السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ثقافة السلام,, بدلا من ثقافة الحرب والكراهية بقلم أبوبكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/7/2005 5:30 ص

-
لن نحصد إلا ما زرعناه خلال فترة الخمسين سنة الماضية ولن أذهب لما وراء ذلك لأن الاستعمار الأجنبي صاحب نظرية «فرق تسد» لا يلام إن عمل من أجل مصالحه الاستعمارية واتخاذ كافة الوسائل لتحقيق أهدافه نعم لا نستطيع ان نلوم الاستعمار الأجنبي خاصة إذا مارسنا نحن خلال الخمسين سنة ذات أساليبه وغرسنا ثقافة الكراهية في نفوس أولادنا طلاب المدارس, واستخدمنا الدين الاسلامي, دين السلام, في تزكية روح الحرب باسم الجهاد ضد المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم الدستورية في المشاركة المتساوية في قسمة السلطة والثروة, نقول هذا بعد ان عادت الأوضاع إلى طبيعتها في الخرطوم وما نريد ان نفعله هنا هو محاولة متواضعة لاستقصاء أسباب العنف في الخرطوم بعد الاعلان الرسمي عن وفاة الزعيم الرمز د, جون قرنق الذي استشهد اثر تحطم طائرته الرئاسية اليوغندية بسبب الأحوال الجوية بجبال الأماتونغ بولاية بحر الجبل في نهاية شهر يوليو المنصرم, نبأ مقتل قرنق هو السبب المباشر للعنف وليس من أسباب العنف الحقيقية يجب ان نقرأ أحداث العنف التي جرت في الخرطوم بعد نبأ استشهاد الزعيم قرنق وقراءة علمية عقلانية موضوعية بعيدة القراءة الأمنية السطحية لحكومة الخرطوم وذلك على النحو التالي أولا: مقتل الشهيد قرنق هو السبب المباشر لأحداث العنف التي جرت في الخرطوم ثم انتقلت إلى الأقاليم, لقد تعلمنا من أستاذ الأجيال, بشير كوكو حميدة, الذي ألف كتاب تاريخ أوروبا الحديث بأسلوب شيق ولغة عربية رصينة بحيث انه جمع بين التاريخ والتحليل والأدب, يقول الأستاذ بشير كوكو ان حادث سراجيفو الذي قتل فيه ولي عهد النمسا هو السبب المباشر لقيام الحرب العالمية الأولى وان هذا الحادث وحده لا يمكن ان يقيم حربا, عالمية لولا وجود أسباب حقيقية أخرى مستقلة هي التي أدت إلى قيام الحرب العالمية فالسبب المباشر تتراوح نسبته بين «10-25%», ونعود إلى قضيتنا في السودان فنقول ان مقتل الشهيد قرنق يشكل نسبة «10-25%» من أسباب العنف في العاصمة والأقاليم, إذن فلنبحث عن الأسباب الحقيقية ونحدد مسؤولية كل طرف في المشكلة والحل, ثانيا: ما جرى في شوارع الخرطوم اثر مقتل الشهيد جون قرنق إذا أردنا تسمية الأشياء بمسمياتها هو عمل إرهابي تم فيه التعدي على المدنيين في الخرطوم والاعتداء على الأموال وقتل الأنفس واستخدام العصى والسيخ لتحطيم السيارات الفارهة «نسبيا» وتحطيم زجاج المحلات التجارية وسرقة أو نهب الأموال والأغراض العينية من المحلات التجارية ويكفي ان نعلم أنه خلال ثلاثة أيام متتالية بلغت الضحايا من القتلى وحدهم أكثر من مائة نفس من المدنيين الأبرياء عندما وقفت أحداث العنف في نيويورك ومدريد ولندن والتي وصفت بالأعمال الارهابية وتبين ان لها علاقة مباشرة بالمسلمين, وقتها تساءل عدد كبيرمن الكتاب المسلمين وقالوا إذا كنا نريد تشخيصا سليما وعلاجا شافيا فعلينا ان نذهب إلى العمق لنتجاوز ظاهرة الارهاب في حد ذاتها لنجيب عن السؤال الحقيقي ما هي الأسباب الحقيقية وراء الارهاب الاسلامي ضد أميركا وبريطانيا والغرب, وبالطبع فإن الاجابة معلومة وهي زراعة اسرائيل بواسطة بريطانيا منذ وعد بلفور وحتى قيام الدولة عامي 1947 و 1948 ثم الرعاية الأميركية لاسرائيل وحروب الخليج الثلاث «الاحتواء المزدوج بين إيران والعراق, وحرب تحرير الكويت وطرد صدام حسين من الكويت, ثم حرب البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق وإسقاط نظام صدام حسين) والحرب على أفغانستان,, الخ, باختصار كنا نقول ان أسباب الحرب والكراهية ضد أميركا تعود إلى عمايل أميركا والغرب عموما, ثالثا: لا أستطيع ان أفصل بين هذه الأحداث وبين أحداث العنف التي وقعت في سوبا الأراضي قبل حوالي شهرين فقط بعد توقيع اتفاقية السلام ووصل وفد الحركة القادم للخرطوم لعمل الترتيبات اللازمة لنفاذ الاتفاقية ومن بين أعضاء الوفد ممثلو الحركة في مفوضية وضع الدستور الانتقالي, الدرس الأساسي الذي خرجنا به من تجربة أحداث سوبا الأراضي هو ان المواطنين ما عادوا يخشون من هيبة الدولة ورموز الدولة وسلطاتها ممثلة في قوات الشرطة والأجهزة الأمنية وحتى الجيش بدليل ان المواطنين في سوبا الأراضي قد دخلوا في معارك مع الشرطة, الأحداث التي جرت في الخرطوم خاصة في الأيام اللاحقة لليوم الأول «اذا اعتبرنا ان الحكومة قد أخذت على حين غرة في اليوم الأول» قد جرت على مرأى ومسمع من الشرطة والقوات النظامية!! بل كان الشرطي يهتم بالدفاع عن نفسه وتأمين حياته وفي ذهن الشرطة تجربة أحداث سوبا الأراضي التي راح فيها عدد كبير من رجال الشرطة رحمهم الله, فهم ضحية لأخطاء متراكمة لمدة خمسين سنة, رابعا: إذا حللنا الفئات العمرية للعناصر التي تسببت في أحداث العنف (الارهاب) في الخرطوم نجد أنها الأعمار ما بين «15-30» سنة اضافة إلى فئات عمرية أقل من 15 سنة معروفون بالشماسة نسبة إلى الشمس وهم أبناء الفاقد التربوي من المحرومين وقد كانت لهم مساهمة مقدرة في انتفاضة ابريل 1985 حتى ظهرت صحيفة تسمى بـ «الشماسة», باختصار الشباب الذي تولى الارهاب في الخرطوم هو نتاج لجيل مايو وجيل الانقاذ وإذا أمعنا النظر نجد أنهم أبناء «دورات عزة السودان» وقد تابعنا في الشهور الماضية أبناء «الدفعة التاسعة» إذن أبناء دورات عزة السودان تتراوح أعمارهم بين «18و27» سنة إنهم قلب المعركة, إذا كنا نريد تحليلا علميا فعلينا ان نعترف بأن العنف الارهابي سببه تربيتنا العسكرية للأجيال الحديثة عبر دورات عزة السودان والدفاع الشعبي أكثر من هذا فإن هيبة الشرطة قد سقطت في نفوس الأجيال الحديثة لأن تربيتها تربية «جيش» وكلنا يعلم كيف ان الجياشي يزدري الشرطي ويتعامل معه باعتباره «ملكيا», خامسا: يجب ان نحلل الوضع الطبقي والاقتصادي للعناصر التي قامت بالعنف فقد ورد في تقارير قناة الجزيرة ان ضحايا العنف في اليوم الأول كانوا من أهل من أبناء الجنوب خاصة بعد ورود الأنباء عن المظاهرات في مدن الجنوب والاعتداءات التي وقعت ضد الشماليين, إذا حللنا سكان العاصمة طبقيا نجد أنهم يتكونون من طبقتين أثرياء الانقاذ- الطبقة الحاكمة- وسدنتها من رجال الأمن, وبالمقابل طبقة المهمشين «الحزام الأسود» والنازحين للعاصمة من أجل الخدمات وفي مقدمتها التعليم الجيد إذن المسألة هي صراع طبقي بين الذين يملكون كل شيء من مال وسلطة وجاه وبين المحرومين «الحاقدين» كما يسمونهم, إذن المشكلة هي نتاج طبيعي للتنمية غير المتوازنة التي أجبرت أهل الأطراف «المهمشين» للنزوح للعاصمة فضلا عن الحرب الأهلية التي استمرت إحدى وعشرين سنة في الجنوب وجبال النوبة وسياسات التهجير القسري والتصفية الجسدية للقيادات الجنوبية وأبناء جبال النوبة كل ذلك أدى إلى النزوح للعاصمة والعيش في مناطق شانتي تاونز كما هو الحال في أطراف جوهانسبرغ في مدن تسمى السلام والحاج يوسف وهي تفتقر إلى أهم مقومات السلام وهو العدل, سادسا: ما جرى في الخرطوم هو نتاج لثقافة الكراهية وعدم الاعتراف بالآخر التي تبث من اعلام حكومة السودان منذ عام 1983 بعد انهيار اتفاقية أديس أبابا بواسطة نظام المستبد جعفر نميري نظام مايو 1969-1985 ثم الديمقراطية الثالثة التي شهدت تصعيد الحرب الأهلية في الجنوب وجبال النوبة وتسليح القبائل العربية على حساب القبائل الزنجية, ثم تصاعد الأمر بثقافة الانقاذ والحروب الجهادية وأعلام «في ساحات الفداء» ومن المحزن ان اعلام ساحات الفداء ظل مستمرا حتى بعد أداء الدكتور الشهيد قرنق القسم نائبا أول لرئيس الجمهورية مما يؤكد ان ثقافة الحرب مازالت قائمة رغم توقيع اتفاقية السلام ولم تبرز حتى الآن ثقافة السلام, سابعا: ان مسؤولية السلم الأهلي وإعادة رتق النسيج الاجتماعي للسودان ككل , هي مسائل أكبر من ان يقوم بها شركاء اتفاقية السلام «الحكومة والحركة» هذه مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني, مشكلتنا الكبرى في السودان ان نظام الانقاذ قد دمر كل مؤسسات المجتمع المدني وحولها إلى مؤسسات تابعة للسلطة وهذه من أكبر أخطاء الانقاذ, ان أمن المجتمع هو مسؤولية المجتمع, وأمن المجتمع ليس بحمل السلاح عن طريق توازن الرعب والفعل ورد الفعل كما جرى في الخرطوم «ضحايا اليوم الأول من الشمال وضحايا اليوم الثاني من الجنوبيين», السلم الأهلي يأتي عبر الأندية الرياضية المشتركة والنقابات والجمعيات التعاونية الأهلية بالأحياء من أجل توفير الخدمات عبر اللجان الأهلية وعبر منظمات دمج الحزام الأسود في المجتمع عبر التزاوج والتمازج الثقافي عبر الفنون الشعبية,, الخ, باختصار آن الأوان لينهض المجتمع لتوفير أمنه بنفسه بثقافة السلام وليس بثقافة الحرب على الصعيدين, أعني صعيد المركز وصعيد الحركة الشعبية والمهمشين, ثامنا: ليس مصادفة ان نشاهد ان العنف قد شمل دور العبادة «المساجد والكنائس» وذلك لأن هذه المؤسسات كانت مواقع تبث ثقافة الكراهية وإقصاء الآخرين باسم البراء والولاء, يحدث هذا بكل أسف في دولة المواطنة والتعددية الفكرية والثقافية نحن بحاجة ماسة وعاجلة لنشر ثقافة السلام عبر المساجد والكنائس ومناهج التعليم, باختصار العيب في الشباب السوداني في الشمال والجنوب لأنه نتاج لمناهج الدولة الدينية التي كانت «ومازالت» تبث ثقافة الكراهية وعدم قبول الآخر, نحن بحاجة لاعادة صياغة للكبار وتربية الصغار بثقافة دولة المواطنة السودانية لنبني السودان الجديد,



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved