تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

صوت الذات الانثوي يضيع صداه بين الطموح و الاستلاب. بقلم أ : احمد يوسف حمد النيل - الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
2/12/2005 11:28 م

كمثيلاتها من نساء العالم المرأة السودانية تنظر او ينظر غيرها في شكل وجودها
في المجتمع السوداني من وجهات متعددة حسبما التباين المناخي و الانثروبولجي .
و لكن هنالك تباين واضح بين نساء السودان من ناحية الطقوس الاجتماعية و
القوانين القبلية. و سوف اركز شيئا ما في حياة المراة في وسط السودان بحكم
معرفتي باجواء الوسط و رغم المشاهدات و الاسفار الا انني لا اريد ان اكتب عن
نساء اخريات الي فرصة اخرى. المراة في ناحية الوسط لها روح جميلة ممزوجة
بالتواصل الاجتماعي مما جعلها كائن داجن قبل ان تكون انثى بتواصلها مع الرجال و
النساء مما جعل مستوى التواصل عفوي و اصبح ذلك عرفا سار عليه الاخرون .
ومنطقة الوسط كغيرها من السودان مزدحمة بالحياة المدنية و الريفية و اختلطت
فيها جماعات الهجرة المبكرة و اكثرها من ناحية الشمال . فجاءت المدنية اكثر
عفوية لا خصوصية و جاءت الريفية خليط بديع اكثر شبها بالحياة المنظمة . فان
عشت في تلك المناطق تحس بالحميمية و الانجذاب للحياة التي تمتلا بالامن لانك
تعيش في قرى لا تبعد احداهم عن الاخري الا كيلو مترا واحد و في بعض الاحيان اقل
و بعضها اكثر. لذا الحياة المدنية في متناول اليد و الاستمتاع بالريف نصب
الاعين الا ان ادوات الحياة الاجتماعية الراقية توفرت منذ عقود بعيده و هذا ما
ساعد في تشكيل الذات الانثوية الوسطى من معالم المدنية و انشاء المدنيات .
قرينات نساء الوسط في البقاع الاخرى اكثر لصوقا بالواقع الذي اقحمن فيه من
جراء الفشل الاقتصادي مما جعل المراة تكاد تكون شبيه الرجل في الكد و الاجتهاد
. بينما المراة في الوسط تباينت حالتها في داخل المجتمع الواحد فسادت ثقافة
البرجوازية وثقافة الطبقات الوسطى و الطبقات الكادحة الا ان الصورة العامة تؤكد
سمة الرفاهية بعض الشيء مقارنة بالنساء في مكان آخر .
و عندما نقول الوسط لابد ان نذكر مشروع الجزيرة كاول منظومة اقتصادية ذات ثقل
اقتصادي و حضاري و ثقافي . فتحولت حياة الناس و المرأة بصفة خاصة من الرعي الي
الزراعة و من ثم التجارة فتغير وضع المجتمع و ملامحه . فنزحت القبائل المتعددة
الى الوسط فاثر هذا المزيج في ظهور حياة تواقة و طموحة و بدا ت المنافسة تسري
في الوسط . فتشكل المجتمع الجديد حتى ظن البعض ان الوسط لا ثقافة له خاصة بما
يخص النساء و لكن الواضح ان المدنية بصورها المختلفة هي السمة السائدة .
و لكن في المضمون اصبحت ذات الانثى تكتنفها صراعات عدة من اهمها الخوف من
الطموح الجديد و تهديداته لكيان المرأة البدوي الاصل و الخوف من استلاب هذه
القيم البدوية و الزراعية و لكن هذا الصراع او لنقل التباين الاجتماعي الذي
عاش في جسد المجتمع الجديد و في مفاهيم الافراد في هذا المجتمع قد ادى الى
ابتداع هذه الحياة الخليط وبدات تتشكل ملامح المراة هنا حتى انه بعض المجتمعات
المتاخمة تتسارع في هذا السباق الحضاري و بدخول الخدمات الاجتماعية مثل
الكهرباء و المياه و الطرق في الستينيات من القرن الماضي ادى الى تفعيل انتشار
الافكار الجديدة مما ادى الى ظهور مظاهر جديدة للحضارة و ما لبثت الحواضر و
القرى الطرفية للوسط تحاكي هذه الحركة الجديدة للمجتمع . و لكن لخوف المجتمع من
الحياة الجديدة جعل اغلب الفتيات في حالة خوف و ترقب و من فلت من براثن النظم
الجتماعية دخل في حياة جديدة لونت و شكلت وجه الحياة . فدرج المجتمع في
مكتسبات اقتصادية جديدة و اصبح الكل يلهث وراء هذه المكاسب . كل هذا الحراك
الذي تم اغلبه في داخل المجتمع و لكن حركة الثقافة لم تكتمل بنقص المعرفة و
العلوم . الا في وسط قليل من الفتيات فقنع الناس بالتطور الاقتصادي و كفروا
بالتطورات الاخري و تأتت عندهم ملامح القناعة و الرضا . الا ان الفتاة لم
تقتنع بهذا الطموح الناقص وظهر صوت يطالب بالخروج الى نطاقات اخرى كالتعليم
و العمل و تسلسل هذا الطموح في طريقة سلسلة بعض الاحيان الا ان اصبح مقنعا
عمليا . فالتشكيل الجديد للمجتمع الذي صنعته الفتاة جاء بادرة غير مسبوقة و
مثيرة للجدل لان مفهوم الاختلاط بشكله الجديد قد طرق ابواب البيوت . رغم ان
المجتمع كان خليطا و مختلطا الا ان الاختلاط الجديد يختلف في الشكل و المضمون .
و لكن تكريس الخوف في وسط الفتيات ادى الى تراجعهن و التعامل مع مثل هذه
القضايا بحذر . فارتضت الفتاة بان تعيش الحياة التي دفعها لها اهلها بشيء من
الخوف و الحذر في صمت داكن فظهرت عندها المعايير المزدوجة في اظهار
المطلوب و دفن المرغوب مما ادى الى تشكيل الفتاة الجديدة كامراة و انثى .

ليس الشيء المطلوب هو التفلت من قبضة المجتمع بل التمسك بالاعراف السائدة و
التقاليد و لكن ما نريد الحديث عنه هو قضية الهوية و صوت الانثى الداخلي الموحد
لياتلف مع شكل الطموح لكي لا يكون استلابا للقيم . فالحديث عن المراة في شكلها
الحالي و الوضح الحالي ينبغي ان يكون بشفافية دون خدش للاعراف و التقاليد
الجميلة . فصوت الذات عند المراة كامراة و انثى لم يكن صوت انثى ان تجرد من
سماته التي هي حكر للمراة كالانوثة و اللطف . و لا ينبغي له ان يكون صوت رجل
يدافع عن الذكورة كسمة له . و لكن على الانثى ان تطالب بحقها في محيط الصداقة و
محيط الاسرة و محيط الزوجية و المجتمع و فوق ذلك محيط الذات الذي هو مخبوء لا
يظهر الا في شكل مفاهيم و ترجمة للفكر.

عندما كانت الفتاة في المجتمع البدوي و الزراعي , كانت اكثر انطلاقا عفوي
تساعد والدها في المزرعة و الرعي كانت كانها شاب لا يخاف عليها من الذئاب و
بعد ذلك كله ترجع الى امها راضية لتساعدها في ادارة شؤون المنزل فكانت تتمتع
بكينونة و ذات كبيرة . و لكن في مجتمع الحضارة و المدنية سلبت نفسها حق التمتع
بالمزارع و مشاهد الاغنام لانها كانت عندها قيمة اقتصادية . اى ان الحرية التي
وجدتها لم تكن الا مطلب اقتصادي . و عندما التجأت الى المدنية سلبت نفسها حق
التعبير عن الذات فاصبحت حبيسة الخاطر . فجاءت للمجتمع بلا وعي ذاتي و وعي
معرفي و روح طموحة في داخل مداراتها القديمة ذاتها . لتكن متمسكة بتقاليدها و
لكن لتنسى صراع الذات و لتوحد صوتها فلتكن هي . هذا الصمت يعني انها تتفرق
اصواتها و تخرج بشخصيات متعددة . ينتج عنها احساس الصراع مما يولد عدم الثقة و
مصداقية الذات .

و من خطورة التمازج مع الحياة المدنية الحديثة صراع الاقتصاد الذي كان في
ذاكرتها لتديره بطرق غريبة في وقتها الحاضر فان هي اصبحت رقما في المجتمع
خاصة رقم اقتصادي فانها تحس بتضخيم الذات و تذوب الذوات الاخرى حيالها دون
تجربة لان خروجها الحالي هو تجربة جديدة لا يعلم المجتمع عنها شيء . لذا
فانفردت بذاتها و رغبتها فتركت المطلوب عدم ربطها الاثنين مع بعض ادى الى
انفراد صوت دون آخر فذاع صيت صوت الطموح و تبدلت المعاني عن حقيقة المطلوب
والمرغوب فاصبحا عندها حقائق ذاتية بمفهوم ذاتي اصالة عنها و نيابة عن اللائي
يعشن بذات الصوت الواحد المتناغم فتشابكت عندهن الافكار و مسخ صوت الذات
الانثوي الى اشبه بكائن او مخلوق آخر . السلوك العام هو الاعراف و التقاليد و
السلوك الذاتي هو الذي يستوحي صوته من القيم المجتمعية فليكن الصوت واحد
يتماشى مع الاعراف و يراعى فيه الرغبات الخاصة في مخادعها اى في صنع المفاهيم
و نوع التعامل . و من جراء المفهوم الاقتصادي الذي ورثته الفتاة من محيطها
القبلي الزراعي اصبح الصوت الاقتصادي هو الذي يعلو لدرجة تتعدى فيها الانثى
على الرجل ويحس الرجل فيها بالتبعية المطلقة . هذه الذات الاستعلائية ذات
المفهوم الاقتصادي بها ما يشوبها . و لكن ما نريده هو تصالح الذات و نكران
الاصوات الشاذة و قتل رغبة الطموح التي تفتك بالمطلوب على حساب المرغوب ان سرا
او علنا فليصبح الطموح هو الذات نفسها و المطلوب نفسه و المجتمع نفسه و نحتاج
الى ترجمات معرفية و مساحة من الوعي حتي لا تصبح ثقافة الرغبة الجامحة في عراك
مع الاصوات المسكوت عنها كلية فيورث المجتمع كله هذه الملامح التي لا تشبه
المجتمع السوداني و جراء لذلك يظهر صوت الرجل المناكف العادي تجاه الرغبة
الجديدة اعتدادا بذكورته ضد الانثى الجديدة و ما يلحق بكثير من النساء من سلوك
عدائي اظنه من جراء المفهوم المكبوت في داخل الرجل الذي لم يكتسبه الا من رياح
الخوف التي انتظمت المجتمع بعد التحولات الاجتماعية و الاقتصادية . و في نظر
كثير من الرجال ان المراة او الفتاة المثقفة و المتعلمة ليس الا سلطة ذات صوت
جهوري يؤدي الى الفتك بنظام الاسرة و تحس فيه الفتاة بعلو صوت ذاتها الجبارة .
ولم تنفك من اسر مفاهيم عدم التساوي بينها و بين المجتمع و التي صعدت صوتها
فيه فاصبحت امراة حديدية تتحدث عن تجاربها المختلفة في حالة تغييب لقريناتها
بانفرادها و تغييب للمجتمع بعلو صوتها الشاذ. فالمطلوب الان من الفتاة ان تعلن
تمازجها مع المجتمع و عدم تضخيم الذات لحد التورم الذي يصيب المجتمع بثقافة
الصراع الجديد الذي ملؤها الكراهية ليتشكل المجتمع في اشكال تبدو في شكل صفوف
و هكذا امتد الشرخ الى ابعد ما لا نريد . بعدما كان الرجل المثقف يدافع عن حقوق
المراة لكي تاخذ حقوقها المكفولة لها تعدت هي ذلك و استلمت الراية من الرجل حتي
تثبت انها ليست مظلومة . شيء جميل ان تكون المراة كائن انساني انثوي لا يضيع
صوتها في وسط الاصوات المهترئة و الا تصبح داجنة في حظيرة الرجل المتسلط و الا
تكون كائن آخر لا ينتمي الي شكلها و مضمونها بعد الحرية التي نالتها و التي
ماتزال تدافع عن بعض ما ترنو اليه متزامنة مع التطور الطبيعي .

انا سعيد بما وصلت اليه المراة و سعيد بها كامراة ام و اخت و زوجة و صديقة
لكنني لا اسعد بها ككائن آخر لا يشبهها و لا يجدر بي ان ارافقها . احمل هواها
و حبها كاي رجل و صوت ذاتها الجميل يعجبني في ساحات النفس و الجسد و الوعي .
ما كتبته الا من وحي ثقافة سادت في مجتمع الوسط و من وقائع تقع يوميا في
المجتمع و قراءة متانية لحال النزاع الجديد الذي لم تستطع المراة ان ترفق
بنفسها حياله و لا يستطيع الرجل مداواته كسلوك انساني يقع في كثير من المجتمعات
. الحب جميل تتلفه اصوات الذوات المتعددة و الرباط الاسري و المجتمعي عريق و
مقدس تلعب به الرغبات المرعبة التي لا تنازل عنها و التي بدورها تهدم كل جميل
.

المراة انسان مرهف وحنين مشبع وجسد عفيف قافية شعرية اعظم ما ناله الشعراء
تقف مع الرجل يد بيد و ساق بساق ويعشقها وتعشقه تدور بحماهما المشاكل و تحل و
تتسامح الانفس و تسر لان الحياة هي نتاج صراع طويل من اجل الترقي و المراة طرف
فيه و لم يكن الطموح الجديد الا من اجل بنيان حضارة جميلة فلتسقط المعايير
القديمة التي لا نفع لها ولتشهد الساحة نطاقات جديدة تبدو كاللؤلؤ و المرجان
حتى تعود المراة سيرتها الغزلية الجميلة و لتعود بذواتها حيث رسمها لها الرجل
الواعي المثقف و الا تجل محور التصادم هو ذاتها و لتكن طموحة في شكل انسياب
المياه جمالا و سهولة لا عتب عليها الان و لا في السابق و الا تجعل هذه
التجارب البسيطة ان تكون عامة ونحن نثق فيها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .
فلنصمت قليلا مع انفسنا حتى نعود مرة اخرى بصوت موحد و ذوات لا يوجد بينها
القليل الذي كان و لتصمد المراة في دروب النضال المجتمعي الذي حاق بها و
لتهديء سرها الذي عاش في خاطرها سنينا حتى لا يفتك بذاتها .


بقلم / أ : احمد يوسف حمد النيل - الرياض

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved