تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الطيب مصطفي وحديث النعامات بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
7/12/2005 7:53 م


لا يمكن تصنيف الاستاذ/ الطيب مصطفي في خانة المفكرين أو أصحاب الادب والظرف ، فهو عايش الانقاذ كوزير وأمير وكان يشغل ركنا مهما في حرب الانقاذ الاعلامية علي خصومها السابقين ، وبالتأكيد نالت الحركة الشعبية حظها الوافر من حملات الطيب مصطفي الاعلامية عندما كان مديرا للتلفزيون القومي ، فقد نجح في توظيف هذه الالة الاعلامية من أجل زرع بذور الكراهية والشقاق والخلاف بين أبناء الوطن الواحد ، كان برنامج ساحات الفداء يعرض صور القتلي من جيش الحركة الشعبية وهم ملقون في العراء ، وفي احدي الحلقات نقل صورة لمجاهد وهو يعتلي سطح الكنيسة ويقيم الاذان مناديا للصلاة ، والوعاظ في برامج ساحات الفداء كانوا يطلبون من المجاهدين ( احسان الذبحة والقتلة ) ولذلك لم نفاجأ كثيرا عندما علمنا أن الحكومة السودانية لم تكن تحتفظ بأي أسري علي العكس من الحركة الشعبية والتي لم يعييها تقلب جبهات القتال من الاحتفاظ بأسري الجيش السوداني والمحافظة علي حياتهم ، وكان أخر فوج منهم 176 أسيرا أطلقتهم الحركة الشعبية في شهر رمضان فجعلت مئات الاسر تحس بالغبطة والسعادة والفرح ( بعيدية ) الحركة في شهر الخير والبركات ، وهذه اللفتة الانسانية بالتأكيد لن تنال استحسان الاستاذ/الطيب مصطفي ، فعين السوء تبدي المساويا ، فهو مثل نار جهنم عندما يقال لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد ، وما يكتبه الطيب مصطفي الان هو أقل بكثير مما كان يبثه في اعلام الدولة الرسمي ، وهو الان يكتب مقالات مبعثرة في الصحف السودانية ويبشر بدولة الشمال الجديدة ، وهذه المقالات أشبه بأكوام القمامة لأنها تميزت بلغة سيئة تفوح منها رائحة الكراهية والعنصرية ، ففي مقاله الاخير وصف مثقفي الشمال بأنهم مثل النعام ، وأعتبر أن الحركة الشعبية هي مطية للشيوعيين لأن بها أستاذ/ وليد وياسر عرمان ومحمد يوسف مصطفي ، وأن كل من عبد العزيز الحلو وياسر عرمان كفار لأنهم طالبوا بقومية العاصمة ، وان الدعوة لفتح المطاعم هي ذريعة لفتح البارات والمراقص .وقد لاحظت بأنه زج بوعد بلفور في الازمة السودانية وتحدث عن هجرة الدينكا الي السودان قبل 400 عام ، وهو يخشي أن يتحول السودان الي أندلس آخر يخرج منه العرب تحت جناح الظلام ، وهذه المقارنات والاحداث التاريخية غير مرتبطة بالقضية السودانية ولكنها مرتبطة بخيال الطيب مصطفي والذي لا يري في السودان بأنه كيان جامع يعيش فيه الجميع بهدوء من خلال لغة التسامح ، فهو يريد سودانا جديدا مستنسخا من نموذج الشرق الاوسط ، سودان أشبه بالنعجة ( دوللي ) التي ولدت من غير أب وأم ومن غير أن تسلك طريقها في الرحم .
وربما يكون أستاذنا الطيب مصطفي يمر بحالة من الاحباط واليأس لأنه خرج من طور حياة السلطة والاستوزار ، فوجد نفسه بلا حيلة أو هدف ، فبدأ ينفث سموم حقده علي الجميع ويلعب دور البسوس التي أشعلت بسبب ناقة حرب طويلة بين بكر وتغلب ، فكون منبر السلام العادل والذي لا يضم في عضويته غير وزراء العهد القديم والذين لم ينالهم سلام نيفاشا بالمراكز والنفوذ ، والطيب المصطفي يكتب باسم مصلحته الشخصية ولا يكتب باسم كل أبناء الشمال ، فقوائم الصالح العام التي أحالت معظم ابناء الشمال الي الشارع هي من صنع نظامه الذي يهيمن عليه ابناء جلدته من عشاق العروبة ، والمريب أن الطيب مصطفي ينكر علي الدكتور محمد أحمد يوسف اعادة هولاء الذين فصلوا عن عملهم بسبب الوشاية الي وظائفهم من جديد ويستشهد باعتراض رئيس اتحاد المزارعين ، وكيف توافق نقابة عمالية علي ذبح منتسبيها وترفض رد حقوقهم وهي الجهة التي يفترض أن تثمن خطوات السيد الوزير لأنه دعا الي تضميد الجراح ووقف المظالم واعادة الامور الي نصابها ، فالطيب مصطفي يريدنا أن نعيش عهد تسعينات الانقاذ من الظلم والاقصاء ونحن في حاضرة الالفية الثالثة التي أتت بالسلام ، وهو يري أيضا أن احداث سوبا هي من نسيج الطابور الخامس الذي يحاول احتلال العاصمة الخرطوم ونسي أن هذه الحادثة وقعت في أطراف الخرطوم النائية بايعاز من الوالي المتعافي والذي أستخسر الكرتون والعشش علي الفقراء والمهمشين ، وأن شرطة النظام في هذه العملية أستنجدت بسبعة الاف شرطي يقودهم أربعمائة ضابط تدعمهم الاليات الثقيلة لتمشيط معسكر مدني لا يزيد عدد سكانه عن عشرين ألفا ، وهذا العدد أكبر من العدد الذي أستجلبته قوات الاتحاد الافريقي من أجل حماية المدنيين في دارفور ، ولم يتطرق الشيخ الطيب مصطفي الي اغتيال عشرين مواطنا في مدينة بورتسودان علي يد شرطة اللواء حاتم الوسيلة ، فهو لا يري أن قتل هذا العدد الكبير مظلمة تستحق الوقوف عندها لمعرفة الجاني الحقيقي ، وهي ايضا تصب في مجري المظالم الذي حفرته أظافر الطيب مصطفي عندما كان ركنا اعلاميا في دولته الرشيدة ، وربما اغفاله عن ذكر شهداء بورتسودان هو ابتعادهم عن المحور الذي رسمه لهم عبد الرحيم حمدي والذي حدد فيه حدود السودان الجديد بدنقلا والابيض وسنار ،
والطيب مصطفي الان يظهر فرحه الشديد بموت الشهيد الدكتور جون قرنق ويعتبره نصرا الاهيا أربك حسابات الولايات المتحدة ، وهو يري أن جذوة مشروع السودان الجديد الذي يتساوي فيه أبناء السودان بغض النظر عن لونهم او انتمائهم الثقافي قد خمدت ، والموت والحياة ليستا نصرا أو هزيمة لأحد لانهما فوق راس الجميع ، وحتي الانبياء والقديسون يموتون ، وقرنق ليس مخلدا وقد أرتحل عن دنيانا بصورة محزنة ، وهو خسارة لكل أهل السودان وليس مجرد خسارة للمستثمر الامريكي في شخص الراحل قرنق ، فأمريكا الان تنقل اللواء قوش بطائراتها الخاصة الي مقر مخابراتها في فرجينيا من أجل محاربة الارهاب والتجسس علي دول الجوار ، وهذا استثمار لا يوازيه استثمار آخر من ناحية المكسب والربح ، رحل قرنق ولكنه ترك المبادئ القيمة ، اثبت لنا أن أهل الهامش والفقراء يمكن أن يحققوا احلامهم رغم كل الاعاصير ، وما يحدث في دارفور وشرق السودان الان خير دليل علي رفض الطغيان والاستعباد ، وأن الاوان أن يعي الجميع الدرس المختصر .
وقف الطيب مصطفي كثيرا عند احداث يوم الاثنين المؤسفة ، وبدأ يتحدث عن مظالم وقعت علي أبناء الشمال وذكر بعض الاسماء ، وفي دارفور وحدها مات أكثر مليون مواطن وتشرد أربعة ملايين في الافاق ، ومن هول المأسآة لم نستطع حفظ اسمائهم علي ظهر قلب كما يفعل الطيب مصطفي الان ، وفي الجنوب حدث ولا حرج ، ولا أستطيع ذكر رقم أو اسم ضحية ولكنني أجزم بأن كل ذرة تراب في الجنوب تعتبر ضحية من ضحايا الانقاذ ، ونحن في عهد السلام لا نريد أن نجرد الخسائر والارباح في هذه العجالة ، وآخر هدايا الميلاد أن الحركة الشعبية تناست الجراح ووافقت علي منح حزب الطيب مصطفي وزارة الطاقة لينهب ثروات الجنوب كيف يشاء ومن غير حسيب أو رقيب ، وأذكر الطيب مصطفي أن عدالة الانقاذ لا زالت تحتفط بالف وخمسمائة مواطن من الجنوب في السجن علي خلفية هذه الاحداث ، وقد دفعت شركة شيكان للتأمين لرموز المؤتمر الوطني كل خسائرهم ولكن من لاهل الجنوب من الغلابة ؟؟ ومن لأهل دارفور والشرق ؟؟ ، فالمؤتمر الوطني أعد العدة لمثل هذا اليوم وكلنا تابعنا كيف تقوم شركة شيكان بعمل دعاية في المذياع هذه الايام وتزعم بأنها تغطي حتي خسائر الشغب والاضطرابات .. يا تري من الذي يستثمر الان في معاناة الشعب السوداني .. أنحن أم هم ..
ولنا عودة
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved