة عكس تيّارات قويّة ... ؟؟؟
تاسعاً : النهضة الصناعيّة المركزيّة في الغرب , كانت مبنيّة على أن يتمّ تمويلها
من موارد المُستعمرات . أمّا الآن فلم تعد هنالك مُستعمرات . ولذلك كان لابُدّ
من إعادة هندسة تلك النهضة الصناعيّة , بأن تدخل تلك الدول الصناعيّة الكبرى
في شراكات مع الدول المُستقلّة , الغنيّة بالثروات كالسودان , بشروط تجاريّة
مُرضية للأطراف المُتشاركة , وينبغي أن تكون مُرضية للمُواطن السوداني ,الذي
يستحق التقدير والإحترام . لأنّه صبر على أبنائه , الذين لم يحترموا إختياره .
عاشراً : الدول الصناعيّة الكبرى لها رغبة أكيدة في مُساعدة الدول الإفريقيّة ,
على أن تنهض وتقاوم الفقر والأوبئة والجهل والحروب الأهليّة , التي من شأنها
الإضرار بالعولمة المنشودة , في المجالات التجاريّة , والزراعيّة , والصناعيّة .
خاصّة في الدول الغنيّة بالموارد الطبيعيّة غير المُتجدّدة , مثل الغاز الطبيعي
والبترول واليورانيوم . هذا النوع من الموارد الطبيعيّة يُعتبر مُلكاً للإنسان
في كوكب الأرض . ولذلك تجد هؤلاء يقولون : سندخل العراق حتّى لو تغيّر
نظام صدّام , وسنبقى في العراق حتى لو انقرضت المُقاومة العراقيّة , إلى أن
ينضب معين بترول العراق . وقبل أن يحدث ذلك , سندخل إلى السودان إذا لم
يسمح لنا السودان بالدخول إليه بطريقة تجاريّة , تمكّننا من الحصول على
نصيبنا من موارد السودان الطبيعيّة , تغيّر نظام البشير أم لم يتغيّر , إنبطح
البشير على بطنه أم لم ينبطح , لأنّ السيناريو قد تغيّر , وقد تحيّرالمغيّر ... ؟؟؟
ج-لكي تكون هذه الشركات الصّناعيّة جادّة , وجاذبة , و مقنعة للذين يُعيبون , بل
يرفضون كُلّ أشكال التطوّر الرأسمالي ,ينبغي أن تساهم هذه الشّركات في تطوير
الخدمات و البُنَى التحتيّة في المجالات التي تعنيها . و تُقدّم للمُوظفين المُرتّبات
و البدلات وشروط العمل المُغرية . كلّ الموظّفين لا بُدّ أن يكون الحدّ الأدنى
لمُرتّباتهم الشّهريّة ما يُعادل ألف دولار كراتب أساسي, و يُمنح المُوظّف علاوة
بدل سكن تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل ترحيل تعادل 20 %
من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل علاج تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي ,
ويُمنح ما يعادل 20% من الراتب الأساسي لتعليم أبنائه . و يُحفظ له ما يعادل
20% من الراتب الأساسي كحافز تشجيعي لما بعد الخدمة . للشركات الحق في
إستقدام أيّ خبرات و كفاءات أجنبيّة كما تشاء ومتى تشاء . هذه الشركات كما
ذكرنا , المقصود الأول والأخير منها هو إيجاد فرصة ذهبيّة , لإعطاء المُواطن
السوداني , وليس المُواطن التمكيني– التجديدي , نصيبه من العائدات البتروليّة ,
بطريقة أوتوماتيكيّة, لا مجال فيها للتمييزات العنصريّة, ولا للتمييزات البهلوانيّة.
ح-نسبة الأرباح بين هذه الشركات الصّناعيّة و بين الحكومة ينبغى أن تكون مغرية
للشركات , على أن تلتزم الشركات بتقديم الخَدَمَات الصحيّة لموظفيها وأبنائهم
وزوجاتهم وآبائهم وأمّهاتهم . و أن تلتزم كذلك بإسكان موظفيها , وبتعليم
أبنائهم حتى المرحلة الجامعيّة وفوق الجامعيّة , بطريقة منهجيّة, وفقاً لبرامجنا
الإستراتيجيّة , التي ينبغي أن تشرف على هندستها , طبقة المُتفوّقين العبقريّة .
ومن ثمّ تدريبهم وتوظيفهم , بناءً على سيرتهم الذاتيّة, وجَدارتهم المِهنيّة ؟؟؟
أرى أن تكتفي الحُكومة بنسبة 45% من صافي الأرباح . و أن لا تفرض أيّ
ضرائب أو جمارك أو أي ّ رسوم على هذه الشركات . كما ينبغي أن يُسمَح لهذه
الشركات أن تُصدّر منتجاتها إلى أيّ مكان في العالم , وأن تستورد ما تشاء
من أيّ مكان في العالم ( ما لم يكن المُستورد مُحرّما ً دوليّا ً ) .
4- جبل مرّة/الدندر/جبيت/السياحة/الطرق/الجسور/الموانىء/الترحيل/التسويق :-
أ-الحركة ( MOVEMENT) الأفقيّة و الرأسيّة من مُقوّمات الإنتاج المعروفة.
وكذلك لا بُدّ من وجود السوق المُناسب وفي الزمان المُناسب (MARKET).
ولذلك ينبغي أن نسعى لضمان ترحيل المُنتجات الزراعيّة والحيوانيّة والصّناعيّة
وغيرها , إلى الأسواق المحلّيّة والعالميّة بحالة مُمتازة , وبالكمّيّة المطلوبة وفي
الزّمن المُحدّد . أذكر في مُنتصف السبعينات , أنّني كنت أزرع مع والدي , أثناء
الأجازة الصيفيّة , وذات مرّةٍ زاد إنتاجنا من البطّيخ الروثمان المشلّخ , عن
حوجة السوق المحلّي . ففكّرنا في نقله إلي أقرب مدينة . فكان الإختيار , أن
نقوم بنقله إلى مدينة الدويم , عن طريق المراكب , لأنّ الطرق البريّة مقطوعة
بسبب الأمطار , ولأنّ الرّياح كانت تتجه من أم جر إلى الدويم , في ذلك المُوسم .
وعندما أوصلنا بضاعتنا إلى مركز التسويق , واستلم (العتّالة ) نصيبهم ,
ثمّ استلم أصحاب المراكب نصيبهم , ثمّ شرعنا في عرض البضاعة ( إفتح الله ) ,
(يستر الله ) , والحمد لله أنّنا قد تمكنّا , بشطارة وحصافة ونجاضة , من بيعها
بقيمة ماليّة تساوي أجرة المراكب وأجرة عتّالة التفريغ, وحق الفطور والقهوة.
أمّا العودة فكانت سيراً على الأقدام مسافة 36 كيلو متر . وأمّا مزرعة
البطّيخ ( الجروف ) فقد أهديت ما تبقىّ من عروقها ونجيلها , إلى صديقي
عوض الأمين , لكي تستمتع بها أبقارُه , قبل أن تغمرها مياه النيل الأبيض في
رحلة العودة إلى (الضهاري ) . ولكن الجدير بالذكر أنّ عوض الأمين هذا , كان
قد أوشك أن يشتبك معي قبل أن ينضج البطّيخ , في معركة ( عُكّازيّة ) حامية
الوطيس , بإعتباره ( راعي ) مواشي , وبإعتباري ( مزارع ) . وكان فصيح
اللسان , قوّي المنطق . أذكر أنّه قال لي : إقتلع عروق البطيخ بتاعتك دي ,
ثمّ إحملها على أكتافك, بعيداً عن هذه النجيلة, لأنّنى أريد هذه النجيلة لأبقاري؟؟؟
وكان هذا سبب المعركة المذكورة . وقبل بداية المعركة قلت له : هل تعرف
عوض الأمين رئيس الإتحّاد في مدرسة النيل الأبيض الثانويّة ؟؟؟ فأوقف
المعركة وقال لي : أنا عوض الأمين !!! فقلت له : إذن نحن زملاء في مدرسة
واحدة , أنت في الصف الثالث , وأنا في الصف الأول !!! فضحك وقال لي :
أوعك تمشي تقول للناس في المدرسة رئيس الإتّحاد بتاعكم طلع راعي بقر؟؟؟
ومن هنا بدأت الصداقة , والرجل طلع قريبنا , وهنالك علاقة نسب بيننا .
رحمه الله رحمة واسعة , وأسكنه فسيح جنّاته مع الصدّيقين والشهداء , فقد
توفي في مستشفى الخرطوم عندما كان طالباً بمعهد الكُليّات التكنولوجيّة .
ب-يُمكن أن تنساب المّنتجات من مواقع الإنتاج إلى مواقع الإستهلاك أو التصدير,
بالطريقة المطلوبة , ويمكن أن يصبح الترحيل مجالا ً مُثمرا ً , ومهنة ً جاذبة ً ,
إذا سمحنا للشركات العالميّة المُقتدرة والمُختصّة في هذا المجال , بإن تدخل إلى
السودان بشروط مُيسّرة ومُغرية . أعني الشركات المُختصّة في إنشاء الطرق
البرّيّة السريعة , والشركات المُختصّة في إنشاء الموانئ النهريّة والبحريّة ,
والشركات المُختصّة في إنشاء السّكك الحديدية والمحطات التّابعة لها , و
الشركات المُختصّة في إنشاء المطارات المدنيّة , والشركات المختصّة في إنشاء
الجسور وغيرها , يُمكن أن تدخل هذه الشّركات إلى السّودان إذا سمحنا لها أن
تستثمر في محطّات الخدمة ( أي محطّات بيع الوقود) التّابعة لهذه البُنىَ التّحتيّة
الضّخمة والمُكلّفة. سيكون هذا العرض أيضا ً ضخماً ومُغريا ً و جَاذبا ً إذا كانت
مساحة محطّة الخدمة الواحدة تتّسع لإنشاء قرية أو حتّى مدينة سياحيّة
بمزارعها وفنادقها ومطاعمها وأسواقها وبنوكها ومدارسها ومستشفياتها ,
و بدون ضرائب أو رسوم أو أيّ تعقيدات أخرى.هنالك مناطق سياحيّة معروفة
درسناها في الجغرافية , ينبغي أن نبدأ بها , ونجعلها مُدناً سياحيّة كبيرة , منها
منطقة جبل مرّة , ومنطقة الدندر , ومنطقة جبيت , ومنطقة الكرمك , ومروي .
إذا عالجنا شواطئ النيل وفروعه , بطريقة هندسيّة جادّة ومُكلّفة يمكن أن تصبح
مناطق سياحيّة ممتازة . لأنّ النّاس من كُلّ أنحاء العالم يتوقون لزيارة النيل ,
ولكنّهم عندما يأتون إليه , ثمّ لا يجدون أي ّ لمسات فنيّة من صنع السودانيّين ,
يعيبون علينا ذلك . أذكر أنّ أولادي , الذين يعيشون في منطقة الخليخ العربي ,
عندما يقضون الإجازة في السودان , يقولون لي : والله النيل جميل جدّاً , لكنّه
مُهْمَل . والكباري شينة جدّاً , لكن تحتها موية جارية وجميلة , ورائحتها حلوة.
ساحل البحر الأحمر , أذا ما أوصلنا إليه مياه النيل , وكهرباء النيل , وأضفنا
إليه لمسات هندسيّة جادّة ومُكلّفة , يمكن أن يصبح منطقة سياحيّة جاذبة جدّاً .
السياحة في السودان ينقصها التمويل,ولارفاهيّة للشعوب الغنيّة بدون سياحة ,
ولن تكون الشعوب مُبدعة وخلاّقة بدون سياحة , ولن تستطيع الدولة أن تموّل
المشاريع السياحيّة على مُستوى بلد واسعة كالسودان, وكذلك التعليم ,والصحّة,
والأمن , والدفاع , وكلّ القطاعات غيرالمنتجة إنتاجاً مُباشراً , من خزينة الدولة.
لذلك ينبغي أن ترتبط هذه القطاعات بالمُدن السياحيّة والصناعيّة والزراعيّة ,
ومُدن الطاقة التي إقترحناها . وأن يعامل المُعلّمون والعساكر والكوادر الصحيّة
وأمثالهم كمُوظفين في الشركات . وتنطبق عليهم شروط العمالة التي ذكرناها .
وفي ذلك عدالة في توزيع الثروة بين المُنتجين والذين يحرسونهم ويُعالجونهم
ويعلّمونهم . ونكون بذلك قد دحرنا أعداء الإنسانيّة الخمسة , المُتمثلة في
( الخوف , والفقر, والمرض , والجهل , والظلم ) , بدلاً من أن ندحر المُواطن
السوداني في أنحاء السودان الخمس(الجنوب,الغرب,الشرق, الشمال,الوسط ) .
ونكون أيضاً قد تجنّبنا الصراعات الخفيّة , بين أمّة الديمقراطيّة المدنيّة , وأمّة
الإنقلابات العسكريّة . وحسمنا بالضربة النهائيّة , أمر التماسيح والبُلطجيّة...؟؟؟
ولذلك ينبغي أن تُتاح الفرصة لهذه الشّركات أن تستخرج البترول والغاز الطبيعي
وأن تقوم بتكرير البترول وبيع مشتقّاته في محطّات الخدمة المُقترحة . كذلك
ينبغي أن يُسمح لهذه الشّركات بأن تبني محطّات الطّاقة الكهربائيّة المطلوبة
لتشغيل مُنشآتها , ثمّ تصدّر الفائض إلى الشّبكات القوميّة والإقليميّة . كذلك يُمكن
أن تصدّر مُنتجات البترول , لتمويل إستراتيجيّتنا التوسّعيّة , في هذا المجال .
ت- لكي يكون هذا المشروع المهم أكثر إغراءا ً وجاذبيّة وإقناعا ً للذين يُعيبون ,
بل يرفضون كُلّ أشكال التطوّر الرأسمالي , لابُدّ أن تُقدّم هذه الشّركات للمُوظفين
المُرتّبات والبدلات وشروط العمل المُغرية . كلّ المُوظّفين لا بُدّ أن يكون الحدّ
الأدنى لمُرتّباتهم الشّهريّة ما يُعادل ألف دولار كراتب أساسي , ويُمنح الموظّف
علاوة بدل سكن تعادل 20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل ترحيل تعادل
20 % من الرّاتب الأساسي , وعلاوة بدل علاج تعادل 20 % من الرّاتب
الأساسي , ويُمنح ما يعادل 20% من الراتب الأساسي لتعليم أبنائه . و يُحفظ له
ما يعادل 20% من الراتب الأساسي كحافز تشجيعي لما بعد الخدمة . للشركات
الحق في إستقدام أي ّ خبرات و كفاءات أجنبيّة كما تشاء ومتى تشاء .
ث-نسبة الأرباح بين هذه الشركات وبين الحكومة ينبغي أن تكون مُغرية للشركات,
على أن تلتزم الشركات بتقديم الخَدَمَات الصحيّة لموظفيها وأبنائهم وزوجاتهم
وآبائهم وأمّهاتهم . و أن تلتزم كذلك بإسكان موظفيها و تعليم أبنائهم حتى
المرحلة الجامعيّة و فوق الجامعيّة . ومن ثمّ تدريبهم وتوظيفهم .
أرى أن تكتفي الحكومة بنسبة 45% من صافي الأرباح . و أن لا تفرض أيّ
ضرائب أو جمارك أو أىّ رسوم على هذه الشركات . كما ينبغي أن يُسمَح لهذه
الشركات أن تُصدّر منتجاتها إلى أيّ مكان في العالم , وأن تستورد ما تشاء
من أيّ مكان في العالم (ما لم يكن المستورد مُحرّما ً دوليّا ً ) . المقصود من هذه
الشركات السياحيّة,أن يستمتع المواطن السوداني,بنصيبه من البترول السوداني
في واحة السودان الخضراء , السياحيّة الآمنة , الجاذبة للسيّاح والمُستثمرين .
أمّا إذا سمحنا لمُفكّري المُصارعة الحرّة المُسلّحة,بين فريقي التمكين والتجديد ,
على إقتسام بترول السودان , لمصلحة عناصرهم العسكريّة والإداريّة , وتحت
حراسة عشرات الآلاف من العساكر الأجنبيّة , فلن يحصل المُواطن على نصيبه
من العائدات البتروليّة , ولن تشبعه المُساعدات الإنسانيّة , حتّى إذا سلمت من
أيدي الحراميّة , وخرجت من بين أضراس الأفواه التمساحيّة ............. ؟؟؟
5- الحضارة/الإستقرار/السّلام /الوحدة الإقليميّة/التحالفات الإستراتيجيّة:-
أ-منطقة حوض النّيل معروفة بحضارتها القديمة . كان يسكنها العَمَالِقة , وكان
ملكهم يُسمّى الفِرْعَوْن . وفِرْعَوْن في العَمَالِقة بمثابة قيْصر في الرّوم , وكِسْرَى
في الفرْس . وفرعون تعْنِي : عَاتِي وجَبّار و ذو دَهَاءٍ و مُكْر . أمّا الفرعون
الذي أغرقه الله سبحانه وتعالى في البحر ثمّ نجّاهُ ببدنه لكي يكون آية ً وعبرة
للنّاس, فإسْمُه الوليد بن مُصعب , ويُكَنّىَ أبا مرّة , وهو من بَنِي عِمْليق بن لاوذ
ابن أرم بن سام بن نوح عليه السّلام . (المرجع للمعلومة: جامع البيان 1:213)
والحضارات التي سادت وادي النّيل بالإضافة إلى الحضارة الفرعونيّة كثيرة ,
منها الأحباش وملكهم يُسمّى النجاشي ,وهي مملكة مسيحيّة معروفة هاجر إليها
المُسلمون في هجرتهم الأولى المعروفة . ومنها مملكة النوبة وملكهم يُسمّى
تهراقا أو ترهاقا , وحضارتهم لا تقلّ شأناً عن الحضارة الفرعونيّة .
وممالك النيل كثيرة , ولكنّني سأكتفي بهذه الأمثلة التاريخيّة تجنّبا ً للإطالة .
أمّا من الناحية الجُغرافيّة, فهنالك علاقة بين وادي النيل,والجزيرة العربيّة , قبل
حفر قناة السويس , بل قبل إنشقاق الأخدود الإفريقى العظيم ( البحر الأحمر) ,
كما أشار إلى ذلك عُلماء الجُغرافيا والجيولوجيا مثل (كوبرنيكس ) وغيره .
وهنالك علاقة بين وادي النيل , وبين الوادي الخصيب ( وادى الفرات ودجلة ) ,
فالواديان شقيقان , لأنّ النيل والفرات أصلهما من الجنّة كما جاء ذلك في
حديث المعراج , عندما سأل أحد علماء الفلك , سيدنا محمّد صلّى الله عليه
وعلى آله وسلّم : هل عرجت إلى السماء من بيت المقدس ؟؟؟ فقال نعم , فقال
الرجل عندما كنت متجهاً نحو الكعبة , أثناء صعودك إلى السماء , ماذا رأيت
على الأرض , فقال : رأيت نهرين أصلهما من الجنّة , النيل على يميني ,
والفرات على يساري, فقال عالم الفلك والجغرافيا : أشهد أن لا إله إلاّ , وأشهد
أنّك لرسول الله . أو كما هو مكتوب في ( سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني).
والنيل من الناحية الشرعيّة هو نهر مصر . ومصر من الناحية التاريخيّة هي
منطقة وادى النيل , وهي تشمل منابعه وفروعة ومصبّه . وأسماؤها المعروفة
كثيرة منها : السودان , النوبة , الحبشة , مصر . وأبلغ الأسماء هو السودان ,
لأنّ كلمة السودان , تعني التدرّج في الألوان , من الأسود إلى الأرْجُوَان . وكلمة
مصر تعني مدينة , وهو أيضاً معنى بليغ جدّاً , وهو كناية عن الرقي والتمدّن
مع زراعة ما يمكن أن يأكله الإنسان , وزراعة ما يمكن أن يأكله الحيوان .
وكلمة أرض الحبشة بالتأكيد لها معاني ودلالات عظيمة , ولكنّني لا أعرفها ,
غير أنّي أشعر أنّها تعني أرض الديانات القديمة . أمّا النوبة فهم شعبٌ عظيم
وعريق, يسكن منذ قديم الزمان في المنطقة التي تمتدّ من جبال النوبة في جنوب
السودان إلى منطقة أسوان في جنوب مصر الحاليّة . وهم شعبٌ مُتدرّج الألوان.
ب-ولكن الوضع الإنساني والإجتماعي والسياسي , لإنسان وادي النّيل الحالي , لا
يتناسب مع هذا الإرث الحضاري العميق . وسيزداد الطين بلّة إذا تصارعت دول
حوض النّيل على مياه النّيل , أو تنازع آخرون على المنطقة بين النيل والفرات,
أو المنطقة بين المُحيط والخليج , بإسم الدين أو بإسم التاريخ والحضارة , أو
بإسم الإستراتيجيّات الإقتصاديّة والأمنيّة , و بعيدا عمّا ينفع الناّس , كُلّ النّاس ,
و يُرضِي ربّ النّاس . والأسوأ من ذلك كُلّهِ , أنّ الذين استعمروا العالم , ثمّ
صنعوا الحرب العالميّة الأولى , ثمّ صنعوا التناقضات الفِكريّة , ثمّ انتصروا على
العالم في الحرب العالميّة الأخيرة , ثمّ طوّروا حضارة الإستعمار والإسترقاق ,
إلى حضارة حق النقض الحاليّة , يعتقدون أنّ حضارة شعوب وادي النيل , هي
ما كانوا يفعلونه بتلك الشعوب , عندما كانوا يحتلّون منطقة وادي النيل العريقة.
وهذا وَهَمٌ ينبغي تصحيحه , بالمنطق مع هولاء المُستجدّين, وليس بإرهابهم .
والمنطق يقتضي أن تكون على حق , وأن تدافع عن الحق . ولكي تكون على
حق , ينبغي أن تبدأ بالجهاد الأصغر , وليس بالجهاد المدني , ومن باب أولى ,
ليس بالجهاد الأكبر . لأنّ الذي يبدأ بالجهاد الأكبر , هو كمن يقفز من الهوء إلى
الهواء , أو كمن يبني الطوابق العُليا , في دارٍ خيالية , ثمّ يُحاول أن (يتمكّن)
أو يسكن فيها , وهي مُعلّقة على الهواء , قبل أن يبني الطوابق السفلى, من ذلك
المنزل الفريد . أمّا الجهاد السياسي الأصغر , فهو مُجاهدة النفس على قبول
الآخرين , وعلى قبول مبدأ التبادل السلمي للسلطة بالطريقة الشرعيّة القياسيّة.
والطريقة الشرعيّة , التي تعارف عليها النّاس في هذا الزمان , للتبادل السلمي
للسلطة , هي إتاحة الفرصة للشعب الحر, أن يختار الحُكومة ذات البرنامج الذي
يناسب المرحلة المُعينّة , وفقاً لدستور مُتفق عليه , لمُواصلة إستراتيجيّة مُتفق
عليها . ثمّ إحترام ذلك الإختيار , ومُجاهدة النفس على الصبر على الحُكومة
المُختارة , ومُساعدتها على القيام بواجباتها, إلى نهاية الفترة البرلمانيّة المُتّفق
عليها بالدستورالمتّفق عليه . على الحكومة المُختارة أن تجاهد نفسها بإلتزام
مكارم الأخلاق السياسيّة والإجتماعيّة والمِهنيّة . وأن تجاهد نفسها بالإرتفاع إلى
مُستوى المسؤوليّة . وأن تجاهد نفسها بإلتزام مبدأ الشفافيّة , مع المُعارضة
ومع السلطة الإعلاميّة . وأن تجاهد نفسها بالبحث عن كُلّ المشاكل السياسيّة
والجهويّة والمهنيّة , وبتحليل تلك المشاكل إلى عواملها الأوّليّة , ومن ثمّ إيجاد
الحلول الجذريّة,وليس الإبادة الجماعيّة , ثمّ تطبيق تلك الحلول الجذريّة, بطريقة
منهجيّة , وبوسائل وأساليب عِلميّة . وأن تجاهد نفسها بتحمّل الإنتقادات العامّة
والذاتيّة,وأن تتحمّل المُراقبة والمُساءلة الإعلاميّة , وأن يتّسع صدرها للمُناقشة
البرلمانيّة,والمُحاسبة والمُراجعة الدوريّة , وتقويم مسارها للمصلحة الوطنيّة .
وأن تجاهد الحكومة نفسها بتحمّل إجراءات سحب الثقة عنها , إذا تعذر تقويم
مسارها , ومن ثمّ تغييرها ديموقراطيّاً , بالطريقة التي ينص عليها الدستور ,
وليس عشوائيّاً أو ثوريّاً . لأنّ التغييرالثوري يعني, بإختصار شديد جدّا , تعطيل
الدستور المُتّفق عليه بالإجماع الوطني , وإستبداله بقوانين الثوريّين , التي لا
شرعيّة لها غير أنّها ( قوانين طوارئ ) . وهذا مُنتهى الإنتكاسة , كما أثبتته
التجارب السودانيّة . المُحاسبة ينبغي أن تكون , في المقام الأوّل مبنيّة على مدى
إلتزام الحكومة بالدستور والقانون . لأنّ الحكومة يمكن إصلاحها , ما احترمت
القانون والدستور والإستراتيجيّة . أمّا المُحاسبة فينبغي أن تقوم بها جهات
مُحايدة , لاتنتمي إلى المُعارضة , ولا تنتمي إلى الحُكومة . أنسب من يقوم بذلك
هو مجلس المُتفوّقين (المُقترح) عبر سلطاته التشريعيّة, والتنفيذيّة, والقضائيّة.
لأنّ المُتفوّقين هم الشريحة العريضة,التي تشمل الكوادرالمُناسبة لهذه السلطات.
ولأنّ المُتفوّقين هم الطائفة الإجتماعيّة , التي يمكن تحديدها بالوسائل القياسيّة.
والمُتفوّقون هم الطاقة البشريّة , المُتجدّدة بطريقة أوتوماتيكيّة , لفترة لانهائيّة.
كنت أظنّ أنّ المُتفوّقين لا يعرفون السياسة. لكنّني وجدت أنّ معظمهم يعرفها؟؟؟
وأنّ معظم الذين يعرفونها منهم يتهرّبون منها , ويدركون أنّ الوطن سيدفع ثمن
تهرّبهم من تلك المسؤوليّة , وأنّ المُواطن السودانيّ سيصبح هو الضحيّة ...؟؟؟
الأمّة السودانيّة أمّة صالحة , لا يُمكن إجتماعها على الباطل , ولا يمكن إجماعها
على الفاسدين والمُفسدين . إنّما تجتمع على الهُدَى وعلى الحق المُبين , وتُجمِعُ
على الصالحين والمُصلحين.أمّا عن الآيديولوجيّين,غيرالوطنيّين,الذين يخوضون
المُنافسة الإنتخابيّة , لتطبيق أفكار المُنقرضين , أمثال ماركس ولينين , شيوخ
المُلحدين,الذين يُؤمنون بتصفية الصالحين, وأمثال حسن البنّا وسيد الدّجّالين
السياسيّين , شيوخ الإرهابيّين الإنتحاريّين , الذين لا علاقة لهم بالدين , وقد
تلوّثوا بتحالفاتهم التاريخيّة مع الفاشيّين , وقد آمنوا بوسائل المِيكافيليّين, فما
عليهم إلاّ أن يحافظوا على الطيشيّة , في تلك الدوائر الإنتخابيّة , ثمّ يجاهدوا
أنفسهم بالصبر على تلك الطيشيّة , وبالإبتعاد عن الحركات المِيكافيلّة , للإطاحة
بالحكومات البرلمانيّة الشرعيّة , ومن ثمّ تقويض الديمقراطيّة الإستراتيجيّة ؟؟؟
أقول الديمقراطيّة الإستراتيجيّة , و ليس بالضرورة أن تكون مُبرّأة من العيوب,
طالما أنّها تحقق: الأمان والسلام والإستقرار , والوحدة البتروليّة والإعمار؟؟؟
الخيار الثاني لهذه القوى التطرّفيّة , والتي ليست لديها أيّة قضيّة , غير أنّها
فانتازيّة , ونازيّة , وإنتهازيّة , أن تنخرط فى الأحزاب الوطنيّة , من أجل تنفيذ
الإستراتيجيّات الوطنيّة , الرامية للوحدة الوطنيّة , ولرفاهيّة الأجيال الوطنيّة ,
والراميّة للوحدة الإقليميّة , ولمصلحة الأسرة الدوليّة , وليس لإرهاب البريّة ؟؟؟
تلك هي الإستراتيجيّة التاريخيّة , التي رسمها سليل المهديّة , بالرغم من أنّه
كان أمّيّاً , بعد أن أقنع سليل المِيرغنيّة , الذي كان عبقريّاً , لأنّه تحوّل من
كرزاي زمانه وجلبيّ عهده ,إلى شخصيّة وطنيّة, ساهمت في صناعة الحُريّة؟؟؟
وليعلم الذين يقبلون بأن تكون لهم خصوصيّة , أنّهم قد قبلوا بأن يتمّ فصلهم
عن تلك الحضارة المُتميّزة والعريقة , وقد إختاروا أن يختزلوا حضاراتهم فى
أن تكون قد بدأت بإسترقاقهم وتصديرهم إلى أوروبا , وإلى الدنيا الجديدة , وأنّ
إبراهام لونكون قد حرّر الموجودين في تلك الدنيا , ولكن المُوجودين في غير
تلك الدنيا , لم يتم تحريرهم بعد , وكذلك لم يتقرّر مصيرهم بعد . وبذلك يكونوا
قد ساهموا في فبركة أكبر أكذوبة في التاريخ , القديم منه والحديث . أقلّ ما
في ذلك , أنّهم قد خذلوا أمثال : الأب فيليب عبّاس غبّوش , الذي استطاع أن
يمنع مُجرّد مُناقشة ترحيل النازحين من حول العاصمة إلى الأماكن التي نزحوا
منها , في الجمعيّة التأسيسيّة , التي كان من أميز أعضائها , وكنّا ننتظر متى
يأتي دوره في الكلام , حتّى تمكّن من إسكانهم في مدينة دار السلام . ولم يسمح
لكائنٍ من كان أن يفعل بهم ما فعله شركاء السلام , وحُماة الإسلام , بالنّازحين
في سوبا وهم نيام , وفي جُنح الظلام , وقد وثّقوا كلّ ذلك بوسائل الإعلام ؟؟؟
وقد خذلوا كذلك المُناضل الوطني الجسور , عبدالفضيل الماظ , وقصّة مدفعه
التاريخيّة الأسطوريّة المعروفة. وقد خذلوا كذلك رجال السلطنة الزرقاء الذين
عُرفوا بوحدتهم مع غيرهم من أجل الوطن , ورجال مملكة الفور , والخليفة
عبدالله التعايشي , والأمير ود نوباوى , والأمير محمود ود أحمد , والسلطان
الأمير علي دينار , وغيرهم من الأخيار. هذه هي الخسارة الأدبيّة والنفسيّة التي
سيجنيها الذين يُخطّطون للإنفصال , أو الذين يدبّرون لأن يقطعوا ما أمر الله به
من وصال , بين أناسٍ كلّهم لآدم , وآدم من صلصال , وكُلّهم سواسية كأسنان
المشط , إلاّ من تميّز على غيره بالنجاح في إمتحانات الآخرة ( بالتقوى ) ,
أو تميّز على غيره إيجابيّاً في الإمتحانات القياسيّة , في المراحل التعليميّة .
والتعليم له علاقة (بالتقوى) , ( إنّما يَتّقي اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ ) ---الآية .
أمّا الخسارة الماديّة , التي سيجنيها هؤلاء الأغبياء , فهى واضحة وجليّة ,
وقد بدأت بسيطرة الحكومة الأمريكيّة , على البحيرات المائيّة والثروة البتروليّة,
فى المنطقة الجنوبيّة , ثمّ بسيطرة الدول الأوروبيّة , على المعادن واليورانيوم
والبحيرات البتروليّة , فى المنطقة الغربيّة . هذه الإجندة ليست بالخفيّة , يا أيّها
الجبهجيّة , وشركاءهم البُلطجيّة , أصحاب الحركة البتروليّة , والدكتاتوريّة
التجديديّة , والديقراطيّة الإنفصاليّة , غير الحضاريّة , ديمقراطيّة العُنصريّة .
ويا من ثوابتكم هي الشريعة التمكينيّة , و ذكاة الأرواح العبقريّة , بإهدار دمائها
الزكيّة , رغم أنف الطائفة الأنصاريّة , مع أنّها طائفة حضاريّة , وزنها 75 %
من تعداد الأمّة السودانيّة , ولكنّ الجبهجيّة , يعتقدون أنّ في الفتنة الطائفيّة ,
خلاصاً لتلك الطغمة الإجراميّة , طغمة الفاسدين والمُفسدين والحراميّة . أمّا إذا
حدثت الفتنة الطائفيّة , فلن تكون الغلبة للجبهجيّة , وشركائهم من حركة التمرّد
البتروليّة , لأنّهم أقليّّاتٍ آيديولوجيّة , جبانة تتقوّى بجبناء الإنقلابات العسكريّة ,
وتصنع الحكومات الغبيّة , التي لا علاقة لها بالشريعة الإسلاميّة , لأنّها ليست
شرعيّة , والذين صنعوها لا يعرفون معنى الشورى , ولا يعترفون بالديمقراطيّة.
ت-مُعضِلة حِصّة مصر من مِياه النيل مع دول حوض النيل الأخرى , هي مشكلة
حقيقيّة تواجه التوسّع في توليد الكهرباء المائيّة في الخزّانات , وتواجه التوسّع
في المشاريع الزراعيّة التي لها علاقة بمياه النّيل . ولكن هذه المشكلة لها حلٌّ
بَديهيّ واقتصاديّ فرضته أوّلا ً الظروف الإنسانيّة تجاه الإنسان الإفريقي وثانياً
فرضته ظروف العولمة الإقتصاديّة و التكتّلات الإقليميّة والدوليّة . هو أنّ هنالك
دولةٌ يجب أن تقوم , إسمها إتِّحاد دول حوض النيل أو من الأفضل أن نسمّيها
دولة حوض النّيل , أو دولة وادي النّيل , أو وِلايات النيل المُتّحدة , إذا سمحت
موازين القوى الدوليّة بتكوين مثل هذه الدولة لظروف إنسانيّة...فقط , ليس إلاّ .
أقول ذلك لأنّ الحُلفاء الذين انتصروا فى آخر حرب عالميّة ورسمُوا الحدود
الدوليّة الحاليّة يَروْن أنّه من حقّهم أن لا يسمِحُوا لأحد أن يُبَعْثِرَ أوراق هذه
الكتشينة ثمّ يوزّعها مرّة أخرى على حسب مزاجه. وذلك لأسباب وجيهة جدّا ً
في نظرهم وفي نظرنا . وهي أنّهم في الوضع الحالي وبموازين القوى الحاليّة
يُشكّلون الدّوَل القويّة والغنيّة و المُهيمنة على العالم , فإذا سمَحُوا لأيّ جهة أن
تقلِبَ الموازين رأساً على عقب فسوف يكونوا هُم الأخسرين . وقد وضعوا من
القوانين و الإستراتيجيّات ما يُمّكنهم من المُحافظة على هذا الوضع , ونقض ما
يُهدّدُ أو يُقوّضُ هذا الوضع . فكُلّ ما يَتماشى مع مَصالحهم في أيّ منطقة في
العالم , هو حقّ وصوابٌ وعدلٌ . وكلّ ما يتعارض مع مصالحهم في أيّ منطقة
في العالم , هو باطل وخطأ و جريمة . وهم إلى حدّ ما , مُحِقّون في ذلك . لأنّ
الحقّ هو ما ينفع النّاس, ولكن كُلّ النّاس . و من الإستراتيجيّات التي يتّخذونها
للمُحافظة على هذا الوضع , أنّهم مَنحوا لأنفسهم الحقّ في إمتلاك وسائل القوّة ,
وكذلك مَنحوا لأنفسهم الحقّ في منع الآخرين من إساءة استعمال القوّة .
وهذا واجبهم طالما أنّهم قد نصّبوا أنفسهم مُلوكا ً على العالم . ولكن هذه ورطة
كبيرة جدّاً ومُعقّدة, لأنّ ذلك يُلزمهم بأن يقوموا بواجباتهم , تجاه هذا العالم الذي
يُهيمنون عليه , وأن يتحمّلوا مسؤوليّة كُلّ الأخطاء والمشاكل , التي يرتكبها
أفراد أو جماعات , تنتمي إلى هذا العالم الذي يهيمنون عليه , هم وحُلفاؤهم .
ولذلك ينبغي ألاّ تنقصهم الشفافيّة في هذا الأمر , وينبغي ألاّ يخونهم التعبير أو
تنقصهم الشجاعة في الإفصاح عمّا يتماشى مع مصالحهم وما يتعارض معها .
وينبغي أن ألاّ تختل موازين عدالتهم , وينبغي ألاّ يخلطوا بين الأمور المُتشابهة .
حتّى لا يضطر المُهَيْمَن عليهم إلى التخمينات والإستنتاجات الخاطئة , ثمّ القيام
بردود أفعال مبنيّة على تلك التخمينات والأستنتاجات الخاطئة , فيتدمّر العالم .
ولكنّ اللّبيب بالإشارة يفهم مثل هذه الأمور وإن اختلط حابلها بنابلها , أو اختلّت
موازينها . المُلوك و السلاطين وأصحاب الإمبراطوريّات يتفهّمون هذا الوضع
أكثر من غيرهم . يليهم في ذلك الزعماء المُنتخبون المُؤهّلون سياسيّا ًوأكاديميّاً,
وتفوت مثل هذه الأمور على الثوريّين والإنقلابيّين المُتهَوّرين,الذين لا تأهيل لهم
ولا ضمير لمن تبعهم لكي يصطاد في المياه العَكِرَة. ليس هنالك من عاقل ٍ في هذا
العالم يقبل أن يحكمه الإنقلابيّون.إنّما يقبل بذلك أصحاب الأفكار السقيمة والقلوب
المريضة والنّفوس الضعيفة. ولايمكن أن يطمئن العالم طالما أنّ هنالك إنقلابيّون.
الإنقلابيّون لا علاقة لهم بالدين . فهم إمّا إلحاديّون ,أو مُستنّون بسنّة الإلحاديّين.
ولن تكون لديهم برامج إقتصاديّة ناجحة , لأنّ البرامج الإقتصاديّة الناجحة لابُدّ
أن تتوازى مع البرامج السياسيّة الواضحة الوطنيّة, المقبولة داخليّاً وخارجيّاً .
ث-على كُلّ حال النّيل أصله من الجنّة , وإن اختُلِفَ في معنى الجنّة , و كذلك الفرات
كما ورد في حديث المعراج . و لذلك يجب أن تصبح منطقة النيل مُكمّلة لمنطقة
الفرات . بمعنى أن تكون هاتان المنطقتان مُتاحتان لكلّ النّاس. و ينبغي أن تكون
لهما روابط وُدّيّة مع مناطق الأنهار الأخرى مثل منطقة الهمالايا والمسيسيبّي
والأمزون وغيرها . بمعنى أن تتكوّن شبكات تجاريّة زراعيّة عالميّة لإنتاج
المُنتجات الزراعيّة الحيوانيّة في هذه المناطق , وتوزيعها إلى أماكن الإستهلاك
في جميع أنحاء العالم , بطريقة محسوبة , لتحقيق التنوع و الأمن الغذائي
العالمي المُستمر, دون اللجوء إلى أساليب الإحتكار والتخزين لفتراتٍ زمنيّة
طويلة , تجعل المواد الغذائيّة , مُعرّضة للتلف وإنتهاء الصلاحيّة , ونفاد القيمة
الغذائيّة , والخسارة التجاريّة . ينبغي أن نفهم أنّ العولمة الغذائيّة , هي القاعدة
الصخريّة , لتأمين المُنشآت العالميّة , التجاريّة منها والعسكريّة , ضدّ القاعدة
الإرهابيّة , وضد الكوارث الطبيعيّة , في كلّ أنحاء البريّة . والعولمة الغذائيّة
مُمكنة إذا وفرنا حسن النيّة , وتفاوضنا بموضوعيّة , ودمجنا المُنظمات الدوليّة,
بديمقراطيّة عالميّة , وأعطيناها مزيداً من الهيبة والصلاحيّة , ومَنَحْناها سلطاتٍ
تشريعيّة , وأخرى تنفيذيّة , وثالثة قضائيّة , وهيمنة عالمية , على البرامج
الإقتصاديّة , والخطط الإستراتيجيّة , لإستغلال الثروة النفطيّة, والموارد المائيّة,
فيما يفيد الإنسانيّة , بطريقة تجاريّة , ليست تأميميّة , ولكنّها مُثلى وعبقريّة ,
تأخذ من التجربة الإشتراكيّة, والتجربة الرأسماليّة, والكتب السماويّة , كّلّما يفيد
الإنسانيّة . وإذا استفدنا من المُعطيات الحاليّة , مثل وجود الكوادر البشريّة ,
ذات التميّزات الإيجابيّة , في الإمتحانات القياسيّة , في المراحل الدراسيّة , في
المدارس العالميّة , وصنعنا بديلا ً للشموليّات العسكريّة , وللهيمنة الأحاديّة ,
التي هي ورطة حقيقيّة , للأمّة الأطلنطيّة , لتجنّبنا كُلّ التهديدات الإرهابيّة ,
والضربات الإستباقيّة , والعُقوبات الذكيّة , والمُحاصرات التجويعيّة , لشعوبٍ
غلبتها على أمرها , أنظمة ٌ قمعيّة..................................................؟؟؟
ج-إذا لم تكن هذه المفاهيم واضحة وشفّافة وجليّة , فسوف يُحاك ما لا يُحْمَدُ عُقباهُ
من الأجندات الخفيّة , و المُؤامرات العلنيّة , حول الطاقة والمصادر المائيّة .
لأنّ المياه في الأرض ليست مُلكا ً لأحد , و كذلك موارد الطاقة . هكذا يفهم الذين
يفهمون؟؟؟ ولذلك هم يقولون , للمُشيرالبشير, الذي أحترمه , كما ذكر ذلك في
برنامج الواجهة , التوثيقي التلفزيوني , مع الإعلامي المُحترف أحمد البلال
الطيّب: ( بترولنا فى السودان نريد أن نحتفظ به للأجيال الأمريكيّة التي ستولد
بعد مائة عام ) . وطبعا ً الأجيال الأمريكيّة تعني الأجيال العالميّة , لأنّ الجنسيّة
الأمريكيّة ليست حكرا ً على أحد والهجرة إلى أمريكا مُتاحة لكلّ الناّس . وليس
لديهم أيّ نوعٍ من أنواع التفرقة , بين مُواطن أمريكي , ومُواطن أمريكي آخر,
مُقارنة بما لدينا من عنصريّات وتمييزات بين أبناء الوطن الكبير . ما قالوهُ
للبشير من ناحية عَمَلِيّة صحيح , لأنّهم هم الذين اكتشفوا البترول السوداني في
عهد النّميري , والذي أحترمه , بتقنيّة مُكلّفة جدّا ً , وكان نصيبهم من البترول
على حسب الشروط المُتفق عليها 55% للشركة و 45% للحكومة أوالعكس,
لستُ مُتأكّدا ً من الأرقام , ولكن ما أريد أن أقوله أنّ حِصّتهم ستذهب إلى أمريكا,
و سيشترون حِصّة الحكومة و ستذهب أيضا ً إلى أمريكا لكي يحتفظون بها
لأجيالهم القادمة . أمّا مُشكلتهم مع النّميري , فكانت كما ذكر ذلك نائبه عبد
الماجد حامد خليل (المُحترم) في نفس البرنامج : أنّ الأمريكان في بداية انقلاب
مايو لم يثقوا في النّظام لأنّه كان إشتراكيّا ً ثوريّا ًّ , وفي أواخر عهد مايو لم
يثقوا في النّظام لأنّه أصبح إسلاميّا ً ثوريّاً . ولهم العذر في ذلك ,لأنّ الأنظمة
الإشتراكيّة التي تقف ضد التطوّر الرأسمالي , والأنظمة الإسلاميّة التي تعلن عن
نيّة التوسّع في العالم , والهيمنة عليه , من دون أن يفوّضها العالم , تتعارض
مع مصالحهم في المنظقة التي يحدث فيها ذلك , وفي العالم كذلك لأنّها ربّما تغيّر
موازين القوَى الدوليّة . وهذا ما لا يسمحون به , لأنّه ربّما يضرّ بمصالحهم .
والذي يريد أن يفعل ذلك , عليه أن يرتفع إلى مُستوى التحدّي , بكُلّ مَعَانيهِ .
وإلاّ سيجد نفسه في النهاية , مُضطرّاً إلى أن ينبطح على بطنه , أو أن يسكن
في المساكن التي تحفرها وتسكنها المخلوقات , التي تزحف على بُطونها .
ح-والإعلان عن النّوايا التوسّعيّة بطريقة ثوريّة ليس بالضّرورة أن يكون صريحا ً
بل يكفي أن يكون ضِمْنيّا ً , كأن يُعْلِنَ النّظام : أنّه امتداد للثورة المَهديّة ,أويُنظّم
مسيرة ًمليونيّة, لتأييد الثورة الإسلاميّة السودانيّة , أوالثورة الخمينيّة الإيرانيّة,
أو أن يؤوي مجموعاتٍ إرهابيّة , ولو كانت منزوعة التابعيّة , أو حتّى كانت
تكفيريّة , أو ثارت ضدّ الأمّة النّصرانيّة , أو ضدّ الدولة العِبْرِيّة , لأنّها ولاية
أمريكيّة,كما يظهر في البرامج الإنتخابيّة, للرّئاسة الأمريكيّة . أو أن يُردّد النّظام
بطريقة بَبَغائيّة , كلاما ً عن لاءاتٍ ثلاثيّة , ضيّعت الأمّة العربيّة , وفتنت الأمّة
الإسلاميّة , وتخلّت عنها أمّة البترول الخليجيّة , بتحالفاتها الإستراتيجيّة , مع
الكتلة الغربيّة الأمريكيّة , ضد الكتلة الشرقيّة السوفيتيّة , أثناء الحرب الثلجيّة,
وتخلّت عنها السلطة الفلسطينيّة , بمُفاوضاتها السياسيّة , وتعاطيها لمُرتّباتٍ
شهريّة , من الحُكومة الإسرائيليّة , التي صنعتها الدول الأوروبيّة , وتبنّتها
الولايات المتّحدة الأمريكيّة , وعلى كُلّ تقع المسؤوليّة التاريخيّة , وعليهم
أن يجدوا حلولاً موضوعيّة , لتلك الإشكاليّة العصيّة . ولكن ما الذي يمنع
السلطة الفلسطينيّة , من التخلّي عن المُرتّبات الإسرائيليّة , وما الذي يمنع
السلطة الفلسطينيّة من إعلان الدولة الفلسطينيّة , على أيّةِ مساحة جُغرافيّة ,
على الأقل في الظروف الحاليّة , بطريقةٍ ديمقراطيّة , وبأساليب برلمانيّة ,
كما فعلت ذلك الأمّة السودانيّة , عندما كانت أمّة ً عبقريّة , قبل أن يُفسدها
فلاسفة الإنقلابات العسكريّة,وعباقرة الشموليّات الدكتاتوريّة,وأبطال العسكريّات
العُنصريّة . وما الذي يمنع الأمّة الفلسطينيّة , من إستبدال كتائب الإغتيالات
الهَمَجيّة, جهاديّة كانت أم إنتحاريّة , بجيوش فلسطينيّة نظاميّة , تقاتل من أجل
القضيّة الوطنيّة , بطريقة شرعيّة . وما الذي يمنع الأمّة الفلسطينيّة , من أن
تستغني عن كسب عيشها عند الأمّة الإستعماريّة, وأن تستفيد من جدار التفرقة
العنصريّة , في درء المخاطر اليأجوجيّة المأجوجيّة الشارونيّة , بإعتبارها
ردما ً ذو القرنينيّة, بُنِيَتْ على حِساب الأمّة الإستعماريّة الإضطهاديّة الإباديّة ؟؟؟
أو أن يلعب النظام لعباتٍ قِرديّة, ويرقص قائدُه رقصاتٍ مصحفيّة , على أنغام
الدسكو المُوسيقيّة , أثناء التعبئة الجهاديّة , والخِدمة الوطنيّة الإلزاميّة, ليُجاهد
ضد الذمّيّة , والفِرَق الأخرى الإسلاميّة , بدعوى أنّها علمانيّة , أمّا الطرق
الصوفيّة , فزعموا أنّها رومانسيّة , تُحَلّق دَوْمَا ً في طبقاتٍ عُلْويّة . يا لها من
عنجهيّة , وألفاظٍ إستفزازيّة , ضيّعت مصانعنا الإستشفائيّة , التى ( ناشتها)
الصواريخ الإستباقيّة , التي تمّ إطلاقها من الغوّاصات البرمائيّة ,التي غاصت
من مُقاطعة إسرائيل الأمريكيّة , و (قلّعت) مثل القرينتيّة , في مُقاطعة حلايب
المصريّة الأمريكيّة , حين طُرِدَتْ منها القوّات السودانيّة , بطريقة دراميّة
لا تفهمها كوادر الجبهة الإرهابيّة , وعقليّات الإنقاذ العبّوديّة المايويّة الغبيّة .
وتلك الضربة الإستباقيّة , كانت تجربة عَمَليّة , كشفت إفلاس الإنقاذ عسكريّاً ,
ومهّدت لجيوش الإحتلال الأوربيّة الأمريكيّة,لبلادٍ وَاعِدَةٍ غنيّة,أهلها طربنشيّة؟؟
خ- برلمان عبّود , الذي أحترمه , كان أفضل البرلمانات غير الشّرعيّة , لأنّه لم
يُوافق على حرق الجنوب للقضاء على مجموعاتٍ تمَرّديّة , بل طالبوا عَبّود
بالتعمير والخدمات الإنسانيّة , لكلّ الأمّة الجنوبيّة . فوافق عبّود وشرع في
الإعْمَار بطريقة جدّيّة . ولذلك لمْ يَقدِم الإمام الصّديق على هَدْر دم عَبّود عندما
أفتاهُ في ذلك مجموعة أنصاريّة, خشية َ أن يفهم النّاس أنّ دم عبّود قد أُهْدِرَ لأنّه
لم يحرق الجنوب , أو أن يفهم النّاس أنّ السودانيّين يغتالون زعماءهم . يا له
من إمام ٍ عظيم , لأنّه لم يَستنّ سُنّة الإغتيالات في السودان , مع أنّ هدر الدّم ,
أو المُساءلة الشخصيّة , أو النفي مع إسقاط الجنسيّة,بأساليب مُتفقٌ بالإجماع ,
على أنها ممارسة ٌ دستوريّة , يمكن أن تكون من المُعالجات الوطنيّة الشرعيّة ,
أو الحلول الجذريّة لحسم مُشكلة الإنقلابات العسكريّة , فى الدولة السودانيّة ,
( وليس ميثاق حماية الديمقراطيّة ولا القوانين العسكريّة . ومع ذلك ينبغي
إيجاد الجهة الشرعيّة , ذات المُفوّضيّة , لإصدار الأحكام الشرعيّة , وإلاّ صارت
فتنة دينيّة , واندلعت حرب أهليّة ) . هذا القرارالحكيم الذي إتّخذهُ الإمام الصّدّيق
عبد الرّحمن المهدي , قد جَنَيْنَا أهمّ ثِمارهِ وهي أنّ الأجيال السّودانيّة التي
تَلَتْ الإمام الصّدّيق , لا تغتال زعماءها , وأنّ زُعَمَاء الأنصار الصادقين
المُهذبين الذين ورثوا الصدّيق يَجْتنِبُون الفِتَنَ ويَنْأوْنَ بالسودان عن اللّبنَنَة
والصّوْمَلة والأفغنة , وكذلك الطلْبَنة والجبهنة ( مع أنّنا نعلم أنّ إمام الأنصار لو
طلب من الأنصار أن يقطعوا رؤوس غير الأنصار بالسودان لفعلوا ذلك . وكذلك
نعلم أنّ كُلّ الطرق الصوفيّة ما عدا الختميّة كانت تؤيّد المهديّة . وهذا يعني أنّ
عدد أحفاد الأنصار ومُؤيّديهم تقريباً يساوي ثلاثة أرباع الأمّة السودانيّة الحاليّة.
وهذا يعني أنّ الأنصار لا يحتاجون للخروج من السودان ثمّ غزوه بالمُرتزقة من
الخارج , الذين فعلوا ذلك لم يُحسنوا الإدارة , وربما فعلوا ذلك بإسم حزب الأمّة
وليس بإسم طائفة الأنصار . لأننا نعلم أنّ الأنصار هم أشجع الطوائف الدينيّة في
السودان , بشهادة أعداء الأنصار من داخل السودان , ومن خارج السودان ) .
ولكن الصادق المهدي لن يفعل ذلك . كما أنّه لن يفعل ما فعله كرزاي والجلبي .
والدليل على ما أزعم , هو إنسلاخ الصادق المهدي ومبارك المهدي , عن تجمّع
المُعارضة الديمقراطي , عندما اكتشفا أنّه يتعاطى مبلغاً قدره ( 10000) دولار
أمريكي سنويّاً ,من الولايات المُتحدة الأمريكيّة,ثمّ توقيعهما لأتّفاقيّة نداء الوطن
مع حكومة الإنقاذ , غير الوطنيّة وغير المُنتخبة , والتي أطاحت بحكومتهما في
(1989) , وبدون اقتسام للسلطة والثروة , لأنّ ذلك أخفّ الضررين ........ ؟؟؟
قد يدفع حزب الأمّة ثمناً باهظاً , لرفضه للجلبنة والكرزنة , ولكنّه حتماً سيكسب
إحترام الذين يصنعون الجلبنة والخرزنة , وإحترام الذين يحترمون الوطنيّة ,
وعندما يسعى لإعادة تحرير السودان , بالمعنى الحقيقي , سيفعلها برلمانيّاً ؟؟؟
والذين يعرفون الصادق المهدي , من قريب أو من بعيد , من خلال كتاباته
وأقواله وأفعاله , يفهمون ذلك . وهو كثير الأفعال , وقليل الأقوال عن تلك
الأفعال , مهما زعم بعض الأندال . ولكنّه كثير الإنتاج الفكري, في الشأن العام.
وتلك هى خصال الأنصار, لأنّ المِنّة لِمَنْ خلق الرّجال , ولرسوله سيّد الأجيال,
صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما كثيراً يملأ الزمان والمكان والمجال .
أن يجتنب زعماؤنا مثل هذه الأمور , فهذه سِمَة ٌمن سِمَات الأمم والشّعوب
الرّاقية , التي يَنْبَغِي أن نحافظ عليها , و أن نعتزّ بها , وأن نفهم معانيها .
هنالك شعوب كثيرة قد إغتالت زعماءها لأنّها كانت ومازالت تفتقر لمن يُربّيها
مثل تربية الإمام الصّدّيق رَحِمَهُ الله . والأنصار أيضا ً كانوا يفتقرون لمثل تربية
الإمام الصديق عندما أبادوا الأطفال في منطقة المَتمّة , وإنْ شكّل آباؤهم
طابوراً خامسا ً في ذلك الزمان , وفي تلك الفتنة , التي أضعفت السودان أمام
جيش الإستعمار الإنجليزي . وما زال السودان يعاني من ترسّبات تلك الفتنة .
قال لي أحد أبناء تلك المنطقة , عندما كان الصادق المهدي يلقي خطاباً على
الجمعيّة التأسيسيّة,التي أطاحت بها المافيا الجعليّة الغبيّة : واللهِ الصادق المهدي
رجل مُحترم , ومُهذب , و مُثقف , ومُتعلّم , ومُفكّر , ينبغي أن يستفيد السودان
من أمثاله , لكن أهلنا في منطقة شندي والمتمّة , من ذوي العقليّات القديمة ,
يكرهون الحكومات المُنتخبة , لأنّ الذي يفوز فيها هو ( ود القشري ) يعنون ود
المهدي, لأنّ ودّ المهدي رجاله كلهم من الزرّاقة الذين أبادوا أجدادهم في المتمّة.
ولذلك تجد أبناء تلك المنطقة , من العساكر يحرصون على الإطاحة بحكومة ود
القشري . وأحياناً يذهبون إلى أبعد من ذلك . أذكر أنّني قابلت أحد أبناء تلك
المنطقة , والذي يعتزّ بحكومة الإنقاذيّة الجعليّة , قال لي : والله أنا لو كنت في
محل البشير لقطعت رأس الصادق المهدي , مثلما قطع النميري رأس محمود
محمّد طه. فقلت له لماذا هذا ؟؟؟ فقال لي والله هو رجل مُؤهّل ومُحترم , ولكن
نحن الجعليّون قد رضعنا على أنغام حكاوي الحبّوبات , عن ضربة الزرّاقة
للمتمّة. وهؤلاء الزرّاقة قد سبّبوا لنا وجع الوجه وغثيان البطن في البرلمان ,
الذي أطاحت به الإنقاذ . وعندما تأتي الإنتخابات الحُرّة , سيفوزون بها مرّة
أخرى طالما الصادق حي . وهذا بالتأكيد يعني أنّ أمثال هؤلاء , وأمثال الجعليّين
والشيوعيّين الذين أبادوا الأنصار في الجزيرة أبا , وفي ود نوباوي على عهد
الزعيم الظافر جعفر نميري , أيضاً كانوا ومازالوا يفتقرون لمثل تربية الإمام
الصدّيق . والإسلاميّون والجعليّون الذين يبيدون السودانيّين في مشارق البلاد
ومغاربها , وفي كلّ أنحائها , يفتقرون أيضا ً لمثل تربية الإمام الصدّيق . وهي
في متناول أيديهم ,وقريبة منهم , ولكنّهم لم يُحسنوا إستغلال النعمة , وتوظيفها
لمصلحة السودان والسودانيّين , وإنّما فعلوا بتلك النعمة ما لا يليق بها ..... ؟؟؟
ولذلك ينبغي أن نحافظ على هذا النمط من الإستراتيجيّة التربويّة , مهما أساء
الجهلاء والحاقدون استغلال هذا السلوك كنقطة ضعف عند الأنصار ومن حذا
حذو الأنصار , أنصار الله وملائكته وكتبه ورُسُلِهِ , أنصار الحق الذي ينفع
النّاس , والذي يعلو ولا يُعلى عليه , والذي سيبقى . وأعداء الباطل الذي لا
ينتفع منه أحد , والذي سيذهب جُفاءً كما يذهب الزبد . هُم ليسوا أنصارا ً لِفلان
أو عِلاّن , كما أطلق عليهم بعض السّاذجين الجاهلين, من العسكريّين المُتآمرين,
وحلفاؤهم من السياسيّن الحانثين , وشركاؤهم من المُتمرّدين , ولو إلى حين .
د-سيقول الأنصار يوما ً لهؤلاء :- (خايفك يا غالي تسرح طوّالي ) و تقول :-
((العُنف والقوّة هما الوسيلتان الوحيدتان لإحداث أيّ تغيير أساسي في المُجتمع,
وشرعيّتنا هي القُوّة , وديمقراطيّتنا هي الدّيمقراطيّة التي تمارس من داخل
الحزب , بعد أن يستولى الحزب على السلطة بالقُوّة . ولابُدّ أن نمتلك زمام كُلّ
المشاريع الإقتصاديّة . لأنّ القوى الإقتصاديّة هي التي تتحكّم في مَجرى التاريخ.
والتاريخ ما هو إلاّ سِجلّ لحرب الطبقات . والحكومة ما هي إلاّ أداة تستخدمها
طبقة في إضطهاد طبقة أخرى . ونحْنُ تقدّميّون ولن نسمح للقوىَ الطائفيّة ,
الرّجعيّة الإقطاعيّة الوراثيّة,أو الأصوليّة السلفيّة, بأن تستمر في إكتساح الدوائر
الجغرافيّة , ثُمّ تمارس الدكتاتوريّة المدنيّة على الأمّة السودانيّة. بينما نحن دائماً
نحافظ على الطيشيّة , في معظم الدوائر الجغرافيّة , لأنّ الأمّة الحاليّة , مُتخلّفة
وغبيّة , وتخلّفاتها فكريّة , وربّما كانت عقليّة . ولذلك لا بُدّ من الإستيلاء على
السلطة بالبندقيّة , ولا بُدّ من إعمال التصفية الجسديّة , لكلّ الأحزاب الطائفيّة ,
الأنصاريّة منها والختميّة, الإخوانيّة منها والجبهجيّة,ثمّ الإستيلاء على الوظائف
القياديّة في الخدمة العسكريّة , وعلى الوظائف الإداريّة , في الخدمة المدنيّة ,
وعلى الحركة النّقابيّة , والجمعيّات الثقافيّة , والإتحادات الطلاّبيّة , والروابط
الإقليميّة , والمُنظمات الفِئويّة , والتنظيمات المُدنيّة النسوانيّة, والأندية الليليّة ,
والخمّارات البلديّة , والبارات العَلنيّة,والإبَاحيّات الجنسيّة,الديوانيّة والدكاكينيّة ,
للمُحافظة على دولتنا الفتيّة , دولة الدكتاتوريّة العشوائيّة , والشموليّة الجزئيّة ,
ليست ماركسيّة ولا لينينيّة, ولا ماركسيّة لينينيّة, وليست إشتراكيّة بروليتاريّة.
لأنّ الشعب الآن ليس فقيراً كما ينبغي له أن يكون . إنّما هي فِكْرَة تجويعيّة ,
لصناعة قاعدة بلوريتاريّة , ونصبح نحن البرجوازيّة , يا لنا من عبقريّة .
بيننا وبين القوى الطائفيّة , صراعات على البقاء سرمديّة , وستستمرّ إلى فترة
أبديّة . لأنّهم قد مارسوا نوعا ً من الديمقراطية , في سالف الأزمان لبراليّة ,
بطريقة طائفيّة , كانت تنوي حلّ الأحزاب اليساريّة , بأساليبها البرلمانيّة ,
يا لها من إجراميّة , ويا لهم من حراميّة )) ......................................؟؟؟
ذ-وسوف يتصدّى الأنصار يوماً , لصدى هؤلاء الأغبياء ,الذين هم أيضاً دُخلاء ,
يخلطون ويختلطون مع الخلطاء , ثمّ يقولون :- (( المُؤمن القوىّ خيرٌ من
المُؤمن الضّعيف , والغاية تُبرّرالوسيلة , ونحن الإخوان الجبهجيّة , يَحِلّ لنا
أن نتسلّق الإنقلابات العسكريّة , قبل أن يتسلّقها غيْرُنا , من الطائفة الإلحاديّة ,
ثمّ نُحْدِثَ من داخلها ما نريده من تغييرات إسلاميّة. ويَحِلّ لنا كجبهةٍ إرهابيّة,
أن نخطّط للإنقلابات العسكريّة , قبل أن يخطّط لها أعداؤنا الشيوعيّة والبعثيّة.
لأنّ دستور الشريعة الإسلاميّة , مع وجود هذا النوع من العدائيّة , لا يمكن أن
يأتي ثمّ يتمكّن في الأرض عن طريق الديمقراطيّة , وأكبر دليلٍ على ما نقول
هو سقوطنا في الدوائر الجُغرافيّة . الشعب السوداني شعبٌ حقيرٌ مُتخلّف , إذا
تواضعت معه أسقطك في الإنتخابات , وتخلّف إلى الأبد . ولذلك لا بُدّ أن تنظر
إليه من عَلٍٍ , ثم تجبره على الصعُود إلى درجتك العليّة . ولا بُدّ من التحايل على
هذا الشعب عن طريق دوائر الخرّيجين واللعبات القرديّة في الفترات البرلمانيّة .
ولكن الإسلام كالبذرة عندما تنبت لا بُدّ أن تتصدّع الأرض لكي تخرج هذه البذرة.
الديمقراطيّة التي يمكن أن تمارس مع هذا الشعب الوضيع الحاقد علينا , هي
ديمقراطيّة التوالي . والفكرة ببساطة هي عبارة عن تجميع وإغراء السّاقطين
والمُنشقين والمُنتفعين من شتّى أنحاء السودان وتكوين أحزاب لهذه المجموعات
بعد أن نضمن ولاءها لنا ومُوالاتها لحزبنا . هي أحزابٌ كرتونيّة , فلسفتها
شريعة مايو الإنقاذيّة , فهي شريعة مَطاطيّة , تحرّم الأحزاب التقليديّة ,الطائفيّة
منها والعلمانيّة,وكذلك الماركسيّة والبعثيّة, وتمنح الشرعيّة الدستوريّة الوهميّة,
لأحزاب التوالي السياسيّة . بعد أن نحدث تغييرات شيطانيّة , على الدستور وكُلّ
الأجهزة العدليّة , القانونيّة والقضائيّة , والأمنيّة والتجسّسيّة والإستخباراتيّة ,
بحيث نُحكم قبضتنا الحديديّة . ومن ثمّ نطبّق سيستنا التمكينيّة , بتصفية الخدمة
المدنيّة , وكذلك العسكريّة , من العنا صر اليساريّة , وإجبار المُسيطرين على
الحركة التجاريّة , على ركوب التونسيّة . البلد قبل المَافيا الإنقاذيّة , كانت مُهيّأة
للإنقلابات العسكريّة , و كُنّا في سباق مع الكُتلة اليساريّة , البعثيّة والشيوعيّة ,
الذين صنعوا الطغمة المايويّة , وسجنوا مجموعتنا الترابيّة))....................؟؟؟
ر-وضاعت البلد بين هؤلاء , و أولئك , وبين الذين يخشون أن يحرقهم أبناء
الشّماليّة,ويخشون أن تذوب ثقافاتهم في العربيّة,أو تكتسحهم الديانة الإسلاميّة ,
أو لا تستوعبهم الأحزاب الوطنيّة , فقالوا إنّها طائفيّة , وإنّ برامجها دينيّة ,
مثل الصحوة الإسلاميّة , عند الجهديّة القوميّة , أو الشريعة الإسلاميّة , عند
المافيا الإخوانيّة,أوالصحوة الصوفيّة ,عند الطائفة الختميّة. وأنّهم إمّا أن يدخلوا
الإنتخابات بإسم الكتلة المسيحيّة الإفريقيّة , أو أن يتحالفوا مع الشيوعيّة , ثمّ
يواظبوا على الطيشيّة , أو أن يتمرّدوا على كُلّ الحُكومات السودانيّة , العسكريّة
منها والإنتقاليّة , ولم تسلم من إستفزازهم حتّى الحكومات البَرلمانيّة , قالوا إنّ
الإنتخابات الجغرافيّة , كانت جزئيّة , لم تكتمل بالمنطقة الجنوبيّة , حيث الحركة
الشعبيّة,ضربت الطائرة المدنيّة,بعد أن وافقت مبدئيّاً,على مُؤتمر حسم القضيّة.
وبعد أن دمّروا البُنىَ التحتيّة ,للدولة السودانيّة الوطنيّة, وبعد أن تعِبُوا وضعُفتْ
قواهم الجَسديّة , طالعُونا بتفسير الماء بعد الجهد بالماء , عندما أعْرَبُوا عن
مشروع الحركة الشعبيّة , السودان الجديد , سودان الوحدة الوطنيّة , والأحزاب
الديمقراطيّة , المُتعدّد الأديان , والثقافات والألوان . وهو على أفضل الفروض,
المصحوبة بمُنتهى التفاؤل , وبأطيب النوايا وبأعلى سقف للثقة , نفس سودان
عبد الرحمن الأمّة,وعلي الختميّة,الذي مكّنهم من صناعة الديمقراطيّة , وهي في
ذاتها كانت غاية الأمّة الذكيّة , التي مكّنتها من صناعة الإستقلال , وهو في
حدّ ذاته من أسمى الغايات والآمال ,التي ينبغي أن تحافظ عليها أجيال الرجال.
ولكن أمل الأمّة قد أفسده إبراهيم عبّود وحسن بشير, ومحمّد أحمد المحجوب ,
والصادق المهدي, والهادي المهدي , وجعفر نميري واحمد المهدي , ومنصور
خالد , وجون قرنق , وسولفاكير , وياسر عرمان , وعمر نور الدائم ومُبارك
المهدي , ومحمد إبراهيم نقد , وعزالدين علي عامر, وبقيّة الشيوعيّين, وحسن
عبدالله الترابي , وجميع الإسلاميّين . والإنقاذيّان المُتكبّران , فرعون وهامان ,
اللذان في البحر سيغرقان , أو يأخذهما الطوفان ,أو ينتبهان , فينتهيان,عن الإثم
والعدوان , والتآمر والخذلان , وانتهاك حقوق الإنسان , وللشعب يعتذران, ولله
يستغفران , ثمّ يتخارجان , قبل أن يأسرهما الأمريكان , فيندمان , بعد فوات
الأوان , فيبكيان , ولخدّيهما يلطشان مع أنّهما جعليّان . ولن يأسف عليهما إنسٌ
ولا جان , لأنّهما عنيدان , وفي الطغيان مُتماديان , بشهادة القاصي والدان ؟؟؟
أمّا حزب الأمّة الذي صنع برلمان الإستقلال , فهو ثروة وطنيّة بالغة الأهميّة ,
تمتلكها دولة السودان الحُرّة الأبيّة , بعد أن ورثه الشعب السوداني قاطبة ً عن
الإمام عبد الرحمن المهدي رحمه الله . ولذلك يجب على الشعب السوداني
مُساءلة كُلّ من هو على قيد الحياة من أولئك العابثين , وإستعادة الحزب كما كان, وطنيّاً خالصاً . إسمه (حزب الأمّة) , بدون: القومي ,التجديدي , الهادي .
وهو حزب وطني مُستقل عن زعامة الأنصار, والإنتماء إليه لا علاقة له بالدين,
وبرامجه السياسيّة , لاعلاقة لها بالصحوة الدينيّة . وإلاّ سيلاقي ما لاقى
تنظيم الجبهجيّة , الذين قد إضطرّوا لفصل التنظيم الحاكم , عن الطائفة الدينيّة,
بطريقة قاسية لا حِكمة فيها ولا إنسانيّة , إن لم تكن مسرحيّة , فصولها مجهولة
وأهدافها غبيّة , تشاهدها جيوشٌ أجنبيّة. إذا كنّا جادّين في أمر الوطنيّة ,ينبغي
أن يفصل الأنصار بين حزبهم وطائفتهم الدينيّة , وأن يفصل الختميّة بين حزبهم
الوطني وطائفتهم الدينيّة , وأن يفصل الشيوعيّون بين حزبهم الوطني وطائفتهم
الإلحاديّة. (أمّا حزب الأمّة) الوطني التاريخي العريق الفريد فقد كان شعاره البليغ
( لا شيع ولا طوائف ولا ألوان , كُلّنا إخوان , في وطننا السودان) , كما ثبت أن
قاله صاحبه بدقّة متناهية في إختيار الكلمات , وليس كما حرّفه الإنقاذيّون في
بداية عهدهم عندما زعموا أنّ الإمام عبدالرحمن غيّر رأيه في مسألة تعدّدية
الأحزاب , كما زعموا أنّه قال : ( لا شيع ولاطائف ولا أحزاب , ديننا الإسلام ,
ووطننا السودان ) , هذا هو شعار المافيا الإسلاميّة في السودان , وليس شعار
الأنصار , ولا شعار الإمام عبدالرحمن . لأنّ الإمام عبدالرحمن لا يصنع الفتن؟؟؟
وشعار حزبه الأصلي , وإسمه كذلك , يجعلان الحزب واسع الإطار , يستوعب
كُلّ من أراد أن ينتمي اليه من السودانيّن الوطنيّين الإستقلاليّين أمام المُستعمر,
الوحدويّين فيما بينهم , والوحدويّين مع جيرانهم بعد طرد المُستعمرين . تلك
كانت هي أهداف حزب الأمّة الإستراتيجيّة . وهذا هو الحد الإستراتيجي الأدنى
الذي يمكن الإتفاق عليه بالإجماع , وينبغي أن يحميه جيش السودان , والدستور
المُتفق عليه بالإجماع الوطني , وليس بالإجماع الفوقي المفروض على الشعب
السوداني , لتمكين وحماية مافيا مُعيّنة , خصماً على نصيب الآخرين ........؟؟؟
وكذلك الحزب الإتّحادي الديمقراطي قد أفسده بعض هؤلاء , ومعهم أحمد
الميرغني وزين العابدين الهندي , ومحمّد عثمان الميرغني , وأحمد السيّد حمد.
وعلى الشعب السوداني أن يسائل مَن هو على قيد الحياة , من هؤلاء الواهمين ,
حتّى يصبح الحزب وطنيّاً خالصاً , يستوعب كُلّ السودانيّين , كما ورثه الشعب
السوداني عن صاحبه , الغني بتجاربه , في جلب الإستعمار , وفي طرده ....؟؟؟
وأيضا ً هنالك الذين يدخلون الكُليّة الحربيّة , ليصنعون الإنقلابات العسكريّة ,
و يقطعون الطريق على الذين ورثوا المَهديّة , والذين غالبا ً ما تأتي بهم
الديمقراطيّة,لأنّهم حاقدون على الزّرّاقة والجَهَدِيّة,لأسباب وترسّباتٍ تاريجيّة ؟؟؟
ينبغي إيجاد بروتوكولاتٍ ذكيّة , لطمأنة كُلّ المجموعات من النّواحي الأمنيّة و
النّفسيّة . كما ينبغي إيجاد البنود الدستوريّة , التي تمنحهم حقوقهم الماديّة
والأدبيّة , حتّى تتحسّن ظروفهم المعيشيّة والإجتماعيّة و السياسيّة . وتقنعهم
بأن الخيارات الديمقراطيّة , الرئاسيّة أو البرلمانيّة , هي أفضل ما وصلت إليه
الإنسانيّة, وقد طورها أهل الذكر في العلوم السياسيّة,أقتبسوها من قيم ٍ سماويّة,
ما عدا الهيغليّة اليساريّة , التي تتلمذ عليها ماركس , وطوّرها إلى الماركسيّة ,
فهي إلحاديّة . أمّا الهيغليّة المثاليّة,فقد تطوّرت إلى ما يُعرف حديثاً,بالديمقراطيّة
اللبراليّة,وهي لا بأس بها , ولا علاقة لها بالمادّيّة الماركسيّة,والأمور الإلحاديّة.
هذه أمورٌ ليست بالعصيّة, إذا وفرنا حسن النيّة,واتّبعْنا الوسائل العِلْميّة ,واتّسمنا
بالجدّيّة , وتحلّينا بالروح الرياضيّة , وكانت لنا استراتيجيّة ومنهجيّة , تقوم
بإعدادها عقولٌ ذكيّة , وعبقريّات مِهنيّة , وفِرَقٌ تحسينيّة , لإعادة هندسة
التكتّلات السياسيّة , وفقاً للإستراتيجيّات القوميّة , التي ستقوم بتنفيذها خبرات
وطنيّة , بمباركاتٍ إقليميّة , ومساعداتٍ عالميّة, وعلاقات وُدّيّة ................؟؟؟
إعادة هندسة التكتّلات البرلمانيّة , لا تحتاج إلى كبير عناء , طالما أنّنا نمتلك
حزبان وطنيّان , أفلحا بإمتياز وتميّز , في مُمارسة الديمقراطيّة البرلمانيّة , قبل
خمسين عاماً , والشاهد على ذلك , تحرير السودان من داخل ذلك البرلمان
المُنتخب بطريقة ديمقراطيّة, من براثن الإمبراطوريّة التي لا تغيب عنها الشمس.
هذا يعني أنّ أهل الذكر في السياسة السودانيّة , من المفكّرين والفلاسفة , لا
يقلّون شأناً عن فلاسفة تلك الإمبراطوريّة وغيرها , مثل أرسطو , وأفلاطون ,
وميكافللى , ومُونتسكيو , وجان جاك روسو , وكارل ماركس , وهيغل , وسان
سيمون,وغرامشي , وفيورباخ , وإيمانويل , وجون ديوي , وجورج واشنطون.
أمّا عند إعادة هندسة التكتّلات السياسيّة , فينبغي مُراعاة أمور كثيرة , أهمّها
أنّ دستور السودان لايُمكن أن يحظر الإيقاعات الإجتماعيّة , المبنيّة على أساس
العنصريّة العرقيّة , أو اللونيّة , أو الجهويّة , أو على التبعيّة الإنتفاعيّة , لرئيس
الجمهوريّة الإنقلابيّة , أو المبنيّة على المشاعر الإعجابيّة , تجاة الشخصيّات
السياسيّة , أو المبنيّة على أساس الإعتقادات الدينيّة , أو الإجتهادات المذهبيّة ,
أوعلى أساس القبليّات الجاهليّة, أوعلى أساس القناعات الآيديولوجيّة أوالفكريّة.
لأنّه من الفطرة السليمة الطبيعيّة , أنّ الطيور على أشكالها تقع , وأنّ الإنسان
يميل ميلاً طبيعيّاً إلى من يشبهونه. عندما سئل سيدنا محمّد صلّى الله عليه وعلى
آله وسلّم : مِمّن يتزوّج أحدنا يارسول الله ؟؟؟ قال: مِمّن يشبهونه . أو كما قال .
لكن الممكن هو أن يلزم الدستور كُلّ الأحزاب أو التكتّلات السياسيّة , بضرورة
الفصل بين هذه العواطف الطبيعيّة , والممارسة السياسيّة الوطنيّة الإستراتيجيّة.
ز-هذه الأمور كان يفهمها الإمام عبد الرحمن المهدي , رحمه اللّه , وكان يفهمها
السّيد علي محمّد عثمان الميرغني , رحمه اللّه . فالإمام عبد الرّحمن لم يَدّع ِ
أنّه إمتداد للثورة المهديّة , لأنّه كان يعلم لماذا حَسَمَ البريطانيّون أمر الخليفة
عبد اللّه التعايشي و كيف فعلوا ذلك . ولكنّه استطاع أن يُقنع السيّد علي محمّد
عثمان الميرغني بأهمّية خروج المُستعمر من السودان , وأنّ موضوع الإتّحاد
مع مصر سيأتي بعد إستقلال البلدين ( يا لها من إستراتيجيّة لو تحقّقت ) بالرغم
من أنّ الأخير كان هو القائد السوداني للجيش الذي حسم أمر الخليفة عبد اللّه
في موقعة كرري شمال الخرطوم جنبا ً إلى جنب مع القائد الإنجليزى كتشنر ,
وبقوّة السّلاح الحديث طويل المدىَ , والمدعوم بالتغطية الجوّيّة ...........؟؟؟ .
والعلاقة بين هذين الرجلين , كانت مثالاً للإخاء من أجل الوطن , ينبغي أن
يُحتذى به . يُذكر أنّ الميرغني ذات يوم قال لعبدالرحمن جملة تعجّبيّة رهيبة ,
وهي : إذا أمرت أتباعك الأنصار أن يغتالوني لفعلوا ذلك , أمّا أنا إذا أمرت
أتباعي الختميّة أن يقتلوك فلن يفعلوا ذلك . وإنّي لعلى يقين أن الأنصار قد طلبوا
منك أن تسمح لهم بقتلي , أي أن تهدر دمي , ولكنّك لم تفعل , ولن تفعل .... !!!
ذكر لي والدي هذا الكلام , وكلاماً أخطر وأرهب منه ,عندما سألته بعض الأسئلة
عن عدم حدوث الإغتيالات السياسيّة في السودان . أعني الإغتيالات السياسيّة
التي يقوم بتنفيذها المُواطن السوداني , لأغراض سياسيّة . وهي تختلف عن
الإغتيالات السياسيّة التي تنفذها الأنظمة العسكريّة . وقلت له إنّ جعفر نميري
قد ذكر في خطابٍ له : والله إنّني لن أنسى أبداً ذلك الخنجر المسموم , الذي إمتدّ
إليّ في أم جر . فقلت لوالدي هل تعرف ذلك الرجل , ولماذا حاول إغتيال نميري
وهل أمَرَهُ أحدٌ بذلك ؟؟؟, فقال لي والدي : الرجل الذي حاول إغتيال جعفر نميري
أعرابيٌ من خارج جزيرة أم جر , ولكّنّة تعقّب مسيرة نميري , وكان يركب على
حصان , ولحق بالمسيرة في شبه مدينة أم جر , عندما كان النميري يلقي كلمة ,
فنزل الأعرابيّ من حصانه وكبّر بأعلى صوته , وأخرج سكيّنته من ذراعه , وهم
بذبح جعفر نميري , لولا أنّ رجال الأمن قد حالوا دون ذلك بصعوبة شديدة .
وهذا الرجل لم يأمره أحدٌ بذلك لأنّه إدّعى أنّه أنصاري , وزعماء الأنصار لا
يأمرون بالفتن والإغتيالات . أمّا لماذا أراد ذلك الرجل أن يذبح جعفر نميري فلا
أعرف إجابة ً لهذا السؤال . فقلت له كيف عرفت أنّ زعماء الأنصار لا يأمرون
بالفتن والإغتيالات ؟؟؟ , فقال لي : لأنّني أعرف أنّ عمّك حسن إبراهيم , وعمّك
الحاج عبدالرحمن , كانا قد ذهبا إلى الإنقلابي إبراهيم عبّود في مكتبه , وعرضا
عليه مُشكلة مُفبركة من عندهما ,وطالباه بأن يكتب لهما خطاباً لحل تلك المُشكلة
لأنّ حلّها يحتاج إلى خطابٍ منه,وكان ذلك في القصر الجمهوري, وفي الصباح .
فوعدهما عبّود بأن يسلّمهما الخطاب في الساعة الخامسة مساءً من نفس اليوم .
وكان الحَرَص الجمهوري قد سمح لهما بالدخول إلى عبّود , وهما يلبسان
الجلابيّة والثوب والعرّاقي والشال , والسكّين في الذراع , بإعتبار أنّها لبسة
بلديّة عاديّة في ذلك الزمان . فخرجا من مكتب إبراهيم عبّود بالقصر الجمهوري
على أن يعودا إليه في تمام الساعة الخامسة مساءً , لإستلام الخطاب المزعوم .
فذهبا إلى الإمام الصدّيق , وطلبا منه أن يهدر لهما دم الرئيس إبراهيم عبّود ,
لأنّه أطاح بحكومة السودان المُنتخبة , وأنّ هذه سابقة خطيرة من شأنها تدمير
السودان , أي سُنّة الإنقلابات العسكريّة , التي إستنّها الفريق إبراهيم عبّود ؟؟؟
فانتفض الإمام الصدّيق , وارتعش , وضحك , ثمّ غضب , وقال لهما , ما فعله
عبّود يعتبر خطير , ولكن أسلوب الإغتيالات أخطر منه , ونحن لا نريد أن يُقال
إنّ السودانيّين يغتالون زعماءهم , وذكر لهما قصّة سيدنا عثمان رضي الله عنه
عندما تمرّد عليه المُعارضون , وطالبوه بعزل الوُلاة الذين عيّنهم عليهم , لأنّهم
فاسدون , ولأنّهم من أقاربه , على حسب زعمهم , وأن يستبدلهم بمن يريدون,
ففعل مايريدونه , ولم يأمر قائد الجيش , وهو سيدنا علي بن أبى طالب رضى
الله عنه بقتالهم , تجنّباً للفتنة , مع أنّ سيّدنا علي كرّم الله وجهه كان قادراً
على دحرهم . ولكنّهم مع ذلك إغتالوا سيّدانا عثمان إغتيالاً سياسيّاً , كان بداية
لللفتنة التاريخيّة بين المُسلمين وأمرائهم . فبكى الرجلان وذهبا إلى الرئس عبّود
واستلما خطابهما منه , ثمّ رجعا مشياً على الأقدام , من الخرطوم إلى أم جر ,
وتوفاهما الله في نفس العام . رحمهما الله رحمة واسعة , وأسكنهما فسيح جنّاته
مع الصدّيقين والشهداء والصالحين ..................................................؟؟؟
هذا الأسلوب التربوي قد ورثه الإمام الصدّيق عن والده الإمام عبدالرحمن .
وفيه تفسير لنجاح الإمام عبدالرحمن , الذي حوّل خصمه, السيّد علي الميرغني,
إلى صديق ٍ لايقلّ عظمة ً عن صاحبه . والسيّد علي لم يكن أمّياً كما الإمام ,لذلك
كان هدفاً من الأهداف التي يبحث عنها الإمام عبدالرحمن عندما يغوص في
المُجتمع , وينظر إلى أفراده نظرة فاحصة , ثمّ يختار منهم بفراسة مُنقطعة
النّظير , من يرى أنّهم يُمكن أن يُعينونه على طرد المُستعمر من السودان ,
بعقولهم , وليس بطريقة الإمام محمّد أحمد المهدي , وخليفته عبدالله . لأنّه
كان يرى أنّه لابُدّ من تغيير ذلك السيناريو , لأنّ قوانين عصبة الأمم لاتسمح
بمثل ذلك السيناريو . وعصبة الأمم هي مُنظمة الأمم المُتحدة الحاليّة . ولذلك
تمكّن الرجلان العبقريّان , رحمهما اللّه , من إخراج المُستعمر من السودان
بطريقة مُشرّفة للغاية و الحمد للّه . و تخلّص السودان من الورطة التي أدخله
فيها الخليفة عبد اللّه التعايشي , الذي خلف الإمام محمّد أحمد بن عبد الله ,
والذي كتب منشوراته المعروفة إلى الملكة فكتوريا ..............................؟؟؟
هذا لا يعني أنّ الخليفة لم يكن رجلا ً إدَاريّا ً عَظيما ً,بل كان كذلك بدليل أنّ عُملته
كانت من الذهب , مع العلم بأنّه لم يكن هنالك قطنٌ أو نفط ٌ في السودان , في
ذلك الزمان . ولكن كانت هنالك تجارة بلا قيود , وعبر الحدود , في الذهب
والماس , والصمغ والعاج , وفي كلّ ما هو موجود , في أرض الجدود , التي
جُبل أهلها على الكرم والجود . رحم اللّه الإمام محمّد أحمد المهدي , والخليفة
عبدالله التعايشي رحمة ً واسعة, وأسكنهم فسيح جنّاته مع الصدّيقين والشهداء
والصالحين . ورحمنا رحمة واسعة مثلها إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه .
س-هذان الرّجلان (عبد الرّحمن المهدي وعلي الميرغني ) لم يَسعَيَا إلى مناصب
مثل رئاسة مجلس الوزراء أو رئاسة مجلس رأس الدولة أو غير هذين
المنصبين لشخصيهما ؟؟؟ , ولكن كانت لهما فراسة ٌ خارقة ًٌ و مُحيّرة ٌ . الإمام
عبد الرحمن لم يكن من حَمَلة الدبلوم , أوالبكلاريوس , أوالماجستير , ولم يكن
دكتوراً أو بروفيسير , لكنّه كان كَالْوَارْوِير, والواروير صقرٌ صغيرٌ أو صُقَيْر,
يختارُ الكَأسَ من بين البَلابيط والكَناكِيج والتّنابير , وهو يُحلّقُ فى السّماء ,
وفوق الماء , وفجأة ً يَخِرّ من السّماء إلى تحتَ الماء , فيقتنِصُ سمكة َ الكَأس
الصغيرة اللّذيذة , وليس غيرَها , ثُمّ يذهبُ بها إلى أقربَ صَخرَة أو شَجَرَة ,
فيلتهم تلك الصيرة الصغيرة ,رقيقة الجلد,والتي لا تنتفخ كما تفعل ذلك التامبيرة,
والتي لا تكهرب كما تفعل ذلك البردة , والتي لاتقف غصّة في الحلق كما يفعل
ذلك الكنكيج , الذي يُعرف كذلك بالقرقور , وله ثلاث شوكات , وجمعه قراقير .
والبلابيط جمع بلبوط إسم آخر للبياضة , والبُلطي جمع بُلطاية وهي الفرشاية .
هكذا كان الرّجلان يغوصان في غياهب المُجتمع السوداني ويختاران السودانيّين
الوطنيّين المُؤهّلين المُلهمين , الذين يعلمون منطق الطير وعلم الكتاب , أمثال
الأزهري والمحجوب وغيرهما ممّن استطاعوا إقناع المُستعمر بأنّنا شعبٌ لا
يَجوزُ أن يُستعمرَ . وتمكّنوا من إستفتاء الشعب في أمرين : أولهما أن يكون
السودان في وحدة مع مصر تحت التّاج البريطاني , وثانيهما أن يكون السودان
للسودانيّين , على أن يُنظر في أمرالوحدة مع مصر بعد استقلال البلدين , وهو
رأى الإمام عبدالرحمن المهدي رحمهم الله رحمة واسعة , تملأ الدنيا والآخرة .
فاختار الشعب أن يكون السودان للسودانيّين , على أن يُنطر في أمر الوحدة مع
مصر بعد إستقلال البلدين الشقيقين . وبعد ذلك تمكّن البرلمانيّون , حُكومة
مُنتخبة ومعارضة مُنتخبة من إعلان الإستقلال من داخل البرلمان المُنتخب .
وهذا أكبر دليل على أنّ الشعب السوداني , الذي صنع ذلك البرلمان قبل خمسين
عاماً , ليس شعباً مُتخلّفاً , ولا رجعيّاً , ولا طائفيّاً , ولا كهنوتيّاً , ولا رومانسيّاً
ولا ميتافيزيقيّاً . ولكنّ المُتخلّفين والرجعيّين هم الذين لايرتقون بأفكارهم إلى
سماء هذا الشعب العظيم , ولايفهمون هذا الشعب الكريم , ويُذلّون هذا الشعب
الحليم , ولايُدركون أنّ وسائلهم , لتطبيق أفكارهم المُتخلّفة , هي المُتخلّفة .
هنالك نقطة مهمّة جدّاً ينبقي أن ينتبه إليها الذين يحترمُون تاريخهم وجيرانهم,
وهي أنّ الأغبياء الذين حاولوا أن يمسخوا ذلك التاريخ , لمصالحهم الحزبيّة
والشخصيّة, يزعمون أنّ الإمام عبدالرحمن لا يُريد الإتحاد مع مصر . ويذكرون
نصف الإستراتيجيّة التي رسمها الإمام عبدالرحمن , ويتجاهلون عمداً ما تبقى
من تلك الإستراتيجيّة العبقريّة . وهي إتحاد السودان مع مصر , ومع دول وادي
النيل الأخرى . وهذه الإستراتيجيّة قد آن أوان تطبيقها . وقد آن الأوان لأن
يستمتع شعب النيل بمياه النيل , وبثروات النيل البتروليّة والمعدنيّة والسياحيّة ,
بطريقة عبقريّة , وديمقراطيّة آرائيّة , ومنهجيّة عِلميّة, وإستراتيجيّة إقليميّة؟؟؟
هذان الرّجلان لم يسعيا أبدا ً لحلّ الحزب الشيوعي السوداني , ولم يسعيا أبدا ً
لحرق الجنوب ولم يسعيا أبدا ً لمُضايقة الأحزاب الإسلاميّة والسياسيّة الأخرى .
وكانت كلّ الأحزاب تتفق على ما ينفع الناس من إستراتيجيّات , فلا شيع , ولا
طوائف, ولا ألوان, فوق الإستراتيجيّة,وفوق القانون,والولاء لهذا البلد الحنون.
والمُسلم هو كلّ من أسلم وجههُ لله , والإسلام الذي لا يُقبل غيره من الإنسان
هو أديان التوحيد , وهو الفطرة أو الطبيعة التي يولد عليها كلّ إنسان. بمعنى أنّ
الإنسان لم تخلقه الطبيعة , ولكنّه خُلِق على الطبيعة أي الفطرة . وكلّ النّاس هم
من أمّة خاتم الأنبياء والمُرسلين , صلوات الله عليهم أجمعين . منهم من آمن
بالرسالة الخاتمة , ومنهم من لم يُؤمن بعد , ولكنّه يؤمن بانّ الله هو الذي خلق
الكون,ومن قال لا إله إلاّ الله دخل الجنّة. ذكر ذلك أبو هريرة رضي الله عنه أمام
سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه , فضربه عمر بين ثدييه حتى خرّت لاسته
ثمّ ذهب به إلى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم للتأكّد من ذلك الخبر ,
فاتضح أنّه صحيح ,(والحديث بالتفصيل في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني)
مسألة إهتداء غير المُسلمين إلى الدين الإسلامي , مسألة تعتمد على مشيئة ربّ
العالمين . ولكن علينا مُساعدة غير المُسلمين , على مَعرفة اللغة العربيّة , على
حسب رغبتهم . وعلينا الإجابة على أسئلتهم,التي رُبّما تكون لها علاقة بهدايتهم
بالحكمة والمَوعظة الحسنة . فرضُ اللغة العربيّة , بطريقة دكتاتوريّة , على
الناطقين بغيرها , ليس من الحكمة في شئ . بل هو بالتأكيد من دواعي الفتنة .
وكذلك فرض الشريعة الإسلاميّة , على غير المُسلمين , عن طريق الإنقلابات ,
العسكريّة, أوعن طريق ديمقراطيّة الأغلبيّة,المبنيّة على الإجتهادات الطائفيّة ؟؟؟
ش-ويبدو أنّ الذين صنعوا الديمقراطيّة في السودان , وصنعوا البرلمان المُنتخب
من حزبين أو كتلتين سياسيتين فائزتين ( حكومة ومعارضة ) , وتمكّنوا من
تحرير السودان بطريقة برلمانيّة شهد لها التاريخ , كانوا يُدركون أنّ السودان
يحتاج إلى حزبين سياسيّين , أو كتلتين وطنيّتين فقط , لا غير, لمُمَارسة الحياة
السياسيّة بطريقة سويّة,ومنافسة شريفة وديّة,وقناعة روحيّة, وروح رياضيّة,
ونفس طيّبة زكيّة , واستراتيجيّة إستقراريّة , لتحقيق الإستقلاليّة , ثمّ الوحدة
الصغرى الطوعيّة, الجنوبيّة – الشماليّة , تليها وحدة وسطى, سودانيّة-مصريّة,
وتعقبها وحدة كُبْرَى , حوض- نيليّة , من أجل البحيرات المائيّة , السطحيّة منها
والجوفيّة , ومن أجل البحيرات البتروليّة , ومن أجل موارد الطاقة النوويّة ,
ومن أجل الحُفر النحاسيّة ,ومن أجل الجبال الذهبيّة , ومن أجل الكمائن الماسيّة,
ومن أجل الخامات الحديديّة , والنفائس الأخرى المعدنيّة . تلك إذن ديمقراطيّة
إستراتيجيّة , وحُرّيّة إستراتيجيّة , ولابُدّ من تتويجها بوحدة إستراتيجيّة ...؟؟؟
ص-ولكن يبدو أنّ الذين خلفوا أولئك العمالقة لا يُدركون أنّ التقليديّة , والتقدّميّة ,
والرّجعيّة , والأصوليّة , والسلفيّة , والحضاريّة , نظائرٌ في اللغة العربيّة . وأنّ
التجديديّة والحَداثيّة , ستصبح يوماً تقليديّة . وأنّ أحزاب أرذل العمر كانت يوماً
أحزاب مُقتبل العمر . وأنّ من يدّعون أنّهم في مُقتبل العمر , سيصبحون يوماً في
أرذل العمر . وأنّ القيم الطائفيّة , والروابط الروحيّة , والنفوس الطيّبة الزكيّة ,
والطقوس السلطانيّة الإفريقيّة , والمشايخ القبليّة , بالنسبة للأمّة السودانيّة ,
هي عبارة عن مخزون المياه الجوفيّة,الذي يغذي أفلاج وينابيع الروح الوطنيّة
والأخلاق الرياضيّة , في السياسة السودانيّة . وهي أيضاً عبارة عن (المطامير)
التي تغذي روح التنافس الشريف على فضائل القيم الإجتماعيّة . وهي جذور
الشجرة العريقة الطبيعيّة , التي قامت عليها سيقان وفروع الفلسفة السودانيّة ,
التي حرّرت السودان بأساليبها المنطقيّة . وهي عناصر الإجماع والإتّفاق على
ما يُفيد الإنسانيّة, إذا ما قامت على رأسها عقول ذكيّة , بوسائل تفويضيّة . وهي
حقولٌ تجريبيّة,ومَعاملَ إختباريّة , لتقويم المسيرة الإختياريّة , ومن ثمّ تحسينها
أو إعادة هندستها بطريقة جماعيّة , حديثةٍ وعِلميّة , ديمقراطيّةٍ آرائيّة , لاعلاقة
لها بالآيديولوجيّات الفكريّة , التي تعارض تطبيقها مع المصالح العالميّة , وقد
حُسِمَ أمرها بالحروب العالميّة , الساخنة منها والثلجيّة ...................... ؟؟؟
وهذه المَزايا, إذا نظرنا فيها كالمِرايا , ومن عدّة زوايا , أو صوّرناها بكاشفات
الخفايا , لفضحت فينا كُلّ النوايا , للتصفية الجسديّة , والإبادة الجماعيّة ,
وكلّما أصابنا من جرّائها من بلايا . ولأبطلت كُلّ شرعيّات الأقلّيّات الثوريّة , التي
استمدّت فكرها من هيغليّاتٍ يساريّة, وبنت هياكلها الروحيّة,على شجرة وهميّة,
لا جذور لها , فهي إذن خياليّة , ورومانسيّة , وأضغاث أحلام شيطانيّة , وقد
استيقظ أهلها من نومتهم الكهفيّة , وأعادوا هندسة مسيرتهم الفكريّة .......؟؟؟
يا أيّها الجبهجيّة, يا ردود الأفعال الشيوعيّة , ويا صدى الإستراتيجيّات التكفيريّة
الإرهابيّة , ويا أيّها الشيوعيّة , والشموليّة الشلليّة , والبعثيّة العنصريّة, ودُعاة
العلمانيّة الخياليّة , والدكتاتوريّة التجديديّة , إنّكم لزلنطحِيّة , غاياتكم إباديّة ,
ووسائلكم ميكافِلّيّة , وحركاتكم المُتمرّدة بتروليّة , وليست شعبيّة , وأفكارها
بين ً شرقيّة ً وغربيّة , وعقيدتها بين إلحاديّة, ومسيحيّة, وإسلاميّة , وكجوريّة.
وروابطكم ماسونيّة , وبرامجكم تجويعيّة , وضرائبكم خرافيّة , وكُلّكم وُصُوليّة.
ولفترة نصف قرنيّة, قرقرتم رؤوسنا, وأكلتونا حنك وحكمتونا زنديّة , يا لكُم من
بُلطجيّة , وجماعاتٍ من المافيا الإرهابيّة , وشللٍ من الأونطجيّة . وقد تجلّى ذلك
في الحِقب المايويّة , وثبت ذلك شرعاً في الحِقب الإنقاذيّة , التي توّجت جهادها
بالإتّفاقيّات الثنائيّة , على الديمقراطية الإنفصاليّة , والحُلول الجزئيّة , وإقتسام
العائدات البتروليّة , والإيرادات الجبائيّة , لتمكين الأحزاب الوهميّة , وعلى بقاء
الكارثة الإنسانيّة, في المنطقة الغربيّة ,والتصفية الجسديّة للمسيرة السلميّة , في
المنطقة الشرقيّة , بالمُجنزرات والمدفعيّة , و بالذخيرة الحيّة . و بعد المُفاوضات
الدهريّة , والجولات المكوكيّة , والخطب البطوليّة , والمُوسيقى التصويريّة ,
تمّ إختزال القضيّة , من الناحيّة العمليّة , في تلك الدراما الهنديّة , ذات الفصول
السرمديّة , التي بدأت بإستطلاعاتٍ ذهنيّة , لرجلين من الأمّة السودانيّة , فلنقل
مجموعتين من المجموعات السياسيّة , لتقرير مصير الأمّة السودانيّة , وتحوّلت
تلك العاصفة الذهنيّة , التي تنحصر في عقليّة قانونيّة , وعقليّة أخرى عسكريّة ,
إلى إتّفاقيّة ثنائيّة , لإعادة هيكلة الدولة السودانيّة , بناءً على رؤية العقليّة
القانونيّة,وعلى رؤية العقليّة العسكريّة , فلنقل بناءً على رؤى الشراكة الثنائيّة,
فأين رؤى (33) مليوناً من أفراد الأمّة السودانيّة العاديّة , وأين رؤى (10) آلاف
من أفراد الأمّة السودانيّة , من ذوي التميّزات القياسيّة, في المراحل الدراسيّة؟؟؟
وأين رؤى ذوي التميّزات غير القياسيّة (1 من 10000) من الأمّة السودانيّة؟؟؟
وأين رؤى الموهوبين الذين يشكّلون (1) من عشرة آلاف من الأمّة السودانيّة؟؟؟
ثمّ ظهر مشهد المُراجعة الدستوريّة , المبنيّة على ذات الرؤى الإستثنائيّة , كجزءٍ
من تلك الدراما الهنديّة , معلومة المشاهد الختاميّة , المبنيّة على رؤية مُؤلّف
المسرحيّة,والتي ظهر أنّ بطولتها ثلاثيّة , عسكريّة , ثمّ عسكريّة, ثمّ قانونيّة؟؟؟
يبدو أنّ مُؤلّف المسرحيّة , يريد أن يفرض على الأمّة السودانيّة, نوعاً جديداً من
الدكتاتوريّة, ألا وهو الديمقراطيّة العسكريّة القانونيّة, أوالعسكريّة الدستوريّة ؟؟؟
ويبدوا جليّاً أنّ مُؤلّف المسرحيّة , يتعامل مع الأمّة السودانيّة , كأنّها مخلوقاتٍ
غير بشريّة , تعيش في حديقة حيوانيّة , ولا تتمتع بعقول سويّة , ولا ترقى إلى
مُستوى الأمانة السماويّة, ولا تعرف شيئاً عن التخطيط والعدالة والمسؤوليّة ؟؟؟
ض-على كُلّ حال , إذا توحّدنا وأفلحنا في إنشاء دولة وادي النّيل المُقترحة, نكون
قد نفذنا الإستراتجية بعيدة المدى,التي رسمها أسلافنا برعاية الله وبقيادة الإمام
عبدالرّحمن المهدي والسيّد علي محمّد عثمان الميرغني . والتي أجازها الشعب
السوداني , وبالإجماع قبل الإستقلال , وبطريقة ديمقراطيّة . أعتقد أنّ هذا هدفٌ
عظيمٌ يستحق أن يتوحّد السودانيّون من أجل تحقيقه . وأعتقد كذلك أنّ الظروف
مُواتية لتحقيقه , بعد ظهور حوجة العالم لبترول السودان,و يورانيوم السودان ,
وبعد توقيع إتفاقيّة السلام , وبعد تشجيع العالم للسودانيّن على حل مشاكلهم ,
و بداية انسحاب الإسلاميّين من حُكومة الإنقاذ استعدادا ً للمُنافسة في المرحلة
البرلمانيّة أو الرّئاسيّة القادمة , كما فعلوا ذلك في عهد ثورة مايو الحِربائيّة
الإشتراكيّة الإسلاميّة الخالدة الظافرة , والإتحاد الإشتراكي السوداني الشمولي ,
التنظيم الأوحد الفرد , المُتجدّد الأحزاب , والمُهيمن على سلطة الدمار والخراب,
والبلع واللغف والطشم والشراب , والإعتقال والترويع والتعذيب والإرهاب ,الذي
أصبح مبتوراً كقولك ( كان الغراب) . لأنّ الإخوان الطرشان,والجبهجيّة العُميان,
بقيادة ثعلب السودان , وداهية هذا الزمان , لايَمَلّوُن الخسران , حتّى لو حاصرهم
الأمريكان , وضربوا منهم كُلّ بنان , وأسكنوهم ما تسكنه الجرذان , وكان ذلك
من أجل بترول الأمريكان,المزعوم في السودان, وعلى حساب بترول السودان؟؟؟
ط-أعتقد أنّ الإسلاميّين قد صنعوا عددا ً كبيرا ً من الكوادر السياسيّة والإداريّة في
عهد مايو وفي عهد الإنقاذ , يُمكن أن تجعلهم الكتلة البرلمانيّة الثالثة , إذا وجدوا
من يقوم بتربيتهم , وتقويم سلوكهم , ويزرع فيهم احترام الآخرين , وإحترام
زعماء الأخرين , حتّى لا يتآمرون عليه , وينعتونه بصفات الأرذلين , ويتّهمونه
مع المُجرمين , والإنقلابيّين المزعومين . إن لم أكن من المُسطّحين وكان شيخهم
لتلك الفتنة من الطّابخين , وقد انطلىَ ذلك على العالمين , لقلت إنّ الشخصيّة التي
يُمكن أن تقود هؤلاء الإسلاميّين (العائرين من صاحبهم السجين), بطريقة تحترم
الناخبين ، وتحترم اختيار السودانيّين , وتحترم الفائزين , وتحترم البرلمانيّين ,
أو تحترم الرئاسيّين , هي زوجة شيخ الإسلاميّين , لأنّها ذات أصل ٍ ودين ,
وليست من المُستجدّين , ناس قِريعتي راحت والمُنتفعين,وهي وصالٌ لذات البين,
مُؤهلة لأن تصلح ما بين الكثيرين , من الوطنيّين والصالحين , حتّى يبتعدوا عن
الدّجل وتضليل الآخرين , وظلمهم وإقصائهم بإسم التمكين , الذي هو من شريعة
الشياطين , وليس من شئ في شريعة ربّ العالمين ,التي طبّقها خاتم المُرسلين,
صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين , وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ؟؟؟
وعليهم كذلك أن يحترموا عقول السودانيّن , وأن يجتنبوا التعامل مع المُثقفين
كأنّهم ساذجين , أو كأنّهم أبناء الجبهجيّة بين الجامعيّين , الله يكرم السامعين ؟؟؟
ولكن ينبغي على هؤلاء , الإسلاميّين , ومن لوّثهم وتلوّث بهم من المُنتفعين , أو
شاركهم في سلطة التمكين, وإقتسام الثروة على حساب الآخرين, أن ينجحوا في
الإنسحاب من الإنقاذيّين , بطريقة تجنّبهم إنتحار السياسيّين , وتجنّبهم المساءلة
كمجرمين , وتجنّبهم المحاسبة كمُختلسين , وتجنّبهم المُحاكمة كإنقلابيّين ؟؟؟
والطريقة هي إزالة المُتمكّنين , وتمكين المُتفوّقين والمُتميّزين والموهوبين ؟؟؟
وهي مُجرّد إقتراح من شخصٍ مسكين,يجب أن تتكامل مع مُقترحات الآخرين؟؟؟
أمّا آراء المُقترحين , إذا ما وجدت آذاناً صاغية من العسكريّين,فستنقذنا وإيّاهم
من الحصار المُبين , ومن إعادة الإستعمار المُهين , لبلادٍ أهلها من الطيّبين ؟؟؟
وعليهم كذلك تفكيك مُؤسسات الدفاع الشعبي, وتفكيك ما يُسمّى على غير مُسمّى
بالخدمة الوطنيّة الإلزاميّة , وإلى الأبد . وذلك لأسباب كثيرة أهمها : أنّ الشعب
الذي حقق إستقلاله بقوّة العقل والفكر والمنطق , وبأرقى الأساليب البرلمانيّة
لا يحتاج إلى إقتياد المُواطن من المدارس , والمزارع , والمصانع , واالمتاجر
والشوارع , لكي يُبْعِدَ عنه شبح الإستعمار مرّة أخرى , بعد خمسين عاماً من
الإستقلال . ففي ذلك إنتكاسة عظيمة . لايمكن مُعالجتها إلاّ بإقامة برلمان أرقى
من البرلمان الذي حقق ذلك الإستقلال العظيم . وثانياً : أنّ وجود هذا النوع من
المُؤسّسات في السودان , يتعارض مع مصلحة المُعسكر الدولي المُهيمن على
العالم . والذي يعاني من المُؤسّسات الإرهابيّة, والذي قد وضع برنامجاً مدروساً
لمُحاربة الإرهاب على مُستوىالعالم . وهذه المُؤسّسات ترقص على شاشات
التلفزيون , وتدّعي أنّ السودان, مُستعدّ لمُنازلة الأمريكان. والأمريكان ما عادوا
يتهاونون أو يمزحون في هذا الشأن . وثالثاً : أنّ هذه المُؤسّسات تجمع أموالاً
طائلة من السودانيّين , الصابرين منهم والمُغتربين , بحجّة أنّها ضريبة للخدمة
الوطنيّة الإلزاميّة , أو دعماً للمجهودات الحربيّة . وهذه مُشاركة إجباريّة , في
الإبادة الجماعيّة , وربّما كانت مُشاركة إجباريّة , في دعم الإنتحاريّات العالميّة .
شبهة تورّط السودان في دعم الجماعات الإرهابيّة , بالتأكيد ستؤدّي إلى تجفيف
منابع السودان البتروليّة , وربّما تؤدّي إلى تجفيف المنابع المائيّة,الحبشيّة منها
والإستوائيّة . وهذه الإشكاليّة , لا يمكن تفاديها بالإستراتيجيّات الإستخباراتيّة .
ولكن يمكن تفاديها بإيقاف الحروب الأهليّة , وإيقاف الإبادات الجماعيّة , وحلّ
المُؤسّسات القمعيّة, لأنّها تحرم القائد من إقتراحات الرعيّة. وكذلك يمكن تفاديها
بتفكيك المليشيات الحزبيّة , وإيقاف الدفاعات الشعبيّة , لأنّ هذه المصطلحات لا
علاقة لها بالوطنيّة , ولا علاقة لها بالشريعة الإسلاميّة , وقد أصبحت مُتّهمة
بتفريخ الجماعات الإنتحاريّة المحليّة , المُرتبطة بالجماعات الإنتحاريّة العالميّة .
وهذه الإصلاحات الجذريّة , لا يمكن أن تحدث إلاّ بإرادة قويّة , وإعتذارٍ عن
تقويض الديمقراطيّة , وإقامة برلمان على مستوى البرلمانات الوطنيّة , التي
أنجزت إستقلال الأمّة السودانيّة , بوسيلة كانت أقوى من البندقيّة , ينبغي أن
تحفظها وتحافظ عليها أجيالنا الذّكيّة, وتصطبر عليها وتطوّرها بطريقة جماعيّة,
لأنّها ديمقراطيّة إستراتيجيّة . هذه الديمقراطيّة الإستراتيجيّة , إذا تكاملت مع
الديمقراطيّة الآرائيّة , من شأنها أن تعيننا على إيجاد إستراتيجيّة سودانيّة ,
بطريقة العواصف الذهنيّة , والأتيام التحسينيّة , لتحقيق العدالة الموضوعيّة ,
والنهضة الموضوعيّة , في المجالات الإقتصاديّة , والإجتماعيّة , والسياسيّة .
ورابعاً : أنّ مثل هذه الأمور الدنيويّة , لو دامت لغير الإنقاذيّين , لما آلت إليهم .
فليسألوا أهل الذكر من مُدبّرِي اللّعبات القرديّة , الذين أطاحوا بالديمقراطيّة , من
أجل تحقيق نزواتهم الشخصيّة , من عبّود التذكاريّة , إلى مايو الدكتاتوريّة ؟؟؟
أمّا بشير الجعليّين , مُشير الطرشان من العسكريّين , ورئيس مُؤتمر الحانثين
والساقطين والمُنتفعين,الذين تورّطوا في الإطاحة بحكومة المُنتخبين الصالحين,
رغم أنف الناخبين الوطنيّين,وتورّطوا في جرائم لايقبلها العقل السليم ولا الدين,
بناءً على شريعة المُتمكّنين , ثمّ أقسم ثلاثاً باليمين , ألاّ تحاكمهم محاكم
المُهيمنين,الذين انتصروا على العالمين , وهزموا اليابانيّين والإيطاليّين والألمان
النازيّين , وسيطروا على العالم منذ عام ( 1945 ) , فمصيره لن يكون
أفضل من مصير صدّام التكريتيّين , عبقريّ البعثيّين العنصريّين الدكتاتوريّين .
لأنّ سياسة الجعلنة , هي إستعلاء وفرعنة , وجاهليّة مُنتِنة , وإزاحة مُقنّنة ,
وإبادة جماعيّة مُشرعنة , أمّا التعاون الإستخباراتي فلن يدرأ شبهة القعدنة .
وأمّا سلام الجنوب , فقد تمّ الإتّفاق عليه من الناحية المبدئيّة , على الطريقة
الفلسفيّة العبقريّة الثنائيّة , بين ميرغني الختميّة ودينكاوى الحركة الشعبيّة ,
وعلى الطريقة الوطنيّة الجماعيّة , بين حكومة الصادق المُنتخبة وحركة قرنق
غيرالشعبيّة, وجميع الفعاليّات السياسيّة , ومبدئيّاً كان مُؤتمراً قوميّاً دستوريّاً,
ولكن قوّضه دينكاوي الحركة الشعبيّة, بإسقاطه لطائرة ملكال المدنيّة , ثمّ قوّضه
علي الشايقيّة , زعيم الجبهجيّة , عندما حنث وتآمر على تقويض الديمقراطيّة .
أمّا سلام الجنوب من الناحية الورقيّة , فقد تمّ الإتفاق عليه بين علي الشايقيّة ,
زعيم الجبهجيّة وجون قرنق زعيم الحركة الشعبيّة ,عبر البروتوكولات الثنائيّة,
التي أوقفت الحرب الغبيّة , على حساب الثروة البتروليّة , وعلى حساب السيادة
الوطنيّة , وربّما على حساب الوحدة الوطنيّة . وكذلك سيتمّ الإتفّاق على سلام
الغرب , وسلام الشرق, وسلام الشمال. ولكن أين سلام العساكر,الذين يتربّصون
الدوائر , بالحكومات المدنيّة التي تنتخبها الدوائر ؟؟؟ , وأين سلام الأحزاب التي
لا تؤمن بالديمقراطيّة , التي تجعلها تحافظ على الطيشيّة,مع الأحزاب التي تؤمن
بتلك الديمقراطيّة ؟؟؟ وأين السلام بين الجعليّين والجهديّة ؟؟؟ ومن المسؤول
عن ضياع خمسين سنة من عمر السودان , إذا ما قارنّاه بدول الخليج , التي
وصلت إلى ما هي عليه في خلال ثلاثين عاماً , مع أنّ زعماء الخليج لايعرفون
شيئاً عن الفاشيّة والإشتراكيّة والديمقراطيّة ؟؟؟ تماماً مثل عبدالرحمن المهديّة
وعلي الختميّة , اللذان أورثانا أعظم إستراتيجيّة ؟؟؟ ومن المسؤول عن الموت
البطئ الذي إجتاح كُلّ بقاع السودان خلال تلك الفترة ؟؟؟ وإلى متى وكيف تصل
مياه النيل إلى غرب السودان ؟؟؟ وإلى شرق السودان ؟؟؟ , وهل يأكل إنسان
السودان البروتوكولات الثنائيّة ؟؟؟ ويشرب الإتفاقيّات الفوقيّة؟؟؟ وهل يفعل ذلك
الحيوان ؟؟؟ وهل الإتّفاقيّات الورقيّة , تصلح لأن تملأ سلّة الغذاء العالميّة ؟؟؟
وإلى متى ستعتمد الشعوب السودانيّة , على الحكومات العشوائيّة الإنقلابيّة ,
في بناء السودان بالخطط الإنفراديّة الغبيّة,تحت الضغوط الداخليّة والخارجيّة؟؟؟
ومتى وكيف ستتحصل دول حوض النيل العشر على نصيبها من مياه النيل ؟؟؟
وكيف ومتى سيتم تصدير الفائض من مياه النيل إلى الدول الإفريقيّة المُجاورة
لدول حوض النيل ؟؟؟ وكيف ومتى سيتم تصدير الفائض من مياه النيل إلى
الجزيرة العربيّة , بما فيها الخليج العربي الفارسي , وإلى منطقة الشام , بما
فيها القدس العربيّة الإسرائيليّة , أو فلسطين العربيّة الأمريكيّة , أو فلسطين
المُستقلّة , وإسرائيل البيريطانيّة الأمريكيّة , الجحا مسماريّة , الخازوقيّة ...؟؟؟
وأمّا البترول السوداني فقد تمّ إستخراجه في عهد النميري- شريف التهامي ,
وكلاهما أنصاري , وتصديره في عهد البشير- الترابي- عوض الجاز , وفي
بعضهم رائحة الأنصار , ولكن أين بترول الأمريكان؟؟؟ , وأين غاز الأمريكان؟؟؟
وأين يورانيوم الأمريكان ؟؟؟ وأين الحكومة التي لا تتعارض مع مصالح هؤلاء
المُحافظين البتروليّين من الأمريكان , في هذا المكان , وفي هذا الزمان ؟؟؟
وأين جمهوريّة السودان , التي ورثناها مُوحّدة مُحرّرة من داخل البرلمان ؟؟؟
وأين إتفاقيّة السلام مع الأمريكان , وأين إتفاقيّة السلام مع شركاء الأمريكان؟؟؟
وأين إتّفاقيّة السلام مع باقي الدول الصناعيّة الثمانية ؟؟؟ وأين إتفاقيّة السلام
مع إسرائيل ؟؟؟ وما هو مصير اللاءت الثلاث ؟؟؟ ومصير الأيمانات الثلاث ؟؟؟
وهل تبادل المعلومات الإستخباراتيّة , بين حكومة السودان والحكومة الأمريكيّة,
يصلح لتشغيل وسائل النقل الأمريكيّة,وتشغيل محطّات توليد الكهرباء الأمريكيّة,
وتمويل مشاريع مُحاربة الإرهاب الأمريكيّة,وعلى رأسها إقتلاع كُلّ أنظمة القمع
الدكتاتوريّة , وإستبدالها بأنظمة ديمقراطيّة حقيقيّة , وعدم السماح مطلقاً ,
من الآن فصاعداً , بالإنقلابات العسكريّة الآيديولوجيّة,الإزاحيّة الإباديّة الغبيّة؟؟؟
ظ- أقول , وبالله التوفيق : تكمن الإجابة على هذه الأسئلة في الإتفاق مع الأمريكان
وحُلفائهم , على إقامة دولة وادي النيل العملاقة , بحيث تكون مكسَباً كبيراً لكلّ
النّاس, ولغير النّاس . ولا تتعارض مع مصلحة الناس . بل تضمن للأمريكان
وحلفاء الأمريكان حقوقهم الموضوعيّة , التي يستحقونها كشركات , بالشروط
التي إقترحناها . والتي من شأنها أن تجعل من وادي النيل , كتلة إقتصاديّة
عبقريّة , و سلّة ً كبيرة ً ومَطمُورَة ً عميقة ً لغذاء العَالمِين , المُعاصِرين منهم
واللاّحقين . لأنّها ستبتلع عشر دول مُتنازعة على مياه النّيل وبداخلها نزاعَات
حادّة وحُروب طاحنة وانقسامات داخليّة أدّت إلى فقرها المُدقع وألمها المُوجع
ومرضها المُفجع , رغم أنّها غنيّة جدّا ً و بكلّ الموارد . هذا الفقر هو الذي يضرّ
بمصالح الأمريكان , وحلفاء الأمريكان, ويُخيّب أمل العالم في السودان, وفي كُلّ
ما جاوره من بلدان . لأنّ الأمريكان وحلفاؤهم مسؤولون أدبيّاً عن هذا الفقر .
المقصود والمطلوب هنا دولة حقيقيّة , ديمقراطيّة سلميّة ,إقتصاديّة (لا دولة
فوقيّة أو توسّعية أو إستعماريّة) . ولابُدّ أن تتمتّع هذه الدولة بشبكات الكهرباء
والمياه والبترول الخام والغاز الطبييعي , وشبكات الإتصالات والنقل الداخليّة
والعالميّة بأنواعها المُختلفة : القطارات الكهربائيّة السريعة التي تبلغ سرعتها
أكثر من (250) كيلومتر في السّاعة , والبواخر النهريّة والبحريّة السريعة ,
وطائرات النّقل التجاريّة العملاقة وشاحنات النّقل البريّة العملاقة والطرق البرّيّة
السريعة الواسعة , المتكاملة بمحطّات الخدمة المريحة على جوانب تلك الطرق.
والعملة المُوَحّدة و شبكة البنوك الإلكترونيّة الحديثة المُوحّدة , والفنادق الحديثة
الرخيصة غير المفروض عليها رسوم تعجيزيّة وضرائب خُرافيّة . كما ينبغي أن
تتاح للمواطنين حُريّة التجارة والتملُّك والتنقل والإستثمار والتعليم والعمل
والعلاج , بدون جوازات وتأشيرات وجمارك ورسوم وغير ذلك من التعقيدات
التي تحرم الإنسان من الحُرّيّة والرّفاهيّة, وعبادة الكريم في هذا الوادي العظيم.
ع- في هذه الدولة ينبغي أن نفرّق بين الإنسان و الحيوان والحشرات في المَضاجع
والمَشارب و الأُكُل . فالإنسان الإفريقي مازال يَنام في العَراء مع بَهائمه
ويشرب من المياه المُلوّثة التي تدخلها وتشرب منها بهائمه و يأكل من الأكل
الذي أكلت منه الحشرات , و يتعرّض للسع الحشرات ( وقد ينام عاريا ً أوينام
نصف عاري ٍ, بسبب ارتفاع درجة الحرارة , أو لأسباب ضروريّة أخرى ) .
نريد لهذا الإنسان الإفريقي , صاحب الحضارات العريقة , والخيرات الوفيرة ,
أن يَسكنَ في بناياتٍ شاهقاتٍ , معزولاتٍ حراريّا ً , و مكيّفاتٍ تكييفا ً مركزيّا ً ,
ومزوّداتٍ بمواسيرالمياه العذبة ومواسير الغاز للطبخ , و بها أجهزة لمكافحة
الحرائق . و كذلك ستكون مصانعه و متاجره ومدارسه و مستشفياته ,
ومساجده وكنائسه وغيرها ممّا يُذكر فيه اسم الله , إن شاء الله . و لكن عليه
أن يتطلّع إلى ذلك , وأن يسعى و يعمل جادّا ً من أجل تحقيق ما يتطلّع إليه .
فالمرءُ حيث يضع هدفهُ . وأن يتنازل مُثقفوهُ عن غرورهم الآيديلوجي وغلُوّهم
الديني من أجل ذلك , طالما أنّ الآيديلوجيّة الصّالحة ينبغي أن تكون مبنيّة على
ما ينفع المُجتمع , وأنّ الدين القيّم هو ما ينفع النّاس , وهو الأخلاق الفاضلة
والمُعاملة الحسنة والسلوك المُقوّم بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي
هي أحسن . القاسم المشترك الأعظم بين الآيديلوجيّات الصالحة , وكُلّ الديانات
السماويّة , هو الحق . والحق هو كلّ ما ينفع النّاس . أمّا المضاعفات الصالحة
المُشتركة بين هذه الآيديلوجيّات وكُلّ الأديان , فهي كثيرة جدّاً , لا نهاية لها
ولا حصر , تماماً كالمضاعفات المشتركة بين الأرقام الحسابيّة,منها على سبيل
المثال : العدل والإنصاف والمساواة والحرّيّة والديمقراطيّة , في حدود الممكن .
والممكن هو ما كان في إستطاعة البشر, والكمال لله وحده.......................؟؟؟
نحن قومٌ بلادنا غنيّة , وثرواتنا نفطيّة , وجبالنا ذهبيّة , ومياهنا فِرْدُوسيّة ,
لسنا في حاجة إلى وكالات التنمية الدوليّة , ومكاتب الكوارث الأجنبيّة , إذا ما
احترمت نفسها مُؤسّساتنا العسكريّة , ولم تكتم أنفاسنا أجهزتنا الأمنيّة القمعيّة.
وإذا اقتنعت بأوزانها أحزابُنا السياسيّة , أو تحالفت مع بعضها تحالفات وطنيّة.
وإذا اضطلعت بدورها كوادرُنا المِهنيّة,وتقدّمت بمشاريعها ومُقترحاتها العبقريّة,
فوجدت آذاناً صاغية وإستجابة فوريّة . ثمّ وجدت مناخاً ديمقراطيّاً , به شفافيّة
وعقلانيّة , في صناعة التحالفات الإستراتيجيّة, مع المجموعات الدوليّة القويّة ,
كبدائل منطقيّة, للأجندة الخفيّة, والعقوبات الذكيّة , النفطيّة الدوائيّة التجويعيّة ,
ومن بعدها التدخّل بعين قويّة,وسنّ ملويّة,والنهب المُسلّحٍ للثروة البتروليّة ؟؟؟
غ-الكلام عن بيع البترول وإقتسام عائداته عبر الإتفاقيّات الثنائيّة والبروتوكولات
الإقليميّة والأجنبيّة , هو ضَربٌ من ضُرُوب التّفَرُّد والتّمَيّز , في الفساد المُقنّن
بقوانين سُودَان التّمرّد القديم المُتَجَدّد , والمُشرعَن بشريعة الإنقاذ المَايَويّة
القديمة الحضاريّة , التي تميّزت بأركانها المُخضرَمَة والخطيرة مثل أن يكون
رئيس الجمهوريّة ونوّابه و وُزرَاؤه و رجالهم وأتباعهم فوق القضاء وفوق
القانون , ومثل أن يُكتبَ الغِنَى لمن عاش في عصرهم , ومن لم يُكتب له الغِنَى
والثراء الحرام في عصرهم , ما عليه إلاّ أن يَركَبَ على أصابعهم ( في عهد
مايو ) , أو أن يركب الشّارع إذا كان مُوظّفا ً , ويركب التونسيّة إذا كان تاجرا ً ,
في عهد الإنقاذ . أو أن يغترب عن السودان , ثم يدفع لهم ضرائب سنويّة أكثر
من دخله السنوي , وبدون مقابل. وإذا عاد أبناء المُغترب للدراسة في الجامعات
السودانيّة يخصمون 10% من نسبة نجاحهم , ثمّ يطلبون منهم أن يدفعوا
مبالغ ماليّة خرافيّة , قد تفوق ثلاثة أضعاف دخل والدِهِم السنوي . ومن أركانها
أيضا ً أنّهم يطلبون من الناس أن يركبوا مركب الإنقاذ , بعد أن أنزلوهم عن
ظهرها , ثمّ أبحروا بها وحدهم وهي تحمل أكثر من حمولتها , وزعموا أنّها
لن تنتظر أحداً , ولو كان طبيبا ً معالجا ً أو مهندسا ً ناصحا ً , أو فنيّا ً يحمل
أدوات الصيانة ومعاول القلفطة لتلك المركب . لأنّهم يعتقدون جازمين أنّ رجال
الإنقاذ قادرون على قلفطة هذه المركب ( و لو بالذي قاله بَلّه ............ ؟؟؟ ) .
ولكنّ الفرق بينهم وبين بلّة شاسع جدّاً . لأنّ بلّة هذا قد طلبت منه امرأة ٌ حكيمة
أن يُقلفط أخرام المركب بمساعدة الرجال الذين معه , ولو بالمعول الذي ذكره ,
لإنقاذ المركب من الغرق . وقد تعاون الرجال مع بلّة فأنقذوا المركب من الغرق .
وكان إستعمالهم للمعول الذى ذكره بلّة , إستعمالاً مجازيّاً فقط , وليس حقيقيّاً .
أمّا هؤلاء الإخوان الجبهجيّة , فقد إتّهمتهم الأسرة الدوليّة , بإستعمال معاولهم
إستعمالاتٍ حقيقيّة , وليست مجازيّة , ومن وحي أنفسهم الزكيّة , وبكامل وعيهم
وإدراكهم إلى كُلّ أبعاد العمليّة , عمليّة قلفطة الأخرام الطبيعيّة , في تلك الأنفس
البشريّة, اللطيفة منها والذكريّة, عنوة ً على العراء بمساعدة القوى الجنجويديّة,
وفي السجون بمساعدة القوى الأمنيّة, كما إدّعت ذلك المنظّمات الطبيّة الإنسانيّة,
وكما أوضحت ذلك الكاميرات التصويريّة, والقنوات الفضائيّة,واللّجان التحقيقيّة,
والمقالات التوثيقيّة , للذين تمّت قلفطتهم من قبل الجبهجيّة , الذين مكّنوا أنفسهم
في الأجهزة القمعيّة,لحماية دولة الإسلام الفتيّة , في العهود الإنقاذيّة الحضاريّة.
يا لها من أساليبَ تمكينيّة,لشريعة شيطانيّة, شريعة أنصارها محمّد طه والكرنكي
وسائر الجبهجيّة , وأبطالها طبقة السّاذجين والمُغفّلين الإرهابيّة , شتّان بينها
وبين الشريعة التي طُبّقت في المهديّة , والتي كان من أنصارها شيوخ الدولة
السّمّانيّة, وإخوانهم من أمّة السودان الروحانيّة , الذين عُرفوا بالصلاح الباطني
المُؤكّد بالإستقامة الظاهريّة , وكان من أبطالها عثمان دقنة وكلّ أمّة الشرق
السواكنيّة, والخليفة عبد اللّه وكُلّ أمّة الغرب التعايشيّة , وأبو عنجة ثمّ أبوقرجة
والنجومي وكُلّ الأمّة الوسطانيّة , وكان شيخها قد عُرف بقيمٍ وصفاتٍ أخلاقيّة ,
أهمّها أنّه لا يكذب حتّى على أمّة البحرالسّمكيّة , وكان شيخها قد رأى في المنام
أنّه مَهديّا , فبكى ثلاث سنواتٍ وجلاً من المسئوليّة , وكان يتعبّد في جزيرة
نيليّة , وينام بجواره أصحابه من أمّة البحر البرمائيّة , من تمساح ٍ وأصلةٍ و
قرينتيّة , وقد راقب ذلك طائفة من أهلنا الحجازيّة , فبدأ بهم دعوته السريّة ,
وتحرّكاته المكوكيّة , وبعد أن نجح فيها أعلن الدعوة الجهريّة, ثمّ توّجها بالدولة
المهديّة, دولة السودان الإسلاميّة , التي ملأت الأرض عدلاً وطهراً , بعد أن
سادها الفساد وتفشّت فيها المحسوبيّة , وكان أتراكها من الكوادر الأوروبيّة ,
الذين يتاجرون بالشعوب الإفريقيّة , فبماذا عُرف شيخُ الطريقةِ الجبهجيّة.... ؟؟؟
وأحيانا ً يطلبون من النّاس أن يذوبوا في الإنقاذ , وهم يعلمون أنّ سائل الإنقاذ
العجيب قد تشبّع بكوادرهم , ولم يبق من الفراغ بين جزيئاتة ما يتسع لمثقال
ذرّة من غيرهم . اللهمّ إلاّ إذا تمّ تسخين هذا السائل الفريد حتّى يتمدّد , وتتسع
الفراغات بين جزيئاته , هينئذٍ يُمكن أن تذوب فيه أشياء غريبة أخرى , تسمح
لها خصائصها بالذوبان . ولكنّها سرعان ما تترسّب في القاع , عندما يبرد هذا
السائل . تلك هي فلسفة الإنقاذ , عندما يُعبّر عنها علماؤهم (المُحَامُون) . الذين
يحلفون بالأيمان ثمّ يحنثون , ورأسهم على عقبهم ينقلبون , في أول خطوة على
درب المنون . وعلى أنفسهم يتآمرون , وعلى شيخهم يتمرّدون , وله يسجنون .
وعلى شيوخ الآخرين يتطاولون , ولدمائهم يُهدرون,مع أنّهم مُفكّرون مُعتبرون,
ولهم ناصحون , وعلى البلاء من جَرّائهم صابرون , وللغيظ كاظمون , وللأجر
مُحتسبون , ولدماء أعدائهم السياسيّين لا يهدرون, ولأجسادهم لا يُصفّون , مع
أنّهم على ذلك قادرون , وأتباعهم للتنفيذ جاهزون , وعن جاهزيّتهم مُعربون .
والإنقاذيّون , على السلطة يستولون , بطريقة يرفضها الآخرون , وعلى الرعيّة
يستأسدون , وبها يُبطشون, ولأعراضها يهتكون,ولأفواهها يسكتون ويلجمون,
وإذا أدانهم العالم يعترضون , وللمُحاكمات يرفضون,وبالطلاق والأيمان يحلفون .
وإذا سَاءَلَهُم الأمريكان يسجدون , وعلى بُطونِهم ينبطحون , ومن ثمّ يتفاوضون,
وعن كُلّ شئ يتنازلون , وعلى تغيير نظامهم يوقعون , وعلى تفتيت أوطانهم
يوافقون . وفي سيادة الأوطان يُفرّطون , وعلى القوّات الدوليّة يوافقون , وبمنع
طيرانهم من التحليق في منطقة اليورانيوم يُرحّبون , ولو كان غيرهم لثروة
اليورانيوم ينهبون , وهم بذلك يعلمون . لأنّ سُنّة بيع اليورانيوم , وصفقات
البترول , قد إستنّهما شركاؤهم المايويّون, في عهدهم الميمون , وقد كشف
بعض ذلك الخاشقجيّون . والآن يُجيز ذلك الجبهجيّون , وأسيادهم (الجعليّون) ,
العسكريّون منهم والدبلماسيّون, الذين كانوا دائماً يصرّحون,بأنّهم لايتفاوضون,
إلاّ مع من هم للسلاح يحملون. فأتقن ذلك المُتمرّدون, ثمّ اقتفى آثارهم الآخرون,
المُهمّشون منهم والمظلومون . وكذلك كانوا يُصرّحُون , بأنّهم لشريعة الإنقاذ
والتمكين مُطبّقون , ولو كره ذلك الكافرون , ولو كره ذلك المُشركون , ولو كره
ذلك الأمريكيّون, ولو كره ذلك الإسرائيليّون, ولو كره ذلك الشعبيّون المُتآمرون,
على حدّ قولهم أو يزيدون,أنّهم للأمريكان مستعدّون, بقول الله الذي لا يتدبّرون,
وبقول رسوله الذي لايُطيعون , وهم يترنّمون على الأنغام وبالأرداف (يكشفون).
وأيضا ً كانوا يصرّحون,بأنّهم لمُشكلة الجنوب حاسمُون,لأنّهم عساكرٌ مُجاهدون
والجنوبيّون عساكرٌ مُتمرّدون , والعساكر مع العساكر يتفاهمون ؟؟؟ , وهم على
تطبيق نظريّة (البصيرة أم حمد) قادرون . ولكنّ الفارق بين هؤلاء وبين أم حمد,
أنّ أم حمد قد اسشارها أصحاب (الزير) وأصحاب (الثور) الذي أدخل رأسه في
الزير , لكي تجد لهم حلاً لتلك الورطة , فقالت : إقطعوا رأس الثور . فلمّا فصلوا
رأس الثور عن جسده بقطع رقبته , وبقي الرأس داخل الزير , طلبت منهم أن
يكسروا الزير ؟؟؟. وقد اجتهدت أمّ حمد وأخطأت , ثمّ اجتهدت وأخطأت , ولكنّها
كانت الأحكم نسبيّاً في قومها , وكان قد فوّضها قومُها . فمن الذي فوّض هؤلاء
الغرباء , الذين (قاموا ) من ديار المُومياء , وهل هؤلاء هم أحكم الحُكماء ؟؟؟
أم أنّ هؤلاء مُتهوّرون , بل هم قومٌ مَغرورون , في ساحات الفداء يظهرون ,
كأنّهم مهووسون , وبإستعدادهم للأمريكان يَتغنّوْن , وبالكلاشنكوف (يعْرضون),
وبالكتاب يَرقصون , وعلى الأنغام يُهلّلون , وبدون مناسبة يكبّرون ولايُحمّدون,
وبضرب مصنع الشفاء يُختبَرون , فيظهرأنّهم مُفلِسون , كان لديهم سباقُ حميرٍ
أو كانوا يُهذرمُون , ومازالوا في نومتهم غارقون ,أو في غيّهم يعمهون..... ؟؟؟.
إستفهامات يُضيفها المُتواضعون , لأسئلةٍ سألها أدباؤنا المُفكّرون ,الطيب صالح
ومحمّد الحسن والصادق المهدي وآخرون: من هؤلاء ؟؟؟ومن أين أتى هؤلاء؟؟؟ وماذا يُريدون ؟؟؟. والكلمات : نهض , قام , جاء , أتى , مترادفات في المعنى .
غير أنّ قام تستعمل للإشباح . أمّا كلمة إنقاذ فعادة ما تستعمل في حالة إخراج
الغريق من الماء , أو في حالة إخراج الحريق من النّار . ولكن هؤلاء قد أبدعوا
في إطلاقها,على ثورة حرق الجنوب والغرب,وإغراق الشمال وذبح الشرق , ثمّ
إنقاذ الحارقين من العقوبات , قبل إنقاذ الجنوب والغرب من نيران الحريق ؟؟؟
هيَ فعلا ً إنقاذ , لأنّها أنقذت شيخها من الغرق والسّقوط في الإنتخابات, وأنقذته
أيضاً من الإختفاء في جُحر العنكبوت والحشرات , وأسكنته الغرف الفارهات ,
التي هى بالفريون مُكيّفات,في كافوري والمنشيّة والرياض السودانيّة والعمارات,
عندما أصرّ أعداؤه في غير الله على تغيير نظامه , بالحرب أو بالمؤامرات .
حتّى يتذوّق طعم الميكافيلّيّات , التي أذاقها لمن تآمروا عليه في الإنتخابات .
لكنّه تجاوزالزمان والمكان بالتصريحات,عقب ما أحدثه بالسودان من تمكينيّات.
لكن يبدو أنّ دكتاتوريّته الإنقاذيّة الإسلاميّة , قد توسّعت بطريقة ثوريّة , إلى
دكتاتوريّة إرهابيّة عالميّة , تعارضت مع مصالح الأمريكان الإستراتيجيّة , ومع
مشاريعهم النفطيّة,وتناقضت مع مشاريعهم الإستراتيجيّة, لتصديرالديمقراطيّة؟؟؟
هذا لا يعني أنّ الترابي ليس رجلا ً عظيما ً . بل هو رجل قويٌ ودقيق , يعرف
متى يتقدّم لتحقيق أهدافه , ومتى يتراجع لمصلحة الوطن . و يتّضح ذلك في
تجاوزه للأمريكان في إستخراج البترول عن طريق الشركات غير الأمريكيّة
وتصديره , بعد أن رفض الأمريكان استخراج البترول لنظام النميري-الترابي
وكذلك لنظام البشير- الترابي , لأنّ النّظامان يتعارضان مع إستراتيجيّة الأمريكان
في المنطقة . وقد تراجع الشيخ عن هذا التجاوز عندما ضرب الأمريكان مصنع
الشفاء وأصرّوا على تغيير نظام الإنقاذ سِلماً أو حرباً . فاختار الشيخ الجليل
وتلاميذه الأهابيل , التغيير السلمي لمصلحة السودان , جزاهم الله عنّا كلّ خير ,
ورحم الله شيخاً عرف قدر نفسه. واستقال الشيخ من الحكومة لكي يتفرّغ لخدمة
الحزب ولكي يتفرّغ للرد على الأمريكان . ولكن تلاميذه أعادوا إنتخابه وفوّزوهُ
بالإجماع لنفس المنصب وفي نفس الجلسة . ثمّ قاموا بطرده مرّة أخرى بقراراتٍ
عسكريّة , وبصورة دراماتيكيّة. ولكنّ الشيخ وتلاميذه قد جهلوا أنّ الأمريكان لا
تنطلى عليهم مثل هذه السذاجات , وأنّما حدث للشيخ وتلاميذه ربّما يكون الخطوة
رقم (صفر ) , لأنّ الأمريكان يُجيدون فن تحويل الهزيمة إلى نصر , ويُجيدون
العزف على الأوتار الحسّاسة . ويجيدون وضع النوتة المُوسيقيّة , للموسيقى
التصويريّة , للدراما السياسيّة . ولذلك أوصلوا الشيخ وتلاميذه إلى الفصل الأول
الذين هم فيه الآن . ولا أحد يعلم عدد فصول المسرحيّة , ولكن السودان سيصبح
الضحيّة . لأنّ الشرذِمَة الغبيّة ستهلك خصماً على الإيرادات البتروليّة.........؟؟؟
عندما أعلن صدام حسين مُصادرة وتأميم شركات البترول , وطرد شركات النفط
الأمريكيّة من العراق , لم ترفض الشركات الأمريكيّة الإنصياع لتلك القرارات
البعثيّة التي أصدرها صدّام بناءً على قوانين نظامه . ولكنّهم أعادوا هندسة
نظامهم السياسي , بإنقلاب أبيض , على البيت الأبيض . بحيث أصبح تجّار النّفط
هم الذين يحكمون أمريكا . ومن ثمّ رسموا لفيلسوف المُصادرة الغبيّة , خطة العقوبات التجويعيّة الذكيّة . التي بدأت بأن يجعلونه يحتلّ الدولة الكويتيّة , ثمّ
يقف على حدود الدولة السعوديّة , ويهدّد باللّغة العربيّة , وباللغة الإنجليزيّة ,
وباللغة الفرنسيّة , بتغيير ما أطلق عليها الأنظمة الملكيّة , والأنظمة المشائخيّة ,
والأنظمة السلاطينيّة, والتي وصفها بأنّها ظلاميّة , وأنّها وراثيّة , وأنّها رجعيّة,
وأنّها بائدة ٌ وإباديّة , وأنّها جاثمة على صدر الأمّة العربيّة , وأنّها مُهيمنة على
مُقدّسات الأمّة الإسلاميّة , وأنّها مُسيطرة على نفط الأمّة العربيّة , وأنّها أنظمة
جاسوسيّة . كما هدّد بحرق نصف الأمّة اليهوديّة, وهدّد بطرد الأمّة النصرانيّة ,
من الأرض الخليجيّة , ومن كُلّ الجزيرة العربيّة . ومن ثمّ طبّقوا عليه قوانين الأمّة الأطلنطيّة , التي إنتصرت في الحروب العالميّة . فوصفوا أهدافه بالهتلريّة,
وأنّه يريد تغيير موازين القوى الدوليّة , بطريقة عسكريّة .....................؟؟؟؟؟
ولذلك أوجبوا القضاء على نظامه بطريقة مدروسة ومخططة ومجدولة . على أن
يتم تمويلها خصماً على بترول العراق . فهم لا يُمَوّلون الحروب من أموالهم ,
ولذلك يحافظون على قيمة عملتهم وثبات إقتصادهم, وإستقرار بلادهم ,ورفاهيّة
مواطنيهم , وتأمين مستقبل أجيالهم . وأخيراً تمّ إحتلال العراق , ولم يكتفوا
بالعقوبات الذكيّة, لأنّ مجريات الأحداث قد تغيّرت وظهرت حروبٌ أخرى لا بُدّ من
خوضها , ولا بُدّ من تمويلها عاجالاً , ثمّ دفع الفاتورة آجلاً ,(بأثر رجعي ) ,
خصماً على بترول العراق . هذا يعني أنّ بترول العراق , و منذ بداية العقوبات
الذكيّة (النفط مقابل الغذاء ؟؟؟ ) وحتّى الآن , يباع لتسديد فاتورة تحريرالكويت ,
وفاتورة تغيير نظام صدّام , وفاتورة تغيير نظام طالبان والقاعدة , وفاتورة
تعويض ما دمّرهُ الإرهابيّون من المُنشآت الأمريكيّة في كُلّ أنحاء العالم ,وفاتورة
مُقاومة المُقاومة العراقيّة , وفاتورة إصلاح خطوط البترول العراقيّة الأمريكيّة ,
كلّما دمّرتها مجموعة الساذجين الإرهابيّة,وفاتورة المبالغ التي يطلبها الخاطفون
مقابل إطلاق صراح الرهائن,وفاتوريّة الديّة علىالرؤوس التي قطعها الخاطفون,
وفاتورة تعويض رعايا المخطوفين, وأخيراً فاتورة مُحاربة الإرهاب على مُستوى
البريّة , وهي فاتورة مفتوحة إلى آجالٍ لا نِهائيّة . وإذا ما أوشك أن ينضب
مخزون العراق من الطاقة البتروليّة , قبل نهاية الحرب الأبديّة , على المافيا
الإسلاميّة الإرهابيّة السياسيّة , فسوف يكون البديل , هو بترول من فرّخ تلك المافيا الغوغائيّة, أو أنتج أجيال الهوس الدينيّة, عبر الخِدمة الوطنيّة الإلزاميّة ,
أو عبر الدفاعات الشعبيّة ,أو عبر تسييس الإتّحادات الطلاّبيّة , وتسييس النقابات
المهنيّة , أو عبرالمافيا الماسونيّة , متمثلة في أجهزة الأمن القمعيّة, والمليشيات
الحزبيّة, لتمكين الدكتاتوريّات الإرهابيّة , التي لا علاقة لها بالأديان السماويّة؟؟؟
صحيحٌ جدّاً أنّ السياسة الإرهابيّة , قد أفلحت في هزيمة الكتلة الأطلنطيّة , عندما
ضربتها بطائراتها المدنيّة,وليست العسكريّة, وبدون جيوش وصواريخ وهيلمانة
عسكريّة. ولكنّ السياسة الأطلنطيّة, قد حوّلت الهزيمة إلى نصر بطريقة عبقريّة,
بإحتلالها للثروات البتروليّة , ونقلها للمعارك إلى خارج حدودها الجغرافيّة ؟؟؟
ف- جامعة الدول العربيّة , يمكن أن توقف هذه السيناريوهات الغبيّة , وأن توجد
حلاً جذريّاً لهذه المُشكلة الحقيقيّة , بين المافيا الإرهابيّة, وبين الكتلة الأطلسيّة,
وكان ذلك على حساب الأسرة الدوليّة,إذا ما تمّت إعادة هندسة الجامعة العربيّة .
لأنّ إصلاح الجامعة العربيّة الحاليّة غير ممكن , ولن يكون مُجدياً . أمّا إعادة
هندستها , فيمكن أن تبدأ بتغيير إسمها من المحدوديّة العنصريّة إلى آفاق أوسع,
فيصبح إسمها جامعة الدول الإسلاميّة . ولأنّ الإسلام رسالة سماويّة لكُلّ النّاس,
ينبغي أن يُسمح لأيّ دولة في العالم بالإنضمام إلى هذه الجامعة , دون قيد ٍ أو
شرط , حتّى إن لم يكن بها مُسلما ً واحدا ً. وفي ذلك بديلٌ للثورات الإسلاميّة
التي لا تؤمن بالحدود الجغرافيّة , الطبيعيّة منها والوهميّة . مثل الثورة المهديّة
السودانيّة , والثورة الخمينيّة الإيرانيّة , والثورة الطالبانيّة الأفغانيّة , و ثورة
الإنقاذ الجزائريّة,وثورة الإنقاذ السودانيّة , التي إدّعت أنّها إمتداد للثورة المهديّة
السودانيّة. هذه تسمية ٌ مُثلى وعبقريّة, لمصلحتنا ولمصلحة تلك الأمّة الأطلنطيّة.
ولكن ليس من الحكمة , ولا من الموعظة الحسنة , الإصرار على هذه التسمية
في الظروف العالميّة الحاليّة , التي أربكتها الإستراتيجيّات الإنتحاريّة , المبنيّة
على الإجتهادات الفرديّة . هذه الأحلام والغايات السياسيّة الورديّة , التي قد اتّخذ
أهلها لتحقيقها وسائل إرهابيّة , كانت خصماً على حساب الدعوة الدينيّة,وحساب
الثروات البتروليّة الإسلاميّة. الشفافيّة لها أوان, وإذا أردنا قضاء حوائجنا فعلينا
بالكتمان . وإن لم نستطع , أو أفلسنا وعجزنا عن البيان , فهنالك رجالٌ لغير
هذا الزمان . أمّا في هذا الزمان , فمن الصعوبة بمكان,أن نجد إسماً للجامعة لا
يتعارض مع مصلحة الأمريكان , ملوك هذا العالم في هذا المنحنى من الزمان.
والتسمية العنصريّة الحاليّة,بالتأكيد تتعارض مع مصالح حُلفاء الأمريكان . ولذلك
يكفي أن نستفيد من الضوء الأخضر, الصادر من اليهود المُحافظين الذين إنقلبوا
إنقلاباً بتروليّاً ديمقراطيّاً أبيض , على البيت الأبيض . لا يشبه إنقلاباتنا السوداء
في قارّتنا السوداء . هذا الضوء الأخصر يمكّننا من تسميتها جامعة دول الشرق
الأوسط الكبير . وأن تشمل الدول مُتعدّدة الديانة والثقافة من المُحيط إلىالخليج.
وهذا خيارٌ طيّب من الناحية الإقتصاديّة , ومن النواحي الأمنيّة والإستراتيجيّة .
ونحن إذا كنّا عُقلاء , ينبغي أن نشكر هؤلاء , على هذه الإقتراحات والآراء.
ثانياً : أن تكون جامعة الدول الإسلاميّة / أو جامعة الدول الشرق- أوسطيّة ,
مُؤسسة ديمقراطيّة , يعني شوريّة بطريقةٍ عِلميّة , وتجارب إنسانيّة , رئاسيّة
كانت أو برلمانيّة . و أن تكون لها سلطات دستوريّة : (تشريعيّة , و تنفيذيّة ,
وقضائيّة) , مُستمدّة من الشريعة الإسلاميّة, وسائر الكتب السماويّة, وكلّ ما يفيد
الأمّة من القوانين الوضعيّة والعُرفيّة , ذات الصلة بأمور أصلها إباحيّة , لم
تقيّدها النصوص الشرعيّة . ومُستفيدة من الإكتشافات العِلميّة , التي تصلح في
الحياة الدنيويّة , وتعين على الإستعداد للحياة الأخرويّة . ثالثاً : أن يُنتخب أفراد
(وليس جماعات أو أحزاب ) الجامعة من قبل أفراد الأمّة التابعة للجامعة , وليس
من قِبَل رؤساء الدول التابعة للجامعة . وينبغي أن تعطى الأولويّة , للمُتفوّقين
في المراحل الدراسيّة , بعد إعدادهم بطريقة عِلميّة , تعينهم على التميّز في
حياتهم المِهنيّة , وعلى إستعدادهم للأمور البرلمانيّة . ففي ذلك تناوبٌ على
الأمور السلطويّة , بطريقة سهلة وتِلقائيّة , لا مجال فيها للغوغائيّة . وفي ذلك
بدائلٌ للأنظمة الوراثيّة , والإنقلابات العشوائيّة , وبدائلٌ للمعارضة بالبندقيّة .
رابعاً : أن تكون لها هيمنة وصلاحيّات واسعة على البرامج الإستراتيجيّة , في
المجالات الإقتصاديّة , والإجتماعيّة , والسياسيّة والأمنيّة . من الناحية السياسيّة
مثلاً , ينبغي أن تقوم الجامعة بدراسة أحوال المُجتمع في أيّة دولة تابعة لها ,
وتهندس لها النظام الديمقراطي المناسب. وتشرف على تكوين البرلمان المناسب.
وكذلك يمكن أن تهندس لها النظام الإقتصادي المُناسب وهكذا . خامساً : أن توكل
إلى الجامعة مسئوليّة حِماية وتوظيف موارد الطاقة والمياة في الدول التابعة لها,
لما يخدم مصلحة المُواطن في الدول التابعة للجامعة , ويساهم في دفع الإقتصاد
العالمي بطريقة إيجابيّة . سادساً: أن تعمل الجامعة على ربط الدول التابعة لها
بمشاريع البنية التحتيّة المُشتركة,مثل الشبكات الكهربائيّة, والمائيّة, والزراعيّة,
والبتروليّة , وشبكات الغازالطبيعي , وشبكات السكك الحديديّة , وشبكات النقل
البحري , وشبكات النقل البرّي , و شبكات النقل الجوّي , وشبكات البنوك الماليّة
الإلكترونيّة , وشبكات الإتصالات والأقمار الصناعيّة وغيرها . سابعاً : أن تمنح
الجامعة بطاقة شخصيّة لكلّ مُواطن , لكي يستطيع بموجبها أن يتمتّع بكلّ الحُقوق
التي يكفلها له دستور الجامعة . وينبغي أن يكون من هذه الحُقوق مثلا ً : حق
التملّك , والإستثمار , والعمل , والتعليم , والعلاج , والتنقّل , وغيرها , في أيّة
دولة من الدول التابعة للجامعة . ثامناً : أن تسقط بطاقة الجامعة وجنسيّة الدولة
التابعة للجامعة بالدستورعن أيّ مُواطن يُمارس الإرهاب , أو يعتدي على النظام
الديمقراطي الذي تختاره الأمّة ,أو يروّج للإنقلابات العسكريّة,لمصالح شخصيّة,
أو يرتكب أيّة جريمة أخرى يحدّدها دستور الجامعة . تاسعاً: أن تكون الجامعة
طرفاً أساسيّا من جسم مُنظمة الأمم المُتحدة . بعد إعادة هندسة مُنظمة الأمم
المُتحدة , على نحوٍ مثل هذا , ولكن على مُستوى العالم . عاشراً : أن تكون
الجامعة هي الجهة المسؤولة أمام مُنظمة الأمم المتّحدة,مسؤوليّة مباشرة ,عن
كلّ ما يخص دول الجامعة من أوامر ونواهي وعقوبات وغيرها , ممّا يخدم
مصالح وسياسات وإستراتيجيّات المُجتمع الدولي , ويحقق له الإستقرار الأمني .
منظّمة الدول الإفريقيّة أوإتحاد الدول الإفريقيّة إيضاً يحتاح إلى أن يُعاد النظر في
هندسته على نحوٍ قريبٍ من هذا. وهنالك مُنظّمات أخرى تحتاج إلى نحوٍ من هذا.
ق-على كُلّ حال لا يُمكن أن يصبح السودان سلّة لغذاء العالم إذا تسبّب في سوء
إدارته غيرُ المُنتخَبين , من العساكر والسّياسيّين ومَن تسلّقهم بتآمر وتخاذ ُل
إلى يوم الدين , أو إذا تسبّب في عدم أمنه واستقراره المُعارضون والمُتمرّدون
وأعانهم على ذلك الطّامعون والمُتآمرون. لأنّ الإدارة (MANAGEMENT)
من مُقوّمات الإنتاج المعروفة,إذا صَلُحَت تحقق الإنتاج وإذا فسدَت تعطّل الإنتاج.
والذين يَسرقون السلطة بالقوة , سيضطرّون حتما ً للمُحافظة عليها بالقوّة
وبالقهر على حساب المال العام والأولويّات الأخرى , وغالباً مايضطرّون إلى
طباعة العُملة بدون تغطية , وإلى فرض الرسوم والضرائب والجمارك الخرافيّة
على المَحكومين المَغلوبين على أمرهم , وإلى تمييز أتباعهم على غير أتباعهم .
وهذا أخطر مُنزلقات الظلم الإجتماعي , و مُنتهى مُوبقات الفساد المالي والعبث
الإداري . برلمان العساكر والإنقلابيّين الذين يُطيحون بالحُكومات المُنتخبة , هيكلٌ
مقلوب من الناحية الهندسيّة , وحتماً سيكون مُتناقضاً من الناحية التطبيقيّة ؟؟؟
وذلك لأسباب كثيرة أوّلها: أنّ هذا البرلمان من النّاحية العمليّة يتكوّن من حكومة
غير مُنتخبة , تجتمع في مباني البرلمان , ومُعارضة مُنتخبة تجلس في خارج
البرلمان , وهي موجودة في داخل السودان , وموجودة في خارج السودان . ويتم
تبادل الآراء بيين المُعارضة المُنتخبة , والحُكومة غير المُنتخبة , عبر وسائل
الإعلام . يُولد برلمان البلاد , في زمان الحُكومات العسكريّة بهذا التشويه , ثمّ
يقوم بإدارة البلاد وتصريف أمور العباد , كمخلوق إبتلاه ربّ العباد , بأن جعله
مشوّها بالميلاد . ولا يُمكن تجميله بواسطة العباد . ولن يرتاح أهله إلاّ بعد أن
يأخذه رب العباد , ويُعوّضهم بمولودٍ غيره سليم ٍ بالميلاد , جزاء صبرٍ جلاد .
وثانيها: أنّ العساكر يقومون بتعطيل الدستور المُتّفق عليه بالإجماع , ويحكمُون
البلاد بقوانين تليق بمقامهم السامي , ومقام الذين يتسلّقونهم المُتعالي , ومقام
الذين يشاركونهم من أحزاب التوالي , ومقام الذين يشاركونهم من غير أحزاب
التوالي, لفرض برنامج البترول الإنفصالي , وتطبيق شريعة التمكين الإعتزالي ,
وإقصاء برنامج الوسط المثالي . هكذا سيولد دستورهم ولادة ً قيصريّة ,
وستطبّق العدالة في البلاد والعباد , بمغالطات ومفاهيم مقلوبة رأساً على عقب .
هذه المُغالطات المبنيّة على المفاهيم المقلوبة,غالباً ما تحُول دُون إصلاح مثل هذا
الدستور أوتحسينه. وإعادة هندسته تقتضي إستبداله بمثل الدستورالذي قوّضوه .
وثالثها:أنّ العساكر يتخيّلون أنّهم قد حلّوا الأحزاب الوطنيّة التي غالباً ما يختارها الشعب لإدارة شئونه عبر البرلمان المُنتخب, لمُجرّد أنّهم أذاعوا بياناً بهذا المعنى
على الهواء . ثمّ يقومُون بتشكيل هياكل كرتونيّة لأحزابِ وهميّة , يزعمون أنّها
قانونيّة . ويزعمون أنّ الأحزاب الوطنيّة القانونيّة , قد أصبحت غير قانونيّة . ثمّ
يقومون بإدارة الأمور بناءً على هذا الوهم الكبير . فتبنى البلاد بناء الواهمين
المُنفصمين المُعقّدين.وبذلك تتسع دائرة الإنفصام والعُقد النفسيّة بين السودانيّين.
ورابعها : أنّ الحكومات العسكريّة , التي غالباً ما تولد مُغلّفة بالشرعيّة الثوريّة ,
سواء كانت تكفيريّة , مُغلّفة بطبقة أخرى إسلاميّة, أو كانت إلحاديّة مُغلّفة بطبقة
إستقلاليّة , فهي مرفوضة من قبل الدول المُهيمنة على العالم . ولذلك تجد نفسها
مُضطرّة لإقامة إنتخابات صوريّة , على رئاسة الجمهوريّة , مراقبة من جهاتٍ
دوليّة , ومتابعةٍ بالأجهزة الأمنيّة , حتّى يحصل تحصيل الحاصل , ويفوز رئيس
الجمهوريّة العسكريّة , برئاسة الجمهوريّة الدكتاتوريّة ,التي حتماً ستتعارض مع
كُلّ المصالح الدوليّة , وحتماً ستؤدّي إلى المُحاصرات السياسيّة , والإقتصاديّة .
ومهما كانت الذرائع المحليّة , لقيام تلك الإنقلابات العسكريّة , فهي غير منطقيّة .
وخامسها : أنّ مُشاركة المدنيّين فى الحكومات العسكريّة, سواء كان ذلك بطريقة
فرديّة أو جماعيّة , يُعتبر إنتحاراً سياسيّاً وجريمة إجتماعيّة . ولذلك تجد أنّ
الشخصيّات السودانيّة , النظيفة والمُؤهّلة من النّاحية الأكاديميّة , تتهرّب من
المُشاركة فى الحُكومات الدكتاتوريّة,تاركة الساحة الحُكوميّة للبُلطجيّة والحراميّة.
ونلاحظ فى الحِقب العسكريّة , أن الحرامي يصبح شريفاً وإن ثبتت إدانته , وأنّ
المُجرم يصبح و يُمسي حُرّاً طليقاً , وإن ثبت تورّطه . ونسمع كُلّ الرؤساء
العساكر يقولون , وبكُلّ شفافيّة : نحن لا نخذلُ من وقف معنا وأيّدنا ودعمنا .
وسادسها : أنّ التجربة العمليّة أثبتت انّ البُلدان التى يحكمها العساكر , تتأخر
كثيراً عن الدول التى لا يحكمها العساكر . وأبلغ الأمثلة للدول التى لا يحكمها
العساكر هى دول الخليج . ودول الخليج تحكمها طوائف دينيّة بصورة أو بأخرى,
ولكن لا تحكمها آيديلوجيّات فِكريّة . وهذا يعنى أنّ الدولة يمكن أن تتقدّم إلى
الأمام بدون مُؤسسة عسكريّة ضخمة ومُكَلّفة , وكذلك يمكن أن تستقر سياسيّاً
إذا لم تتنازعها الآيديلوجيّات الفكريّة الثوريّة . ولكنّها يمكن أن تصبح أفضل من
ذلك , إذا كانت بها أحزاب وطنيّة مقبولة عالميّاً . وذلك لأنّ الأحزاب تمثّل الثقافة
النقديّة البنّاءة للمجتمع , بطريقة مسؤولة , وعن طريق كوادر لها تأهيل وخبرة
فى هذا المجال . والنقد السياسى والإجتماعى يساعد الذين يقومون بإدارة شئون
البلاد , على إتّخاذ القرارات السليمة , وبناء الخطط الإستراتيجيّة السليمة , فى
كُلّ متطلّبات المُجتمع , بطريقة لا تتعارض مع مصالح الأسرة الدوليّة , وتنفيذ
تلك الإستراتيجيّات بطريقة سليمة , ومتابعتها وتطويرها أيضاً بطريقة مُستمرّة .
وسابعها : أن الحكومات العسكريّة , سيكون همّها الأوّل والأخير المُحافظة على
نظامها , وتمكين كوادرها فى كُلّ المجالات , وبعضها يسعى إلى عسكرة الخدمة
المدنيّة بعد أن يقوم بإلغاء الأحزاب الوطنيّة وإبادتها . يعني بإختصار يقومون
بإلغاء كُلّ المُجتمع وتعطيله , ما عدا المُجتمع الأفلاطوني الخاص بالعساكر .
وبعضهم يتنازل عن غروره , ولو إلى حين , ليستوعب بعض المُنتفعين , الذين
تسمح لهم كرامتهم بأن يخدموا العسكريّين . بينما العالم يأمل أن يصبح السودان
سلّة لغذاء العالمين . كما أنّ السودان به موارد للطاقة الكهربائيّة , وبه مصادر
مائيّة , يحتاح إليها العالم على حسب جداوله الزمنيّة , الخاصّة بتطبيق برامجه
الإستراتيجيّة , ولا يستطيع أن ينتظر الحكومات العسكريّة, حتّى تحقق الإستقرار
بوسائلها الغبيّة . السودان لايُمكن أن يصبح سلّة لغذاء العالم إذا أدخله الذين
يُديرُون أمُوره في المُحاصَرَات الإقتصاديّة , أو باعوا نفطه واقتسموا العائدات ,
ليستغلّونها في بناء الأحزاب الجديدة , كأنّما السودان تنقصُهُ الأحزاب , ثمّ طلبوا
من المُواطن السوداني , صاحب البترول السوداني , والغاز السوداني , والذهب
السوداني , والماس السوداني , واليورانيوم السوداني , وكُلّ مقوّمات الصناعة
الحديثة , الثقيلة منها والخفيفة , أن يزرع لنفسه ولبهائمه , وأن يزرع للعالم
ولبهائم العالم , بالسلّوكة والطوريّة , في كُلّ ضحوةٍ وضهريّة , و أن يَرْوِى ما يَزرعه بالشّواديف اليدويّة , التى تحرّكها الطاقة اليدويّة , أو يروي بالقواديس
الخشبيّة, التي تحركها الطاقة الحيوانيّة , أو أن يرفع المياه الجوفيّة , بالطاقة
اليدويّة , أو بالطاقة الحيوانيّة , من آبارٍ غائرةٍ بلديّة , في أصقاعٍ نائيّة قصيّة,
ونحن نعلم أنّ الماكينة أيضا ً من مُقوّمات الإنتاج الأساسيّة (MACHINE ) ,
التي يعرفها المُختصّون في هذه المجالات الحيويّة . وهم يعلمون ولكن لايعبأون
أنّ فى إجبار صاحب الثروة البتروليّة,على رفع المياه بسواعده التي كانت قويّة,
إنتهاكاً لأبسط الحقوق الإنسانيّة . ويعلمون أنّ في إستعمال الكوادر الحيوانيّة ,
لرفع المياه الباطنيّة , إنتهاكاً كبيراً لأبسط حقوق الأمّة الحيوانيّة , وهضماً بيّناً
لنصيبها من الطاقة البتروليّة . وفي كُلّ ذلك خيبة لآمال العالم في السودان . لأنّ
صاحب الشادوف , وكذلك صاحب الساقية, بإمكانه أن يروي قطعة أرض صغيرة
جدّاً تصلح لتموين قرية صغيرة بالخضروات الطازجة . ولكنّها لا تصلح لتموين
العالم بالمواد الغذائيّة . وأصحاب الشواديف زاهدون , يقصدون الإرتزاق من
عرق الجبين , ولكنّهم لا يطمعون في الثراء الفاحش المُبين . أذكر أنّني في بداية
السبعينات , كنت أعمل مع والدي , وهو صاحب شادوف على النيل الأبيض ,
وقد تمكنّا في ذلك المُوسم , من توفير (300) جنيه سوداني , فقلت لوالدي :
ما رأيك يا والد في أنّ نشتري وابور ( طلمة لرفع المياه تعمل بالديزل ) , وكان
سعرها آنذاك (75) جنيه سوداني ؟؟؟ فضحك الوالد ضحكة مازلت أذكرها ,
وقال لي : لقد إقترحت ذلك على جدّك , فضحك عليّ مثل الضحكة التي ضحكتها
عليك , ثمّ قال لي : يا ولدي لمّا الوابور يدوّر تِك تِك تِك ويسقي الخدار أنا
أكون سوّيت شنو ؟؟؟ يا ولدي دا رِزِق بارد أنا ما بينفع معاي , بعدييييين
لمّا إنت تبقى مُهندس , إن شاء الله , سوّي الكلام دا مع زملاك المُهندسين؟؟؟
أمّا جدّك عبد الرحمن , فكان يزوره في مزرعته الشادوفيّه , المهندسون
الإنجليز التابعون للمشروع الزراعي , ويطلبون منه أن يعلّمهم تشغيل الشادوف
وقد تركوا لعب الكُرة واستبدلوه برياضة الشادوف اليوميّة , في كُلّ عصريّة.
وقد عرضوا عليه مِراراً وتِكراراً , أن يمنحوه أيّ عدد من الحوّاشات يريده .
ولكنّه كان يرفض ذلك , ويقول لهم : طيّب لمّا وابوركم يدوّر تِكتِك تِكتِك تِكتِك
ويسقي الخدار أنا أكون إشتغلت شنو ؟؟؟ يا أولادي والله رزقكم دا بارد زي
نخرة الكلب , وأنا ما بعرف آكلو . وكانوا يضحكون ويتعمّدون إعادة القصّة .
وكان لذلك أثراً بليغاً في إختياري لمهنة الهندسة , وإختياري للتخصص الذي
يتناسب مع تلك الطموحات والآمال . اللهم ارحمهما رحمة واسعة تملأ الدنيا
والآخرة وما بينهما , وارحمنا رحمة مثلها , إذا ما صرنا إلى ما صارا إليه .
ق-توزيع السّودَان إلى ولايات كثيرة وبعضها بعيد جدّا ًعن النّيل فيه نوع من الظلم
أوعدم العدالة في توزيع المياه وغيرها . والذين ارتكبوا هذا الخطأ الإداري من
أجل صناعة الكوادر الحِزبيّة الإداريّة بإيجاد وظائف إداريّة جديدة , وكان ذلك
على حساب المُعلّمين والأطبّاء والمُهندسين وكلّ المِهنيّين والخرّيجين , قد
حصدوا ثمار ذلك الخطأ الجسيم والإثم المُبين . ولا يمكن أن يحصدوا أقلّ من
ذلك. وأقلّ ما يمكن أن يقال عنهم أنّ دمّهم بارد, وهَمّهُم بارد , وعهدهم طارد .
ك-توزيع السودان إلى خمسة أقاليم أو خمس ولايات (الاوسط ,الشمالي ,الجنوبي ,
الشرقي ,الغربي ) أيضا ً فيه نوع من الظلم والتهميش للأقاليم الجهويّة الأربعة
(الشمالي,الجنوبي,الشرقي,الغربي) لأنّ العاصمة المُثلّثة ستكون تابعة للإقليم
الأوسط . وفي ذلك إحتكارٌ للسلطة المركزيّة وللشعور بالإنتماء إلى العاصمة .
من ناحية أدبيّة و معنويّة كلّ سوداني يُفضّلُ أن يَنتمي إلى العاصمة , لا إلى
الأقاليم . وذلك لأسبابٍ كثيرة يعرفها أهل الأقاليم وأبلغ من عبّرعن هذا الشعور
هو الأب فيليب عبّاس غبّوش , حين قال أمام الجمعيّة التأسيسيّة التي أطاحت
بها المافيا الإنقاذيّة, عام 1989 ميلاديّة , وكانوا يناقشون مواضيع مثل عودة
النّازحين من العاصمة إلى الأقاليم التي نزحوا منها :-
( هُوي أنِحْنا الأقاليم دا جرّبناهُو , و عِرفنا الفِيهُو , ونزحنا مِنّوُ , و تاني ما
راجعين ليهو. والما جَرّبو يمشي يجرّبو. العاصمة دا حَقّنا كُلّنا.هو أنحنا جينا ,
نمشي عشان تاني نجي ؟؟؟ ) . وكانت هذه الكلمة من أعظم وأبلغ الكلمات التي
سمعتُها في الجَمعيّات التأسيسيّة.وكان من حكمة الجمعيّة أن أجّلت الكلام في هذا
الموضوع الحسّاس إلى أجل ٍ غير مسمّىً . وشكروا الأب فيليب غبّوش على
ما تحلّى به من صراحة وشفافيّة . والأب فيليب غبّوش قد تكلّم في تلك الجمعيّة
بشفافيّة في أمور ٍ غنيّة , كلاما ً مُناسبا ً في المقام المناسب, وفي العمر التربوي
المُناسب , وفي الزمان المُناسب . والتحدّيات التي أثارها ما زالت تنتظر الحلول
المُناسبة. والحلول المُناسبة ليست من المُحال, ولكنّها تحتاج إلى عزيمة الرجال,
وتحتاج إلىالإيمان بالتعايش السلمي بين الأجيال , وإلى الإيمان برب الأجيال ؟؟؟
ل-التقسيم الذي انتهجْته لحساب الطاقة الكهربائيّة وعدد الشبكات المطلوبة وهي:
(الوسطى,الجنوبيّة,الغربيّة,الشرقيّة,الشماليّة ) لا يعني أنّني أقترح تقسيم البلد
إلى خمسة أقاليم . إنّما فعلت ذلك لتسهيل الحسابات وتبسيط المشروع فقط .
م-التقسيمات الإداريّة التي أراها مُناسبة ً, هي كما قسّمها ربُ العالمين بالفواصل
المائيّة , و بطريقة هندسيّة بديعة إلى ثلاث ولايات , يراها المواطن السوداني ,
إذا ما إرتفع بشموخه وخياله , ثمّ وضع فرجاراً أو ثيودولايتاً كبيراً على جزيرة
توتي , وهي :
1- ولاية أمدرمان : وعاصمتها أمدرمان , وتضم كُلّ المساحة الواقعة بين
النيل الأبيض والنيل وحدود السودان الغربيّة . هى ولاية كبيرة لكن لا
يمكن تقسيمها بطريقة عادلة , كما يعلم ذلك الجُغرافيّون والمهندسون .
2- ولاية الخرطوم : وعاصمتها الخرطوم , و تضمّ كُلّ المنطقة الواقعة بين
النيل الأبيض والنّيل الأزرق وحدود السودان الجنوبيّة .
3- ولاية الخرطوم بحرى : وعاصمتها الخرطوم بحري , و تضمّ المنطقة
الواقعة بين النّيل الأزرق والنّيل والحدود الشرقيّة للسودان .
على أن تكون مباني العاصمة القوميّة المُثلّثة , مُوزّعة بالتساوي بين الولايات
بين الولايات الثلاث . وعلى أن يكون المُواطن السوداني حُرّا ً طليقا ً في أن
ينتمي إلى أيّة ولاية كما يشاء , وأن يعمل أو يستثمر أو يمتلك أو يتعلّم أو
يتعالج في أيّة ولاية متى شاء ذلك . وكذلك بإمكانه أن ينتمي إلى أكثر من ولاية,
إذا كان له أكثر من منزل أو إستثمار. وكذلك الحيوان السوداني ينبغي أن يكون
حُرّاً طليقاً في أن يتجوّل من ولاية إلى ولاية , إذا كان يجيد السباحة , أو إذا
وجد حظّه في الكباري الحديثة , عبر النيل وفروعه , بين الولايات المُقترحة ,
بحيث لايتعارض ذلك مع مصلحة المزارعين في المنطقة,أوالسوّاقين في الطرق.
وعلينا كذلك أن نبتعد كُلّ البعد عن المركزيّة , في توزيع السلع الإستهلاكيّة ,
وتوزيع السلع غير الإستهلاكيّة, وكذلك أن نيتعد عن الحركة التعاونيّة التموينيّة,
التي أفسدها الحراميّة,والتي لا تصلح في بلدٍ طيورها أعجميّة,وأطرافها مرميّة,
وطرقها طينيّة , وقطاراتها سلحفائيّة , وأهلها صوفيّة , يا أصحاب الشموليّة ,
والتجربة المايوية , ويا أحبابنا الشيوعيّة , أرباب الفكرة التقليديّة , ويزعمون
أنّها تقدّميّة , ويا حلفاءهم البعثيّة , أصحاب الفكرة العنصريّة , والتطبيقات
التكريتيّة , والغرفة العنكبوتيّة . المشكلة ليست في الإدارة المركزيّة , أو
السلطات الفدراليّة , أو في الدولة الكنفدراليّة. إنّما هي في توزيع الثروة المائيّة,
والطاقة الكهربائيّة , بطريقة مَرْضِيّة , وبعدالة موضوعيّة , تجنّبنا الإنفصالات
الجهويّة , والألغام الأرضيّة , في المنطقة الجنوبيّة . وتجنبنا الإبادات الجماعيّة,
والإعتداءات الوحشيّة , في المنطقة الغربيّة . وتجنبنا ضرب المسيرة السِلميّة,
بالذخيرة الحيّة , في المكنطقة الشرقيّة . وتجنّبنا التهجيرات القسريّة , وردود
الفعل الوعيديّة , في المنطقة الشماليّة . وكلّ الظروف الإنسانيّة , التي أباحت
التدخّلات الأجنبيّة , كان سببها أنّ الطغمة الجَعَلِيّة , التي قوّضت الديمقراطيّة ,
والتي لاشرعيّة لها ولا تمثل الكُتلة الشماليّة, تأبى أن يَنقذها الدناقلة والشايقيّة ,
من البئرالعنكبوتيّة, مصيرالطغمة التكريتيّة, فقطعت حبل نجاتها بحماقة غبيّة ,
وتشبّثت بأذيال الكلاب البوليسيّة , التي أرسلها أصحابها لإشتمام من علقت
بهم رائحة المجموعة الإرهابيّة , التي دمّرت مركز التجارة العالميّة , ظنّا من
تلك الطغمة الجعليّة العنصريّة الغبيّة , ومن تسلّقها من المنتفعين الطامعين
الهالكين الجبهجيّة , والإخوان السياسيّين الضالّين , وأنصار السنّة السياسيّة ,
أنّ تلك التحالفات الإستخباراتيّة , ستسحب البساط من تحت أرجل المُعارضة
الداخليّة , وستسحب الدعم المادّي من جيوب المعارضة الخاريّة , فهم كما ذكرنا
يلدون أفكارهم بطريقة قيصريّة , ويُديرون أمور البلاد بناءً على تلك الأفكار
المولودة بطريقة غير طبيعيّة , وتحت ضغوطٍ مُتعدّدة وتصاعديّة ......... ؟؟؟
ن-هذا التقسيم الأخير(المُقترَح) يمكن أن يُقلّل من تكلفة شبكات الكهرباء المقترحة
لأسباب كثيرة أهمّها أنّنا يمكن أن نبدأ بتشييد ثلاث شبكات بدلا ً من البداية
بخمس شبكات في الإقتراح الأول المبني على خمس ولايات . بمعنى أنّ نبدأ
بتوليد ما يُساوي (15000 ) ميقاوات للولايات الثلاث , بدلا ً من (25000)
للولايات الخمس . ثمّ نتطوّر بخطوات محسوبة وفي الفترة المُحدّدة إلى إنتاج
(150000) ميقاوات للولايات الثلاث , أي لكلّ السودان وهكذا . والسبب الثاني
أنّ التقسيم الأخير فيهِ إقتسام عادل لمياه النيل العذبة , والمحطات التي تُستعمل
فيها المياه العذبة يُمكن أن يَتِم بناؤها بتكلفة أقلّ من تكلفة بناء المحطات التي
تُستعمل فيها المياه المالحة , وكذلك عمرها الإفتراضي سيكون أطول . والسبب
الثالث أن مياه التبريد المأخوذة من مياه النّيل العذبة إذا ذهبت إلى المزارع و
المَراعي والغابات بدلا ً من أن ترجع إلى النيل سيكون في ما يُجْنَىَ من هذا
عدلٌ وإنصاف للأنسان والحيوان والبيئة (( هذه الشّبكات إذا اكتملت ستكون
كمّية مياه التبريد ضخمة جدّا ً ربّما تكفي لإنشاء (150) مشروعا ً زراعيّا ً
ضخما ً على مستوى السودان . وهي مياه معالجة ضد الأحياء المائيّة الدقيقة .
ولكن علينا أن نستثني من ذلك مياه التبريد الخاصّة بالمحطّات التي بها مفاعلات
نوويّة , إن تمّ بناؤها على شواطئ النيل )) . السبب الرّابع هو أن هذا التقسيم
سيكون مُفيدا ً إذا ما تكَوّنت دولة وادي النّيل (بالمواصفات المُقترحة ) , لأنّه
سيُقلّص عدد ولاياتها أو دولها إلى ثلاث ولايات بدلا ً من عشر ولايات أو دول ,
بحيث تكون هذه الولايات قد إقتسمت النّيل بطريقة واضحة وعادلة وسهلة .
وتكون كذلك قد إقتسمت بترول النيل بطريقة واضحة , بعيداً عن المُؤامرات ,
وصناعة الإنقلابات , وإستغلال المُعارضات , في زراعة الإنقسامات.ويمكن أيضاً
أن تنضم وتذوب في هذا التكتّل دول إفريقيّة أخرى , واقعة في إتّجاه المُثلّثات
الثلاثة المُلتقية بالرّأس عند مُلتقى النّيل الأبيض والنّيل الأزرق والنّيل في توتي .
ويمكن أن يمتد التكتّل تدريجيّا ً إلى القرن الإفريقي شرقا ً و إلى المُحيط الأطلسى
غربا ً و إلى ما شاء الله جنوباً . أرجو أن يفهم ذلك أبونا نلسون مانديلاّ , وأن
يفهمه كذلك أخونا الصادق المهدي,وأخونا حُسني مُبارك , وزعماؤنا الآخرون.
حتّي لا تستمر مآسي الأفارقة . وبذلك تكون لدولة وادي النيل المُوسّعة منافذ
تجاريّة عالميّةعلى البحر الأحمر , والمُحيط الهندي , والبحر الأبيض المُتوسّط
والمُحيط الأطلسي . وتكون لها منافذ تجاريّة مع الدول الإفريقيّة الأخرى .
هذه ليست مُخطّطات استعماريّةً, أو شطحَاتٍ أفلاطونيّة , أو شطحاتٍ ميتافيزيقيّة,
أو دِعاية إنتخابيّة . لكنّه مشروعٌ مُقترح , من أهل الذكر المُتواصعين في هذا
المجال , كتأدية واجب الرجال , للتّكتّل الإفريقي لظروفٍ إنسانيّة, وبطريقة عِلْمِيّة
وعقلانيّة , لمصلحة الأجيال الإفريقيّة , ولدعم الإقتصاد العالمي بطريقة إيجابيّة .
6- مُتنوّعات :-
أ-توجد بالعاصمة القوميّة , مُبالغة في التوسّعات الأفقيّة , للمناطق الإسكانيّة ,
بعد أن نزحت إليها كُلّ الأمّة الإقليمية, من أماكن نائيةٍ قصيّة , بعضهم لظروف
إنسانيّة , وآخر لطموحاتٍ إستثماريّة , وثالث لظروف إستثنائيّة , أفرزتها
التقسيمات الولائيّة , بالطريقة العشوائيّة , كمُعلّمٍ لايقبض ماهيّة , أوطبيب لم
تستوعبه الميزانيّة , مع نقصٍ ملحوظٍ في الكوادر الطبيّة , وإزديادٍ مقصودٍ
في الوظائف الإداريّة , لصناعة الكوادر الجبهجيّة , تنفيذاً لسياساتٍ تمكينيّة ,
أو استعداداً لتحدّيات برلمانيّة, لابُدّ من إستباقها بشئٍ من الحركات البهلوانيّة؟؟؟
ب-مازالت العاصمة الثلاثيّة , مَبنيّة بطريقة عشوائيّة,وشوارعها مُزدحمة بالشرطة
الشعبيّة , والشرطة المُروريّة , وحركتها مُرتبكة بحناطير العَربَجيّة , ومازال
الجبهجيّة , يفرضون جمارك تعجيزيّة , على وسائل الحركة الأفقيّة , و هنالك
إعفاءات جمركيّة , لكلّ الطبقة التمْكِينيّة , ولولا هذه الجمارك الخياليّة , ورسوم
الترخيص الرومانسيّة , والتأمينات الإجباريّة , وتفشّي الرشوة المروريّة ,
لأصبح سعر الحنطور أعلى من سعر العربيّة , ولتحوّل العَربَجيّة إلى بُكْسَجيّة ,
أسوة بالدول الخليجيّة , التي لا تعرف الأمور الجبهجيّة , ولا الأمور الشيوعيّة,
لأنّ شريعتهم سماويّة,وأساليبهم عِلميّة,وعقيدتهم توحيديّة , وأهدافهم توَحّديّة,
أمّا (إخواننا ) الجبهجيّة , فشريعتهم تمْكينيّة , وأساليبهم إرهابيّة, وعقيدتهم
تكفيريّة , وغاياتهم تفريقيّة , ووسائلهم مِيكَافليّة , وتفاعلاتهم كُلّها إزاحيّة ,
وحدودهم التي يطبقونها على غيرهم ,بعضها إهداريّة وبعضها إباديّة , وبعضها
أكرم منها الإهداريّة والإباديّة , وأقلّ ما وصفت به , أنّها جرائم لا إنسانيّة ,
أرتكبت في حق الإنسانيّة . وللأسف الشديد , كانت بإسم الدين , بناءً على
إجتهاد جماعة التكفير والإرهاب والتمكين,على حساب الآخرين من المُواطنين,
وعلى حساب الآخرين من المسلمين , وعلى حساب الآخرين من المُوحّدين. كما
أنّ مواقفهم تعنّتيّة وتصلّبيّة, تؤدّي إلى الثورات الكابيلّيّة, والوساطات الأجنبيّة,
والتدخّلات الأمريكيّة , وإلى حتميّة المصائر التكريتيّة , التي كانت خصماً على
الموارد البتروليّة . ولكنّ الفارق في الآثار السلبيّة , أنّ التكريتيّة كانت خصماً
على الفكرة البَعثيّة العنصريّة , أمّا التمكينيّة الجبهجيّة الإخوانيّة , فقد أصبحت
خصماً على مخازن السودان الدينيّة , المُتجذرة بالممالك الإسلاميّة , والثابتة
على القاعدة الصخريّة, التي أسّسها رجال المهديّة , بحكمةٍ وعقلانيّة , بناءً على
إجتهاداتٍ جماعيّة , وأساليب شوريّة , وبنوا هياكلها القويّة بسواعدهم الفتيّة ,
وعزائمهم القويّة,وأثروا بها التجربة السودانيّة,في تطبيق الشريعة الإسلاميّة؟؟؟
ت-في العاصمة القوميّة , يتم توزيع الأراضي السكنيّة , والتجاريّة , والصناعيّة ,
والزراعيّة , بطريقة عشوائيّة , قبل توصيل الشبكات المائيّة , والكهربائيّة ,
والتلفونيّة , وقبل تجهيز المجاري الصحيّة , والطرق الأسفلتيّة , والحواجز
الرمليّة . ثمّ يتمّ التداول على أوراقها بطريقة قانونيّة , عبر المكاتب العقاريّة ,
بواسطة السمسرجيّة , حتّى تتضاعف أسعارها بصورة خياليّة , وتصبح تجارة
الأراضى هي المِهنة المثاليّة , لبناء الطبقة التمكينيّة , وقد قفز بزانتها سائرُ
الجبهجيّة , من الطبقة العُمّاليّة , إلى الطبقة الرأسماليّة , ولم تحدث على الأرض
إستثمارات حقيقيّة , ولكن ظهرت عِمَاراتٍ سكنيّة , ومُجمّعاتٍ كُبْرى تجاريّة ,
يملكها من الجبهجيّة , من يعمل في الخدمة المدنيّة ,أو في المُؤسّسة العسكريّة,
أويعمل في الأجهزة القمعيّة ,أو في الإدارة المركزيّة , للخدمة الوطنيّة البهلوانيّة,
أو في الهياكل الحلزونيّة, للسلطات الحكوميّة, التشريعيّة منها والتنفيذيّة, ومنها
ما زعموا أنّها قضائّة,وهنالك ما يُسمّى بالمجالس الشعبيّة, ومن يدور في فلكها
من الجبهجيّة,الذين يقولون:هي للّه لا للسلطة ولا للجاه ولكن يظهرأنّهم بُلطجيّة,
عندما اعترفوا أنّ من بينهم حراميّة , أكلوا سكّة الإنقاذ الغربيّة , وقالوا خلّوها
مستورة مَاهِمّيّة , لفقنا مثلها على أرقى العائلات التاريخيّة , وكان ذلك في آخر
حكومة برلمانيّة , ثمّ تعلمنا بعد أن حلق لنا تلاميذنا بزجاجة كانت مرميّة , أنّها
كانت أخطاءً تاريخيّة , في أمور دنيويّة , وكانت خصماً على النخبة السياسيّة ,
وعلى ديمقراطيّة السودان الإستراتيجيّة, وعلى تجربة السودان البرلمانيّة, وعلى
وحدة السودان البتروليّة , وعلى وحدة السودان الإقليميّة , وسمعته العالميّة ؟؟؟
ث-قوانين الإسكان في السودان تختلف عن قوانين الإسكان في العالم . في السودان
القوانين لا تسمح بإقامة عِمارات سكنيّة داخل الأراضي الزراعيّة,أي المزارع؟؟؟
ولكنّنا نلاحظ في المشاريع الزراعيّة , مثل مشروع الجزيرة , ومشاريع النيل
الأبيض وغيرها أنّ بيت المُهندس , وبيت المُفتّش , عبارة عن سرايا فخمة
مبنيّة داخل مزرعة كبيرة خاصّة بالمُهندس أو المُفتّش , و مُنذ زمن الإنجليز؟؟؟
لماذا لا تتحول الحوّاشة إلى مزرعة ؟؟؟ ولماذا لا يُسمح للمزارع أن يبني عِمارة
سكنيّة داخل مزرعته , حتّى لا يهجر الزراعة وينزح إلى العاصمة أو المدن
الكبيرة, إذا ما تحسّنت ظروف أبنائه الماليّة؟؟؟ وما الذي يمنع أن تكون الأحياء
السكنيّة , في العاصمة وفي الأقاليم كُلّها درجة أولى , وكُلّها زراعيّة.......؟؟؟
وهل تحتاج الحكومة التي تبيع بترول المواطن وذهب المواطن , إلى أن تفرض
العوائد والعتب على مباني المُواطن السكنيّة والتجاريّة وغيرها ...............؟؟؟
لماذا يستطيع أصغر مُوظّف في دول الخليج أن يبني عِمارة سكنيّة , ويركب
سيّارة آخر موديل , خصماً على مرتّبه فقط , بينما لا يستطيع أن يفعل ذلك أكبر
موظّف في السودان ......؟؟؟ . وهل تحتاج الحكومة التي تبيع بترول المُوظّف
وذهب المُوظّف , إلى أن تفرض ضرائب على المُوظّف , أو أن تخون المُوظّف
بطباعة النقود بدون تغطية , وبدون تعديل للمُرتّبات يوازي تلك الخيانة .....؟؟؟
لماذا يضطر أبناء المُزارعين , وهم مُهندسون أو أطبّاء , إلى بيع الحوّاشة التي
ورثوها عن آبائهم , للحصول على فيزا للعمل بدول الخليخ , والمهنة : تربية
مواشي ...........؟؟؟ . لماذا تمنع الدولة هجرة الكفاءات بالقرارات الجمهوريّة
الدكتاتوريّة, إذا لم تستطع إستيعاب الكفاءات , وتحسين القوانين والأوضاع التي
أدّت إلى هجرتهم ......؟؟؟ . في عهد البرلمان المُنتخب (قبل الإنقاذ ) كانت هنالك
مُحاولة من وزيرالإسكان المُنتخب لحل مُشكلة هجرة الكفاءات.وأذكرأنّهم أرسلوا
أرانيك طلبات الإسكان لكُلّ الفئات المِهنيّة , عبر النقابة المركزيّة لكُلّ فئة مِهنيّة.
ولكن للأسف كانت النقابات مشغولة بقطع التيار الكهربائي عن الأحياء السكنيّة,
في العاصمة القوميّة,ثمّ تسيير المُظاهرات الطلابيّة,وكانت الهُتافات: مافيش نور
ومافيش مُوية , وعاش الصادق الكَكّوية . وكان الشيوعيّون يُصرّحون بأنّهم
إنقلابيّون , وأنّ أيّ عسكري يصنع إنقلاباً , على دكتاتوريّة الصادق المدنيّة ,
سيكونوا هم أوّل المُؤيّدين . فقلنا لهم إنّ الإنقلاب سيحدث , ولكنّه لن يكون
يساريّاً , وستدخلون السجون بالمِزّيقة. وقد كان الإنقلاب, وحدث ما حدث لهم.
على كُلّ حال مازلت أذكر أنّ الخيارات في أرنيك إسكان المُهندسين كانت كالآتي:
أ – أن يُمنح المُهندس قطعة سكنيّة درجة أولى , ثمّ يُمنح سلفيّة لبنائها ,
على أن يُخصم ذلك من راتبه الشهري , بأقساطٍ مُريحة .
ب- أن يُملّك المُهندس شِقة سكنيّة فاخرة , في منطقة سكنيّة درجة أولى,
على أن يُخصم ذلك من راتبه الشهري , وبأقساطٍ مُريحة .
ولكن تعوّد العساكر , ومُنذ عهد مايو , أن يمتازوا بهذه الإمتيازات , على حساب
غيرهم من الفئات , فكتبوا مُذكّرتهم الشهيرة , ثمّ انقلبوا على الحكومة المدنيّة ,
وتسلّقهم المُنتفعون . وبعد حين , وقبل التمكين , أفسدوا هذا البرنامج الإسكاني
بما أطلق عليه ( الإسكان الفئوي ) , وكان ذلك ببساطة شديدة جدّا , أن يُمنح
المُهندس قطعة أرض درجة أولى,أو درجة ثانيّة , ولكن لا يُمنح (غيرُ العساكر)
سلفيّة لبنائها . فيضطر المُوظّف إلى الإغتراب للحصول على ما يُمكن أن يبني
به أرض الإسكان الفئوي الإنقاذي . إذن تحوّل المشروع من مشروع للحدّ من
هجرة الكفاءات , إلى مشروع لتشجيع الكفاءات على الهجرة من السودان ,
وذلك بسبب السياسات المقلوبة , المبنيّة على أفكارٍ مولودة بطريقة قيصريّة؟؟؟
هذه الجريمة, ومثلها من الجرائم التي لاحصر لها, لم يرتكبها العساكر بسذاجة .
ولكنّها إستراتيجيّة ما يُسمّى بالجيش السوداني ,أو القوّات المُسلّحة السودانيّة,
تجاه الخدمة المدنيّة والحكومات المدنيّة . وقد كان جعفر نميري شفافاً في هذا
الموضوع . وقد أوضح بصورة جليّة , عبر برنامج إذاعي توثيقي , إسمه (لقاء
المُكاشفة الشهريّة بين الجماهير ورئيس الجمهوريّة ) عندما قال :-
المُوظّف بإمكانه أن يغترب ويشتري منّي قطعة الأرض ثمّ يبنيها , وكذلك
بإمكانه أن يشتري سيّارة آخر موديل , وأنا أفرض عليه جمارك ( 300 % )
لكي أصرف على التعليم والصحّة والجيش والأمن . أمّا الضّبّاط في القوّات
المُسلّحة وفي البوليس وفي الأمن , وكّلّ الذين يسهرون على حماية الثورة من
أعدائها , فلا بُدّ من منحهم قطع سكنيّة فاخرة , ومنحهم سلفيّة لبنائها , وبأقساطٍ
مُريحة. وكذلك لا بُدّ من منحهم سلفيّة لشراء سيّارة فاخرة ,وبإعفاءات جمركيّة,
وبأقساطٍ مُريحة . وكذلك لابُدّ من تسخير إمكانات الدولة , لإنشاء المُستشفيات
الفارهة التي تليق بمقام هؤلاء الأبطال , وبمقام أسرهم ومعارفهم . وكذلك لابُدّ
من إنشاء الأندية الليليّة , غير الثقافيّة , التي تليق بهؤلاء العُصْبَجيّة , رجال
المافيا المايويّة . ونحن لا نملك إلاّ أن نشكر ( زنديّة) , على هذه الشفافيّة ؟؟؟
وقد ذهب جعفر نميري إلى أبعد من ذلك , عندما أمر بعسكرة الخِدْمَة المدنيّة ,
وكان قد بدأ بالسكة الحديدية , وعسكرة كلّ الهيئات القوميّة , وعسكرة الإدارة
المركزيّة , للمياه والطاقة الكهربائيّة , مُكايدة ً للحركات النقابيّة , التي كانت
تحت الهيمنة الشيوعيّة . مثل هذه القضيّة , لا يمكن أن تتطرّق إليها مُؤامرات
السلام العسكريّة البتروليّة , بين المُشير عمر البشير زعيم المافيا العسكريّة
الإرهابيّة السودانيّة , وبين العقيد جون قرنق زعيم المافيا البتروليّة العسكريّة
السودانيّة , إلاّ بما يخدم نفس الإستراتيجيّة العسكريّة الإرهابيّة الغبيّة,حِربائيّة
الآيديولوجيّة,المبنيّة على عسكرة الخدمة المدنيّة,وجهجهة الأحزاب السياسيّة,
ومرمطة شركائهم من الجبهجيّة , وإستعباد المُغفلين من الشرذمة الإنتفاعيّة ,
التي لا يعنيها أمر الديمقراطيّة , كغاية إستراتيجيّة , ولا تعنيها الوحدة الوطنيّة.
إنّما هي طائفة من المجرمين والحراميّة , الذين يُحبّون الحُكومات العسكريّة ,
إرهابيّة ً كانت أو يساريّة , ويزعمون أنّها قويّة , وقراراتها حسميّة , حتّى لو
كانت تشويهيّة , أو كانت تجويعيّة , أو كانت تصفية ً للطائفة الدينيّة , التى تتميّز
بالصفاء الروحي المُؤكّد بالشفافيّة,والتي تميّز مشائخها عن أحزابهم السياسيّة,
وذهبوا إلى حيث لا وجود للمياه العكرة , والأماكن الضبابيّة.أمّا طائفة الحراميّة,
فهي دائماً تؤيّد الحكومات العسكريّة , حتّى لو كانت مشوّهة بالإزدواجيّة , أو
كانت مسخاً تشويهيّاً للأندية الوطنيّة , الثقافيّة الرياضيّة , بتقليصها إلى رياضة
جماهيريّة, ودوراتٍ مدرسيّة ,وتوتو كورة شبابية رياضيّة,هكذا كانت ذكريّات و
وإصلاحات الدكتاتويّةالمايويّة,الخالدة الظافرة المنصوريّة,الإشتراكيّة الإسلاميّة.
أمّا عن الدكتاتوريّة الإنقاذيّة , وجماعة التمكين الإخوانيّة , الذين مَكّنوا حركة
التمرّد البتروليّة , غير الشعبيّة , من بترول الشعوب السودانيّة , والذين قلّصوا
المُؤسّسة العسكريّة,كمرحلة أوّليّة,والتى كانوا قد احتكروها للطائفة التمكينيّة ,
فلن يهدأ لهم بالٌ إلاّ بعد حلّ مُؤسّسة الإنقاذ العسكريّة , بضربة قاضية نهائيّة
وتمكين الجيوش الأمريكيّة , في دولة اليورانيوم البتروليّة , والتي أصبح أهلها
طربنشيّة , غلبهم على أمرهم عساكر الإنقاذ ,ومافيا المنتحرين الإرهابيّة , ومن
عاونهم من المافيا الجنجويديّة , أكلوهم حنك وحكموهم زنديّة . أمّا المغلوبون
على أمرهم , والمحكومون زنديّة , فقد يستبشرون بنهاية حجّة الوداع الإنقاذيّة,
ثمّ حلق رؤوس الطغمة الإرهابيّة , بعد توقيعهم على تغيير لهجتهم الخطابيّة, من
جاهزين جاهزين لحماية الدين إلى جاهزين جاهزين للكشف الطبّي والتزيين؟؟؟
ج-قوانين السياحة في السودان تختلف عنها في الدول الأخرى . عندنا كلّ المحلاّت
التجاريّة الجميلة المنسّقة النظيفة , هي محلاّت سياحيّة , ينبغي أن تفرض عليها
رسومٌ خياليّة , وهذا يعني أنّ الشعوب السودانيّة , ينبغي ألاّ تحلم بالرّفاهيّة , أو
أن يصبح السودان دولة سياحيّة , ما لم تتغيّر هذه الإستراتيجيّة الغبيّة ........؟؟؟
الأماكن السياحيّة في السودان كثيرة كما درسنا عنها في مادّة الجغرافية , أو
رأيناها في شاشات التلفزيون . ولكن لا نستطيع الوصول إليها, ومشاهدتها على
الطبيعة . وذلك لصعوبة الوصول إليها . لكي تصل إليها تحتاج إلى سيّارة
لاندروفر أو لاندكروزر , لأنّ الطرق المؤدّية إليها وعِرة . والسيّارات مفروضٌ
عليها جمارك تجعلها صعبة المنال بالنسبة للمواطن العادي . ولذلك تجد أنّ
الذهاب إلى تلك الأماكن والإستمتاع بها يكاد يكون منحصراً على الجاليات
الأجنبيّة. في عهد الحكومة البرلمانيّة,التي أطاحت بها طغمة الإنقاذ الدكتاتوريّة,
كانت هنالك محاولات ذكيّة,لجعل العاصمة القوميّة,منطقة سياحيّة, وكان لابُدّ من
تحديث الحركة المروريّة , بإنشاء الكباري السياحيّة , ذات الطوابق الثلاثيّة ,
وقد تمّ تجهيز رسوماتها الهندسيّة , بخبرات يابانيّة , على أن تتولّى أمر تنفيذها
شركاتٍ يابانيّة , وكانت هديّة للحُكومة السودانيّة , تشجيعاً لها على مُمارسة
الأساليب البرلمانيّة , بطريقة تحترم الإنسانيّة , لولا أن أفسدت ذلك الجبهة
الإسلاميّة , بتحالفها مع الطغمة العسكريّة ,وتبنّيها للدولة الإرهابيّة,كما اعترفوا
بذلك في برامجهم التوثيقيّة ,عن الكباري الإنقاذيّة , عبر قنواتهم الفضائيّة...؟؟؟
أمّا سليل المهدية , ذا الجينات الأنصاريّة , فعندما قيل له ماذا قدّمت لتلك الأمّة
السودانيّة , التي حكمتها في الفترات البرلمانيّة , فقال لسائله : يا أخي, الشعب
السوداني شعب طيب يستحقّ كُلّ خير , ولم يُعدّد شيئاً من إنجازاته المعلومة .
وما يجعلني أحترم السيّد الصادق المهدي , هو تمسّكه بأنّ الأنصار لايمتنّون ؟؟؟
وما يجعلني أحترم السيّد الصادق المهدي,هو إجاباته المختصرة , بطريقة مُهذّبة
حتّى في الظروف التي يستحيل فيها التهذيب , ومنها قوله : الذين طالبوا بتلك
التعويضات , عبارة عن عناصر نسائيّة , من آل المهدي , ولكنّها في الوقت
الحالي,تنتمي إلى المُعارضة. ولم يذكر أسماء تلك العناصر النسائيّة المعلومة.
ومنها قوله : مثل تلك الإتّهامات , ينبغي ألاّ تصدر في حق رئيس مُنتخب ؟؟؟
وقوله : الإسلام طائرٌ كبير لاتستقيم حركته بجناح سليمة وأخرى مكسورة ؟؟؟
ومازال بعض الأغبياء يسألون , ماذا أنجز المُنتخبون , الصادق وآخرون؟؟؟
لأنّهم لا يَدّكرون , أنّ الإستقلال قد أنجزه المُنتخبون , وأنّ الحُريّة والديمقراطيّة
والعدالة الإجتماعيّة , والأمن والسلام والإستقرار , هي الغايات الأساسيّة , التي
يبتغيها السودانيّون . والتي ينبغي أن يُنجزها السياسيّون . أمّا البناء والإعمار
والتنمية وكُلّ المشاريع الإقتصاديّة , وكلّ ما يحقق الرفاهيّة , فهي الغايات التي
لا يمكن أن يقفز إليها المُخطّطون بالزانات , مالم تتزامن وثبتهم ويتناغم إيقاعهم
مع الإيقاعات والإنجازات التي يصنعها السياسيّون . ولكنّها بالتأكيد من واجبات
المُخطّطين والمُموّلين والمُنفّذين , والمُتابعين والمُطوّرين , وليس العسكريّين .
العسكريّون الأذكياء , إن وُجدُوا في السودان , واجبهم حماية البرلمان الحر
الذي ينتخبه السودانيّون . لأنّ البرلمان الوطني المُنتخب بحريّة , هو من الغايات
والثوابت الإستراتيجيّة , وهو القاطرة القويّة , التي تجرّ من خلفها بقيّة الثوابت
الوطنيّة . والثوابت الوطنية , ليست هي تطبيق الشريعة التمكينيّة , إنّما هي
البرامج الإستراتيجيّة , التي تحقق المقبوليّة السياسيّة , والوحدة الإستراتيجيّة,
والنهضة الإقتصاديّة,والنهضة العِلميّة,والنهضة الثقافيّة, والرفاهيّة الإجتماعيّة,
والوحدة الإقليميّة , والتحالفات الإستراتيجيّة , لمصلحة الأسرة الدوليّة . ما الذي
يمنع المُتفوّقين في المرحلة الثانويّة , من الدخول إلى كُليّة البوليس أو الكُليّة
الحربيّة , لصناعة قيادات أمنيّة وعسكريّة , ليست بالغبيّة , ولا حُتالة الشهادة
السودانيّة , إنّما قيادات عبقريّة وذكيّة , صنعت تميّزها بطريقة إيجابيّة , ولم
تصنعه بالمُغالطات والتهوّرات الصبيانيّة,والمُؤامرات الآيديولوجيّة, والمُغامرات
العشوائيّة,لإبادة الأحزاب الوطنيّة, وتمكين الآيديولوجيّات الغبيّة , غير الوطنيّة.
ح-سياسة التعليم في السودان تختلف عنها في الدول الأخرى . في دول الخليج مثلاً,
يسكن الطالب الجامعي في داخليّات الجامعة , ويُمنح مرتّباً شهريّاً لا يقل عن
500 دولار , لكي يتفرّغ للدراسة والتحصيل . يأخذون نصيبهم من البترول بهذه
الطريقة . ولا يطلب منهم أحد أن يُؤدّوا الخِدمة الوطنيّة الإلزاميّة , قبل المرحلة
الجامعيّة , ليدافعوا عن الحكومات الخليجيّة . لأنّ الحكومات الخليجيّة , عندما
تعرّضت للحملة البعثيّة التكريتيّة, استخدمت الإيرادات البتروليّة , لجلب الخبرات
الحربيّة , وحسمت تلك القضيّة , بطريقة عبقريّة . والعبقريّة في هذ الشأن هي
أنّ هذه الحكومات الخليجيّة , قد دافعت عن المُواطن الخليجي , الذي لا يعرف
شيئاً عن الحروب , بنصيبه من الموارد البتروليّة . وقد دافعت عن نفسها أيضاً
بعلاقاتها وتحالفاتها الإستراتيجيّة . التحالفات الإستراتيجيّة أمرٌ مُهم جدّاً , لأنّ
الصراعات الدوليّة , على الهيمنة العالميّة , صراعات عنيفة جدّاً . ولا يمكن أن
تُبنى على التخمينات . بمعنى أنّ الدول المُهيمنة على العالم,لن تستطيع أن تزعم
أنّ أنظمة الخليج تتعارض مع مصالحها في المنطقة,طالما أنّ هذا الأمر قد حُسم
بالشفافيّة المُتمثّلة في التحالفات الإستراتيجيّة . أمّا في سودان الإنقاذ فلا يسكن
الطالب الجامعي في داخليّات الجامعة , ولا يُمنح مُرتّباً شهريّاً , بل عليه أن يدفع
مبلغاً شهريّاً للجامعة . وعلى والده أيّاً كان عمله , أن يدفع ضرائب ورسوم
لا حصر لها ,وبدون مقابل. لا نجد مُبرّراً لهذا ,وإن كانت بعض الجامعات أهليّة.
لأنّ الطالب الذي يدرس في الجامعة الأهليّة سوداني , و له نصيب في البترول
والذهب السوداني والقطن السوداني , الذي تبيعه حكومة المُؤتمر , بقيادة
حاج إبراهيم أحمد عمر , وبرئاسة معكوس حسن عمر . أمّا في التعليم قبل
الجامعي , فلا مُبرّر على الإطلاق لأن يدفع طالب الإبتدائي , وطالب الثانوي أيّة
مبالغ ماليّة للحكومة الآيديولوجيّة , غير الوطنيّة , التي تبيع بتروله , وذهبه ,
وقطنه , وصمغه , وثروته الحيوانيّة والغابيّة , لمصلحة تلك الآيديلوجيّة....؟؟؟
لماذا لا تدفع كوادر النظام مبالغ للحكومة ؟؟؟ ولماذا لا تحارب أعداءها بأموالها
الخاصّة ؟؟؟. ولماذا لا تحارب أعداءها بكوادرها الخاصّة, وبأبناء كوادرها ؟؟؟ .
على هؤلاء الكُسالىَ , وعلى شركائهم الحيارىَ , أن ينزعوا الأراضي التي قد
منحوها لأهلهم , وأن يُسجّلوها بأسماء أحزابهم . ثمّ يفلحوا تلك الأرض التي
أصبحت خاصّة بأحزابهم لتمويل تلك الأحزاب,كمؤسّسات وطنيّة صغرى,وبعد أن
ينجحوا في ذلك , كما فعل الأنصار والختميّة , يمكن للشعب السوداني أن يثق
بهم في الدوائر الإنتخابيّة , كما يثق بالأنصار والختميّة . عليهم أن يفعلوا ذلك
أوّلاً , ثمّ يقولوا : اللّه أكبر, هي للّه , هي للّه لا للسلطة ولا للجاه . أمّا إذا لم
يفعلوا ذلك , فقد جعلوا رزقهم أنّهم يكذبون , هم والغاوون , والغوغائيّون....؟؟؟
خ-الأحزاب السياسيّة في السودان تختلف عنها في الدول الأخرى . هنالك أحزاب
تبني كوادرها , وتموّل نفسها بطريقة ذكيّة وفيها تعمير للأرض . فمثلاً الإمام
عبدالرحمن عندما أسّس حزب الأمّة ,في أيّام الإنجليز,وكثر أتباعه في أمدرمان,
خاصّة في أيّام الجُمُعَات والأعياد , أرهب ذلك الإنجليز , فطلبوا منه أن يخرجهم
بعيداً عن العاصمة لظروف أمنيّة . فاحترم قوانينهم وإجراءاتهم , ولكنّه طالبهم
بإعطائه قطعة أرض كبيرة في منطقة النيل الأبيض لكي يتم تعميرها بواسطة
الأنصار ولكي يعيشون عليها , فمنحوه منطقة الجزيرة أبا فأقام عليها الأنصار
مشروع الجزيرة أبا الزراعي . والجزيرة أبا وكذلك كُلّ جُزر النيل الأبيض كان
يزرعها ويسكنها مجموعة من الحجازيّة الأنصار منذ العهد التركي , مع وجود
مجموعات من الشلك كانت تعتمد في معيشتها على تجفيف الأسماك , وعلى
الصناعات الفخّاريّة , مثل صناعة الأزيار , والأواني وغيرها . وعندما ازداد
عدد الأنصار مرّة أخرى في منطقة أمدرمان , وطالبوه بإخراجهم منها لظروف
أمنيّة , طالبهم بقطعة أرض في منطقة النيل الأزرق , فمنحوه منطقة أقام عليها
الأنصار مشروع أم دوم الزراعي . وعندما ازداد عدد الأنصار مرّة ثالثة ,
وطالبوه بإخراجهم , طالبهم بقطعة أرض ثالثة في منطقة النيل , فمنحوه منطقة
أقام عليها الأنصار مشاريع السقّاي والفكي هاشم . فأصبح مشروع الجزيرة أبا
للأنصار , ومشروع أم دوم لورثة الإمام عبد الرحمن , ومشاريع الفكي هاشم
والسقّاي لتمويل حزب الأمّة , وهو حزب سياسي وطني , ورثته الأمّة السودانيّة
عن صاحبه الإمام عبد الرّحمن , رحمه الله رحمة واسعة , وأسكنه فيح جنّاته .
ولذلك لا تجد الأنصار يستولون على السلطة بالقوّة , ثمّ يستغلّون إمكانات الدولة
لصناعة كوادرهم , ولتمويل حزبهم . وهذا ما إبتكره الإمام عبدالرحمن , ولم
يسبقه إليه أحد . هذه ليست ظاهرة إقطاعيّة , كما زعم بعض التقليديّين . والإمام
عبدالرحمن ليس ربيباً للإنجليز كما زعم بعض المُتخلّفين . لكنّه عبقريّ صنع
حزباً وطنيّاً عقلانيّاً قويّاً , يرتكز على جذوره التاريخيّة , وقاعدته الصخريّة,
الإستقلاليّة مرحليّاً,الوحدويّة إستراتيجيّاً.ويطوّر نفسه لتحقيق تلك الإستراتيجيّة.
والدليل على ذلك هو المحك العملي والمُحصّلة النهائيّة , تحرير السودان بأقوى
الحجج المنطقيّة , وبأحدث المُمارسات البرلمانيّة . وكذلك كان يفعل السيّد علي
الميرغني . وكانت شراكتهما أعظم الشراكات . ولذلك أفلحت في تحقيق أنبل
الغايات , ولم تقتسم شيئاً من الثروات. ولم تقتسم شيئاً من السلطات , ولم تحرم
غيرها من الفعاليّات , ولم تصادر شيئاً من الحرّيّات , رحمهم الله أصحاب تلك
الشراكات, ورحمنا إذا لحقنا بهم رحماتٍ واسعات, وأسكننا وإيّاهم أعلى الجنّات.
أمّا الأحزاب المُستوردة الأخرى , غير الوطنيّة, والتي تفتخر بأبعادها الخارجيّة,
مثل الحزب الشيوعي السوداني الإبادي , وخلطة الإخوان المُسلمين الإرهابيّة ,
نجدها لا تملك أيّة مشاريع لصناعة كوادرها وتمويل أحزابها , ولن تفهم مثل
هذه الأمور . لأنّ نظريّاتهم التي يعتمدون عليها , بها خلل فكري يعتبر مثل هذا
النوع من إعمار الأرض تطوّراً رأسماليّا ,أو ممارساتٍ إقطاعيّة. فهم يرفضونها
جملة ً وتفصيلاً , دون أن يجدوا لها بديلاً . ولذلك غالباً ما تسعى هذه الأحزاب
للإستيلاء على السلطة بالقوّة , ويُسمّون ذلك (ثورة) , والصحيح أنّها نوع من
أنواع ( المافيا ) بمعنى الكلمة , ويستغلون ما يُسمّى بالشرعيّة الثوريّة ,
في تمكين كوادرهم الإنتفاعيّة , وتمويل طائفتهم الشيوعيّة , وتطبيق مناهجهم
الإلحاديّة , بطريقة فوقيّة بهلوانيّة , ويدّعون أنّ تلك ديمقراطيّة غير طائفيّة .
وقد انتهج نهجهم الجبهجيّة , لتمويل طائفتهم الإهداريّة . وتجدهم يستغلّون
شرعِيّتهم الثوريّة, أو شريعتهم التمكينيّة , في مشاريع التصفية الجسديّة,للقوى
الوطنيّة الأصليّة , بحجّة أنّها طائفيّة , وفي مُصادرة مشاريعها الزراعيّة , بحجّة
أنّها إقطاعيّة , ثمّ يفسدونها بدعوى الإصلاحات الزراعيّة , ثمّ يكتفون بها ولا
يُنشئون غيرها من المشاريع الزراعيّة , ولا يسمحون لكائن من كان أن يُقيم
مشاريعَ إستثماريّة , بحجّة أنّها تطوّراتٍ رأسماليّة , أو مُمَارساتٍ طُفيليّة ,
ولو تبقى الأرض الشاسعة صحراويّة , المُهم أن يتطفل هؤلاء على خيارات
الأمّة السودانيّة , ويدّعون أنّهم صوت من لا صوت له , ولو سقطوا في الدوائر
الجغرافيّة , أو مكثوا على ذيل القائمة الإنتخابيّة , أو حافظوا على الطيشيّة ,
طيلة حياتهم السياسيّة , وكون غيرهم يفوز في الدوائر الجغرافيّة , ويحافظ على
الأوّليّة , طيلة حياته السياسيّة , فهذا عندهم دكتاتوريّة مدنيّة , يا لها من أفكارٍ
تقدّميّة, وتطرّفات رجعيّة, مع أنّ التقدّميّة والرّجعيّة , كما أسلفنا نظائرٌ في اللّغة
العربيّة , ومثلها السلفيّة , جهاديّة ً كانت أم حضاريّة , ومثلها كذلك الأصوليّة ,
فكلّها تعني القديميّة , وأحدث منها أحزابنا الوطنيّة , ذات التزكية الإنتخابيّة ,
تلك حقيقة جليّة , عنقها ليست ملويّة , يدركها أصحاب العقليّة الفكريّة السويّة ,
ويراها أصحاب العقيدة الدينيّة الوسطيّة , هيهات هيهات للتكفيريّة الإرهابيّة
التمكينيّة الجبائيّة , وهيهات هيهات للإلحاديّة الإباديّة التسلّطيّة التجويعيّة...؟؟؟
إذن هنا تكمن القضيّة, أو المُشكلة الحقيقيّة, وهي إنتكاسة الأجيال السودانيّة ,
العسكريّة منها والمدنيّة, وتقويضها للديمقراطيّة الإستراتيجيّة, مهما كانت في
نظرهم بدائيّة , وعدم إحترامهم للأحزاب التاريخيّة , مهما كانت في نظرهم
وراثيّة وطائفيّة , ومهما كانت في رأيهم إقطاعيّة . والحقيقة التاريخيّة أننا ورثنا
كتلتين سياسيتين عظيمتين عظمة الإستقلال الذي تحقق عن طريقهما ومن داخل
البرلمان . من المُمكن مُعالجة هذه الإنتكاسة إذا فهمنا أن حزب الأمّة , والحزب
الإتحادي هما كتلتان سياسيّتان وطنيّتان وطنيّة الهلال والمريخ , قد ورثهما
الشعب السوداني عن الإمام عبدالرحمن , وعن السيّد علي الميرغني رحمهما
اللّه . وينبغي أن يكون لكلّ سوداني الحق في أن ينتمي إلى أيّ الحزبين , بروحه
ووجدانه فقط ليس بالضرورة أن يكون مسجّلاً في أوراق خبيثة ,يتميّز بها على
غيره في مُؤسّسات الدولة الحديثة , أو أن يدفع أشتراكاتٍ زهيدة , أو أن يحضر
إجتماعات عديدة.هذه الأمور يمكن أن تكون فرض كفاية , يقوم بها من استطاع.
لأنّه في الواقع لا يمكن إجتماع كلّ الجمعيّات العموميّة لمثل هذه الأحزاب الكبيرة.
وليس لكائنٍ من كان الحق في أن يطرد أيّ سوداني من هذه الأحزاب . وكذلك
لا يجوز لكائن من كان الحق في أن ينشق عن هذه الأحزاب ليكوّن أحزاباً ثانويّة
من شأنها إضعاف الأمّة السودانيّة , بتدمير برلمانها , وذلك بصعوبة أن يحصل
حزب واحد على الأغلبيّة التي تمكّنه من تكوين الحكومة ,وهذا منتهى الإنتكاسة.
كذلك ينبغي ألاّ نسمح لكائنٍ من كان أن يؤلّف حزباً جديداً على مِزاجه , محكوماً
عليه بالسقوط , ثمّ لا يتحمّل نتيجة السقوط , فيتآمر مع الأغبياء من العساكر ,
لتدمير أحزاب السودان الإستراتيجيّة , خلاصة الفلسفة الوطنيّة السودانيّة ؟؟؟
د- مهم جدّاً أن يكون للسودان حزبان فقط , وذلك لأسباب ٍ موضوعيّة وإستراتيجيّة,
أولها : أنّ الحزب الأوّل سيفوز بالحكومة المُنتخبة , والثاني سيفوز بالمُعارضة
المُنتخبة , وليس هنالك ساقط . وفي هذا تشريف لكلّ السودانيّن , وإستقرارٌ
لهذا البلد الأمين . السبب الثاني: أنّ السودان به نوع من الثروات يعتبرها الذين
يعرفونها مُلكاً لكلّ بني الإنسان في كوكب الأرض, مثل المياه والبترول والمعادن
وغيرها . ولهم جداول زمنيّة تحدّد مواعيد حوجتهم لهذه المواد (طبعاً بأموالهم
على أحسن الفروض ) , فلا يُعقل أن ينتظروا السودانيّين حتّى يهزمون بعضهم
البعض في آخر الزمان . ولابُدّ أن يتدخلوا بالطريقة التي تخدم مصالحهم , وفي
الزمان الذي يُناسبهم . هذه الصراعات لن تكون موجودة , إذا ركّزنا على حزبين
مُجرّبين , ومشهود لهما بالنجاح والوطنيّة . ولكن ينبغي علينا إعادة هندستهما
بحيث يتسعان لكلّ السودانيّين , ولا يتعارضان مع مصلحة أحدٍ من العالمين .
السبب الثالث : هو أنّ البرلمان الوطني السوداني , يجب أن يكون رمزاً لوحدة
السودان , ودليلاً على إستقرار السودان , ومظهراً من مظاهر الرفاهيّة للشعب
السوداني , تماماً مثل الرياضة . وقد أثبتت التجارب السودانيّة , في مُماسة
الديمقراطيّة البرلمانيّة , أنّ أفضل برلمان , تحققت فيه هذه المُواصفات , هو
ذلك البرلمان العريق الذي كان مبنيّاً على الولاء الفطري الطبيعي لأحد الحزبين
الوطنيّين ( الأمّة , الإتّحادي ) . ولكن ينبغي أن تكون هنالك مُؤسسات أخرى
غير الحُكومة والمُعارضة لكي تتولّى أموراً مثل البناء والإعمار , والتصرّف في
البترول والمياه وكلّ الثروات والضرائب والجمارك وغيرها , وأن يرتبط ذلك
بالتخطيط الإستراتيجي , وتنفيذ الخطط الإستراتيجيّة . وأن تكون هنالك جهات
أخرى مسؤولة عن سدّ الفراغ الدستوري بين حكومة وأخرى, وعن المراقبة
والمُحاسبة والمُحاكمة . وأهمّ المُحاكمات هي مثل مُحاكمة مُدبري إنقلاب عبّود
والذين شاركوا في حُكومة عبّود , خاصّة الأجهزة الأمنيّة القمعيّة , التابعة لتلك
المافيا , ينبغي أن يُساءل أعضاؤها فرداً فرداً , وأن ينال كُلّ منهم الجزاء الذي
يستحقّه . وينطبق ذلك على أعضاء المافيا المايويّة , وكذلك على أعضاء المافيا
الإنقاذيّة . على الأقل ينبغي أن يُعاقب كلّ الذين اعتقلوا السودانيين من بيوتهم ,
ومن مكان عملهم . وكذلك ينبغي أن يُعاقب كلّ الذين أبعدوا النّاس عن وظائفهم
ومَكّنوا فيها كوادرهم الشيوعيّة أوالجبهجيّة . كما ينبغي مُساءلة ومُحاكمة كُلّ
الذين تسبّبوا في حظر جوازات السودانيّين وتعطيل سفرهم والتسبب في فقدانهم
لوظائفهم خارج البلاد مهما كانت الذرائع والأسباب . كذلك ينبغي مُساءلة كُلّ
الذين تسبّبوا في إضعاف وتفتيت الأحزاب الوطنيّة التاريخيّة بالإنشقاقات. والذين
أبادوا قواعد هذه الأحزاب الوطنيّة, بحجّة أنّها وراثيّة و رجعيّة وطائفيّة. والذين
صادروا مشاريع الأحزاب الوطنيّة التي كانت تمتلكها منذ زمن الإستعمار , والتي
تحرّرت أرضها قبل أن يتحرّر السودان . ومُساءلة الذين لم ولن يحترموا الخيار
الديمقراطي للسودانيّين , والذين ورّطوا السودان في أمور الإرهابيّين . ولابُدّ من
وجود جهة لمُساءلة الذين يُؤلّفون الأحزاب الجديدة المَشبوهة , غير مضمونة
الوطنيّة , حتّى تتبيّن وطنيّتها وأهدافها . مثل أحزاب التوالي للمُؤتمر المثالي ,
وأحزاب التآمر على الأحزاب الإستراتيجيّة . ومُحاسبة المُعارضات التي استمرّت
مُسلّحة في الفترات الإنتقاليّة , وفي الفترات البرلمانيّة التي سبقت الإنقاذ . والتي
ضربت الطائرات المدنيّة , وزعمت أنّ ذلك هديّة , للشعب السوداني بمناسبة
المُؤتمر القومي الدستوري , واستمرّت عشرات السنين, تحصد أرواح المدنيّين ,
وتطلب من حُكومة المدنيّين , الذين هم على أمرهم مغلوبين , أن تحمي المدنيّين.
هذا جُرْمٌ عظيم, وتذوّقٌ بلسانٍ سقيم , و تفوّهٌ بمنطق عقيم , لا يقبله عقلٌ سليم .
هذا المُجتمع لا يمكن أن يتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام , ما لم يُسائل كُلّ هؤلاء
المُجرمين, والمُتآمرين والمُندَسّين , والخائنين , ويردعهم حتّى لا تصبح أفعالهم
الإجراميّة من السنن التقليديّة . وحتّى لا تتكرر الإساءة إلى المُواطن السوداني
الذي أصيب بالإحباط من شدّة القهر والقمع والظلم الواقع عليه. وحتّى لا تنتكس
قيم العدالة والحُريّة والديمقراطيّة في السودان , وحتّى لا تختلط هذه القيم بقيمٍ
أخرى مثل الصبر والحلم والتسامح والرحمة , والّلين عندما يتشدّد الآخرون ,
وكظم الغيظ والعفو عن النّاس عند المقدرة . وحتى لا يتدمّر ويتبعثر ويتبخّر
السودان.ولابُدّ أن توضع حدود دستوريّة صارمة, لمسألة التراشق على الإطاحة
بالحكومات البرلمانيّة,من قِبَل الأقلّيات الإلحادِيّة,المُتناطحة مع الأقليّات التكفيريّة.
وكلاهما لن يفهم أنّ الحكومة البرلمانيّة , هي في حدّ ذاتها غاية إستراتيجيّة ؟؟؟
السبب الرابع : هذان الحزبان لا علاقة لهما بالآيديلوجيّات المرفوضة عالميّاً .
والدليل على ذلك أنّ العالم قد إحترم البرلمان السوداني , عندما كان رجاله من
هذين الحزبين , ومنحهما الإستقلال التام , ولم يقل لهما إنّ إستقلالكم يتعارض
مع مصالحنا في المنطقة . ولا يستطيع كائنٌ من كان أن يزعم أنّ هذين الحزبين
يتعارضان مع مصلحته , أو يتعارضان مع آيديلوجيّته , أو أنّهما يتعارضان مع
ثقافته , أو دينه , أو مُعتقداته , أو فكره . وذلك لسبب واحد وبسيط جدّا , وهو
أنّ فلاسفة هذين الحزبين , قد ميّزوا , ولم يخلطوا , بين الطائفة الدينيّة , وبين
المُمارسة السياسيّة. وهذا هو سرّ نجاحهما في تأسيس البرلمان الوطني البحت,
وسرّ مقبوليّتهما لدى العالم , الذي كان قد أهدر زمناً طويلاً لكي يفصل بين
الدين والسياسة , أو بين الدين والدولة . ولا يمكن لمُتواضع لله أن يرى أنّ هذين
الحزبين ضيّقان جدّاً لدرجة أنّهما لا يتّسعان لإستيعاب جلالة قدره . ولكن يبدو
أنّ المُثقّف الشيوعي السوداني , مُتطرّفٌ إلحاديّاً لدرجة أنّه لا يستطيع أن يفصل
بين طائفته الإلحاديّة العالميّة , التي تكفر غير المُلحدين , وتحكم عليهم بالتصفية
الجسديّة , وبين ما يمكن أن يُسمّى الحزب الوطني الشيوعي السوداني , الذي
يُمكن أن ينافس منفرداً في الإنتخابات , ويتحمّل نتيجة السقوط , أو يتحالف مع
أيّ حزب وطني آخر , على حسب ما تقتضيه مصلحة الوطن , ولكن التحدّي هنا
أن يحترم المُتحالفون بعضهم البعض لمصلحة الوطن . وكذلك يبدو أنّ المُثقّف
الإسلامي السوداني , مُتطرّفٌ دينيّاً لدرجة أنّه لايستطيع أن يفصل بين طائفته
التكفيريّة الإرهابيّة العالميّة , التي تكفر وترهب الذين لاينتمون إليها , وتهدر
دماءهم , وتعتبرهم مُتساهلين في أمر الدين , وإنهزاميّين وإستسلاميّين لأعداء
الدين, وتتهمهم بأنّهم علمانيّين,وبين ما يُمكن أن يُسمّى الحزب الوطني الإسلامي
السوداني , الذى يمكن أن ينافس مُنفرداً في الإنتجابات , ويتحمّل نتيجة السقوط
بروح رياضيّة أو يتحالف مع أيّ حزب وطني آخر,على حسب ما تقتضيه مصلحة
الوطن , ولكن التحدّي الكبير هنا أن يحترم المُتحالفون بعضهم البعض لمصلحة
الوطن . وأن يبتعدوا عن خيانة الحليف بالتآمر عليه , وعن الحنث باليمين الذي
لا يليق بالمُسلمين . أحزاب الأشباح الذين لا يُؤمنون بالديمقراطيّة , ولا يعرفون
قيمة التبادل السلمي للسلطة , ينبغي أن تبتعد عن حياة السودانيّين , وأن تجد
لنفسها أماكن مُريحة , تنام فيها بجوار أولئك الأشباح , أو على الأصح بجوار
(البيان) الموجود لكُلّ من تلك الأشباح داخل السودان , لأنّهم مقبورون خارج
السودان . الفصل بين الطائفة الدينيّة , والمُمارسة السياسيّة في السودان , مُهم
جدّاً لكي تستقيم الحياة السياسيّة في السودان . لأنّ السياسة مرنة , أحياناً طيّبة
وأحياناً قذرة , وأحياناً تتصف بصفاتٍ لا يمكن أن تتّصف بها الطائفة الدينيّة .
والفصل بين الطائفة والحزب , لايعني بأيّة حال من الأحوال , عدم تطبيق شرع
الله في السودان . وكذلك لايعني بأيّة حال من الأحوال , فصل الدين عن الدولة .
هذه أمور مُختلفة عن بعضها البعض , ولكّنّها قد تشتبه أوتلتبس أو تختلط على
البعض . وقد يتعمّدون التلبيس , فيصنعون ما لا يستطيع أن يصنعه حتّى إبليس ,
وبالتأكيد سيكون ذلك خصماً على ما يستحق التقديس,ولا يجوز تعرّضه للتدليس.
أمّا قضيّة تحكيم شرع الله في الأرض , فيُمكن أن يتم حسمُها بالدستور المُتّفق
عليه بالإجماع الوطني , مثلها مثل القضايا والإستراتيجيّات الوطنيّة الأخرى ,
التي لا تصلح إذا ما تمّ حسمها بالمزاج الطائفي المُنفرد . الذي هو مثل العزف
المُنفرد , الذي لا يُطرب السودانيّين , كما تفعل ذلك الفرقة المُوسيقيّة المُتكاملة .
وهذه هي الحكمة والموعظة الحسنة , اللتان اتبعهما فلاسفة الحزبين الوطنيّين,
في تطبيق ما استطاعوا تطبيقه , من شرع الله , على خلق الله , في أرض الله ,
لوجه الله,بطريقة مقبولة لدى خلق الله . وقد أصلحوا في الأرض صلاحاً مشهوداً.
وقد جرّب غيرهم تطبيق ما إدّعى أنّه شرع الله , على نفس خلق الله , في نفس
أرض الله , لغير وجه الله , بطريقة غير مقبولة لدى خلق الله . وقد أفسدوا في
الأرض فساداً مشهوداً . هذه مُلاحظات , بديهيّة , وتحليلات منطقيّة , وتجارب
معمليّة , وحقليّة , ونتائج إحصائيّة , لا تحتمل المُغالطات , ولا يعتمد إثباتها على
الأفلاطونيّات , أو الماديّات,التي ينتهجها أصحاب الخلل الفكري , والشلل الذهني,
والجلطات الدماغيّة, والتجليطات التطبيقيّة, والشطحات الإلحاديّة. أو ما يناظرها
من الشطحات التكفيريّة , والنظريّات الإنتحاريّة , والإستراتيجيّات الإرهابيّة .
أمّا المنطق فهو ما قرأتم , وأمّا المعمل , وحقل التجارب فهُما المُجتمع السوداني
الذي نجحت فيه التجربة البرلمانيّة, التي لا علاقة لها بأيّة آيديلوجيّة , غير أنّها
وطنيّة , والتي حققت الإستقلال , وأبعدت الإستعمار . ونفس المعمل قد فشلت فيه
التجارب البرلمانيّة , التي لها علاقة بالآيديلوجيّات الغبيّة , والتي هي مُستوردة
ولا علاقة لها بالوطنيّة ,والتي حققت كُلّ الد مار , وأفسدت معنى الجوار وعكّرت
كُلّ البحار , وأحرقت كُلّ الديار , وأحكمت كُلّ الحصار , وكُلّ أصناف الودار .
السبب الخامس : أنّنا إذا أردنا أن نلغي هذين الحزبين , ثمّ ننشئ حزباً ثوريّاً
شموليّاً , يقوم بالهيمنة على السلطة في السودان , نكون قد أدخلنا السودان في
ورطة كبيرة جدّاً ,لأنّ الحزبان العريقان سيظلاّن موجودان , وسيعارضان الحزب
الجديد.وتصبح الجهة الحاكمة هي الأقليّة الساقطة,والجهة المُعارضةهي الأغلبيّة
الفائزة . وهذا وضع مقلوب رأساً على عقب كما ذكرنا . ولكن المُهم في هذه
النقطة , أنّنا فرّقنا الشمل , ولم نجمع الشمل , وقد أصبح لدينا ثلاثة أحزاب بدلاً
من حزبين . وبذلك نكون قد أفسدنا تجربة السودان البرلمانيّة , ولم نصلحها .
اللهمّ إلاّ إذا كان الهدف من الثورة , هو تدمير الحياة البرلمانيّة الإستراتيجيّة ؟؟؟
كما اتّضح ذلك في المُحصّلة النهائيّة,للتجارب البرلمانيّة,على الطريقة الشموليّة.
مثل هذه الأمور لابُدّ أن يتضمّنها الدستور . أقترح أن تعاد هندسة دستور الحكم
الوطني , المُؤقت , الذي وضع عام ( 1956 ) بحيث يتضمّن نقاط قانونيّة لها
صلة بمثل هذه الأمور التي ذكرناها لحماية الحزبين الوطنيّين . لأنّنا لا يُمكن أن
نعتمد على أشياء مثل ميثاق حماية الديمقراطيّة , الذي وضعة الذين لا يُؤمنون
بالديمقراطيّة , إلاّ إذا كانت من داخل أحزابهم . وكذلك لا يُمكننا أن نعتمد على
دستور مثل الذي تصوّره السياسيّان المُستجدّان , الدرديري وياسر العرمان ,
إعتماداً على إتّفاق سيّديهما جون قرنق وعلي عثمان , اللذان قد بصما عليه
وهما على بطنيهما مُنبطحان , بعد أن هدّدهما الأمريكان , بالمُساءلة الشخصيّة
والحرمان , من الدعم المالي لدكتور جان , ومصير طالبان لعلي عثمان , ذلك
الحانث الجبان , الذي أفسد برلمان السودان , عندما كان زعيم الكتلة الثالثة في
في ذلك البرلمان , فاستبدل خيار السودان , بمُؤتمرالجبهجيّة الطرشان , برئاسة
ذلك العسكري الغبيان , الذي طرد شيخه الثعبان , بذريعة التخلّص من الشيطان,
وإستئصال ذلك السرطان , و فصل زعامة الإخوان , عن زعامة مؤتمر العميان ,
حتّى لا يصبح لنظامهم رأسان , علي الرئاسة يتنازعان, وفي قرارهما يزدوجان.
ربّما كان ذلك لفّ ودوران , وتضليل لأعداء ذلك الشيطان , وتضحية من أجل
النظام , بذلك الشيطان , وتضحية ً من أجل برنامج الإخوان , بحريّة السودان ؟؟؟
ذ- لا يمكن أن يعتمد السودان على ما يُسمّى بالقيادة العامّة لقوّات الشعب المُسلّحة ,
أو الجيش في حماية الدستور والديمقراطيّة , لأسباب كثيرة أوّلها: أنّ القوانين
العسكريّة مُتناقضة حيال الإنقلابات العسكريّة , فهي حلال إذا نجح الإنقلاب ,
وحرام وعقوبتها الإعدام إذا فشل الإنقلاب . وثانيها: أنّ العساكر السودانيّين من
النوع الذي دخل الكلّيّة الحربيّة لصناعة الإنقلابات العسكريّة , وللإطاحة
بالحكومات المدنيّة , ولتعليق القوانين الوطنيّة الدستوريّة , وتطبيق قوانين
الطوارئ العسكريّة . وهي غالباً ما تكون قوانين مصنوعة لتمكين آيديولوجيّة
مُعيّنة , على حساب الأحزاب الآيديولوجيّة الأخرى , وكذلك على حساب الأحزاب
الوطنيّة,التي لا علاقة لها بالآيديولوجيّات الغبيّة. وثالثها : أن الجيش السوداني
قد أعاد هندسة الأحزاب السياسيّة لمصلحته, بحيث أصبح من الصعوبة بمكان ,
أنّ نعتمد على أحزاب مدنيّة كثيرة , ومُنشقة عن بعضها البعض , ومتآمرة على
بعضها البعض . ولديها إشكال حقيقي , فهي لاتتعاون مع بعضها لمصلحة البلد .
بل نجدها تفعل عكس ذلك تماماً. فهي أشبه ما تكون بالأجسام المُضادّة , التي قد
زرعت في جسم السودان , لكي يأكُل بعضه بعضاً , فيؤدّي ذلك حتماً لوفاته.
ورابعها:أنّ الأحزاب الوطنيّة , من واجباتها الوطنيّة, أن تناقش القضايا الوطنيّة,
بطريقة جماعيّة من داخل البرلمان . وسلاحها الوحيد لحلّ المشاكل هو المنطق.
فهي لا تستطيع أن تحمي نفسها ضد العساكر الحاقدين على الحكومات المدنيّة ,
وعلى البرلمانات المدنيّة , وعلىالدساتير المدنيّة , وعلى الخدمة المدنيّة , لأنّهم
حُثالة الشهادة السودانيّة , وهذه عُقدة نفسيّة , ينبغي معالجتها بطريقة منهجيّة.
أمّا الأحزاب فلا يمكنها أن تحمي نفسها بمليشيات خاصّة بها . لأنّ ذلك سيقود
البلد إلى فتنة,مثل فتنة الجعليّين والزرّاقة,التي بدأت بالمتمّة وانتهت بالجنجوبد.
لأنّ الجنجويد عبارة عن مليشيا صنعها حزب المُؤتمر الوطني لحماية حكومته .
وكُلهم رجالٌ يُجاهدون في سبيل المُؤتمر الوطني بالإنتفاع . ولكنّهم من أبناء
دارفور . والدليل على ذلك أنّنا لم نسمع بأنّ قرى قبائل الجنجويد قد تمّ حرقها ,
وأنّنا لم نسمع بأنّ نساء قبائل الجنجويد قد حدث لهنّ ما حدث لنساء دار فور .
وكذلك مثل فتنة الجعليّين والجنوبيّين , التي بدأت بعبّود وحسن بشير , وانتهت
بالدفاع الشعبي والبشير , نهاية الثور الذي أدخل رأسه في الزير , ونهاية الزير
الذي كان مصيره التكسير , ونهاية مجموعة الزبير, التي كان مصيرها الغرق
والتغريق في ذلك الخوير . لأنّ الدفاع الشعبي بقيادة ما يُسمّى بالمُجاهدين هو
عبارة عن مليشيا صنعها ما كان يسمّى حزب الجبهة الإسلاميّة القوميّة لتمكين
حكومته على حساب أعدائها,وأعداؤها هم الشعب السوداني الذي أسقط شيخها.
أمّا الدستور, فليس بالضرورة أنّ نقيّده بطبيعة الدولة. والدولة ليس بالضرورة
أن نحاصرها بقالب واحدٍ من النظائر والمُتواليات . كأن نقول : دستور علماني
لدولة علمانيّة , ديمقراطيّة , إشتراكيّة . أو أن نقول : دستور إسلامي , لدولة
الشريعة الإسلاميّة , والشورى الإسلاميّة . أو أن نقول : دستور مدني , لدولة
المُواطنة والمُؤسّسات المدنيّة . أو أن نقول : دستور عسكري , لدولة الطوارئ
الدكتاتوريّة , التي يحكمها حزب المنفعيّات الشموليّة , بحراسه أجهزة قمعيّة؟؟؟
هذه المُفردات ليست نظائراً في اللغة , ولكنّها قد تتناظر, بل تتكامل في المعنى
إذا ما أجمعت على ما ينفع الناس , وهذا هو المحك العملي والمقياس , والغاية
التي يبتغيها أولو العقل والإحساس , والتي يكمُن فيها الخلاص , لشعبنا في
ظرفه الحسّاس . وينبغي أن تتاح الفرصة للأجهزة التشريعيّة أن تعالج أمور
التشريع المُتباينة والمُتنوّعة بالخيارات والبدائل التي تناسب هذا التباين وهذا
التنوّع . وفي الإختلاف والتباين رحمة وثراء للأمّة , وإثراء للمُمارسة
التشريعيّة, والتنفيذيّة, والقضائيّة, وهو بين نِعمة تفاعليّة , أو نِغمة تصارعيّة .
اللّعب على الذقون لا حاجة للسودانيين به , لأنّ الجبهجيّة والإخوان المُسلمين
لا علاقة لهم بالدين , كما وصفهم تلاميذهم من السابقين , بعد أن أدركوا أنّهم
يتجسّسون على المُتديّنين,لصالح (خلفائهم ) وليس فقط (حلفائهم) الأمريكيّين.
أمّا عن الشيوعيّين السودانيّين , فلا يعرفون ما يُصلِحَهُم من أفكار المُفكّرين .
بل يقتيسون من تلك الأفكار,ما يُقنّن لهم إبادة الآخرين,ومُصادرة أملاك الآخرين.
أمّا المُتمرّدون الإنفصاليّون , فيعلمون أنّ هنالك أجيالاً جنوبيّة كثيرة , قد وُلِدَتْ
وتكاثرت وإمتزجت بالشمال من قبل العهد التركي . وإذا كانوا لا يعلمون ذلك
فهم لا علاقة لهم بالسودان , كَبَلدٍ يسكن علي جميع أرجائه جنوبيّون مُحترمون
أمثال : عبد الرازق , وعبدالرضي , وعبد البخيت , وعبد البيّن,وبخيت ,وسعيد,
ودرّاج , وعبد الفرّاج , وعبد الفتّاح , ورزق الله , ومرزوق,وعبدالرزّاق,وفضل
الله , وفضل المولى,وفضل الكريم,وعوض الكريم , ورمضان , وسبت,وجمعة ,
وعطا المنّان , وعبدالله , وعوض الله , وعبد الجوّاد , وجادين, ودوكة, ودرت,
وعبد الرسول,وعبدالنبي , وموسى,وعيسى , وجبارة الله , والسرّة , وبخيتة ,
وراجين الله , وعند الله , وراكز الله , وصافيات , وعطانة , وأمِينة , ونِعمة ,
ونصرة , والشول , وضو نفرو, وعطا مِنّو , وربّي جود , ودار السلام,والجنّة ,
ودار الخلود , ودار الجلال , ودارالمُقام , وميمونة , وليمونة , ونورة , وقمر ,
وفوق نِدّو , ومَدّة , والسّكات , ومِريسيلة , ومبروكة , ومقبولة .............. ؟؟؟
كُلّ الذي يصنعه الآيديولوجيّون,وهم بعباءات اليمين واليسار والتمرّد يتدثّرون,
هو نظائرٌ من المافيا السياسيّة والحماقات والجنون,وهو ( هِظارٌ) سخيفٌ مُكلّفٌ
وعِشقٌ للمَهَاجر والمَنافي والسّجُون , وإستهتارٌ وتهكّمٌ وضحِكٌ على الذقون ,
ومُمارساتٍ غيرُ مسؤولةٍ , وتراشقاتٍ قد مَلّها المُواطنون الصابرون ... ؟؟؟
ر-طرق المرور السريع في السودان تختلف عنها في الدول الأخرى . فهي ضيّقة
وكثيرة الحُفر , وحركتها في الإتّجاهين , ومساراتها غير مُحدّدة , وليست بها
إضاءة . لا تجد بها آثاراً لأعمال الصيانة . لا تجد بها شرطة المرور السريع أو
عربات الإسعاف . ولكن رُبّما تجد بها شرطة لحراسة الحكومة من المُواطن,لأنّ
الحُكومة هي اللّص الذي سطى على السلطة باللّيل عندما كان أهلها نياماً . أهلها
الذين رفضوا أن يحموا أنفسهم بمليشياتهم , وبغربلة الشرطة والجيش والحياة
المدنيّة لمصلحتهم , ولكنّهم فشلوا في إيجاد البديل المُناسب,الذي يضمن للشعب
عدم تكرار النهب المُسلّح للسلطة , أو قيام الأغبياء بهمبتة الثروة . والبديل كما
ذكرنا هو غربلة المناصب الإداريّة,في الأمن والشرطة والجيش والحياة المدنيّة,
لمصلحة المُتفوّقين من الأمّة السودانيّة , في المراحل الدراسيّة, وإعتبارهم ثروة
قوميّة للسودان , لا يجوز تنصيرها أو تهويدها أو جبهنتها أو شوعنتها سياسيّاً.
بينما تجد في دول أخرى , ضيّقة المساحة , أنّ طرق المرور السريع واسعة
( أربعة مسارات ذهاباً , وأربعة مسارات إيّاباً , ومنطقة مزروعة في الوسط لا
يقل عرضها عن خمسين متراً ) , مع الإضاء المُكثفة , والمخارج , والكباري ,
واللوحات الإرشاديّة , وتلفونات الطوارئ , وحواجز الرمال ,وحواجز الجمال ,
والصرف الصحّي , ومجاري الأمطار ,ومحطات الخدمة المُكتملة والمُريحة ..؟؟؟
ينبغي أن نسأل عن السبب إذا كُنّا من الشعوب التي تفهم أنّ الحركة الأفقيّة
السريعة الآمنة هي من أهمّ مُقوّمات الإنتاج والتسويق . ولكن عندما سألنا عن
السبب , وجدنا العجب , مُش العجب بتاع الفاضل سعيد , العجب بتاع المُتحدّي
العنيد , في العهد المجيد , قيل لنا إنّ شركة شل أويل عرضت على رجال مايو
الشيوعيّة أن تقوم بتشييد طريق الخرطوم- مدني- بورتسودان , على أن تقوم
الشركة بإنشاء محطات الخدمة على جانبي الطريق كمشاريع أستثماريّة سياحيّة.
فرفض رجال مايو الدكتاتوريّة , تلك الفرصة الذهبيّة , وردّوا على تلك الشركة
الإستثماريّة, بطريقة إستفزازيّة, مفادها أنّ هذا النوع من التطوّرات الرأسماليّة,
لا يمكن أن تسمح به دولتهم الإشتراكيّة,لأنّه يتعارض مع برامجها الإستراتيجيّة,
لصناعة الطبقة البروليتاريّة , كمرحلة مفصليّة , للتغييرات الإجتماعيّة ...... ؟؟؟
وقيل إنّهم كتبوا مثل هذا الخطاب في ردّهم على المُهندس طه الروبي عندما قدّم
لهم طلباً ليُصدّقوا له شركة لصناعة السيّارات , وكانت الدراسة أن تكلفة صناعة
السيّارة تقريباً (500 ) جنيه سوداني , شكلها مثل اللاندكروزر , وكان ذلك في
بدابة مايو (1969 ) . ولكنّ النميري إكتشف لا حقاً , أثناء تلمذته , على يد
المُهندس محمود محمّد طه , شيخ الطريقة الجمهوريّة ,أن الشيوعيّين لم يقدّموا
له البديل عن التطوّر الرأسمالي فيما ينفع النّاس , وهذا هو الخلل الفكري في
النظريّة الإشتراكيّة , الماركسيّة- اللينينيّة , فأنشأ النميري الطريق المذكور ,
بخبراتٍ سودانيّة , وبأيادٍ سودانيّة , و بالنوعيّة التي هو عليها . فأصبح هذا هو
الموديل لإنشاء الطرق في السودان . ولذلك كان الجمهوريّون يفتخرون بهذا
الطريق في أركان النقاش في الجامعات والمعاهد العليا,ويعتبرونه إنجازاً خارقاً.
وتغيّرت مايو,بعد أن أعدم النميري شيخه المُفكّر محمود وقال في بيان جمهوري
( لقد اكتشفت أنّ الجمهوريّين يعتبرون ثورة مايو خروفاً يُسمّنونه ليأكلونه في
الوقت المناسب, والأشرطة مُسجلّة وموجودة عند رجال الأمن , من أراد أن
يستمع إليها يُمكنه مُقابلتهم , ولذلك تغدّينا بهم قبل أن يتعشوا بنا , وجعلناهم
عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه المساس بثورة مايو الخالدة , الظافرة أبداً بإذن
الله , وحزبها الإتحاد الإشتراكي التنظيم الأوحد المُهيمن على السلطة في البلاد
أو كما قال ذلك الدجّال , ومن والاه من الأندال , ومن سدنة الرجال.......... ) .
ولكن سُنّة إنشاء الطرق وكُلّ مشاريع البُنى التحتيّة , على الطريقة المايويّة لم
تتغيّر . وكذلك قوانينهم التي أفسدت البُنى الروحيّة , والتي تنطبق فقط على
الرعيّة , لم تتغيّر , لأنّ دينهم مبنيّ على أنّ رئيس الجمهوريّة ونوّابه ووزراءه
فوق القضاء , وفوق القانون . ولذلك هم يجاهدون من أجل ذلك القانون , وعلى
جرائمهم يتستّرون , ومع شركائهم على الدستور يتآمرون , وله يُفسدون ؟؟؟
ز-أعمال النظافة الصحيّة , وخِدمة المنازل , وخِدمة الفنادق , وخِدمة المُؤسّسات
الحكوميّة , في منطقة الخليج مثلاً , يقوم بها الأجانب , بمُرتّباتٍ يرتضونها .
ولذلك لا توجد في الخليج مُشكلة مثل التي أثارها الأب فيليب عبّاس غبّوش في
الجمعيّة التأسيسيّة المُنتخبة , التي قوّضتها المافيا الإنقاذيّة . بينما في السودان
تقوم بها لونيّة مُعيّنة من السودانيّين . هذا الوضع غير مقبول , مهما كانت
الأسباب والذرائع . لأنّ هذا المُواطن له بترول , وغاز طبيعي , ويورانيوم , و
ذهب , وثروات أخرى , يبيعها الذين يبيعونها , وفي بناء كوادرهم يستثمرونها,
ولأبنائهم وعشيرتهم يدّخرونها . ولكن على هذه اللونيّة من الشعب السوداني ,
وعلى الذين يحكمُونها بغير علم , وبغير إحترام للعلم , وبغير إحترام لأهل العلم,
وبغير إستشارة للمُتفوّقين من أهل العلم, أن يفهموا جيّداً ,أنّ التلميذ الذي يذاكر
دروسه في الكشّاشة , والرّاكوبة , والقطيّة , والأنداية , والكرنك , لن يكون مثل
ذلك الفارس المُحنّك , الذي يذاكر دروسه في غرفته المُكيّفة مركزيّاً , والمعزولة
حراريّاً ومائيّاً . التي لا يمكن أن يخترقها الغبار , ولايمكن أن تخترقها الأمطار ,
ولا يُمكن أن يقتلعها الإعصار , ولا يُمكن أن يتمرمغ بداخلها الحمار , والتي لا
يشرب صاحبها من الأزيار , والتي لا يوجد بداخلها كانون ولا مرحاكة ولا دوكة
ولا فانوس ولا مسرجة من نار . المطلوب هو تجنّب الحصار, وإصلاح هذا الخلل
الإجتماعي بالإعمار . والإصلاح الذي أعنيه , ليس بمُضايقة طبقة الأغنياء من
المُجتمع السوداني كما يفعل ذلك الأغبياء , حتّى تنتكس ماليّاً إلى طبقة الفقراء,
ثمّ يُعلنوا بقوّة واعتزازٍ عن دولة الفقراء . هذه إنتكاسة من سيئ إلى أسوأ ؟؟؟
إنّما الإصلاح الذي أعنيه هو إعادة هندسة وترتيب المُجتمع السوداني , الغني
جدّاً بثرواته الكثيرة . وذلك بإنشاء شركات مثل التي إقترحناها , وبالشروط
التي إقترحناها. وذلك لأنّ الحصول على الوظائف المُحترمة , في الخدمة المدنيّة
والخدمة العسكريّة , بظروفها الحاليّة , يحتاج إلى تزكية من الجبهجيّة , ومع
ذلك لن تجدي الماهيّة . أمّا بظروفها المُستقبليّة , يحتاج إلى تعليم وتأهيل
وسيرة ذاتيّة , وسيحصل على نصيبه من المعادن والثروات البتروليّة , بعدالةٍ
مُمْكِنةٍ وليست تمكينيّة,وفي مناخٍ تسوده العدالة والحريّة,لا العمالةالإستخباراتيّة
وتحكمه الديمقراطيّة الوطنيّة التفوّقيّة, وليست الإنقلابيّة الآيديولوجيّة الفوقيّة؟؟؟
جاءني بعض هؤلاء , عندما كنت أعمل بالهيئة القوميّة للكهرباء , وقالوا لي
ياباشمهندس نحن أبناء المضطهدين الغرباء , تمّ تعييننا من قِبَلِ أبناء الشرفاء,
للقيام بأعمال النظافة الصِحيّة , وترتيب الدورات المائيّه . بينما تمّ تعيين غيرنا
للقيام بأعمال النظافة الميكانيكيّة , ثمّ رقوهم فأصبحوا مساعدين للميكانيكيّة ,
ورقوهم ثانية ً فأصبحوا ميكانيكيّة . أمّا نحن فما زلنا نمارس مِهنة الألتجيّة؟؟؟
فقالوا لي جئناك يا أخا الإنسانيّة, لكي تحوّلنا من عُمّال نظافة صِحيّة , إلى عُمّال
نظافة ميكانيكيّة , وكانوا يُجيدون الإنجليزيّة , وكانت أجسامهم قويّة . فأخبرت
المُدير وحسمنا القضيّة , وأصبحوا نِعْمَ الميكانيكيّة , بعد التدريبات العمليّة ؟؟؟
الإقدام والجُرْأة والوضوح والشفافيّة , هي وسائلٌ ديناميكيّة وإجابيّة ومنطقيّة,
للإعراب عن الغبائن والمظالم الإجتماعيّة . أمّا الإستماع بآذانٍ صاغيةٍ وعقول
حاضرة ذكيّة , والإحترام والتقدير والإستجابة الفوريّة , فهي مضابطٌ عبقريّة ,
تفعل ما تفعله الآليّات الأتوماتيكيّة , لإعادة الأمور إلى أوضاعها الطبيعيّة , حتّى
تستمر العمليّة , أيّاً كانت تلك العمليّة. وفي الشفافيّة والإستجابة الفوريّة , بدائلٌ
منطقيّة وموضوعيّة , ينبغي أن تغنينا عن البندقيّة , إذا ما انتمينا للإنسانيّة ؟؟؟
س-ساعات الدوام الحاليّة في السودان , وعدد أيّام العمل الحاليّة في السودان , لا
تتناسب مع بلد زراعي مثل السودان . وكذلك الطريقة التي يسكن بها الناس
ويعيشون في أحياء العاصمة الحاليّة , وفي مُدُن السودان الأخرى الحاليّة , لا
تتناسب مع السودان كبلد زراعي . لأنّ حياة المُوظفين الروتينيّة اليوميّة الآن
هي: (العمل , الراحة , العطالة , النوم ) وهكذا . أمّا حياتهم الأسبوعيّة فهي :
( ستّة أيّام شغل وعطالة , يوم واحد إجازة وعطالة ) . وهذا يؤثر على الدخل
القومي للبلاد , ويصبغ السودانيّين بصبغة الكسل , وينعتهم بصفة الخمول .
إذا أردنا أن نكسب الزمن , وأن نتحدّى المِحن , وأن نكون عند حسن الظن ,
ينبغي أن تكون حياة المُوظف اليوميّة : ( عمل , راحة, فِلاحة, ثقافة ) وهكذا ,
وينبغي أن تكون حياة المُوظف الأسبوعيّة : ( خمسة أيّام شغل , يومان عطلة ).
بمعنى أن يكون العمل مُستمرّاً طوال اليوم ( يعني أربع ورديّات , كُلّ ورديّة
ستّة ساعات فقط ) على النحو التالي : الورديّة الأولى (00:00 إلى 06:00) ,
الورديّة الثانية ( 06:00 إلى 12:00 ) ,الورديّة الثالثة (12:00 إلى 18:00) ,
الورديّة الرابعة ( 18:00 إلى 24:00 ) . وهذا يعني أنّ كلّ وظيفة يمكن أن
تستوعب خمسة أشخاص ( 4) أشخاص دوام طبيعي + شخص واحد إحتياطي .
علي المُوظّف أن يختار الدوام الذي يناسبه , بناءً على إلتزاماته الخاصة به .
كذلك ينبغي أن تتاح للموظف إمكانيّة المعاش الإختياري عندما يبلغ عمره (50)
سنة , حتّى يتفرّغ لأعمال الزراعة الخاصّة بأسرته , وهو قويّ وناضج ونشيط .
وبذلك يكون الإنتاج قد أصبح ثلاثة أضعاف الإنتاج الحالي , زائداً الإنتاج الذي
يحدث عندما يفلح المُواطن الأرض, في أثناء الأسبوع , وفي العُطلة الأسبوعيّة,
وعندما يتفرّغ للفلاحة بعد الفترة المعاشيّة , تاركاً لغيره الفرصة الوظيفيّة .
إقترحت أن تكون مُدّة الدوام ستّة ساعات , لإقتسام الليل بطريقة عمليّة ومُريحة,
وكذلك ليحتفظ المُوظف ببعض الوقت للعبادة , والنشاطات الرياضة , والأمور
الثقافيّة والنشاطات الترفيهيّة , والأمور الإجتماعيّة , والعمل العام , وغير ذلك.
وكذلك لكي يحتفظ المُوظّف ببعض طاقته للفلاحة في مزرعته , الكائنة في منزله,
أو الكائن منزله بداخلها . وذلك يقتضي تغيير قوانين الإسكان الحاليّة المقلوبة؟؟؟
سألني أحد زملائي , من الأمريكان , عن أحوال والدي وماذا يعمل ؟؟؟ فقلت له
كان يعمل مُزارعاً , ولكنّه الآن يعمل بالتجارة . فتأثّر جدّاً , وقال لي ماذا حدث له
حتّى ينتكس مثل هذه الإنتكاسة ؟؟؟ وبعد إستفساراتٍ كثيرة علمت أنّ الأثرياء في
بلادهم هم الذين يعملون في الزراعة , وأنّ قوانين الإسكان عندهم , تسمح لهم
بأن يسكنوا داخل مزارعهم . وعجبت لماذا يحاكم النّاس في بلادنا , بجريمة
أنّهم قد شيّدوا عِماراتٍ سكنيّة , داخل أرضهم الزراعيّة . ما الذي يمنع أن تكون
الأرض مُتعدّدة الأغراض ؟؟؟ ولماذا يحتاج المُواطن إلى تصديق من الحكومة
لتعمير الأرض التابعة له ؟؟؟ أعني لماذا تعرقل الحكومة تعمير الأرض , لمُجرّد
أنّها تريد أن تتحصّل على رسوم التصديق بالإعمار ؟؟؟ وهل يحتاج إعمار الأرض
إلى أكثر من الأمور الهندسيّة, وتوصيل الطاقة الكهربائيّة , وتوصيل مياه الشرب
والزراعة, المُعالجة كيميائيّاً ؟؟؟ . إذا فعلنا هذه الإصلاحات , نكون قد صنعنا
سوداناً جديداً , فريداً في إستثماره لكُلّ الطاقة البشريّة المُتاحة, دقيقاً في توظيفه
لكلّ الزمن المتاح , عادلاً في أتاحة الفرص المتكافئة لأبنائه , في العيش الكريم,
حريفاً في إستغلال ثرواته , بطريقة تمكّن أبنائه , من الحصول على نصيبهم
من عائدات البترول والثروات الأخرى , بطريقة غير مباشرة , لكنّها عادلة ,
بطريقة تحفظ لهم كرامتهم وتعينهم على كرمهم , ومروءتهم , وشهامتهم ,
وتكافلهم , وكُلّ قيمهم , التي كاد أن يقضي عليها الفقر والعََوَذ والمرضُ ,
والإزاحة والتشريدُ والتمكين والطردُ , وكُلّ ما يقتضي أن يُبَالَ على النّار أو
تُقبضُ اليدُ , أو كُلّ ما يقتضي أنّ الجَيْبَ ينقلب وينقدّ , والباب الذي يأتي بريح
الضيف ينسدّ , والديوان الذي ينزل به الضيف ينهدّ . ونكون كذلك قد حفظنا
أجيالنا من أمور ومشاكل ومزالق خطيرة , مثل التورّط في أمور الإرهاب لظروف
ماديّة,والتورّط في تجارة المُخدّرات , والإسترزاق غير المشروع لأسبابٍ ماديّة,
وإمتهان المِهَن التي لا تليق بأخلاق السودانيّين , وأخلاق السودانيّات , سواءً
العاصميّات والإقليميّات , الجاهلات والمُتعلّمات. ولكن هذه الإصلاحات لا يمكن أن
تحدث في المُدن الموجودة حاليّاً . ولذلك إقترحنا ما إقترحناه من مُدُن مُحدّدة
الأهداف الرئسيّة , ومُتعدّدة الأغراض والمنافع الإضافيّة . ولا نرجو من ذلك
إلاّ إدخال السرور على العباد , في هذه البلاد , ومُواصلة مُشوار الأجداد , في
البناء والإعمار باجتهاد , وفي إزالة الفساد , وفي تجنّب الإفساد , وفي ما
يُرضي ربّ العباد , ونسأله العون والتوفيق والقبول والسداد , ونتوب إليه توبة
نصوحاً من أعماق الفؤاد , ونستغفره ونحمده ونشكره , عدد خلقه وزنة عرشه
ورضى نفسه وحجم المِدَاد , إنّه سميعٌ مُجيبٌ , غفورٌ رحيمٌ رؤوفٌ بالعباد .
ش-عدد الأحزاب السياسيّة فى مُعظم الدول المُستقرّة سياسيّاً, والمُتطوّرة إقتصاديّاً,
يختلف عن عدد الأحزاب السياسيّة في السودان . والغرض من صناعة الأحزاب
في تلك الدول , يختلف عن الغرض من صناعة الأحزاب السياسيّة في السودان .
في السودان هنالك أحزاب وطنيّة , معلومة الأهداف التاريخيّة , وكذلك معلومة
الإستراتيجيّات المُستقبليّة . وهي قويّة ومقبولة خاريّاً , وقويّة ومقبولة داخليّاً .
ولكنّها لم تكشّر عن أنيابها بعد . ومعلوم كذلك أنّ أتباعها , غير مُقتنعين بأنّها
في حاجة إلى أن تفعل ذلك الآن . بالرغم من أنّهم قد تملطشوا كثيراً . وقد تمّت
مُحاولة إبادتهم في بعض العُهود المعروفة . زعماء هذه الأحزاب وأتباعهم ,
لم يُكشّروا عن أنيابهم , درءاً للفتنة , وحقناً للدماء . ولكنّ هذا الطريق بالتأكيد
له نهاية , ومقدرة تحمّل الأذى عند هؤلاء البشر, بالضرورة أن تكون محدودة.
ولقد أخطأ التقدير من ظنّ أنّ هؤلاء قد انقرضوا,أو تمّ تضليلهم وتغيّر ولاؤهم.
وفوز الصادق المهدى , في الإنتخابات الحرّة التي أعقبت حكومة سوار الذهب
الإنتقاليّة , في دائرة الجزيرة أبا , التي يزعم الشيعيّون أنّهم قد أبادوا الطائفيّة
من على ظهرها,عندما كانوا يهتفون على ظهورالدبابات (يا عقيد إضرب العبيد)
وعندما كان سلاح الطيران المصري بقيادة حسني مبارك , وبأمر من السادات ,
يوفر لهم الغطاء الجوي , في تلك المعركة , التي كان الهدف منها , إبادة
الطائفيّة في الجزيرة أبا , كما أوضح ذلك حسني مبارك , في ندواته التثقيفيّة
التي أقامها في الجامعات المصريّة , لتثقيف الطلاب السودانيّين بتلك الجامعات ,
وتنويرهم عن أحداث الجزيرة أبا , وعن إتفاقيّة الدفاع المشترك بين البلدين
الشقيقين ,حتّى لا يحدث سوء تفاهم بين الحكومة المصريّة, وبين أولئك الطلاب.
والمعلوم أنّ الإمام الهادي قد كتب منشورات ووزعها على جميع مساجد الأنصار
بالسودان , وطلب منهم عدم الحضور إلى الجزيرة أبا وعدم الإشتباك مع القوات
الحكوميّة , وعدم القيام بأيّ نوع من الإغتيالات , وذلك درءاً للفتنة في هذا
البلد الطيب , وقد قرأت تلك المنشورات . وهاجر ذلك الرجل كشخصيّة دينيّة ,
ليست سياسيّة , إلى إثيوبيا , ولكن الله قد أحكم أمراً كان مفعولاً , فمرّت سيّارة
الرجل على نقطة من نقاط التفتيش , على الحدود بين السودان وإثيوبيا , ولم
يكن يعلم بأنّها نقطة تفتيش , وكان عساكر التفتيش نائمون , إلاّ واحداً إسمه
سعدان,قام بإطلاق الرصاص على كفرات السيّارة بقصد تعطيلها تأدية للواجب.
ولكن قدّر الله , وما شاء الله فعل , والحمد لله , إنّا لله وإنّا إليه راجعون , فقد
أصاب الرصّاص ذلك الرجل المُهاجر درءاً للفتنة,رحمه الله رحمة واسعة وتقبله
شهيداً . ولكن أرجو أن أشير هنا إلى أنّ سعدان هذا , كان أنصاريّاً , وزوجته
الأولى حجازيّة أنصاريّة , وعندما إكتشف أنّه قد ضرب شيخه بالرصاص ,
صار يقبّل وجهه ويبكي بكاءً شديداً , وحاول إسعافه , ولكنّ الجراح كانت
غائرة والنزيف كان حادّاً , ممّا أدّى إلى الوفاة . وتلك الصدمة كانت سبباً في
وفاة سعدان لاحقاً , رحمه الله . أمّا أطفال الجزيرة أبا فقد تمّ إخفاؤهم بواسطة
آبائهم في خنادق حفروها لهم قبل بداية الإبادة . ولكن عندما انتهت معركة
الإبادة , خرج الأطفال من تلك الخنادق , فوجدوا أنّ آباءهم قد قتِلوا ثمّ
وُضِعُوا في حُفرةٍ كبيرة , ليتمّ دفنهم فيها , ومن أوليك الرجال من أفاق من
غيبوبته ورفع يديه صائحاً بأعلى صوته : يا جماعة أنا حي , ولكنّ القساة
كانوا يضربون كُلّ من صاح ورفع يديه للنجدة , بأسنان جردل البلدوزر أو
اللّودر على رأسه , وعلى مرأى من أطفاله , حتّى ينشطر رأسه إلى نصفين ,
ثمّ يكيلون التراب عليهم . ومن أولئك الأطفال من أصيب بالذهول والصمم والبكم
بعد تلك الحادثة . أمّا الشيعيّون فقد أمّموا مشاريع الطائفيّة في تلك الجزيرة التي
حرّرها الإمام عبدالرحمن من الإنجليز , قبل أن يتحرّر السودان . بعد كُلّ هذه
الإبادة القاسية , فاز الصادق المهدي بدائرة الجزيرة أبا . وهذا أكبر دليلٍ على ما
ذهبنا إليه , وهو أنّ هذه الأحزاب الوطنيّة لا يمكن إبادتها, ولم تكشّر عن أنيابها.
وأنّ زعماءها السياسيّون المُحترفون الحاليّون , لن يلجأوا إلى ذلك إلاّ إذا عجز
القانون الدولي , عن حِماية الإنسان السوداني من بأس الشيوعيّين والإرهابيّن .
وبما أنّ هذه الأحزاب الوطنيّة , لايُمكن أن تتلاعب بوطنيّة الوطن , فعلى الذين
لا يحترمون القانون الدولي , ولا يعترفون بالعدالة الدوليّة , ويعبثون بالقانون
السوداني , وبالدستور السوداني , وبالجيش السوداني , وبالمُواطن السوداني ,
ولا يعبأون بحريّة الوطن, وديمقراطيّة الوطن , وإستقرار الوطن,ووحدة الوطن,
ويريدون أن يقتسموا ثروات الوطن , وأن يدمّروا برلمان الوطن الديمقراطي ,
أن يبحثوا لهم عن وطن , قبل أن يُكشّر هؤلاء , عن أنيابهم بطريقة مسؤولة .
ومعهم بالتأكيد , كُلّ المُتفوّقين , كقياديّين , وكُلّ الخرّيجين , كجنود للمُتفوّقين .
عندما أقول المُتفوّقين أعني المُتفوّقين , ولا أعني المُتميّزين . لأنّ المُتفوّقين
يمكن تحديدهم بطريقة لا تحتمل المُغالطات . وهم المُتميّزون تميّزاً إيجابيّاً , كما
ذكرنا , منذ الإستقلال وحتّى الآن . وهم كما أثبتت التجارب التي قام بها الإمام
عبد الرحمن , والسيد علي الميرغني , المُتواضعان المُحترمان , على مُستوى
التحدّي . ولكنّهم لا يتطفلون , كما يعلم الذين يفطنون , وكما يعقل الذين يعقلون.
ولكنّهم على أهبة الإستعداد جاهزون , وعلى صناعة البديل قادرون , وعلى
إزالة الطغاة بالتأكيد حادبُون , وللبناء والتعمير جاهزون , فمنهم المُخططون,
ومنهم المُنفذون , وعلى إيجاد التمويل قادرون, وعلى إصلاح الخِطاب قادرون ,
بعد أن أفسده المُتهوّرون , وتلاميذهم الإرهابيّون , وتلاميذ تلاميذهم الساذجون,
وشركاؤهم البتروليّون , وحلفاء شركائهم الإلحاديّون , أعداؤهم الأصليّون ,هل
يعقِل ذلك العاقلون, وهل يُمكن أن يَبني مثل هذا البناء المُهندسون , أم أنّ هؤلاء
رومانسيّون , في الأحلام والخيال يشطحون , وبغنم إبليس يسرحون , أولئك هم
التمكينيّون , الذين يتمكّنون إلى حينٍ ثمّ يذهبون , فهم لوجه الله لا يقيمون صلاةً
أو يؤتون زكاةً أو يُصلحون , بل هم لكُلّ شئ يُفسدون , وعلى شعبهم لصالح
الغزاةِ يتجسسون , وله يُبيدون , ولكنّ الغزاة بمثل هؤلاء لا يثقون , حتّى لو
كانوا للعسل يُنقطون , على أفواه الغزاةِ وهم صاغرون , لأنّ الغزاة يعلمُون , أنّ
هؤلاء على شيخهم يتمرّدون , وبه يُضحّون , وله يسجنون , ولدماء المُفكّرين
يهدرون , وللأطبّاء والمُهندسين يطردون, لأنّهم لا ينتمون , إلى طائفة الفساد
والإفساد والمُجون , والهوس الديني الإرهابي التكفيري الإهدارري , والجنون .
لذلك لن تبكي عليهم السماء ولا النّاس يأسفون,إذا ما ثبت أنّهم مُجرمون, وعلى
شعبهم يتآمرون. بل يهلّل النّاس ولله يُكبّرون, وله يشكرون , وبحمده يُسبّحون.
ص-الغرض من الجامعات والمعاهد العُليا , في السودان , يختلف عن الغرض من
الجامعات والمعاهد العُليا , في كثير من البُلدان التي تطوّرت إقتصاديّاً وبسرعة.
وكذلك النشاط الرياضي الثقافي السياسي , لطلاب الجامعات والمعاهد العليا ,
السودانيّة , يختلف عن النشاط الرياضي الثقافي السياسي , لطلاب الجامعات ,
في البلدان المُستقرّة المُنتظمة أكاديميّاً.الجامعات والمعاهد في تلك الدول المعلومة
تابعة لشركات تعمل في مجالات مُعيّنة , والدراسة فيها عامّة ولكنّها تركّز على
الإختصاصات التي تحتاج إليها تلك الشركات . والطالب يُعامل كمُوظف , يتعاطى
مُرتباً شهريّاً لا يقل عن (500) دولار , وتقوم الجامعة بتقديم السكن المُنفرد
المُناسب لكُلّ طالب . وتقدّم الجامعة للطالب الوجبات والخدمات التي تليق بمقامه
السامي . سألت عدداً كبيراً من السودانيّين الذين يعملون فى تلك الدول , في
مجال التدريس الجامعي : لماذا تسمح تلك الدول لأبنائنا المُقيمين فيها مع
أولياء أمورهم , بالدراسة من المرحلة الإبتدائيّة , إلى المرحلة المتوسطة , ثمّ
المرحلة الثانويّة , جزاهم الله عنّا خيراً , ولكنّهم لا يسمحون لهم بالدراسة
الجامعيّة ؟؟؟ فقيل لي : هذه الدول كريمة جدّاً , خاصّة مع السودانيّين وأبنائهم.
وكانوا يسمحون لأبناء السودانيّين بالدراسة الجامعيّة في هذه البُلدان , ولكنّهم
في مرّاتٍ عديدة,وجدوا أنّ الطلاب الجامعيّين يطالبون بإقامة إتّحادات للطلاب,
أسوة بالجامعات التي بها إتحادات طلابيّة . وقد تسبب ذلك في سوء تفاهم بين
الطلاب وإدارة الجامعة, كاد أن يُعطّل الدراسة بالجامعة. وعندما تدخلّت الجهات
المسؤولة في التحقيق عن أسباب المُشكلة , وُجدَ أنّ الذين من وراء هذه المطالب
هم أبناء السودانيّين . فقيل لهم لماذا تطالبون بتلك الإتحادات ؟؟؟ فأجابوا بصدق
السودانيّين , أيّاً كانت النتيجة : لكي يُطالب الإتحاد للطلاب بحقوقهم إذا تمّ
هضم تلك الحقوق لأيّ سببٍ من الأسباب . فقيل لهم : هنا لا تُهضم الحقوق ,
وهنا لكُلّ شئ حُدُود , ومثل هذه الأفكار لا تسُود . إذهبوا , جزاكم الله خيراً
ووفقكم , إلى حيث مثل هذه الأفكار تسود , تأهّلوا وتخرّجوا ثمّ عودوا إلينا
إن شئتم, لكي تعملوا , بنفس المُرتبات التي تمنحكم إياها الجامعة الآن كطلاب؟؟؟
هذه الدول لا تعرف الهذار , ولا تسمِحُ للمُتلاعبين أن يتلاعبوا بالنّار, ويُعرقلوا
التعليم والتأهيل والبناء والإعمار , ويُهدّدوا البقاء والنّماء والإستمرار , لخير
أمّة تعيش في وئامٍ وانسجام وأمان واستقرار, تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر
بكلّ حكمة ووقار, وتؤمن بالله الواحد القهّار, العظيم الكبير الحليم العزيز الجبّار.
فأدركتُ عبقريّة هذه الدول , عندما رجعتُ بذاكرتي , إلى السنين والظروف التي
كنتُ أدرس فيها بجامعة الخرطوم العظيمة , كُليّة الهندسة والمعمار الرهيبة ,
في الأعوام المِيلاديّة ( 1979 ,1980 , 1981 ,1982 ,1983 ),وتذكّرت أنّنا لم
نجلس للإمتحانات في الأوقات المُحدّدة,خلال تلك السنين الأليمة,إلا مرّة واحدة .
كانت الإمتحانات دائماً تؤجّل عن وقتها , لآجال غير مُسمّيات , بسبب الإضرابات,
والإضطرابات , حول دستور إتحاد طلاب جامعة الخرطوم , وحول كراسي ذلك
الإتّحاد المشؤوم , الذي لم تكن لنا حاجة به كطلاب للعلوم . والذي كان يصطرع
عليه المُتطرّفون الإلحاديّون,الذين يكفرون غيرالإلحاديّين, ويستبيحون تصفيتهم ,
ويصادرون مشاريعهم وأملاكهم , والتكفيريّون الإرهابيّون , الذين يُكفرون غير
التكفيريّين , ويحظرون أحزابهم , ويُهدُرون دماءهم , ويستبيحون أعراضهم .
ومازال الطلاب الجامعيّون , أدوات يُحرّكها المُتناطحون , لصالح أجندة الهوى
والعبث والمُجون , ويهيم الطلاب على وجوههم عندما يتخرّجون , لا شركاتٍ
تعرفهم ولا في الحكومة يُستوعبون,لأنّ الوظائف الحكوميّة قد سكنها المُتمكّنون,
بعد نطحهم للذين كانوا معهم ينتطحون , وأخشى أن يفعلوها إلى يوم يحزنون .
ثورة التعليم العالي في السودان , لم تكن مُرتبطة بأهداف إقتصاديّة مُعيّنة , ولا
علاقة لها بأيّة شركاتٍ إستثماريّة مُعيّنة . فهي في الحقيقة ثورة التمكين العالي,
لأنّ الهدف منها خلق وظائف إداريّة , لجبهة الإرهاب والجباية والتمكين , على
حساب الآخرين , وبأموال الآخرين , وعلى أنقاض المُنتَخَبين,رغم أنف الناخبين.
والتمكين شرعنة للظلم المُبين, وإغراءٌ عظيمٌ للمُنتفعين,ومُنزلق خطيرٌ للهالكين.
سواءٌ عليه إن كان يساريّاً على حساب المساكين, أو يمينياً على حساب الدين؟؟؟
ض- قبل أن أختم , أرجو أن أذكّر بأنّ مشروعنا هو إقتلاع الإحباط المزروع في
نفوس السودانيّين , من قِبل المُتصارعين , الجهلاء والساذجين , والخائنين
والمُندسين ,ومن ظاهرهم من الطامعين , و زراعة الأمل في نفوس السودانيّين,
وتوحيد طمُوحات وتطلّعات وأهداف وغايات السودانيين,وتحديد الثوابت لتحقيق
هذه الغايات . والثوابت هى الإستراتيجيّات , المُتفق عليها لتحقيق تلك الغايات .
والغايات هي القواسم المُشتركة بين كُلّ الأفراد والفعاليّات , من المصالح العامّة
والمنفعيّات , التي يكون الإجماع عليها من البديهيّات , أو تكون من الأبجديّات,
في حلّ الإشكاليّات ,أو تطبيق الإبداعيّات. والغاية التي لا يختلف عليها سودانيّان
هي نهضة السّودان ورفعة السودان,وعزّة أهلِ السودان,وكرامة أجيال السودان
واحترام عقول أبناء السودان , وتحقيق آمال العالم في السودان , بأن تُملأ سلّة
غذاء العالم من السودان , وأن تُحفر (مطمورة) غذاء العالم في السودان. وثالثة
هي توحيد دُول حوض النيل العشر في كُتلة أو دولة أقتصاديّة واحدة,تتناسب مع
حضارات وادي النيل , وثروات وادي النيل , وإنسان وادي النيل , وأنعام النيل ,
وبرمائيّات النيل , وغابات النيل , ووحوش النيل , وطيور النيل , وأسماك النيل,
ومع آمال العالم في النيل
خاتمة :-
أ-مع احترمي لكلّ الأطراف وتقديري لإنجازاتهم ولكنّها دُعَابة السودانيّن , الّذين
لا يَخشوْن في الحقّ لومة َ لائم , والّذين لا تُشبعُهُم الكتابة ولاتُسمِنُهُم القراءة ,
ما لم تُعرّج على السّياسة . و لابُدّ من تسليط الضوء على المَآخذ الخفيّة حتّى
تصبح جَليّة لكي نتعامل معها بشفافيّة , ونهتدي إلى حلول سويّة وموضوعيّة .
لم يكن قصدي , بأيّة حالٍ من الأحوال , مُحاربة الحزب الشيوعي السوداني ,
والدعوة لحلّه بطريقة برلمانيّة , أو طرده من الحياة السياسيّة السودانيّة , أو
من البرلمان . لأنّ الذين فعلوا ذلك قد أخطأوا أخطاءً تاريخيّة جسيمة,وبالتأكيد
مُؤلمة ومُوجعة بالنسبة للشيوعيّين , وترتّبت عليها ردود أفعال مُدمّرة للحياة
السياسيّة السودانيّة,وللبرلمان الوطني السودانى العريق,وللسودان والسودانيّين.
وقناعتي الشخصيّة , أنّ الحزب الشيوعي السوداني , يُشكّلُ جداراً مُهمّاً من
جُدران الغرفة السياسيّة السودانيّة . وذلك لِمَا يتمتّع به الشيوعيّون السودانيّون,
من أدبٍ رفيع , وأسلوبٍ بديع في مُمارسة النقد البنّاء من داخل البرلمان , عندما
يكون البرلمان مُنتخباً . صحيحٌ جدّاً أنّهم قد إستنّوا سُنّة الإنقلابات العسكريّة ,
المصحوبة بإبادة الأحزاب الوطنيّة التاريخيّة, وسنّة الإزاحة المِهنيّة . ولكنّهم قد
تراجعوا عن تلك المُمَارسات , دون أن تحاسبهم الأحزاب الوطنيّة على ذلك .
ولم تقدِم الأحزاب الوطنيّة , على مثل تلك المُحاسبات , درءاً للفتنة في البلاد .
وقد إحترم الشيوعيّون ذلك الموقف العظيم , والأسلوب الحليم , والإحتراف
القديم , للأحزاب الوطنيّة القديمة , وقياداتِها المُؤهلة المُحترفة المُخضرمة .
والدليل على ذلك أنّهم لم يقدموا على الإطاحة بالحكومة البرلمانيّة الآخيرة .
بل ( دَرْدَقوا ) الجبهجيّة , للقيام بتلك المُغامرة الهمجيّة , وتطوير الحركات
الإزاحيّة , إلى حركاتٍ تمكينيّة , وتطوير تصفية الطائفيّة,إلى الإبادة الجماعيّة,
لكُلّ أعداء المافيا الإرهابيّة . وقد أدّى ذلك إلى إنتحار الإخوان الجبهجيّة,إنتحاراً
سياسياً , كما لوّث سيرتهم الذاتيّة , داخليّاً وخارجيّاً . غير أنّي أرى أنّ حضور
الجبهجيّة , في الحياة السياسيّة السودانيّة , لا يقلّ أهميّة عن حضور الشيوعيّة.
ولكن على الشيوعيّة , وعلى الإخوان الجبهجيّة, أن يحترموا الآخرين كأغلبيّة,
كما يحترمهم المُحترفون كأقليّة . أقول مُحترفين , لأنّهم بنداء الوطن , قد أفلتوا
من شبهات المُتكرزنين , وقد إتّعظوا بما حدث للمُتجلبنين , وقد تعفّفوا عن أكل
دولارات الآخرين , ليأكلها من إتهمهم زوراً بسرقة الملايين . وبنداء الوطن قد
سحبوا البساط من تحت أرجل المُتمرّدين , الذين لم يعترفوا بحكومة المُنتخبين .
ولكنّ المُنتخبين , دردقوهم بحكمة إلى مُشاركة المُتمكّنين , وتدردق معهم من
كان يدور في فلكهم من الساذجين , ومن حذا حذوهم من المُعجبين, حتّى انحدروا
جميعاً إلى أسفل سافلين , وسقطوا أدبيّاً في نظر الآخرين , وانتحروا انتحاراً
سياسيّاً إلى يوم الدين. أقول مُحترمين لأنّهم لم يأمروا أتباعهم بإغتيال الآخرين,
الذين أبادوهم بجريمة أنّهم كانوا من الطائفيّين , وبجريمة أنّهم كانوا للإستقلال
من الصانعين . وأقول ديمقراطيّين لأنّه كان بإمكانهم أن يصنعوا الإنقلابات
العسكريّة , قبل أن يصنعها غيرهم من الأقليّات الغبيّة , غير المُحترفة سياسيّاً ,
وأن يقوموا بإبادة تلك الأقليّات , قبل أن تقوم تلك الأقليّات بإبادتهم . ثم يحدث
لهم ما حدث للخليفة عبد الله التعايشي , وما حدث للخميني , وما حدث للقذافي ,
وما حدث للمُلاّ عمر , وما حدث لصدّام حسين , وما سيحدث لعمر التمكين .
لن يحدث للبشير ما حدث للنميري . لأنّ النميري كان ذكيّاً , لم يقفل الباب أمام
العصيان المدني , بتمكين أتباعه وتسليطهم على رقاب المدنيّين كما فعل المُشير.
وبذلك أصبح نظام البشير, وصاحبه علي عثمان , أشبه بغلاّية بُخاريّة , تعمل بدون صمّام أمان ((Boiler Safety Valve , ولكنّهما لايعلمان ولاينتصحان .
ولأنّ النميري لا علاقة له بالإرهابيّين , ولم يكن هنالك إرهابيّن بالمعنى الحديث
في عهده . وقد هرب النميري إلى مصر عندما ساءت علاقته البتروليّة مع العالم
الذي يُهيمن على البترول. ومن نجا برأسه فقد ربح , لأنّ الليل داجي ٍ والكِبَاش
تنتطح , نطاح أسدٍ ما أراها تصطلح . ولأنّ النميري دنقلاوي والبشير جعلي؟؟؟
أقول مُحترفين لأنّهم مُستشارون عالميّون , يستشيرهم المُهيمنون , وبآرائهم
البنّاءة يهتدون . والمُهيمنون يعتبرون , أنّ الإنقلابيّين والثوريّين إرهابيّون ,
وبالإستيلاء على البيت الأبيض يحلمُون , وفي منامهم يُهذرمون , أنّهم مَيّتون.
أقول مُحترفين لأنّ الذين لم يستشيروهم , ولم يُشركوهم في إعداد الدستور
الإنتقالي , قد كتبوا دستوراً أشبه بالخيالي , وقد حرمهم شريكهم المُتكبّر
المُتجبّر الإنفصالي , أن يَستهلّوه باسم الله الرحمن الرحيم الأكبر المُتعالي , ذي
الإكرام والجلال , وبذلك قد أذاقوهم طعم الإستفزاز والإذلال , ومع ذلك يدّعون
أن دستورهم لا يفصل بين الدين والدولة , وأنّ شريعة التمكين باقية , وما إلى
ذلك من الدّجل والشعوذة والجدال , والإنبطاحات المُستترة خلف المُغالطات ,
والنزولُ من خلفِ أذناب الجمال . رأى رجلٌ في المنام أنّه يركب على ظهر جملٍ
أبيض , وعندما إستيقظ من نومه, ذهب إلى شيخ ٍ صالح ٍ يعرف تفسير الأحلام ,
وحكى له ما رأى في المنام . فقال له الشيخ : أمّا ما رأيته من بياضٍ , فهو
الكفن , وأمّا الجمل فهو (العنقريب ) الذي يُحمَل عليه جُثمانك إلى المقابر ؟؟؟
فقال الرجل : يا شيخنا إنتظر دقيقة حتّى أكمل لك ما رأيته في المنام . فقال له
الشيخ ماذا رأيت بعد ذلك ؟؟؟ فقال الرجل : رأيت أنّني ( إمّلَصْتُ ) من ناحية
ذنب الجمل , ثمّ رجعتُ إلى البيت , وذهب الجمل وحده , فمات في الصحراء ؟؟؟
هكذا سينزل المُنتفعون والمُجرمون , بذيل الإنقاذ بعد أن كانوا لها يتسلّقون ,
ولسطوتها يستغلّون , وبخيراتها يتمتّعون , وبعيقريّتها وإسلاميّتها يتمشدقون ,
وبفلسفتها لايؤمنون , ولكنّهم فقط يتملّقون , ومن أجل مصالحهم يُنافقون ؟؟؟
ب-أرجوا من كلّ سوداني أن يكتب عن آرائه وإقتراحاته بخصوص بناء السودان
مُعتمداً على خِبراته وتجاربه وعلاقاته في مجال عمله وإختصاصه,علّنا نستطيع
تجميع هذه الآراء والإقتراحات ونستفيد منها في بناء السودان الذي يحلم به
جميع السودانيّين.القوانين البسيطة لهذا النوع من الكتابة هي أن لا تضيّع زمنك
لكي تنتقد آراء الآخرين ولكي ترد عليهم,وأن تعبّر عن آرائك ومُقترحاتك بصدق
وصراحة وشجاعة , وأن تكون روحك رياضيّة, وأن يكون التعبير بسيطا ً وبليغاً
وشيّقا ً وأدبيّا ً ممزوجا ً بروح الدّعابة . الإستقراءات الذهنيّة لا يُرد عليها , ولا
يُعلّق عليها , و لا يُساءل أصحابُها , ولا يُهدّد أصحابها , ولا يُعتقل أصحابها ,
ولا تحظر جوازاتهم , ولا توضع أسماؤهم في القوائم السوداء . وذلك لأن تلك
العواصف الذهنيّة , غالباً ما تكون شطحاتٍ من العُقول الباطنيّة,وتنفيساً لضغوطٍ
تراكُمِيّة , وتخفيضاً لحرارةٍ في درجاتٍ تصاعديّة , وتعبيراً عن مشاعرَ تعرّضت
لإحباطاتٍ لانهائيّة , قبل أن تنفجر أوعية أصحابها الدمويّة , أو قبل أن يحمل
أصحابها سلاحاً بطريقة عشوائيّة , لمُحاربة أوطانهم بحجّةٍ واهية غبيّة , أو
لتفجير أنفسهم وتفجير غيرهم من أبرياء البريّة,فيكتبوا لأنفسهم نهاية إنتحاريّة.
الشطحات عادة ً تكتب كما هي , ولو كانت تتناقض مع بعضها البعض . لأنّه في
الحقيقة ليس هنالك تناقضاً في الإستطلاعات الذهنيّة , إنّما هنالك نظراتٍ من
زوايا مختلفاتٍ , لأمُور مُتشابهاتٍ , ولقضايا مُتداخلاتٍ . كما أنّه يجوز
لنا أنّ نقول : لا نعرف هذا , ولا ندرك هذا , ولا نعقل هذا . ولكن لا يجوز
لنا أن نقول : هذا لا يمكن أن يُعرف , وهذا لايُمكن أن يُدرك , وهذا لايُمكن أن
يُعقل , أو كما قال أهل الذكر في هذا المجال , ومنهم البرت أنشتاين , وآخرون .
أمّا مثل هذه الإستقراءات الذهنيّة , فيُمكن أن يطّلع عليها من يهمّهم الأمر , ثمّ
يأخذون منها ما يُفيد الأمر الذي هُم بصدده , ويتركون ما تبقّى منها لغيرهم .
ولكي تكون الآراء والمقترحات عِلميّة ينبغي أن نهتدي بميمات الإنتاج العشر : -
( MONEY , MATERIAL , MAN
MACHINE , METHOD , MARKET , MOVEMENT ,
MANAGEMENT , MAINTENANCE , MODIFICATION )
كذلك يمكن أن تهتدوا بما يُسمّى أختصاراً ( ( IPSEC وهى :-
I = ISSUE , P = PLAN , S = SCHEDULE , E= EXECUTE ,
C = COMPLETE .
بمعنى أنّك عندما تقوم بتحليل مُشكلة مُعيّنة , ينبغي أن تضع خطة لحل هذه
المُشكلة , وجدول زمني لتنفيذ الخطة , ومن الذي سينفذ هذه الخطة , ومن أين
نجد التمويل لتلك الخطّة,وماذا نفعل عندما يتم تنفيذ الخطة , لكي نجعلها قياسيّة,
ونحفظ خطواتها , لكي نستفيد منها في المُستقبل . هذا تمرين مُمتاز جدّا ً , وبديل
حقيقي للجدل البيزنطي , يا محمّد طه وعادل الباز والكُرُنكي . وتأكّدوا أنّ آراءكم
ستكون مُفيدة جدّاً وستساعد على بناء الوطن الذي تريدونه. واعلموا أنّ الأوطان
لا يُمكن أن تُبنى بعقول المُنتفعين والمُنافقين والسلبيّين , الذين يموتون وتموت
معهم آراؤهم ومُقترحاتهم المُشرقة . واعلموا كذلك أنّ الأوطان لا يمكن أن تُبنى
بعقول الجبناء والمهووسين , الذين لا يكتبون شيئاً , ولا يقترحون أمراً , ولكنّهم
في الأفراح والمآتم يتمشدقون لغواً. نسأل الله عافيةً وعفواً , في الدنيا والآخرة .
ت-قمت بإستطلاع لما في ذهن شخصي الضعيف,من مُلاحظات ومشاكل وسلبيّات قد
تكون لها علاقة بالمشروع المعني , بدون أن أقمع نفسي , بحُجّة أنّ هنالك قمعاً
في بلادي . إيماناً منّي بأنّ المُجتمع السوداني, لا ينبغي له أن يقمع الخيّرين من
أبنائه,أو يُلجمهم أو يُخرسهم, لأنّ الخيّرين هم الذين يقترحون ما يصُلح المُجتمع
من خلال النقد الحُر الجرئ الواضح البنّاء , لمشاكل المُجتمع . وهذه مسؤوليّة
كُلّ مُثقف ينتمي إلى ذلك المُجتمع . والمُثقّف المُفيد هو المِهني الذي يستطيع أن
يُعبّر عن آرائه ومقترحاته بطريقة بسيطة بليغة , يستطيع من خلالها تسليط
الضوء على المشاكل الخاصّة بمجال عمله, ثمّ يُوضّح ما ينبغي أن يفعله أصحاب
القرار للتحسين والإصلاح المطلوب . وهذا ما فعلته بخصوص مشروع إعادة
النظر في هندسة السودان , ثمّ إعادة بنائه . ثمّ قيّمت تلك المشاكل وحللتها
إلى عواملها الأوليّة , من وجهة نظري , وعلى حسب إختصاصاتي وخبراتي
المُتواضعة في المجالات التي تكلمت عنها . وبعون الله وتوفيقه , خرجت من
ذلك بالمشاريع التي ذكرتها في بداية الموضوع, لكي أوّفر زمن القارئ الكريم.
فعلت ذلك , لأسبابٍ يعرفها الذين يعملون في مجال تخطيط وجدولة المشاريع .
ث-قصدّت أن أكرّر بعض الأمور,مثل المُرتّبات والبدلات والإمتيازات والإستحقاقات
لأهميّة الموضوع , لأنّ تعدّد هذه الشركات , وبهذه الشروط , يُعتبر الحل الأمثل
والقاسم المشترك الأعظم بين السياسات الإقتصاديّة المتناقضة في السودان ,
بسبب تناقض القناعات الفكريّة . التي تمتد ما بين الإشتراكيّة البروليتاريّة
الماركسيّة الإلحاديّة,إلى الرأسماليّة البراجماتيّة البتروليّة الغربيّة,وما بينهما من
أمور وسطيّة . أي أنّ هذه الأيديولوجيّات لا بُدّ أن تتّفق على ما ينفع المُواطن ,
إن كان فيها خيراً . أمّا إذا لم يكن بها مثقال ذرّة من خير, فلا حاجة للمُواطن بها.
وقصدت بتكرارها أيضاً أن أزرع الأمل في النفوس المُحبطة, التي غلبت على
أمرها حتى عبّرت عن إحباطها بشتّى الوسائل: منهم من ترك مهنة التدريس في
الجامعة وحمل سلاحه ودخل الغابة , ومنهم من كتب سيرته الذاتيّة وأرسلها إلى
الخارج فأصبح من المُغتربين , ومنهم من هاجر عن طريق اللوتري , ومنهم ,
ومنهم , ثُمّ منهم , ومنهم , وأبشّر هؤلاء بأن هذا المشروع , سيكون عدد المُدن
فيه على الأقل (150 ) مدينة حديثة متعدّدة الأغراض , على مُستوى السودان .
هذا العدد من المُدُن قابل لأن يتضاعف خمس مرّات , يعني إلى (750 ) مدينة .
وقصدت أن أكرّر بعض العبارات مثل ( بدون ضرائب أو جمارك أو رسوم ) لأنّ
السودان دولة واسعة المساحة , صالحة لكُلّ الإستثمارات , غنيّة بكُلّ الموارد
والثروات , وتزخر بكُلّ العقول والسواعد والمهارات . ومن العدالة بمكان , أن
تشارك الدولة كُلّ المُستثمرين , مُقابل ما تقدّمه لهم من أرض ,وثروات وطنيّة ,
وحِماية أمنيّة وقانونيّة , وغير ذلك ممّا يحتاج إليه المجال الإستثماري المُعيّن .
على أن يتفق الطرفان على نسبة مُعيّنة من صافي الأرباح للدولة , بحيث تكون
هذه النسبة مُغرية للمُستثمر . وليس من العدالة أن يشتري المُستثمر , قطعة
الأرض فقط من الدولة , ثمّ يقيم عليها مشروعاً إستثماريّاً , فتطلب منه الدولة
ضرائب وجمارك ورسوم , غير مُحدّدة وغير ثابتة , ولا علاقة لها بصافي
الأرباح , ومقابل لا شئ . وكذلك تفرض الدولة الغنيّة الغبيّة الظالمة الوقحة ,
ضريبة دخل على المُوظفين التابعين للمُستثمرين. وهي أيضاً غير مُناسبة وبدون
مُقابل . هذا الوضع غير العادل,الذي ينبغي أن يتبدّل بالبديل المُقترح الذي ذكرناه
مُكرّراً , له سلبيّات كثيرة أهمها : أنّ الأراضي الإستثماريّة غالباً ما يتحصّل
عليها المُوظفون والمسؤولون وأقرباؤهم بطريقة فاسدة , ثمّ يبيعونها ربّما لغير
المُستثمرين المُقتدرين أو الحقيقيّين . ثمّ يتحصّلون على غيرها ......... وهكذا
دواليك , أو دوالي الدلاليك , الذين يرقصون , ويكشفون ويعرضون , على أنغام
الدلاليك , ويُظهرون أنّهم صعاليك . وبذلك تتحوّل أوراق الأراضي الإستثماريّة ,
من مالكٍ غير مُستثمر إلى مالكٍ غير مُستثمر , عبر المكاتب العقاريّة, ولن تكون
هنالك إستثمارت حقيقيّة . لأنّ هذه االمُمارسة الطفيليّة , تدُرّ أرباحاً للمُتطفلين
والفاسدين , أكثر من أرباح الإستثمارات الحقيقيّة . ولكنّ الوطن سيجني الخراب
الإقتصادي , وهجرة العقول والأيادي , والإحتراب الشامل الإبادي , وشماتة
وتدخّل الأعادي, تدخّلاً لا أحسب أنّه اعتيادي. بل هو أطلنطيٌ بتروليٌ رغم أنف
المُؤتمر الإستبدادي , وإستراتيجي لغير مصلحة التآمر الحضاري الإستجدادي .
ولن يستفيد السودان بسياسته الإستثماريّة الجبائيّة الحاليّة,من العولمة التجاريّة
الإجباريّة , لأنّه إستثماراته غير حقيقيّة , أو لأنّه غير شريك في الإستثمارات
الحقيقيّة . والعولمة التجاريّة الإجباريّة , حتماً ستحرمه من الإيرادات الجبائيّة.
والمُواطن السوداني سيجني الفقر والجوع والمرض , والجهل والتخلّف لأنّ
الجامعات ستخرّج العطالة , وسيتهرّب النّاس عن دراسة جامعيّة , غير مجّانيّة ,
بل هي إستثماريّة . أو سيجني المُواطن الإحتراب , ويقاسي التشرّد والنزوح
والإغتراب,وفراق الوطن والأهل والأحباب,وتبديل الجيران والمعارف والأصحاب
ولن يكون السودان سلّة لغذاء العالم , ولكنّه سيصبح المُستجدي الأعظم لإغاثات
العالم , والمُستحق بجدارة منقطعة النظير , لتلك الإغاثات والمِنَح والإعانات ,
والقروض وما يتبعها من الإهانات . وسيبقى الوطن مريضاً مصاباً بكُلّ العاهات,
طالما هيمن عليه الذين يتعاطون الدولارات,وينتهجون نهج التضليل والمُغالطات,
وينشرون فلسفة المُشاركات , وإقتسام العائدات والجبائيّات,ثمّ إستغلالها في بناء
المليشيات,لحراسة حكومة الأقليّات.وينتهجون نهج التسوّل والتجسّس وغيرهما
من أدبيّات,للحصول على المنح والإعانات,لتمويل ما اتّفقوا عليه من مشروعات.
ج-هذه ليست دعاية سياسيّة , إنّما هي مُساهمة مُتواضعة , ينبغي أن تضاف إليها
مُساهمات الآخرين ( نصف رأيك عند أخيك ) و (المُؤمن مرآة أخيه ) و (السكت
راح ) و (لا خير فينا إن لم نقلها , ولا خير فيكم إن لم تسمعوها ) و(الساكت عن
الحق شيطان أخرس , نعوذ بالله منه ) . ولذلك أطلب من كلّ سوداني أن يحفظ
هذا المشروع في جهازه الحاسوبي ,ثُمّ يضيف إليه ما تجود به ذخيرته الفكريّة .
لا تنقلوا من كتب الآخرين , نحن نريد آراءكم وشطحاتكم الشخصيّة , مهما كانت
مُتواضعة , المُهم أن تكون صادقة , ومُقنعة لكم قبل أن تقنع الآخرين . بإمكانك
تلوين الإضافات الخاصّة بك بلون مُختلف , حتّى لا تختلط عليك الأمور . بإمكانك
أن تنشره بعنوان : إضافة على مشروع بناء السودان , من فلان بن فلان .
ولكن يجب أن تتريّث وتراجع ماكتبته قبل أن تنشره . طبعاً الآراء قابلة للتمدّد
طالما أنّها على الكمبيوتر , وليست على الورق.لا تنظر من زاية واحدة ولا تبق
أسيراً لحزب واحد , أو عهدٍ واحد , أو قبيلة واحدة . فأنا مثلاً جعلي , كنزي ,
أنصاري , حجازي , أحب الصادق المهدي , والترابي , والبشير , والنميري
ونقد , وصادق عبدالله عبد الماجد , وجون قرنق , وكُلّ السودانيين . ولكنّني
هاجمت كُلّ هؤلاء , لمصلحة السودان , ما عدا الكنوز لم أستطع مهاجمتهم ,
لأنّ الكنوز أمّة عريقة عراقة الفراعنة والعماليق , فقد انقرض الفراعنة وبقي
الكنوز , فهم صنف من أصناف النوبيّين القدامى ولكن معظمهم هاجر أو انتمى
إلى مصر منذ سنين عديدة . وكان جدّي من والدتي منهم , وكان صديقي ,
وقد تعلّمت منه أشياء كثيرة . رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فسيح حنّاته .
ح- إذا ما أوقفنا تلك الحروب الغبيّة , غير الإستراتيجيّة . ثمّ انتخبنا مجلساًً قوميّاً .
للإستقرار والسّلام والإعمار يقود صناعة الإستراتيجيّات العامّة بخصوص هذه
الأمور , تكون سلطاته أعلى و أوسع من سلطة الحُكومة لأنّه هو الذي سيملأ
الفراغ الدستوري بين حكومة وأخرى , بدلاً من أن يفعل ذلك الجيش السوداني ,
ولأنّه سيشرف على إنتخاب الحُكومات ويلزمها بمُتابعة تنفيذ البرامج
والإستراتيجيّات طويلة المدى , ولأنّه سيحاسب الحكومات ويقيّم أداءها ويقوّم
مسارها , ولأنّه سيغيّر الحكومة إذا تعذر تقويم مسارها . كذلك ينبغي أن تكون
لهذا المجلس صلاحيّة مُحاسبة المُعارضة , وتقييم أدائها , وتقويم مسارها ,
ومُساءلة المُعارضة إذا تعذر تقويم مسارها . على أن يُنتخب لهذا المجلس
المُتفوّقون في المراحل الدراسيّة, بعد الإهتمام بهم وإعدادهم بطريقة تدريجيّة ,
أثناء حياتهم العمليّة , من دون أسلمتهم أو تهويدهم , أو تنصيرهم سياسيّاً ,
حتّى يتجاوزوا السن القانونيّة , على حسب القوانين البرلمانيّة . هذه نخبة لا
علاقة لها بدوائر الخرّيجين والدوائر الجُغرافيّة , ولن يُعيّنها رئيس الجمهوريّة ,
إنّما تتناوب على مجلسها بطريقة أتوماتيكيّة , لا علاقة لها بالديمقراطيّات
التقليديّة , الطائفيّة منها واللبراليّة , ولا علاقة لها بالإشتراكيّات البلوريتاريّة ,
ولا علاقة لها بالأنظمة النّازيّة والفاشيّة , ولا الإنتماءات الحزبيّة,وكُلّ التمييزات
السلبيّة . بل هي نخبة تميّزت على غيرها بطريقة إيجابيّة , في الإمتحانات
النهائيّة , للمرحلة الثانويّة , وتحصّلت على أكثر من 75 % , أو ما يعادلها من
الشهادات غير السودانيّة , مثل الشهادة العربيّة , أو الإفريقيّة, ولن يهتمّ بها
أغبياء السياسة التقليديّة , وجُبناء الإنقلابات العسكريّة , وأصحاب الثأرات
التاريخيّة , ومُؤتمرات الهَوَس الإرهابيّة , وحركات العقد العنصريّة , تلك إذن
هي خيوط القضيّة . اللهمّ فهّمنا إيّاها كما فهّمتها سليمان النبيّا , وعلّمنا
منطق الطير وارزقنا من كُلّ شيىء شيئاً , وأوزع جنودنا وألهِم علماءنا كما
ألهمت عاصف بن برخيّا )) . أموال السودان لا ينبغي أن تُستغل في الحروب
بين الحُكومات غير الشرعيّة والمُعارضات غير الشرعيّة . وبترول السودان
لا يُمكن أن يقتسمه الإنقلابيّون والمُتمرّدون . وإذا حاولوا ذلك فهم ساذجون ,
بل واهمون,وقطعاً مُغفلون , وبالنّار هم يلعبون , ولا مَحالة هالكون , ولثرواتنا
مُضيّعون , ولوحدة السودان مُهدّدون , وللإستعمار جالبون , وتجدهم لا يُبالون,
وفي غيّهم يعمهون , وكأنّهم وافدون , وفي جسد الأمّة مزروعون, وعلى الماء
والبترول هم يتآمرون , ألا ليت قومي يعلمون , ومن قفوتِهم ينهضون ......؟؟؟
إتفاق السلام الثنائي بين هؤلاء النّبلاء , أو العظماء , او الشرفاء , أو الأذكياء ,
أو العُلماء , أو الوجهاء , أو عكس ذلك , أو الدخلاء , أو قرناء المُومياء ,الذين
لم يفوّضهم أحد , ولم ينتخبهم قرد , لإنقاذ السودان أوتحريره أو تجديده , مبنيٌ
على الفشل الأكيد , وعلامة فشله الإختلاف الظاهر على تفسير بنوده وتطبيقها .
الإتفاق فيما يخص البترول كما يفهمه الإنقلابيّون ينص على أنّ جميع القضايا
الخاصّة بالنفط تخصّ وزارة الطاقة والتعدين , التابعة للإنقلابيّن , ومجلسهم
الوطني للنفط الذي سيُشكّل بداخلها , من عصابة التمكين , المُعتصم والخطيب
والأمين,والجاز والغازي صلاح الدين, وطيّب السيخة والطاهر وكبير الحانثين,
وسبدرات وحاج إبراهيم وعبد الحليم, والعشرة المُغالطين,الجدليّين البيزنطيّين,
الإقصائيّين المغرورين , المُتعجرفين المُتكبّرين , على شيخهم السجين , شيخ
الإرهابيّين وكُلّ الدجّالين, وقليل من الجعليّين, وشريحة من الضالّين المُنتفعين .
أمّا الإتفاق فيما يخص البترول كما تفهمه حركة المُتآمرين , التي يقودها جون
قرنق يوغندور , أقصد ديمبيور, ونائبه سولفاكين , أقصد سولفاكير , ومن
تبعهم بإذلال ٍ من الوافدين والعرمانين والمُدبّرين , البتروليّة البحتة , الحاقدة
أبداً على حُكومات السابقين والمُعاصرين واللاحقين, فهو كما إتضح وإفتضح ,
بواسطة الأذكياء من الإعلاميّين , أنّ شركات النفط في سبع مناطق سودانيّة
دمّرتها الحركة يجب أن تتقدّم بطلباتها للحركة مُباشرة وليس لحكومة
الخرطوم , لأنّ الحركة لا تعترف بحكومة الخرطوم , وأنّه لا ينبغي أن يأتي من
يقول للحركة : قد أبرمنا إتّفاقاً مع الخرطوم في هذه المناطق . وأنّ نائب رئيس
الحركة سولفاكين قد منح شركة وايت نايل حق مد خط أنابيب لتصدير النفط
السوداني من جنوب السودان إلى دولة كينيا , وعندما انتقده الإنقلابيّون في
الخرطوم , قال شيخه يوغندور: خط الجنوب قضيّة لوجستيّة بحتة ؟ ربّما قصد
(كينيّة- يوغنديّة) لا نسألهم في الشمال مع من يوقّعون الإتّفاقات ...........؟؟؟
الإجابة على هذا السؤال سهلة جدّاً وبسيطة , وهي أن يرجع السودانيّون إلى
كشوفات وزارة التربية والتعليم منذ الإستقلال عام (1956 ) وإلى نهاية هذا
العام الدراسي (2005 ) , الخاصّة بالمُتفوّقين , أعني المائتي طالب الأوائل من
كُلّ عام لمدّة (50 ) عاماً أو ببساطة الذين تحصّلوا على أكثر من 75 % لمدّة
خمسين عاماً مضت , يعنى : (50*200 = 10000 مُتفوّق ) . هذا العدد من
المتفوّقين والأذكياء , أصحاب الوطنيّة البحتة , والتميّز الإيجابي المشروع ,
أرشحهم لتشكيل مجلس المتفوّقين السوداني , الذي يمكن أن يُحدّد مصير بترول
السودان , ومصير مياه السودان , ومصير يورانيوم السودان , ومصير غاز
السودان , ومصير معادن السودان , ومن ثمّ يحافظ على وحدة السودان , ويبني
مستقبل الأجيال السودانيّة , بطريقة عادلة وأساليب عِلميّة , فيها حِكمة وتخطيط
ورويّة , بعيداً عن الهوس الديني , والدجل الفكري , والحركات الصبيانيّة ,
الأرهابيّة منها والبتروليّة . هذا هو مجلس اللوردات السوداني الجدير بالإحترام,
والذي سيحترم نفسه , لأنّ كُلّ إناء بما فيه ينضح , وكذلك فاقد الشئ لايُعطيه .
أمّا مجلس العموم السوداني,الذي أقترحه فهم كلّ السودانيّين الذين نالوا الشهادة
الثانويّة السودانيّة , أو العربيّة , أو الإفريقيّة , أو العالميّة , في فترة الخمسين
سنة الماضية يعني منذ الإستقلال , وأعمارهم كما حسبتها أقلّ من 70 سنة.
ويمثلون كُلّ الإختصاصات الحيويّة , التطبيقيّة منها والنظريّة , التي يمكن أن
تبني الدولة الوطنيّة , الدينيّة العلمانيّة العربيّة الزنجيّة , على شموليّة الأذكياء
التفوّقيّة الإختصاصيّة , لا على شموليّة الأغبياء الآيديولوجيّة الفوقيّة,التي تتدثر
بالملابس العسكريّة , وتطبّق شرعيّة الدبابات والمدفعيّة , وشريعة البندقيّة..؟؟؟
وبهذا يكون عدد أعضاء مجلس المُتفوّقين يساوي عدد القوات الدوليّة لحفظ
السلام المزعوم . إذا كان الهدف منها فعلاً هو حفظ السلام في السودان , فهذا
أكبر دليل ٍ على هشاشة الإتّفاق , وأعظم برهان على أنّ الطرفين المتنافرين قد
وقعاه على مضد , ولم يكن مُقنِعاً لهما,ولن يكون مقنعاً لغيرهما من السودانيّين,
إذا لم يكتمل بالنص على مُساءلة الإستفزازيّين , من الإنقلابيّين ومن المتمرّدين,
ومحاسبة المتآمرين , والمجرمين , والسفاحين , والمختلسين , والجبّارين ,
والمتكبّرين , من الطرفين , وجعلهم موعظة للآخرين ............................؟؟؟
أمّا عدد أعضاء مجلس العموم , المُقترح , فسيكون كافياً لحماية قرارات مجلس
اللوردات , المُقترح , بخصوص تقرير مصير بترول السودان , وتقرير مصير
مياه السودان , وتقرير مصير وحدة السودان , وتقرير مصير أجيال السودان .
وهم لا محالة قادمون , وعلى كسر الروتين قادرون , وفي وجه الطغاة واقفون ,
بالمنطق وبكُلّ ما يملكون,وعلى سحب البساط , من تحت أرجل الحمير قادرون .
والحمار هو من لا يعرف الخيار , أو من لا فرق عنده بين خيار الناخبين وخيار
الآكلين , أو من لا يحترم خيار الناخبين , ولا يحترم عقول الآخرين , أو يتسلّق
الإنقلابيّين , والأغبياء من العسكريّين , الفاسدين المُفسدين , الذين يحسبون
أنهم من المُصلحين , والذين يتمسكّون بعروة الطوارئ , ويعتقدون أنّ ذلك من
الدين , ومن دواعي التمكين , ويعتقدون أنّهم من الخالدين, إلى يوم الدين... ؟؟؟
هذه هي إجابة أهل الذكر في هذا المجال , على ذلك السؤال , الذي سأله الدكتور
جون قرنق مُدافعاً عن نائبه سولفاكير . ولكن سؤالنا لهما ولشركائهما
ولمن هدّدهما بالمُساءلة الشخصيّة (أهدر دمهما ) , هو كما يلي : أيّهما أفضل
للمواطن السوداني , سيّد البترول السوداني , أن يتمّ تكرير البترول السوداني
فى ميناء كوستي النهري , ومُلتقى السكة الحديد الذي يقع في وسط السودان ,
ثم يتم توزيع مُنتجات البترول إلى جميع أنحاء السودان , ويُستغل الزيت الناتج
عن تكرير البترول في تشغيل محطّات توليد الكهرباء التابعة , للهيئة القوميّة
للكهرباء , التي كان مُخطّطاً لها أن تغطّي جميع أنحاء السودان, وتحقق التنمية
المُتوازية في تلك الأنحاء والأصقاع المُتنائية ؟؟؟ أم أنّ بترول السودان تقوم
بتصديره حركة التمرّد البتروليّة البحتة إلى كينيا ويوغندة وغيرهما من البلدان,
بناءً على إتّفاق ناقصٍ وسجمان , بين أطراف مُتآمرة على بترول السودان ,
وعلى مياهٍ أصلها من الجنان , ومعادن في باطن أرض السودان , وعلى
هويّةٍ إسمها السودان, وعلى السلام الشامل والأمان ,وعلى الوئام والإطمئنان,
بين أبناء السودان , العُربان منهم والعجمان , وبين طيور السودان,الطواويس
منهم والغربان , وبين حيوانات السودان , الأسود منها والغزلان , ومتآمرة على
ديمقراطيّة السودان , التي غرسها الشيخان , السيّدان العبقريّان , الميرغني
وعبدالرحمن , ورعاها مُنزلُ الأديان , الواحد الدّيّان , وسلكها فى الروح
والوجدان ,ولن يقتلعها إنسٌ ولا جان,وستبقى سارية ً إلى ما شاء الله من الحقب
والأزمان,ويُساءل كُلّ من أؤتمن عليها ثمّ خان , وعلى برلمان السودان , وعلى
حُرّيّة شعب السودان , وعلى إستقرار السودان , وعلى نهضة السودان , وعلى
تنمية السودان , وعلى رفعة السودان , وعلى رفاهيّة شعب السودان , وعلى
كرم وشهامة شعب السودان , وعلى مُروءة شعب السودان,وعلى كرامة نساء
السودان , ورجال السودان, وبراءة أطفال السودان , وعلى سمعة السودان...؟؟؟
عفواً , لم أقصد بأيّ حال من الأحوال مُهاجمة الجنوبيّيْن , أو مُعارضة حُكومة
المُتمرّدَيْن, أو الإعتراض على إتفاقيّة سلام الحزبَيْن , أو الإعتراض على دستور
الرجُلَيْن . ولكنّني أعترض على مفاهيم الطرفين , حول وصولهما إلى السلطتين,
وتركيزهما على ثقافة الدولتين , وإيهام النّاس بوجود شعبين , وبوجود إختلاف
حول ديانتين , وبوجود تمييز بين لونين , وإيهامهم بوجود بترولين . وأرى أنّ
من واجبي كأحد السودانيّين, أن أضرب على هذين الوترين,حتّى أطرب الطرفين,
وأذكّرهما بأنّ فرعون وهامان المُتكبّرين , عندما سُئلا عن كونهما مُتجبّرين ,
وكونهما مُتكبّرين , تفاجآ بالإتّهامين , لأنّ من حولهما لم يقل لهما أنّهما كانا
مُتكبّرين ومُتجبّرين , وكانا يظلمان الآخرين , وكانا يحرمان الآخرين ....... ؟؟؟
خ- على من يهمّهم الأمر أن يستفيدوا من هذه الإستقراءات , في بناء السودان
الموجود في أذهان السودانيّين غير أنّي أقترح جادّاً , أن يقوم زعماء الأحزاب
السياسيّة بتوزيع هذا الفايل , بطريقة رسميّة ومسؤولة , إلى جميع كوادرهم ,
إذا كانوا يحترمون عُقول كوادرهم , ثمّ تقوم الكوادر بإضافة مُقترحاتها , مهما
كانت مُتواضعة , ثمّ إرسالها بعد مُراجعتها مُراجعة ً دقيقة , إلى إدارة الحزب
السياسي المُعيّن , إن كانت له إدارة جادّة . وعلي إدارات الأحزاب السياسيّة ,
تجميع هذه الآراء والإقتراحات , ودراستها دراسة ً جادّة , ثمّ صناعة البرنامج
المُتكامل لذلك الحزب , ثمّ الإعلان عن ذلك البرنامج عبر وسائل الإعلام , ومن
ثمّ الولوج بذلك البرنامج , إلى حلبة المُنافسة الإنتخابيّة الحُرّة . والقبول التام
بتقييم الناخب للبرامج المُتنافسة , والإحترام التام لرأي الناخبين , والإحترام
التام للحكومة المُنتخبة , والإحترام التام للمُعارضة المُنتخبة . في كُلّ ذلك إحترامٌ
لعقول السودانيّين , وصيانة ٌ لثروات السودانيّين , ودَحْضٌ لذرائع المُتآمرين .
هذه هي الديناميكيّة المُناسبة , لصناعة البديل الأمثل , لما نحن عليه الآن ؟؟؟
د- كما أنّني أقترح جادّاً , أن يقوم المُتفوّقون ( 75%) فما فوق في الشهادة
السودانيّة أو ما يعادلها ( منذ عام 1956 وحتّى الآن ) , بقراءة هذا المشروع
بتركيز شديد , ثمّ إضافة ما لديهم من مُقترحات , ومُراجعتها مُراجعة دقيقة , ثمّ
تقديمها , إلى مجلس إعمار السودان , الذي تقدّم الكلام عنه في السطورالسابقة.
وبما أنّ هذا الأمر يحتاج إلى رجال مُتفرّغين , ويحتاج إلى زمن طويل , ومجهودٍ
كبير, ويحتاج إلى مالٍ كثير, فإنّني أقترح جادّاً , أن يتولّى قيادة هذا المجلس ,
بعون الله , كُلّ من : الطيب صالح , محمّد الحسن, محمّد خير البدري,علي شمّو ,
محمّد سليمان ضو البيت . الفيتوري , مصطفى سند , سيف الدين الدسوقي ,
محيي الدين الفاتح . عمر الجزلي , دكتور عوض إبراهيم عوض , الزبير نايل ,
إسلام صالح ,الطيب عبدالماجد ,عادل فارس, د. حمزة عوض الله,طارق جويلي,
د. كمبلي , د. حسن مكّي , د.إبراهيم الأمين, د.فرانسيس دينق, حسين خوجلي,
جعفر عبّاس , محمّد طه , الكرنكي , عادل الباز, هشام هبّاني , نصّار الحاج .
بروفيسيرعون الشريف قاسم , دفع الله الحاج يوسف , عبدالرحمن محمّد حسن
سوارالذهب , دكتور الجزولي دفع الله . الصادق المهدي , مبارك المهدي , أحمد
المهدي , الصادق الهادي , د. عبدالنبي , محمّد داود الخليفة . عبدالرحمن أحمد
مهدي , عبدالرحيم حمدي, د. بشير عمر . د. حسن عبدالله الترابي , علي عثمان
محمّد طه , صادق عبدالله عبدالماجد , نقد , الشفيع , فاروق أبو عيسى, كدودة .
المشير عمرحسن أحمد البشير, بكري حسن صالح , دكتورأحمد إبراهيم الطاهر,
بروفيسير إبراهيم أحمد عمر, جعفر نميري ,عمر محمد الطيب, عبدالماجد خليل,
إسماعيل الحاج موسى , بكري أحمد عديل, شريف التهامي ,عوض أحمد الجاز,
مأمون سنادة , محمّد عثمان الميرغني , أحمد الميرغني , حاتم السر علي ,
زين العابدين الهندي , د. بلال , التجاني محمّد إبراهيم , د. حسين أبوصالح ,
د.جون قرنق ديمبيور , د.منصور خالد , سولفاكير, ياسر عرمان , د. لام أكول ,
دكتور رياك مشار , موسى المك كور . شيخ الجيلى عبدالمحمود , شيخ حسن
غريب الله , شيخ الصادق حجازي , شيخ المكاشفي . محمد حسين كسلا ,
الصبابي , علي قاقرين , مازدا , مُصطفى النقر , نصرالين عبّاس جكسا , فوزي
المرضي , بشارة , د.عمر خالد . محمّد وردي , محمّد الأمين,عبدالكريم الكابلي,
حمد الريح , صلاح مُصطفى , صلاح بن البادية , سيف الجامعة , أبو عركي ,
محمّديّة , بشير عبّاس , ودالحاوي . محجوب حسين , وكلّ زعماء المُعارضات
الأخرى, المُسلّحة وغير المُسلّحة, وكُلّ شخصيّات مُفاوضات السلام والإتفاقيّات
السابقة . أحمد عبدالعال , دياب ,شبرين . سعاد الفاتح , فاطمة أحمد إبراهيم ,
فاطمة عبدالمحمود , آمال عبّاس , سارّة المهدي , وصال المهدي , وأسماء
محمود محمّد طه , سعاد التجاني الماحي , بدريّة سليمان , رجاء حسن خليفة,
روضة الحاج , يسريّة محمّد الحسن , ميري سيريسيو إيرو . وكُلّ المُتفوّقين
السودانيّين الذين أحرزوا ( 75% فما فوق ) في إمتحانات الشهادة السودانيّة
أو ما يعادلها , مُنذ إستقلال جمهوريّة السودان في عام (1956) وحتّى الآن .
وكُلّ مشايخ الطرق الدينيّة , وقساوسة الكنائس السودانيّة , وكُلّ شيوخ القبائل
السودانيّة , وكُلّ سلاطين القبائل السودانيّة , وكُلّ أحفاد الممالك السودانيّة
التاريخيّة, وكُلّ أحفاد السلطنات االسودانيّة التاريخيّة,وكُلّ أحفاد أمراء المهديّة .
ممثلون للرأسماليّة الوطنيّة مثل شركات طه الروبي , الشيخ مصطفى الأمين ,
شركات فتح الرحمن البشير , شركات النفيدي , شركات خليل عثمان , عبد ربّو.
ممثلون للمهندسين , والأطبّاء , والمحامين , والقضاة , والإقتصاديّين, وغيرهم.
ذ- الأمل الكبير , هو المطلوب من المشير , عمرحسن أحمد البشير , كرئيس حالي
لجمهوريّة السودان الكبير , أن يتولّى إدارة هذا المشروع الكبير, بطريقة جادّة
وعاجلة وبتجرّد خطير , عن كُلّ شئ ٍ إلاّ مصلحة المُواطن السوداني الأمير ,
الذي يستحقّ منّا كُلّ خير , وكُلّ حُبّ و احترام ٍ وتقدير . وأن يستدعي من
يرغب من هؤلاء المذكورين , أن يتفرّغ لهذا المشروع الكبير , على أن تمنح
الدولة لكُلّ منهم راتباً يعادل راتبه الحالي , أيّاً كان ذلك الراتب , وفي أيّة بقعة
في العالم كان عمل كُلّ من المذكورين . أو يتم تعويضه بطريقة مُناسبة , إذا لم
يكن يتعاطى راتباً . كما يجب على جمهوريّة السودان أن تصرف على هذا
المشروع العملاق , الذي سيُعبّر بالتأكيد , عن إرادة هذا الشعب الخلاّق . علماً
بأنّ عدد ألأسماء المذكورة , من وجهة نظر شخصي الضعيف , عندما تُضاف
إليها أسماء أخري , بناءً علي وجهات نظر السودانيّين الآخرين , وعندما
نضيف إليها أسماء المُتفوّقين, سيصبح العدد الكُلّي أكثر من عشرين ألف مُواطن
سوداني , مُتّفق على تفويضة للبناء ...................................................؟؟؟
وعِلماً كذلك بأنّ هذا الفايل المُتواضع , عبارة عن رِِؤية فرديّة , من وجهة نظر
شخصيّتي المُتواضعة للوطن , الضعيفة لربّ الوطن . إدارة هذا الأمل المشروع ,
تعني إضافة هذه الرؤية , إلى رؤية الدكتور جون قرنق , ورؤية عمر البشير ,
ورؤية علي عثمان , ورؤية الصادق المهدي , الترابي , د.عوض , وهكذا . ومن
ثمّ نشرع معاً وبطريقة جادّة ومسؤولة , في بناء السودان الذي يسعنا جميعاً ؟؟؟
إذا لم نفعل ذلك , خصماً على إيرادات البترول , مع إلغاء كُلّ الجبايات العجيبة,
فعلينا أن نستعد للصرف على عشرة آلاف جندي , غير سوداني , في الجنوب ,
وعشرة آلاف حندي , غير سوداني , في غرب السودان , وعشرة آلاف جندي ,
غير سوداني , في شرق السودان , وعشرة آلاف جندي,غير سوداني , في شمال
السودان . وكُلّ ذلك , بالتأكيد , سيكون خصماً على بترول السودان . أمّا عن
الطائرات , التي ستقوم بإنزال الجنود والدبابات , في الأماكن الغنيّة بالثروات ,
فهي بالتأكيد , سترجع إلى أهلها , مُحمّلة باليورانيوم وغيره من الخيرات ... ؟؟؟
وبالتأكيد سيُمنع طيراننا من التحليق فوق تلك المناطق , ناهيك عن الهبوط ...؟؟؟
هل تذكرون في بداية الثمانينات , عندما لاحظ الرّعاة , أنّ هنالك طائرات أجنبيّة
ضخمة تهبط في منطقة حُفرة النحاس , ويتم حَفرَ حُفرٍ كبيرة , ولكن عندما
تغادر الطائرات , لاحظ الرّعاة أنّ التراب الموجود خارج هذه الحُفر , إذا
حاولنا أنّ ندفن به تلك الحفر , فإنّه لا يكفي لردمها , والفرق شاسع وملحوظ .
وعندما تمّ التحقيق في الأمر , إتضح أنّ تلك الحُفر توجد بها عناصر نادرة ؟؟؟
نحن لا مصلحة لنا في مُعاداة الأمريكان , وحلفاء الأمريكان , ونؤمن بأنّهم
مُسخّرون لما خلقوا له . ونؤمن كذلك بأنّ ما خُلقوا له مُيسّرٌ لهم . ونؤمن
كذلك بأنّهم إخواننا في الإنسانيّة , ومنهم إخواننا في الذي أبدع الإنسانيّة .
ومن مصلحة الأسرة الدوليّة , أن تتعاون الدول مع بعضها البعض,علي الحق ؟؟؟
لا مصلحة لشخصي الضعيف , في مُعارضة حكومة , وتأييد حكومة أخرى ,
غير أنّي أحببت أن أزرع هذا الأمل , في وجدان , الذين نعوا السودان .... ؟؟؟
وقد شجّعني على ذلك إهتمام الدول الصناعيّة الكبرى بمشاكل إفريقيا , وإصرار
توني بلير وجورج بوش , على القضاء على مشاكل الفقر في أفريقيا نهائيّاً .
وهذا واجبهم طالما أنّهم يمثلّون الحلف الذي يحكم العالم في الوقت الراهن؟؟؟



مهندس : جيمس هريدي عبدالرحمن
بريد الإلكترونى : [email protected]


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved