تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

إعمار دارفور ... كيف؟ بقلم د. حسين آدم الحاج

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/12/2005 9:47 ص

بسم الله الرحمن الرحيم


[email protected]د. حسين آدم الحاج

توطئة:

سننطلق فى الإجابة على هذا السؤال من ثلاثة فرضيّات نعتقد أنّها أساسيّة وتشكل المحتوى الهيكلى لقضايا الإعمار بوجه عام، وما يختص بدارفور من ذلك بوجه خاص، نجملها فى الآتى:
(1) فى مجال التخطيط العام أو الإستراتيجى، لا يمكن بأى حال إعداد دراسة جدوى محكمة ذات قيمة موضوعيّة تؤدى إلى تحقيق أهدافها بنجاح من دون أن تتوفر لها قاعدة معلومات أساسيّة تتعلق بمكونات البرنامج، أو جوانب المشروع المراد تنفيذه، إضافة إلى جودة تلك المعلومات وعمق تسلسلها الزمنى، إذ أنَ تراكم البيانات الإحصائيّة والمعلومات المصاحبة والخبرات ذات الصلة لها تأثير كبير فى تجويد إعداد الخطة.
(2) مشاريع الإعمار، أو إعادة الإعمار، بالنسبة للمناطق المتأثرة بالحرب والنزاعات عادة يتم تنفيذها بهدف تلبية جملة من القضايا ذات الطبيعة العاجلة، أهمّها معالجة أسباب النزاع وإستقرار الأهالى المتأثرين، بجانب تمكينهم من العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعيّة كما كانوا قبل نشوب النزاع، وذلك من خلال مدخلات خدميّة إجتماعيّة غالباً ما تكفى فقط لمجابهة متطلبات المدى المرحلى القصير، ولا تعنى بالقطع بالمدى الزمنى الطويل، إذ يقع ذلك على عاتق الدولة المعنيّة فى إطار خططها التنمويّة، ولذلك فإنّ الجانب الإنسانى المحض يظل هو الهدف المسيطر فى تخطيط وتنفيذ هذا النوع من المشاريع.
(3) إنشاء المشاريع التنمويّة الكبيرة، مثل الطرق العابرة ومحطات توليد الطاقة وما شابهها، فى المناطق المتخلّفة على أساس الجدوى الإقتصاديّة البحتة أصبح أسلوباً عفا عليه الزمن، فهو طريقة تقليديّة لأنّه يركز على النواحى الماليّة والربحيّة فقط بينما يغفل جملة من الأهداف الأخرى المتعلقة بالجوانب التى لا يمكن تقييمها مادياً (نقدياً) مثل العدالة الإجتماعيّة والإحتقان السياسى والتأثيرات السلبيّة على البيئة كأمثلة، ونتيجة لذلك فقد أخذت منظمات التمويل الدوليّة، مثل البنك الدولى، تقيّم المشاريع المقدمة لها من جوانب مختلفة عبر ما يعرف فى علوم التخطيط بتعدد الأهداف (Multi-objectives)، إذ أنّ قيمة الجدوى الإقتصاديّة فى هذه الحالة، كهدف، تظل واحدة فقط من ضمن جملة أهداف أخرى.

إذا أخذنا دارفور كمثال بناءاً على هذه الفرضيات التحليليّة، يجدر بنا أن نحدد إبتداءاً هل نحن بصدد قضيّة إعمارها أم إعادة إعمارها؟ إذ أنَّ الحالة الثانيّة هنا تعنى بالضرورة أنّه كان هناك عمار تمّ تخريبه فوجب إعادة بناءه، وهو ما يجافى الواقع. فالإقليم الذى يأوى نحو 6 مليون نسمة ظلّ طوال تاريخه يعانى درجات بئيسة من التخلف والتردى أدى إلى نشؤ حالة من الإحتقان الثقيل نتج عنه هذا الحريق الكبير، وفى هذه الأحوال يأتى دور قواعد المعلومات ليضع القرائن بائنة من خلال البيانات التاليّة كأمثلة:
/1/ مساحة الإقليم تبلغ 201 ألف ميل مربع، أى 20 بالمائة من المساحة الإجماليّة للسودان وأكبر أقاليمه مساحة، لكن ليس فيه طريق واحد سالك الآن، بجانب أنّه غير مربوط ببقيّة أنحاء البلاد، والطريق الوحيد، نيالا، كاس، زانجى (130 ميلاً)، والذى إنشئ فى منتصف الثمانينات، تهدم كله وصار مهجوراً منذ منتصف التسعينات لعدم وجود الصيانة، ومنذ ذلك الوقت لم تجر أيّة محاولة جادة لإنشاء أى طريق آخر حيث ذهب مشروع طريق الإنقاذ الغربى أدراج الرياح.
/2/ نسبة الأطفال الذين يجدون مقاعد للدراسة فى سن السادسة يبلغ 31 فى المائة من جملة أطفال الإقليم الذين يتقدمون لذلك، أى الثلث فقط، بينما تبلغ نسبة الفاقد التربوي فى المدارس عشرون بالمائة في المدن وأكثر من ضعف ذلك في الأرياف.
/3/ عدد أخصائيى الولادة اليوم بالإقليم كله 2 فقط، وعدد أطباء التخدير 1، وما زالت الولادة عن طريق الحبل متفشيّة على نطاق واسع فى أرجاء الإقليم.
/4/ قوة التوليد الكهربائى فى كل الإقليم 7 ميقاواط فقط، أى ما يكفى لتشغيل مصنع صغير، 6 منها فى نيالا وواحد فى الفاشر، وقد ظلّت مدينة الفاشر كمثال تعيش فى شبه ظلام دامس طيلة الربع قرن الماضيّة إذ ظلّت الهيئة القوميّة للكهرباء تبرمج خدماتها يوماُ للجزء الشمالى من المدينة ويوماً لجنوبها وفى الأمسيات فقط، يتم قطعها قبل منتصف الليل، هذا إذا كانت الخدمة أصلاً متوفرة، لكن وللأسف فى أحيان كثيرة تنقطع الكهرباء لشهور عديدة مثلما يحدث الآن نتيجة لتعطل الماكينات وضعف قدرتها أو إنعدام الوقود.
/5/ أمّا المياه فتشرب أحياء مدينة الفاشر مثلاُ يوماً واحداً فى الأسبوع كله ويسهر المواطنون حتى الصباح فى إنتظار ملء براميلهم، وقس على ذلك معظم أنحاء الإقليم. فى الأرياف الناس يشربون مع حيواناتهم من نفس المستنقع أو الرهد.
/6/ ظلّت مرتبات المعلمين تتأخر لشهور عديدة، فهجروا التعليم وتردت أحوال المدارس فى كل أنحاء الإقليم وتدنت مستوياتها فصار التعليم فى دارفور فى مؤخرة البلاد.

والحال هكذا فإنّ دارفور ليس بحاجة إلى إعادة إعمار، لأنّة لا يوجد الكثير، بل الحقيقة تقول بأنّها فى حاجة حقيقيّة إلى إعمار شامل يرقى بها على الأقل إلى مصاف رصيفاتها من أقاليم السودان الأخرى، لكن كيف يتم ذلك؟

تعريف مشروع إعمار دارفور:

مشروع إعمار دارفور يتمثل فى عملية تطوير إنسانها ومجتمعها كغايّة، ومحاولة إحداث تنميّة إجتماعيّة وإقتصاديّة شاملة، وذلك من خلال تأهيلها فى كل المجالات الممكنة، وإستثمار مواردها الطبيعيّة، وبناء قدراتها العمليّة، وتفجير إمكاناتها الكامنة، عبر خطط إستراتيجيّة ممرحلة فى أبعادها الآنيّة والمستقبليّة تتبنى تنميّة إنسان الإقليم كقيمة، وتساعد فى إنطلاق نهضة إقتصاديّة، إجتماعيّة، ثقافيّة، وتنميّة مستدامة متوازنة على مستوى كل مناطق دارفور. إنّ فلسفة هذا المحتوى تتلخص فى التالى:

(1) أى مشروع للتنميّة لا يكون جهداً فى حد ذاته، أو لتحقيق ربح أو تجنب خسارة، بقدر ما يكون لتنميّة الإنسان كهدف وغايّة.
(2) عمليّة التنميّة عمليّة مستمرة ومرتبطة بتطور الإنسان وتقدمه، بل وتتغير شكلاً ونوعاً وموضوعاً ومضموناً مع تغير حاجات الناس ودرجة الوعى التى إكتسبوها كأثر مباشر لبرامج التنميّة نفسها، وهذا هو سر العلاقة ما بين التنميّة والإنسان، أى أنّهما وجهان لعملة واحدة تستمدان قيمتيهما الذاتيتين من تداخلهما البعض بالبعض.
(3) تنميّة المجتمع، خاصة فى المناطق المتخلّفة، لا يجب أن تخضع للمقياس المادى الأعمى وإنّما بمردود الوعى الناتج عنها، فمثلاً لا يمكن وضع مقابل مادى كمردود لتعليم طفل صغير أو معالجة قضيّة تصحر، ولذلك تنعكس قيمة المردود فى درجة التطور الإجتماعى العام كنتيجة لتلك الجهود.
(4) الإستراتيجيّة المحكمة هى التى تكون ممرحلة بمديات زمنيّة معلومة تعكس مستويات تطبيق الخطط المتبناة ودرجة نجاحاتها فى تحقيق الغايات المرجوة منها.
(5) بالنسبة لدارفور، ومن أجل نهضة مجتمعها، تمثل التنميّة المستدامة والمتوازنة فى كل بقاع الإقليم أهميّة قصوى فى تحقيق تلك النهضة والتى لا يجب أن تترك إنساناً أو منطقة متخلفةً وراءها.
(6) يجب على مثل هذه الإستراتيجيّة أن تتعامل وتنظر إلى دارفور كوحدة واحدة، وإقليم متكامل جغرافياً وإجتماعياً وبيئياً وثقافياً، من الصعوبة الفصل فى ذلك إلاّ بما يؤدى إلى دعم منظومتها الأساسيّة.

محاور الإعمار:

أهدانى الدكتور يحيى محمّد محمود، الإقتصادى المعروف ورئيس الهيئة الشعبيّة لتنميّة دارفور، دراسة جيّدة أعدّها كمقترح لإنشاء "صندوق إعادة إعمار دارفور"، إحتوت على ثلاثة أجزاء تتضمن الهيكل العام للمشروع وأهدافها إضافة إلى ملحقين تشملان إستراتيجيّة عمل الصندوق ثمّ مشروع النظام الأساسى للصندوق، ولقد سعدت بمطالعتها كجهد صادق ومن خبير مختص مساهمة منه فى عمليّة تنميّة دارفور، وأعتقد بأنّها ورقة مناسبة يمكن تطويرها إلى مستوى مفوضيّة كاملة لتنميّة دارفور خاصة وأنّ المطلوب فى المرحلة القادمة سيكون أصعب كثيراً عمّا يتوقعه الكثيرون.

وفى الحقيقة هنالك قدر هائل من الجهد، يكاد يبلغ المستحيل، ممّا ينبغى عمله من أجل إعمار دارفور، ويتطلب ذلك تخطيط إستراتيجى فى إتجاهات مختلفة بما يمكّن من التعامل بكفاءة ونجاح مع التحديّات المحتملة سواء تمّثل فى مجال التمويل وبناء القدرات من ناحية، أو الصراع مع الطبيعة المعقدة لتضاريس الإقليم وإتساعه الكبير، بجانب تشتت الناس والبلدات فى مساحات واسعة من نواحى أخرى، الشيئ الذى يتطلب تبنى إستراتيجيّة مفصلة لإنجاز عمليّات الإعمار تتسم بالوضوح والإتزان بجانب المرونة الموضوعيّة والتبصر لمعالجة مطبات المخاطر (Risks) وإحتمالات عدم الوضوح (Uncertainty)، وعلى العموم يمكن تقسيم إستراتيجيّة التعمير إلى ثمانى محاور أساسيّة نجملها فى الآتى: محور بنك المعلومات، محور البيئة، محور الخدمات، محور البني التحتيّة، محور الموارد الطبيعيّة، محور الموارد البشريّة، محور الصناعات الأساسيّة والمعدنيّة، ومحور التجارة الخارجيّة، نفصل كل واحدة منها فى الآتى:

(1) محور بنك المعلومات:
كما أشرنا أعلاه، فإنّ محاولة وضع أو تنفيذ أى خطة إستراتيجيّة للإعمار سوف لن تكون ذات جدوى إذا لم تعتمد على قاعدة معلومات أساسيّة عن المعطيات المتعلقة بصلب المشاريع المراد تنفيذها، ولمّا كان إنشاء بنك للمعلومات فى حد ذاته عمليّة معقدة وبحاجة إلى جهد كبير لبناء القاعدة الأساسيّة، والتى قد تشتمل على المعلومات والإحصائيات للعشرين أو الثلاثين سنةً الماضيّة، بجانب الإستمرار فى تجديدها بصورة دائمة لتضمين ما يستجد من متغيرات، فإنّه ينبغى أن تبدأ الجهود نحو ذلك منذ الآن. ومن الضرورة الإشارة إلى أنّ مثل هذه المهمّة تحتاج إلى فريق كبير من العاملين يعملون معاً بتنسيق كامل وعبر برنامج متكامل يغطى كل مصادر المعلومات المتوافرة سواء أكان ذلك فى الخرطوم أو الجهات التنفيذيّة بإقليم دارفور، بجانب الجامعات ومراكز البحوث المختلفة والمنظّمات الدولية كبرنامج الأمم المتحدة للتنميّة، اليونسيف، اليونسكو واليونيدو. كما أنّه قد يكون من الضرورة بمكان تأسيس مكتب ثابت لتولى الإشراف على ذلك تتوفر لها كل الإمكانات اللازمة للعمل وبدورها توفر المعلومات المطلوبة وتصدر تقريراً سنوياً يتضمن الإحصائيات المتجددة للأعوام المنصرمة بجانب العام الذى مضى. ونعتقد بأنّ مثل هذا المشروع موجود سلفاً متمثلاًً فى مصلحة الإحصاء، لكن لا ندرى مدى عمقه وما إذا كان معنيّاُ أيضاً بمعلومات الموارد الطبيعيّة والإحصائيات الخاصة بإنشاء المشاريع، فهذه معلومات فنيّة تصدر من جهاتها المختصة، وعلى العموم فإنّ المطلوب هو الحصول على كل المعلومات المتعلقة بقضايا الإعمار فى رزمة واحدة تغنى المخططين عن هدر أوقاتهم وطاقاتهم فى الجرى للبحث عن معلومة ما. ولعلّه من المفيد أيضاً الإشارة إلى خبرات دارفوريّة عليمة بمثل هذا المجال متمثلاً فى الدكتورين موسى آدم عبدالجليل وصديق أمبدة بجامعة الخرطوم، واللذان بإمكانهما الإشراف التام والكامل لإنشاء مثل هذه القاعدة أو تطويرها بما يتناسب لتلبى المطلوب منها إذا كانت موجودة بالأساس.

إحدى مكونّات قاعدة المعلومات المتعلقة بمشاريع التنميّة تتمثل فى إستحداث خرائط تنموية تغطى كل الإقليم مثل الخرائط السكانيّة، الزراعيّة، الرعويّة، المائيّة، المعدنيّة، الصحيّة، التعليميّة، البيئيّة، وغيرها، مع ضرورة المتابعة السنويّة للتغيرات التى تحدث نتيجة لحركة السكان.

قاعدة معلومات دارفور تمثل إحدى البرامج الطموحة التى تسعى "رابطة دارفور العالميّة" المساهمة فى إنشائها، والتى سوف لن تقتصر على معلومات التنميّة الإجتماعيّة والإقتصاديّة فحسب، بل ستتوسع لتشمل جوانب ملحّة أخرى بل ومطلوبة مثل تاريخ دارفور وآثارها وثقافاتها، بجانب دراسات الحاضر والمستقبل، وذلك من خلال التوثيق والكتابات والبحوث الدراسيّة وغيرها من المداخل، كما ستقوم الرابطة بإعادة طباعة ونشر الكتب التاريخيّة النادرة والحديثة عن تاريخ وشئون دارفور، بعد الحصول على حقوق الطبع، وتوفيرها للباحثين والمهتمين بها.

(2) محور تأهيل البيئة:
من المشاكل الكبيرة التى تواجه دارفور تحديداً وتحتاج لمعالجات جادة تتمثل فى الزحف الصحراوى وندرة المياه، وبرغم التقارير الكثيرة التى تعزى الصراعات الماثلة إلى التنافس حول الموارد الطبيعيّة المتناقصة مع الإزدياد المضطرد فى عدديّة السكان إلاّ أنّه من الملاحظ أيضاً عدم وجود أى خطة إقليميّة أو قوميّة للتعامل مع مسائل الجفاف والتصحر كقضيّة قوميّة محوريّة تسرى فى جسد الوطن مثل السرطان، وتدمر الإقتصاد الوطنى دون الإحساس اللحظى بأثرها. إنّ وضع إى إستراتيجيّة لتأهيل البيئة الطبيعيّة بدارفور والتخفيف من آثار الجفاف والتصحر تتسم بعدة ملاحظات:
أولاً: أنّها إستراتيجيّة طويلة المدى، إذ لا يمكن إصلاح البيئة بين ليلة وضحاها.
ثانياً: ليس بالإمكان تنفيذ هذه الإستراتيجيّة بمعزل عن الجوار الإقليمى والمحيط القارى، فالحزام الصحراوى يمتد لآلاف الكيلومترات، من السنغال إلى الصومال، ويزحف تدريجياً نحو الجنوب بمقدار ست أميال سنوياً ملتهمة مئات الألاف من الأفدنة الصالحة للزراعة، وعلى هذا الأساس فإنّ تدهور البيئة فى أفريقيا تمثل معضلة قاريّة يجب فهمها من زاويّة أنَّ محاولة تأهيلها، أو إعادة تأهيلها، هى مهمة تتكاتف حولها مجموعة الدول المتأثرة بجانب مساعدات علميّة وماديّة وفنيّة ولوجستيّة هائلة من المنظمات القاريّة والدوليّة، ولذلك فهى ليست قضيّة محليّة.
ثالثاً: يجب أن تكون البرامج والأنشطة المتضمّنة فى هذه الإستراتيجيّة معتمدة على النواحى العمليّة والتطبيقيّة قدر الإمكان فذلك وبغير ذلك تظل المشكلة تتطاول دون هوادة.
رابعاً، وأخيراً، يجب إشراك وتنوير كافة قطاعات المجتمع، خاصة الأهالى العاديين وفى الريف، بحجم وخطورة المشكلة وأنّهم معنيين بدرجة كبيرة فى التعاون لتنفيذ البرامج المطروحة.

وعليه يكون الهدف المطلوب هنا هو تأهيل بيئة دارفور بطريقة علميّة مدروسة تتوفر من خلالها إمكانيّة إمتصاص صدمات التقلبات البيئيّة ودورات الجفاف، وعدم السماح لهذه الكوارث من التأثير على الأوضاع الغذائيّة والرعويّة ومصادر المياه وإلاّ تحوّلت إلى مصادر لتفجير النزاعات والإحتكاكات. لكل ذلك يجب إعتماد خطوات عمليّة ضمن برنامج الإستراتيجيّة نعتقد أنّ أولى خطواتها فى المدى القصير يتمثل فى محاولة الحد من إستخدام حطب الوقود والفحم النباتى للإستخدام المنزلى، وذلك من خلال توفير بدائل للطاقة المنزليّة مثل تكثيف إستخدام الغاز فى المدن والبلدات الكبيرة، وتوفير وقود الكيروسين ومواقد الطبخ التى تعتمد عليها فى الأرياف وتجمعات قبائل الرحل، بجانب منع إستخدام كتل الحطب فى حرق الطوب الحرارى وإدخال أساليب حديثة فى البناء مثل إستخدام مكعبات الأسمنت. لكن من المهم أيضاً أن يستصحب ذلك برامج توعية مكثفة عن طريق وسائل الإعلام، الأنشطة المدرسيّة، الندوات المسائيّة، الأسواق والمساجد على السواء. كما إنّه من المناسب أيضاً إقناع الأهالى بأنّ البيئة المخضرّة الصحيّة تمثل فائدة لهم وأنّ ذلك يساعد على هطول الأمطار عن طريق توفير الظروف المناخيّة المناسبة لهطولها.

كما يمكن لهذه الإستراتيجيّة أن تشتمل أيضاً على برامج طموحة لإنشاء الغابات ومشاريع التشجير (forestation)، وإستحداث التشجير فى المناطق غير المشجرة من قبل (afforestation)، وإقامة المحميات الطبيعية، ومصدّات الرياح، ونثر البذور، وإنشاء إدارة إقليمية متخصصة لتنفيذ ذلك تكون مجهَّزة ولو بطائرة واحدة صغيرة لنثر البذور من الجو وعلى مساحات واسعة من الأراضى المتصحرة والهشَّة على السواء على أن يكون ذلك قبل بدء مواسم الأمطار. كما إنّه لا بد من الإستفادة القصوى من فيضانات فصل الخريف والتى تذهب معظمها هدراً دون فائدة كبيرة، وفى هذا الصدد يمكن إنشاء سدود مائيّة فى الوديان والخيران فى كل أنحاء الإقليم تكون مدروسة بعنايّة لئلا يؤثر ذلك على جموع الأهالى والسكان التى تعيش أسفل الوادى وما وراءها، ويمكن إستخدام ذلك أيضاً فى خلق بحيرات صغيرة داخل جبل مرّة لدعم مستويات المياه الجوفيّة (Underground water table)، والتى بدأت فى الإنخفاض فى السنين الأخيرة نتجت عنها نضوب بعض العيون والينابيع، إنَّ العديد من العيون والشلالات التى كانت متناثرة فى منطقة جبل مرّة فى الماضى قد جفَّت نتيجة لهبوط مستويات المياه الجوفيّة لكن يمكن معالجة ذلك بمحاولة رفع تلك المستويات بإعادة تغذيتها، والأثر المباشر لذلك هو إرتواء التربة وتشبعها بالرطوبة، ليس فى منطقة الجبل فحسب، وإعادة تأهيل مشاريع الزراعة والبساتين ومكافحة الزحف الصحراوى الذى إمتد الآن حتى إلى داخل الجبل نفسه.

إنّ من المهم للسلطات فى دارفور تكوين مفوضيّة إقليميّة لتأهيل البيئة، تتبع للحاكم مباشرة، وترتبط بالأجهزة القوميّة المشابهة، وتسعى لعقد شراكات مع المنظمات العالميّة ذات الصلة مثل برنامج الأمم للبيئة، منظمة الفاو، إتفاقيّة الأمم المتحدة لمقاومة التصحر(UNCCD)، ومنظمة الساحل والصحراء. لقد حاولت جامعة الامم المتحدة فى طوكيو فى منتصف السبعينات إنشاء معهد لبحوث الجفاف والتصحر على مستوى الحوافى الجنوبيّة للصحراء الكبرى وإختارت مدينة الفاشر كموقع لها ولكن تلكأ النميرى فى الموافقة عليها فحولوها إلى داكار عاصمة السنغال بينما فتحوا مركزاً آخراً فى صفاقس بتونس لحوافى شمال الصحراء، ولقد كانت فرصة نادرة فلتت من أيدينا. كما تبدو الحاجة ماسّة إلى إبتكار خطط ذكيّة مثل تكليف الرعاة برش البذور بمقادير معلومة أثناء غدوهم وترحالهم فى مواسم النشوق، وبذلك يتحول الرعاة إلى عامل حل للمشكلة بدلاً عن تفاقمها كما هو الإتهام السائد فى وكالات الإعلام.

(3) محور الخدمات:
يضم محور الخدمات قطاعات مثل التعليم، الخدمات الصحيّة، الرعايّة الإجتماعيّة،الدفاع المدنى، الأمن الغذائى وخدمات البريد، هذه المجالات تؤثر وتتأثر بها حياة المواطن مباشرة ولا بد من توفيرها كمقدمات أوليّة وأساسيّة لإستقرار المجتمع وضمان تطوره. بالنسبة لدارفور الدور الأكبر فى توفير ذلك يقع على عاتق الحكومة ولا مجال للهروب عن ذلك. وهنا لابد من الإنتباه إلى جوانب حسّاسة فى هذا الموضوع وتتمثل فى سياسات الخصخصة التى شملت بعض هذه القطاعات مثل التعليم والصحة وهما مجالان لا غنى للإنسان منهما أبداً، فالأول يتعلق بمستقبل الأجيال الناشئة والآخر بوجود الإنسان نفسه، بجانب أنّ تطبيق الخصخصة نفسها تحتاج إلى مناخ إقتصادى ملائم، وحتى فى وجود ذلك ينبغى التدرج المرن فى تنزيلها رحمة بالشرائح الفقيرة من الإنسحاق تحت وطأتها، فما بالك بالملايين من أهل دارفور الذين يعيشون فى المخيمات وعلى أطراف المدن يقتاتون على ما تقدمه لهم منظمات الإغاثة؟ إنّ على السلطات الحاكمة فى دارفور، وفى ضؤ الصلاحيات الواسعة التى وفرتها إتفاقيّة السلام، أن تنتهج سياسة تأهيل المجتمع كمنهج أساسى فى سياساتها الإقتصاديّة، فالمنبتّ لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وحتى لو حاول المسؤولون غير ذلك فسوف لن يجنون شيئاً سوى إرهاق هؤلاء البؤساء، وإذا كان فاقد الشيء لا يعطيه فإنّ هؤلاء البؤساء المعدمين هم الأحق بالعطاء. على هذه الخلفيّة يجب على السلطات أن تنفق فى هذه المجالات إنفاق من لا يخشى الفقر بجانب جملة من السياسات الأخرى التى توفر برحة للأهالى لإلتقاط أنفاسهم والدخول تدريجياً فى دورة الإنتاج. أنّ مثل هذه السياسة الإقتصاديّة ستكون حاسمة وسيأتى مردودها إيجاباً على المديين المتوسط والطويل فإنسان دارفور يعتبر دائماً مثالاً للإنسان العامل المنتج. المهم هنا النظر إلى الإنسان كهدف وغايّة والتى تمثل جوهر وروح التنميّة.

مجال آخر هنا يجب أن تنتبه لها السلطات الحاكمة ويتمثل فى مسألة الأمن الغذائى وما يتعلق بها من ملفات مصاحبة مثل المخزون الإستراتيجى ومعينات درء الكوارث البيئية وموجات الجفاف وبرامج الدفاع المدنى. فنتيجة لتكرار موجات الجفاف بدارفور فى العقود الأخيرة، وما يتمخض عنها من كوارث إجتماعية وهجرات ونزاعات كنتائج طبيعيّة، تصير مسألة التحسب لحدوث مجاعات وكوارث جديدة فى المستقبل من أوجب الواجبات الإقليميّة والقوميّة على السواء، ولذلك ينبغى التواضع على جملة من التدابير والبرامج العمليّة تكون على مقدرة للتنبؤ بالكارثة قبل وقوعها إضافة إلى إستعدادها التام للتعامل معها إذا ما حدث. إنشاء جهاز إقليمى للإنذار المبكر بدارفور لمتابعة ورصد مستويات التقلبات البيئيّة وما يرتبط بها من متطلبات الغذاء والمعالجات المطلوبة أمر مطلوب تنفيذه بشدة، ويمكن الإستعانة بالدول العظمى التى تساعد دارفور الآن فى محنتها فى إنشاء ذلك على أسس علميّة مدروسة، ومدِّها بالكادر البشرى المدرَّب والآليات والأجهزة المتطورة. ومن المهم أيضاً إستحداث مفوضيَّة إقليميّة للأمن الغذائى، تكون درجة حساسيّتها وإستعدادها فى مستوى الأمن القومى الدفاعى، ومؤهلة تأهيلاً عالياً للتعامل مع كل إشكالات الكوارث من جفاف ومجاعات، كما إنّه مطلوب أيضاً تطوير آليات للدفاع المدنى للتعامل مع كوارث الفيضانات، مثل تلك التى ضربت مدينة الفاشر مؤخراً، أو الأوبئة وخلافها من الآفات الإجتماعيّة. إعادة تأهيل المشاريع الزراعية فى كل من ساق النعام، أم بياضة، وادى صالح، أم عجاجة، قوز دنقو، هبيلا، وغيرها وتوزيعها فى حيازات صغيرة على أساس الإستثمار الحر، بجانب إدارتها برفق عن طريق إجراءات بسيطة ومرنة ستساعد حتماً فى إعادة تأهيل القطاع الزراعى بالإقليم ودعم موقف الأمن الغذائى. إضافة على ذلك تظل فكرة إنشاء صوامع لحفظ الغلال لدعم الأمن الغذائى والسيطرة على تقلبات الأسعار من السياسات الوقائيّة والإستباقيّة تحسباً لدورات الجدب والجفاف والذى تكرر كثيراً فى العقود الأخيرة.

(4) محور البني التحتيّة:
البنى التحتيّة (Infrastructure) هى المنشآت والخدمات الضروريّة لتسهيل وتسيير الحياة لمجتمع أو دولة ما، وتتمثل فى قطاعات رئيسيّة مثل المواصلات، الإتصالات، إمداد الكهرباء، شبكات المياه، مجارى الصرف الصحى وغيرها، وكلها تتميز بضخامة رساميلها بجانب تكاليف تشغيلها والتى يجب أن تكون بكفاءة عاليّة مخافة من أن يتضرر المجتمع فى حال أى قصور عن تحقيق ذلك. بالنسبة لدارفور فإنّها تفتقر لمعظم هذه البنيات التحتيّة، فلا مواصلات مريحة أو سريعة نسبة لرداءة الطرق، وخط السكة الحديد الوحيد الذى يربطها بباقى الوطن متهالك بل وتتوقف لشهور عديدة فى فصل الخريف لإنجراف القضبان، ولا كهرباء، وظلّت تجأر من العطش طوال تاريخها الحديث، ببساطة هى تحتاج لمنشآت كاملة تقوم من القواعد فى كل هذه المجالات.

تنميّة هذا المحور تحتاج لتدخل قوى من المجتمع الدولى لأنّ التكاليف المطلوبة لمجابهة التحديّات هنا باهظة، وسوف لن يتمكن نصيب الإقليم من الثروة القوميّة مهما بلغت من مقابلتها. ونود هنا أن نشير إلى ثلاثة حقائق لا بد من الإنتباه لها فى التخطيط الإستراتيجى المتعلق بهذا القطاع:
أولاً: إتساع الإقليم ووعورة تضاريسه يشكلان معضلة حقيقيّة فى ربط أجزائه بشبكات الطرق وخطوط الكهرباء وهذا من شأنه أن يضاعف من تكلفة تنفيذ هذه المشاريع.
ثانياً: يجب تطوير أفكار ذكيّة لكيفيّة جذب الدعم العالمى فى تطوير هذه القطاعات، ولعلّ تجربة الحركة الشعبيّة لتحرير السودان وما تعانيه الآن حكومة الجنوب فى هذه الجانب، رغم علاقاتها الدوليّة ونصيبها المقدّر فى الثروة والسلطة، تقف شاهداً على حرج الموقف فى هذا المجال.
ثالثاً: إنشاء المشاريع المختلفة يتطلب سنوات طويلة من العمل الشاق ممّا يستدعى تبنى إستراتيجيّة مفصلة بمديات زمنيّة معلومة، موزعة بالقسط بين المناطق المختلفة بالإقليم، متوازنة بين الحضر والريف، وملبيّة للحاجات الأساسيّة للمواطن.

ولإيضاح صعوبة العمل فى تنفيذ هذا المحور سنأخذ قطاعين أساسيين كأمثلة لما هو منتظر من جهد ومال، هما الطرق والكهرباء:

تحتاج دارفور لربط أجزائها بالمحاور الطرقيّة الأساسيّة التاليّة:
أولاً: محور الفاشرـ نيالا ـ كاس ـ زالنجى ـ الجنينة: 362 ميلاً
ثانياً: محور الفاشر ـ كبكابيّة ـ سرف عمرة ـ الجنينة: 227 ميلاً
ثالثاً: محور الفاشر ـ كتم ـ كرنوى ـ الطينة: 194 ميلاً
رابعاً: محور الفاشر ـ أم كدادة ـ اللعيّت ـ الضعين ـ نيالا: 378 ميلاً
خامساً: محور نيالا ـ عد الفرسان ـ تلس ـ برام: 102 ميلاً
سادساً: محور تلس ـ رهيد البردى: 50 ميلاً
سابعاً: محور الضعين ـ برام: 100 ميلاً
ثامناً: محور وادى صالح ـ زالنجى ـ كبكابيّة: 122 ميلاً
تاسعاً: محور الطينة ـ كلبس ـ الجنينة: 100 ميلاَ
عاشراً: محور الفاشر ـ مليط ـ المالحة: 120 ميلاً

مجموع أطوال هذه المحاور، والتى تربط كل أرجاء دارفور بشبكة موحدة، يبلغ 1755 ميلاً، هذا بخلاف الجسور فوق الأوديّة الهائلة التى تنحدر من قمم جبل مرّة وإمتداداتها عبر الإقليم. فإذا قدرنا تكلفة نصف مليون دولار لرصف الميل الواحد فإن رصف كل هذه المحاور سيكلف نحو 900 مليون دولار، إضافة إلى نحو 100 مليون دولار لإنشاء الجسور والكبارى، ممّا يصل بالتكلفة الكليّة لربط الإقليم بشبكة موّحدة من الطرق بنحو بليون دولار، وهى تكلفة تتناسب مع منطقة بحجم مساحة فرنسا.

أمّا بالنسبة للكهرباء فتبدو المسألة بذات التعقيد والتكلفة، فمدينتان فقط، هما الفاشر ونيالا، فيهما شبكات كهرباء لكنّها فى حاجة إلى إعادة تأهيل كاملة وتوسعة تتناسب مع الإنفجار السكانى فيهما، أما بقية المدن فتعيش فى ظلام دامس. على هذا الأساس فإن كل مدن الأقليم تحتاج لشبكات كهرباء وتشمل المدن والبلدات التاليّة: الفاشر، نيالا، الجنينة، أم كدادة، زالنجى، كاس، كتم، الضعين، برام، عد الفرسان، تلس، رهيد البردى، كبم، مليط، اللعيّت، المالحة، أم برو، كرنوى، الطينة، كلبس، قارسيلا، هبيلا، فوروبرنقا، أبو جابرة، أبو كارنكا، أبو مطارق، الملم، بجانب القرى الصغيرة بالقرب من هذه المراكز.

عملية توفير خدمات الكهرباء لهذه المدن والبلدات يمكن أن تتم عبر ثلاثة طرق: إمّا عن طريق توليد محلى بالإعتماد على ماكينات الديزل الحراريّة فى كل بلدة منفصلة بحالها، لكن هذه الخطة مكلّفة من ناحيّة التشغيل وكثيرة عطب هذه الماكينات، وإمّا عن طريق شبكات محدودة تضم مجموعة من البلدات يتم خدمتها من توليد مركزى فى إحدى المدن، أو عن طريق ربط دارفور بالشبكة القوميّة على أن تتغذى من سد الحمداب.

فى دراسة أجريتها قبل فترة وجدت أنّ دارفور تحتاج اليوم إلى متوسط قوة توليد تبلغ 215 ميقاواط سترتفع، تبعاً لنمو السكان وإزدياد الطلب إلى 400 ميقاواط عام 2010، ثمّ إلى 525 ميقاواط عام 2015، ثم إلى 766 ميقاواط عام 2020. هذه كلها توليد حرارى بالإعتماد على ماكينات الديزل الخفيفة، والثقيلة بطيئة السرعة، والتوربينات الغازيّة. هذه الموّلدات تتفاوت فى أسعارها الأوليّة وهى رخيصة نسبياً لكنها عالية التكلفة من ناحيّة التشغيل ولذلك لا تستخدمها شركات التوليد الكهربائى إلاّ فى ساعات الذروة لمقابلة الطلب العالى على الكهرباء لفترات قصيرة، مثل الفترة المسائية فى السودان مثلاً، وعليه فإذا إعتمدنا سعر تكلفة بمتوسط 1000 دولار للكيلو واط فإنّ ماكينة قوة 1 ميقاواط ستكلف مليون دولار. على هذه الأساس إذا إعتمدنا الخيار الأول، وهى أن تستقل كل بلدة بمحطتها، بمتوسط عمر تشغيل زمنى للماكينة بمدى 15 سنة، فإنَ تكلفة ماكينات التوليد المطلوبة للتشغيل حالياً ستكون 215 مليون دولار، ثمّ 185 مليون دولار عام 2010، 125 مليون دولار عام 2015، و241 مليون دولار عام 2020، أى أنّ جملة تكلفة الماكينات فقط المطلوبة لتغطية الفترة من الآن إلى عام 2020 تبلغ 766 مليون دولار، هذه بالنسبة لثمن الماكينات فقط فإذا أضفنا إليها تكاليف مبانى المحطات، خطوط التوزيع والمعينات الأخرى سيفوق المبلغ الكلى بليون دولار.

فى حال الخيار الثانى يمكن ربط مجموعة من المدن والبلدات بشبكة واحدة تغذيها محطة مركزية فى مكان مناسب، ميزة هذا الخيار هو أنّ الخدمات ستكون أفضل لأنّ ماكينات التوليد فى هذه الحالة ستكون كبيرة وغالباً ما تعتمد على الزيت الثقيل فى التشغيل (الفيرنس)، لكن من مثالبها أنّه سوف يكون هناك فاقد قليل فى الطاقة المرسلة ربما تصل إلى 10%، وبرؤية بسيطة لخارطة دارفور يمكن إقتراح الشبكات التاليّة:
أولاً: شبكة شمال دارفور ـ ومحطتها الرئيسيّة فى الفاشر، وتخدم الفاشر، مليط، كتم وكبكابيّة.
ثانياً: شبكة غرب دارفور ـ ومحطتها الرئيسيّة فى زالنجى، وتخدم زالنجى، وادى صالح والجنينة.
ثالثاً: شبكة جنوب دارفور ـ ومحطتها فى نيالا، وتخدم نيالا، كاس، عد الفرسان، رهيد البردى.
رابعاً: شبكة شرق دارفور ـ ومحطتها فى أم كدادة، وتخدم أم كدادة واللعيّت.
خامساً: شبكة البقارة ـ ومحطتها فى الضعين، وتخدم الضعين، أبوجابرة، أبو مطارق، برام، وتلس.
سادساًً: بالنسبة للبلدات البعيدة يمكن إستخدام محطات محليّة فى كل من أم برو، كرنوى، الطينة، المالحة وكبم.

موقع المحطات حددناها بوقوعها إما على خط السكة الحديد أو الطرق الرئيسيّة مما يسهل من وصول الوقود بإنتظام وهى مشكلة دائمة تعانى منها المحطات الحراريّ.

فى حال الخيار الثالث، أى ربط دارفور بالشبكة القوميّة، يجب إطلاق خط مباشر من سد الحمداب، والتى تبلغ قوتها 1250 ميقاواط، إلى الفاشر ونيالا تتفرع منها خطوط فرعيّة إلى أنحاء الإقليم، خط ناقل بسعة 400 كيلوفولت ستكون كافية لتخدم دارفور حتى العام 2015.

بالنسبة لخدمات وتوفير المياه ليست لنا تقديرات مقاربة نبنى عليها إى إحتمالات ماليّة لكن علمنا أنّ بعض الجهات قد قدّرت مبلغ 170 مليون دولار كمبالغ مطلوبة لتاهيل قطاع المياه بالإقليم، لكن نعتقد بأنّ هذه المبلغ يظل دون المطلوب بفارق كبير وذلك لسببين: أولاهما أنّ معظم مثل هذه التقديرات تتركز على مياه المدن فقط، والمعروف أن شبكات المياه المتوفرة بالفاشر ونيالا كلها متهالكة، إذ تمّ تركيبها منذ سبعينيات القرن الماضى بطاقة محدودة تكفى حجم السكان آنذاك ولم تراع الإنفجار السكانى الحادث الآن خاصة فى مدينة نيالا، والشيء الثانى هو أنّ معظم مصادر المياه المتوقعة الإعتماد عليها فى الفترة القادمة مياه جوفيّة، بعضها عميقة، وتستدعى إستخدام المضخّات القويّة لضخ المياه منها. إنّ دارفور وبالرغم من عدم تمتعها بأنهار تجرى كل العام إلاّ أنّها تحتوى على أحواض جوفيّة غنيّة بالمياه مثل حوض وادى هور وحوض الحجر النوبى فى شماله، حوض أم كدادة الجوفى فى شرقه، حوضى شقرة وساق النعام فى وسطه، حوض البقارة فى جنوبه، وحوضى كبكابيّة ووادى كجا فى غربه. بعض هذه الأحواض تتغذى من نهر النيل وأخريات من السيول العارمة التى تندفع من قمم جبل مرّة، ولكن ذلك لا يعنى أنّ هذه الأحواض تعتمد بالأساس على هذه التسربات فحوض ساق النعام بالقرب من مدينة الفاشر تقول بعض التقديرات بأنّ كميّة المياه القابعة فى جوفها تكفى لمد المدينة بالمياه لمدة مائتى عام حتى وإن لم تكن هنالك تغذية لها. إذاً معظم أنحاء دارفور ستعتمد مستقبلاً على المياه الجوفيّة فإذا أخذنا تكاليف تأهيل ذلك فى الحسبان فلا نعتقد بأنّ المبلغ سوف يقل عن نصف بليون دولار خاصة إذا صاحب ذلك إنشاء شبكات المدن والصهاريج العاليّة.

إنّ مد خط السكة الحديد من نيالا إلى الفاشر هو مشروع قديم، وقد تمّت بعض الدراسات المبدئيّة التى أوصت بمد الخط من الضعين إلى الفاشر عن طريق مهاجريّة، لكن ظلّ الإقتراح حبيس الأدراج كعادة المشاريع المتعلقة بدارفور، وعندما جاء النميرى حاول بخبث أن يساوم أهل الفاشر فى ذلك ونجح، فقد كانت المدينة تعانى من العطش الشديد فسجّل النميرى زيارة لها وخيّر أهلها بين أن يختاروا خط السكة الحديد أو شبكة المياه فأسقط فى يدى المواطنين وتنازلوا عن الخط وهم له كارهون ولزيارته. المهم مد الخط إلى الفاشر، بعد تأهيله كاملاًً، سيحمل فوائد كثيرة للمواطنين فى شمال دارفور خاصة من جهة أنّه سيوفر بديلاً للنقل الرخيص نسبياً لمنتجاتهم الزراعيّة والحيوانيّة، ثمّ إنّه سيحافظ على تكلفة نقل رخيصة وبكميات كبيرة مقارنة بالشاحنات، إضافة إلى أنّة فى حال الإعتماد على التوليد الحرارى فى الكهرباء فإنّ القطار سوف يحل مسألة الوقود والتى يمكن جلبها بكميات كبيرة من مصافى المجلد او الأبيض. مد خط السكة الحديد والتجهيزات المصاحبة قد يكلف ما لا يقل عن المائة مليون دولار.

(5) محور الموارد الطبيعيّة:
الموارد الطبيعيّة مثل الزراعة، البستنة، الثروة الغابيّة، والثروة الحيوانيّة هى من المجالات التى تحتاج إلى إعادة تأهيل، ولقد سبق أن تحدثنا مراراً عن المشاريع الزراعيّة المعطلة وضرورة تأهيلها وتوزيعها للمواطنين فى شكل حيازات صغيرة للحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائى. إنّ الثروة الحيوانيّة فى حاجة أيضاً إلى تأهيل كبير خاصة وأنّها أصبحت تمثل المصدر الثانى فى الدخل القومى. دارفور تحتوى على أجود أنواع اللحوم فى العالم، وهى لحوم نقيّة غير مخلوطة بالهرمونات والمسمّنات التى تجعل الحيوانات تبدو سمينة لكن لحومها مسيخة الطعم، وبرغم دورات الجفاف فى السنين الأخيرة إلاّ أنّ أعداد الحيوانات ظلّت فى تزايد ولولا الإضطرابات الأمنيّة الأخيرة لتضاعفت أعدادها، فالأبقار فى جنوبى الإقليم والجمال والضأن فى شماله ظلّت تلعب دوراً مهما فى الدورة الإقتصاديّة فى الإقليم وقد آن الأوان لقيام شركات إقليميّة للتجارة الداخليّة والخارجيّة ودرفرة رأس المال فى هذا القطاع الحيوى والإستثمار فيه. إنّ الشركات المحليّة، بعكس غيرها، لها الدرايّة الكاملة بعلاقات الإنتاج فى الثروة الحيوانيّة وبذلك تكون حريصة على مواصلة تنميّة هذا القطاع أولاً مع الإستثمار فيه ولذلك لا بد من تشجيع هذا الإتجاه.

إنّ محاولة توطين جزء من القبائل الرعويّة عبر تشجيع إنشاء مزارع تكامليّة، زراعيّة حيوانيّة، يجب أن تنال إهتماماً جاداً فى الفترة القادمة. لقد حاول الطيب المرضى حاكم دارفور الأسبق توطين بعض القبائل الرحل فى المنطقة ما بين مليط وكتم لكنّ خطته لم تر النور، لأنّها لم تجر دراسة وافيّة لطبيعة حياة القبائل الرحل، بجانب أنّها لم توفر مداخل إقتصاديّة مقنعة. لكنّ الحقيقة تقول إنّه ومع مرور الزمن وإنتشار التعليم سينحو الكثير من شباب القبائل الراحلة إلى الإستقرار، وهو الأمر الذى قد يؤثر فى الحد من نمو ثرواتهم الحيوانيّة، ولذلك يجب تطوير برامج، ولو صغيرة، لإدخال نظام المزارع المتكاملة كما هو الحال فى البلاد الغربيّة، كليّات الزراعة والبيطرة والموارد الطبيعيّة بجامعات دارفور، إضافة إلى المؤسسات الحكوميّة المعنيّة بالأمر، يجب أن تتعاضد لتطوير هذه التجارب بما يتلاءم مع خصائص الإقليم ونظام حياة الناس فيه.

تطوير مجالات الصمغ العربى، الفول السودانى، الكركدى، والمحاصيل الأخرى يجب أن تجد أيضاً إهتماماً، خاصةً فى شرق دارفور والتى تشتهر بإنتاج هذه المحاصيل، إضافة إلى الفواكه فى جبل مرة، الخضر والبقوليات فى منطقة كبكابيّة، المانجو فى منطق الكرينك والجنينة، الحمضيات والخضر فى مناطق كتم وفتا برنو، وغيرها من المناطق, كما يجب تطوير مناطق هبيلة ووادى صالح لتكون سلة إنتاج الحبوب بدارفور لما تتمتع به من أراض خصبة ومناخ جيد.

وليس من الضرورة أن تنفق السلطات الحكوميّة شيئاً فى ذلك إلاّ فيما يختص بتنميّة القدرات وتدريب المزارعين والرعاة على أساليب أكثر فعاليّة لإدارة مواردهم، فبجانب النشاط الرسمى للحكومة فى إدارة الموارد يجب إنشاء سلسلة من معاهد التدريب ومراكز البحوث تكون متخصصة فى مجالات محددة ويتم إنشاؤها فى المناطق التى تتمتع بالموارد، فمثلاً يمكن إنشاء الآتى: مركز تحسين الإنتاج الحيوانى ببرام، معهد تطوير الزراعة (كركدى، فول سودانى، سمسم) باللعيّت، مركز بحوث الجمال والضأن بمليط، مراكز تطوير الإنتاج الزراعى والبستانى بكل من كتم، كبكابيّة، الجنينة، وادى صالح، هذا بالإضافة إلى مشروع جبل مرّة ومشروع غرب السافنا واللذان يجب إعادة تأهيلهما من حيث الاهداف والأنشطة والإدارات لتلبيّة متطلبات المرحلة القادمة.

(6) محور الموارد البشريّة:
تتمثل محور تنميّة الموارد البشريّة فى مجالات تنميّة القدرات، خاصة فى مجالات التخطيط وإدارة الموارد، وهذه جوانب حاسمة فى نجاح أى إستراتيجيّة تنمويّة، فطالما أنّ التنميّة عبارة عن جهد بشرى يجب بالمثل أن يوكل أمرها لمن هو أقدر من الكوادر للإشراف على تنفيذها. وتستحضرنى هنا تجربة أكاديميّة السودان للعلوم الإداريّة بجانب مركز تطوير الإدارة بالخرطوم. لقد ساهمت هاتين المؤسستين فى رفد قطاع التخطيط والإدارة بالسودان بأعداد مقدرة من الكوادر ذات التأهيل العالى فى مجالات التعليم العالى والتدريب وإعادة التدريب، ولذلك يجب على الحكومة الإقليميّة بدارفور إنشاء "أكاديميّة دارفور للتخطيط والعلوم والإداريّة" تتولى مهمّة التدريب على أساس إقليمى، ويمكن ان ترتبط بأكاديميّة السودان للعلوم الإداريّة ومركز تطوير الإدارة بجانب الإرتباط الوثيق بمنظمات الأمم المتحدة المختصة ببناء القدرات مثل برنامج الأمم المتحدة للتنميّة، ومعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحوث. وعلى العموم فالمطلوب هو إدخال علوم التخطيط والإدارة وتنميّة القدرات الحديثّة إلى الإقليم بطريقة منهجيّة ومستمرة تكون مرتبطة بإستراتيجيّة التنميّة وتغذيها بالكوادر والكفاءات القادرة على قيادتها.

(7) محور الصناعات الأساسيّة والمعدنيّة:
تذخر دارفور بالكثير من الموارد المعدنيّة التى يمكن إستغلالها لدعم التطور الإقتصادى والإجتماعى لأهله والسودان أجمع. فالإقليم يحتوى على البترول وربما الغاز، كما تشير بعض التقارير بأنّة يحتوى على اليورانيوم والنحاس والكوبالت، وقد عرف الإقليم تعدين النحاس منذ أزمان بعيدة فى منطقة حفرة النحاس بأقصى جنوب دارفور، وكانت مصر فى عهد الخديوى محمّد على باشا تعتمد كثيراً على النحاس التى كانت تصل إليها عن طريق درب الأربعين، كما إنّ منطقة كرنوى بشمال دارفور ربما تحتوى على أكبر كنز للحديد فى العالم وتقدر إحتياطى الخام فى تلك المناطق بنحو بليون طن لا تعوزها سوى مصدر طاقة رخيصة مثل الفحم الحجرى أوالغاز لصهرها وإستخراجها. وعلى العموم تتميز مثل هذه الموارد بكثافة رأس المال المطلوب لإستثمارها بجانب التكنلوجيا وكلاهما غير متوفر حالياً إلاّ لدى الشركات العالميّة، ولذلك يجب أن تركز إستراتيجيّة التنميّة فى هذه المجال على القيام بمسح أولى لتوفير معلومات أوليّة قبل الترويج لها وعرضها على المستثمرين المحتملين، هذا يتطلب إنشاء مكتب فنى يضم خبراء الجيولوجيا والمعادن للإشراف على ذلك.

من الضرورى أيضاً وضع إستراتيجيّة لتطوير التصنيع بالإقليم، وذلك بالتركيز إبتداءاً على الصناعات الصغيرة (Manufacturing) والتحويليّة كخطوة منطقيّة للولوج إلى مجال الصناعات الثقيلة مستقبلاً، عليه لا بد للجامعات بالإقليم من أن تقود هذا الدور وذلك من خلال إستحداث أقسام لدراسة الهندسة فى مجالات مساعدة مثل الهندسة الصناعيّة(Industrial Engineering) ، هندسة المعادن (Metallurgical Engineering) والتخطيط الهندسى (Engineering Planning). فتح مراكز التدريب المهنى والتوسع فى التعليم الفنى يجب أن يأخذ أولويّة فى الخطة التعليميّة، وعليه نقترح أن تهدف هذه الخطة إلى تحويل 40% من التعليم العام إلى تعليم فنى، 10% إلى تعليم زراعى/حيوانى و50% تعليم عام وذلك بحلول العام 2010. إنّ واحدة من أسباب النهضة الصناعيّة القويّة والسريعة لدولة كوريا الجنوبيّة هى أنّ 6 من بين كل 10 خريجين من جامعاتها تخصصاتهم هندسيّة، بجانب قطاع عريض من التعليم التقنى فى مستويات دون الجامعة، وما يهمنا هنا هو كيف نضع القواعد المتينة لنهضة صناعيّة قويّي مستقبلاً فى دارفور.

(8) محور التجارة الخارجيّة:
تجاور دارفور ثلاثة دول تمتد على حدودها الغربيّة هى ليبيا، تشاد وأفريقيا الوسطى، بجانب علاقتها التاريخيّة فى الإتصال مع مصر عن طريق درب الأربعين الذى ما يزال بعض أجزاءه سالكاً حتى اليوم بواسطة تجار الإبل. لقد لعبت تجارة الحدود مع مصر فى الماضى أدواراً فاقت فى حجمها الجانب التجارى وإمتدت لتشمل السياسى والدينى حتى والثقافى، ثمّ تطورت التجارة مع ليبيا منذ بداية السبعينات وإزدهرت حتى تحولّت محطة الجمارك بمليط إلى مطمع جهات أخرى، ومع ذلك تمددت محطات الجمارك فى كل من الطينة وكتم والمالحة فى شمال دارفور. أمّا فى غرب دارفور فقد ظلّت محطة جمارك الجنينة مركزاً مشهوداً فى التجارة مع تشاد، وفى جنوب دارفور هناك محطتى نيالا وأم دافوق مع أفريقيا الوسطى.

إنّ التطورات السياسيّة والإقتصاديّة التى حدثت فى دول الجوار تستدعى الحاجة إلى تطوير وتقنين تجارة الحدود بينها وبين دارفور على أسس تخدم مصالح الجانبين، وقد سررت لإتفاقيّة تصدير اللحوم بالجو من مسلخ نيالا إلى ليبيا مباشرة والتى بدأت منتصف هذا العام. إنّ ليبيا قد بدات تخرج من عزلتها الدوليّة بعد فك الحصار الذى كان مفروضاً عليها وبدأت الشركات العالميّة الكبرى تدخل بقوة لتأهيل بنياتها الإقتصاديّة الشيئ الذى يعنى أنّها موعودة بنهضة إقتصاديّة قويّة فى المستقبل المنظور، إضافة إلى ذلك بدأت تشاد فى تصدير النفط منذ عام 2002 وفى حال إستتباب الأوضاع السياسيّة فى ذلك البلد فإنّها موعودة أيضاً بتقدم إقتصادى مضطرد. أمّا جمهوريّة أفريقيا الوسطى فهى غنيّة بالموارد المعدنيّة خاصة الماس والنحاس والكوبالت لكنّها بحاجة إلى إستقرار سياسى لتحقيق تقدم إقتصادى كبير. لكل ذلك فإنّ مستقبل تجارة الحدود مع هذه الدول، بالإضافة إلى مصر، ستفيد دارفور كثيراُ كأسواق كبيرة لمواردها من ناحيّة وكمصادر قريبة للإستيراد من ناحيّة أخرى. إذاً هناك حاجة ملحة لتقنين تجارة الحدود وفتح المزيد من نقاط الجمارك فى كل من كلبس ومسترى وبيضة وهبيلا وفروبرنقا على الحدود مع تشاد، وفى الردوم بالقرب من الحدود مع أفريقيا الوسطى.

توصيات:

من خلال هذا التحليل نرى الآتى:
(1) عمليّة إعمار دارفور يجب أن تقوم على إستراتيجيّة شاملة للتنميّة تضع إنسان دارفور كهدف.
(2) ضرورة تجميع كل الدراسات والمقترحات التى تمّت فى هذا المجال ومناقشة كل ما ورد فيها فى ورش عمل توطئة لتنظيم سمنار موسّع لبلورة رؤى وإستراتيجيّة تتفق حولها كل المجموعات المهتمّة بمسألة إعمار دارفور.
(3) ضرورة إشراك المنظمات الدوليّة ذات الصلة فى بلورة أى مشروع مع تحديد أدوارها فى تنفيذ ذلك.
(4) ليس من الممكن تنفيذ كل شيئ فى عام واحد أو عامين وإنّما عبر مدى زمنى حسب طبيعة البرامج المتبناة، وعلى العموم عمليّة التنميّة تظل عمليّة مستمرة ومرتبطة بوجود الإنسان نفسه.
(5) ضرورة تفعيل دور القبائل والجهد الشعبى فى تنمية مناطقها وتحديث المدن والإهتمام بالريف وتوجيه المحافظين وضباط المجالس بالإهتمام بذلك كجزء من مهامهم المهنية.
(6) العمل على بناء القدرات بكل مناطق دارفور وإنشاء آلية فنية مختصة بذلك بالتعاون مع المنظمات والجهات العالميّة ذات الصلة.

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved