تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

امل الغريق وغيبوبة الضمير الانسانى بقلم شهاب الدين عبدالرازق عبدالله/القاهرة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/12/2005 3:00 م


شهاب الدين عبدالرازق عبدالله/القاهرة


المكان حديقة مصطفى محمود فى حى المهندسين امام المفوضيه الساميه لشئون اللاجئين بالقاهره ،حيث المئات من النساء والاطفال فى العراء،يفترشون الارض ويلتحفون السماء فى عز الشتاء مفتقرين لابسط مقومات الحياه والحديث عن كمية او نوعية الغذاء او الدواء لاتعدو عن كونها ضربا من الترف اوحلما بعيد المنال.
المشاهد تنطق عن حالها،وجوه بائسه تحكى معاناتها نظرات شارده لمآسي مختزنه،حركة بطيئة داخل السياج لخطوات متثاقله انهكها ظلم الاقربين فما بالك بالابعدين ...وما اقسى الانتظار،تبرز من وراء السياج اكوام متناثره من متاع اكل عليه الدهر وشرب ..هو كل ما يملكون...وهم اغنياء بما يملكون..العنوان الابرز ماساة انسانية.. صمت صارخ... وتجاهل من اهل الشان مريب.
المئات من ابناء وبنات شعبنا يعتصمون على مدى ثمانين يوما ومازالوا فى اطول اعتصام سودانى فى تاريخنا الحديث، يعتصمون من اجل مطالب عادله يبحثون فيها عن ملاذ آمن يكفيهم شر الحرب وزوار الليل والعوزة ،يبحثون عن حياة كريمه بعد ان ضاقت بهم الاوطان واستفرد زمانا بهم الجلاد، وهم فى بحثهم هذا احتملوا ما احتملوا وهو كثير صنوفا من الاذى والعذاب ،وهم فى بحثهم الدائب هذا يدركون ان سعيهم قد يطول ولكن لا بديل وصدق من يقول:

يقضى على المرء فى ايام كربته حتى يرى الحسن فيما ليس بالحسن

والغريب فى الامر ان الخصم فى قضيتهم هو الحكم نفسه والادهى والامر من ذلك كله انها المفوضيه الساميه لشئون اللاجئين الجهة التى يفترض ان تكون المظله الواقيه لهؤلاء اللاجئين بعد ان اجبروا مكرهين على ترك اوطانهم وفيهم صدق الشاعر
لعمرك ما اشخصتنا رغبة عن بلادنا ولكن ماقدر الله كائن
وامام مقرها اعتصموا مطالبين بحقوقهم وبدلا من ان تسعى مخلصة لتلبية او تسوية مطالبهم لتمد جسور الثقة بينها وبينهم باعتبارها ملاذهم الاخير وضعت فى طريقهم العراقيل واتخذتهم اعداء لها وهذا ما تكشفه بياناتها الصادرة فى هذا الشان، وهى تتذرع فى ذلك باتفاقية السلام الاخيرة الموقعة بين النظام والحركة الشعبيه و التى ان انهت فصلا ماساويا واحدا فانها فتحت الباب امام فصول اخرى اكثر دموية وماساوية ،وما دارفور ومجاذرها ببعيدة عن الاذهان، مغفلة ايضا تازم الاوضاع فى كل السودان شماله و شرقه ووسطه وحتى جنوبه ،بفعل سياسات الحزب الحاكم فى الخرطوم وامتلاكه بقوة الحديد والنار لمقاليد السلطة والثروة بالبلاد وانتشار جلاديه لاحكام القبضه على طول البلاد وعرضها حجرا للراى واذلالا للشعب
وليس يصح فى الافهام شىء اذا احتاج النهار الى دليل
كل هذا فى جانب واعتراف المفوض السامى لشئون اللاجئين انطونيو جوتيرس نفسه شى اخر مؤكدا فى تصريحاته تدهور الاوضاع مجددا وتشعب ازمات السودان بفعل سياسات النظام جنوبا وشرقا وغربا ومع كل هذا تصر المفوضية الساميه لشئون اللاجئين فى القاهره بالمضى فى قراراتها الخاطئه والمتعجله والتى ترتكز فى مجملها على تحسن الاوضاع على الارض وهذا غير صحيح ويرى الكثيرين ان المستفيد الاول والاخير من هذه التدابير هو الحزب الحاكم فى السودان ،وان المتضرر الرئيسى والمستهدف بهذه القرارات هو اللاجى الذى يقع على المفوضيه صاحبة القرار واجب حمايته والاخذ بيده الى بر الامان. ويتفق الجميع انه لا يوجد مبرر مقنع لاستمرارية هذه القرارات مما دفع البعض لاتهام المفوضيه بالتوازى مع اطراف اخرى بالضلوع فى مؤامرة تحاك ضد هؤلاء اللاجئين وعلى مشهد ومسمع وبمباركة الدولة المضيف ويذهب البعض فى ذلك منحى اخر حيث يؤكدون ان الدعوة لاصلاح الامم المتحدة ومنظماتها لم تاتى من فراغ وتعبر عن حاجة ماسه وسط اتهامات متزايده لموظفيها بالفساد وسوء الاداره وتسيير القرارات لصالح جهات معينه خدمة لاهداف واغراض سياسة انية متعارضة بذلك مع الدور الذى يفترض ان تقوم به وما تدعو اليه اتفاقياتها والتى يتسم قدر كبير منها بروح العداله واعلاء قيم الانسانية.
ويبقى الاهم وسط هذا الجو المشحون الذى ينذر بكارثة انسانية وشيكة ان تتضافر كل الجهود احزابا ووسائل اعلام ، نقابات ومنظمات مجتمع مدنى وشخصيات وطنية عامه للتضامن مع هؤلاء المعتصمين وللضغط على مفوضية اللاجئين والدولة المضيف لاتخاذ قرارات وتدابير عاجله ترد وتحفظ حقوق هؤلاء اللاجئين بما يتفق وحقيقة الاوضاع فى السودان ويستند الى قوانين ولوائح المنظمة الدوليه نفسها ويراعى وضعية الدولة المضيف.
وما يعضد هذه الدعوه هو السلوك السلمى الراقى الذى اختطه وانتهجه المعتصمين للمطالبة بحقوقهم والمحافظة على وحدتهم وموقفهم والتزام الهدوء فى ذلك كله وبشهادة الجهات الامنية فى الدولة المضيف
هؤلاء اللاجئين ينتظرون من الجميع المسانده ايمانا بعدالة مطالبهم وانحيازا كاملا لهذه الجماهير التى شقت طريقها بهذا الاعتصام نحو استرداد حقها المسلوب.

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved