تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الترابي لم يكن الوحيد الذي أخطأ في حق شعبه ولكنه الوحيد الذي اعتذر بقلم ادم عبد الرحمن الصبي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/30/2005 4:31 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الترابي لم يكن الوحيد الذي أخطأ في حق شعبه ولكنه الوحيد الذي اعتذر

بادئ ذي بدء اتفق مع ناقدي الدكتور الترابي أن للفارس كبوات ونبوات وهنات, ولكنه مؤشر إيجابي لعافية فكرية ودليل حياة وحراك مستمر . ( فالذين لايخطئون لايعملون) وتاريخ الأمم العظيمة لايخلو من عثرات في سبيل البناء وصولاً لحضارة ناصعة تستضئ بماضيها مشرئبة إلى مستقبل واعد وزاهر وهي سنن هذه الحياة رضي الناس أم أبوا – ( علما بأن التسليم بهذه العثرات لاتسقط المسؤولية الجنائية عن أحد)

ثم إني أريد السبح عكس التيار والإتيان بريح لاتشتهيه سفن كثيرة , ذلك إني مادح من تقدحون ومبجلاَ من تحتقرون وتذردرون ,و كل إناء بما فيه ناضح .

الدكتور الترابي رجل حير محيطه المحلي والعالمي وصار طلسما يصعب فكه ولغزا ليس من اليسير فهم تعقيدات تركيباته الفكرية التي تشعبت سبل فهمه .

هزم أنداده السياسيون فكرا وعلما وعطاءً , فهو عقل لايتوقف توهج نشاطه – فهو ابن الستون عمرا والعشرون نشاطا- فالرجل كان نكرة قبل عقود من الزمان وهذا هو الأمر المدهش فلم يجد كومو عندما صحي من نومو- ولم يكن له من ميراث الوالد سياسيا إلا الصفر . دخل المعترك السياسي يافعا لم يغترر بالأيديولوجيات الوافدة التي كانت صحيات الموضات الفكرية وقتئذ ولم يتنكر لدينه ويتنكب الصراط المستقيم بل أخذه بقوة مدافعا ومنافحا ومصححا ومضيفا . ومنذ ذالك الوقت المبكر بعد ولوجه ساحات العطاء الفكري .أعطى وما بخل وربى أمة فكرية بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء , أضاف بفكره لأمته الكثير والمثير , فهو رجل مصادم يلج الساحات الفكرية بلا استئذان من أحد مجتهدا ومجددا أضاف بعدا تجديديا في الفقه ووعويا فكريا قل النظير والشبيه , عرف بحيويته وفعاليته في المجال الفكري والاجتهادي . غزى بفكره أقبية الاجتهاد المحظورة والمحرمة أحيانا أخرى .

أيقظ الفكر الإسلامي من ثباته العميق في المحيطين المحلي والعالمي وفعله وفتح الأبواب التي كانت مغلقا لسنين عددا ,عبر قيادته للحركة الإسلامية .

واجه الدكتور الترابي خلال مسيرته الدعوية تيارات فكرية قوية وعنيفة من شتى الأيديولوجيات –وحتى الإسلامية منها- خلال صراعه الفكري الأيديولوجي والسياسي مع خصومه. وكم كان الدفع قويا والتيار عارما جبالا في ثباتها ورياح في قوتها , ورغم ذالك أستطاع الرجل أن يقاوم ويبقى في الساحة السياسية رقما ولا كل الأرقام.

نازل خصومة ذووا الأيديولوجية الإلحادية بكل قوة في الميادين الفكرية وأركان النقاش بالجامعات و المعاهد العليا وأثبت أن فكره ماينفع الناس أما الزبد فذهب جفاءً غير مأسوف عليه. ولابد هنا من إيماءة بالمراحل التكتيكية الموفقة التي سلكها الرجل وترتيب الأولويات في مراحل نزاله خصومه الأيديولوجيين . فبداية الحركة الإسلامية بقيادته نزال الملحدين من أصحاب الأيديولوجيات وتوجيه كل طاقات الحركة الفكرية بضرورة نزال هذه الأيولوجية وهزيمتها أمر في غاية الأهمية والضرورة لأن لهذه الأيد ولوجيه جراثيم عقائدية خبيثة يصعب إيجاد المصل الواقي أو المعالج لها إذا تركت لتستفحل . وفي الميادين الفكرية وعبرا لحراك والدفع السلمي استطاعت الحركة الإسلامية هزيمة الأيديولوجيات الخربة وبقي ماينفع الناس دينا ودنيا . أيقظ المجتمع السوداني ونبهه على خطورة الغزو الملحد للمجتمع ,فهب المجتمع مستشعرا واجباته الإيمانية فكانت الهبة التي أسكنت الطائفة الملحدة القبور إلى يوم الدين. ففي الوقت الذي كانت التيارات الإسلامية الأخرى تتخندق وتتشرنق حول سفاسف الأمور تجاوز الرجل بفكره الأطر المحلية للخصومات بين الحركات الإسلامية ذات الطابع المذهبي المتخلف .

ثم إنتقل بنزاله إلى ساحات أخرى أكثر حاجة للإصلاح والتغيير قامت الحركة الإسلامية بدغدغة عواطف المسلمين للتحرك بالفكر الإسلام أماماً والتشوق لرؤية دولة إسلامية معاصرة تقوم على هدى من الدين والشريعة السمحاء دون الاكتفاء بالزهد الصوفي الشايع في أدبيات التدين في المجتمع السوداني الذي بطبعه صوفي التدين .

وفي هذا المضمار أيضا أصاب نجاحا أذهل المراقبين المحليين والعالميين , انتبه المجتمع الصوفي في السودان على ضرورة العودة بالمجتمع إلى جذوره الإسلامية والمساهمة في بناء دولة ترتكز على قواعد الدين سياسة واقتصادا ومنهجا اجتماعيا توحيدا لله عز وجل في كافة مسارات الحياة – وهذا يعتبر تحولا كبيرا في البناء الفكري للمجتمع الزاهد- توحيدا لله دون تبعيض للعقيدة وأصولها .

إنتقل بالحركة الإسلامية من صفوية إلى عامة الناس فكان إندياح الوعي السياسي الذي شهده البلاد والذي أرق مضاجع الطائفية التي عهدت تحريك الشارع السياسي بالإشارة دون بذل أدنى جهد لخدمة التابع لأنهم ورثوا المجد ولا يهمهم بعد بذل الجهد والعرق في سبيل كسب رضا التابعين.

ثم إنتقل إلى بناء المؤسسية الحزبية وضع ملامح المشروع الحضاري للأمة ترتكز على الحرية كأصل من أصول الدين , وهنا وضح الخلل في البناء الفكري لكثير من قيادات الحركة الإسلامية , فرغم السنين الطوال من الدعوة والعراك المحتدم في الساحات الفكرية , إلا أنه مازال تراكمات السخف الاجتماعية من جهوية وعرقية تسيطر على عقول كبار الإسلاميين

الذين أثبتوا أنهم لم يتحرروا من ربق التقاليد الخربة التي لا تشبه الحركة الآسلامية , فكرا ومنهجا وسلوكا, التي كنا نحسبها خلاصا للأمة من كثير من الأمراض الاجتماعية التي تعصف بوحدة الأمم والجماعات. رفض أصحاب الأمراض الاجتماعية المزمنة مشروع بسط الحريات - استخدموا فيها قوة السلطان ليوقفوا قطار المشروع الحضاري وكانت لهم حساباتهم الخاصة . وهنا توقف قطار الحركة بعد أن أفتتن ربان السفينة وسقطوا في أول تجربة لهم .

واعتذار الترابي دليل وعي فكري غير مسبوق في السودان سيسجله التاريخ , يا حبذا لو تقدم كل المخطئون في حق الشعب السوداني بالاعتذار له كما فعل حهبوظ الحركة الإسلامية. بالأمس بلير وبوش ومع سبق الإصرار والترصد أعادوا العالم إلى قرون لا تشبه العالم اليوم واعتذروا لشعوبهم رغم أن فعل رؤسائهم يسئ إلى شعوبهم كأمم متحضرة . قابل شعوبهم هذا الاعتذار بكل عرفان وأعادت انتخابهم. والترابي لم يطلب إعفائه من أي مسؤولية جنائية - حتى لايفهم اعتذاره خطئاً .

أخيرا مما يحمد الشيخ الجليل, إنه لم يكن يوما ما عالة على الساحة السياسة ويكفيه فخرا أن يقتات الآخرون من فتات فكره .

ادم عبد الرحمن الصبي

المملكة العربية السعودية – الرياض

--------------------------------------------------------------------------------

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved