السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

قرنف الذى جاء يوم شكره بقلم :عباس احمد النور- دبلوماسى سابق مقيم فى امريكا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/4/2005 10:33 ص

نعم الموت حق،الا ان موت جون قرنق كان حدثا مؤلما و مفزعا خاصة للذين كانوا يتابعونه و يتطلعون اليه، و كان اهل السودان و جيران السودان وكثير من العالم يتابعونه ،معلقين عليه الامال الكبيرة و كانوا يتوقعون منه الكثير.الا ان الموت اختطفه و السودان فى مسيس الحاجة اليه مما جعل فقده عظيما و مؤثرا.فقد كان قائدا و مفكرا يتمتع بفكر ثاقب و برؤية واضحة وبحلم هو السودان الجديد و باصرار على تخطى الصعاب ليرى حلمه على الارض سلاما وتنميةو عدلا ومساواة.
طرح جون قرنق مشروع السودان الجديد وجعله هدفا للحرب التى كان يخوضها و اكسبها معنى و التف حوله كثير من اهل السودان من الجنوب و الشمال .كان المشروع فى اول الامر،شانه شا ن الافكار الجديدة ،محل شك كثيرين الا ان المشوار الذى قطعه و الذى تكلل بانهاء الحرب و التوقيع على اتفاقية السلام يقف دليلا على صدق نوايا الرجل وجديته فى مشروعه،مشروع السودان الجديد المتحد.كان وقف الحرب والوصول لاتفاقية السلام مشوارا طويلا وصعبا والمفاوضات شاقة وفى هذا الجو المشحون بالترقب و بالخوف من الفشل والاحباط كان الذين يتوقون للسلام معلقين بين الياس و الرجاء و جاء تدخله فى المفاوضا ت اختراقا انقذ المفاوضات من الانهيار وساعد فى عبور السفينة الى برالسلام.وعندما انتقل مجلس الامن الى كينيا ، وهو حدث نادر ان ينتقل مجلس الامن بكامل هيئته ليحث الاطراف المتفاوضة على الوصول الى اتفاق ،و كان يقول للسودانيين العالم فى انتظاركم.وكما وعد القادة السودانيون، امام مراى و مسمع من العالم متمثلا فى مجلس الامن ،انهم سيتوصلون للسلام و اشهدوا عليهم العالم ، كان التوصل الى السلام و التوقيع على اتفاقية السلام حدثا عالميا فريدا سعد له اهل السودان وجيرانه وكل العالم لان السلام عزيز وغال.اشهد قرنق العالم على ان السلام مطلبه وليس الحرب وانجز ما وعد.
فى اخر زياراته لواشنطن وكعهده دائما ،التقى بالجالية السودانية.اذكر حديثه تلك اللية وكانه لايزال امامى وهو يتحدث عن مشروع السلام وما تم انجازه و ما تبقى، ولا زلت اذكر اجابته لسؤال مفاده :كيف تثق فى الشماليين ولنا معهم تاريخ طويل فى الحنث بالوعود.كانت اجابته فى هدوء وبلا انفعال بل تحس فيها الصدق:ان الذين لايسعون للخير موجودون فى كلا الطرفين There are bad people in both sides وعلينا ان نتجاوزهم.قال له اخر هذه الاتفاقية مجحفة فى حقنا و انا سادلى بصوتى مع الانفصال، ومرة اخرى فى هدوء مطمئن اجاب قرنق بالقول :ارجو ان لاتطلعنى على نيتك فى التصويت وهذا من حقك ارجو ان تدخره الى ان يحين وقت الاستفتاء اما ان الاتفاق فيه خسارة للجنوب فانا ارى انه ليس هناك خاسر بل الكل رابحEverybody is a winner وهذا اقصى ما توصلت اليه بعد عشرين عاما من القتال، اذا كان هذا لا يعجبك اذهب انت و قاتل لتصل لنتيجة احسن من التى توصلنا اليها .كان يصر دائما فى لقاءاته على الحديث عن السودان الجديد،عن كل السودان جنوبه وشماله،شرقه وغربه.مثل اخر يدل على تجاوزه للاقليمية الضيقة و احساسه بغبن ووجع المهمشين فى كل ارجاء السودان، قال خلال حديثه عن التهميش فى السودان تطرق فيه لمشكلة شرق السودان ،قال شرق السودان مهمش و(تعبان) اكثر من الجنوب .نحن لدينا غابة ،لما تمردنا دخلنا الغابة اما اهل الشرق ليس لديهم غابة ولاشجرة حتى(هذا يبكى و هذا يلعق دموعه) يقول ذلك فى عفوية ضاحكا ،انه ينسى هموم اهله فى الجنوب عندما يرى مصيبة غيره.تحدث عن الاتفاقية وضرورة جعل الوحدة جاذبة وقال فى فكاهة محببة هى كالبنت او المراة تحتاج للزينة والحنة و الريحة لكى تكون جاذبة( اذا كان ما عندها حنة ولاريحة منو البعرسو؟).كان مرحا وفكها يجبرك على احترامه و متابعة افكاره التى يطرحها فى وضوح ومباشرة.
اما الحديث الذى يجعله متميزا فحديثه الشيق عن التنمية ،يتحدث حديث الخبير العالم،عن المشاريع التى يحتاجها الجنوب.قال للمهتمين بشان السودان :نحن نبدا من الصفر فلا طرق ولا مواصلات و لا مدارس و لا مستشفيات.طرح رؤيته للتنمية بداية بالبنية التحتية مرورا بالتعليم بالاتصالات وربط السودان بشبكة الطرق ليرتبط بجنوب وغرب وشرق افريقيا.تحدث عن التنمية و الحفاظ على البيئة،يحدثك وكانه يحلم و ما ذلك الا لانشغاله بقضية التنمية للجنوب و بنفس القدر لكل السودان.حين تحدث عن الموارد وقسمة الثروة و نصيب الاقاليم المهمشة قال : "زى ما عندنا فى السودان كل واحد يجيب صينية الاكل بتاعو، كل الناس ياكلوا سوا فنحن نريد كل الاقاليم تاكل سوا " اى ان الثروة لكل اهل السودان. وهذا جانب اخر يضفى المصداقية على افكاره. وبهذا الوضوح و التبسيط وجد حديثه هوى عند كثيرين من اهل السودان ، وما حرارة الاستقبال الذى قوبل به عند عودته للخرطوم الا تعبير عن التجاوب مع ما يقول وجاء التجاوب بصور اخرى حين انتشر خبر وفاته، تعبيرا عن شعور بالاحباط و الياس لانه اعطى الامل للكثيرين. وفبل وفاته بايام سمعنا نداء ابناء الغرب و الشرق يطالبون قرنق بالتدخل لحل قضاياهم وما ذلك الا لشعورهم بصدقه فى توجهه وانه ليس زعيما للجنوب فقط وانما لكل السودان .
اما على النطاق الاقليمى و العا لمى فقد كان جون قرنق يتمتع باحترام و تقدير كبيرين تبدى فى مشاعر وكلمات وتحرك كثيرين فى القارة الافريقية وفى كثير من ارجاء العالم. وبالامس2/8اجتمع مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وبعد تدارس تطورات الاوضاع فى السودان بعد رحيل قرنق قال فى بيان تلاه رئيس المجلس :ان هذا هو الوقت الذى على العالم ان يجتمع فيه للوقوف بجانب السودان وبجانب رؤيا جون قرنق فى سودان موحد يعمه السلام .
لان قرنق كان محط امال الكثيرين من شعب السودان فقد كان فقده عظيما، ووضع فقده الفادة و الزعماء فى السودان امام امتحان صعب و تحدى عظيم يتجلى فى كيفية السيطرة على الاضاع والتحلى بالحكمة ففى اوقات الشدة تمتحن القيادات وامام القيادة فى الشمال و الجنوب على السواء تحدى عظيم وهو منع الارتداد الى العنف و الحرب والمضى قدما فى طريق السلام وامام الشعب لسودانى عامة ان يعكس وفاءه لقرنق بالعض بالنواجز على مكسب السلام لان ثمنه كان غاليا. ونسال الله الرحمة لقرنق وان تكون فجيعة فقده سببا فى الجمع لا فى الشتات والفرقة وفى الاقتراب لا فى التباعد وفى المحبة لا فى الكراهية وفى التنمية والاعمار لا فى الحرب والدمار. ولاسرة قرنق وزملائه ومحبيه وعموم اهل السودان و افريقيا حار التعازى فى الفقد الجلل.


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved